التفويض والتوكل

التفويض والتوكل

كتبت إلي ـ أيها المريد الصادق ـ تسألني عن التفويض والتوكل، ومنزلتهما، وحقيقتهما، وكيفية التحقق بهما، ومراتب ذلك ودرجاته.

وجوابا على سؤالك الوجيه أذكر لك أن التفويض والتوكل من المنازل الضرورية للنفس المطمئنة، والتي لا يمكن أن تكون مطمئنة من دونها، ذلك أنها ترتبط بتصديق الله تعالى فيما أخبر عباده عنه من قيامه بشؤون خلقه، ورحمته بهم، وتدبيره لأمورهم.

وكل ذلك يجعل النفس ممتلئة بالراحة لتدبير الله تعالى، ولذلك تكل كل شؤونها إليه رضى وثقة بكونه أدرى بمصالحها منها.. وذلك ما يُطلق عليه التفويض، وهو (ألطف إشارة، وأوسع معنى من التّوكّل، فالتّوكّل يكون بعد وقوع السّبب، أمّا التّفويض فإنّه يكون قبل وقوع السّبب وبعده، والتّفويض هو عين الاستسلام، أمّا التّوكّل فهو شعبة منه)‏([1])

ويشير إلى ذلك قوله تعالى على لسان مؤمن آل فرعون: ﴿فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾ [غافر: 44]، أي أن مؤمن آل فرعون بعد أن أدى رسالته، تخلص من كل ألوان التدبير التي تدعوه لإنقاذ نفسه من بطشه، وقد ذكر الله تعالى عاقبة ذلك التفويض، فقال: ﴿فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ﴾ [غافر: 45]

ولهذا يعتبر الحكماء التفويض أعلى درجات التوكل، كما قال بعضهم معبرا عن ذلك: (التوكل ثلاث درجات: التوكل ثم التسليم ثم التفويض؛ فالمتوكل يسكن إلى وعده، وصاحب التسليم يكتفي بعلمه، وصاحب التفويض يرضى.. والتوكل بداية، والتسليم واسطة، والتفويض نهاية.. والتوكل صفة المؤمنين، والتسليم صفة الأولياء، والتفويض صفة الموحدين.. فالتوكل صفة العوام، والتسليم صفة الخواص، والتفويض صفة خواص الخواص)([2]

وقال آخر: (التوكل على ثلاث درجات: الدرجة الأولى: التوكل مع الطلب، ومعاطاة السبب على نية شغل النفس ونفع الخلق وترك الدعوى.. والدرجة الثانية: التوكل مع إسقاط الطلب، وغض العين عن السبب اجتهاداً في تصحيح التوكل وقمع تشرف النفس وتفرغاً إلى حفظ الواجبات.. والدرجة الثالثة: التوكل مع معرفة التوكل النازعة إلى الخلاص من علة التوكل، وهو أن يعلم أن ملكية الحق تعالى للأشياء ملكية عزة لا يشاركه فيها مشارك فيكل شركته إليه، فإن من ضرورة العبودية أن يعلم العبد أن الحق هو مالك الأشياء وحده)([3])

وقال آخر: (التوكل ثلاث درجات: الدرجة الأولى أن يكون حاله في حق الله تعالى والثقة بكفالته وعنايته كحاله في الثقة بالوكيل.. والثانية وهي أقوى: أن يكون حاله مع الله تعالى كحال الطفل مع أمه، فإنه لا يعرف غيرها ولا يفزع إلى أحد سواها ولا يعتمد إلا إياها.. والثالثة وهي أعلاها: أن يكون بين يدي الله تعالى في حركاته وسكناته مثل الميت بين يدي الغاسل)([4]

وغيرها من مقولاتهم التي تدل على المراتب المرتبطة بكل منزلة من المنازل، وذلك بحسب الحالة التي تكون عليها النفس المطمئنة.. وهي درجات لا نهاية لها.

وإياك ـ أيها المريد الصادق ـ أن تكون من الذين حُجبوا بالألفاظ عن المعاني، فتتوهم أن هذه الاصطلاحات التي اُصطلح عليها، والتي اُعتبر التوكل بموجبها أدنى درجة من التفويض والتسليم، منطبقة على ما ورد في النصوص المقدسة، من الألفاظ، وتتوهم بذلك أن حال مؤمن آل فرعون أفضل من حال غيره من الأنبياء والصالحين، لأنه ذكر التفويض، وهم ذكروا التوكل.

فلفظ التوكل يشمل الجميع، ذلك أن التفويض والتسليم وغيرها من الألفاظ تدل على معنى واحد، وهو تسليم الأمر إلى الوكيل ثقة به وبتدبيره.

وقد وصف الله تعالى أفضل عباده وأشرفهم بالتحقق بهذه المعاني السامية علما وعملا وحالا، وفي أصعب الظروف وأشدها، والتي يُمتحن فيها التوكل الحقيقي الصادق.

ومن ذلك ما أخبر الله تعالى عنه من تحدي الأنبياء عليهم السلام لأقوامهم، فلم يبهرهم ما أعد لهم من صنوف الفتن، قال تعالى ذاكرا قول هود عليه السلام لقومه بعد تكذيبهم له: ﴿إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (56)﴾ (هود)

وأخبر الله تعالى عن موقف موسى عليه السلام عندما وقع بين البحر وجيش فرعون، فقال بكل هدوء: ﴿كَلاَّ إنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ (الشعراء: 62)، فموسى عليه السلام لم يثق في ذلك الموقف الحرج بنفسه، وقد أُعطي من المعجزات وخوارق العادات ما أعطي، وإنما كانت ثقته بتوكله على الذي يستطيع أن يجعله فوق الإمكانات البشرية.

ومثل ذلك أخبر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والذين معه عند معاينتهم للأحزاب الذي تجمعوا لحربهم: ﴿ وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا: هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ، وَصَدَقَ الله وَرَسُولُهُ، وَمَا زَادَهُمْ إلاَّ إيْماناً وَتَسْلِيماً﴾ (الأحزاب:22)

وذكر موقفهم من تلك التهديدات التي كانت توجه لهم كل حين: ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173)فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174)﴾ (آل عمران)

ولم يقتصر الأمر في النصوص المقدسة على الثناء على المتوكلين، وإنما ورد الأمر به، باعتباره شعيرة من الشعائر التعبدية الباطنية التي لا تختلف في وجوبها عن الشعائر التعبدية الظاهرية.

ويدل على ذلك الوجوب قوله تعالى:﴿ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾ (آل عمران: 159)

ومثلها تلك النصوص التي تخاطب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم باللجوء إلى الله في كل حين؛ فالمراد منها جميع الأمة، لا شخص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقط، ومنها قوله تعالى:﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ (التوبة:51)، وقوله:﴿ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾ (التوبة:129)

وهكذا ورد في السنة المطهرة الحث والترغيب في التوكل، ومن تلك الترغيبات العظيمة إخباره صلى الله عليه وآله وسلم عن إعفاء المتوكلين من الحساب يوم القيامة، لدور التوكل في تطهير صحائفهم من الذنوب بأنواعها، قال صلى الله عليه وآله وسلم: (عرضت علي الأمم، فرأيت النبي ومعه الرهيط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحدٌ إذ رفع لي سوادٌ عظيمٌ فظننت أنهم أمتي، فقيل لي: هذا موسى وقومه ولكن انظر إلى الأفق، فنظرت فإذا سوادٌ عظيمٌ، فقيل لي: انظر إلى الأفق الآخر، فإذا سوادٌ عظيمٌ، فقيل لي: هذه أمتك، ومعهم سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذابٍ)، ثم ذكر سبب دخولهم الجنة بغير حساب، فقال: (هم الذين لا يرقون، ولا يسترقون ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون) ([5])

إذا عرفت هذا ـ أيها المريد الصادق ـ فاعلم أن تحصيل التوكل ليس شديدا، ولا صعبا، بل هو يسير لمن التمس أسبابه.. ذلك أنه لا يحتاج سوى ترسيخ الثقة في الله، وفي علمه وقدرته وفضله وكرمه، مما يملأ النفس سكونا وراحة وطمأنينة لمقاديره، وكل ذلك مما يجعل سلوكها ومواقفها منسجمة مع تلك المعارف والأحوال.

التوكل والمعرفة:

أما الركن الأول الذي يقوم عليه التوكل، ولا يمكن تحصيله من دونه؛ فواضح للعقول، ذلك أنها لا تكل أمورها عادة إلا لمن تثق فيهم، وفي قدراتهم.. ولذلك إن عمقت النفس معرفتها بالله، بالتأمل والتفكير والنظر، وصلت إلى المعارف التي تملؤها ثقة به، وبتدبيره، وحينها تسلم أمورها إليه.

ومما يعينك على ذلك ـ أيها المريد الصادق ـ ترديدك لما ورد في السنة المطهرة من أذكار وأدعية؛ فهي مليئة بالمعاني الراقية التي تفيدك في التأمل، وترسخ فيك معنى التوكل والتسليم والتفويض لله.

وقد ورد في السنة المطهرة الكثيرة منها، ولعل أيسرها، وأسهلها ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقوله لبعض أصحابه:(ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة: لا حول ولا قوة إلا بالله)([6]

وهذا الكنز من كنوز الجنة هو ما يشير إليه قوله تعالى في حوار المؤمن مع صاحب الجنتين:﴿ وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ﴾ (الكهف: 39) أي هلا إذا أعجبتك جنتك حين دخلتها ونظرت إليها حمدت اللّه على ما أنعم به عليك، واعتبرته من مشيئة الله وقوته لا من مشيئتك وقوتك.. وفي هذا دليل على ما تكسبه هذه الكلمة من تواضع في نفس قائلها وتأدبه مع ربه تعالى.

ومن الأذكار الواردة في السنة، والتي يتبرأ فيها المؤمن من حوله وقوته إلى حول الله وقوته ما ورد في دعاء الاستخارة، فهو كله تفويض ورجوع إلى الله، وتبرؤ من حول العبد وقوته إلى حول الله وقوته.

وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يعلم أصحابه الاستخارة في الأمور كما يعلمهم السورة من القرآن، ويقول صلى الله عليه وآله وسلم:(إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر ويسميه باسمه خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي ويسره، ثم بارك لي فيه، اللهم وإن كنت تعلمه شرا لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفني عنه، واصرفه عني واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به)([7]

فكل الألفاظ الواردة في هذه الاستخارة تدل على تبرؤ العبد من حوله وقوته إلى حول الله وقوته.. والاستخارة نفسها دليل على تفويض المؤمن أموره لله، استغناء بتدبيره واختياره.

ومثل ذلك ما ورد في الأدعية الكثيرة.. التي تدل على الحقائق الإيمانية المثمرة للتفويض والتوكل والبراءة من حول العبد وقوته إلى حول الله وقوته..

ففي دعاء النوم علمنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن نقول:(اللهم أسلمت نفسي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي أرسلت)([8])، وأخبر أن من مات على هذا مات على الفطرة، والفطرة تعني انسجام الإنسان مع السنن الإلهية، كما قال تعالى:﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ﴾ (الروم:30)

وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا قام إلى الصلاة كبر، ثم قال: ﴿ وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [الأنعام: 79]، ﴿ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162، 163]، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك، ظلمتُ نفسي واعترفتُ بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعًا، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدِني لأحسنِ الأخلاق لا يَهدي لأحسنِها إلا أنت، واصرِفْ عني سيِّئَها، لا يصرف عني سيِّئَها إلا أنت، لبَّيك وسَعْدَيك، والخير كلُّه في يديك، والشر ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك)([9]

و كان إذا خرج من بيته قال: (بسم الله، توكلت على الله، اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل، أو أزل أو أزل، أو أظلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل علي)([10])

وغيرها من الأذكار والأدعية الكثيرة التي يؤدي الاستمرار في ترديدها والتأمل فيها إلى ترسيخ معارف التفويض والتوكل في النفس.

ومثل ذلك ما ورد من أدعية عن أئمة الهدى الذين أوصى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم باتباع سننهم، فهي مملوءة بنفس تلك المعاني القرآنية والنبوية.. وهي امتداد لها، وتأكيد وتفصيل للكثير مما ورد فيها.

ومنها ما ورد من أدعية عن الإمام الحسين، فقد كان يقول في دعاء القنوت: (اللهم منك البدء ولك المشية، ولك الحول ولك القوة، وأنت الله الذي لا إله إلا أنت، جعلت قلوب أوليائك مسكنا لمشيتك، ومكمنا لارادتك، وجعلت عقولهم مناصب أوامرك ونواهيك، فأنت إذا شئت ما تشاء حركت من أسرارهم كوامن ما أبطنت فيهم، وأبدأت من إرادتك على ألسنتهم ما أفهمتهم به عنك في عقودهم بعقول تدعوك وتدعو إليك بحقائق ما منحتهم به، وإنى لأعلم مما علمتني مما أنت المشكور على ما منه أريتني، وإليه آويتنى. اللهم وإني مع ذلك كله عائذ بك، لائذ بحولك وقوتك، راض بحكمك الذى سقته إلى في علمك، جار بحيث أجريتني، قاصد ما أممتني، غير ضنين بنفسي فيما يرضيك عنى إذبه قد رضيتني، ولاقاصر بجهدي عما إليه ندبتنى، مسارع لما عرفتني، شارع فيما أشرعتني، مستبصر في ما بصرتني، مراع ما أرعيتني، فلا تخلني من رعايتك، ولا تخرجني من عنايتك، ولا تقعدني عن حولك، ولا تخرجني عن مقصد أنال به إرادتك، واجعل على البصيرة مدرجتي، وعلى الهداية محجتي، وعلى الرشاد مسلكي، حتى تنيلني وتنيل بي امنيتي، وتحل بي على ما به أردتني، وله خلقتني، وإليه آويتني، وأعذ أولياءك من الإفتتان بي، وفتنهم برحمتك لرحمتك في نعمتك تفتين الاجتباء، والاستخلاص بسلوك طريقتي، واتباع منهجي، وألحقني بالصالحين من آبائي وذوى رحمي)([11])

وكل كلمات هذا الدعاء ممتلئة بالتوكل على الله وتفويض الأمر إليه، والشعور بأن الحاجات كلها لديه، وأن من وجده فقد وجد كل شيء، ومن فقده فقد كل شيء، كما عبر عن ذلك في القطعة المنسوبة إليه في دعاء عرفة.

ونجد نفس هذه المعاني في دعاء القنوت الآخر المأثور عنه، والذي يقول فيه: (اللهم من أوى إلى مأوى فانت مأواي، ومن لجأ إلى ملجأ فأنت ملجأى، اللهم صل على محمد وآل محمد، واسمع ندائي، وأجب دعائي، واجعل مآبي عندك ومثواي، واحرسني في بلواي من إفتنان الامتحان، ولمة الشيطان، بعظمتك التى لا يشوبها ولع نفس بتفتين، ولاوارد طيف بتظنين، ولا يلم بها فرج حتى تقلبني إليك بارادتك غير ظنين ولا مظنون، ولامراب ولا مرتاب، إنك أنت أرحم الراحمين)([12])

ونجد نفس هذه المعاني السامية في قوله في دعاء الصباح والمساء المأثور عنه، والذي يقول فيه: (بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله وبالله، ومن الله والى الله، وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله، وتوكلت على الله، ولاحول ولاقوة الا بالله العلى العظيم. اللهم انى اسلمت نفسي اليك، ووجهت وجهي اليك، وفوضت امري اليك، اياك اسأل العافية من كل سوء في الدنيا والاخرة. اللهم انك تكفيني من كل احد ولا يكفينى احد منك، فاكفني من كل احد ما اخاف واحذر واجعل لي من امري فرجا ومخرجا، انك تعلم ولا اعلم، وتقدر ولا اقدر، وانت على كل شئ قدير، برحمتك يا ارحم الراحمين)([13])

وغيرها من الأدعية والأذكار الكثيرة التي يكفيك التأمل فيها ـ أيها المريد الصادق ـ في ترسيخ معارف التوكل في نفسك، فلا يمكنك أن تتوكل على الله إلا بعد ترسخها وثبوتها.

التوكل والسلوك:

أما الركن الثاني للتوكل، فهو السلوك الذي تدعو إليه المعرفة، وينسجم معها، وإياك أن تظن ـ أيها المريد الصادق ـ أن ذلك السلوك هو ما قام به من تركوا الأسباب جملة، وتوهموا أنهم من المتوكلين؛ فلا علاقة لذلك بالتوكل.

ولهذا ذم الله تعالى أولئك الذين كان بإمكانهم أن يخرجوا من الحال التي وجدوا أنفسهم عليها، لكنهم قصروا أو أبوا، قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً﴾ (النساء:97)

وهكذا يدعو الله تعالى عباده لاختيار البيئة المناسبة التي تساعدهم على أن يعيشوا حياتهم بصورة طبيعية، تمكنهم من عبادة ربهم، وأداء التكاليف التي كلفوا بها، قال تعالى: ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ﴾ (العنكبوت:56)، وقال: ﴿قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ (الزمر:10)

وقد ورد في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعث سريّة إلى خثعم، فاعتصم ناس منهم بالسّجود فأسرع فيهم القتل، فبلغ ذلك النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (أنا بريء من كلّ مسلم يقيم بين أظهر المشركين) ([14])

ولهذا أيضا ورد في الحديث عدم استجابة الله تعالى لدعاء من قدر على أن يخرج من البلاء، لكنه لم يفعل، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (إن أصنافا من أمتي لا يستجاب لهم دعاؤهم: رجل يدعو على والديه، ورجل يدعو على غريم ذهب له بماله فلم يكتب عليه ولم يشهد عليه، ورجل يدعو على امرأته وقد جعل الله عزّ وجلّ تخلية سبيلها بيده، ورجل يقعد في بيته ويقول: يا رب ارزقني، ولا يخرج ولا يطلب الرزق، فيقول الله عزّ وجلّ له: عبدي ألم أجعل لك السبيل إلى الطلب والتصرف في الأرض، بجوارح صحيحة، فتكون قد أعذرت فيما بيني وبينك في الطلب لاتباع أمري، ولكيلا تكون كلا على أهلك، فإن شئت رزقتك، وإن شئت قترت عليك، وأنت معذور عندي، ورجل رزقه الله مالا كثيرا فأنفقه ثم أقبل يدعو: يا رب ارزقني، فيقول الله عزّ وجلّ: ألم أرزقك رزقا واسعا، فهلا اقتصدت فيه كما أمرتك، ولم تسرف، وقد نهيتك عن الاسراف؟ ورجل يدعو في قطيعة رحم) ([15])

ولهذا حذر أئمة الهدى من تلك الظاهرة التي وقعت في المجتمعات الإسلامية نتيجة التأثر برهبان النصارى وغيرهم، حيث أصبح التدين مرتبطا بالقعود عن الرزق، انتظارا لفضل الله، فقد روي عن الإمام الصادق أنه سئل عن رجل قيل له: أصابته الحاجة، فقال: فما يصنع اليوم؟ قيل: في البيت يعبد ربه، قال: فمن أين قوته؟ قيل: من عند بعض إخوانه، فقال: (والله للذي يقوته أشد عبادة منه) ([16])

وقال: (لا تَدَع طلب الرزق من حلّه، فإنّه عون لك على دينك، واعقل راحلتك وتوكّل)([17])

وقد اتفق على هذا كل الحكماء، واعتبروا خلافه خلافا للسنة، وقد قال بعضهم في ذلك: (قد يظن أن معنى التوكل ترك الكسب بالبدن وترك التدبير بالقلب والسقوط على الأرض كالخرقة الملقاة، وكاللحم على الوضم، وهذا ظن الجهال، فإن ذلك حرام في الشرع، والشرع قد أثنى على المتوكلين، فكيف ينال مقام من مقامات الدين بمحظورات الدين؟)([18])

وقال آخر فيمن ترك الطلب والسعى، وتواكل بحجة أن الرزق يطلب العبد كما يطلبه أجله: (إن كانوا قعدوا ينبغى لهم أن يقوموا وأن ‏يطلبوا، تحرزا من الطمع وفساد القلب، فلا يضيع حق الزوجة والولد، برغم أن أرزاقهم على ‏اللَّه، فهذا تارك للسبيل والسنة، لقوله تعالى:﴿ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ (البقرة: 233)([19])

وقال آخر: (من طعن فى الحركة، فقد طعن فى السنة، ومن طعن فى التوكل فقد ‏طعن فى الإيمان، والتوكل حال النبى صلى الله عليه وآله وسلم، والكسب سنته، فمن بقى على ‏حاله فلا يتركن سنته)([20])

وقال آخر: (إن هناك أقواماً كثيرة يزعمون أن السعي للرزق يتعارض مع التوكل، وهم في الواقع إنما جهلوا حقيقة السنة وسر الأنبياء في كل زمان مما يرويه لنا القرآن)([21])

وقال آخر: (التوكل لا ينافي السبب: لأن التوكل هو الاعتماد على الله تعالى وهو من أعمال القلب، والسبب من أعمال الجوارح، فإذا كان الإنسان معتمدا بقلبه على الله تعالى يرى الأمور كلها من الله تعالى، ويعتقد أن الله تعالى يخلق الرزق عند السبب)([22])

ومما يروى في هذا أن بعض الزهاد فارق الأمصار وأقام في سفح جبل سبعا، وقال: لا أسأل أحدا شيئا حتى يأتيني ربي برزقي، فقعد سبعا، فكاد يموت ولم يأته رزق. فقال: يا رب إن أحييتنى فأتني برزقي الذي قسمت لي، وإلا فاقبضنى إليك، فأوحى اللّه جل ذكره إليه. وعزتي لا رزقتك حتى تدخل الأمصار وتقعد بين الناس.. فدخل المصر وقعد، فجاء هذا بطعام، وهذا بشراب، فأكل وشرب، وأوجس في نفسه من ذلك، فأوحى اللّه تعالى إليه: أردت أن تذهب حكمتى بزهدك في الدنيا. أما علمت أنى أن أرزق عبدي بأيدي عبادي أحب إلى من أن أرزقه بيد قدرتى.

وهكذا لو تتبعت ـ أيها المريد الصادق ـ سير الرسل عليهم السلام الواردة في القرآن الكريم تجد أنهم مع ما أتاح الله لهم من الكرامات والمعجزات، إلا أنهم لم يستخدموا تلك الصلاحيات في مواجهة أعدائهم، أو فيما يتعرضون له من البلاء، بل مارسوا أدوارهم الرسالية بجهودهم البشرية، ولم يدخلوا أي قوة غيبية فيها، حتى يكونوا أسوة لغيرهم.

فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي أسرى الله به إلى بيت المقدس في لحظات معدودات، وعرج به إلى السموات العلا في ليلة واحدة، لم يستعمل البراق، ولا أي وسيلة غيبية عندما هاجر إلى المدينة المنورة، بل هاجر إليها كسائر الناس، وتلقى من العناء ما تلقى حتى يكون أسوة لغيره من الدعاة.

وهكذا كان يقاوم هجمات أعدائه بما أتيح له من سلاح، ومن عدد قليل، وعدة قليلة، ولم يستعمل الوسائل الغيبية المتاحة له، إلا إذا أراد الله ذلك، ولذلك حصل نوع من الهزيمة يوم أحد، واستشهد عمه حمزة، وكان في الإمكان ألا يحصل ذلك كله لو أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استخدم ما أتيح له من ولاية تكوينية، ومن دعاء مستجاب، لكنه لم يفعل، لأن الله تعالى جعله أسوة للأمة، بل للبشر جميعا.

وقد ورد في الرواية أن بعضهم أنكر على الإمام السجاد حاجته وفاقته، وعدم قدرته على تسديد بعض حاجات المسلمين المادية، وقال: (عجبا لهؤلاء يدّعون مرّة أنّ السماء والأرض وكلّ شي‏ء يطيعهم، وأنّ الله لا يردّهم عن شي‏ء من طلباتهم، ثمّ يعترفون أخرى بالعجز عن إصلاح حال خواصّ إخوانهم)، فرد عليه الإمام السجاد بقوله: (هكذا قالت قريش للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: كيف يمضي إلى بيت المقدس ويشاهد ما فيه من آثار الأنبياء من مكّة ويرجع إليها في ليلة واحدة من لا يقدر أن يبلغ من مكة إلى المدينة إلّا في اثني عشر يوما؟! وذلك حين هاجر منها.. جهلوا والله أمر الله وأمر أوليائه معه، إنّ المراتب الرفيعة لا تنال إلّا بالتسليم لله جلّ ثناؤه، وترك الاقتراح عليه، والرضا بما يدبرهم به، إنّ أولياء الله صبروا على المحن والمكاره صبرا لم يساوهم فيه غيرهم، فجازاهم الله عزّ وجلّ عن ذلك بأن أوجب لهم نجح جميع طلباتهم، لكنّهم مع ذلك لا يريدون منه إلّا ما يريده لهم)([23])

ولذلك كانت التضحيات الرسالية هي النموذج المثالي الذي مارسه الأنبياء عليهم السلام وورثتهم من أئمة الهدى، حتى يكونوا أسوة للأجيال.

وإن شئت ـ أيها المريد الصادق ـ أن ترى مثالا عمليا لذلك، فانظر إلى الإمام الحسين وأصحابه في كربلاء، لترى مواقف التوكل وتفويض الأمر لله بصورتها المثالية الجميلة، والتي لا زالت إلى الآن نبراسا يشجع الرساليين على القيام بأدوارهم الإصلاحية، اقتداء بأبي الثوار، وسيد الشهداء.

ومن الأمثلة على ذلك ما روي عنه من مواقف قبيل شهادته، وبعد أن رأى بعينه ما رأى من مآس، فقد حدث أبو مخنف قال: بقي الحسين ثلاث ساعات من النهار ملطّخا بدمه رامقا بطرفه إلي السماء وينادني: (ياإلهي، صبرا علي قضائك، ولامعبود سواك، ياغياث المستغيثين)([24]

وفي تلك اللحظات الشديدة، دعا بابنه عبد الله، وهو صغير، فأجلسه في حجره، فرماه حرملة بن كاهل الأسدي بسهم فذبحه، فتلقي الحسين دمه حتّى امتلأت كفّه، ثمّ رمي به إلي السماء، وقال: (إلهي إن كنت حبست عنّا النصر، فاجعله لما هو خيرمنه، وانتقم لنا من الظالمين، واجعل ما حلّ بنا في العاجل ذخيرة لنا في الآجل)، وقد ذكر الإمام الباقر أنه (لم يسقط من ذلك الدم قطرة واحدة إلى الأرض)([25]

وقبل ذلك، وفي المدينة المنورة، وقبل مسيره إلى كربلاء، لتنفيذ الأمر الإلهي، زار قبر جدّه صلى الله عليه وآله وسلم، وراح يودعه، ويشكو إليه قائلاً: (السلام عليك يا رسول الله ! أنا الحسين بن فاطمة، أنا فرخك وابن فرختك، وسبطك في الخلف الذي خلفت على أمتك، فاشهد عليهم يا نبى الله. أنهم قد خذلوني وضيعوني وأنهم لم يحفظوني، وهذا شكواي إليك حتى ألقاك)، ثم وثب قائما وصف قدميه، ولم يزل راكعا وساجدا([26]).

فلما كانت الليلة الثانية خرج الى القبر أيضا فصلى ركعتين، فلما فرغ من صلاته جعل يقول: (اللهم إن هذا قبر نبيك محمد وأنا ابن بنت محمد وقد حضرني من الأمر ما قد علمت، اللهم وإني احب المعروف وأكره المنكر، وانا أسألك يا ذا الجلال والاكرام بحق هذا القبر ومن فيه ما اخترت من أمري هذا ما هو لك رضى) ([27]

وقد روي أنه غلبه النوم حينها؛ فرأى جدّه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد أقبلَ في كتيبة مِن الملائكة، فضمّه إلى صدره وقبّل ما بين عينيه، وهو يقول له: (يا بُني، كأنّي عن قريب أراك مقتولاً مذبوحاً بأرض كربٍ وبلاء، بين عصابة مِنْ أُمّتي، وأنت مع ذلك عطشان لا تُسقى، وظمآن لا تروى، وهم مع ذلك يرجون شفاعتي، مالهم لا أنالهم الله شفاعتي يوم القيامة؛ فما لهم عند الله من خلاق، حبيبي يا حسين إن أباك وأمك وأخاك قد قدموا علي وهم إليك مشتاقون، وإن لك في الجنة درجات لن تنالها إلا بالشهادة)([28]

و عن الإمام السجاد أنّه قال: لمّا أصبحت الخيل تقبل على الحسين، رفع يديه وقال: (اللهمّ أنت ثقتي في كلّ كرب، وأنت رجائي في كلّ شدّة، وأنت لي في كلّ أمر نزل بي ثقة وعدّة، كم من همّ يضعف فيه الفؤاد، وتقلّ فيه الحيلة، ويخذل فيه الصديق، ويشمت فيه العدّو، أنزلته بك، وشكوته إليك، رغبة منّي إليك عمّن سواك، ففّرجته وكشفته، فأنت وليّ كلّ نعمة، وصاحب كلّ حسنة، ومنتهي كلّ رغبة)([29]

وهذا كله يدل على مدى توكل الإمام الحسين على الله، وتفويضه الأمر إليه، وأنه لا يختلف في سلوكه ذلك عن سلوك إبراهيم، عندما قدم ولده قربانا لله، من دون أن يجزع أو يضجر.

هذا جوابي على أسئلتك ـ أيها المريد الصادق ـ فاسع لأن تنزل نفسك هذه المنزلة العظيمة، ليكفيك الله كل شؤونك في الدنيا والآخرة؛ فما فاز إلا من فوض أموره إلى ربه، وتوكل عليه في كل شيء، ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 3]


([1]) مدارج السالكين 2/، 143.

([2]) القشيري، الرسالة القشيرية، ص 131، 132.

([3]) عبد الله الهروي، منازل السائرين، ص 44.

([4]) الإمام الغزالي، إحياء علوم الدين، ج 4 ص 243.

([5]) رواه البخاري ومسلم.

([6]) رواه البخاري ومسلم.

([7]) رواه البخاري.

([8]) رواه البخاري ومسلم.

([9]) رواه مسلم وغيره.

([10]) رواه أبو داود، والترمذي وغيرهما.

([11]) مهج الدعوات: 48، بحار الأنوار 85: 214.

([12]) مهج الدعوات: 49، بحار الأنوار 85: 214.

([13]) مهج الدعوات: 157، بحار الأنوار 86: 313.

([14]) أبو داود حديث (2645)، الترمذي (1604)

([15]) الكافي: 5 / 67.

([16]) التهذيب 6: 324 / 889.

([17]) بحار الأنوار: 68/138، وأمالي الطوسي 1/196.

([18]) الإحياء: 4/265.

([19]) آداب المريدين وبيان الكسب، للحكيم الترمذى، ص168.

([20]) طبقات الصوفية، ص465.

([21]) الإمام عبد الحليم محمود، أستاذ السائرين الحارث بن أسد المحاسبي، ص 183.

([22]) حياة القلوب في كيفية الوصول إلى المحبوب (هامش قوت القلوب ج 2) ص 144.

([23])أمالي الصدوق: 367.

([24]) ينابيع المودة، ج 2، ص 417.

([25]) بحارالأنوار، ج 54، ص 74-46، وقد رُوي هذا الدعاء بعبارات أخرى منها: (ربّ أن تك حبست عنّا النصر من السماء، فاجعل ذلك لما هو خير، وانتقم لنا من هؤلاء الظالمين)، ومنها: (إلهي تري ماحلّ بنا في العاجل، فاجعل ذلك ذخيرة لنافي الآجل)، ومنها: (اللهمّ إن كنت حبست عنّا النصر، فاجعل ذلك لما هو خيرلنا)

([26]) الفتوح 5: 19،، وفيه بدل في الخلف (والثقل)، العوالم 17: 177.

([27]) مقتل الحسين للخوارزمي 1: 186.

([28]) الفتوح 5: 20.

([29]) تاريخ الأمم والملوك، ج 6، ص 350..

د. نور الدين أبو لحية

كاتب، وأستاذ جامعي، له أكثر من مائة كتاب في المجالات الفكرية المختلفة، وهو مهتم خصوصا بمواجهة الفكر المتطرف والعنف والإرهاب، بالإضافة لدعوته لتنقيح التراث، والتقارب بين المذاهب الإسلامية.. وهو من دعاة التواصل الإنساني والحضاري بين الأمم والشعوب.. وقد صاغ كتاباته بطرق مختلفة تنوعت بين العلمية والأكاديمية والأدبية.

You may also like...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *