مجاب الدعوات

سيدي يا رسول الله.. يا صاحب الجاه العظيم، والمقام الرفيع الذي لا ترد معه الدعوات.. ولا تصد عنه الحاجات.. ولا تقف دونه الحجب.
لقد بلغ قربك من الله تعالى إلى الدرجة التي لا تدعو فيها بدعاء إلا استجيب لك، ولا تتمنى أمنية إلا تحققت، ولا ترغب في شيء إلا كان بين يديك؛ فلذلك كنت وسيلة الصادقين إلى ربهم.. لعلمهم أن دعاءك لهم أقرب من دعائهم لأنفسهم.
وكيف يكون دعاؤهم لأنفسهم أقرب إلى الله من دعائك، وقد قال الله تعالى عن دعائك: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: 63]([1])
وكيف يكون دعاؤهم أقرب إلى الله، وأنت الذي قال لك ربك: { وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا } [النساء: 64]، وقد كان يمكن أن يدعوهم إلى الاستغفار بأنفسهم لأنفسهم، لكنه طلب منهم العودة إليك، فاستغفارك لهم أجدى من استغفارهم لأنفسهم.
ولذلك كنت ـ سيدي ـ ملجأ السائلين في حياتك، وبعد وفاتك.. فكل من احتاج حاجة لجأ إليك، وطلب دعاءك، أو توسل إلى الله بدعائك، أو توسل إلى الله بجاهك، أو لجأ إليك أن تدعو له.. إلا أولئك المحجوبين الذين توهموا أن الموت قضى عليك، وأنه لم يعد لك من الأمر شيء، وأن قربك من الله لن يتيح لك أن تلجأ إليه لإغاثة من طلب الغوث، أو إجارة من طلب الإجارة، أو إجابة من طلب شيئا من شؤون الدنيا والآخرة.. وكل ذلك لكونهم حجبوا بأنفسهم وأهوائهم ووساوسهم عنك، وإلا فإنهم لو تركوا تلك الحجب لرأوك لا تزال مستقرا على العرش الذي بوأك الله إياك، وأنزلك فيه، لا ترد من سألك، ولا يحجب عنك من طلبك.
ولو أنهم فعلوا ذلك.. لعاشوا معك مثلما عاش صحابتك، يطلبونك في كل ملمة، ويلجئون إليك عند كل حاجة.. فيجدون عندك كل ما يطلبون، وفوق ما يطلبون.
اسمح لي ـ سيدي ـ أن أشنف قلبي بذكر بعض تلك الأخبار الجميلة التي نقلها لنا الرواة عنك، والتي تدل على تكريم الله لك بإجابة الدعاء، وفي كل المناسبات، ولكل الحاجات.. فلا يخيب من لجأ إليك، ولا يرد صفر اليدين من مد يده إلى حضرتك.
فمن تلك الأخبار ما يرتبط بلجوء المرضى إليك، بعد أن علموا أنك طبيبهم، وأن كل من دخل عيادتك، شفي مهما كان مرضه، ومن غير معاناة، وبغير أدوية.. فقد وردت الروايات الكثيرة تخبر بذلك عنك، وبأسانيد كثيرة متواترة، لا يشكك فيها إلا جاحد.
ومن تلك الروايات ما روي في إبرائك الأعمى والأرمد ومن فقئت عينه، وغيرهم.. فقد روي أنك سألت يوم خيبر عن الإمام علي، فقيل لك: يا رسول الله، يشتكي عينيه، فقلت: (فأرسلوا إليه)، فأتي به فنفثت في عينيه، ثم دعوت له، فبرئ، حتى كأنه لم يكن به وجع، ثم أعطيته الراية([2]).
ومن تلك الروايات ما روي عن حبيب بن فديك أن أباه خرج به إليك، وعيناه مبيضتان لا يبصر بهما شيئا، فسألته: (ما أصابك؟) فقال: وقعت رجلي على بيضة حية فأصيب بصري، فنفثت في عينيه، ودعوت له، فأبصر، حتى أنه صار ـ كما يذكر الراوي عنه ـ يدخل الخيط في الإبرة، وإنه لابن الثمانين سنة، وإن عينيه لمبيضتان([3]).
ومن تلك الروايات ما روي أن قتادة بن النعمان أصيبت عينه يوم أحد، فسالت حدقته على وجنته، فأرادوا أن يقطعوها، ثم بدا لهم أن يستشيروك، فقلت: (لا تقطعوها)، ثم رفعت حدقته، ثم غمزتها براحتك الشريفة، وأنت تقول: (اللهم اكسبه جمالا)، فكانت ـ كما يذكر الرواة ـ أصح عينيه وأحسنهما، بل كان لا يدري أي عينيه أصيبت([4]).
ومن تلك الروايات ما روي عن رفاعة بن رافع بن مالك قال: رميت بسهم يوم بدر، ففقئت عيني، فنفث فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ودعا لي، فما آذاني منها شيء([5]).
ومن تلك الروايات ما روي في إبرائك الأبكم والرتة،ومن أمثلتها ما روي أن امرأة جاءتك بصبي قد شب، فقالت: يا رسول الله ان ابني هذا لم يتكلم منذ ولد، فقلت له مخاطبا: (من أنا؟) قال: (أنت رسول الله)([6])، ثم صار يتحدث من حينها.
ومنها ما روي عن بشير بن عقربة الجهني قال: أتى عقربة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (من هذا معك، يا عقربة؟) قال: ابني بحير قال: (ادن) فدنوت حتى قعدت عن يمينه، فمسح على رأسي بيده، فقال: (ما اسمك؟) قلت: بحير يا رسول الله، قال:: (لا، ولكن اسمك بشير) وكانت في لساني عقدة، فنفث النبي صلى الله عليه وآله وسلم في في، فانحلت من لساني وأبيض كل شيء من رأسي ما خلا ما وضع يده عليه فكان أسود)([7])
ومنها ما روي أن مخوس بن معدي كرب، قال: يا رسول الله، ادع الله أن يذهب عني الرتة، فدعا له، فذهبت([8]).
ومن تلك الروايات ما روي في إبرائك للقرحة والسلعة والحرارة، ومنها ما روي أنك أتيت برجل في رجله قرحة قد أعيا الأطباء علاجها، فوضعت أصبعه على ريقه، ثم رفعت طرف الخنصر، فوضعتها على التراب، ثم رفعتها، فوضعتها على القرحة، ثم قلت: (باسمك اللهم ريق بعضنا بتربة أرضنا ليشفى سقيمنا باذن ربنا)([9])
ومنها ما روي أنك أتيت برجل في كفه سلعة([10]) وقد قال لك: (يا رسول الله هذه السلعة قد آذتني وتحول بيني وبين قائم السيف أن أقبض عليه، وعنان الدابة)، فنفثت في كفه، ثم وضعت كفك الشريفة على السلعة، فما بقي لها أثر ([11]).
وغيرها من الروايات الكثيرة المتواترة التي تدل على إجابة الله لدعائك، وفي شفاء جميع الأمراض، مهما اشتدت وصعبت.. وكيف يشتد على الله أو يصعب عليه مرض، وهو الشافي الذي خلق المرض والدواء؟
ومن تلك الحاجات التي كان أصحابك يقصدونك فيها، وخاصة في تلك البيئة الصحراوية الجافة، الحاجات المرتبة بالاستسقاء وطلب الماء، ونزول الأمطار، ومما روي في ذلك أن رجلاً دخل المسجد يوم جمعة، وأنت قائم تخطب، فاستقبلك قائمًا، ثم قال: (يا رسول الله هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع الله يغثنا)، فرفعت يديك، ثم قلت: (اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا).. قال الراوي، يصف ما حصل بعد دعائك وقبله: (ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة، وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار، فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس، فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت، فلا والله ما رأينا الشمس سبتًا)
ثم ذكر أنه دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة وأنت قائم تخطب، فاستقبلك قائمًا، فقال: يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل، فادع الله يمسكها عنا، فرفعت يديك، ثم قلت: (اللهم حولنا ولا علينا اللهم على الآكام، والظراب ومنابت الشجر)، قال الراوي: (فانقلعت وخرجنا نمشي في الشمس)([12])
ومن تلك الروايات ما حدث به بعض صحابتك، من أن أعرابيا جاءك، فقال: يا رسول الله، لقد أتيناك وما لنا بعير يئط، ولا صبي يصيح وأنشد:
أتيناك والعذراء يدمى لبانها … وقد شغلت أم الصبي عن الطفل
وألقى بكفيه الصبي استكانة …من الجوع ضعفا ما يمر وما يحلي
ولا شئ مما يأكل الناس عندنا سوى … الحنظل القامي والعلهز الغسل
وليس لنا إلا إليك فرارنا … وأين فرار الناس إلا إلى الرسل
فقمت حتى صعدت المنبر، ثم رفعت يديك، فقلت: (اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا مريعا غدقا طبقا عاجلا غير رائث نافعا غير ضار تملا به الضرع وتنبت به الزرع وتحيي به الارض بعد موتها وكذلك تخرجون)
قال الراوي يصف ما حدث: (فوالله ما رد يديه إلى نحره حتى ألقت السماء بأردافها، وجاء أهل الوطابة يضجون: (يا رسول الله الغرق).. حينها رفعت يديك إلى السماء، وقلت: (اللهم حوالينا ولا علينا)، فانجاب السحاب من المدينة، فضحكت سيدي حتى بدت نواجذك، ثم قلت تذكر عمك الصالح أبا طالب: (لله در أبي طالب لو كان حيا قرت عيناه) ([13])،وأنت تقصد بذلك قوله فيك:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه … ثمال اليتامى عصمة للأرامل
ولم يكن ذلك ـ سيدي ـ مقصورا على حادثة أو اثنتين، بل كان يحدث كثيرا، وقد قالت الربيع بنت معوذ بن عفراء: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بعض أسفاره إذا احتاج الناس إلى الماء، فالتمسوا في الركب ماء، فلم يجدوا، فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأمطرت حتى استقى الناس وسقوا([14]).
وروي أن وفد سلامان قدموا في شوال سنة عشر، فقلت لهم: (كيف البلاد عندكم؟) قالوا: مجدبة، فادع الله أن يسقينا في أوطاننا، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (اللهم اسقهم الغيث في بلادهم) فقالوا: يا رسول الله ارفع يديك، فإنه أكثر وأطيب.. فتبسمت، ورفعت يديك حتى بدا بياض إبطيك، ثم رجعوا إلى بلادهم، فوجدوها قد مطرت في اليوم الذي دعوت فيه، وفي تلك الساعة([15]).
ومن تلك الحاجات التي كان أصحابك يقصدونك فيها، وخاصة الفقراء منهم، حاجتهم إلى المطعم، وقد كنت ـ سيدي ـ تلبي حاجتهم، وتدعو الله لهم، فيغدق عليهم بمجرد دعائك من كل ما يحتاجون من الرزق..
ومما يروى في ذلك، ما حدث به بعض أهل الصفة من الفقراء، أنهم بعد صومهم، لم يجدوا ما يفطرون به، ولم يجدوا من يدعوهم إلى طعامه، لشدة الفاقة، فانطلقوا إليك، فأخبروك، ولم يكن في بيتك شيء، فقلت لهم: (فاجتمعوا)، ثم دعوت لهم قائلا: (اللهم إني أسألك من فضلك ورحمتك، فإنها بيدك لا يملكها أحد غيرك)
قال الراوي: (فلم يكن إلا ومستأذن يستأذن، فإذا بشاة مصلية ورغف، فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فوضعت بين أيدينا، فأكلنا حتى شبعنا، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنا سألنا الله من فضله ورحمته، فهذا فضله، وقد ادخر لنا عنده رحمته)([16])
لكنك مع ذلك ـ سيدي ـ ولشدة زهدك في الدنيا، لم تكن تدعو لنفسك بمثل تلك الدعوات، بل كنت تقول: (اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا)([17])
وقد أجاب الله دعاءك، فقد كان رزقك ورزق أهلك القوت في أكثر الأحيان لا يجاوزونه، وكنت تعلل ذلك بقولك: (ما لي وللدنيا! ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها)([18])
ومن تلك الحاجات التي كان أصحابك يقصدونك فيها، طلباتهم للتأمين من بعض المخاوف التي كانت تعتريهم، وخاصة في تلك البيئة التي اجتمع فيها رؤوس النفاق مع رؤوس الشرك واليهودية، ومما يروى في ذلك أن رجلا أتاك يشكو الوحشة، فقلت له: (أكثر من أن تقول: سبحان الملك القدوس رب الملائكة والروح جللت السموات والأرض بالعزة والجبروت)، فقالها الرجل، فذهبت عنه الوحشة والخوف([19]).
ولم تتوقف طلباتهم ـ سيدي ـ عند تلك الطلبات.. بل إنهم كانوا يدعونك حتى في شؤونهم الخاصة، ومن ذلك ما حدث به جابر أن امرأة كان بينها وبين زوجها خصومة، فأتيا إليك، فقالت المرأة: هذا زوجي، والذي بعثك بالحق، ما في الأرض أبغض إلي منه، وقال الآخر: هذه امرأتي، والذي بعثك بالحق ما في الأرض أبغض إلي منها، فأمرتهما أن يدنوا إليه، ثم دعوت لهما، فلم يفترقا من عندك حتى قالت المرأة: والذي بعثك بالحق ما خلق الله شيئا أحب إلي منه، وقال الرجل: والذي بعثك بالحق، ما خلق الله شيئا أحب إلي منها([20]).
وكان بعضهم يطلب منك الدعاء له بالبركة، فكانت دعواتك تستجاب، وبصورة لم يكونوا يتوقعونها، ومما يروى في ذلك ما حدث به أنس بن مالك قال: جاءت أم سليم، وهي أم أنس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد أزرتني بخمارها، وردَّتني ببعضه، فقالت: يا رسول الله هذا أُنيس أتيتك به يخدمك فادع الله له، قال: اللهم أكثر ماله وولده.. وفي لفظ: اللهم أكثر ماله وولده وأطِل عمره واغفر له([21])..
وقد ذكر أنس استجابة الله لدعائك له، فقال: (فو الله إن مالي لكثير، وإن ولدي وولد ولدي يتعادون على نحو المائة.. وحدثتني ابنتي أُمَيْنة أنه قد دفن من صلبي إلى مقدم الحجاج البصرة تسعة وعشرين ومائة .. وإن ثمرتي لتحمل في السنة مرتين، ولقد بقيت حتى سئمت الحياة، وأرجو الرابعة.. وكان لي بستان يحمل في السنة الفاكهة مرتين، وكان فيها ريحان يجيء منها ريح المسك)([22])
ويروى أنك دعوت للسائب بن يزيد، ومسحت بيدك على رأسه، فطال عمره حتى بلغ أربعًا وتسعين سنة، وهو تام القامة معتدل، ولم يشب منه الموضع الذي أصابته يدك، ومُتِّع بحواسه قواه([23]).
وذكر الجعد بن عبد الرحمن بن عوف أثر هذه الدعوة، فقال: (مات السائب ابن يزيد وهو ابن أربع وتسعين سنة، وكان جلدا معتدلا، وقال: لقد علمت ما متعت بسمعي وبصري إلا بدعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم )([24])
ويروى أنك دعوت لعروة بن البارقي بالبركة في بيعه، فكان لو اشترى التراب لربح فيه([25])، وروي عنه قوله: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (بارك الله لك في صفقة يمينك)، فكنت أقوم بالكناسة (مكان بالكوفة) فما أرجع إلى أهلي حتى أربح أربعين ألفا([26]).
ويروى أنك دعوت لعمرو بن الحمق، بعد أن سقاك لبنا فقلت: (اللهم أمتعه بشبابه)، فمرت به ثمانون سنة لم ير الشعرة البيضاء ([27]).
ولم تكتف بكل ذلك ـ سيدي ـ بل كنت تصف من الأدعية النافعة ما يحقق لكل طالب حاجة كل ما يريد، ومن ذلك ما روي أن رجلا قال لك: (يا رسول الله، إن الدنيا أدبرت عني وتولت)، فقلت له: (فأين أنت من صلاة الملائكة، وتسبيح الخلائق، وبه يرزقون، قل عند طلوع الفجر: سبحان الله العظيم وبحمده، سبحان الله العظيم، استغفر الله، مائة مرة، تأتيك الدنيا صاغرة)، قال الراوي: فمكث الرجل ثم عاد، فقال: يا رسول الله، لقد أقبلت علي الدنيا، فما أدري أين أضعها([28]).
ولم يكن ذلك سيدي خاصا بحياتك، بل إن صحابتك، فمن بعدهم، كانوا يتوسلون بك إلى الله بعد وفاتك، فيتحقق لهم كل ما يريدون، وقد روي عن عثمان بن حنيف أنّ رجلاً كان يختلف على عثمان بن عفان في حاجته، وكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته، فلقي ابن حنيف فشكا ذلك إليه، فقال له عثمان بن حنيف: ائت الميضأة ثم ائت المسجد فصلّ فيه ركعتين وقل: (اللهم إنّي أسألك وأتوجه إليك بنبيّك محمد صلى الله عليه وآله وسلم نبي الرحمة، يا محمد إنّي أتوجّه بك إلى ربّي فتقضي لي حاجتي)، وتذكر حاجتك ورُح حتى أروح معك، فانطلق الرجل فصنع ما قال له، ثم أتى باب عثمان بن عفان فجاءه البواب حتى أخذ بيده فأدخله على عثمان بن عفان، فأجلسه معه على الطنفسة، فقال: حاجتك، فذكر حاجته وقضاها له، ثم قال له: ما ذكرت حاجتك حتى كان الساعة، وقال: ما كانت لك من حاجّة، فاذكرها، ثم إنّ الرجل خرج من عنده فلقي عثمان بن حنيف فقال له: (جزاك الله خيراً، ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت إليّ حتى كلّمتَه فيّ)، فقال عثمان بن حنيف: (والله ما كلّمتُه فيك، ولكنّي شهدت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأتاه ضرير فشكا إليه ذهاب بصره فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إن شئت دعوتُ، وإن شئتَ صبرتَ وهو خير؟) قال: فادعُهُ، فأمره صلى الله عليه وآله وسلم أن يتوضّأ فيُحسن وضوءه ويُصلّي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء: (اللهم إنّي أسألك وأتوجّه إليك بنبيّك نبي الرحمة يا محمّد إنّي أتوجّه بك إلى ربّي في حاجتي لتُقضى، اللهمّ شفّعه فيّ)، فوالله ما تفرّقنا وطال بنا الحديث حتى دخل علينا كأن لم يكن به ضُرّ ([29]).
فيا سيدي يا رسول الله.. أتوسل بك إلى الله أن يجعلك في قلوبنا وأرواحنا، وأن تكون معنا في كل أحوالنا.. فأنت جنتنا وسعادتنا.. وبك راحتنا وفرحتنا.. ومن كنت معه لا يعوزه شيء.. ومن كنت صاحبه لا تصيبه فاقة.
فنسألك ـ سيدي ـ أن ترضى عنا، حتى تتحقق
لنا معيتك التي لا تتحقق إلا للذين رضيت عنهم.. واجعلنا ـ سيدي ـ من حزبك وفريقك
وأنصارك والمستشهدين بين يدي وليك الذي هو خليفتك وناصرك ومؤيدك ومسدد أمر أمتك..
إنك أنت الوسيلة العظمى، وصاحب الجاه العظيم.
([1]) هذا أحد الأقوال التي فسرت بها الآية، فقد قال ابن كثير في تفسيره (6/ 89): أي: لا تعتقدوا أن دعاءه على غيره كدعاء غيره، فإن دعاءه مستجاب، فاحذروا أن يدعو عليكم فتهلكوا. حكاه ابن أبي حاتم، عن ابن عباس، والحسن البصري، وعطية العَوفي، والله أعلم.
([2]) رواه البخاري ومسلم.
([3]) رواه ابن أبي شيبة والبيهقي وأبو نعيم.
([4]) رواه أبو يعلى والبيهقي وابن سعد وأبو نعيم.
([5]) رواه الحاكم والبيهقي وأبو نعيم بسند جيد.
([6]) رواه البيهقي.
([7]) رواه اسحاق بن ابراهيم الرملي في فوائده.
([8]) رواه ابن سعد عن عكرمة والزهري وعاصم بن عمرو بن قتادة مرسلا.
([9]) رواه البيهقي.
([10]) السلعة:الغدة تكون في العنق.
([11]) رواه البخاري في التاريخ والطبراني والبيهقي.
([12]) رواه البخاري ومسلم.
([13]) رواه البيهقي وابن عساكر.
([14]) رواه أبو نعيم.
([15]) رواه أبو نعيم.
([16]) رواه البيهقي في الدلائل، ورواه الطبراني وإسناده حسن.
([17]) رواه مسلم.
([18]) التِّرمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح.
([19]) رواه ابن السني.
([20]) رواه الطبراني برجال الصحيح غير مقداد بن داود.
([21]) رواه البخاري في الدعوات.
([22]) رواه الترمذي وغيره، وقال: حديث حسن.
([23]) رواه البخاري كتاب المناقب، ومسلم في الفضائل.
([24]) رواه البخاري.
([25]) رواه البيهقي.
([26]) رواه أبو نعيم.
([27]) رواه ابن أبي شيبة في (مسنده) وأبو نعيم وابن عساكر.
([28]) رواه الخطيب في (رواة مالك).
([29]) انظر الحديث كاملا في : المعجم الكبير للطبراني:9/ 30 و 31.. وانظر قصة الأعمى في: أحمد في المسند (4/ 138)، والترمذي (تحفة 10/ 132، 133)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (ص 417)، وابن ماجة في السنن (1/ 441) والبخاري في التاريخ الكبير (6/ 210). والطبراني في المعجم الكبير (9/ 19)، وفي الدعاء أيضاً (2/ 1289) والحاكم في المستدرك (1/ 313، 519) وصححه وسلمه الذهبي والبيهقي في دلائل النبوة (6/ 166)، وفي الدعوات الكبير.