مهبط البركات

وكيف لا تكون كذلك سيدي، وأنت القريب من الله.. فلا يقترب منك أحد إلا اقترب من فضل الله، ونال من بركاته.. ولا يبتعد عنك إلا ونزل عليه الشؤم، وامتلأت حياته بالتعاسة والظلمات.. وكيف ينال النور من ابتعد عن سراجه المنير؟
لا أزال أذكر سيدي حليمة السعدية.. تلك التي جاءت مكة، وأنت صبي صغير لا تزال في حجر أمك، فقد ذكرت أنها خرجت من بلدها مع زوجها، وابن لها صغير ترضعه في نسوة من بني سعد، وذلك في سنة شهباء، لم تبق لهم شيئا.. لكنها فوجئت بالسعد يطل عليها بمجرد حملها لك، وأخذك معها إلى بلادها، وقد عبرت عن ذلك بقولها: (فلما أخذته رجعت به إلى رحلي، فلما وضعته في حجري أقبل عليه ثدياي بما شاء من لبن، فشرب حتى روي وشرب معه أخوه حتى روي، ثم ناما، وما كنا ننام معه قبل ذلك.. وقام زوجي إلى شارفنا تلك، فإذا إنها لحافل فحلب منها ما شرب وشربت معه حتى انتهينا ريا وشبعا، فبتنا بخير ليلة، فقال صاحبي حين أصبحنا: تعلمي والله يا حليمة لقد أخذت نسمة مباركة، فقلت: والله إني لأرجو ذلك)([1])
ثم ذكرت عجبها وعجب الناس مما حصل لهم عند العودة، فقالت: (ثم خرجنا وركبت أتاني، وحملته عليها معي، فوالله لقطعت بالركب ما يقدر عليها أبي ذؤيب، حتى قال الذين معي: ويحك أربعي علينا، أليست هذه أتانك التي كنت خرجت عليها؟ فأقول لهن: بلى والله إنها لهي هي، فيقلن: والله إن لها لشأنا.. ثم قدمنا منازلنا من بلاد بني سعد، وما أعلم أرضا من أرض الله أجدب منها، فكانت غنمي تروح علي حين قدمنا به معنا شباعا لبنا، فنحلب ونشرب وما يحلب إنسان قطرة لبن ولا يجدها في ضرع حتى كان الحاضرون من قومنا يقولون لرعيانهم: ويلكم اسرحوا حيث يسرح راعي بنت أبي ذؤيب، فتروح أغنامهم جياعا ما تبض بقطرة لبن وتروح غنمي شباعا لبنا.. فلم نزل نتعرف من الله الزيادة والخير حتى مضت سنتاه وفصلته)([2])
ولا أزال أذكر ـ سيدي ـ فترة كفالة عمك أبي طالب لك، وكيف ظهرت بركاتك عليه.. وقد وصف بعضهم ذلك، فقال: (لما توفي عبد المطلب كفل أبو طالب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فكان يكون معه، وكان يحبه حبا شديدا لا يحبه ولده، وكان لا ينام إلا إلى جنبه، وصب به صبابة لم يصب مثلها قط، وكان يخصه بالطعام، وكان عيال أبي طالب إذا أكلوا جميعا أو فرادى لم يشبعوا، وإذا أكل معهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شبعوا.. وكان أبو طالب إذا أراد أن يغديهم أو يعشيهم، يقول: كما أنتم حتى يحضر ابني، فيأتي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيأكل معهم، فيفضلون من طعامهم، وإن لم يكن معهم لم يشبعهم، وإن كان لبنا شرب أولهم، ثم يتناول العيال القعب، فيشربون منه، فيروون عن آخرهم من القعب الواحد، وإن كان أحدهم ليشرب قعبا وحده، فيقول أبو طالب: إنك لمبارك.. وكان الصبيان يصبحون رمصا شعثا، ويصبح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دهينا كحيلا)([3])
ولهذا كان عمك يستسقي بك، وكيف لا يفعل ذلك، وهو يعلم من شأنك ما سمعه من أبيه وأمك، وقد روي عن بعضهم قوله: (قدمت مكة وقريش في قحط، فقائل منهم يقول: اعتمدوا واللات والعزى، وقائل منهم يقول: اعتمدوا مناة الثالثة الأخرى، فقال شيخ وسيم حسن الوجه جيد الرأي: أنى تؤفكون، وفيكم بقية إبراهيم وسلالة إسماعيل، قالوا: كأنك عنيت أبا طالب؟ قال: إيها.. فقاموا بأجمعهم، وقمت معهم، فدققناه عليه بابه، فخرج إلينا رجل حسن الوجه، عليه إزار قد اتشح به، فثاروا إليه، فقالوا: يا أبا طالب أقحط الوادي، وأجدب العيال، فهلم فاستسق لنا.. فخرج أبو طالب، ومعه غلام كأنه شمس دجنة، تجلت عليه سحابة قتماء، وحوله أغيلمة، فأخذه أبو طالب، فألصق ظهره بالكعبة، ولاذ بأضبعه الغلام وما في السماء قزعة، فأقبل السحاب من هاهنا وهاهنا أغدق واغدودق وانفجر له الوادي وأخصب النادي والبادي)([4])
وقد قال أبو طالب في ذلك يمدحك:
وأبيض يستسقي الغمام بوجهه … ثمال اليتامى عصمة للأرامل
يلوذ به الهلاك من آل هاشم … فهم عنده في نعمة وفواضل
وقد حدث عن بعض بركاتك عليه، فقال: كنت بذي المجاز مع ابن أخي ـ يعني النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ فأدركني العطش، فشكوت إليه، فقلت: يا ابن أخي قد عطشت.. وما قلت له ذلك، وأنا أرى عنده شيئا إلا الجزع قال: فثنى وركه، ثم قال: يا عم عطشت؟ قلت: نعم.. فأهوى بعقبه إلى الأرض، فإذا أنا بالماء، فقال: اشرب، فشربت)([5])
هذه بعض بركاتك على أهل بيتك قبل أن يبعثك الله رسولا إلى عباده، أما بعدها، فهي كثيرة جدا، لا يمكن حصرها ولا وصفها ولا حدها.. وكيف يمكن ذلك.. وما من فرد من أمتك إلا وهو يعيش في ظلال بركاتك التي لا تنتهي؟
وكيف يمكن ضبطها، ونحن كلما ذكرناك، وملأنا قلوبنا بك، كلما من الله علينا من نعم الظاهر والباطن ما لا يمكن وصفه ولا ضبطه ولا حده.
ولكن مع ذلك ائذن لي ـ سيدي ـ أن أشنف قلبي بذكر بعض بركاتك على حياة الناس في الجيل الذي تشرف بظهورك المبارك فيه.. وهي نقطة من بحر بركاتك.. وقبس من نورها.. وهي كافية للدلالة على ما أتاحه الله لك.. وكيف لا يتيحه، وأنت أقرب المقربين، وسيد الأولين والآخرين.
فمن تلك البركات ما حدث به جابر قال: قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أياما لم يطعم طعاما حتى شق ذلك عليه فطاف في منازل أزواجه فلم يصب عند واحدة منهن شيئا، فأتى فاطمة، فقال: (يا بنية، هل عندك شيء آكله، فإني جائع) فقالت: لا والله، فلما خرج من عندها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعثت إليها جارة لها برغيفين وقطعة لحم، فأخذته منها، فوضعته في جفنة لها وغطت عليها، وقالت: والله، لأوثرن بهذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على نفسي ومن عندي، فكانوا جميعا محتاجين إلى شبعة طعام، فبعثت حسنا أو حسينا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرجع إليها فقالت له: قد أتى الله بشيء فخبأته لك، قال: (هلمي يا بنية)، فكشفت عن الجفنة، فإذا هي مملؤة خبزا ولحما، فلما نظرت إليها بهتت وعرفت أنها بركة من الله عز وجل، فحمدت الله عز وجل وصلت على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم وقدمته إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلما رآه حمد الله عز وجل، وقال: (من أين لك هذا يا بنية؟) قالت: يا أبت، هذا من عند الله، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب، فقال: (الحمد لله الذي جعلك شبيهة بسيدة نساء بني إسرائيل، فإنها كانت إذا رزقها الله عز وجل شيئا فسئلت عنه قالت: هو من عند الله، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب،) فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى علي، ثم أكل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلي وفاطمة وحسن وحسين وجميع أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته حتى شبعوا وبقيت الجفنة كما هي فأوسعت بقيتها على جميع جيرانها، وجعل الله عز وجل فيها بركة وخيرا كثيرا ([6]).
ومنها ما حدث به الإمام علي قال: نمنا ليلة بغير عشاء فأصبحت فالتمست فأصبت ما أشتري به طعاما ولحما بدرهم، ثم أتيت به فاطمة فخبزت وطبخت، فلما فرغت، قالت: لو أتيت أبي، فدعوته، فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول: (أعوذ بالله من الجوع ضجيعا)، فقلت: يا رسول الله، عندنا طعام فهلم، فجاءوا والقدر تفور، فقال: (اغرفي لعائشة في صحفة) حتى غرفت لجميع نسائه، ثم قال: (اغرفي لأبيك وزوجك)، فغرفت، فقال: (اغرفي فكلي)، فغرفت ثم رفعت القدر، وإنها لتفيض فأكلنا منها ما شاء الله عز وجل([7]).
ومنها ما حدث به جابر بن عبد الله عن نفسه، وكيف نالته بركاتك، حيث ذكر أن أباه توفي، وترك عليه ثلاثين وسقا، لرجل من اليهود، فاستنظره جابر، فأبى أن ينظره، فكلمك لتشفع إليه، فجئت اليهودي، فكلمته ليأخذ تمر نخله بالذي له، فأبى، فدخلت إلى بستانه، فمشيت فيه، ثم قلت له: يا جابر، جد له([8])، فأوفه الذي له، فجد بعدما رجعت، فأوفاه ثلاثين وسقا، وفضلت له سبعة عشر وسقا([9]).
ومثل ذلك ما حصل لفرس أنس بن مالك، التي حدث عنها وعن بركاتك عليها، فقال: (فزع الناس، فركب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرسا لأبي طلحة بطيئا، ثم خرج يركض وحده، فركب الناس يركضون خلفه، فقال: (لن تراعوا إنه لبحر)، قال: فوالله ما سبق بعد ذلك اليوم)([10])
ومثل ذلك ما حصل لخباب بن الأرت، فقد حدثت ابنته، قالت: خرج خباب في سرية، فكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتعاهدنا حتى كان يحلب عنزا لنا، فكان يحلبها في جفنة لنا فتمتلئ فلما قدم خباب حلبها، فعاد حلابها كما كان، فقالت أمي: أفسدت علينا شاتنا، قال: وما ذاك؟ قالت: إن كانت لتحلب مل ء هذه الجفنة، قال: ومن كان يحلبها؟ قالت: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: وقد عدلتيني به؟ هو والله أعظم بركة ([11]).
ومثل ذلك ما حصل لنوفل بن الحارث فقد روي عنه أنه استعان بك من أجل الزواج، فأرسلت بعض أصحابك بدرعه فرهناه عند يهودي بثلاثين صاعا من شعير، فدفعته إليه، قال: فطعمنا منه نصف سنة ثم كلناه فوجدناه، كما أدخلناه.. وعندما ذكر ذلك لك قلت له: (لو لم تكله لأكلت منه ما عشت)([12])
ومثل ذلك ما حصل لحمزة الأسلمي، فقد روي عنه أنه قال: عملت طعاما للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم ذهبت به، فتحرك به النحي فأهريق ما فيه، فقلت: على يدي أهريق طعام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ادنه) فقلت: يا رسول الله لا أستطيع، فرجعت مكاني، فإذا النحي يقول قب قب، فقلت: مه قد أهريق فضلة فضلت فيه، فاجتذبته، فإذا هو قد ملئ إلى يديه، فأوكيته، ثم جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكرت له ذلك، فقال: (أما إنك لو تركته لسال واديا سمنا)([13])
ومثل ذلك ما حصل لمسعود بن خالد فقد روي عنه أنه قال: بعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شاة، ثم ذهبت في حاجة، فرد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شطرها، فرجعت، فإذا لحم، فقلت: يا أم خناس ما هذا اللحم؟ قالت: رد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الشاة التي بعثت بها إليه شطرها، قلت: مالك لا تطعمينه عيالك، قالت: هذا سؤرهم، وكلهم قد أطعمت، وكانوا يذبحون الشاتين والثلاثة فلا تجزئهم([14]).
ومثل ذلك ما حصل لعبد الله بن طهفة فقد روي عنه أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا اجتمع الضيفان قال: (لينقلب كل رجل مع جليسه)، فكنت أنا ممن انقلب مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (يا عائشة، هل من شيء) قالت: حويسة كنت أعددتها لإفطارك، فأتي بها في قعبة فأكل منها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا ثم قدمها إلينا ثم قال: (بسم الله كلوا) فأكلنا منها حتى والله ما ننظر إليها، ثم قال: (هل من شراب؟) فقالت لبينة: أعددتها لإفطارك، فجاءت بها فشرب منها شيئا، ثم قال: (باسم الله اشربوا)، فشربنا حتى والله ما ننظر إليها([15]).
ومثل ذلك ما حصل لرجل أتاك يستطعمك، فأطعمته شطر وسق شعير، فما زال يأكل منه هو وامرأته ومن ضيفهما حتى كالوه فأخبروك، فقلت له: (لو لم تكله لأكلتم منه ولقام لكم)([16])
ومثل ذلك ما حصل لأم سليم، فقد حدثت عن بعض ما رأته من بركاته، فقالت: كانت لنا شاة فجمعت من سمنها في عكة فملأتها العكة، وبعثت بها مع الجارية فقالت: أبلغي هذه العكة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: يا رسول الله هذه عكة سمن بعثت بها إليك أم سليم، قال: (فرغوا لها عكتها)، ففرغت العكة فدفعت إليها فانطلقت وجاءت أم سليم، فرأت العكة ممتلئة تقطر فقالت: أليس قد أمرتك أن تنطلقي بها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: قد فعلت فإن لم تصدقيني فانطلقي فسلي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فانطلقت أم سليم، فقالت: يا رسول الله إني بعثت إليك بعكة سمن قال: (قد فعلت جاءت بها)، قالت: والذي بعثك بالهدى ودين الحق إنها لممتلئة تقطر سمنا، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يا أم سليم أتعجبين إن كان الله أطعمك كما أطعمت نبيه، كلي وأطعمي)، فجاءت إلى البيت، ففتت لنا كذا وكذا وتركت فيها ما ائتدمنا شهرا أو شهرين([17]).
ومثل ذلك ما حصل يوم الخندق، حيث أطعمت ـ سيدي ـ جيش المسلمين الذي كان يحفر يوم الخندق من طعام فئة قليلة من الناس، وقد حدث صاحب الوليمة جابر بن عبد الله عن ذلك، فقال: كنا يوم الخندق نحفر الخندق، فعرضت فيه كذانة، وهي الجبل، فقلنا: يا رسول الله، إن كذانة قد عرضت فيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (رشوا عليها)، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأتاها، وبطنه معصوب بحجر من الجوع، فأخذ المعول أو المسحاة، فسمى ثلاثا ثم ضرب، فعادت كثيبا أهيل، فقلت له: ائذن لي يا رسول الله إلى المنزل، ففعل، فقلت للمرأة: هل عندك من شيء؟ فقالت: عندي صاع من شعير وعناق، فطحنت الشعير وعجنته، وذكت العناق وسلختها، وخليت من المرأة، وبين ذلك، ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فجلست عنده ساعة ثم قلت: ائذن لي يا رسول الله، ففعل، فأتيت المرأة فإذا العجين واللحم قد أمكنا، فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقلت: إن عندي طعيما([18]) لنا، فقم يا رسول الله أنت ورجلان من أصحابك، فقال: (وكم هو؟) فقلت: صاع من شعير، وعناق، فقال للمسلمين جميعا: (قوموا إلى جابر)، فقاموا، فلقيت من الحياء ما لا يعلمه إلا الله، فقلت: جاء بالخلق على صاع شعير وعناق، فدخلت على امرأتي أقول: افتضحت، جاءك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالجند أجمعين، فقالت: هل كان سألك كم طعامك؟ فقلت: نعم، فقالت: الله ورسوله أعلم، قد أخبرناه ما عندنا، فكشفت عني غما شديدا.. فدخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: خذي ودعيني من اللحم، فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يثرد، ويغرف اللحم، ثم يخمر هذا، ويخمر هذا، فما زال يقرب إلى الناس حتى شبعوا أجمعين، ويعود التنور والقدر أملأ ما كانا، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (كلي وأهدي)، قال جابر: فلم نزل نأكل ونهدي يومنا أجمع([19]).
ومثل ذلك ما حصل في نفس الغزوة، فقد حدثت ابنة بشير بن سعد، قالت: دعتني أمي فأعطتني جفنة من تمر في ثوبي، ثم قالت: يا بنية، اذهبي إلى أبيك وخالك عبد الله بغدائهما، قالت: فأخذته ثم انطلقت بها، فمررت برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (تعالي ما معك؟) فقلت: يا رسول الله هذا تمر بعثتني به أمي إلى أبي بشير بن سعد وخالي عبد الله بن رواحة يتغديانه، فقال: (هاتيه)، فصببته في كفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فما ملأها، ثم أمر بثوب فبسط، ثم دعا بالتمر فصبه فوق الثوب، ثم قال لإنسان عنده: (اخرج في أهل الخندق أن هلموا إلى الغداء، فاجتمع أهل الخندق عليه، فجعلوا يأكلون منه وجعل يزيد حتى صدر أهل الخندق عنه، وإنه ليسقط من أطراف الثوب)([20])
ومثل ذلك ما حدث به أنس، قال: جئت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فوجدته جالسا مع أصحابه يحدثهم قد عصب بطنه بعصابة، فقلت لبعض أصحابه: لم عصب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بطنه؟ فقالوا: من الجوع، فذهبت إلى أبي طلحة فأخبرته فدخل على أمي فقال: هل من شيء؟ قالت: نعم عندي كسر من خبز وتمرات، فإن جاءنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحده أشبعناه وإن جاء معه بأحد قل عنهم، فقال لي أبو طلحة: قم قريبا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإذا قام فدعه حتى يتفرق عنه أصحابه ثم اتبعه حتى إذا قام على عتبة بابه، فقل: أبي يدعوك، ففعلت ذلك، فلما قلت: أبي يدعوك، قال لأصحابه: (يا هؤلاء تعالوا) ثم أخذ بيدي فشدها، ثم أقبل بأصحابه حتى إذا دنونا من بيتنا أرسل يدي فدخلت وأنا حزين لكثرة من جاء به، فقلت: يا أبتاه، قد قلت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي قلت لي فدعا أصحابه، وقد جاء بهم، فخرج أبو طلحة، فقال: يا رسول الله، إنما أرسلت أنسا يدعوك وحدك ولم يكن عندي ما يشبع من أرى، فقال: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ادخل، فإن الله سيبارك فيما عندك، فدخلت فقال: (اجمعوا ما عندكم ثم قربوه) فقربنا ما كان عندنا من خبز وتمر، فجعلناه على حصير فدعا فيه بالبركة، فقال: (يدخل علي ثمانية) فأدخلت عليه ثمانية، فجعل كفه فوق الطعام، فقال: (كلوا وسموا الله عز وجل) فأكلوا من بين أصابعه حتى شبعوا، ثم أمرني أن أدخل عليه ثمانية فما زال ذلك أمره حتى دخل عليه ثمانون رجلا كلهم يأكل حتى يشبع، ثم دعاني وأمي وأبا طلحة، فقال: (كلوا)، فأكلنا حتى شبعنا، ثم رفع يده، فقال: يا أم سليم، أين هذا من طعامك حين قدمتيه؟ فقالت: بأبي أنت وأمي، لولا أني رأيتهم يأكلون لقلت: ما نقص من طعامنا شيء([21]).
ومثل ذلك ما حصل في غزوة تبوك، حيث أطعم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جيش المسلمين من طعام فئة قليلة من الناس، فقد حدث ابن عباس قال: لما نزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مر الظهران في عمرته بلغ أصحابه أن قريشا تقول: ما يتباعثون من العجف، فقال أصحابه: لو انتحرنا من ظهورنا، فأكلنا من لحمه وحسونا من مرقة لأصبحنا غدا ندخل على القوم وبنا جمامة فقال: (لا تفعلوا، ولكن اجمعوا لي من أزوادكم)، فجمعوا له، وبسطوا الأنطاع، فأكلوا حتى تولوا، وحثا كل واحد منهم في جرابه ([22]).
هذه ـ سيدي ـ بعض بركاتك المرتبطة بالطعام، والذي كان الناس في ذلك الحين في أشد الحاجة إليه.. وهكذا كانت بركاتك على المياه، والتي كانت الحاجة إليها، لا تقل عن الحاجة إلى الطعام، خاصة في تلك البلاد المجدبة.. فقد رويت من بركاتك فيها الكثير، فقد كانت بركاتك تتنزل على الآبار الجافة، فتتحول إلى آبار مملوءة ماء.. وتتنزل على المياه المالحة، فتتحول إلى مياه عذبة.. وتتنزل على المياه القليلة، فتتحول إلى مياه كثيرة.
ومما يروى في ذلك بركاتك التي تنزلت على بئر بتبوك، فقد قلت لأصحابك حين جئتها: (إنكم ستأتون غدا إن شاء الله عين تبوك، وإنكم لن تأتوها حتى يضحى النهار، فمن جاءها فلا يمس من مائها شيئا حتى آتي).. وكانت العين جافة ليس فيها إلا القليل من الماء.. فقمت، وغسلت وجهك ويديك بمائها، ثم أعدته فيها، فجرت بماء كثير، فاستقى الناس، ثم قلت لمعاذ: (يا معاذ، يوشك إن طالت بك حياة أن ترى ماء ههنا قد ملئ جنانا)([23])
ومثل ذلك ما حصل ببئر بقباء، فعن يحيى بن سعيد أن أنس بن مالك آتاهم بقباء، فسأله عن بئر هناك، قال: فدللته عليها فقال: لقد كانت هذه، وإن الرجل لينضح على حماره فتنزح، فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمر بذنوب، فسقى، فإما أن يكون توضأ منه، وإما أن يكون تفل فيه، ثم أمر به، فأعيد في البئر، فما نزحت بعد([24]).
ومثل ذلك ما حصل ببئر باليمن، فعن زياد بن الحارث الصدائي قال: قلت: يا رسول الله، إن بئرنا إذا كان الشتاء وسعنا ماؤها واجتمعنا عليها، وإذا كان في الصيف قل ماؤها وتفرقنا عن مياه حولنا، وقد أسلمنا وكل من حولنا لنا عدو، فادع الله لنا في بئرنا، فيسقينا ماؤها، فنجتمع عليها، ولا نتفرق.. فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بسبع حصيات، فعركهن بيده، ودعا فيهن، ثم قال: (اذهبوا بهذه الحصيات، فإذا أتيتم البئر فألقوا واحدة واحدة، واذكروا اسم الله عز وجل)، قال: ففعلنا ما قال لنا، فما استطعنا أن ننظر إلى قعرها (يعني البئر)([25])
ومثل ذلك ما حصل ببئر أنس، فعن أنس قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منزلنا، فسقيناه من بئر كانت لنا في دارنا، وكانت تسمى في الجاهلية (النزور) فتفل فيها فكانت لا تنزح بعد.
ومثل ذلك ما حصل ببئر الحديبية، فعن البراء وسلمة بن الأكوع قالا: قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحديبية، ونحن أربع عشرة مائة، والحديبية بئر، فنزحناها، فلم نترك فيها قطرة، فقعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على شفيرها، قال البراء: وأتي بدلو فيه ماء فبصق ودعا، ثم قال: (دعوها ساعة) وقال سلمة: فجاشت، فأرووا أنفسهم وركابهم بالماء، فسقينا واستقينا)([26])
ومثل ذلك ما حصل ببئر غرس بالمدينة، فعن أنس قال: جئنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى قباء، فانتهى إلى بئر غرس، وإنه ليستقي منه على حمار، ثم نقوم عامة النهار ما نجد فيها ماء، فمضمض في الدلو ورده، فجاشت بالرواء([27]).
ومثل ذلك ما ورد في الروايات الكثيرة من بركاتك على الماء القليل، فيتحول إلى كثير، ومن تلك الروايات ما حدث به أنس قال: كنا في سفر مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال لأبي قتادة: (أمعكم ماء؟)، قلت: نعم، في ميضأة فيها شيء من ماء، قال: (ائت بها)، قال: فأتيته بها، فقال لأصحابه: (تعالوا مسوا منها فتوضئوا)، وجعل يصب عليهم، فتوضأ القوم، وبقيت جرعة، فقال: (يا أبا قتادة، احفظها، فإنها ستكون لها نبأ).. فذكر الحديث إلى أن قال: فقالوا: يا رسول الله، هلكنا عطشنا، انقطعت الأعناق، فقال: (لا هلك عليكم)، ثم قال: (يا أبا قتادة، ائت بالميضأة)، فأتيته بها، فقال: (أطلقوا لي قدحي)، فحللته فأتيته به، فجعل يصب فيه ويسقي الناس، فازدحم الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أيها الناس أحسنوا الملأ، فكلكم سيروى)، فشرب القوم، وسقوا دوابهم وركابهم وملئوا ما كان معهم من إداوة وقربة ومزادة حتى لم يبق غيري وغيره، قال: (اشرب يا أبا قتادة)، قلت: اشرب أنت يا رسول الله، قال: (ساقي القوم آخرهم شربا)، فشربت، وشرب بعدي، وبقي في الميضأة نحو مما كان فيها وهم يومئذ ثلاثمائة([28]).
ومثل ذلك ما حصل في غزوة هوازن، فقد حدث سلمة بن الأكوع، قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هوازن فأصابنا جهد شديد فأتى بشيء من ماء في إداوة، فأمر بها فصبت في قدح، فجعلنا نتطهر حتى تطهرنا جميعا([29]).
ومثل ذلك ما حدث به عمران بن حصين قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في سفر، فاشتكى إليه الناس العطش، فنزل ثم دعا عليا، ورجلا آخر، فقال: (اذهبا فابغيا الماء فإنكما ستجدان امرأة بمكان كذا وكذا معها بعير عليه مزادتان فأتيا بها)، فانطلقا فلقيا امرأة بين مزادتين من ماء على بعير لها، فقالا لها: أين الماء؟ قالت: عهدي بالماء أمس هذه الساعة، فقالا لها: انطلقي إذا، قالت: إلى أين؟ قالا: إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قالت: الذي يقال له الصابئ؟ قالا: هو الذي تعنين([30])، فانطلقا فجاءا بها إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحدثاه بالحديث، قال: فاستنزلوها عن بعيرها ودعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بإناء، فأفرغ فيه من أفواه المزادتين، فمضمض في الماء، وأعاده في أفواه المزادتين، وأوكأ أفواههما، وأطلق الغرارتين، ونودي في الناس: (اسقوا، واستقوا)، فسقى من شاء، واستقى من شاء، وملأنا كل قربة معنا وإداوة، وهي قائمة تنظر ما يفعل بمائها وأيم الله، لقد أقلع عنها، وإنها ليخيل إليها أنها أشد ملئة منها حيث ابتدأ فيها فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (اجمعوا لها طعاما)، فجمعوا لها ما بين عجوة ودقيقة وسويقة حتى جمعوا لها طعاما، فجعلوه في ثوب، وحملوها على بعيرها، ووضعوا الثوب بين يديها، وقالوا لها: تعلمين ما رزأنا من مائك شيئا، ولكن الله هو الذي أسقانا.. فجاءت المرأة أهلها فأخبرتهم، فقالت: جئتكم من أسحر الناس، أو إنه لرسول الله حقا، قال: فجاء أهل تلك القرية، حتى أسلموا كلهم([31]).
ومثل ذلك ما وردت به النصوص الكثيرة المتواترة([32]) من نبع الماء من بين أصابعك الشريفة، وفي مرات متعددة كثيرة.. ومن تلك الروايات ما حدث به أنس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالزوراء، وحانت صلاة العصر، والتمس الناس الوضوء فلم يجدوا ماء، فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بوضوء، فوضع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يده في ذلك الإناء، فحين بسط يده فيه فضم أصابعه فأمر الناس أن يتوضؤوا منه، فرأيت الماء ينبع من بين أصابع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فتوضأوا من عند آخرهم.. قال قتادة: قلت لأنس: كم كنتم؟ قال: كنا زهاء ثلثمائة([33]).
وحدث به عبد الله بن مسعود قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليس معنا ماء، فقال: اطلبوا من معه فضل ماء، فأتى بماء فوضعه في إناء، فوضع يده فيه، فجعل الماء يجري ـ وفي لفظ يخرج من بين أصابعه ـ ثم قال: (حي على الطهور المبارك، البركة من الله) فتوضأوا وشربوا، قال عبد الله: كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل)([34])
وحدث جابر بن عبد الله قال: عطش الناس يوم الحديبية، وكان الذي بين يديه ركوة يتوضأ منها وجهش الناس نحوه، قال: (مالكم؟) قالوا: ليس عندنا ماء نتوضأ به، ولا ماء نشربه إلا ما بين يديك، فوضع يده في الركوة فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون، فشربنا وتوضأنا، قال سالم: قلت لجابر: كم كنتم؟ قال: لو كنا مائة ألف لكفانا، كنا خمس عشرة مائة([35]).
وحدث أبو قتادة، قال: بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نسير في الجيش إذ لحقهم عطش كاد يقطع أعناق الرجال والخيل والركاب عطشا، فدعا بركوة فيها ماء فوضع أصابعه عليها، فنبع الماء من بين أصابعه، فاستقى الناس، وفاض الماء حتى رووا خيلهم وركابهم، وكان من العسكر اثنا عشر ألف بعير، والناس ثلاثون ألفا، والخيل اثنا عشر ألف فرس([36]).
وحدث ابن عباس قال: أصبح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم، وليس في العسكر ماء، فقال رجل: يا رسول الله، ليس في العسكر ماء، قال: هل عندك شيء؟ قال: نعم فأتي بإناء فيه شيء من ماء فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أصابعه في الإناء وفتح أصابعه، قال: فرأيت العيون تنبع من بين أصابع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأمر بلالا ينادي في الناس بالوضوء المبارك([37]).
وحدث أبو ليلى الأنصاري، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في سفر، فأصابنا عطش، فشكونا إليه، فأمره بحفرة فوضع عليها نطعا، ووضع يده عليها، وقال: (هل من ماء؟)، فأتي بماء، فقال لصاحب الإداوة: (صب الماء على كفي، واذكر اسم الله)، ففعل.. قال أبو ليلى: (فلقد رأيت الماء ينبع من بين أصابع النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى روى القوم وسقى ركابهم)([38])
هذه ـ سيدي ـ بعض بركاتك المرتبطة بالطعام والمياه وحاجات الناس الأساسية.. أما بركاتك على الأرواح والقلوب والعقول.. فلا يمكن عدها ولا إحصاؤها.. فأنت شمسها ونورها ودفؤها وحنانها.. ولولاك لظلت قابعة في الظلمات، ممتلئة بالجفاء والغلظة والقسوة.
لقد راح بعض المشاغبين من قومي ـ سيدي ـ يسخرون من تلك الأحاديث، مع كثرتها، وتواترها، ورواية مثلها عن سائر الأنبياء عليهم السلام.. وقد توهموا أن ذلك مناف مع ما تقتضيه قوانين الطبيعة من أن الموزون والمكيل ثابتان لا يتغيران من دون أن يضاف إليهما، أو ينقص منهما.
وكان في إمكانهم أن يطبقوا هذا الحكم على النار التي أراد أعداء إبراهيم عليه السلام حرقه بها.. فهل يجدون في القوانين التي يدرسونها أن النار برد وسلام، أم أنها حر وحرق؟
هم لم يعلموا أن النار والتمر واللبن والماء وكل شيء بيد الله.. وأنه الخالق الذي يزيد ما يشاء، وينقص ما يشاء.. فالملك له، والأمر له.. فإن شاء أن يزيد ما يشاء زاد.. وإن شاء أن ينقص ما شاء ينقص.
وقد روي في الحديث عن أبي رافع قال: أهديت لنا شاة، فجعلتها في قدر، فدخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (ما هذا يا أبا رافع؟) فقلت: شاة أهديت لنا، فطبختها في القدر، فقال: (ناولني الذراع) فناولته ثم قال: (ناولني الذراع يا أبا رافع)، فناولته ثم قال: (ناولني الذراع الآخر) فقلت: يا رسول الله، إنما للشاة ذراعان، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أما إنك لو مسكت لناولتني ذراعا ما دعوت به)([39])
فنسألك ـ سيدي ـ ونتوسل بك إلى الله، نحن الذي حرمنا أن نعيش في ذلك العهد المبارك، أن تمن علينا بأن تزورنا كل حين، لتملأ بيوتنا وحياتنا بما ملأت به بيوت وحياة من تشرفوا بزيارتك لهم..
نحن نعلم ـ سيدي ـ أنك لست بعيدا عنا، ولكنا البعيدون عنك.. فنتوسل بك إلى الله أن يهذب نفوسنا، ويطهر أخلاقنا، ويسمو بأرواحنا حتى تصبح صالحة للقائك وزيارتك وبركاتك..
ونتوسل بك ـ سيدي يا رسول الله ـ إلى الله
أن يعيد لهذه الأمة رشدها، فتعود إليك، وتستنير بهديك، لتنال بركاتك، فلا يمكنها
أن تراها من دون أن تتبعك، أو تسير خلفك، أو تلغي كل شيء يحجبها عنك.. إنك أنت الوسيلة
العظمى.. وصاحب الجاه العظيم.
([1]) سيرة ابن إسحاق، (ص: 49)
([2]) سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد (1/ 387)
([3]) رواه ابن سعد والحسن بن عرفة وابن عساكر وغيرهم.
([4]) السيرة الحلبية = إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون (1/ 170)
([5]) رواه الخطيب وابن عساكر.
([6]) رواه أبو يعلى، انظر: السيوطي في الدر المنثور 2 / 20 وابن كثير في التفسير 2 / 29.
([7]) رواه ابن سعد:1 / 124.
([8]) الجداد: قطع الثمر وجَنْيُه وحصاده.
([9]) رواه البخاري، قال ابن كثير: وهذا الحديث قد روي من طرق متعددة عن جابر بألفاظ كثيرة، وحاصلها أنه ببركة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ودعائه له، ومشيه في حائطه وجلوسه على تمره، وَفَى الله دين أبيه، وكان قد قتل بأحد، وجابر كان لا يرجو وفاءه في ذلك العام ولا ما بعده، ومع هذا فضل له من التمر أكثر وفوق ما كان يؤمله ويرجوه ولله الحمد والمنة.( انظر: البداية والنهاية 6/0121)
([10]) رواه البخاري.
([11]) رواه أحمد وأبو داود الطيالسي وابن سعد والطبراني.
([12]) رواه الحاكم في المستدرك والبيهقي في الدلائل.
([13]) رواه الطبراني وأبو نعيم والبيهقي.
([14]) رواه الطبراني.
([15]) رواه أحمد وأبو نعيم في الدلائل.
([16]) رواه مسلم.
([17]) رواه أبو يعلى والطبراني وأبو نعيم وابن عساكر.
([18]) طعيما: تصغير طعام، أي طعاما قليلا.
([19]) رواه البخاري ومسلم وأحمد والبيهقي في السنن الكبرى والدارمي في سننه وأبو عوانة وابن أبي شيبة في المصنف والفريابي في دلائل النبوة والأصبهاني في دلائل النبوة وغيرهم.
([20]) رواه ابن سعد، وانظر: ابن كثير في البداية 6 / 133.
([21]) رواه مسلم (143 / 2040) والبيهقي في الدلائل 1 / 963 وأبو نعيم في الدلائل 148 وانظر المجمع 8 / 306.
([22]) رواه أحمد231.
([23]) رواه أحمد.
([24]) رواه البيهقي.
([25]) البيهقي في الدلائل: 4 / 127، 5 / 357 وابن كثير في البداية: 5 / 84.
([26]) رواه البخاري ومسلم، وفي غير روايتيهما من طريق ابن شهاب فأخرج سهما من كنانته فوضعه في قليب بئر ليس فيه ماء فروى الناس حتى ضربوا بعطن خيامها.
([27]) رواه ابن سعد.
([28]) رواه مسلم.
([29]) الدلائل للبيهقي (4 / 119).
([30]) ذكر العلماء حسن الأدب الذي حوى عليه قول علي ورفيقه لها لما قالت: الصابئ: (هو الذي تعنين)، لأنه لو قالا لها: لا، لفات المقصود، أو نعم، لما حسن بهما، إذ فيه طلب تقرير ذلك، فتخلصا أحسن تخليص.
([31]) رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
([32]) قال القرطبي: قصة نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وآله وسلم تكررت منه في عدة مواطن في مشاهد عظيمة، ووردت عنه من طرق كثيرة يفيد عمومها العلم القطعي المستفاد من التواتر المعنوي، قال: ولم يسمع بمثل هذه المعجزة العظيمة من غير نبينا صلى الله عليه وآله وسلم حيث نبع الماء من بين عظمه وعصبه ولحمه ودمه.
ونقل ابن عبد البر عن المزني أنه قال: نبع الماء من بين أصابع النبي صلى الله عليه وآله وسلم أبلغ في المعجزة من نبع الماء من الحجر حيث ضربه موسى صلى الله عليه وآله وسلم بالعصا فتفجرت منه المياه، لان خروج الماء من الحجارة معهود، بخلاف خروجه من بين اللحم والدم.
([33]) رواه البخاري ومسلم.
([34]) رواه النسائي والبيهقي وابن مردويه.
([35]) رواه البخاري ومسلم، وهذا الحديث لا يتعارض مع ما ورد في حديث البخاري عن البراء بن عازب قال: كنا يوم الحديبية أربع عشرة مائة، والحديبية بئر فنزحناها فلم نترك فيها قطرة ماء فبلغ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأتاها فجلس على شفيرها، ثم دعا بإناء من ماء فمضمض وبخ في البئر، فمكث غير بعيد ثم استقينا حتى روينا وصررنا ركائبنا.
لأن كل حديث له محل خاص، بالإضافة إلى أن بركته صلى الله عليه وآله وسلم المرتبطة بالبئر مستمرة باقية في البئر بخلاف نبع الماء بين أصابعه الذي غطى حاجة الصحابة للماء في ذلك المحل فقط.
وقد جمع ابن حجر بينهما، فقال: ويحتمل أن يكون الماء لما انفجر من بين أصابعه ويده في الركوة وتوضئوا كلهم وشربوا أمر حينئذ بصب الماء الذي بقي في الركوة في البئر، فتكاثر الماء فيها.
وفي هذا الجمع بعض التكلف، وأولى منه القول بتعدد الحوادث، وهو ما ذكره ابن حبان.
([36]) رواه رواه أبو نعيم.
([37]) رواه أحمد والبزار.
([38]) رواه الطبراني وأبو نعيم.
([39]) رواه أحمد وأبو يعلى.