الشريعة والحقيقة

الشريعة والحقيقة

كتبت إلي ـ أيها المريد الصادق ـ تسألني عما يرد في كتب التزكية والسلوك من التفريق بين الشريعة والحقيقة، واعتبار الحقيقة مرحلة أسمى من الشريعة، وعن مدى شرعية ذلك، خاصة إذا كان المراد بالشريعة هو ما أنزله الله تعالى من أحكام، كما قال تعالى: ﴿ ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الجاثية: 18]، وقال: ﴿ شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾ [الشورى: 13]

وجوابا على سؤالك أدعوك إلى ما كنت أدعوك إليه دائما من عدم أخذ المعاني من الألفاظ؛ فتقع فيما وقع فيه أولئك الحرفيون الذين راحوا يحكمون على الناس، ويكفرونهم، ويبدعونهم، لأجل كلمات لم يفهموها، وإنما اختلطت عليهم بغيرها.

ومثل ذلك كلمات الحقيقة والشريعة، ومثلها كلمة الطريقة التي ترد في كتب التزكية، والتي لا يُراد منها في اصطلاحهم وضع شريعة جديدة مخالفة لشريعة الله تعالى؛ فمعاذ الله أن يذكروا ذلك، وإنما مرادهم بحسب ما تدل عليه كلمة أكثر حكمائهم تلك المراتب التي وردت في الشريعة، والتي تصنف الناس إلى عوام، وخواص، وخواص خواص.. وهي تصنيفات تشهد لها النصوص المقدسة وتدل عليها، كما ذكرت لك ذلك في رسائل سابقة.

ولهذا؛ فإنهم يقصدون بالشريعة، أو مرتبة الإسلام، تلك المرحلة التي تشمل المسلمين جميعا، والذين قد يكتفون بالحد الأدنى من الإسلام.. وسر اختيار هذا الاصطلاح بالنسبة لهم هو الدلالة على أن هؤلاء العوام حتى لو قصروا في فعل المستحبات إلا أنهم بسلوكهم لم يخرجوا عن الشريعة، وإنما هم يطبقونها، ولو في مرتبتها الدنيا.

ويقصدون بالطريقة أو مرتبة الإيمان، تلك المرتبة التي تسير فيها النفس إلى الله تعالى، مثلما شرحته لك بتفصيل في رسائلي إليك حول النفس اللوامة.

ويقصدون بالحقيقة، أو مرتبة الإحسان، تلك المرتبة التي تتحقق فيها النفس بالأخلاق العالية، والأذواق الرفيعة، والمعارف السامية، لتتحول من عالم النفس اللوامة إلى عالم النفس المطمئنة الراضية.

وهذه المراتب جميعا، لا تشمل الشرائع الظاهرة فقط، وإنما تشمل كل ما يتعلق بالدين من أخلاق وعقائد.. ولذلك؛ فإن السلوك الذي يُمارسه المؤمن في مرحلة الشريعة، ليس هو نفسه في مرحلة الطريقة أو الحقيقة.. ذلك أنه في تلك المراتب يكون أرقى، ولذلك فإن معاصي المقربين تختلف عن معاصي أهل اليمين وغيرهم ممن هم دونهم أو فوقهم، كما يقال: (حسنات الأبرار سيئات المقربين)

إذا فهمت هذا ـ أيها المريد الصادق ـ فاعلم أن الشريعة تشمل الجميع، وتخصيصها بالمرتبة الدنيا لا يعني احتقارا لها، بل يدل على ما ذكرته لك من أن المطبقين لها لا يخرجون عن الشريعة، ولهذا، فإن الإسلام مع كونه الاسم الذي يدل على الشريعة بكل معانيها وتفاصيلها إلا أن الله تعالى قال: ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ [الحجرات: 14]

وهذا يدل على أن مرتبة الإيمان أعظم من مرتبة الإسلام، ولهذا ذكر أنها المرتبة التي تتعمق فيها حقائق الإيمان في النفس بخلاف مرتبة الإسلام، والتي قد يكتفي فيها المسلم بظواهر الشريعة دون بواطنها وحقائقها.

ولهذا أيضا اعتبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مرتبة الإحسان أعلى من مرتبة الإيمان، ووصفها بحال نفسية تعتري المسلم حينها، وهو مراقبة الله ومشاهدته، كما قال صلى الله عليه وآله وسلم في تعريف الإحسان: (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فهو يراك)([1])

وقد وضح بعض الحكماء أسرار هذه الأقسام، ووجه الحاجة إليها، والمصطلحات المرتبطة بها، فقال: (الأعمال عند أهل الفن على ثلاثة أقسام: عمل الشريعة، وعمل الطريقة، وعمل الحقيقة، أو تقول عمل الاسلام، وعمل الإيمان، وعمل الأحسان، أو تقول عمل العبادة، وعمل العبوديه، وعمل العبودة، أي الحرية، أو تقول عمل أهل البداية، وعمل أهل الوسط، وعمل أهل النهاية)([2])

وبعد أن سرد هذه المصطلحات للتعبير عن مراحل السير، ذكر التعريفات المرتبطة بها، والتي تدل على المقصد منها، فقال: (فالشريعة أن تعبده، والطريقة أن تقصده، والحقيقة أن تشهده، أو تقول الشريعة لإصلاح الظواهر، والطريقة لإصلاح الضمائر، والحقيقة لإصلاح السرائر)([3])

ثم فصل الممارسات المرتبطة بكل جهة، فقال: (واصلاح الجوارح بثلاثة أمور بالتوبة والتقوى والاستقامة، واصلاح القلوب بثلاثة أمور بالإخلاص والصدق والطمأنينة، واصلاح السرائر بثلاثة أمور بالمراقبة والمشاهدة والمعرفة، أو تقول إصلاح الظواهر باجتناب النواهي وامتثال الأوامر، واصلاح الضمائر بالتخلية من الرذائل والتحلية بأنواع الفضائل، واصلاح السرائر وهي هنا الأرواح بذلها وانكسارها حتى تتهذب وترتاض الأدب والتواضع وحسن الخلق)([4])

ثم بين ارتباط هذه المراحل بعضها ببعض، فقال: (ولا يصح الانتقال إلى مقام حتى يحقق ما قبله، فمن أشرقت بدايته أشرقت نهايته، فلا ينتقل إلى عمل الطريقة حتى يحقق عمل الشريعة وترتاض جوارحه معها بأن يحقق التوبة بشروطها ويحقق التقوى بأركانها ويحقق الاستقامة بأقسامها وهي متابعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله، فإذا تزكي الظاهر وتنور بالشريعة انتقل من عمل الشريعة الظاهرة إلى عمل الطريقة الباطنة، وهي التصفية من أوصاف البشرية.. فإذا تطهر من أوصاف البشرية تحلى بأوصاف الروحانية، وهي الأدب مع الله في تجلياته التي هي مظاهره)([5])

وبناء على هذا، فإن الطريقة هي المرحلة الوسطى في السلوك، والتي يخرج بها السالك من عموم الناس إلى خصوصهم، أو هي المرحلة التي ينتقل فيها من رعاية جوارحه إلى رعاية قلبه، أو هي المرحلة التي لا يكتفي فيها باسم الإسلام، وإنما ينتقل إلى اسم الإيمان، كما أشار إلى ذلك قوله تعالى: ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ [الحجرات: 14]

وبناء على هذا لا تنافر بين هذه المفردات الثلاثة، بل هي مراحل في التعمق في التحقق بالدين، لا على مستوى الجوارح فقط، بل على مستوى الكيان كله.

وقد سئل بعض الحكماء عن معنى الشريعة، والطريقة، والحقيقة، وهل هناك تنافر بينها، وكان مما أجاب به قوله: (إنّ الشريعة هي عبارة عن الأحكام المنزلة على سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم المستفادة من قوله تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الحشر: 7]، والطريقة عبارة عن تطبيق تلك الأحكام على أعمال المكلّف، ظاهرا وباطنا، تطبيقا محكما، والحقيقة هي ما يحصل للمريد من المعارف والعلوم الناشئة عن أعماله، قال تعالى: ﴿واتَّقوا اللهَ ويُعَلِّمُكُمُ اللهُ ﴾ [البقرة: 282]، وإذا لا تنافر بهذا الاعتبار، إنّما هي ألفاظ منها ما وضع لتدل على الأحكام المجرّدة باصطلاح، ومنها ما وضع لتدل على العمل بها، ومنها ما وضع لتدلّ على النتائج الحاصلة عن ذلك العمل، وإذا حققت لم تجد هناك إلاّ الشريعة)([6]

وقد عبر على هذا المعنى كل الحكماء، على اختلاف بينهم في بعض المصطلحات، ولا مشاحة في الاصطلاح، وقد قال بعضهم في تعريف التحقق المرتبط بالحقيقة: (التحقق هو شهود الحق في صور أسمائه التي هي الأكوان، فلا يحتجب المحقق بالحق عن الخلق، ولا بالخلق عن الحق)([7])

وقال آخر: (التحقق: هو وقوف القلب بدوام الانتصاب بين يدي من آمن به)([8]

وقال آخر في تعريف التحقيق: (التحقيق: هو مشاهدة الأرواح)([9])

وقال آخر: (التحقيق: تكلف العبد لاستدعاء الحقيقة، جهدة وطاقته)([10])

وقال آخر: (التحقيق: تلخيص مصحوبك من الحق، ثم بالحق، ثم في الحق، وهذه أسماء درجاته الثلاث.. أما درجة تلخيص مصحوبك من الحق: أن لا يخالج علمك علمه.. أما الدرجة الثانية: فأن لا ينازع شهودك شهوده.. وأما الدرجة الثالثة: فأن لا يناسم رسمك سبقه، فتسقط الشهادات، وتبطل العبارات، وتفنى الإشارات)([11])

وقال آخر: (التحقيق: هو الوصول إلى المعرفة بالله التي لا تدركها الحواس بتخليص المشرب من الحق بالحق في الحق، حتى تسقط الشهادات، وتبطل العبارات، وتفنى الإشارات)([12])

وقال آخر: (التحقيقات: هو أن يتحقق بأن العقل الكامل أدناه ترك الدنيا، وأعلاه ترك التفكر في ذات الله تعالى، لأنه لا تحيط به الفكرة، لأنها مخلوقة لله تعالى، والمخلوق لا يعرف حقيقة نفسه فكيف يعرف حقيقة خالقه وكنهه ؟ فيتحقق بقوله تعالى: ﴿وَمَا قَدَرُوا الله حَقَّ قَدْرِهِ ﴾ [الأنعام: 91]، فيطلب معرفة الله من الله بالله، لا من العقل والفكر، ولا بالعقل والفكر)([13]

وقال آخر في التفريق بين التحقق والتخلق: (الفرق بين المتحقق والمتخلق: أن المتخلق هو الذي يكتسب فضائل الأخلاق والأوصاف الحميدة تكلفاً وتعملاً ويجتنب الرذائل والذمائم، فله من الأسماء الإلهية آثارها.. والمتحقق بها: هو الذي جعله الله مظهراً لأسمائه وأوصافه وتجلى فيه، فمحا رسوم أخلاقه وأوصافه)([14])

وقال آخر في بيان حقيقة النسبة إلى الحق تعالى: (عبد الحق: هو الذي تجلى له الحق، فعصمه في أفعاله وأقواله عن الباطل، يرى الحق في كل شيء، لأنه الثابت الواجب القائم بذاته، والمسمى بالسِوَى، باطل زائل ثابت به، بل يراه في صور الحق حقاً، والباطل باطلاً)([15])

وقال آخر في تعريف الحقيقة: (الحقائق: هي ما يستقر في قلبك، أنه لا ضار ولا نافع ولا معطي ولا مانع إلا الله ([16]

وقال: (الحقائق: هي المعاني القائمة بالقلوب، ما اتضح فيها وانكشف من الغيوب، وهي منح من الله وكرامات)([17])

وقال آخر: (الحقيقة: هي الوصول إلى التحقق بنور التجلي فعلياً أو وصفياً أو ذاتياً، وأعلامها شواهد تحققها برفع الشبهات والوساوس)([18])

وقال آخر: (الحقائق: هي ما يقع من نكت الإلهام بالأمور العرفانية بالقلب، ويتمكن منها. ولها صورة في النفس، وعبارة في الخارج)([19]

وقال آخر:(الحقيقة: هي تحلية الظاهر بظاهر الشريعة، وتزيين الباطن بباطنها ([20])

وقال آخر: (الحقيقة: وهي شهود الذات في مظاهر الأسماء والصفات) ([21]

وقال آخر: (الحقيقة: هي نسبة المخلوقات كلها إلى الله تعالى إيجادا، وإمدادا سواء كانت ذوات أو صفات أو أحوال أو أفعال من كل مخلوق من المخلوقات.. وهذا هو توحيد الأفعال: لا فاعل في الحقيقة إلا الله)([22]

وقال آخر: (الحقيقة: هي أسرار الشريعة ونتيجة الطريقة، فهي علوم ومعارف تحصل لقلوب السالكين بعد صفائها من كدرات الطباع البشرية)([23]

وقال آخر: (الحقائق: هي ما يرد على قلب العارف من تجليات العلوم والحكم والمعارف، فتارة تكون علوماً، وتارة تكون حكماً ومعارفاً، وتارة تكون كشفاً بغيب كان أو سيكون)([24]

وقال آخر: (الحقيقة: هي أن ترى الله هو المتصرف في خلقه: يهدي، ويضل، ويعز، ويذل، ويوفق، ويخذل، ويولي، ويعزل، وينصب)([25]

وقال آخر: (الحقيقة: لا تكون إلا بعد الاغتراف من عين الشريعة، فإن الحقيقة نتائج العلوم، وبها يترجم المحقق عن الأسرار التي لا تحيط بها الفهوم)([26]

وقال آخر: (الحقيقة: هي المطلوب من كل شيء، التي لا يراد من الشيء سواها، ولا يقصد إلا علاها)([27])

فهذه كلماتهم ـ أيها المريد الصادق ـ وقد تعمدت ذكرها لك في هذا الموقف، مثل ذكر غيرها في مواقف أخرى، لترد على أولئك الذين لا همّ لهم إلا ثلب أعراض الصالحين والإساءة إليهم من غير تكليف أنفسهم بالبحث في مقولاتهم، أو النظر في كتبهم.

لكن ذلك لا يعني عصمتهم، أو عصمة كل من اتبعهم، أو ادعى النسبة إليهم؛ ففي كل محل يوجد الطيب والخبيث، والصادقون والكاذبون، فذلك ذكر من يفصل بين الشريعة والحقيقة، ويدعي أن الشريعة حجاب عن الحقائق، وأن المتحقق هو الذي يرفضها، وقد قال بعضهم في الرد على هذا، لمن ذكر له أن من الواصلين من يقول هذا: (وصلوا.. ولكن إلى سقر)

وقد أطلق الحكماء على تلك الظواهر التي تسيء إلى الشريعة بدعوى الحقيقة لقب [الشطح والطامات]

ويقصدون بالشطح صنفين من الكلام، أولهما (الدعاوي الطويلة العريضة في العشق مع الله تعالى، والوصال المغني عن الأعمال الظاهرة، حتى ينتهى قوم إلى دعوى الاتحاد وارتفاع الحجاب، والمشاهدة بالرؤية والمشافهة بالخطاب، فيقولون: قيل لنا كذا وقلنا كذا)([28])

وقد حكموا على هذا الكلام بأنه (عظيم ضرره في العوام، حتى ترك جماعة من أهل الفلاحة فلاحتهم، وأظهروا مثل هذه الدعاوي، فان هذا الكلام يستلذه الطبع، إذ فيه البطالة من الأعمال مع تزكية النفس بدرك المقامات والأحوال، فلا تعجز الأغبياء عن دعوى ذلك لأنفسهم، ولا عن تلقف كلمات مخبطة مزخرفة، ومهما أنكر عليهم ذلك لم يعجزوا عن أن يقولوا: هذا إنكار مصدره العلم والجدل، والعلم حجاب، والجدل عمل النفس. وهذا الحديث لا يلوح إلا من الباطن بمكاشفة نور الحق. فهذا ومثله مما قد استطار في البلاد شرره وعظم في العوام ضرره حتى من نطق بشي ء منه فقتله أفضل في دين الله من إحياء عشرة) ([29])

وأما الصنف الثاني؛ فهو (كلمات غير مفهومة لها ظواهر رائقة، وفيها عبارات هائلة وليس وراءها طائل، وذلك إما أن تكون غير مفهومة عند قائلها بل يصدرها عن خبط في عقله وتشويش في خياله لقلة إحاطته بمعنى كلام قرع سمعه، وهذا هو الأكثر. وإما أن تكون مفهومة له ولكنه لا يقدر على تفهيمها وإيرادها بعبارة تدل على ضميره، لقلة ممارسته للعلم وعدم تعلمه طريق التعبير عن المعاني بالألفاظ الرشيقة، ولا فائدة لهذا الجنس من الكلام إلا أنه يشوش القلوب ويدهش العقول، ويحير الأذهان، أو يحمل على أن يفهم منها معانى ما أريدت بها، ويكون فهم كل واحد على مقتضى هواه وطبعه) ([30])

وأما الطامات؛ فيقصدون بها (صرف ألفاظ الشرع عن ظواهرها المفهومة إلى أمور باطنة لا يسبق منها إلى الأفهام فائدة) ([31])

وقد حكموا عليها أيضا بأن هذا وكل ما هو من جنسه (حرام وضرره عظيم، فإن الألفاظ إذا صرفت عن مقتضى ظواهرها بغير اعتصام فيه بنقل عن صاحب الشرع، ومن غير ضرورة تدعو إليه من دليل العقل، اقتضى ذلك بطلان الثقة بالألفاظ، وسقط به منفعة كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، فإن ما يسبق منه إلى الفهم لا يوثق به، والباطن لا ضبط له، بل تتعارض فيه الخواطر، ويمكن تنزيله على وجوه شتى، وهذا أيضا من البدع الشائعة العظيمة الضرر، وإنما قصد أصحابها الإغراب، لأن النفوس مائلة إلى الغريب ومستلذة له)([32])

هذا جوابي على أسئلتك ـ أيها المريد الصادق ـ فاحذر أن تكون من الذين يتسرعون في أحكامهم، أو يسارعون إلى رمي المسلمين أو غيرهم بما لم يفهموه، أو لم يطيقوا فهمه؛ فلذلك إن وقع الشك في قلبك في أي أمر من الأمور؛ فأمسك عليك لسانك، واسأل ربك أن يهديك إلى الحق وأهله، واحذر من أن تنكر شيئا لم يصل إليه عقلك، قبل أن تتثبت وتتروى وتتحقق.


([1]) صحيح البخاري (6/ 144)

([2]) ابن عجيبة، إيقاظ الهمم شرح متن الحكم، ص 5.

([3]) ابن عجيبة، إيقاظ الهمم شرح متن الحكم، ص 5.

([4]) ابن عجيبة، إيقاظ الهمم شرح متن الحكم، ص 5.

([5]) ابن عجيبة، إيقاظ الهمم شرح متن الحكم، ص 5.

([6]) ابن عليوة، أعذب المناهل في الأجوبة والمسائل، نقلا عن: صفحات مطوية في التصوف الإسلامي، ص154.

([7]) كمال الدين القاشاني، اصطلاحات الصوفية، ص 156 0

([8]) د. عبد المنعم الحفني، معجم مصطلحات الصوفية، ص 43.

([9]) أبو عبد الرحمن السلمي، طبقات الصوفية، ص 380.

([10]) السراج الطوسي، اللمع في التصوف، ص 336.

([11]) عبد الله الهروي، منازل السائرين، ص 129، 130.

([12]) عبيدة بن أنبوجه التيشيتي، ميزاب الرحمة الربانية في التربية بالطريقة التيجانية، ص 171.

([13]) محمد بن الهاشمي التلمساني، شرح شطرنج العارفين، ص 34.

([14]) كمال الدين القاشاني، اصطلاحات الصوفية، ص 137.

([15]) اصطلاحات الصوفية، ص 119.

([16]) أحمد الكمشخانوي النقشبندي، جامع الأصول في الأولياء، ج 1ص 157.

([17]) أحمد بن محمد بن عباد، الموارد الجلية في أمور الشاذلية، ص 121.

([18]) فخر الدين العراقي، اللمعات العادلية في برزخ النبوية، ص 51.

([19]) أحمد زروق، شرح الحكم العطائية، ص 280، 281.

([20]) أحمد السرهندي، مكتوبات الإمام الرباني، ج 1 ص 69 (بتصرف)

([21]) عبد الحميد التبريزي، البوارق النورية، ص 53.

([22]) عبد الغني النابلسي، عذر الأئمة في نصح الأمة، ص 5، 6.

([23]) أحمد الصاوي، حاشية أحمد الصاوي على شرح الخريدة البهية، ص 116.

([24]) أحمد بن عجيبة، إيقاظ الهمم في شرح الحكم، ج 2 ص 299.

([25]) أحمد الكمشخانوي النقشبندي، جامع الأصول في الأولياء، ج 1 ص 192.

([26]) عبد المجيد الشرنوبي، شرح تائية السلوك إلى ملك الملوك، ص 7.

([27]) محمود أبو الشامات اليشرطي، الإلهامات الإلهية على الوظيفة الشاذلية اليشرطية، ص 15.

([28]) إحياء علوم الدين، 1/61.

([29]) إحياء علوم الدين، 1/61.

([30]) إحياء علوم الدين، 1/61.

([31]) إحياء علوم الدين، 1/62.

([32]) إحياء علوم الدين، 1/62.

د. نور الدين أبو لحية

كاتب، وأستاذ جامعي، له أكثر من مائة كتاب في المجالات الفكرية المختلفة، وهو مهتم خصوصا بمواجهة الفكر المتطرف والعنف والإرهاب، بالإضافة لدعوته لتنقيح التراث، والتقارب بين المذاهب الإسلامية.. وهو من دعاة التواصل الإنساني والحضاري بين الأمم والشعوب.. وقد صاغ كتاباته بطرق مختلفة تنوعت بين العلمية والأكاديمية والأدبية.

You may also like...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *