الخاتمة

بعد هذا العرض الموجز لأمهات القيم التي مثلها الإمام الحسين ، ودعا إليها في حياته جميعا، بل ضحى في سبيلها، نخرج بالنتائج والتوصيات التالية:
يمكن تلخيص أهم النتائج التي توصلنا إليها في هذا الكتاب في العناصر التالية:
1. تبين لنا من خلال استعرض الروايات الواردة عن الإمام الحسين وما ارتبط بها من أحداث أن الإمام الحسين يمثل جميع قيم الدين الأصيل، وأنه قرآن ناطق، وسراط مستقيم، وأن ما حصل في الأمة بعده من انحرافات كان بسبب الانحراف عن منهجه ومنهج سائر الأئمة ومخالفة وصايا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك.
2 ـ رأينا من خلال استقراء ما ورد عنه من روايات أربع قيم كبرى، لا يمكن لمن يريد أن يطبق وصايا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حقه أن يتجاوزها، أو لا يهتم بها، وهي: القيم الإيمانية، والروحية، والأخلاقية، والرسالية، وهي قيم تجمع جميع معاني الدين، بأبعادها الفكرية والوجدانية والسلوكية.
3 ـ دعا الإمام الحسين إلى كل ما يحفظ القيم الإيمانية من التحريف والتغيير والتبديل الذي وقعت فيه معتقدات الملل والنحل الأخرى، والتي تسربت للإسلام عبر تقريب الأمويين لليهود وغيرهم، والذين نشروا التشبيه والتجسم وكل الانحرافات العقدية، ولذلك دعا الإمام الحسين إلى تصحيح العقائد، والعودة إلى المنهج القرآني في التعريف بها، والبرهنة عليها.
4 ـ دعا الإمام الحسين إلى الاهتمام بالقيم الروحية، من خلال التوجه إلى الله بالعبودية ظاهرا وباطنا، وقد ترك لنا ثروة عظيمة في ذلك، تمثل نموذجا صحيا للتربية الروحية السليمة المستمدة من القرآن الكريم، ومن هدي النبوة، والتي لم تتأثر بالرهبنة ولا بالغنوصيات الشرقية والغربية.
5 ـ دعا الإمام الحسين إلى الاهتمام بالقيم الأخلاقية، بجميع معانيها، ومثلها في حياته وسلوكه خير تمثيل، ولذلك أصبح مدرسة في الصبر والتضحية والشهامة والمروءة، وصار نموذجا للشخصية المسلمة المتوازنة التي تمثل الكمال الإنساني في أرقى صوره.
6 ـ من أهم القيم التي مثلها الإمام الحسين في الواقع الإسلامي القيم الرسالية، فقد واجه الطواغيت والظلمة والانحرافات بكل قوة وشجاعة، وقدم كل أنواع التضحية في سبيل ذلك، ولذلك تجاوزت حركته المكان والزمان، وانتشر هديه في كل الأزمنة والأمكنة، لتتحقق على يديه الهداية العامة الشاملة، والتي لا تزال الأمة تنهل من بركاتها إلى اليوم.
من أهم التوصيات التي ندعو إليها من خلال تعرفنا على قيم الدين الأصيل التي أحياها الإمام الحسين ، ومثلها خير تمثيل ما يلي:
1. عدم الاكتفاء بدراسة الإمام الحسين وغيره من الأئمة وفق المنهج التاريخي الذي يعتمد سرد الأحداث أو تحليلها، وربط الشخصيات بالواقع الذي عاشوا فيه فقط، وإنما اعتماد منهج البحث القيمي، ذلك أن الأئمة لم يكونوا أئمة لعصورهم فقط، وإنما كانوا أئمة لجميع الأجيال، ولذلك يمكن لحياتهم أن تساهم في ترقية واقعنا، ورفعه إلى تلك الآفاق السامية التي دعوا إليها.
2. ندعو إلى استعمال كل الوسائل لإحياء الرسالة الحسينية، وبث الوعي الصحيح بمعناها، واستعمالها كوسيلة للتربية بجميع أنواعها، بالإضافة إلى استعمالها في الوعي السياسي الذي يخرج الأمة الإسلامية من تخلفها، ويعيد لها وحدتها وسيادتها.
3. ندعو إلى تنقية تراث أهل البيت من كل ما دسه الأعداء فيه من تحريفات، وذلك بعرضه على القرآن الكريم، وعلى القيم النبيلة التي جاءوا بها، حتى يخرج سليما نقيا متوافقا مع الثقل الأكبر، ذلك أنه يستحيل أن يفترق الثقلان.