العدل والاعتدال

كتبت إلي ـ أيها المريد الصادق ـ تسألني عن العدل والاعتدال، وعلاقتهما بالنفس المطمئنة، وبسائر منازلها، وكيفية التحقق بهما.
وجوابا على سؤالك الوجيه أذكر لك أن العدل والاعتدال من المنازل الكبرى للنفس المطمئنة، والتي تمتد فروعها الطيبة إلى كل المنازل، بل لا تستقيم المنازل من دونها، ذلك أن لكل فضيلة حدودا لا يمكن حفظها إلا بمراعاة الاعتدال والعدالة.
ومن الأمثلة على ذلك المنازل المرتبطة بالرأفة والرحمة واللطف والحنان وغيرها.. فإن هذه المنازل مع جمالها وكمالها لو لم تضبط بضوابط العدالة والاعتدال، لانصرفت لمن لا يستحقون أمثال تلك المعاملات.
ولهذا أمر الله تعالى باستعمال الشدة في المواضع المرتبطة بها، حفظا للعدالة، كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ [التوبة: 73]
ذلك أن من لم يضبط رحمته بضابط العدل، انصرفت لهؤلاء الذين نهى القرآن الكريم أن يُرحموا، لأن في رحمتهم قسوة على المستضعفين المظلومين.
ومثل ذلك أمره بالقسوة على الذين ينحرفون بأخلاق المجتمع، ويهدمون بنيان الفضيلة فيه، كما قال تعالى: ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النور: 2]
ولذلك كان العدل هو القيمة التي تحفظ سائر القيم من الانحراف؛ فتتحول إلى وسيلة من وسائل التضليل التي يستعملها الشيطان لإغواء الإنسان.
وقد اتفق الحكماء على هذا، كما عبر بعضهم عن ذلك بقوله: (العدالة: هي الجامعة لجميع الفضائل)([1])
وقال آخر: (العدالة: هي عبارة عن الحكمة، وهي توسط القوة العملية فيما يدبر له الحياة، ولا يدبر)([2])
وقال آخر: (العدالة: هي جماع الخير كله، كما أن الجور ـ المقابل لها ـ جماع الرذائل)([3])
وقال آخر: (العدل: هو من استجمع جميع الفضائل كلها غير مقتصر على فضيلة دون أخرى)([4])
وفسر بعضهم دور العدالة في الموازنة بين قوى النفس، فقال: (إنما انحصرت جميع الفضائل والرذائل ـ بل جميع الأفاعيل الصادرة عن الإنسان ـ في القوى الثلاث ـ التي هي أصول، وهي: القوة العقلية النطقية، والقوة الشهوانية، والقوة الغضبية ـ وكان الكمال الإنساني إنما هو بأن يستولى على قواه البدنية، بحيث يكون شهوته وغضبه وفكره في تدبير أمر الحياة ـ وغيرها ـ على مقتضى الصواب والخير الذي لا يخطأ فيه.. على نهج العدالة الواسطة الغير المنحرفة إلى الأطراف بالإفراط والتفريط، صارت العدالة الوسيطة هي خير الأمور وجماع الفضائل كلها، كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: (خير الأمور أوسطها)([5])
ثم ذكر الرذائل المنحرفة عن [العدالة]، فقال: (فللشهوانية طرفان: إفراط: هو الفجور، وتفريط: هو الجمود، ووسيطة بينهما هو العفة.. وللغضبية طرفان إفراط: هو التهور، وتفريط: هو الجبن، وتوسط بينهما هو: الشجاعة.. والنطقية طرفان، إفراط: هو الجربزة، وتفريط: هو البله، وتوسط بينهما هو: الحكمة.. فمتى استجمعت النفس هذه الفضائل الثلاث ـ التي هي أصول الفضائل كلها، وهي: العفة والشجاعة والحكمة.. وتنـزهت عن رذائل الأطراف الست التي هي أمهات الرذائل كلها، وهي: الفجور والجمود والتهور والجبن والجربزة والبله؛ فقد تخلقت بالعدالة لما تحققت بما تخلقت به من التحلي بأمهات الفضائل كلها، والتخلي عن الرذائل جميعها)([6])
وقال آخر مبينا دور العدالة في سياسة النفس: (العدل: حالة للنفس وقوة بها، تسوس الغضب والشهوة، وتحملهما على مقتضى الحكمة، وتضبطهما في الاسترسال والانقباض على حسب مقتضاها)([7])
وقال آخر مبينا موازين العدل المرتبطة باللطائف الإنسانية: (ميزان العدل في الدنيا ثلاثة: ميزان للنفس والروح، وميزان للقلب والعقل، وميزان للمعرفة والسر.. فميزان النفس والروح: الأمر والنهي، وكفَّتاه: الوعد والوعيد.. وميزان القلب والعقل: الإيمان والتوحيد، وكفَّتاه: الثواب والعقاب.. وميزان المعرفة والسر: الرضا والسخط، وكفَّتاه: الهرب والطلب.. فمن وزن أفعال النفس والروح بميزان الأمر والنهي بكفة الكتاب والسنة، ينال الدرجات في الجنان.. ومن وزن حركات القلب والعقل بميزان الثواب والعقاب بكفة الوعد والوعيد، أصاب الدرجات ونجا من جميع المشقات.. ومن وزن خطرات المعرفة والسر بميزان الرضا والسخط بكفة الهرب والطلب، نجا من الذي هرب، ووصل إلى ما طلب، فيصير عيشه في الدنيا على الهرب، وخروجه منها على الطلب، وعاقبته إلى غاية الطرب)([8])
وقال آخر مبينا ضرورة العدالة في كل مجالات الحياة النفسية والاجتماعية: (العدل: هو صرف ما أعطاك الله من الآلات الجسمانية والروحانية، ومن الأموال الدنيوية، ومن شرائع الدين وأعماله في طلب الله والسير منك به إليه، لأن صرفه في طلب غيره ظلم)([9])
وقال آخر مبينا علاقة العدالة بالمروءة: (العدالة صفة توجب مراعاتها الاحتراز عمّا يخلّ بالمروءة عادة ظاهرا، فالمرّة الواحدة من صغائر الهفوات، وتحريف الكلام لا تخلّ بالمروءة ظاهرا لاحتمال الغلط والنّسيان والتّأويل، بخلاف ما إذا عرف منه ذلك وتكرّر، فيكون الظّاهر الإخلال، ويعتبر عرف كلّ شخص وما يعتاده من لبسه، وتعاطيه للبيع، والشّراء وحمل الأمتعة، وغير ذلك، فإذا فعل ما لا يليق به لغير ضرورة قدح وإلّا فلا)([10])
إذا عرفت هذا ـ أيها المريد الصادق ـ فاعلم أن النصوص المقدسة حثت على التخلق بهذا الخلق، والنزول هذه المنزل، وفي كل المقامات والمحال، ومن دون أن نستثني أحدا أو جهة أو موضوعا، قال تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً﴾ (النساء:135)
وينهانا الله تعالى أن نلاحظ أنفسنا وأهواءنا، ونحن نتخذ أي موقف.. فالمؤمن هو الذي سلم أمره لله، وعقله لله، وقلبه لله، فهو يتعامل مع عباد الله كما أمر الله.. والله هو الحكم العدل الذي لا تضيع عنده الحقوق.. قال تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ (المائدة:8)
وفي آية أخرى جمع الله تعالى الأصول الكبرى التي تقوم عليها العدالة، فقال: ﴿فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾ (الشورى:15)
وقد ذكر المفسرون للآية الكريمة أن فيها عشر كلمات مستقلات، كل كلمة منها منفصلة عن التي قبلها، ولكل هذه الكلمات علاقة بالعدل في صورته المطلقة الكاملة الجميلة، وهي الصورة التي تجعل الناس لا محالة يدخلون في دين الله أفواجا([11]):
أما الكلمة الأولى، فقوله تعالى:﴿ فَلِذَلِكَ فَادْعُ ﴾ أي: فللذي أوحينا إليك من الدين الذي وصينا به جميع المرسلين قبلك أصحاب الشرائع الكبار المتبعة كأولي العزم وغيرهم، فادعُ الناس إليه.. وفي هذا منتهى العدل، فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر بأن يحكم الناس بأصول الشرائع التي اتفقت عليها الملل، وهي لا تتفق إلا على ما يتفق مع العدل والفطرة.
أما الكلمة الثانية، فقوله تعالى:﴿ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ ﴾ أي: استقم أنت يا محمد ومن اتبعك على عبادة الله، كما أمركم الله عز وجل.. وفي هذا منتهى العدل.. فالعادل هو الذي يبدأ بنفسه.. وهو الذي يطبق ما يقتضيه العدل على نفسه قبل أن يطبقه على غيره.
أما الكلمة الثالثة، فقوله تعالى:﴿ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ ﴾ لأن العادل هو الذي جعل السلطة للقانون لا للهوى.. كما قال تعالى لداود عليه السلام:﴿ يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ﴾ (صّ:26)، فقد أخبر الله في هذه الآية الكريمة أن الهوى لا نتيجة له إلا الإضلال عن سبيل الله.
أما الكلمة الرابعة، فقوله تعالى:﴿ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنزلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ ﴾ أي: صدقت بجميع الكتب المنزلة على الأنبياء، لا نفرق بين أحد منهم.. وفي هذا منتهى العدل في التعامل مع مقدسات الملل والنحل.
أما الكلمة الخامسة، فقوله تعالى:﴿ وَأُمِرْتُ لأعْدِلَ بَيْنَكُمُ ﴾ أي: أني لن أحكمكم إلا بما يقتضيه العدل.
أما الكلمة السادسة، فقوله تعالى:﴿ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ ﴾.. وهي آية عظيمة في مدلولها المرتبط بالعدل.. فالآية تذكر المؤمنين أن رب العباد ـ كافرهم ومؤمنهم واحد ـ ولذلك لا ينبغي التعامل معهم إلا وفق ما أمر به الله.. والله لم يأمر إلا بالعدل.
أما الكلمة السابعة، فقوله تعالى:﴿ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ ﴾ أي لكل منا عمله الذي يحاسب عليه، ويسأل عنه.. وكل ذلك عند الله.. وفي هذا منتهى العدل.. فالعادل هو الذي يسلم الأمر لأهله، ولا يتدخل إلا فيما تطلبه العدالة من مواقف.
أو أن هذه الآية مثل قوله تعالى:﴿ وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ﴾ (يونس:41).. أي أن حالي كحالكم، فأنتم لا ترضون عن عملي كما أني لا أرضى عن عملكم.. ولذلك لا ينبغي أن يجور أحد منا على الآخر.
أما الكلمة الثامنة، فقوله تعالى:﴿ لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ﴾ أي لا خصومة بيننا وبينكم بسبب مواقف بعضنا من بعض.. فالبراءة من العمل لا تعني الإلزام الذي يتنافى مع العدل.
أما الكلمة التاسعة، فقوله تعالى:﴿ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا ﴾ أي: يوم القيامة، وفي هذا توجيه للمؤمنين بتسليم الأمر لعدالة الله.. وكأنها تقول للمؤمنين المستعجلين: رويدكم.. ذروا هؤلاء الذين تبرأتم من أعمالهم لله.. فالله هو الحكم العدل الذي يحكم بينكم.
أما الكلمة العاشرة، فقوله تعالى:﴿ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾ أي: المرجع والمآب يوم الحساب.. في هذا تذكير بالعدالة المطلقة التي تتجلى في ذلك اليوم العظيم الذي تنصب فيه الموازين فلا تضيع مثقال ذرة، قال تعالى:﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً﴾ (النساء:40)، وقال:﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾ (الانبياء:47)
وهكذا يمكنك ـ أيها المريد الصادق ـ بالتأمل في القرآن الكريم أن تجد ارتباط العدالة بكل المجالات، وتخلفها يعني الانحراف عن السراط المستقيم، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ﴾ [الأنعام: 153]
ولذلك وصف الله تعالى الأمة الصادقة في اتباعها لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بكونها أمة وسطا، أي بعيدة عن كل أنواع الانحراف، فقال: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ [البقرة: 143] أي جعلناكم عدولا لانتهاجكم الطريق القويم والصراط المستقيم.
وهكذا نجد القرآن الكريم يأمر بالتوسط والاعتدال في كل الشؤون حتى الخيرية منها، قال: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾[الفرقان: 67]، ثم قال: ﴿ أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا ﴾ [الفرقان: 75]، فجعل الإنفاق المعتدل الذي لا إسراف فيه ولا إقتار سبيل المثوبة بدار السلام.
ومثله ما ورد في قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ﴾ [الإسراء: 29]، وهي عامة تشمل كل الشؤون.
ولهذا ورد الثناء على القائمين بالعدل، واعتبارهم نخبة الأمة وصفوتها، قال تعالى: ﴿ وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ﴾ [الأعراف: 181]
وقارن بين القائمين بالعدل والمقصرين فيه، فقال: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [النحل: 76]
وهكذا ورد في السنة المطهرة الحث على العدل والاعتدال، وفي كل المحال، وبالأساليب المختلفة، ومنها تلك البشارات العظيمة التي ربطها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالعدل في قوله:(سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله تعالى، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه، وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة، فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه)([12])
فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الحديث يبشر الإمام العادل بالظل الإلهي في اليوم الذي يحترق فيه الإمام الجائر بنار جوره.. وقد قرن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الإمام العادل بأولئك الطيبين الكرام المنشغلين بالله، للدلالة على دور العدل في كل تلك الصفات.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم في بشارة أخرى للقائمين بالعدل:(إن المقسطين عند الله على منابر من نور: الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا)([13])
وفي هذا إشارة إلى أن العدل هو المرقاة التي يرقى بها العبد إلى تلك المنابر النورانية، التي تؤهله للترقي في معارج الكمال.. وقد عمم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم العدل وأطلقه.. فالعدل لا يكمل إلا بذلك، ولا يصح إلا بذلك.
وفي حديث آخر قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:(أهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط موفق، ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم، وعفيف متعفف ذو عيال)([14])
فقد جعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحاكم العادل أول من ذكرهم من أهل الجنة، وقرنه بالرجل الرحيم، والرجل العفيف، وكأنه يقول لنا: إن العدالة تنبني على هذين الأساسين: الرحمة والعفاف.. فلا يقف في وجه العدالة، ولا ينحرف بها إلا القسوة والطمع.
وفي حديث آخر قال صلى الله عليه وآله وسلم:(ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم، يرفعها الله فوق الغمام، وتفتح لها أبواب السماء)، ويقول الرب:(وعزتي وجلالي لأنصرنك، ولو بعد حين)([15])
فقد ضمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للإمام العادل استجابة الدعاء، وهو لا يستجاب إلا من قريب، وقرنه صلى الله عليه وآله وسلم بالصائم.. فالعدل لا يتحقق إلا لمن انتصر على نفسه، وعرف كيف يهذبها.. وربطه صلى الله عليه وآله وسلم الإمام العادل بدعوة المظلوم.. وكأنه ينبئ عن علاج يعالج به مرض الجور، وهو التحذير من دعوة المظلوم.
وفي مقابل ذلك ورد النهي عن الجور، وبأشد الصيغ، ومنها قوله صلى الله عليه وآله وسلم:(إن أشد الناس عذابا يوم القيامة من قتل نبيا أو قتله نبي وإمام جائر)([16])، فقد قرن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الإمام الجائر بقاتل النبي وبمن قتله النبي.. فالأنبياء ـ عليهم السلام ـ كلهم في منتهى الرحمة، ولا يقتلهم ولا يقتلون إلا من بلغت به القسوة حدها.. وأخبر صلى الله عليه وآله وسلم عن شدة العذاب التي يعانيها الإمام الجائر، وكأن كل العذاب الذي صليت به رعيته يصب عليه دفعة واحدة جزاء وفاقا.
وفي حديث آخر قال صلى الله عليه وآله وسلم:(أربعة يبغضهم الله: البياع الحلاف، والفقير المختال، والشيخ الزاني، والإمام الجائر)([17])، وفي رواية:(وملك كذاب، وعائل مستكبر)([18])
وفي هذا الحديث إشارة إلى أن الجور منبع لكل الرذائل، ولذلك قرن الإمام الجائر بأصحاب الهمم الدنية من المنحطين المخذولين.
وفي حديث آخر، قال صلى الله عليه وآله وسلم:(إني أخاف على أمتي من أعمال ثلاثة)، قالوا: وما هي يا رسول الله؟ قال: (زلة عالم، وحكم جائر، وهوى متبع)([19])، فقد قرن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين هؤلاء الثلاثة.. فالحكم الجائر لا يتأسس إلا على الزلات التي يقع فيها العالم الذي لم يتثبت في علمه، والهوى الذي يجعل الحاكم لا يختار من كلام العلماء إلا الزلات.
وفي حديث آخر، قال صلى الله عليه وآله وسلم:(لا يقدس الله أمة لا يقضى فيها بالحق، ويأخذ الضعيف حقه من القوي غير متعتع)([20])، وفيه إشارة صريحة إلى أن التقديس، وهو التطهير والرفع والترقي لا يتحقق إلا بالعدل.
وغيرها من الأحاديث الكثيرة التي دعا فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى تحقيق قيم العدل، لا في عالم المجتمع فقط، بل في عالم النفس أيضا، لأنه لا يتحقق العدل في المجتمع قبل أن تتحقق به النفوس.. فالخارج صدى الداخل، وكل إناء بما فيه ينضح.
ولم يكتف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بتلك التوجيهات، وإنما كان في حياته جميعا يمارس العدل، وبصورته الجميلة، وفي تلك الظروف الصعبة التي يتوهم الكثير أن العدالة قد تتخلف فيها بناء على قوانين الطوارئ.
ومن الأمثلة على ما روي في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عدل صفوف أصحابه يوم بدر، وفي يده قدح يُعدِّل به القوم، فمرَّ بسواد بن غزيَّة حليف بني عدي ابن النجار، وهو مستنتل من الصف، فطعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالقدح في بطنه، وقال: (استوِ يا سواد) فقال: يا رسول الله، أوجعتني، وقد بعثك الله بالعدل، فأقدني، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (استقد)، قال: يا رسول الله، إنَّك طعنتني، وليس عليَّ قميص، فكشف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن بطنه، وقال: (استقد).. فاعتنقه، وقبَّل بطنه، وقال: (ما حملك على هذا يا سواد؟)، قال: يا رسول الله، حضرني ما ترى، ولم آمن القتل، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك. فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم له بخير([21]).
وفي حديث آخر روي: أنَّ قريشًا أهمَّهم شأن المرأة التي سَرقت في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة الفتح، فقالوا: من يكلِّم فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حِبُّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فأتى بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فكلمه فيها أسامة بن زيد، فتلوَّن وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: (أتشفع في حدٍّ من حدود الله؟) فقال له أسامة: استغفر لي يا رسول الله. فلما كان العشي قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاختطب، فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال (أما بعد: فإنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وإني ـ والذي نفسي بيده ـ لو أنَّ فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)([22])
وفي حديث آخر: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يبعث عبد الله بن رواحة إلى خيبر، فيخرص بينه وبين يهود خيبر، قال: فجمعوا له حليا من حلي نسائهم، فقالوا له: هذا لك ـ يعني رشوة ـ وخفف عنا وتجاوز في القسم، فقال عبد الله بن رواحة: (يا معشر اليهود! والله إنكم لمن أبغض خلق الله إليّ، وما ذاك بحاملي على أن أحيف عليكم، فأما ما عرضتم عليّ من الرشوة فإنها سحت، وإنا لا نأكلها)، فقالوا: بهذا قامت السماوات والأرض([23]).
وعلى هذا المنهاج سار جميع أئمة الهدى، والذين تحملوا البلاء العظيم نتيجة دعوتهم للعدالة، وفي كل المجالات، وعلى رأسهم الإمام علي الذي امتلأت كلماته وخطبه بالحث على العدالة، وبيان مجالاتها وحقائقها ومنزلتها.. ومن ذلك قوله: (العدل أساس به قوام العالم)، وقال: (العدل ميزان الله الذي وضعه للخلق ونصبه لإقامة الحقّ)، وقال: (حسبكم دلالة على فضيلة العدل أن الجور الذي هو ضدّه لا يقوم إلّا به، وذلك أن اللّصوص إذا أخذوا الأموال واقتسموها بينهم، احتاجوا إلى استعمال العدل في اقتسامهم، وإلّا أضرّ ذلك بهم) ([24])
وكان يقول: (فاللّه عزّ وجلّ، جعل العدل قواما للأنام، وتنزيها من المظالم والآثام، وتسنية للإسلام)، ويقول: (عدل السلطان خير من خصب الزمان)، ويقول: (الأرض لتزين في أعين الناس إذا كان عليها إمام عادل، وتقبح إذا كان عليها إمام جائر)، ويقول: (عدل ساعة خير من عبادة سبعين سنة، قيام ليلها وصيام نهارها، وجور ساعة في حكم، أشدّ عند الله من معاصي ستين سنة) ([25])
ويتحدث عن العدل السياسي، وعلاقته بالعدل النفسي، فيقول: (جب على السلطان أن يلتزم العدل في ظاهر أفعاله لإقامة أمر سلطانه، وفي باطن ضميره لإقامة أمر دينه، فإذا فسدت السياسة ذهب السلطان، ومدار السياسة كلها على العدل والإنصاف، فلا يقوم سلطان لأهل الإيمان والكفر إلّا بهما، والإمام العادل كالقلب بين الجوارح تصلح الجوارح بصلاحه، وتفسد بفساده)([26])
وعندما سئل: (أيّهما أفضل: العدل أو الجود؟)، أجاب بقوله: (العدل يضع الأمور مواضعها، والجود يخرجها عن جهتها. والعدل سائس عام، والجود عارض خاص، فالعدل أشرفهما)([27])
وفي أوّل خطبة ألقاها بعد مبايعة الناس له، قال لهم: (أيها الناس الدنيا دار حق وباطل، ولكلّ أهل، ألا ولئن غلب الباطل فقديما كان وفعل، ولئن قل الحق فلربما ولعل، ولقلّما أدبر شيء وأقبل، ولئن ردّ عليكم أمركم إنكم لسعداء. إن الله عزّ وجلّ أدب هذه الأمة بالسيف والسوط فاستتروا في بيوتكم، وأصلحوا ذات بينكم، فإن التوبة من ورائكم، وما عليّ إلّا الجهد، ألا وإن الخطايا خيل شمس حمل عليها أهلها وخلعت لجمها، فتقحمت بهم إلى النار. ألا وإن التقوى مطايا ذلل حمل عليها أهلها وأعطوا أزمّتها، فأوردتهم الجنّة، وفتحوا لهم أبوابا، ووجدوا ريحها وطيبها وقيل لهم: ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِين﴾ [الحجر:46].. اليمين والشمال مضلّة والطريق الوسطى هي الجادة عليها يأتي الكتاب وآثار النبوّة، إن على الإمام الاستقامة، وعلى الرعية التسليم. ليس أمري وأمركم واحدا، وإني أريدكم للّه وأنتم تريدونني لأنفسكم! وأيم الله لأنصحن للخصم، ولأنصفنّ للمظلوم.. ذمّتي بما أقول رهينة وأنا به زعيم، إن من صرّحت له العبر عمّا بين يديه من المثلّات، حجزته التقوى عن تقحّم الشبهات)([28])
ولم تكن تلك التعاليم مجرد كلمات، وإنما كانت أفعالا كلفته عداوات كثيرة.. فالمستكبرون والانتهازيون الذين ملأوا جيوبهم من أموال المستضعفين وعرقهم لم يقبلوا منه ذلك.. فلذلك وقف في خيارات صعبة بين إرضائهم أو إرضاء العدالة التي كلفه الله بها.. لكن تربية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم له وضعته على السراط المستقيم، فلم يبال بكل تلك المعارضات التي عارضت ما اقتضته العدالة.
ومن مواقفه القوية في العدالة، رده الأمور إلى نصابها، وخاصة من أولئك الذين استغلوا ما فعله مروان أيام عثمان من إعطاء من لا يستحق من أموال المسلمين، حيث أمر برد كل شيء إلى محله الصحيح من غير أن يبرر ذلك بكونه قديما، وليس في عصره، وقد قال في ذلك: (ألا وإن كل ما أقطعه عثمان من مال الله مردود إلى بيت مال المسلمين، فإن الحق قديم لا يبطله شيء، وو الله لو وجدته تفرّق في البلدان وتزوّج به النساء وملك به الإماء، لرددته! فإن في العدل سعة، ومن ضاق عليه العدل، فالجور عليه أضيق)([29])
وكان يقول لرعيته في تلك الفترة القصيرة التي ولي فيها، والتي كانت ممتلئة بالفتن التي أثارها المشاغبون ضده: (و أيم الله لأنصفنّ المظلوم من ظالمه، ولآخذنّ الظالم بخزامته حتى أورده منهل الحق وإن كان كارها)([30])
وكان يقول لهم بكل قوة: (ما ضعفت ولا جبنت! فلأنقبنّ الباطل حتى يخرج الحق من خاصرته)، ويقول: (ظلم الضعيف أفحش الظلم)، ويقول: (الظلم في الدنيا بوار، وفي الآخرة دمار)، ويقول: (من ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده)، ويقول: (أقدموا على الله مظلومين، ولا تقدموا عليه ظالمين) ([31])
وكان يذكرهم بنفسه، وبخوفه من الجور، ويقول: (و اللّه.. لأن أبيت على حسّك السعدان مسهّدا، أو أجرّ في الأغلال مصفدا، أحبّ إليّ من أن ألقى الله ورسوله يوم القيامة، ظالما لبعض العباد، وغاصبا لشيء من الحطام، وكيف أظلم أحدا لنفس إلى البلي قفولها، ويطول في الثرى حلولها.. واللّه لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلته.. ما لعليّ ولنعيم يفنى، ولذة لا تبقى.. نعوذ باللّه من سبات العقل، وقبّح الزلل وبه نستعين)([32])
وقد سأله بعضهم: أي ذنب أعجل عقوبة؟ فقال: (من ظلم من لا ناصر له، إلّا اللّه، وجاور النعمة بالتقصير، واستطال بالبغي على الفقير)([33])
ولم يكن يكتفي بمراعاة العدل أو الدعوة إليه، وإنما كان ينهى عن كل موالاة للظلمة أو سكوت عنهم، وكان يقول: (العامل بالظلم، والمعين عليه، والراضي به شركاء ثلاثة)([34])
وقال: (من أعان ظالما على ظلمه جاء يوم القيامة وعلى جبهته مكتوب آيس من رحمة اللّه)([35]) و(من مشى مع ظالم ليعينه وهو يعلم أنه ظالم فقد خرج من الإسلام)([36])
وعلى هذا المنهاج سار جميع أئمة الهدى، وقد قال الإمام الصادق: (ما ناصح الله عبد مسلم في نفسه، فأعطى الحق منها وأخذ الحق لها إلا أعطي خصلتين: رزقا من الله يقنع به، ورضاً عن الله ينجيه)([37])
وقال مخاطبا بعض أصحابه: (ألا أخبرك بأشد ما فرض الله على خلقه؟.. إن من أشد ما فرض الله على خلقه إنصافك الناس من نفسك، ومواساتك أخاك المسلم في مالك، وذكر الله كثيرا، أما إني لا أعني سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله ـ وإن كان منه ـ لكن ذكر الله عند ما أحلّ وما حرّم، فإن كان طاعة عمل بها، وإن كان معصية تركها)([38])
وقال: (ثلاثة هم أقرب الخلق إلى الله عز وجل يوم القيامة حتى يفرغ من الحساب: رجل لم تدعه قدرة في حال غضبه إلى أن يحيف على من تحت يده، ورجل مشى بين اثنين فلم يمل مع أحدهما على الآخر بشعيرة، ورجل قال بالحق فيما له وعليه)([39])
هذا جوابي على أسئلتك ـ أيها المريد الصادق ـ فاسع لأن تنزل هذا المنزل العظيم، حتى تتحقق فيك العدالة بجميع صورها ومظاهرها.. فلا يمكنك أن تزكي نفسك، ولا أن ترقيها ما لم تتحقق بذلك…
….
([1]) الغزالي، ميزان العمل، ص 286.
([2]) اللمحات في الحقائق لشهاب الدين السهروردي الإشراقي، ص 213.
([3])كمال الدين القاشاني، لطائف الأعلام في إشارات أهل الإلهام، ص 416، 418.
([4]) لطائف الأعلام في إشارات أهل الإلهام، ص 416، 418.
([5]) مصنف ابن أبي شيبة ج: 7 ص: 179 برقم 35128.
([6]) كمال الدين القاشاني، لطائف الأعلام في إشارات أهل الإلهام، ص 416، 418.
([7]) إحياء علوم الدين، ج 3 ص 54.
([8]) أبو عبد الرحمن السلمي، حقائق التفسير، ص 845.
([9]) إسماعيل حقي البروسوي، تفسير روح البيان، ج 5 ص 71.
([10]) المصباح المنير(2/ 44 ـ 45)
([11]) انظر: ابن كثير: 7/195، وغيره.
([12]) رواه البخاري ومسلم.
([13]) رواه مسلم.
([14]) رواه مسلم.
([15]) رواه الترمذي.
([16]) رواه الطبراني.
([17]) رواه النسائي وابن حبان في صحيحه.
([18]) رواه مسلم.
([19]) رواه ابن خزيمة في صحيحه.
([20]) رواه الطبراني بإسناد جيد.
([21]) رواه أبو نعيم في معرفة الصحابة: [3/1404]
([22]) رواه البخاري: [3475]، ومسلم: [1688])
([23]) رواه مالك.
([24]) ميزان الحكمة: ج 6، ص 78.
([25]) ميزان الحكمة: ج 6، ص 78.
([26]) قاموس الحكم والأمثال: ص 433.
([27]) نهج البلاغة: الحكم، 437.
([28]) نهج البلاغة: خطبة 16، البيان والتبيين: ج 2، ص 65.
([29]) دعائم الإسلام: ج 1، ص 396.
([30]) النهاية لابن الأثير، ج 3، ص 467.
([31]) ميزان الحكمة: ج 5، ص 595.
([32]) ربيع الأبرار: باب الخير والصلاح.
([33]) بحار الأنوار: ج 75، ص 320.
([34]) ميزان الحكمة: ج 5، ص 612.
([35]) كنز العمال: خ 14950.
([36]) كنز العمال: خ 14955.
([37]) الخصال 1/25.
([38])أمالي الطوسي 2/278.
([39]) الكافي 2/145.