إنفاق المخلصين

إنفاق المخلصين

كتبت إلي ـ أيها المريد الصادق ـ تسألني عن الإنفاق الذي دعت إليه النصوص المقدسة، وأوجبته، وأخبرت أنه من صفات المتقين؛ وهل له علاقة بتزكية النفس وترقيتها، أم أنه مرتبط بالجانب الاجتماعي، وتطهير المال مما قد يكون أصابه من الشبهات والحرام.

وجوابا على سؤالك الوجيه أذكر لك أن الإنفاق أنواع متعددة، وبحسبها يكون دوره..

فمن الناس من يخرج ما وجب عليه من مال، أو ما تطوع به منه رياء وسمعة، وطلبا للجاه، وامتلاك قلوب من أحسن إليهم؛ فهذا وإن كان قد قدم بإنفاقه خدمات لمجتمعه، إلا أنه أساء إلى نفسه كثيرا، ذلك أنه أضاف إليها أمراضا جديدة قد تكون أخطر من الأمراض التي كانت فيها.

وإلى هذا الصنف الإشارة بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا (38) وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا } [النساء: 38، 39]، وقال: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ} [التوبة: 54]

ومن الناس من يخرج ما وجب عليه من مال، دون أن يلتفت لشيء، ولا أن يكون له أي مقصد؛ فهذا قد يساهم بإنفاقه في تطهير بعض جوانب نفسه الأمارة إلا أنه لا يرقى لأن يؤدي دوره في التزكية أو الترقية الكاملة.

ومن الناس من ينفق ماله ابتغاء مرضاة الله، لعلمه بحب الله لذلك؛ فلذلك لا يلتفت لنفسه عند الإنفاق، ولا يؤذي من أعانهم، لأنه يعلم ذلك كله من الله؛ فهذا هو الذي ذكره الله تعالى، فقال: {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } [البقرة: 265]

وهذا هو الذي ينال جميع حظوظه من إنفاقه، سواء في الدنيا أو في الآخرة، وأولها تطهير نفسه، وتزكيتها، وترقيتها إلى المراتب الرفيعة للصالحين، كما قال تعالى: { الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } [البقرة: 274]، وقال: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } [آل عمران: 133، 134]

وأخبر عن دور الإنفاق في تطهير النفس الأمارة من مرض الشح والبخل الذي يتنافى مع القيم الإيمانية التي تدعو إلى الإيثار والتضحية وخدمة المجتمع، فقال: { وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9]

ولذلك تقترن التقوى مع الإنفاق، كما قال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [التغابن: 16]

ولهذا سميت الزكاة زكاة، لأنها تطهر صاحبها من خبث البخل الذي هو صفة من صفات النفس الأمارة، وتؤهله لصفة الكرم التي هي صفة من صفات النفس المطمئنة، وتؤهله بذلك لكل المكارم التي وردت النصوص المقدسة بها، والتي لا تشمل الآخرة فقط، بل تشمل الدنيا أيضا؛ فالإنفاق يزكي الدنيا والآخرة جميعا.

ومن تلك الأحاديث ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضرب (مثل البخيل والمتصدق كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد، قد اضطرت أيديهما إلى ثديهما وتراقيهما، فجعل المتصدق كلما تصدق بصدقة انبسطت عنه حتى تغشى أنامله وتعفو أثره، وجعل البخيل كلما هم بصدقة قلصت وأخذت كل حلقة بمكانها)([1])

فهذا الحديث يبين الأثر النفسي للإنفاق، وهو ذلك الانبساط والانشراح الذي يصيب النفس، ويجعلها مستعدة لتنزل كل المكارم، بخلاف نفس البخيل الضيقة التي تحول بين صاحبها، وبين تحليه بمكارم الأخلاق.

ولذلك أخبر صلى الله عليه وآله وسلم أن الإنفاق سبيل من سبل التقوى التي تحمي صاحبها من العقوبة، قال صلى الله عليه وآله وسلم: (اتقوا النار ولو بشق تمرة فإن لم تجد فبكلمة طيبة)([2])

وقال: (إن الصدقة لتطفىء عن أهلها حر القبور، وإنما يستظل المؤمن يوم القيامة فى ظل صدقته)([3])

وقال: (كل امرئ في ظل صدقته حتى يفصل بين الناس)([4])

وقال: (ما أحسن من محسن من مسلم ولا كافر إلا أثيب)، قلنا: يا رسول الله هذه إثابة المسلم قد عرفناها، فما إثابة الكافر؟ قال: (إذا تصدق بصدقة، أو وصل رحما، أو عمل حسنة أثابه الله بهذا المال والولد فى الدنيا، وعذاب دون العذاب فى الآخرة وقرأ { أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: 46])([5])

وأخبر صلى الله عليه وآله وسلم عن دور الإنفاق في إبعاد الشيطان الذي هو المدد الأكبر للنفس الأمارة؛ فقال مخاطبا أصحابه: (ألا أخبركم بشيءٍ إن أنتم فعلتموه تباعد الشيطان منكم، كما تباعد المشرق من المغرب ؟..قالوا: بلى، قال: (الصوم يسوّد وجهه، والصدقة تكسر ظهره، والحبّ في الله والموازرة على العمل الصالح يقطعان دابره، والاستغفار يقطع وتينه..ولكلّ شيءٍ زكاةٌ وزكاة الأبدان الصيام)([6])

وأخبر صلى الله عليه وآله وسلم عن فضل الله تعالى على المنفقين بدخول الجنة، فقال: (أيها الناس !..إنه لا نبي بعدي ولا أمة بعدكم، ألا فاعبدوا ربكم، وصلّوا خمسكم، وصوموا شهركم، وحجّوا بيت ربكم، وأدّوا زكاة أموالكم طيبة بها أنفسكم، وأطيعوا ولاة أمركم تدخلوا جنة ربكم)([7])

وقال: (ما من عبد ينفق من كل مال له زوجين في سبيل الله إلا استقبله حجبة الجنة، كلهم يدعوه إلى ما عنده) قلت: وكيف ذلك؟ قال: (إن كانت إبلا فبعيرين وإن كانت بقرا فبقرتين) ([8])

وأخبر صلى الله عليه وآله وسلم عن فضل الله تعالى على المنفقين بالتعويض عليهم في الدنيا قبل الآخرة، فقال: (ما نقص مال من صدقة ـ أو قال: ما نقصت صدقةٌ ـ من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع عبد لله إلا رفعه)([9])

وقال: (صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفىء غضب الرب، وصلة الرحم تزيد فى العمر) ([10])

وقال: (ما من يوم يصبح فيه العباد إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا. ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا) ([11])

وقال: (لا تزال أمتي بخيرٍ ما تحابّوا، وتهادوا، وأدّوا الأمانة، واجتنبوا الحرام، وقروا الضيف، وأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة..فإذا لم يفعلوا ذلك ابتلوا بالقحط والسنين)([12])

وقال الإمام الباقر: (في كتاب الإمام علي: (إذا منعوا الزكاة، منعت الأرض بركتها من الزرع والثمار والمعادن كلها)([13])

وقال الإمام الصادق: (حصّنوا أموالكم بالزكاة، وداووا مرضاكم بالصدقة، وما تلف مالٌ في برٍّ ولا بحرٍ إلا بمنع الزكاة)([14])

وقال: (إنّ لله بقاعاً تسمى المنتقمة، فإذا أعطى الله عبداً مالاً لم يُخرج حقّ الله عزّ وجلّ منه، سلّط الله عليه بقعةً من تلك البقاع، فأتلف ذلك المال فيها ثم مات وتركها)([15])

وأخبر صلى الله عليه وآله وسلم عن دور الصدقة في صحة صاحبها، فقال: (إن صدقة المسلم تزيد فى العمر، وتمنع ميتة السوء، ويذهب الله بها الكبر والفخر) ([16])

وقال: (داووا مرضاكم بالصدقة، وادفعوا أبواب البلاء بالدعاء، وحصّنوا أموالكم بالزكاة، فإنه ما يصاد ما تصيد من الطير إلا بتضييعهم التسبيح)([17])

وقال: (إذا أردت أن يثري الله مالك فزكّه، وإذا أردت أن يصحّ الله بدنك، فأكثر من الصدقة)([18])

بالإضافة إلى ذلك كله، فقد ورد ما يدل على استجابة الله تعالى للمحتاج إن دعا للمنفق عليه، ولذلك كان الإمام السجاد يقول للمنفقين: (إذا أعطيتموهم فلقّنوهم الدعاء فإنّهم يستجاب لهم فيكم ولا يستجاب‏ لهم في أنفسهم)([19])

إذا عرفت هذا ـ أيها المريد الصادق ـ وتحركت همتك لما ورد في النصوص المقدسة من جزاء المنفقين؛ فاعلم أن ذلك الجزاء يستدعي التقيد بما ورد في الشريعة من الآداب والأخلاق حتى لا تتدخل الأهواء ومعها الشياطين ليصبح الإنفاق وسيلة للنزول لمدارك النفس الأمارة، بدل الترقي إلى منازل النفس المطمئنة.

ومن خلال استقراء ما ورد في النصوص المقدسة من تلك الآداب، وجدت أنها ثلاثة، أولها مرتبط بالمنفق، وثانيها بالمنفق عليه، وثالثها بالنفقة.

الإخلاص والتجرد:

أما الأول، وهو المرتبط بالمنفق؛ فهي آداب كثيرة، لكنها تقوم جميعا على الإخلاص والتجرد لله تعالى، والابتعاد عن كل دواعي العجب والغرور والكبر، والتي تنضح بعد ذلك بكل أصناف العدوان على المنفق عليهم من المن والأذى وغيرهما.

ولذلك فإن الصالحين يشعرون أثناء إنفاقهم أنهم لا يسلمون المال للمستحقين من الفقراء والمساكين وغيرهم، وإنما يسلمونه لله تعالى، كما ورد في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (ما تصدق أحدٌ بصدقة من طيب ـ ولا يقبل الله إلا الطيب ـ إلا أخذها الرحمن بيمينه، وإن كانت تمرة، فتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله)([20])

وفي رواية: (حتى إن اللقمة لتصير مثل أحد، وتصديق ذلك في كتاب الله {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } [التوبة: 104] {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} [البقرة: 276])([21])

وقال الإمام الباقر: (قال الله تبارك وتعالى: أنا خالق كلّ شيءٍ، وكلت بالأشياء غيري إلا الصدقة، فإني أقبضها بيدي.. حتى أنّ الرجل أو المرأة يتصدّق بشقة التمرة، فأربيها له كما يربي الرجل منكم فصيله وفلوه، حتى أتركه يوم القيامة أعظم من أُحد)([22])

وبذلك؛ فإن المنفق المخلص يشعر أنه يعطي المال لصاحبه وهو الله تعالى، ثم يعيد الله تعالى ذلك المال على المستحق منّا منه وكرما.. وبذلك يشعر أن الله تعالى هو الذي أعطى الفقير، لا يده، ولا حوله، ولا قوته..

وهذا ما دل عليه القرآن الكريم؛ فالله تعالى اعتبر إنفاق المنفقين قرضا منهم له، قال تعالى: {إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ} [التغابن: 17]

ولذلك أخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن استحباب تسليم الصدقة مباشرة إلى الفقير من غير واسطة، ففي الحديث عنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: (خصلتان لا أحبّ أن يشاركني فيهما أحدٌ: وضوئي فإنه من صلاتي.. وصدقتي من يدي إلى يد سائلٍ، فإنها تقع في يد الرحمن)([23])

ويروى أن الإمام السجاد كان إذا أعطى السائل قبّل يده؛ فقيل له: لِمَ تفعل ذلك ؟..قال: (لأنها تقع في يد الله قبل يد العبد)، وقال: (ليس من شيءٍ إلا وكل به ملك إلا الصدقة، فإنها تقع في يد الله)([24])

ولهذا أخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن شرف السائل، وكونه سفيرا ورسولا لله تعالى، وذلك ما يستدعي إكرامه والتعامل الحسن معه، قال صلى الله عليه وآله وسلم: (السائل رسول ربّ العالمين، فمن أعطاه فقد أعطى الله، ومن ردّه فقد ردّ الله)([25])

ولهذا يشعر المنفق بمنة الله عليه بالمنفق عليه، وقد قال الإمام علي: (من علم أنّ ما صنع إنّما صنع إلى نفسه لم يستبط الناس في شكرهم ولم يستزدهم في‏ مودّتهم إيّاه فلا تلتمس من غيرك شكر ما أتيت إلى نفسك ووقيت به عرضك، واعلم أنّ الطالب إليك الحاجة لم يكرم وجهه عن وجهك فأكرم وجهك عن ردّه)([26])

وقد ذكر بعض الحكماء علامة على هذه المرتبة الرفيعة، فقال: (اعلم أنّ له علامة دقيقة واضحة وهو أن يقدّر أنّ الفقير لو جنى عليه جناية أو مالأ عدوّا له عليه مثلا هل كان يزيد استنكاره واستبعاده له على استنكاره قبل التصدّق، فإن زاد فلم تخل صدقته عن شائبة المنّة لأنّه توقّع بسببه ما لم يكن يتوقّعه قبل ذلك)

ولهذا كان بعض الصالحين يضع الصدقة بين يدي الفقير ويمثّل قائما بين يديه يسأله قبولها حتّى يكون هو في صورة السائلين وهو يستشعر مع ذلك كراهية لو ردّه.. وكان بعضهم يبسط كفّه ليأخذ الفقير ويكون يد الفقير هي العليا([27])..

وتذكر هذه المعاني، والتفاعل معها هو الذي يحمي المنفق من الشعور بالعجب والكبر وغيرها، والتي تحمله على المن والأذى الذي يفسد نفقته، ويفسد معها نفسه، فيملأها بأنواع الموبقات؛ ولهذا وصف الله تعالى المنفقين المخلصين بعدم المن والأذى، واعتبر ذلك نتيجة لإيمانهم وإخلاصهم، فقال: { مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } [البقرة: 261، 262]

ولذلك ورد في الحديث أن من أنفق رياء أو سمعة سيكون حظه من ذلك الإنفاق ما يناله من ثناء الناس في الدنيا، وليس له حظ في الآخرة، قال صلى الله عليه وآله وسلم: (إن أول الناس يقضي عليه يوم القيامة ثلاثة.. ومنهم رجل وسع الله عليه، وأعطاه من أصناف المال كله، فأتى به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها ؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال: كذبت ولكنك فعلت ليقال جواد، فقد قيل، فسحب على وجهه، ثم ألقي في النار)([28])

ولذلك يجتهد المنفق المخلص إلى الإسرار بنفقته تجنبا لإذية المنفَق عليه، وهربا من الرياء والسمعة المفسدة للعمل، كما أشار إلى ذلك قوله تعالى: {نْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 271]

وقد ورد في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (أفضل الصدقة جهد المقلّ إلى فقير في سرّ)([29]).

وقال: (إنّ العبد ليعمل عملا في السرّ فيكتبه الله سرّا؛ فإن أظهره نقل من السرّ وكتب في العلانية؛ فإن تحدّث به نقل من السرّ والعلانية وكتب رياء)([30])

وقال: (سبعة يظلّهم الله في ظلّه يوم لا ظلّ إلّا ظلّه.. أحدهم رجل تصدّق بصدقة فلم تعلم شماله بما أعطته يمينه)([31])

وقال: (صدقة السرّ تطفئ غضب الربّ تعالى)([32]

ولهذا يجتهد الصالحون في إخفاء صدقاتهم حرصا على الأجور العظيمة المرتبطة بنفقة السر، وقد قال بعضهم يصف ذلك: (بالغ في فضل الإخفاء جماعة حتّى اجتهدوا أن لا يعرف القابض المعطي، فكان بعضهم يلقيه في يد أعمى، وبعضهم يلقيه في طريق الفقير وفي موضع جلوسه حيث يراه ولا يرى المعطي، وبعضهم كان يصرّه في ثوب الفقير وهو نائم، وبعضهم كان يوصل إلى يد الفقير على يد غيره بحيث لا يعرف المعطي، وكان يستكتم المتوسّط شأنه ويوصيه بأن لا يفشيه، كلّ ذلك توصلا إلى إطفاء غضب الربّ واحترازا من الرياء والسمعة) ([33])

لكن الأحسن من كل ذلك تسليمه للموثوق بهم من الجمعيات الخيرية، التي تتولى تقسيم الصدقات على الفقراء والمساكين بحسب استحقاقهم، ذلك أن من النتائج السلبية لكتمان النفقة، أن الكثير من المنفقين قد يتوجه بنفقته نحو فقير واحد، وهو ما يحرم غيرهم.

لكن ذلك ـ أيها المريد الصادق ـ ليس على إطلاقه؛ فقد تقتضي المصلحة أن يعلن المنفق بنفقته، لكن لا للفقير أو المحتاج، وإنما للوسائط التي توصل النفقة لهم.

ومن أهم تلك المصالح الدعوة إلى الانفاق على تلك المحال الشرعية، وخاصة إن كانت واجبة كالزكاة ونحوها، كما روي عن الإمام الصادق أنه قال: (كلّ ما فرض الله عليك فإعلانه أفضل من إسراره، وكلّ ما كان تطوّعا فإسراره أفضل من إعلانه، فلو أنّ رجلا حمل زكاة ماله على عاتقه علانية كان ذلك حسنا جميلا)([34]

واعلم ـ أيها المريد الصادق ـ أنك إن عجزت عن أن يكون لك مال تنفقه في سبيل الله؛ فقد جعل الله لك لسانا يمكنك أن تستخدمه في الدعوة لإطعام المساكين، فقد اعتبر الله تعالى المقصر في ذلك مكذبا بالدين، فقال: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ } [الماعون: 1 – 3]

وقرنه بالذي لا يؤمن بالله تعالى، فقال: {إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (34) فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ } [الحاقة: 33 – 35]

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من مشى بصدقةٍ إلى محتاجٍ، كان له كأجر صاحبها من غير أن ينقص من أجره شيءٌ)([35])

وقال الإمام الصادق: (المعطون ثلاثة: الله ربّ العالمين، وصاحب المال، والذي يجري على يديه)([36])

وقال: (لو جرى المعروف على ثمانين كفّاً، لأوجروا كلهم من غير أن ينقص عن صاحبه من أجره شيئاً)([37])

وهكذا يمكنك أن تنفق مما آتاك الله من علم أو صنعة أو خبرة أو غيرها؛ فالإنفاق لا يقتصر على المال فقط، حتى لا يحتج أي محتج بعدمه، وإنما تشمل كل شيء، وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (زكاة العلم تعليمه من لا يعلمه)([38])

وقال الإمام الصادق: (لكلّ شيءٍ زكاةٌ، وزكاة العلم أن يعلّمه أهله)([39])

وأشار إلى أنواع كثيرة من الزكاة والصدقات، فقال: (على كلّ جزءٍ من أجزائك زكاةٌ واجبةٌ لله عزّ وجلّ، بل على كلّ شعرةٍ، بل على كلّ لحظةٍ؛ فزكاة العين: النظر بالعبرة، والغضّ عن الشهوات وما يضاهيها. وزكاة الأذن: استماع العلم، والحكمة، والقرآن، وفوائد الدين من الحكمة والموعظة والنصيحة، وما فيه نجاتك بالإعراض عما هو ضده من الكذب والغيبة وأشباهها. وزكاة اللسان: النصح للمسلمين، والتيقّظ للغافلين، وكثرة التسبيح والذكر وغيره. وزكاة اليد: البذل والعطاء والسخاء بما أنعم الله عليك به، وتحريكها بكتبة العلوم، ومنافع ينتفع بها المسلمون في طاعة الله تعالى، والقبض عن الشرور. وزكاة الرجل: السعي في حقوق الله تعالى من زيارة الصالحين، ومجالس الذكر، وإصلاح الناس، وصلة الرحم، والجهاد، وما فيه صلاح قلبك، وسلامة دينك. هذا مما يحتمل القلوب فهمه، والنفوس استعماله، وما لا يشرف عليه إلا عباده المقرّبون المخلصون أكثر من أن يحصى، وهم أربابه وهو شعارهم دون غيرهم)([40])

ويشير إلى كل هذا ما ورد في الحديث أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالوا: يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور، يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم. قال: (أو ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون به؟ إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمرٌ بالمعروف صدقةٌ، ونهيٌ عن منكر صدقةٌ)([41])

الاستحقاق والحاجة:

وأما الثاني، وهو المرتبط بالمنفق عليه؛ فهي تحتاج من المنفق أن يبحث عن أولى الجهات وأكثرها حاجة لنفقته، ذلك أنه كلما اجتهد في وضعها في محلها الصحيح، كانت أكثر بركة عليه.

ولذلك قد لا يؤتى المنفق من جهة إخلاصه وتجرده لله تعالى، ولكنه يؤتى من الجهة التي أنفق عليها؛ ذلك أنه قد يعطي ماله للظلمة والمستكبرين؛ فيقوي بذلك شوكتهم، ويكون سندا لهم في ظلمهم.. وقد يعطيها لمن لهم القدرة على العمل؛ فيدعوهم بذلك إلى الكسل.

ولهذا عندما جاء بعض الصحابة يسأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لم يعطه، لأنه رآه قويا قادرا على العمل، ولذلك قال له: (أما في بيتك شيء؟) قال: بلى، حلس نلبس بعضه ونبسط بعضه، وقعب نشرب فيه من الماء، قال: (ائتني بهما) فأتاه بهما، فأخذهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيده، وقال: (من يشتري هذين؟) قال رجل: أنا آخذهما بدرهم، قال: (من يزيد على درهم؟). مرّتين أو ثلاثا. قال رجل: أنا آخذهما بدرهمين، فأعطاهما إيّاه، وأخذ الدّرهمين وأعطاهما الأنصاريّ، وقال: (اشتر بأحدهما طعاما فانبذه إلى أهلك، واشتر بالآخر قدّوما فأتني به) فأتاه به، فشدّ فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عودا بيده ثمّ قال له: (اذهب فاحتطب وبع، ولا أرينّك خمسة عشر يوما)، فذهب الرّجل يحتطب ويبيع، فجاء وقد أصاب عشرة دراهم، فاشترى ببعضها ثوبا وببعضها طعاما. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (هذا خير لك من أن تجيء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة، إنّ المسألة لا تصلح إلّا لثلاثة: لذي فقر مدقع، أو لذي غرم مفظع، أو لذي دم موجع) ([42])

لذلك؛ فإن من علامات إخلاص المنفق اجتهاده في البحث عن الجهات المستحقة، والتي يمكن أن يساهم الإنفاق لها في سد حاجتها، وأدائها لدورها المنوط بها، سواء كان ذلك أشخاصا، أو جهات خيرية، أو غيرهما.

ذلك أن مقاصد الإنفاق لا ترتبط فقط بتطهير المنفق من أمراضه النفسية، وإنما تقوم بتطهير المجتمع أيضا من الأمراض التي تصيبه جراء الشح والبخل.. ولذلك كان أولى الجهات بالإنفاق عليها الأقربون الذي وكل أمر رعايتهم للمنفق؛ فلا يصح أن يتركهم المنفق، ويذهب للأبعدين، لأنه قد يكون لهم من المنفقين من يسد حاجتهم.

ففي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (دينارٌ أنفقته في سبيل الله، ودينارٌ أنفقته في رقبة، ودينارٌ تصدقت به على مسكين ودينارٌ أنفقته على أهلك أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك)([43])

وقال: (أفضل دينار ينفقه الرجل دينارٌ ينفقه على عياله، ودينارٌ ينفقه على دابته في سبيل الله، ودينارٌ ينفقه على أصحابه في سبيل الله) ([44])

وقال: (إن المسلم إذا أنفق على أهله نفقة وهو يحتسبها ـ كانت له صدقة)([45])

وقال: (ما أطعمت نفسك فهو لك صدقةٌ، وما أطعمت ولدك فهو لك صدقةٌ، وما أطعمت زوجتك فهو لك صدقةٌ، وما أطعمت خادمك فهو لك صدقةٌ)([46])

وقال: (يد المعطي العليا، وابدأ بمن تعول أمك وأباك وأختك وأخاك ثم أدناك فأدناك)([47])

بل ورد التشدد على من يترك قرابته، وينفق على الأبعدين، ففي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (والذي بعثني بالحق لا يعذب الله يوم القيامة من رحم اليتيم، ولان له في الكلام ورحم يتمه وضعفه، ولم يتطاول على جاره بفضل ما آتاه الله، يا أمة محمد، والذي بعثني بالحق لا يقبل الله صدقة من رجل، وله قرابةٌ محتاجون إلى صلة، ويصرفها إلى غيرهم، والذى نفسي بيده لا ينظر الله إليه يوم القيامة)([48])

وأخبر صلى الله عليه وآله وسلم عن الأجر المضاعف الذي يناله المنفق على قرابته، ففي الحديث عن زينب امرأة ابن مسعود أنها عندما سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (تصدقن يا معشر النساء ولو من حليكن) قالت لزوجها ابن مسعود: إنك خفيف ذات اليد، وإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمرنا بالصدقة، فاسأله فإن كان يجزه عني وإلا صرفتها إلى غيركم. فقال عبد الله: بل ائتيه أنت. فانطلقت فإذا امرأةٌ من الأنصار بباب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حاجتي حاجتها، وكان قد ألقيت عليه المهابة فخرج علينا بلالٌ فقلنا له: ائت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبره أن امرأتين بالباب تسألانك: أتجزئ الصدقة عنهما على أزواجهما وعلى أيتام في حجورهما؟ ولا تخبره من نحن فسأله بلالٌ فقال له: (أي الزيانب؟) قال: امرأة عبد الله. فقال له: (لهما أجران: أجر القرابة، وأجر الصدقة) ([49])

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة فلها أجرها بما أنفقت، وللزوج بما اكتسب، وللخازن مثل ذلك، لا ينقص بعضهم أجر بعض شيئا)([50])

وعن معن بن يزيد قال: كان أبي أخرج دنانير يتصدق بها فوضعها عند رجل في المسجد، فأعطانيها ولم يعرف، فأتيته بها فقال أبي: والله ما إياك أردت. فخاصمته إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (لك ما نويت يا يزيد ولك ما أخذت يا معن) ([51])

ومثل ذلك نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن ينفق الشخص كل ماله، ثم يبقى يتسول الناس، ففي الحديث عن جابر قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ جاءه رجلٌ بمثل البيضة من ذهب، فقال: (يا رسول الله أصبت هذا من معدن، فخذها فهي صدقةٌ ما أملك غيرها)، فأعرض عنه صلى الله عليه وآله وسلم، ثم قال مثل ذلك من قبل يمينه فأعرض عنه، ثم من يساره فأعرض عنه، ثم قال: (يأتي أحدكم بجميع ما يملك فيقول هذه صدقةٌ، ثم يقعد يستكف الناس! خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى)([52])

لكن ذلك لا يعني ـ أيها المريد الصادق ـ أن ينفق الشخص على أهله وأقاربه من الأمور الكمالية التي لا يحتاجون لها في نفس الوقت الذي يجد غيره محتاجا مضطرا لأبسط الضرورات؛ فذلك ليس من المروءة، وليس ما عنته تلك الأحاديث الشريفة.

ولذلك روي عن بعض الصالحين أنه سئل: كم يجب من الزكاة في مائتي درهم، فقال: (أمّا على العوام بحكم الشرع فخمسة دراهم، وأمّا نحن فيجب علينا بذل الجميع)([53])

وروي عن الإمام الصادق أنه سئل: في كم تجب الزكاة من المال؟ فقال: (الزكاة الظاهرة أم الباطنة تريد؟) فقال: أريدهما جميعا، قال: (أمّا الظاهرة ففي كلّ ألف خمسة وعشرون، وأمّا الباطنة فلا تستأثر على أخيك بما هو أحوج إليه منك)([54]

وروي أنه تلا قوله تعالى: { وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا } [الفرقان: 67]، ثم أخذ قبضة من حصى وقبضها بيده، فقال: (هذا الإقتار الّذي ذكره الله في كتابه)، ثمّ أخذ قبضة أخرى فأرخى كفّه، ثمّ قال: (هذا الإسراف)، ثمّ أخذ قبضة أخرى فأرخى بعضها وأمسك‏ بعضها وقال: هذا القوام) ‏([55])

ولهذا، فإن من علامة المنفقين المخلصين ترصد الحاجات، واعتبارها مواسم للخيرات؛ فلذلك لا يكون قصدهم من الادّخار التنعّم، وإنما انتظار الفرق التي يضعون فيها أموالهم في محالها المناسبة لها، ولو لم توجبها الزكاة.

وقد قال الإمام الصادق يشير إلى هذا: (أنّ الزكاة ليس يحمد بها صاحبها، وإنّما هو شي‏ء ظاهر، إنّما حقن بها دمه وسمّي مسلما، ولو لم يؤدّها لم تقبل له صلاة، وإنّ عليكم في أموالكم غير الزّكاة)، فقيل له: أصلحك الله وما علينا في أموالنا غير الزكاة؟ فقال: (سبحان الله، أما تسمع الله تعالى يقول في كتابه: { وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ } [المعارج: 24، 25]، فقيل له: فما ذا الحقّ المعلوم الّذي علينا؟ قال: (هو والله الشي‏ء يعمله الرّجل في ماله يعطيه في اليوم أو في الجمعة أو الشهر قلّ أو كثر غير أنّه يدوم عليه)، وقوله تعالى: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: 7] قال: هو القرض تقرضه والمعروف تصنعه ومتاع البيت تعير، ومنه الزكاة، فقيل له: إنّ لنا جيرانا إذا أعرناهم متاعنا كسروه وأفسدوه فعلينا جناح أن نمنعهم؟ فقال: لا ليس عليكم جناح أن تمنعوهم إذا كانوا كذلك، فقيل له: { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا } [الإنسان: 8] قال: ليس من الزكاة، فقيل له: قوله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً} [البقرة: 274] قال: ليس من الزكاة، فقيل له: قوله: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ } [البقرة: 271] قال: ليس من الزكاة، وصلتك قرابتك ليس من الزكاة)([56])

وقال: (إنّما أعطاكم الله هذه الفضول من الأموال لتوجّهوها حيث وجّهها الله عزّ وجلّ، ولم يعطكموها لتكنزوها) ‏([57])

ومن أهم الوجوه التي يحرص الصالحون على توجيه الأموال إليها ما يخدم العلم وأهله وطلبته أو أساتذته المتفرغين له، والذين لا يجدون الوقت الكافي للاشتغال بما يشتغل به سائر الناس، وقد روي في هذا عن بعض الصالحين أنه قال: من الأغنياء أنه كان يخصّص بمعروفه أهل العلم، فقيل له: لو عممت؟ فقال: (إنّي لا أعرف بعد مقام النبوّة أفضل من مقام العلماء، فإذا اشتغل قلب أحدهم بحاجته لم يتفرّغ للعلم ولم يقبل على التعلّم، فتفريغهم للعلم أفضل)

ومنها البحث عن الصالحين من الفقراء؛ حتى يكون ذلك تشجيعا على التقوى، وحتى لا يصرف الفقير الفاسد ماله في فساده، وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (أطعموا طعامكم الأتقياء وأولوا معروفكم المؤمنين)، وفي رواية: (أضف بطعامك من تحبّه بالله) ([58])

وهذا ليس مطلقا؛ فالصدقة تجوز للفقير مهما كان دينه([59])، وخاصة إن كان من المؤلفة قلوبهم، أولئك الذين قصدهم الله تعالى بقوله: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: 8]

وقد ذكر الله تعالى ما فعله الأبرار من إطعامهم بعض من ليسوا بمؤمنين، فقال: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا } [الإنسان: 8، 9]

الطيبة والجودة:

وأما الثالث، وهو المرتبط بالنفقة نفسها؛ فقد أشار الله تعالى إليه بقوله: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ } [آل عمران: 92]

وقد روي في بيانها وتطبيقها في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن بعض الصحابة من الأنصار كان كثير المال، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، فلما نزلت الآية الكريمة، قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إن الله يقول في كتابه: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}، وإن أحب أموالي إلي بيرحاء، وإنها صدقة لله، أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله، حيث شئت، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (بخ، ذلك مال رابح، ذلك مال رابح، قد سمعت ما قلت فيها، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين) ([60])

ولهذا اعتبر الله تعالى الإنفاق من المال الخبيث الذي تعافه النفس نوعا من البخل، قال تعالى: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ } [البقرة: 267]

ثم قال بعدها يشير إلى علاقة ذلك الإنفاق بالبخل: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 268]

ومثل ذلك ما أشار إليه قوله تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ } [النحل: 62]

وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (سبق درهمٌ مائة ألف درهم) قالوا: وكيف؟ قال: (كان لرجل درهمان فتصدق بأجودهما، وانطلق رجلٌ إلى عرض ماله فأخذ منه مائة ألف درهم فتصدق بها)([61]

وروي أنه صلى الله عليه وآله وسلم خرج، وبيده عصا، وقد علق رجلٌ قنو حشف فجعل يطعن في ذلك القنو فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (لو شاء رب هذه الصدقة تصدق بأطيب من هذا، إن رب هذه الصدقة يأكل حشفا يوم القيامة) ([62])

وروي أن عائشة أرادت أن تتصدق بلحم منتن، فقال لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أتتصدقين بما لا تأكلين؟)([63]

وفي رواية قالت: أهدي للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ضب فلم يأكله، فقلت: ألا نطعمه المساكين؟ قال: (لا تطعموهم ما لا تأكلون) ([64]

وقد قال بعض الحكماء مشيرا إلى بشاعة ذلك: (وإذا لم يكن المخرج من جيّد المال فهو من سوء الأدب إذ يمسك الجيّد لنفسه أو أهله فيكون قد آثر على الله غيره ولو فعل هذا بضيفه وقدّم إليه أردى طعام في بيته لأوغر به صدره، هذا إن كان نظره إلى الله وإن كان نظره إلى نفسه وثوابه في الآخرة فليس بعاقل من يؤثر غيره على نفسه، وليس له من ماله إلّا ما تصدّق فأبقى أو أكل فأفنى والّذي يأكله قضاء وطرفي الحال، فليس من العقل قصور النظر على العاجلة وترك الادّخار، فلا تؤثروا به ربّكم) ([65])

واعلم ـ أيها المريد الصادق ـ أن أطيب الصدقة هي الصدقة الحلال؛ فالله تعالى أكرم من أن يقبل الحرام، وقد ورد في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ} (المؤمنون:51)، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) (البقرة:172)، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك) ([66])

وقال: (إنه لا دين لمن لا أمانة له ولا صلاة ولا زكاة، إنه من أصاب مالا من حرام فلبس جلبابا يعني قميصا لم تقبل صلاته حتى ينحي ذلك الجلباب عنه؛ إن الله تبارك وتعالى أكرم وأجل من أن يقبل عمل رجل أو صلاته وعليه جلباب من حرام) ([67])

وقال: (من اشترى ثوبا بعشرة دراهم وفيه درهم من حرام لم يقبل الله عز وجل له صلاة ما دام عليه) ([68])

وقال: (من جمع مالا حراما ثم تصدق به لم يكن له فيه أجر وكان إصره عليه) ([69])

وقال: (من كسب مالا حراما فأعتق منه ووصل منه رحمه كان ذلك إصرا عليه) ([70])

وقال: (إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم، وإن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الدين إلا لمن يحب، ومن أعطاه الله الدين فقد أحبه، والذي نفسي بيده لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه ولسانه، ولا يؤمن حتى يأمن جاره بوائقه، قالوا: وما بوائقه يا رسول الله؟ قال: (غشه وظلمه، ولا يكسب عبد مالا من حرام فيتصدق منه فيقبل منه ولا ينفق منه فيبارك له فيه ولا يتركه خلف ظفره إلا كان زاده إلى النار، إن الله تعالى لا يمحو السيئ بالسيئ، ولكن يمحو السيئ بالحسن، إن الخبيث لا يمحو الخبيث)([71])

واعلم ـ أيها المريد الصادق ـ أن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها؛ فلذلك لا تحتقر ما تنفقه حتى لو كان قليلا إن لم يكن لديك إلا ذلك القليل؛ فقد روي أنه جاء ثلاثة نفر إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: أحدهم كانت لي مائة دينار، فتصدقت منها بعشرة، وقال آخر: كانت لي عشرة، فتصدقت بواحدة، وقال الآخر: كان لي دينارٌ، فتصدقت بعشره، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (كلكم في الأجر سواءٌ، كلكم تصدق بعشر ماله) ([72]

وروي أن سائلا جاء ابن عباس، فقال له: أتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله؟ قال: نعم. قال: وتصوم؟ قال: نعم. قال: سألت، وللسائل حقٌ، إنه لحقٌ علينا أن نصلك فأعطاه ثوبا ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (ما من مسلم يكسو مسلما ثوبا إلا كان في حفظ الله ما دام عليه خرقةٌ منه) ([73]

هذا جوابي على سؤالك ـ أيها المريد الصادق ـ فاحرص على هذا الباب من أبواب الخير، وتخلق فيه بأخلاق الصالحين، واعلم أن كل درهم أو دينار أنفقته في سبيل الله، وعلى المنهج الذي علمنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأئمة الهدى من بعده، سيكون له أثره في تطهير نفسك وتزكيتها وترقيتها إلى مراتب المتقين المخلصين.

وليس ذلك ما تراه من ثوابه فقط، بل سيمثل لك يوم القيامة، وقد ربي أحسن تربية، وتمثل في أحسن صورة، وكان شفيعا لك عند ربك، وجزءا من نعيمك في جنتك.


([1]) البخاري (5797)، ومسلم (1021)

([2]) البخاري (1417)، ومسلم (1016)

([3]) الطبراني 17/286 (788)

([4]) أحمد 4/147، وأبو يعلى 3/300- 301 (1766)، والطبراني 17/280 (771)

([5]) البزار في (البحر الزخار) 4/284 (1454)

([6]) أمالي الصدوق ص37.

([7]) بحار الأنوار: 93/13، والخصال 1/156.

([8]) النسائي 6/48-49، والدارمي (2403)

([9]) مسلم (2588)

([10]) الطبراني 8/261 (8014)

([11]) البخاري (1442)، ومسلم (1010)

([12])العيون 2/29.

([13])العلل 2/271.

([14])ثواب الأعمال ص42.

([15])أمالي الصدوق 22.

([16]) الطبراني 17/22-23 (31)

([17])قرب الإسناد ص74.

([18]) بحار الأنوار: 93/23، وأعلام الدين.

([19]) عدة الداعي ص 44.

([20]) البخاري (1410)،ومسلم (1014)

([21]) الترمذي (662)

([22]) تفسير العياشي 1/153.

([23])تفسير العياشي 2/108.

([24]) تفسير العياشي 2/108.

([25])دعائم الإسلام 1/241 ـ 244.

([26]) الكافي، ج 4 ص 28.

([27]) المحجة البيضاء في تهذيب الإحياء، ج‏2، ص: 88.

([28]) رواه مسلم، 3/1514

([29]) رواه أحمد والطبراني في الكبير كما في مجمع الزوائد ج 5 ص 115.

([30]) قال العراقي: أخرج نحوه الخطيب في التأريخ.

([31])البخاري، ج 2 ص 131، ومسلم ج 3 ص 93، والصدوق في الخصال ج 2 ص 2.

([32]) الكافي ج 4 ص 7، والتهذيب ج 1 ص 378.

([33]) المحجة البيضاء في تهذيب الإحياء؛ ج‏2؛ ص88 .

([34]) الكافي ج 3 ص 501، والتهذيب ج 1 ص 378.

([35]) أمالي الصدوق ص259.

([36]) الخصال 1/66.

([37]) ثواب الأعمال ص127.

([38]) بحار الأنوار: 93/136.

([39]) بحار الأنوار: 93/136.

([40]) مصباح الشريعة ص17.

([41]) مسلم (1006)

([42]) رواه أبو داود والبيهقي .

([43]) مسلم (995)

([44]) مسلم (994)

([45]) البخاري (55)، ومسلم (1002)

([46]) أحمد 4/131.

([47]) النسائي 5/61، والدارمي (1659)

([48]) (الأوسط) 8/346 (8828)

([49]) البخاري (1466)، ومسلم (1000)

([50]) البخاري (1425)، ومسلم (1024)

([51]) البخاري (1422)

([52]) أبو داود (1673)

([53]) المحجة البيضاء في تهذيب الإحياء، ج‏2، ص: 78 .

([54]) الكافي ج 3 ص 500.

([55]) الكافي، ج 4 ص 54.

([56]) الكافي ج 3 ص 499.

([57]) الكافي، ج 4، ص 32،.

([58])ابن المبارك في البر والصلة.

([59]) قال النووي: (فلو تصدق على فاسق أو على كافر من يهودي أو نصراني أو مجوسي جاز، وكان فيه أجر في الجملة. قال صاحب البيان: قال الصيمري: وكذلك الحربي، ودليل المسألة: قول الله تعالى: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) ومعلوم أن الأسير حربي)[ المجموع (6/237)]

([60]) رواه البخاري: (1461)، ومسلم: (998)

([61]) النسائي 5/59، وحسنه الألباني في (صحيح النسائي)(2368)

([62]) أبو داود (1608)، والنسائي 5/42-43 وابن ماجة (1821)

([63]) الطبراني في (الأوسط) 2/231 (1832)

([64]) الطبراني في (الأوسط) 5/212-213 (5116)

([65]) المحجة البيضاء في تهذيب الإحياء، ج‏2، ص: 90 .

([66]) رواه مسلم وغيره.

([67]) رواه البزار

([68]) رواه أحمد.

([69]) رواه ابنا خزيمة وحبان في صحيحيهما والحاكم.

([70]) رواه الطبراني.

([71]) رواه أحمد وغيره

([72]) أحمد 1/96، والبزار في (البحر الزخار) 3/77 (841)، ودعائم الإسلام 1/241 ـ 244.

([73]) الترمذي (2484)

د. نور الدين أبو لحية

كاتب، وأستاذ جامعي، له أكثر من مائة كتاب في المجالات الفكرية المختلفة، وهو مهتم خصوصا بمواجهة الفكر المتطرف والعنف والإرهاب، بالإضافة لدعوته لتنقيح التراث، والتقارب بين المذاهب الإسلامية.. وهو من دعاة التواصل الإنساني والحضاري بين الأمم والشعوب.. وقد صاغ كتاباته بطرق مختلفة تنوعت بين العلمية والأكاديمية والأدبية.

You may also like...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *