الخشية والشفقة

كتبت إلي ـ أيها المريد الصادق ـ تسألني عن الخشية والشفقة التي ورد وصف المؤمنين بهما في القرآن الكريم، وعن سر ارتباطهما بالنفس المطمئنة، وكيف تتحقق لها طمأنيتها بذلك.
وقد ذكرت لي أثناء سؤالك بعضا ممن يدعون العرفان ينفّرون من مثل هذه المنازل، ويسخرون من المتحدثين عنها، ويعتبرون حديثهم دليل النقص والقصور، ويتصورون أن ذلك متناف مع منازل الود التي هي منازل المقربين.
وجوابا على سؤالك الوجيه أذكر لك أن الوهم الذي وقع فيه هؤلاء الذين ذكرتهم، يكمن في تصوراتهم المرتبطة بحقيقة الخشية والشفقة، أو في الدرجات المرتبطة بهما، ولذلك لم يستطيعوا التوفيق بين منازل الحب، وهذا النوع من المنازل.. وهذا ما جعلهم يتوهمون أن الحب يقضي على الخشية والشفقة، ولم يعلموا أنهما قد يكونان من ثمار الحب.
ألا ترى كيف يجعل الحب الوالدين ممتلئين بالخشية والشفقة على أولادهما، نتيجة حبهما الشديد لهم؛ فهل نفى حبهما خوفهما؟
وهكذا؛ فإن المحب الحريص على محبوبه، يخشى أن يقع في أدنى الأخطاء التي قد توقعه في القطيعة والهجر.. ولذلك كلما ازداد حبه وقربه، كلما ازداد خوفه ووجله.
وكيف لا يحصل منه ذلك، وقد ورد في الآثار ما يدل على أن إبليس كان من العبّاد المقربين، لكنه بعدم خشيته من الله، توهم نفسه ندا لربه، فراح يعارضه، وقد قال الإمام علي يشير إلى ذلك، وإلى الغرور الذي يؤدي إليه عدم الخشية: (فاعتبروا بما كان من فعل اللّه بإبليس، إذ أحبط عمله الطّويل، وجهده الجهيد، وكان قد عبد اللّه ستّة آلاف سنة، لا يدرى أ من سني الدّنيا، أم من سني الآخرة؟ عن كبر ساعة واحدة.. فمن ذا بعد إبليس يسلم على اللّه بمثل معصيته؟ كلّا، ما كان اللّه سبحانه ليدخل الجنّة بشرا بأمر أخرج به منها ملكا، إنّ حكمه في أهل السّماء وأهل الأرض لواحد، وما بين اللّه وبين أحد من خلقه هوادة في إباحة حمى حرّمه على العالمين)([1])
ولذلك وصف الله تعالى العلماء بالخشية، وهو دليل على أن كمال علمهم ومعرفتهم هي التي جعلتهم كذلك، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28]
وقد قال الإمام السجاد في معناها: (ما العلم بالله والعمل إلا إلفان مؤتلفان، فمن عرف الله خافه، وحثه الخوف على العمل بطاعة الله، وإنّ أرباب العلم وأتباعهم الذين عرفوا الله فعملوا له ورغبوا إليه، وقد قال الله: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾)([2])
و قال بعض الحكماء في سر ذلك: (الخشية أخصّ من الخوف، فإنّ الخشية للعلماء بالله تعالى، فهي خوف مقرون بمعرفة.. فالخوف حركة، والخشية انجماع وانقباض وسكون؛ فالخوف لعامّة المؤمنين، والخشية للعلماء العارفين، والهيبة للمحبّين، والوجل للمقرّبين، وعلى قدر العلم والمعرفة تكون الخشية.. فصاحب الخوف يلتجأ إلى الهرب والإمساك، وصاحب الخشية يلتجأ إلى الاعتصام بالعلم، ومثلهما كمثل من لا علم له بالطّبّ ومثل الطّبيب الحاذق فالأوّل يلتجىء إلى الحمية والهرب، والطّبيب يلتجىء إلى معرفته بالأدوية والأدواء. وكلّ واحد إذا خفته هربت منه، إلّا الله، فإنّك إذا خفته هربت إليه فالخائف هارب من ربّه إلى ربّه)([3])
والعجب ممن يردد ما ذكرت من احتقار مثل هذه المنازل، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنّي أتقاكم الله وأشدّكم له خشية)، فهل خشية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دليل قصور، أم دليل كمال؟
وهكذا كان حال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المنتجبين، فقد روي أنه صلى الله عليه وآله وسلم بلغه شيء عن أصحابه، فخطب، فقال: (عرضت عليّ الجنّة والنّار، فلم أر كاليوم في الخير والشّرّ، ولو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا)، قال الراوي: فما أتى على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم أشدّ منه، غطّوا رؤوسهم ولهم خنين([4]))([5])
ولهذا وصف الله تعالى بها، أولو الألباب، فقال: ﴿ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (19) الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ﴾ [الرعد: 19 – 22]
فانظر ـ أيها المريد الصادق ـ كيف جمع الله تعالى بين هذه المنازل جميعا، وهو ما يبين عدم التنافر بينها، فالنزول في منزل من المنازل لا يعني هدم غيره، فالمكارم لا يهدم بعضها بعضا، وإنما يكمل بعضها بعضا.
لذلك لا تلتفت لمن يصور لك أن الخشية والشفقة والخوف حجاب عن الله.. بل هي دليل كمال المعرفة، وهي لا تتناقض مع المحبة، بل قد تكون دليلا عليها؛ فلا يحرص، ولا يخشى، ولا يشفق إلا من امتلأ قلبه محبة لمن يشفق على ضياعه.
بل إن الله تعالى أخبر أن الخشية والشفقة من الوسائل التي تدعو إلى التزكية والترقية، وتحفظ النفس من كل حركة سلبية قد تقع فيها بسبب الأوهام التي تعرض لها، والتي قد تملؤها بالغرور الذي وقع فيه الشيطان.
ومن ذلك قوله تعالى في وصف المتقين، ودور الخشية في تقواهم: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ (48) الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ ﴾ [الأنبياء: 48، 49]
ومنه ربطه بين الخشية وكل الصفات النبيلة، وأولهما الاستعداد للتزكية والترقية، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ﴾ [فاطر: 18]
وقال عند وصفه لتأثير القرآن الكريم في النفوس: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾ [الزمر: 23]
وأخبر أن التذكر لا ينتفع به إلا من في قلبه الخشية:﴿ فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (9) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى﴾ [الأعلى: 9، 10]، وقال: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا ﴾ [النازعات: 45]، وقال: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى﴾ [النازعات: 26]
وقال عند عده لأوصاف المؤمنين:﴿ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ ﴾ [الرعد: 21]
وقال عند ذكره لصفات المبلغين عنه، والدعاة إليه: ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ﴾ [الأحزاب: 39]
وقال عند عده لصفات عمار المساجد: ﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ﴾ [التوبة: 18]
وقد جمع الله تعالى بين الخشية والشفقة، وبين آثارهما التربوية، فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (57) وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ (59) ﴾ [المؤمنون: 57 – 59]
فهل كل هذا الثناء القرآني منصرف لأصحاب المنازل الدنية، أم أنه منصرف لأولئك الصالحين المقربين الذين تعاملوا مع الحقائق وفق ما تقتضيه من قيم.. ذلك أن لكل اسم أو صفة أو فعل إلهي تأثيره الخاص في تلك النفوس الراقية والمرايا الصافية.
وقد اتفق الحكماء على هذا، ومن ذلك قول بعضهم: (من أعطي شيئاً من المحبة، ولم يعط مثله من الخشية: فهو مخدوع) ([6])
وذكر آخر علاقة الخشية بالمحبة، وكونها أثرا من آثارها، وذلك في تفسيره لقوله تعالى: ﴿ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ﴾ [ق: 32، 33]: (الخشية من الرحمن هي الخشية من الفراق، والخشية من الرحمن تكون مقرونة بالأنس، ولذلك لم يقل: من خشي الجبار ولا من خشي القهار)([7])
وقال آخر: (الشفقة – كالعشق – موصل إلى الله إلا أنه أنفذ منه في السير وأوسع منه مدى، إذ هو يوصل إلى إسم الله الرحيم)([8])
وقال: (مرتبة الشفقة أسطع من المحبة بمئة درجة وأوسع منها وأسمى، نعم! إن الشفقة بجميع أنواعها لطيفة، نزيهة، أما العشق والمحبة فلا يتنازل إلى كثير من أنواعهما، ثم إن الشفقة واسعة، إذ الوالد الذي يشفق على أولاده يشفق أيضاً على جميع الصغار، بل حتى على ذوي الأرواح فيبين نوعاً من أنوار إسم (الرحيم) المحيط بكل شيء.. ثم إن الشفقة خالصة، لا تطلب شيئاً من المشفق عليه، فهي صافية لا تطلب عوضاً. والدليل على هذا، الشفقة المقرونة بالتضحية التي يحملها والدات الحيوانات، والتي هي أدنى مراتب الشفقة، فهي لا تطلب مقابل شفقتها شيئاً، بينما العشق يطلب الأجرة والعوض. وما نواح العاشقين إلا نوع من الطلب، وسؤال للأجرة)([9])
وضرب المثل على ذلك بيعقوب عليه السلام، فقال: (إن المشاعر والأحاسيس الشديدة التي كان يشعر بها سيدنا يعقوب تجاه سيدنا يوسف عليهما السلام ليست هي مشاعر نابعة من المحبة والعشق، وإنما هي نابعة من الشفقة، لأن الشفقة أنفذ من المحبة والعشق، وأسطع منهما وأعلى وأنزه، فهي الأليق بمقام النبوة)([10])
وقال آخر في بيان علاقة الخشية بالمعرفة الإلهية: (خير العلم ما كانت الخشية معه، وذلك لأن الخشية إنما تنشأ عن العلم بصفات الحق. فشاهد العلم الذي هو مطلوب الله: الخشية، وشاهد الخشية: موافقة الأمر)([11])
وذكر آخر دور الخشية في التزكية والترقية، وفي جميع مراحل السلوك، فقال: (إن الخشية تحجز عن المعاصي والقبائح، وتدعو للمحاسن والمصالح، وفقدها ينفي ذلك لا سيما مع وجود العلم المؤيد بالتأويل، ولذلك قيل: من تفقه ولم يتصوف فقد تفسق.. والثاني: إن الخشية توجب التحقيق في التحصيل، والنصح في التوصيل، والإنصاف في المذاكرة، وفقدها ينفي ذلك مع غلبة الهوى، والشهوة تغطي العقل والعلم والبيان.. والثالث: إن الخشية تحمل على طلب الآخرة، وإرادة وجه الله بالعلم، في جميع وجوهه، وفقدها ينفي ذلك، وهو رأس الآفات والعلل)([12])
بعد هذا أنصحك ـ أيها المريد الصادق ـ ألا تنشغل بالتفريعات الكثيرة التي يذكرها الحكماء في هذه الأبواب، وخاصة في الفروق بين الألفاظ والمصطلحات، ذلك أن المعنى الواحد قد يُعبر عن بتعبيرات مختلفة، فلا تكن عبدا للألفاظ، فتحول بين نفسك، وبين إدراك الحقائق.
ومن الأمثلة على ذلك قول بعضهم: (الخشية انكسار القلب من دوام الانتصاب بين يديه، ومن بعد هذه المرتبة: الإشفاق.. والإشفاق أرق من الخشية وألطف. والخشية أرق من الخوف، والخوف أرق من الرهبة، ولكل واحد منها صفة ومكان وأدب)
ذلك أنك لو رحت تطبق هذه الفروق على ما ورد في القرآن الكريم لأداك ذلك إلى احتقار الأولياء والصالحين الذين وصفهم الله تعالى، فقال: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا﴾ [الإسراء: 57]، وقال: ﴿الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ ﴾ [الرعد: 20، 21]
وقال في رواد المساجد:﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ﴾ [النور: 37]
وقال عن الرجلين الصالحين من بني إسرائيل:﴿قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ﴾ [المائدة: 23]
وأخبر عن خوف الملائكة عليهم السلام من ربهم، فقال: ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (49) يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [النحل: 49، 50]
وهذا لا يعني عدم وجود فروق لغوية، أو فروق في المعاني المرتبطة بالخشية والشفقة؛ ولكن الفروق اللفظية لا تعني بالضرورة ارتباطها بالمعاني في كل المحال؛ فاللغة فيها متسع.. فقد يعبر الشخص عن الخوف بلفظ الشفقة، وقد يعبر عن الشفقة بلفظ الخوف، من غير تدقيق كبير في ذلك نتيجة التقارب بينها.
هذا جوابي على
أسئلتك ـ أيها المريد الصادق ـ فاحرص على أن تتخلق بهذا الخلق العظيم الذي يجعلك
تمتلئ مهابة من ربك، وتعظيما له، حتى لا يجرك الغرور والأهواء إلى ما وقع فيه من
ترك الشريعة بحجة الوصول إلى الحقيقة.. فمن عرف الحقيقة عظمها، وتأدب معها، وحرص
عليها، ولم يستهن بأي شأن من شؤونها.ن اأ
([1]) نهج البلاغة: خطبة 192.
([2]) بحار الأنوار: 67/344، والكافي 8/16.
([3]) انظر بصائر ذوي التمييز للفيروزآبادي(2/ 544 ـ 546)، ودليل الفالحين لابن علان(2/ 367)
([4]) خنين: صوت البكاء وهو نوع من البكاء دون الانتحاب.
([5]) البخاري [فتح الباري]، 8(4621)، ومسلم(2359)
([6]) الرسالة القشيرية، ص 252.
([7])تفسير لطائف الإشارات، ج 6 ص 22، 23.
([8]) سعيد النورسي، أنوار الحقيقة، ص 81.
([9]) أنوار الحقيقة، ص 28.
([10]) أنوار الحقيقة، ص 27.
([11])إسماعيل حقي، تفسير روح البيان، ج 2 ص 71.
([12])أحمد زروق، شرح الحكم العطائية، ص 342، 343.