الحقد والحسد

الحقد والحسد

كتبت إلي ـ أيها المريد الصادق ـ تسألني عن الحقد والحسد، والفرق بينهما، والجذور التي تمدهما، وهل يمكن استئصالهما، أم يكتفى بإخماد نارهما.. ثم طلبت مني كعادتك في رسائلك أن أدلك على الأدوية التي يمكن استخدامها لعلاجهما.

وكل هذه الأسئلة وجيهة، ولا يمكن لطالب التزكية ألا يعرفها، أو يتعلم علومها، حتى لو ظن أنه خال منهما.. وما أدراه أنه خال منهما.. فقد لا يكون تعرض للاختبار الخاص بهما، ولذلك ظن نفسه بمنجاة منهما.. والعاقل هو الذي يستعمل الوقاية قبل العلاج، ويستأصل الداء في مبدئه قبل أن يتحكم فيه، ولا يستطع إنقاذ نفسه منه.

وقبل أن أتحدث لك عن كل واحد منهما، وعلامته، والعلاج الخاص به، أذكر لك أنهما ينتميان لأسرة واحدة، هي الأسرة التي أطلق عليها القرآن الكريم لقب العدوان.. وهو لقب مرتبط بالمثالب التي لا تكتفي بصاحبها، وإنما تمتد لغيره، فيتحول من إنسان مسالم إلى إنسان عدواني.

وبذلك يفقد اسم الإسلام الحقيقي، الذي أخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه لا يتحقق به إلا المسالمون، فقد قال: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) ([1])، ويفقد اسم الإيمان الحقيقي الذي أخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه لا يتحقق به إلا (من أمنه المؤمنون على أنفسهم وأموالهم) ([2])

والحقد والحسد ـ كما ذكرت لك في رسائلي السابقة ـ مرتبطان بتلك المثالب الخطيرة التي هي أم لكل الأمراض، وأولها العجب الذي يجعل النفس لا ترى إلا ذاتها، فتعتبر نفسها المركز الذي ينبغي للجميع أن يلتف حوله.. وثانيها الغرور الذي يولده العجب، فيتوهم أنه الحق الذي لا يعتريه الباطل، والخير الذي لا يقع في الشر.. وثالثها الكبر الذي يخرج بالعجب والغرور من الذات ليتسلط بهم على كل ما هو خارج عنها.

فلذلك إن رأت النفس المعجبة المغرورة المستكبرة شخصا نال ما هو أفضل مما لديها، أو صُرفت الأبصار إليه، ولم تصرف إليها، ملأها ذلك حقدا وغيظا وغلا.. وقد يؤدي بها ذلك الحقد إن اشتد إلى إبرازه في صورة غيبة ونميمة وقذف.. أو في صورة إذية حسية قد تصل إلى حد القتل.. وقد لا يظهر في أي صورة، لعدم توفر البيئة المناسبة، أو لجبن صاحبها وخوره وضعفه.. لكنها تظل مثل تلك النار الخامدة التي قد تشتعل في أي لحظة.

ومن البديهيات بالنسبة لهذه النفس الممتلئة بالعجب والغرور والكبر أن تتمنى زوال كل نعمة لا تتعلق بها.. لأنها ترى في النعم المسداة لغيرها حائلا بينهم وبين النظر لها، والإعجاب بها وإكبارها.. لأنها تريد أن تكون المحور والمركز الذي يلتف حوله الجميع، وهذا هو الحسد.. والذي قد يكون نارا خامدة لا تظهر في الواقع، وقد تظهر في أي لحظة عند توفر الأسباب الداعية لها.

وبذلك يمكنك ـ أيها المريد الصادق ـ أن تفرق بين هذين المثلبين، فأولهما ذلك الغل والغيظ الذي تمتلئ به القلوب، نتيجة خلاف أو غضب أو أي اختبار من الاختبارات الإلهية التي يبرز الله تعالى بها ما في الصدور.

والثاني هو انشغال النفس، لا بعدّ نعم الله تعالى عليها، ولا بسؤاله المزيد منها، وإنما بطلب سلبها على من تصورته منافسا لها، أو مثيرا للإعجاب بدلها..

إذا عرفت هذا، فاسمع للعلاج المرتبط بهما، والذي يمكنك باستعمالك الدائم له، أن تحفظ نفسك من الوقوع في أغلال هذين المثلبين الخطيرين اللذين لن تخمد نارهما حتى تحرق كل أخضر ويابس من المكارم التي زرعها الله فيك، وطبعك عليها، ورباك بها.

الحقد وعلاجه:

أول علاج للحقد ـ أيها المريد الصادق ـ هو أن تعلم الأصناف التي اتصفت به، والتي أخبر الله تعالى أنها جميعا من المستحقين للعذاب الشديد، ولذلك فإن المتلبس به، سيكون ـ وفق قانون الزوجية والمثلية ـ معهم.. فالمرء مع من شاكله، وما كان الله تعالى ليعذب قوما نتيجة عمل معين، ثم يترك آخرين قاموا بنفس العمل من غير أن يعذبهم؛ فذلك يتنافى مع العدالة الإلهية.

ولذلك قال تعالى معقبا على العقوبة التي عوقب بها قوم لوط عليه السلام: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (82) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} [هود: 82، 83]

وقال عن العقوبة المرتبطة بعبدة العجل:{ إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ} [الأعراف: 152]، وقال: { وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى } [طه: 127]

وهكذا، فإن قوانين العدالة الإلهية واحدة، وتطبق على الجميع، ولا يمكن لأحد أن يدعي أنه بمنجاة منها، كما قال تعالى: { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} [النساء: 123]

فلا تلتفت ـ أيها المريد الصادق ـ لمن يكذب عليك، ويوهمك أن هذه الأمة مرحومة، وغيرها معذب.. فالله تعالى لا يفرق بين الأمم، وإنما يتعامل معها جميعا معاملة واحدة، وفق قوانينه التي لا تحابي أحدا.

إذا عرفت هذا، فاقرأ تلك الآيات الكثيرة التي تتحدث عن أصحاب القلوب الحاقدة، والمصير الذي صارت إليه بسبب حقدها، وأولهم أولئك الذي وصفهم الله تعالى، فقال: { ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (28) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ} [محمد: 28، 29]

فهاتان الآيتان الكريمتان تشيران إلى أن تلك الأحقاد التي امتلأت بها تلك القلوب المريضة التي كرمها الله بأن ترى النبوة وعظمتها ومعجزاتها، لكنها بسبب الغل الذي ملأها لم تر الحق، ولم تذعن له، بل آثرت سخط الله على مرضاته، إرضاء لحقدها.

وهي تشير كذلك إلى أن الأحقاد قد تكون مخفية، أو قد يظهر صاحبها بصورة المجادل الباحث عن الحق، بينما هو في حقيقته ليس سوى مرجل يغلي من الغل، ولذلك هددهم الله تعالى بالكشف على حقيقتهم التي تخفيها نفوسهم، فقال: {وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 30]

وهي تشير إلى أن الحقد ـ وإن أخفاه صاحبه، أو اجتهد في إخفائه ـ سيفضحه، وسيظهر لا محالة عبر تصرفاته، وعبر ملامح وجهه، ونبرات صوته، ومواقفه، كما قال الشاعر:

ومهما تكن عند امرئ من خليقة… وإن خالها تخفى على الناس تعلم

وبذلك، فإن الآيات الكريمة تشير إلى أن منشأ الحقد هو ذلك الغل الذي تمتلئ به القلوب، وأنه قد يظهر أو لا يظهر، وعدم ظهوره لا يعني عدمه، وإنما يعني عدم توفر البيئة المناسبة له، ولذلك فهي تدعو إلى مراقبة القلوب، حتى لا تفضح عند الاختبارات الإلهية، ومنها ذلك الاختبار الذي عبر الله تعالى عنه بقوله: { إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ (36) إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ} [محمد: 36، 37]

ويذكر الله تعالى في آيات أخرى بعض ثمار ذلك الحقد، فيقول: {هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } [آل عمران: 119]، فهؤلاء الحاقدين من أهل الكتاب، لم يؤمنوا بالقرآن الكريم على الرغم من معرفتهم به، بسبب ذلك الغشاء الذي غشيت به عقولهم نتيجة امتلائها بالغل والحقد والبغض.

ويخبر الله تعالى عن لجوء الحاقدين إلى النفاق والخداع لمحاولة ستر حقدهم، خاصة إذا كانوا في مواقف الضعف، قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ } [البقرة: 204، 205]

وأخبر عن اجتهادهم الكاذب في إرضاء من يحقدون عليهم، فقال: {كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ } [التوبة: 8]

ولهذا حذر المنافقين المتملقين المخادعين بأن يكشف عن الغل الذي تمتلئ به قلوبهم، فقال: {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ} [التوبة: 64]

وبذلك، فإن هذه الآيات الكريمة تشير إلى أن الغل من صفات مرضى القلوب من المنافقين والمناوئين للصالحين، وأن السبب الأكبر الذي حال بينهم وبين رؤية الحق، أو اتباعه هو تلك البغضاء التي امتلأت بها قلوبهم.

وفي مقابل ذلك يصف القرآن الكريم الصادقين من المؤمنين بأنهم أصحاب قلوب سليمة طاهرة، ليس فيها غل ولا حقد ولا حسد، ولذلك يستوي ظاهرها بباطنها، كما قال تعالى عن إبراهيم عليه السلام: {وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ (83) إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الصافات: 83، 84]

ويذكر القرآن الكريم القانون المرتبط بذلك، وهو ما عبر عنه قوله تعالى: { يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 88، 89]، وقد عقب الله تعالى الآية الكريمة بذلك الجزاء العظيم الذي يناله أصحاب القلوب السليمة، فقال: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (90) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ} [الشعراء: 90، 91]

وقد ورد في آية أخرى أنه لا يدخل الجنة أحد إلا بعد أن يمر على محال التأديب الإلهي في البرزخ أو الموقف أو غيرها حتى تطيب نفسه، ويتخلص من الغل الذي كان يحول بينه وبين دخول الجنة، كما قال تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الأعراف: 43]

فالآية الكريمة تشير إلى أن الله تعالى هدى هؤلاء بعد فترات طويلة من التربية إلى تطهير قلوبهم من كل آثار الغل إلى أن أصبحت سليمة وأهلا لدخول الجنة.

وإياك ـ أيها المريد الصادق ـ أن تتوهم أن قلوبهم كانت مملوءة بالغل، ثم أُخرج منهم بماء شربوه، أو نهر اغتسلوا فيه، من غير جهد عملوه، ولا تأديب تعرضوا له.. فالأمر ليس كذلك.. ولو حصل ذلك لهم لحصل لغيرهم، ولما كان هناك معنى للتكليف.

فاحذر من تلك التفسيرات التي يفسرون بها الآيات الكريمة، والتي يجمعون فيها بين الجلاد والضحية، وبين المظلومين والمستضعفين، فعدالة الله ورحمته تأبى ذلك.

ثم إن عليك ـ أيها المريد الصادق ـ لتستأصل كل ما يمكن أن يثمر الحقد في قلبك أن تتناول تلك الأدوية التي وصفها لك ربك ونبيك ومن بعده أئمة الهدى، وورثة النبوة، ليصبح قلبك سليما طاهرا ليس فيه غل ولا حقد على أحد من الخلق.

وأولها أن تسارع إلى دعاء ربك ليزكيك ويطهر قلبك من كل ما يصرفك عنه، أو يبعدك منه، كما أخبر الله تعالى عن المؤمنين، وقولهم في دعائهم: { رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ } [الحشر: 10]

وهذه الآية الكريمة تشير إلى أن الغل والحقد قد لا يكون مرتبطا بالبيئة المكانية والزمانية للنفس، بل قد يكون متغلغلا في جذور التاريخ، وأبعاد الجغرافية، ليشمل كل من يخالفها، ولو لم تربطها به أي علاقة.

ومن الأدعية المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هذا قوله: (ربّ أعنّي ولا تعن عليّ، وانصرني ولا تنصر عليّ، وامكر لي ولا تمكر عليّ، واهدني ويسّر الهدى لي، وانصرني على من بغى عليّ، ربّ‏ اجعلني لك شكّارا، لك ذكّارا، لك رهّابا، لك مطواعا، لك مخبتا، إليك أوّاها منيبا، ربّ تقبّل توبتي، واغسل حوبتي، وأجب دعوتي، وثبّت حجّتي، وسدّد لساني، واهد قلبي، واسلل سخيمة صدري‏([3]))([4])

وثانيها أن تملأ قلبك مخافة مما ورد في النصوص المقدسة التي تذكر أن الحاقدين محجوبون بحقدهم عن ربهم، وفضله وكرمه، وقد ورد في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (يطّلع الله إلى عباده ليلة النصف من شعبان، فيغفر للمؤمنين ويمهل الكافرين، ويدع أهل الحقد بحقدهم حتّى يدَعوه)([5])، وهذا يعني أن الحقد من موانع إجابة الدعاء، وأعظم بذلك خطرا.

وفي حديث آخر عن عائشة قالت: قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الليل، فصلّى فأطال السجود حتّى ظننت أنّه قبض، فلمّا رأيت ذلك قمت حتّى حرّكت إبهامه، فتحرّك فرجع، فلمّا رفع رأسه من السجود، وفرغ من صلاته قال: (يا عائشة، أ ظننت أنّ النبيّ؟ قد خاس بك‏([6]))، قلت: لا والله يا رسول الله، ولكنّي ظننت أنّك قبضت لطول سجودك، فقال: (أتدرين أيّ ليلة هذه؟) قلت: الله ورسوله أعلم، قال: (هذه ليلة النصف من شعبان، إنّ الله عزّ وجلّ يطّلع على عباده ليلة النصف من شعبان فيغفر للمستغفرين، ويرحم المسترحمين، ويؤخّر أهل الحقد كما هم)([7])

وفي حديث آخر قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس، فمن مستغفر فيغفر له، ومن تائب فيتاب عليه، ويردّ أهل الضغائن بضغائنهم حتّى يتوبوا)([8])

وقال: (تفتح أبواب الجنّة يوم الاثنين، ويوم الخميس. فيغفر لكلّ عبد لا يشرك بالله شيئا إلّا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال: أنظروا هذين حتّى يصطلحا. أنظروا هذين حتّى يصطلحا. أنظروا هذين حتّى يصطلحا)([9])

وثانيها أن تملأ قلبك مخافة مما ورد في النصوص المقدسة التي تذكر مصير الحاقدين، وهو العذاب الشديد، فقد جمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين الحقد وجريمتين كبيرتين، هما الشرك والسحر، فقال: (ثلاث من لم يكن فيه واحدة منهنّ، فإنّ الله يغفر له ما سوى ذلك لمن يشاء: من مات لا يشرك بالله شيئا، ولم يكن ساحرا يتّبع السحرة، ولم يحقد على أخيه)([10])

وفي حديث آخر جمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين الحقد وبعض ثماره وأخبر أنها جميعا في النار؛ فقال: (النميمة والشتيمة والحميّة فى النار)، وقال: (إنّ النميمة والحقد في النار، لا يجتمعان في قلب مسلم)([11])

وفي مقابل ذلك أثنى على من خلا قلبه من الحقد، بل شهد له بدخول الجنة، فقد روي عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: كنّا جلوسا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (يطلع الآن عليكم رجل من أهل الجنّة)، فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته من وضوئه قد علّق نعليه بيده الشمال، فلمّا كان الغد قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم مثل ذلك، فطلع ذلك الرجل مثل المرّة الأولى، فلمّا كان اليوم الثالث‏ قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم مثل مقالته أيضا، فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأوّل، فلمّا قام النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم تبعه عبد الله بن عمرو، فقال: إنّى لاحيت‏([12]) أبي، فأقسمت أنّي لا أدخل عليه ثلاثا، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتّى تمضي فعلت، قال: نعم، فكان عبد الله يحدّث أنّه بات معه تلك الثلاث الليالي فلم يره يقوم من الليل شيئا غير أنّه إذا تعارّ تقلّب على فراشه ذكر الله عزّ وجلّ، وكبّر حتّى صلاة الفجر، قال عبد الله: غير أنّي لم أسمعه يقول إلّا خيرا، فلمّا مضت الثلاث الليالي، وكدت أن أحتقر عمله قلت: يا عبد الله لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجرة، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لك ثلاث مرّات: (يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنّة، فطلعت أنت الثلاث المرّات، فأردت أن آوي إليك، فأنظر ما عملك، فأقتدي بك، فلم أرك عملت كبير عمل، فما الّذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: ما هو إلّا ما رأيت، فلمّا ولّيت دعاني فقال: (ما هو إلّا ما رأيت، غير أنّي لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشّا ولا أحسد أحدا على خير أعطاه الله إيّاه)، فقال عبد الله: (هذه الّتي بلغت بك)([13])

ولهذا أخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن أكرم الأخلاق على الله العفو والتسامح والرفق واللين، وهي الأخلاق التي تتناقض مع الحقد تماما، وقد روي في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لبعض أصحابه: (ألا أخبرك بأفضل أخلاق أهل الدّنيا والآخرة؟.. تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمّن ظلمك)([14])

وفي حديث آخر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال في بعض خطبه: (ألا أخبركم بخير خلائق الدّنيا والآخرة العفو عمّن ظلمك، وتصل من قطعك، والإحسان إلى من أساء إليك، وإعطاء من حرمك)([15]).

وأخبر عن العز الذي يناله أصحاب القلوب السليمة، فقال: (عليكم بالعفو، فإنّ العفو لا يزيد العبد إلّا عزّا فتعافوا يعزّكم الله)([16])، وقال: (التواضع لا يزيد العبد إلّا رفعة، فتواضعوا يرفعكم الله، والعفو لا يزيد العبد إلّا عزّا فاعفوا يعزّكم الله، والصدقة لا تزيد المال إلّا كثرة فتصدّقوا يغنكم الله)([17])

وأخبر عن موسى عليه السلام أنه قال: (يا ربّ أيّ عبادك أعزّ عليك؟) قال: (الّذي إذا قدر عفا)([18])

وأخبر عن الكرم العظيم الذي يناله أصحاب القلوب السليمة، فقال: (إذا وقف العباد نادى مناد ليقم من أجره على الله فليدخل الجنّة قيل: من ذا الّذي أجره على الله؟ قال: العافون عن الناس، فيقوم كذا وكذا ألفا فيدخلونها بغير حساب)([19])

وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يرغب في العفو، وفي محو الأحقاد من القلب، والاكتفاء برؤية الله تعالى ونصره، حتى أنه أخبر أن: (من دعا على من ظلمه فقد انتصر)([20])

وقد جاءه بعض أصحابه يشكوه، ويقول له: (يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي)، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (لئن كنت كما تقول، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم، ما دمت على ذلك) ([21])

وجاءه آخر يشكو مظلمة، أمره النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أن يجلس، في انتظار أن يأخذ له بمظلمته، لكنه قبل أن يأخذها له قال له مرغبا في العفو: (إنّ المظلومين هم المفلحون يوم القيامة)، فأبى أن يأخذها حين سمع الحديث‏([22]).

وقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أروع الأمثلة في ذلك، وقد روي أنه لما فتح مكّة طاف بالبيت وسعى وصلّى ركعتين، ثمّ أتى الكعبة فأخذ بعضادتي الباب فقال: (ما تقولون وما تظنّون؟) قالوا: (نقول أخ وابن عمّ حليم رحيم)، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أقول كما قال أخي يوسف: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف: 92])([23])

وحدثت عائشة قالت: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منتصرا من مظلمة ظلمها قطّ ما لم ينتهك حرمة من محارم الله، فإذا انتهك من محارم الله شيء كان أشدّهم في ذلك‏ غضبا، وما خيّر بين أمرين إلّا اختار أيسرهما ممّا لم يكن مأثما)([24])

و عن الإمام الباقر قال: (إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتي باليهوديّة الّتي سمّت الشاة للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فقال لها: ما حملك على ما صنعت؟ فقالت: قلت: إن كان نبيّا لم يضرّه وإن كان ملكا أرحت الناس منه، قال: فعفا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عنها)([25])

الحسد وعلاجه:

أول المعارف التي تحتاجها ـ أيها المريد الصادق ـ لوقاية نفسك من داء الحسد، هو أن تعلم أنك بحسدك لم تعتد على الذي حسدته فقط، إنما اعتديت قبل ذلك على الله تعالى، لاتهامك له بسوء التدبير والتقدير والعدالة، ولهذا رحت تعترض على نعمه الله التي أنعم بها على عباده، والتي لم توافق مزاجك، ولا هواك، كما عبر الشاعر عن ذلك بقوله:

أيا حاسداً لي على نعمتي… أتدري على من أسأت الأدب

أسأت على الله في حكمه… لأنك لم ترض لي ما وهب

فأخزاك ربي بأن زادني… وسد عليك وجوه الطلب

ولهذا، لم يتوقف حسد إبليس عند آدم عليه السلام، وإنما راح يعترض على الله نفسه، عندما أمر بالسجود له، وما أمره الله بذلك إلا ليكشف عن حقيقته المدنسة التي كان يسترها بعبادته.

ومثلهم أولئك النفر والطوائف من أهل الكتاب الذي ما قدموا المدينة المنورة إلا لأجل النبي الموعود الذي كانوا ينتظرونه، ويستفتحون به، لكنهم عندما رأوه وعرفوه أعرضوا عنه حسدا، مع علمهم أنه مرسل من الله، كما قال تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ } [البقرة: 109]

وهكذا عندما أخبر الله تعالى عن أولئك النفر من أهل الكتاب الذين راحوا يعتبرون المشركين أهدى من المسلمين، والشرك أفضل من الإسلام، ذكر أن سبب ذلك هو حسدهم، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا} [النساء: 51] ثم بين سبب ذلك بعدها، فقال: {أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا (53) أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا } [النساء: 53، 54]

وكل هذه الآيات تشير إلى أن اعتراض هؤلاء في الحقيقة ليس على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإنما على الله تعالى لاختياره له، وهو نفس ما وقع من المشركين الذين أخبر الله تعالى عن حسدهم الشديد، وكونه السبب في إعراضهم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} [النمل: 14]

وذكر في آيات أخرى تلك الاقتراحات التي كانوا يقترحونها على الله تعالى ليرسل لهم رسولا على مزاجهم، ومنها قوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} [الزخرف: 31]، ثم عقب عليها بقوله: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [الزخرف: 32]

وهكذا، فإن الحسد هو الذي جر الأمم إلى الاعتراض على وصايا رسلها، وتعيين بدائل للخلفاء الذين ارتضوهم لها، ليبدأ الصراع بعد ذلك، والذي قد يصل إلى حد القتال، كما قال تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ} [البقرة: 213]، وقال: { وَآتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } [الجاثية: 17]

وبذلك، فإن الحسد ـ أيها المريد الصادق ـ هو أحبولة الشيطان الكبرى التي يملأ بها حياة الناس بالصراع، ذلك أنه مثل الحقد، يجعل صاحبه أعمى، قد يرى من كل الجهات، لكنه لا يستطيع أن يرى أبدا من الجهة التي يكون فيها محسوده.. ولذلك يبتليه الله تعالى بأن يضع له الحق في تلك الجهة.

بل إن الله تعالى أخبر أن الحسد قد يحول من الذين تربوا في حجر النبوة إلى عصابة مجرمة، فذكر قصة يوسف عليه السلام، وكيف آذاه إخوته بسبب حسدهم له، قال تعالى: {إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (8) اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ} [يوسف: 8، 9]

وأخبر عما فعله أحد ابني آدم بأخيه، وكيف قتله حسدا له، فقال: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27]

ولذلك، فإنك لو ذهبت إلى سجلات المجرمين والقتلة السفاحين.. فستجد هذا الداء متربعا على قلوبهم وعقولهم، يملي عليهم الأوامر ويحجب عنهم الحكمة، ويجعلهم يعيشون عالما خاصا بهم، لا علاقة له بالواقع.

وقد أخبر الله تعالى عن تربع هذا الداء على عرش قلوب الذين عارضوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحاربوه لا لأدلة أو حقائق تبينت لهم، وإنما بسبب تلك الأمراض التي أعمت بصائرهم، كما قال تعالى يصفهم، ويصف أمراضهم التي حالت بينهم وبين الحق: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (118) هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (119) إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [آل عمران: 118 – 120]

وأخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن هذا الداء الخطير هو الذي سيكون سببا في تيه هذه الأمة، وانحرافها عن منهاج النبوة؛ فقال: (إذا فتحت عليكم فارس والروم، أيّ قوم أنتم؟) قالوا: نقول كما أمرنا الله، نحمده ونشكره، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أو غير ذلك.. تتنافسون، ثمّ تتحاسدون، ثمّ تتدابرون، ثمّ تتباغضون، ثمّ تنطلقون في مساكين المهاجرين، فتجعلون بعضهم على رقاب بعض)([26])

بل إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سمى هذا الداء [داء الأمم]، فهو وجميع الأسرة التي ينتمي إليها هو السبب في الانحرافات التي وقعت في الأديان، فحولت من دين الله إلى دين البشر، ومن الدين المقدس إلى الدين المدنس، ومن دين الأنبياء والأولياء إلى دين الأفاكين والدجالين، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنّه سيصيب أمّتي داء الأمم)، قالوا: وما داء الأمم؟ قال: (الأشر والبطر والتكاثر والتنافس في الدنيا والتباعد والتحاسد حتّى يكون البغي ثمّ الهرج)([27])

وقال: (دبّ إليكم داء الأمم: الحسد والبغضاء، هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين، والّذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنّة حتّى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتّى تحابّوا، أفلا أنبّئكم بما يثبت ذاكم لكم؟ أفشوا السلام بينكم)([28])

ولذلك ربط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين صفاء القلب وخيرية الأمة، فقال: (لا يزال الناس بخير ما لم يتحاسدوا)([29])

وأخبر أن المؤمن الحقيقي هو المؤمن الذي يخلو قلبه من الحسد وكل الأمراض العدوانية التي يتنافى الإيمان معها، ففي الحديث أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أيّ الناس أفضل؟ فقال: (كلّ مخموم القلب، صدوق اللسان) قالوا: صدوق اللسان نعرفه. فما مخموم القلب؟ قال: (هو التقيّ النقيّ. لا إثم فيه ولا بغي ولا غلّ ولا حسد)([30])

وفي حديث آخر قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يجتمعان في النار مسلم قتل كافرا، ثمّ سدّد وقارب، ولا يجتمعان في جوف مؤمن غبار في سبيل الله، وفيح جهنّم، ولا يجتمعان في قلب عبد الإيمان والحسد)([31])

إذا عرفت هذا ـ أيها المريد الصادق ـ واستيقنت به نفسك، فاعلم أن الله تعالى قد يبتليك في أي لحظة بأي شيء يبرز حقيقتك؛ فكن حذرا أن تكون كإبليس الذي أبى السجود لآدم، أو كأولئك الكتابيين الذين عرفوا الحق وجحدوه حسدا من عند أنفسهم.

ولا تستبعد ذلك، فقد يكون الابتلاء في خطأ ينبهك له بعض تلاميذك، ليرى الله مدى تواضعك لقبول الحق.. أو يبتليك الله ببعض المغمورين من الناس، أو بعض من ترى نفسك أفضل منهم شأنا، ثم تراهم بعد ذلك في مناصب أفضل من منصبك؛ فلا تتوهم أن القدر أخطأ حين فضلهم عليك؛ فإن ذلك قد يجرك للحسد من حيث لا تشعر.

ولهذا؛ فإن الطريق الأسلم لك هو التسليم لربك، وترك خلقه له، يرفع من يشاء منهم، ويخفض، ويعطي من يشاء، ويمنع.. وبدل أن تهتم بمن خُفض أو رفع.. أو أعطي أو منع.. اهتم بنفسك لتكون أهلا لفضل ربك..

 ولذلك؛ فإن تحقيق التوحيد، وامتلاء القلب بالمعرفة بالله هو الذي يحفظك من كل هذه الأدواء.. فالعارف بربه، لا ينظر إلى شيء إلا نظر إلى الله قبله وبعده ومعه.. فلذلك لا يعترض على شيء، بل يكتفي بما كُلف به من تكاليف، ثم يترك الخلق للخالق والرزق للرازق.

والعارف بالله لا يحسد أحدا على نعمة أعطاها الله له، وكيف يحسده، وهو يرى أن كل النعم في الدنيا والآخرة لا تساوي لحظة أنس واحدة مع ربه.

والعارف لا يحسد أحدا على منصب تبوأه، وكيف يحسده، وهو يعلم أن كل المناصب لا تساوي شيئا، أمام منصب القرب من الله، وهو متاح للجميع، ولا يحال بين أحد من الناس وتبوئه.

ومما يروى عن بعض الحكماء في هذا أنه قال: (ما حسدت أحدا على شيء من أمر الدّنيا، لأنّه إن كان من أهل الجنّة فكيف أحسده على أمر الدّنيا وهي حقيرة في الجنّة؟.. وإن كان من أهل النار فكيف أحسده على أمر الدّنيا وهو يصير إلى النار؟)

وهكذا فإن الرؤية الحقيقية للوجود والكون، تحمي صاحبها من هذا المثلب الخطير الذي لا يقع فيه إلا أصحاب العقول الصغيرة الذين يختصرون الحياة في تلك اللحظات المعدودة، أو ذلك النعيم المحدود.

وقد روي في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (قال الله تعالى لموسى بن عمران: يا ابن عمران لا تحسدنّ الناس على ما آتيتهم من فضلي، ولا تمدّنّ عينيك إلى ذلك ولا تتبعه نفسك، فإنّ الحاسد ساخط لنعمي، صادّ لقسمي الّذي قسمت بين عبادي ومن يك كذلك فلست منه وليس منّي)([32])

وفي حديث آخر، قال صلى الله عليه وآله وسلم: (إنّ لنعم الله أعداء فقيل: ومن أولئك؟ قال: الّذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله)([33])

وعن الإمام الباقر أنه قال: (إنّ الرّجل ليأتي بأيّ بادرة فيكفر([34]) وإنّ الحسد ليأكل الإيمان كما تأكل النّار الحطب)([35])

إذا عرفت هذا ـ أيها المريد الصادق ـ فتذكر أنواع البلاء التي يصاب بها الذين امتلأت قلوبهم حسدا.. وأولها الحسد نفسه، فنيرانهم تملأ حياتهم كدرا وضيقا، كما عبر الشاعر عن ذلك بقوله:

اصبر على كيد الحسو… د فإن صبرك قاتله

كالنار تأكل نفسها… إن لم تجد ما تأكله

وقال آخر:

دع الحسود وما يلقاه من كمد… يكفيك منه لهيب النار في كبده

إن لمت ذا حسد نفثت كربته… وإن سكت فقد عذبته بيده

وقال آخر متهكما:

إن شئت قتل الحاسدين تعمداً… من غير مادية عليك ولا قود

وبغير سم قاتل وصوارم… وعقاب رب ليس يغفل عن أحد

عظيم تجاه عيونهم محسودهم… فتراهمو موتى النفوس مع الجسد

ذوب المعادن باللظى لكنما… ذوب الحسود بحر نيران الحسد

وعبر بعض الحكماء عن ذلك فقال: (الحسد جرح لا يبرأ، وحسب الحسود ما يلقى)

وقال آخر: (ما رأيت ظالما أشبه بمظلوم من حاسد، إنّه يرى النعمة عليك نقمة عليه)

وقال آخر: (الحاسد لا ينال من المجالس إلّا مذمّة وذلّا، ولا ينال من الملائكة إلّا لعنة وبغضا، ولا ينال من الخلق إلّا جزعا وغمّا ولا ينال عند النزع إلّا شدّة وهولا، ولا ينال عند الموقف إلّا فضيحة ونكالا)

وروي عن الإمام الصادق أنه قال: (الحاسد يضرّ بنفسه قبل أن يضرّ بالمحسود، كإبليس أورث بحسده لنفسه اللّعنة، ولآدم الاجتباء والهدى والرّفع إلى محلّ حقائق العهد والاصطفاء، فكن محسودا ولا تكن حاسدا فإنّ ميزان الحاسد أبدا خفيف بثقل ميزان المحسود، والرّزق مقسوم فما ذا ينفع الحسد الحاسد؟ وما ذا يضرّ المحسود الحسد؟ والحسد أصله من عمى القلب وجحود فضل الله وهما جناحان للكفر، وبالحسد وقع ابن آدم في حسرة الأبد وهلك مهلكا لا ينجو منه أبدا، ولا توبة للحاسد لأنّه مصرّ عليه، معتقد به، مطبوع فيه، يبدو بلا معارض به ولا سبب، والطبع لا يتغيّر عن الأصل وإن عولج) ([36])

تأمل ـ أيها المريد الصادق ـ هذه المعاني الجليلة، وتفكر فيها، واعلم أن البلاء يتربص بالحاسد في أي محل، حتى يكون فيه حتفه، كما كان حتف إبليس في حسده، ولولا حسده، لترضى الناس عنه، وسلموا عليه، بدل لعنه ورجمه والتبري منه.

ومن الحكايات التي تحكى في هذا ما روي أن رجلا كان يغشي بعض الملوك، فيقوم أمام الملك فيقول: أحسن إلى المحسن بإحسانه والمسيء سيكفيكه مساويه، فحسده رجل‏ على ذلك المقام والكلام، فسعى به إلى الملك، فقال: إنّ هذا الّذي يقوم بحذائك، ويقول ما يقول يزعم أنّ الملك أبخر نتن الرائحة، فقال له الملك: فكيف يصحّ ذلك عندي؟، قال: تدعو به غدا إليك؛ فإذا دنى منك وضع يده على أنفه، حتى لا يشمّ ريح البخر، فقال له الملك: انصرف حتّى أنظر؛ فخرج من عند الملك، ثم دعا الرّجل إلى منزله؛ فأطعمه طعاما فيه ثوم كثير، فخرج الرّجل من عنده، وقام بحذاء الملك، فقال ما تعود أن يقوله، فقال له الملك: ادن منّي، فدنا منه، فوضع يده على فمه مخافة أن يشمّ الملك منه ريح الثوم، فقال الملك في نفسه: ما أدري فلانا إلّا صدق، فكتب له كتابا بخطّه إلى عامل من عمّاله، يقول له فيه: إذا أتاك حامل كتابي هذا، فاذبحه واسلخه واحش جلده تبنا وابعث به إليّ، فأخذ الكتاب، وخرج، فلقيه الرّجل الّذي سعى به، وهو لا يعلم ما حصل من الملك، فقال: ما هذا الكتاب؟ فقال الرجل: خطّ الملك أمر لي بصلة، فقال: هبه لي، فقال: هو لك، فأخذه ومضى إلى العامل، فقال العامل: في كتابك أن أذبحك وأسلخك، قال: إنّ الكتاب ليس لي، فالله الله في أمري حتّى تراجع إلى الملك، قال: ليس لكتاب الملك مراجعة، ففعل به ما طلبه الملك، ثمّ عاد الرّجل إلى الملك كعادته، وقال مثل قوله فتعجّب الملك وقال: ما فعل الكتاب؟ فقال: لقيني فلان فاستوهبه منّي فوهبته له، فقال الملك: إنّه ذكر لي أنّك تزعم أنّي أبخر؟ قال: ما قلت ذلك، قال: فلم وضعت يدك على أنفك؟ قال: كان أطعمني طعاما فيه ثوم فكرهت أن تشمّه، قال: صدقت ارجع إلى مكانك فقد كفاك المسيء مساويه.

هذه ليست مجرد حكاية ـ أيها المريد الصادق ـ للتسلية، وإنما هي الحقيقة التي قد لا تظهر لك بنفس الصورة، ولكنها حتما ستظهر؛ فيستحيل على من امتلأ قلبه بنيران الحسد ألا تشتعل فيه؟.. وهل يمكن لمن دخل في وسط النيران ألا يحترق؟

واعلم ـ أيها المريد الصادق ـ أن أول ما تحرقه نيران الحاسد هي تلك الحسنات التي بذل كل جهده في الحصول عليها، والتي هي زاده الذي يرحل به إلى الآخرة، وقد ورد في الحديث قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب)([37])

إذا علمت هذا ـ أيها المريد الصادق ـ فاجتهد لأن تقمع داء الحسد من قلبك قبل استفحاله، وخروجه إلى الخارج ليملأ حياتك وحياة من حسدتهم بالنكد والغصص، فما قتل قاتل، ولا أجرم مجرم إلا بسبب هذه الأدواء الخبيثة.

وقد كتب بعض الحكماء إلى مريد له شكا حالة عرضت له جعلته يقع فيها في حسد بعض الناس، فقال له ناصحا: (إياك أن تترك للحسد التحكم فيك وفي تصرفاتك.. فاقمعها؛ فإنك إن فعلت ذلك طهرك الله من باطنه، كما طهرت سلوكك من ظاهره)

فكتب له المريد يستفسره عن كيفية ذلك، فكتب له يقول: (من خاف على نفسه الحسد، ومقتضياته فعليه أن يكلّف نفسه نقيضه، فإن بعثه الحسد على القدح فيه كلّف لسانه المدح له والثناء عليه، وإن حمله على التكبّر عليه ألزم نفسه التواضع له والاعتذار إليه، وإن بعثه على كفّ الإنعام عنه ألزم نفسه الزّيادة في الإنعام، فمهما فعل ذلك عن تكلّف وعرفه المحسود طاب قلبه وأحبّه ومهما ظهر حبّه عاد الحاسد وأحبّه وتولّد بينهما الموافقة الّتي يقطع مادّة الحسد، لأنّ التواضع والثناء والمدح وإظهار السرور بالنعمة يستميل قلب المنعم عليه ويسترقّه ويستعطفه ويحمله على مقابلة ذلك بالإحسان ثمّ ذلك الإحسان يعود إلى الأوّل فيطيب قلبه فيصير ما تكلّفه أوّلا طبعا آخرا) ([38])

وكتب له في آخر رسالته يقول له: (ولا يصدّنّه عن ذلك قول الشيطان له: لو تواضعت وأثنيت عليه حمله العدوّ على العجز أو على النفاق والخوف، وإنّ ذلك مذلّة ومهانة، فإنّ ذلك من خدع الشيطان ومكايده، بل المجاملة تكلّفا كان أو طبعا تكسّر سورة العداوة من الجانبين وتقلّ من عزّتها، ويعود القلب إلى التآلف والتحابّ، وبه يستريح القلب من ألم الحسد وغمّ التباغض) ([39])

ثم ختم رسالته له بقوله: (فهذه هي أدوية الحسد وهي نافعة جدّا إلّا أنّها مرّة جدّا، لكن النفع في الدّواء المرّ، فمن لم يصبر على مرارة الدّواء لم ينل حلاوة الشفاء، وإنّما يهون مرارة الدّواء والتواضع للأعداء والتقرّب إليهم بالمدح والثناء بقوّة العلم بالمعاني الّتي ذكرناها وقوّة الرّغبة في ثواب الرّضا بقضاء الله وحبّ ما أحبّه الله، وعزّة النفس وترفّعها عن أن يكون في العالم شيء على خلاف مرادها جهل، وعند ذلك يريد ما يكون، إذ لا مطمع في أن يكون ما يريد وفوات المراد ذلّ وخيبة ولا طريق إلى الخلاص من هذا الذّلّ إلّا بأحد أمرين إمّا أن يكون ما يريد أو بأن يريد ما يكون، والأوّل ليس إليك ولا مدخل للتكلّف والمجاهدة فيه. وأمّا الثاني فللمجاهدة فيه مدخل وتحصيله بالرّياضة ممكن‏، فيجب تحصيله على كلّ عاقل، هذا هو الدّواء الكلّي) ([40])

هذه وصيتي إليك ـ أيها المريد الصادق ـ فاسع لتنفيذها، واحترس لنفسك، وضع تلك النصوص المقدسة بين عينيك دائما، حتى لا تأتي يوم القيامة مفلسا، وقد حُرقت جميع حسناتك، أو وزعت على من حسدتهم، فتزيد من نعيمهم في الآخرة، بعد أن عشت مكدرا بنعيمهم في الدنيا.


([1])  رواه البخاري ومسلم.

([2])  رواه الطبراني و الحاكم وصححه.

([3]) سخيمة صدري: غشه و حقده و غله.

([4]) الترمذي( 3551) و قال: هذا حديث حسن صحيح، و ابن ماجة( 3830)

([5]) رواه البيهقي، الترغيب و الترهيب 3/ 461.

([6]) خاس بك: أي غدر بذمتك و ضيّع وقت وجوده معك.

([7])رواه البيهقي، و الترغيب و الترهيب 3/ 461 ـ  462.

([8])  قال المنذري في  الترغيب و الترهيب 1/ 459، و قال: رواه الطبراني في الأوسط و رواته ثقات.

([9]) مسلم( 2565)

([10])رواه الطبراني في الكبير و الأوسط.

([11])رواه الطبراني، الترغيب و الترهيب 3/ 497، 498.

([12]) لا حيث: جادلت و خاصمت.

([13]) أحمد 3/ 166.

([14])  أحمد ج 4 ص 148 و 158 و الطبراني و أحد اسنادى أحمد رجاله ثقات كما في مجمع الزوائد ج 8 ص 189.

([15])  الكافي، ج 2 ص 107.

([16])  الكافي ج 2 ص 107 و 108.

([17])  ابن أبي الدنيا في الصمت، وأحمد،  ج 1 ص 193.

([18])  الخرائطي في المكارم و البيهقي في الشعب.

([19])  الطبراني في مكارم الأخلاق.

([20])  الترمذي ج 13 ص 66.

([21])  مسلم (2558) ، وابن حبان (451) والبخاري في الأدب المفرد (52)

([22])  ابن أبي الدنيا في ذم الغضب.

([23])  الكامل لابن الاثير ج 2 ص 120.

([24])  مسلم، ج 7 ص 80.

([25])  الكافي ج 2 ص 107 و 108.

([26]) مسلم( 2962)

([27]) قال الحافظ العراقي في الإحياء( 3/ 199): أخرجه ابن أبي الدنيا، و الطبراني في الأوسط بإسناد جيد.

([28]) الترمذي( 2510)

([29])  قال المنذري في الترغيب و الترهيب( 3/ 547): رواه الطبراني و رواته ثقات.

([30])  ابن ماجة( 4216)

([31]) مسلم( 1891)

([32])  الكافي ، ج 2 ص 306 و 307.

([33])  الطبراني في الأوسط.

([34])  البادرة: ما يبدر من حدتك في الغضب من قول أو فعل، و في النهاية: الكلام الذي يسبق الإنسان في الغضب.

([35])  الكافي، ج 2 ص 306.

([36])  مصباح الشريعة ، الباب الحادي و الخمسون.

([37])  ابن ماجه رقم 4210.

([38])  إحياء علوم الدين (3/ 199)

([39])  المرجع السابق، (3/ 199)

([40])  المرجع السابق، (3/ 199)

د. نور الدين أبو لحية

كاتب، وأستاذ جامعي، له أكثر من مائة كتاب في المجالات الفكرية المختلفة، وهو مهتم خصوصا بمواجهة الفكر المتطرف والعنف والإرهاب، بالإضافة لدعوته لتنقيح التراث، والتقارب بين المذاهب الإسلامية.. وهو من دعاة التواصل الإنساني والحضاري بين الأمم والشعوب.. وقد صاغ كتاباته بطرق مختلفة تنوعت بين العلمية والأكاديمية والأدبية.

You may also like...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *