هذا محوري.. فما محوركم؟

هذا محوري.. فما محوركم؟

ذكر بعض الفضلاء من خصومي، بعد تفكير وتقدير وتدبر بأن حديثي هو حديث [محور المقاومة]، وأنني بذلك أنتمي إلى هذا المحور.. وظن أنه يسبني بذلك، ولم يعلم أنه يمدحني.. فأنا أفخر بأن أكون خادما لهذا المحور.

وفي نفس الوقت أطالب هذا الفاضل وغيره بأن يخبرني عن المحور الذي ينتمي إليه، والدول التي تدعمه؛ فلعله يقنعني بترك محوري، والانتماء إلى محوره.

أما محوري ـ والذي يبدأ من بلدي ـ فكله يؤمن بعدم أخلاقية التدخل في شؤون الدول، ولذلك كنا ضد التدخل في ليبيا واليمن وسوريا وكل بلاد العالم.. وسرنا بهذا المنطق نتعامل به من دون أي ارتجاج أو مكاييل مزدوجة.

وهو محور يؤمن بالقضية الفلسطينية، ويقف معها في جميع أحوالها، ولم يقم بأي تطبيع، ولم يرفع لإسرائيل أي علم، ولم يبن لها أي سفارة، وهو يعتبر فلسطين جميعا وبحدودها جميعا من البحر إلى النهر.. ولا زال يردد نفس الأغاني التي كانت تردد أيام عز القضية الفلسطينية.

وهو محور يؤمن بأن النظام الأمريكي حليف إسرائيل شيطان أكبر، وأن أنظمة الغرب المستعمر هي نفسها أنظمة الغرب المستعمر، وهي شياطين صغرى.. لا زال لها عقل المستعمر وكبرياءه، ولذلك قد يعود في أي لحظة ليفعل ما فعله سلفه.. لذلك يتعامل مع الكل بحذر وسيادة، ولا يقبل من أحد أن يتدخل في شؤونه.

وهو محور يؤمن بالوحدة العربية والإسلامية، ولا يقبل أي تقسيم.. ولذلك يرفض كل ما يؤدي إلى ذلك من دعوات طائفية، ونعرات عرقية.

وهو محور يواجه الحرب الناعمة والصلبة بكل ما تتطلبه المواجهة من أنواع القوى العسكرية والعلمية والثقافية والفكرية..

هذا هو محوري الذي يمثل مشروعا حضاريا للأمة، يخرج بها من الذلة إلى العزة، ومن التخلف إلى التقدم، ومن التبعية إلى السيادة.. فأخبروني عن محوركم، ومن يمثله من الدول؟

وإن شئتم ألا تخبروني فافعلوا، فأنا أعلم أن محوركم هو عكس محوري في كل شيء.. وأنتم تعلمون كذلك، لكنكم تغضون أبصاركم، وتستغشون ثيابكم، وتغلقون أنوفكم.. حتى لا تروا المستنقع الذي أوقعكم فيه الإعلام المحرض، وحتى لا تشموا روائحه المنتنة.

د. نور الدين أبو لحية

كاتب، وأستاذ جامعي، له أكثر من مائة كتاب في المجالات الفكرية المختلفة، وهو مهتم خصوصا بمواجهة الفكر المتطرف والعنف والإرهاب، بالإضافة لدعوته لتنقيح التراث، والتقارب بين المذاهب الإسلامية.. وهو من دعاة التواصل الإنساني والحضاري بين الأمم والشعوب.. وقد صاغ كتاباته بطرق مختلفة تنوعت بين العلمية والأكاديمية والأدبية.

You may also like...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *