الفواحش والمنكرات

الفواحش والمنكرات

كتبت إلي ـ أيها المريد الصادق ـ تسألني عن سر تقسيم الذنوب الوارد في قوله تعالى: { وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل:90]، وكيفية اشتماله على جميع أنواع الذنوب والمعاصي مع فروعها الكثيرة.

وسألتني عن علاقة ذلك التقسيم بتطهير النفس وتهذيبها، وعلاقته بما بدئت به الآية من قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} [النحل:90]

وجوابا على سؤالك الوجيه أذكر لك أن هذه الآية الكريمة من أمهات الآيات التي تحوي أصول التزكية، ومنابعها، وكيفية علاجها.. وهو ما يدل على أن القرآن الكريم هو كتاب التزكية الأعظم، الذي لا يكتفي بوصف الأدواء، وإنما يستأصلها من جذورها، ويضع بدلها كل أنواع العافية.

وقد فصلت آياته بحيث يمكنها أن يتنزل عليك من فهومها بحسب الزاوية التي تريد أن تراها، أو تعالج نفسك من خلالها.. وهو في ذلك أشبه بالأطعمة والأشربة التي وفر الله فيها الحاجات المختلفة؛ ليتناول كل شخص منها ما يتناسب مع حاجته.

وبخصوص ما ذكرت من الآية الكريمة، وبعيدا عن خلاف العلماء في تفسيرها؛ فإني أذكر لك أن تلك التقسيمات تشمل جميع منابع المثالب ومظاهرها، ذلك أنها ذكرت ثلاثة أنواع من أصول المثالب، وهي الفحشاء والمنكر والبغي.

أما أولها، وهو [الفحشاء]؛ فإننا عندما ننظر إلى مواردها في القرآن الكريم نجد أنها مرتبطة بمنابع البهيمية في نفس الإنسان، وهي في أصلها منابع فطرية، ذلك أن الله تعالى أودع في الإنسان من الشهوة ما يحفظ به وجوده على هذه الأرض، فلولا شهوة الأكل لفني جسده، ولم يستطع أداء ما كلف به من وظيفة، وهكذا غيرها، والتي لولاها ما استمر نوعه.

لكن الانحراف هو استعمال هذه الشهوة في غير ما خلقت له، كما عبر تعالى عن انحراف قوم لوط حين خرجوا بالشهوة عن محلها الذي خلقت له، فقال: ﴿ أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ﴾ (الشعراء:166)

وقال عن انحراف الزنا الذي يضع الشهوة في غير محلها: ﴿ وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً﴾ (الاسراء:32)

وينبع من هذه الصفات كل الرذائل التي تحول الإنسان إلى بهيمة همها الأكل والشرب والشهوات، وتختصر الحياة في توفير البيئة المناسبة لها، وكأن الله تعالى لم يخلق الإنسان إلا لأجلها، أو خلقه بهيمة في أسطبل ليروي كل ما تحتاجه غرائزه من أصناف الشهوات.

وأما ثانيها، وهو [المنكر]؛ فيشير إلى كل ما ينكره العقل السليم، والفطرة النقية، والتي جاءت الشريعة بمقتضاها، وتنبع منه أكثر الرذائل الظاهرة والباطنة.. فالمعجب بنفسه أو المغرور أو المستكبر أو الحسود.. كل هؤلاء سبب ما وقعوا فيه عدم استعمالهم لعقولهم الاستعمال الصحيح؛ فلذلك توهموا أنهم على الحق، وغيرهم على الباطل.

وهكذا الذي يحاد الله ويعانده ويعارضه.. يخالف عقله الذي يلزمه بذلك، بناء على كونه الإله الذي يجب أن يطاع.. كما تدل على ذلك الفطرة السليمة.

وهكذا؛ فإن المنكر هو ذلك التغيير الذي يحصل للقوة العقلية التي أودعها الله في الإنسان، ليفكر التفكير السليم، ويقرر القرارات المناسبة، لكن ذلك التغيير الذي يتدخل فيه الشيطان والهوى، يحول من تلك القوة إلى قوة وهمية خادعة، تكذب على صاحبها، وتحرف له الحقائق، وتغير له معايير القيم.

وقد أطلق الحكماء على هذا النوع من المثالب ومنبعها بكونها صفات [شيطانية]،وهي الصفات التي ابتدأت بها شيطانية الشيطان، ومنها انطلقت، ولذلك أطلق الله هذا اللقب على الإنس كما أطلقه على شياطين الجن، فقال: ﴿ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾ (البقرة:14)، وقال: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً﴾ (الأنعام:112)، وقال: ﴿ إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً﴾ (الاسراء:27)

بل أمر بالاستعاذة من شياطين الإنسان، كالاستعاذة بشياطين الجن سواء بسواء، فقال: ﴿ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ﴾ (الناس:4 ـ 6)، ذلك أن هؤلاء الشياطين يحرفون الحقائق والقيم ويغيرونها، وذلك ما يؤثر في نفس الإنسان، فيرى المعروف منكرا، والمنكر معروفا.

وأما ثالثها، وهو [البغي]؛ فهو يجمع كل ما أطلق عليه الحكماء وصف [السبعية]، ويقصدون بها الانحرافات التي تحول الإنسان إلى حيوان متوحش مثل السباع..

مع أن أصل هذه الصفة فطري في الإنسان، ذلك أن الله تعالى أودع الإنسان من الغضب والحمية ما يدافع به عن وجوده على هذه الأرض، لأنه لولا هذه الحمية لافترسته السباع، ولما استطاع حفظ وجوده الذي تتعلق به وظيفته، كما عبر عن ذلك بعض الحكماء، فقال في بيان الحاجة إلى هذه الغرائز: (فافتقر لأجل جلب الغذاء إلى جندين: باطن، وهو الشهوة. وظاهر، وهو اليد والأعضاء الجالبة للغذاء، فخلق في القلب من الشهوات ما احتاج إليه، وخلقت الأعضاء التي هي آلات الشهوات فافتقر لأجل دفع المهلكات إلى جندين: باطن، وهو الغضب الذي به يدفع المهلكات وينتقم من الأعداء. وظاهر، وهو اليد والرجل اللتين بهما يعمل بمقتضى الغضب، وكل ذلك بأمور خارجة؛ فالجوارح من البدن كالأسلحة وغيرها)([1])

ولذلك ينبع من انحراف هذه الصفة عن الموازين التي ضبطها الله بها، الكثير من الرذائل من الغضب والحقد والتهجم على الناس بالضرب والقتل واستهلاك الأموال، وغيرها، مما سبق لي أن حدثتك عنه في المثالب المرتبطة بالعدوان.

وبذلك، فإنك يمكنك ـ أيها المريد الصادق ـ أن تقسم كل أصناف الذنوب من حيث منابعها أو مظاهرها إلى هذه الأقسام الثلاثة.. وحتى يتيسر عليك ذلك، يمكنك أن تنظر في الواقع إلى أصناف المجرمين والآثمين، لتجد أنهم ينقسمون إلى ثلاثة أقسام:

أولهم الذين يمثلون الفحشاء، وهم الذين ينشرون الرذيلة، ويحولون الحياة إلى ماخور كبير من مواخيرها، إما باسم الحرية الشخصية، أو باسم الثقافة والفن، وغيرها.

وثانيهم الذين يمثلون المنكر، وهم الذين ينشرون الأفكار المنحرفة والمفاهيم الفاسدة في الدين والسياسة والثقافة والاقتصاد وكل جوانب الحياة.. وينجر عن عملهم تحريف الإنسان نفسه ليتحول عن صفاته الإنسانية إلى صفات الشيطان نفسه.

وثالثهم الذين يمثلون البغي والظلم والعدوان من اللصوص والمختلسين والمستعمرين والإرهابيين والمستبدين وقطاع الطرق والمرابين وغيرهم كثير.

وهذا لا يعني أن كل صنف من هذه الأصناف خال من غيره؛ فالأمر ليس كذلك، فكما أن الغذاء يحوي فيتامينات ومعادن وبرويتنات وغيرها من أصناف المغذيات.. فكذلك النفس الأمارة الآثمة، يمكنها أن تتحقق بجميع تلك الصفات، لأن بعضها يعين على بعض.. لكن شهرتها ببعض الصفات، نتيجة غلبتها عليها، مثلما تغلب بعض العناصر في الطعام على غيره، فيصنف على أساس ذلك.

أما بخصوص ما سألت عنه مما ورد في مقدم الآية، وهو قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} [النحل:90]، ففيها إشارات كثيرة إلى كيفية علاج تلك المثالب.. منها ما يرتبط بالإنسان نفسه، ومنها ما يرتبط بالمجتمع جميعا.

أما ما يرتبط بالإنسان نفسه؛ فقد عرفت أن تلك الرذائل جميعا، ليست متولدة من خارج الإنسان، بل هي نابعة منه، فكلها متوفرة فيه.. لكن الذي حولها إلى انحرافات هو خروجها عن المقادير والحدود التي وضعت لها.. ولذلك كان العدل هو الذي يحولها إلى مسارها الصحيح، وكان الإحسان هو الذي يحولها إلى فضائل وأخلاق طيبة، وكان لإيتاء ذي القربى ما يساهم في تنميتها ونشرها وتوفير البيئة المناسبة لها.

أما ما يرتبط بالمجتمع والأمة؛ فإنك ـ أيها المريد الصادق ـ إذا تأملت في كل المؤسسات التي دعت الشريعة إلى توفيرها لنشرها قيم الفضيلة، وردع قيم الرذيلة، لوجدت أنه يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أقسام:

أولها مؤسسات القضاء والحسبة والدولة، والتي يمكنها عبر سن القوانين الصالحة أن تحمي المجتمع من كل أنواع الرذيلة، ولهذا كان توفيرها واجبا شرعيا، ولذلك ورد في الأثر: (إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن)

وقد نص القرآن الكريم على هذا المعنى في قوله تعالى عند بيان حد الفاحشة: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2]، فهذا الأمر الإلهي لا يمكن تطبيقه إلا في ظل دولة تؤمن بحاكمية الشريعة، ولهذا ربط الله تعالى بين عقوبة الزناة مع أمره بحضور جماهير الناس للعقوبة، حتى يكون ذلك وازعا تربويا لهم.

وهكذا ذكر الله تعالى علاج البغي، ودور مؤسسات الدولة العادلة فيه، فقال: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 179]، ذلك أن إقامة القصاص على فرد واحد يحمي المجتمع من سريان مثل هذه الظاهرة فيه، وبذلك يحيا المجتمع جميعا بحمايته من أمثال هذه الجرائم.

وهكذا فرض قتال الباغين على الحق، حتى يعودوا إليه ويفيئوا، قال تعالى: {وَإنْ طَائِفَتانِ مِنَ المُؤمِنِين اقْتَتَلُوْا فَأصْلِحُوا بَينَهُمَا فإنْ بَغتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغي حَتى تَفِئ إِلى أمْرِ الله} [الحجرات:9])

وهكذا يمكن لهذه المؤسسات أن تراقب الأفكار المنحرفة، أو قنوات الفتنة والضلالة وغيرها، لتصد شرورها عن المجتمع، باعتبارها محاربة لله ورسوله، كما قال تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [المائدة: 33]

وثانيها مؤسسات الإحسان، وهي كل المؤسسات العلمية والتربوية والدينية وغيرها، والتي تعمق أنواع الفضائل، وتحمي المترددين عليها من كل أنواع الرذائل، كما قال تعالى: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ } [التوبة: 108]؛ فالآية الكريمة تبين أن الغرض من المسجد هو إقامة التقوى والطهارة في المجتمع.

ولذلك حذر من المسجد الذي تبنيه الشياطين لتنشر الفرقة والخلاف والصراع، قال تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (107) لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا} [التوبة: 107، 108]

وثالثها مؤسسة الأسرة والعائلة، والتي كنى الله تعالى عنها بذي القربى، ذلك أنها من أهم المؤسسات التي تساهم في توجيه الإنسان وتربيته والحفاظ على فطرته السليمة، كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: (كل مولود يولد على الفطرة – وفي رواية: على هذه الملة – فأبواه يهودانه، وينصرانه، ويمجسانه، كما تولد البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء)([2])

ولهذا ورد في القرآن الكريم التوجيهات الكثيرة المرتبطة بالأسرة، والأسس التي تقوم عليها، وكيفية حل الخلافات بين أفرادها، وكل ذلك لتوفير البيئة المناسبة لتحقيق التقوى.

ولهذا كله قدم الله تعالى الدعوة لتحقيق هذه المؤسسات على ذكره للمثالب ومنابعها، فقال: {نَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } [النحل: 90]، ذلك أن الوقاية خير من العلاج.

إذا عرفت هذا ـ أيها المريد الصادق ـ فاسمع لما سأحدثك عنه من علاج الفحشاء والمنكر، ذلك أني أرسلت لك رسائل سابقة حول البغي، وكيفية علاجه، ويمكنك أن ترجع إليها في ذلك.

الفواحش وعلاجها:

أما الفواحش ـ أيها المريد الصادق ـ فهي من أمهات الرذائل التي تحجب عن الحق، وكل القيم الطيبة المرتبطة به، ذلك أن الواقع فيها، والمدمن عليها، يختصر الحياة في تلك البهيمية التي يتصور أنها غاية الحياة ومنتهاها، ولذلك كانت السبب الأكبر في كل خراب يحل بالعمران، بل الجرثومة الكبرى التي تنبت كل أنواع الكفران، وتحطم جميع بنيان الإنسان.

ولهذا أخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنها حجب حائلة عن الإيمان، فقال: (من زنى وشرب الخمر نزع اللّه منه الإيمان كما يخلع الإنسان القميص من رأسه)([3])

وقال: (لا يزني الزّاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق السّارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع النّاس إليه أبصارهم فيها حين ينتهبها وهو مؤمن)([4])

ولا يقتصر ضرر الفواحش على ذلك فقط، بل إنها تخرب المجتمع، وتدمر كل أواصر علاقاته، وتصرفه عما تقتضيه الهمة العلية من شؤون الدين والدنيا، كما أشار إلى ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم حين نزلت آية الملاعنة: (أيّما امرأة أدخلت على قوم رجلا ليس منهم فليست من اللّه في شيء، ولا يدخلها اللّه جنّته، وأيّما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب اللّه عزّ وجلّ منه، وفضحه على رؤوس الأوّلين والآخرين يوم القيامة)([5])

وقيل يا رسول اللّه: متى نترك الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر؟ قال: (إذا ظهر فيكم ما ظهر في الأمم قبلكم) قلنا: يا رسول اللّه، وما ظهر في الأمم قبلنا؟ قال: (الملك في صغاركم والفاحشة في كباركم، والعلم في رذالتكم) ([6])

ولهذا قرن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بينه وبين الشرك والقتل والسرقة، فعن سلمة بن قيس قال: (إنّما هي أربع، فما أنا بأشحّ منّي عليهنّ يوم سمعتهنّ من رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم، ألا لا تشركوا باللّه شيئا، ولا تقتلوا النّفس الّتي حرّم اللّه إلّا بالحقّ، ولا تزنوا ولا تسرقوا)([7])

وهي جميعا مترابطة يؤدي بعضها إلى بعض، فمن استحل الفاحشة استحل بعدها كل المنكرات، وصغرت في عينه، وتيسر عليه ارتكابها، لأنه حينها يصبح مثل البهيمة التي تبحث عن إرضاء غرائزها، من غير أي عقل أو حكمة تضبطها.

ولهذا ورد في النصوص المقدسة التنفير منه بكل الوسائل والأساليب، ومنها ما رتبه الله عليه من العقوبات القدرية مثلما نص على ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهنّ، وأعوذ باللّه أن تدركوهنّ: لم تظهر الفاحشة في قوم قطّ، حتّى يعلنوا بها إلّا فشا فيهم الطّاعون والأوجاع الّتي لم تكن مضت في أسلافهم الّذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان، إلّا أخذوا بالسّنين وشدّة المؤونة، وجور السّلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلّا منعوا القطر من السّماء، ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد اللّه وعهد رسوله، إلّا سلّط اللّه عليهم عدوّا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمّتهم بكتاب اللّه، ويتخيّروا ممّا أنزل اللّه، إلّا جعل اللّه بأسهم بينهم)([8])

ومنها تلك الحجب التي تحول بين الواقعين في الفواحش واستجابة الدعاء، فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: (تفتح أبواب السماء نصف الليل فينادي مناد هل من داع فيستجاب له ؟ هل من سائل فيعطى ؟ هل من مكروب فيفرج عنه ؟ فلا يبقى مسلم يدعو دعوة إلا استجاب الله عز وجل له إلا زان أو زانية أو عشارا)([9])

ومنها العقوبات المرتبطة بالبرزخ والآخرة، والتي وصف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعضها، فقال: (إن الزناة تشتعل وجوههم نارا)([10])، وقال يصف بعض العقاب الذي يجدونه في البرزخ:(رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرض مقدسة)ـ فذكر الحديث إلى أن قال ـ:(فانطلقنا إلى نقب مثل التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع يتوقد تحته نار فإذا ارتفعت ارتفعوا حتى كادوا أن يخرجوا وإذا خمدت رجعوا فيها، وفيها رجال ونساء)([11])، وفي رواية قال صلى الله عليه وآله وسلم:(فانطلقنا إلى مثل التنور، فاطلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء، وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم فإذا أتاهم ذلك اللهب صاحوا)، وفي آخره:(وأما الرجال والنساء الذين هم في مثل بناء التنور فإنهم الزناة والزواني)

ولذلك وضع الله لعباده الكثير من الشرائع التي تنفي سريان الفواحش في نفوسهم ومجتمعاتهم، ومنها ما عبر عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة، فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)([12])

وقال:(ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف)([13])

وهكذا نهى صلى الله عليه وآله وسلم عن عضل أي امرأة عن الزواج بمن تتحقق فيه شرائط الكفاءة، فقال: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إن لا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) ([14]).

وهكذا دعا إلى تيسير رسوم الزواج من المهر وغيره، ففي الحديث قال صلى الله عليه وآله وسلم:(أعظم النساء بركة أيسرهن صداقا)([15])، وقال صلى الله عليه وآله وسلم لرجل: (تزوَّجْ ولو بخاتَم من حديد)([16])

ومن الشرائع التي أمر الله بها، والتي لها دورها الكبير في التحصين من الفواحش ما نص عليه قوله تعالى مخاطبا الرجال: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ } [النور: 30]

وقوله مخاطبا النساء: { وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [النور: 31]

وفي الحديث ورد في نظر الرجال للنساء قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تتبع النّظرة النّظرة، فإنّ لك الأولى، وليست لك الآخرة)([17])

وفي خصوص النساء حدثت أمّ سلمة قالت: كنت عند رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم وميمونة، قالت: فبينا نحن عنده أقبل ابن أمّ مكتوم فدخل عليه وذلك بعد ما أمرنا بالحجاب. فقال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (احتجبا منه)، فقلت: يا رسول اللّه؛ أليس هو أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا؟ فقال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (أفعمياوان أنتما؟ ألستما تبصرانه)([18])

وقبل ذلك كله وبعده أمرت الشريعة بحفظ الأعراض، وعدم إشاعة الفاحشة في المجتمع، كما قال تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النور: 19]

وورد النهي الشديد عن الحديث في الفضائح والمثالب ونشرها، حتى لا يؤدي ذلك إلى استساغتها في المجتمع، والتهوين من شأنها، قال تعالى: { وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (14) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16) يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [النور: 14 – 17]

ولم تكتف الشريعة الحكيمة بكل ذلك، بل راحت تدعو إلى غرس الغيرة في نفوس جميع أبناء المجتمع ليحموا أعراضهم من العبث بها.. ولهذا وردت الأحاديث ذامة للدياثة، ومخبرة عن العذاب الشديد الذي ينتظر الديوث، ففي الحديث قال صلى الله عليه وآله وسلم: (ثلاثة لا ينظر اللّه عزّ وجلّ إليهم يوم القيامة: العاقّ لوالديه، والمرأة المترجّلة، والدّيّوث. وثلاثة لا يدخلون الجنّة: العاقّ لوالديه، والمدمن على الخمر، والمنّان بما أعطى)([19])

وفي مقابل ذلك مدحت الغيرة المنضبطة بالضوابط الشرعية، فقد وردت النصوص الكثيرة تبين فضل غيرة الرجل على أهله، وتبين في نفس الوقت خطورة موت القلب والدياثة التي تجعل الرجل لا يبالي بعرضه.

وقد بين صلى الله عليه وآله وسلم أن هذه الغيرة الشرعية دليل كمال على رجولة الرجل، بل على إيمان المؤمن، بل اعتبر المؤمن متخلقا بالتخلق بهذا بوصف من أوصاف الله تعالى، قال صلى الله عليه وآله وسلم: (المؤمن يغار والله يغار ومن غيرة الله أن يأتي المؤمن شيئا حرم الله)([20])

وأخبر صلى الله عليه وآله وسلم عن نفسه وهو الأسوة الحسنة، والإنسان الكامل وخير أنموذج عن الرجولة الكاملة عندما قال له سعد بن عبادة: لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال:(أتعجبون من غيرة سعد لأنا أغير منه والله أغير مني) ([21])

ولكن هذه الغيرة – مع هذا – لا ينبغي أن تشتط فتخرج إلى الحرام، بل يجب أن تنضبط كما تنضبط جميع سلوكات المسلم بالضوابط الشرعية، وقد جمع صلى الله عليه وآله وسلم تلك الضوابط في قوله صلى الله عليه وآله وسلم:(إن من الغيرة ما يحب الله عز وجل، ومنها ما يبغض الله، ومن الخيلاء ما يحب الله عز وجل ومنها ما يبغض الله عز وجل، فأما الغيرة التي يحب الله فالغيرة في الريبة، وأما الغيرة التي يبغض الله فالغيرة في غير ريبة، والاختيال الذي يحب الله عز وجل اختيال الرجل بنفسه عند القتال وعند الصدقة، والاختيال الذي يبغض الله عز وجل الخيلاء في الباطل)([22])

ولم تكتف الشريعة بكل ذلك، بل وضعت التشريعات المتشددة التي تحفظ أبناء المجتمع من الوقوع ضحايا الفواحش.. ومن ذلك الأمر بالحجاب، كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: 59]

وقال ناهيا عن كل خضوع قد يطمع القلوب المريضة: { يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفً} [الأحزاب: 32]

وقال ناهيا عن التبرج: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى } [الأحزاب: 33]

ووردت الأحاديث الكثيرة تؤكد هذه المعاني، وتفصل في كيفية تنفيذها، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (ثلاثة لا تسأل عنهم: رجل فارق الجماعة وعصى إمامه ومات عاصيا، وأمة أو عبد أبق فمات، وامرأة غاب عنها زوجها قد كفاها مؤنة الدّنيا فتبرّجت بعده. فلا تسأل عنهم)([23])

وقال: (إذا استعطرت المرأة فمرّت على القوم ليجدوا ريحها فهي زانية)([24])

وقال: (سيكون في آخر أمّتي نساء كاسيات عاريات على رؤوسهنّ كأسنمة البخت، العنوهنّ، فإنّهنّ ملعونات)([25])

وقال: (صنفان من أهل النّار لم أرهما. قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها النّاس، ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسهنّ كأسنمة البخت المائلة. لا يدخلن الجنّة ولا يجدن ريحها. وإنّ ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا)([26])

وجاءت امرأة إلى رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم تبايعه على الإسلام فقال: (أبايعك على أن لا تشركي باللّه شيئا، ولا تسرقي، ولا تزني، ولا تقتلي ولدك، ولا تأتي ببهتان تفترينه بين يديك ورجليك، ولا تنوحي ولا تبرّجي تبرّج الجاهليّة الأولى)([27])

هذه ـ أيها المريد الصادق ـ بعض ما وضعته الشريعة من أحكام وتوجيهات لتهذيب الفرد والمجتمع وحمايته من هذا النوع من المثالب، فاسع لتطبيقها ونشرها، فأنت لست مطالبا بحماية نفسك فقط، وإنما مطالب بحماية كل المجتمع، حتى لا تسري إليك عدواه.

المنكرات وعلاجها:

أما المنكرات ـ أيها المريد الصادق ـ فهي، بحسب ما ذكرت لك، أو ما وصل إليه فهمي وتدبري لما ورد في القرآن الكريم، تعني ذلك الخلل الذي يصيب جهاز الحقائق والقيم في نفس الإنسان، أو عقله بحيث يصيبه الران، ويغلف بالهوى؛ فيرى الأشياء على غير الصورة التي هي عليها، أو يتعامل معها بغير ما عليه أن يفعل.. فيصبح حاله مثل ذلك الذي يضع طعامه في آلة الغسيل، أو يحرث الأرض بسيارته، ويتجول في المدن بجراره..

لا تضحك من هذا المثال ـ أيها المريد الصادق ـ فالبشر يفعلون ما هو أعظم منه، ولو كشف عنهم الغطاء، لرأوا حالهم أسوأ من حاله؛ فهم يتوجهون بنعم الله إلى غير ما خلقها الله لها، فيفعلون مثل ذلك المجنون الذي لا يشعر بالراحة حتى يعض يديه، ويلطم وجهه، ويخمش جسده ليرى الدم، وهو يسيل منه.

ولهذا يصور الله تعالى أولئك الذين يقعون في الموبقات، وهم يتوهمون أنهم يخادعون الله بأنهم في حقيقتهم لا يخادعون إلا أنفسهم، وإن سخروا، فهم لا يسخرون إلا منها.

ولو أنك ـ أيها المريد الصادق ـ رجعت إلى لفظة [المنكر] في القرآن الكريم لوجدت دلالتها على أمرين: إما الحقائق، وإما القيم.

أما إنكار الحقائق والعبث بها؛ فقد ورد في قوله تعالى:{ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ } [الحج: 72]؛ فالمنكر المراد هنا هو تجاهل تلك الحقائق، والذي قد يتجلى في صور كثيرة كاللامبالاة بها، أو السخرية منها، كما قال تعالى: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ } [البقرة: 13]

ومثل ذلك قوله تعالى في الموقف من الرسل عليهم السلام: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (68) أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ } [المؤمنون: 68، 69]

ومثل ذلك قوله تعالى في الموقف من الكتب المقدسة:{ وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ} [الأنبياء: 50]

وأما إنكار القيم، والعبث بها، فقد أشار إليه قوله تعالى: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (28) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ} [العنكبوت: 28، 29]، حيث اعتبر لوط عليه السلام ما يفعله قومه من ألوان الشذوذ والانحراف عن الفطرة الإنسانية السوية منكرا.

وقد جمع الله بين الأمرين، وأخبر عن مصدرهما، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } [النور: 21]

وجمع بينهما عند ذكره لأهم وسائل العلاج وأدويته، فقال: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت: 45]

ولو أنك ـ أيها المريد الصادق ـ رجعت إلى الصلاة، وهيئتها، والمعاني المرتبطة بها، لوجدت أنها مدرسة من مدارس التزكية الكبرى([28])، ذلك أنها بأركانها ومواقيتها وشروطها وما يقرأ فيها من القرآن تذكر الملتزم بها بحقائق الوجود والنظام الذي بني عليه والقيم التي عليه أن يعيش بها، ولأجلها.

ولو أنك اكتفيت منها بما يقرأ في كل ركعة منها، وهي سورة الفاتحة، لوجدت أنها سورة تذكر الإنسان بكل الحقائق التي تحمي فطرته من الانحراف، وتذكره بالسراط المستقيم، وأهله الصالحين الطيبين، والمصير الذي ينتظره، والأعداء الذين يتربصون به.. ولكل ذلك تأثيره في تغيير المنكر الذي قد يحل بالعقل، فيشوه له الحقائق والقيم.

ذلك أن الشيطان الرجيم في سعيه للانحراف بالإنسان، لا يكتفي بإغرائه بالفواحش، وإنما يحاول أن يجعل منها سلما للوصول إلى عقله وقلبه ليحوله من الإيمان إلى الكفر، ومن الهداية إلى الضلالة، ولهذا قدم الله تعالى الفحشاء على المنكر في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ } [النور: 21]، وقوله: { وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168) إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 168، 169]، وغيرها من المواضع.

وإلى ذلك الإشارة الصريحة في قوله تعالى، وهو يصور المراحل التي يمارس بها الشيطان إغواءه للإنسان: { يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: 27]

ثم ذكر عقبها كيف يحول من تلك الفواحش أمرا عاديا، يجادل البشر فيه، باعتباره من الأعراف التي توارثوها، قال تعالى: { وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 28]

ولذلك كان المنكر هو الخطر الأعظم الذي يسعى إليه الشيطان، لأنه إذا تمكن من تحويله إلى معروف صار كل شيء عنده هينا، وحتى الفاحشة لن تبقى في أذهان الناس فاحشة، بل ستتحول إلى حرية شخصية، وأمر عادي، بل قد تتحول إلى مكرمة من المكارم.

ولهذا أخبر الله تعالى عن ذلك الهجاء الذي هجى به قوم لوط عليه السلام نبيهم، وهم يتوهمون أنهم قد سبوه أعظم مسبة، حيث قالوا: {وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ } [الأعراف: 82]

لا تستغرب ـ أيها المريد الصادق ـ ذلك؛ فقومك يفعلونه.. ألا تراهم يرمون الطيبين والطيبات الذي يزين الحياء وجوههم، والأدب أخلاقهم، بأنهم معقدون، وغير طبيعيين، في نفس الوقت الذي يعشقون فيه الراقصين والراقصات، ويعتبرونهم أصحاب أذواق رفيعة، وفن نبيل.

ألا تراهم يهينون العلماء ويحتقرونهم، ولا يبالون بهم، في نفس الوقت الذي يمجدون فيه اللاعبين والسياسيين وأصناف المهرجين.. وفي كل ذلك تشويه للقيم، وانتكاسة بالإنسان.

لقد أخبر القرآن الكريم عن هذا، واعتبره نوعا من النفاق، فقال: { الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [التوبة: 67]

وأخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن كيفية تحويل الشيطان المنكر معروفا على مستوى النفس الإنسانية، ودور التساهل في الذنوب في ذلك، فقال: (تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا، فأيّ قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء، وأيّ قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتّى تصير على قلبين، على أبيض مثل الصّفا، فلا تضرّه فتنة ما دامت السّماوات والأرض، والآخر أسود مربادّا([29]) كالكوز مجخّيا([30])، لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلّا ما أشرب من هواه)([31])

وأخبر عن كيفية تحويل الشيطان المنكر معروفا على مستوى المجتمعات، ودور السكوت عن التغيير فيها في ذلك، فقال: (إنّ أوّل ما دخل النّقص على بني إسرائيل كان الرّجل يلقى الرّجل فيقول: يا هذا اتّق الله، ودع ما تصنع، فإنّه لا يحلّ لك، ثمّ يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلمّا فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض، ثمّ قال:‏ {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79) تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُو} [المائدة: 78 – 80]

ثمّ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تعقيبا على ذلك، وتحذيرا من أن تقع الأمة فيما وقعت فيه بنو إسرائيل: (كلّا والله لتأمرنّ بالمعروف ولتنهونّ عن المنكر ولتأخذنّ على يدي الظّالم ولتأطرنّه‏([32]) على الحقّ أطرا، ولتقصرنّه على الحقّ قصرا)([33])

ولهذا دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى مواجهة المنكر، وتسميته باسمه، عندما يصبح دور الساسة ومن ساندهم من علماء السوء تحريف الحقائق والقيم، فقال: (إنّه يستعمل عليكم أمراء، فتعرفون وتنكرون، فمن كره فقد برى‏ء ومن أنكر فقد سلم، ولكن من رضي وتابع)([34])

وأخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن تمكن الشيطان من تغيير الحقائق عند الكثير من الخلق، فقال: (ما من نبيّ بعثه الله في أمّة قبلي إلّا كان له من أمّته حواريّون وأصحاب يأخذون‏ بسنّته، ويقتدون بأمره، ثمّ إنّها تخلف من بعدهم خلوف. يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبّة خردل)([35])

وحدث عن المراحل التي يمر بها التحريف الشيطاني للحقائق والقيم، حتى يكون ذلك داعية للبحث عن الدين الأصيل، فعن حذيفة بن اليمان قال: كان النّاس يسألون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشّرّ مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله، إنّا كنّا في جاهليّة وشرّ، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شرّ؟ قال: (نعم)، قلت: وهل بعد هذا الشّرّ من خير؟ قال: (نعم وفيه دخن) قلت: وما دخنه؟ قال: قوم يهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر) قلت: فهل بعد ذلك الخير من شرّ؟ قال: (نعم، دعاة إلى أبواب جهنّم‏، من أجابهم إليها قذفوه فيها)، قلت: يا رسول الله صفهم لنا فقال: (هم من جلدتنا ويتكلّمون بألسنتنا) قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: (تلزم جماعة المسلمين وإمامهم) قلت فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: (فاعتزل تلك الفرق كلّها، ولو أن تعضّ بأصل شجرة حتّى يدركك الموت وأنت على ذلك)([36])

إذا عرفت هذا ـ أيها المريد الصادق ـ فاعلم أن أول ما عليك فعله لتخليص نفسك من آثار المنكر، أن تبذل كل جهدك لتمييز الحقائق والقيم التي دخلها التحريف، حتى لا تكون من الذين عُميت عليهم؛ فصار المنكر عندهم معروفا، والمعروف منكرا، وربما صاروا من الدعاة إلى المنكر من حيث لا يشعرون.

ولذلك اتفق الحكماء على أنه لا يمكن تغيير المنكر على مستوى النفس والمجتمع إلا بعد العلم بكونه منكرا، وإلا كان ذلك التغيير تحريفا وانتكاسة.

ولعلك ـ أيها المريد الصادق ـ تلاحظ أولئك المتطرفين الذين يشوهون الدين، ويقتلون الخلق، وهم يتوهمون أنهم يجاهدون في سبيل الله بينما هم تلاميذ في مدرسة الشيطان، يتلاعب بهم وبعقولهم ودينهم.

فإذا عرفت المنكر، وميزته عن المعروف، فلا تكتف بذلك، بل عليك بالدعوة لما عرفته، فخير ما يثبت المعروف في نفسك، وخير ما يزيل المنكر منها، تلك الصيحات التي تصيحها في وجه المغيرين والمبدلين، كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الّذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مرّوا على من فوقهم، فقالوا: لو أنّا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا)([37])

فقد اعتبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الساكت عن الإنكار، ولو كان عالما وعارفا هالكا من الهالكين، ذلك أن طوفان المنكر سيستولي عليه، ولذلك كان في مواجهته ومقاومته حجاب حائل بينه وبينه.. ولذلك دور الإنكار ليس متعديا فقط، بل خاص بصاحبه أيضا، لأنه أثناء إنكاره يقرر الحقائق في نفسه ويصححها.

ولهذا قرن لقمان عليه السلام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالصلاة في وصيته لابنه، فقال: {يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [لقمان: 17]

ومثل ذلك ما ورد في سورة العصر، كما قال تعالى: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)} [العصر: 1 – 3]، فذلك كله تربية وتهذيب للنفس، لأن هناك من الأخلاق ما لا يمكن اكتسابها إلا بذلك التواصي، ومن الرذائل ما لا يمكن إزالته إلا بها.


([1]) إحياء علوم الدين: 3/6.

([2])  رواه البخاري ومسلم.

([3]) رواه الحاكم على شرط مسلم.

([4]) رواه البخاري ومسلم.

([5]) رواه النسائي وأبو داود والدارمي والحاكم، وقال: صحيح.

([6]) رواه أحمد وابن ماجة.

([7]) رواه الطبراني في الكبير.

([8]) رواه ابن ماجة والحاكم.

([9])  أحمد والطبراني.

([10])  الطبراني.

([11])  البخاري.

([12])  رواه البخاري ومسلم.

([13])  رواه النسائي والترمذي، وقال: هذا حديث حسن.

([14])  رواه الترمذي وقال حسن غريب.

([15])  رواه ابن حبان والحاكم والبيهقي.

([16]) رواه البخاري ومسلم.

([17]) رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وقال: حسن غريب.

([18]) رواه أبو داود.

([19]) رواه النسائي.

([20]) رواه البخاري ومسلم.

([21]) رواه البخاري ومسلم.

([22]) رواه أبو داود والنسائي وابن حيان والدارمي والبيهقي.

([23]) رواه أحمد والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين.

([24]) رواه أبو داود والنسائي والترمذي، وقال: حسن صحيح. والحاكم، وقال: صحيح الإسناد.

([25]) رواه الطبراني في الصغير.

([26]) رواه مسلم.

([27]) رواه أحمد، ونحوه عند النسائي والترمذي وقال: حديث حسن صحيح..

([28])  سنشرح ذلك بتفصيل في كتاب [مدارس النفس اللوامة]

([29]) مربادّا: مسودّا.

([30]) مجخّيا: مائلا.

([31]) البخاري [فتح الباري]، 2( 525) و مسلم( 144)

([32]) و لتأطرنه: أي لتردنه إلى الحق و لتعطفنه عليه.

([33]) أحمد في المسند( 1/ 391) برقم( 3712)

([34]) مسلم( 1854)

([35]) مسلم( 50)

([36]) البخاري [فتح الباري]، 6( 3606) و اللفظ له. و مسلم( 1847)

([37]) البخاري [فتح الباري]، 5( 2493)

د. نور الدين أبو لحية

كاتب، وأستاذ جامعي، له أكثر من مائة كتاب في المجالات الفكرية المختلفة، وهو مهتم خصوصا بمواجهة الفكر المتطرف والعنف والإرهاب، بالإضافة لدعوته لتنقيح التراث، والتقارب بين المذاهب الإسلامية.. وهو من دعاة التواصل الإنساني والحضاري بين الأمم والشعوب.. وقد صاغ كتاباته بطرق مختلفة تنوعت بين العلمية والأكاديمية والأدبية.

You may also like...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *