الذاكر النجي

الذاكر النجي

الذاكر النجي

سيدي يا رسول الله.. أيها الذاكر الذي لا يغفل.. والعابد الذي لا يفتر.. والخاشع الذي لا يتيه قلبه في أودية الأماني.. والنجي([1]) المناجي الذي لا يكف عن الحديث إلى ربه، والحضور بين يديه.

لقد رحت ـ سيدي ـ  إلى ما ورد في سنتك المطهرة من الأدعية المحفوظة عنك، أرتلها، وأقارنها بكل ما ورد في تراث العالم من أدعية؛ فوجدت أن زمام التواصل مع الله كان بيدك، وأن كل من يريد أن يتعلم كيف يناجي ربه يحتاج إلى التعلم في مدرستك.. فأنت أستاذ الذكر والدعاء، وشيخ مريدي الحضرة الإلهية ودار البقاء.. ومن لم يتعلم على يديك تلك الفنون ظل جاهلا في التعامل مع ربه، مسيئا للأدب معه.

فإذا ضممت إلى ذلك ـ سيدي ـ ما ورد عن عترتك الطاهرة التي ورثتها علومك وأحوالك وآدابك، ثم أوصيت باتباعها، وركوب سفينة نجاتها، وجدت من الأدعية والمناجيات والأذكار، التي لم تكن سوى أثر من آثارك، وقبس من أنوارك، ما لا يمكن عده ولا حصره.. وبذلك تكون هذه الأمة هي المتفردة بكل الوسائل المؤدية إلى الحضور مع الله، ولا يوجد في الأمم من يضاهيها فيه أو يدانيها.

ولذلك كان هذا الجانب وحده كافيا للعقلاء والباحثين عن الله، ليستدلوا به على نبوتك، واستمرارها، فأول أهداف النبوة وأعظمها الدلالة على الله، والتواصل معه، والذكر والمناجيات هي الحبال الموصولة من الله لعباده لتحقيق ذلك..

ولذلك كنت ـ سيدي ـ من أعظم الناصحين لنا بذكر الله ودعائه واللجوء كل حين إليه، بل إنك اعتبرت حياتنا متوقفة على الذكر.. لا على ما نتنفسه من هواء، أو نشربه من ماء.. فالماء والهواء يغذيان الطين، ويمدانها بالحياة، أما ذكر الله، فهو غذاء الروح ومددها، ولا حياة لمن لم تحيا روحه.. لقد قلت معبرا عن ذلك: (مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت) ([2])

ولهذا كنت تستعمل كل أساليب الترغيب والترهيب لتحض القلوب والألسن على كثرة ذكر الله، فتقول لها ـ مرغبا في جوائز الله المعدة للذاكرين ـ : (لا يقعد قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده) ([3])

وتقول لأصحابك أثناء مروركم في طريق مكة على جبل جمدان : (سيروا هذا جمدان، سبق المفردون)، قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قلت: (الذاكرون الله كثيرا والذاكرات) ([4])

وترغب الفقراء إلى الله، الذين لا يريدون من الله إلا الله، بأن الله يذكرهم حالما يذكرونه، وكيفما يذكرونه، وتقول في ذلك: (قال الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم)([5])

وهكذا كنت ترشد من يريد من الأشياء عصارتها، ومن الطرق أخصرها، إلى ذكر الله.. فقد جاءك رجل، فقال: يا رسول الله! إن شرائع الإسلام قد كثرت علي، فأخبرني بشيء أتشبث به، فقلت له: (لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله)([6])

وهكذا كنت ترشد من يريد أن يظفر بالخير بجميع أصنافه، وبالصلاح بجميع أنواعه، وبالحسنات بجميع أشكالها إلى ذكر الله، فتقول له: (ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى، قال: ذكر الله تعالى)([7])

ولم تكتف بذلك ـ سيدي ـ بل إنك وضعت لنا الكثير من الأذكار التي تعمق جميع جوانب الإيمان، وبأجمل صياغة وأرقها.. فمن داوم عليها وصل إلى الله، وبأقصر الطرق، وأيسرها، وأضمنها.

ومن الأمثلة على ذلك ـ سيدي ـ  تلك الصيغ التي علمتنا فيها كيف نسبح ربنا وننزهه ونقدسه، في نفس الوقت الذي نحمده ونعظمه ونمجده ونذكر كمالاته.. وهي صيغ كثيرة كافية لملأ القلب بكل هذه المعاني الإيمانية.

ومنها ما ذكرت لصاحبك أبي ذر، حين قلت له: (ألا أخبرك بأحب الكلام إلى الله؟)، ثم قلت: (إن أحب الكلام إلى الله: سبحان الله وبحمده)([8])

وقلت: (كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم)([9])

وقلت: (لأن أقول سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر أحب إلي مما طلعت عليه الشمس)([10])

وكنت تقول مرغبا فيها: (يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة)([11])

وروي أن ناسا من أصحابك الفقراء شكوا إليك عدم قدرتهم إلى الصدقة، فقالوا: يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم، ولا نتصدق، فقلت لهم: (أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون؟ إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة)([12])

وروي أن أعرابيا جاءك، فقال: علمني كلاما أقوله؟ فقلت: قل: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، سبحان الله رب العالمين، لا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم)، قال: فهؤلاء لربي، فما لي؟ فقلت: قل: (اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني)([13])

وهكذا كنت تذكر لهم الكثير من صيغ الذكر، وترغبهم فيها بكل أصناف الترغيب، ومن ذلك قولك: (لقيت إبراهيم ليلة أسري بي، فقال: يا محمد أقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قيعان، وأن غراسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر)([14])

وكنت تقول لهم: (ما على الأرض أحد يقول: لا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، إلا كفرت عنه خطاياه، ولو كانت مثل زبد البحر)([15])

وكنت تقول: (من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك)([16])

وغيرها من الأذكار الكثيرة التي لا يزال طالبو الله ومريدوه في كل العالم، وفي كل الأزمنة يترددون عليها، ويرددونها، ليترقوا بها إلى منازل القرب التحققية والتخلقية.

ولم تكتف بذلك ـ سيدي ـ بل إنك وضعت لنا منظومة كاملة من الأذكار والأدعية، ولكل المناسبات، حتى نرتبط مع الله في جميع أحوالنا، مثلما كنت مرتبطا به في جميع أحوالك.

ومن الأمثلة عنها تلك الأذكار التي علمتنا فيها كيف نطبق تلك الأوامر الإلهية التي تدعونا إلى الذكر صباحا ومساء، كقوله تعالى: ﴿ وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً﴾ (الانسان:25)، وقوله:﴿ فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ﴾ (الروم:17)

ومن الأمثلة عنها ما ورد في قولك: (ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاث مرات، لم يضره شيء)([17])

ومنها هذا الدعاء الجميل الجامع الذي تقول فيه: (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء لك بذنبي فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت)، والذي سميته ]سيد الاستغفار]، وذكرت الجزاء الذي أناطه الله به، فقلت: (من قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة)([18])

ومنها هذا الدعاء الخاشع: (أمسينا وأمسى الملك لله، والحمد لله، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، رب أسألك خير ما في هذه الليلة وخير ما بعدها، وأعوذ بك من شر ما في هذه الليلة وشر ما بعدها، رب أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر، رب أعوذ بك من عذاب في النار، وعذاب في القبر) ([19])

وغيرها من الأذكار والأدعية الكثيرة التي خصصت بها ذينك الوقتين المباركين.

وهكذا تركت لنا ـ سيدي ـ ثروة كبيرة من الذكر والدعاء ترتبط بكل الجوانب.. منها القصير ومنها الطويل حتى تراعي الظروف المختلفة لأصناف الناس، فمن الأدعية المأثورة عنك في السفر ما حدث به بعضهم عنك، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أراد أن يخرج في السفر قال: (اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك الضبنة في السفر، اللهم إني أعوذ بك من وعث السفر، كآبة المنقلب، اللهم اقبض لنا الأرض، وهون علينا السفر)([20])

وحدث آخر  قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا خرج إلى سفر قال: (اللهم بلغ بلاغا يبلغ خيرا، ومغفرة منك ورضوانا، بيدك الخير، إنك على كل شئ قدير، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم هون علينا السفر، واطو لنا الأرض، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب)([21])

وحدث آخر قال: لم يرد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سفرا قط إلا قال حين ينهض من جلوسه: (اللهم بك انتشرت، وإليك توجهت، وبك اعتصمت، اللهم أنت رجائي، اللهم اكفني ما أهمني، وما لا أهتم له، وما أنت أعلم به مني، وزودني التقوى، واغفر لي ذنبي، ووجهني للخير حيث ما توجهت)([22])

ومن الأدعية المأثورة عنك عند الدخول إلى السوق قولك: (باسم الله اللهم إني أسألك خير هذه السوق وخير ما فيها وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها، اللهم إني أعوذ بك أن أصيب فيها يمينا فاجرة أو صفقة خاسرة)([23])

ومن الأدعية المأثورة عنك عند الدخول إلى البيت قولك: (اللهم إني أسألك خير المولج وخير المخرج باسم الله ولجنا وباسم الله خرجنا وعلى الله ربنا توكلنا.. الحمد لله الذي كفاني وآواني والحمد لله الذي أطعمني وسقاني والحمد لله الذي من علي أسألك أن تجيرني من النار)([24])، ثم تسلم على أهلك.

ومن الأدعية والأذكار المأثورة عنك عند الطعام ما ورد في قولك: (إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى في أوله، فإن نسي أن يذكر اسم الله تعالى في أوله فليقل: بسم الله أوله وآخره)([25])

وقولك: (من أكل أو شرب فقال: الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه)([26])

وقولك عند الانتهاء من الطعام: (الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين)([27])، وقولك: (اللهم أطعمت وسقيت وأغنيت وأقنيت وهديت واجتبيت فلك الحمد على ما أعطيت)([28]) ، وقولك: (الحمد لله كثيرا طيبا مباركا فيه غير مكفي ولا مودع ولا مستغني عنه ربنا)([29])

ومن الأدعية والأذكار المأثورة عنك عند النوم قولك: (اللهم، فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، رب كل شئ، وإله كل شئ، أشهد أن لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، وأن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم عبدك ورسولك، والملائكة يشهدون، اللهم أعوذ بك من الشيطان وشركه، وأن أقترف على نفسي إثما أو أجره على مسلم)([30])

وقولك: (باسم الله وضعت جنبي، اللهم اغفر لي ذنبي وأخسئ شيطاني، وفك رهاني واجعلني في الندى الأعلى)([31])

وقولك: (اللهم إني أعوذ بوجهك الكريم، وبكلماتك التامات، من كل دابة أنت آخذ بناصيتها، اللهم أنت تكشف المغرم والمأثم، اللهم لا ينهزم جندك، ولا يخلف وعدك، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، سبحانك اللهم وبحمدك)([32])

وقولك: (اللهم أعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بك منك، اللهم لا أستطيع ثناء عليك ولو حرصت، لكن أنت كما أثنيت على نفسك)([33])

وقولك: (اللهم رب السموات السبع، ورب العرش العظيم، إله أو رب كل شئ، منزل التوراة والإنجيل والفرقان، فالق الحب والنوى، أعوذ بك من شر كل شئ أنت آخذ بناصيته، اللهم أنت الأول، فليس قبلك شئ، وأنت الآخر، فليس بعدك شئ، وأنت الظاهر فليس فوقك شئ وأنت الباطن فليس دونك شئ، اقض عنا الدين واغننا من الفقر)([34])

وقولك: (اللهم رب السموات السبع، ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شئ، منزل التوراة والإنجيل والفرقان، فالق الحب والنوى، لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر كل شئ، أنت آخذ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شئ، وأنت الآخر فليس بعدك شئ، وأنت الظاهر ليس فوقك شئ، اقض عنا الدين، واغننا من الفقر)([35])

ومن الأدعية والأذكار المأثورة عنك عند قيامك للتهجد قولك: (اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم)([36])

وقولك بعدها: (اللهم لك الحمد، أنت قيم السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد، لك ملك السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد، أنت نور السماوات والأرض، ولك الحمد، أنت ملك السماوات والأرض، ولك الحمد أنت الحق، ووعدك الحق، ولقاؤك حق، وقولك حق، والجنة حق، والنار حق، والنبيون حق، ومحمد حق، والساعة حق، اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت)([37])

وقولك بعدها: (لا إله إلا أنت سبحانك، اللهم أستغفرك لذنوبي، وأسألك رحمتك، اللهم زدني علما ولا تزع قلبي بعد إذ هديتني، وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب)([38])

وغيرها من الأذكار والأدعية الكثيرة التي ألفت فيها المصنفات الطويلة .. بالإضافة إلى تعليمك لنا كيف نستعيذ بالله من كل ما يمكن أن يؤذينا.. حتى نصحب الله في كل أحوالنا.. وحتى لا تؤثر فينا الظروف المختلفة، لنبتعد عن ربنا، ونتعلق بما سواه، أو نرى نفعنا عند غيره.

فقد علمتنا كيف نستعيذ بالله من الكسل، وسوء القضاء ودَرْك الشقاء، وشماتة الأعداء، وجَهْد البلاء، والعجز والهرم والمأثم والمغرم، وشر ما خلق الله، وضَلْع الدَّين وغَلَبة الرجال، وشر الغنى والفقر والقلة والذِّلَّة، وزوال النعمة وتحويل العافية، وفُجاءة النِّقمة وجميع سخط الله، والشِّقاق والنفاق وسوء الأخلاق، والجوع والخيانة، وعلماً لا ينفع وقلباً لا يخشع ونفساً لا تشبع ودعاءً لا يُسمع، وشر السمع وشر البصر وشر اللسان وشر القلب وشر المنيِّ، والهدم والتردِّي والغرق والحرق، وتخبُّطَ الشيطان والموت في سبيل الله مدبراً، والموت لديغاً، والبرص والجنون والجُذام وسئ الأسقام، ومنكراتِ الأخلاق والأهواء والأعمال.

كما علمتنا ـ سيدي ـ كيف ندعو الله، ولكل حاجاتنا، ومنها هذا الدعاء الرقيق: (اللهم إني أسألك خير المسألة وخير الدعاء، وخير النجاح، وخير العمل، وخير الثواب، وخير الحياة، وخير الممات، وثبتني وثقل موازيني وأحق إيماني، وارفع درجتي، وتقبل صلاتي، واغفر خطيئتي، وأسألك الدرجات العلا من الجن.. اللهم إني أسألك فواتح الخير، وخواتمه، وجوامعه، وأوله، وآخره، وظاهره، وباطنه والدرجات العلا من الجنة.. اللهم إني أسألك خلاصا من النار سالما، وأدخلني الجنة آمنا، اللهم إني أسألك أن تبارك لي في نفسي، وفي سمعي، وفي بصري، وفي روحي، وفي خلقي، وفي خليقتي، وأهلي، ومحياي، وفي مماتي.. اللهم تقبل حسناتي، وأسألك الدرجات العلا من الجنة آمين)([39])

ومنها: (اللهم متعني بسمعي، وبصري، واجعلهما الوارث مني، وعافني في ديني، واحشرني على ما أحييتني وانصرني على من ظلمني، حتى تريني منه ثأري، اللهم إني أسلمت ديني إليك، وخليت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، آمنت برسولك الذي أرسلت، وكتابك الذي أنزلت)([40])

ومنها: (اللهم اجعلني أخشاك حتى كأني أراك أبدا حتى ألقاك، وأسعدني بتقواك، ولا تشقني بمعصيتك، وخر لي في قضائك، وبارك لي في قدرك حتى لا أحب تعجيل ما أخرت، ولا تأخير ما عجلت، واجعل غنائي في نفسي، وامتعني بسمعي وبصري، واجعلهما الوارث مني، وانصرني على من ظلمني، وأرني فيه ثأري، وأقر بذلك عيني)([41])

ومنها: (اللهم إني أسألك إيمانا يباشر قلبي، حتى أعلم أنه لا يصيبني إلا ما كتب لي، ورضا من المعيشة بما قسمت لي)([42])

ومنها: (اللهم بارك لي في ديني الذي هو عصمة أمري، وفي آخرتي التي إليها مصيري وفي دنياي التي فيها بلاغي، واجعل حياتي زيادة في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر)([43]

ومنها: (اللهم اجعلني شكورا، واجعلني صبورا واجعلني في عيني صغيرا، وفي عين الناس كبيرا) ([44])

ومنها: (اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جدي وهزلي، وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت، وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم، وأنت المؤخر، وأنت على كل شئ قدير)([45])

ومنها: (اللهم اغسل خطاياي بماء الثلج والبرد ونق قلبي من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وباعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب)([46]

ومنها: (اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد، اللهم طهر قلبي من الخطايا كما طهرت الثوب الأبيض من الدنس، وباعد بيني وبين ذنوبي كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع، ونفس لا تشبع ودعاء لا يسمع، وعلم لا ينفع، اللهم إني أعوذ بك من هؤلاء الأربع اللهم إني أسألك عيشة نقية، وميتة سوية، ومردا غير مخز ولا فاضح)([47]

ومنها: (اللهم إني ضعيف فقو في رضاك ضعفي، وخذ إلى الخير بناصيتي، واجعل الإسلام منتهى رضائي، اللهم إني ضعيف فقوني، وإني ذليل فأعزني، وإني فأغنني، اللهم بلغني من رحمتك ما أرجو من رحمتك، واجعل لي ودا عند الذين آمنوا وعهدا عندك) ([48])

ومنها: (اللهم إني أسألك الطيبات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تتوب علي، وإن أردت بعبادك فتنة أن تقبضني إليك غير مفتون)([49])

ومنها: ((اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا علمت الوفاة خيرا لي، اللهم أسألك خشيتك في الغيب والشهادة وكلمة الإخلاص في الرضا والغضب وأسألك القصد في الفقر والغنى، وأسألك نعيما لا ينفذ، وقرة عين لا تنقطع وأسألك الرضى بالقضاء، وبرد العيش بعد الموت، ولذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك، وأعوذ بك من ضراء مضرة، وفتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهديين)([50])

ومنها: (اللهم أصلح لي في ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة لي زيادة في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر)([51])

ومنها: (اللهم ارزقني حبك، وحب من يحبك، وحب من ينفعني حبه عندك، اللهم ما رزقتني مما أحب فاجعله قوة لي فيما تحب، اللهم وما زويت عني مما أحب فاجعله قوة لي فيما تحب)([52])

ومنها: (اللهم انفعني بما علمتني، وعلمني ما ينفعني، وارزقني علما تنفعني به)([53])

ومنها: (اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة)([54])، (ومن كان ذلك دعاءه مات قبل أن يصيبه البلاء)([55])

ومنها: (اللهم احفظني بالإسلام قائما، واحفظني بالإسلام قاعدا، واحفظني بالإسلام راقدا، لا تشمت بي عدوا ولا حاسدا، اللهم إني أسألك من كل خير خزائنه بيدك وأعوذ بك من كل شر خزائنه بيدك أنت آخذ بناصيته)([56])

ومنها: (اللهم اجعلني أعظم شكرك، وأكثر ذكرك، وأتبع نصيحتك، وأحفظ وصيتك.. اللهم أقلني عثرتي، واستر عورتي، واكفني، وأعني على من ظلمني، وأرني ثأري.. للهم إنك لست بإله استحدثناه، ولا برب ابتدعناه ولا كان لنا قبلك إله نلجأ إليه ونذرك، ولا أعانك على خلقنا أحد، فنشك فيك ـ أو نشركه فيك ـ تباركت وتعاليت إنك أنت التواب الرحيم)([57]

ومنها: (اللهم لا تسلط علي عدوا أبدا، ولا تشمت بي عدوا أبدا، ولا تنزع مني صالحا اكتسبته أبدا، وإذا أردت فتنة قوم، فتوفني إليك غير مفتون، وأرني الحق حقا أتبعه، وأرني المنكر منكرا أجتنبه، ولا تجعل شيئا من ذلك علي اشتباها فأتبع هواي بغير هدى منك، وأتبع هواي محبتك ورضا نفسك، واهدني لما اختلف فيه من الحب بإذنك)([58])

ومنها: (لبّيك اللهمّ لبّيك وسعديك، والخير في يديك ومنك وبك وإليك، اللهمّ ما قلت من قول أو نذرت من نذر أو حلفت من حلف فمشيئتك بين يديه، ما شئت كان، وما لم تشأ لم يكن، ولا حول ولا قوّة إلّا بك، إنّك على كلّ شيء قدير، اللهمّ وما صلّيت من صلاة فعلى من صلّيت، وما لعنت من لعنة فعلى من لعنت، إنّك أنت وليّي في الدّنيا والآخرة، توفّني مسلما وألحقني بالصّالحين، أسألك اللهمّ الرّضا بعد القضاء، وبرد العيش بعد الممات ولذّة نظر إلى وجهك، وشوقا إلى لقائك من غير ضرّاء مضرّة ولا فتنة مضلّة، أعوذ بك اللهمّ أن أظلم أو أظلم، أو أعتدي أو يعتدى عليّ، أو أكتسب خطيئة محبطة، أو ذنبا لا يغفر، الّلهمّ فاطر السّماوات والأرض عالم الغيب والشّهادة ذا الجلال والإكرام، فإنّي أعهد إليك في هذه الحياة الدّنيا وأشهدك وكفى بك شهيدا، أنّي أشهد أن لا إله إلّا أنت وحدك لا شريك لك، لك الملك ولك الحمد وأنت على كلّ شيء قدير، وأشهد أنّ محمّدا عبدك ورسولك، وأشهد أنّ وعدك حقّ، والجنّة حقّ، والسّاعة آتية لا ريب فيها، وأنت تبعث من في القبور، وأشهد أنّك إن تكلني إلى نفسي؛ تكلني إلى ضيعة وعورة وذنب وخطيئة، وإنّي لا أثق إلّا برحمتك فاغفر لي ذنبي كلّه إنّه لا يغفر الذّنوب إلّا أنت، وتب عليّ إنّك أنت التّوّاب الرّحيم)([59])

وغيرها من الأدعية الكثيرة التي لا يزال محبيك ومتبعيك يرددونها، فيشعرون بالقرب من الله، ومنك، ويتقون بها من كل ذلك الدجل والخرافة الذي حاول المحرفون أن يغيروا بها دينك.. لكن الله شاء أن يحفظه بكتابه، وبتلك الآثار العظيمة المروية عنك، وعن أهل بيتك.

فأسألك ـ سيدي ـ وأتوسل بك إلى الله أن أكون من الذاكرين الله كثيرا، أولئك الذين لا تفتر ألسنتهم وقلوبهم عن ذكر ربهم.

 وأسألك ـ سيدي ـ أن ينيلني الله من الأحوال والفضائل ما وعد به الذاكرين، حتى يكون ذكري مرقاة أرقى به إليه، ومعراجا أرحل به من عالم نفسي الأمارة بالسوء، إلى عالم النفس المطمئنة بذكر الله، الراضة عن الله، المرضية بفضل الله.


([1])المراد بالنَّجي: المُناجِي، كما قال تعالى: { فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا } [يوسف: 80]، أي يناجي بعضهم بعضا.

([2])   رواه البخاري ومسلم.

([3])   رواه مسلم.

([4])   رواه مسلم.

([5])   رواه  البخاري ومسلم.

([6])   رواه  الترمذي وابن ماجه..

([7])   رواه الترمذي وابن ماجه.

([8])   رواه مسلم.

([9])   رواه البخاري ومسلم.

([10])   رواه مسلم.

([11])   رواه مسلم.

([12])   رواه مسلم.

([13])   رواه مسلم.

([14])   رواه الترمذي.

([15])   رواه أحمد والترمذي.

([16])   رواه البخاري ومسلم.

([17])   رواه الترمذي.

([18])   رواه البخاري.

([19])   مع تبديل الصيغة بقوله: (: أصبحنا وأصبح الملك لله) رواه مسلم.

([20])   رواه مسدد وابن أبي شيبة وأحمد، والطبراني، والبزار.

([21])   رواه أبو يعلى برجال ثقات.

([22])   رواه أبو يعلى.

([23])   رواه الترمذي وابن ماجة والحاكم.

([24])  ذكره النووي في الأذكار.

([25])   رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

([26])   رواه الترمذي، وقال: حديث حسن.

([27])   رواه أبو داود والترمذي.

([28])   رواه النسائي.

([29])   رواه البخاري.

([30])   رواه الطبراني.

([31])   رواه أبو داود.

([32])   رواه أبو داود.

([33])   رواه الطبراني.

([34])   رواه ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم وابن مردويه، والبيهقي.

([35])   رواه ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم وابن مردويه، والبيهقي.

([36])    رواه مسلم.

([37])   رواه البخاري.

([38])   رواه أبو داود.

([39])   رواه الطبراني برجال ثقات.

([40])   رواه الطبراني.

([41])   رواه الطبراني والبزار.

([42])   رواه الطبراني.

([43])   رواه البزار برجال ثقات.

([44])   رواه البزار برجال ثقات.

([45])   رواه البخاري ومسلم.

([46])   رواه البخاري ومسلم.

([47])   رواه أبو يعلى، ورواه مسلم والترمذي والنسائي مختصرا.

([48])   رواه ابن الضحاك.

([49])   رواه البزار بسند حسن.

([50])   رواه النسائي وابن ماجه، والحاكم.

([51])   رواه مسلم.

([52])   رواه الترمذي وقال: حسن غريب.

([53])   رواه الحاكم، والنسائي.

([54])   رواه ابن حبان، والحاكم.

([55])   زيادة للطبراني.

([56])   رواه الحاكم، عن ابن مسعود وابن حبان.

([57])   رواه ابن الضحاك، وأحمد.

([58])   رواه ابن الضحاك.

([59])  رواه أحمد والطبراني.

د. نور الدين أبو لحية

كاتب، وأستاذ جامعي، له أكثر من مائة كتاب في المجالات الفكرية المختلفة، وهو مهتم خصوصا بمواجهة الفكر المتطرف والعنف والإرهاب، بالإضافة لدعوته لتنقيح التراث، والتقارب بين المذاهب الإسلامية.. وهو من دعاة التواصل الإنساني والحضاري بين الأمم والشعوب.. وقد صاغ كتاباته بطرق مختلفة تنوعت بين العلمية والأكاديمية والأدبية.

You may also like...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *