علي جمعة.. المفتي الشجاع

[اضرب على المليان] هي العبارة التي استعملها الإسلاميون ليشوهوا بها فضيلة المفتي المصري الكبير العلامة الصوفي الشيخ علي جمعة، ويشوهوا معها دار الإفتاء المصرية العريقة.. ونسوا أن كل علمائهم وخطبائهم ووعاظهم قد قالوها وأفتوا بها، لا لحماية النظام، أو الأمن القومي، وإنما لتشجيع الغوغاء على اغتيال الشرطة والجيش وكل مساند للأنظمة عالما كان أو جاهلا؛ وقد راح ضحية تلك الفتاوى التحريضية عشرات الآلاف من أفراد الجيوش والشرطة وعامة الناس البسطاء، بحجة كونهم شبيحة أو بلطجية.
ولم يكتفوا بالفتاوى، وإنما كانوا يرسلون الشباب الغر البسيط، بعد أن يخدروا عقله بصكوك الغفران والنعيم المقيم، ليقوم بالعمليات الانتحارية، ويدمر المؤسسات والاقتصاد، لتنهار الدولة، ويتاح لهم حينها الحكم والتسلط.
ولم يكتفوا بالفتاوى لغوغائهم، وإنما راحوا يستجدون غوغاء العالم ومجرميهم ليضربوا، لا بالرصاص الملآن البسيط، وإنما بالصواريخ الذكية، وكل أنواع الأسلحة.
هم لم يلاحظوا كل تلك المليانات التي أمروا بضربها.. ولكنهم لم يبصروا إلا ذلك المليان الذي أفتى به فضيلة المفتي، صاحب العقل الاستراتيجي الذكي.. والذي تمنينا أن يكون جميع المفتين مثله في ذكائه وشجاعته وصلابته في الحق.
فما العمل مع قوم احتلوا حيا من الأحياء، ثم راحوا من خلاله يرسلون كل يوم مئات الخطابات التحريضية التي تبثها القنوات الفضائية المغرضة.. وانتظر الجيش أن يهدأوا ويسكنوا، وأعطاهم الفرصة تلو الفرصة، ووعظهم، وأرسل لهم المناشير التي تدعوهم إلى العودة إلى بيوتهم، وقبلها العودة إلى عقولهم.. لكنهم رفضوا، وأصروا، واستكبروا استكبارا.
استعمل معهم كل وسائل الردع، فلم تفلح، بل كانوا يستعملون كل ألوان الحيل، ويصورون المشاهد التي حصلت لهم، أو التي يمثلونها، ليملؤوا الشعب حقدا على جيشهم، وينسون أنهم السبب.
فما الذي جعلهم يحتلون ذلك الحي؟.. وما الفائدة في احتلالهم للحي؟.. وهل يمكن أن يقيموا دولة في حي؟.. وكيف تبقى للدولة سلطة ومهابة، وهي لا تملك السيطرة على أحيائها وشوارعها؟.. وكيف تبقى للدولة سيادة بين الدول، وهي لا تستطيع أن تردع غوغاءها، وتعيدهم إلى بيوتهم؟
لذلك كانت فتوى الشيخ ذكية جدا، فلولاها لأصبح ذلك الحي بمرور الزمن منطقة آمنة، ثم تتحول القاهرة بعدها إلى قاهرة شرقية، وقاهرة غربية، ثم يدب الصراع بينهما، وتتحول مصر بعدها إلى دولة فاشلة، أو مجموعة قبائل وعشائر تتناحر وتتصارع..
لقد كنت أستمع إلى تلك الخطابات النارية التي تبثها قناة الجزيرة المباشرة، وكانت كلها تحريضا على الجيش ومؤسسات الدولة، وعجبت كثيرا لصبر المصريين ودولتهم على كل ذلك؛ ذلك أنه كان يحضر لمصر ما حضر لسوريا وليبيا، فقد كان الجيش المصري خصوصا مستهدفا مثله مثل الجيش السوري وسائر الجيوش العربية، بحكم جواره للكيان الصهيوني وحربه له.. لكني حمدت الله بعد أن فك ذلك الاعتصام الآثم، وعاد لمصر أمنها واستقرارها، لتعود مثابة للعلماء والصالحين.
وقد حمدت الله أكثر عندما رأيت الدور الكبير الذي قام به علماؤها الناصحون، وصوفيتها الصالحون، وخصوصا الشيخ علي جمعة ذلك الذكي العبقري الشجاع الذي طلب من الجيش والشرطة أن يحسموا في كل قضية تهدد الأمن القومي، أو تشجع الغوغاء على تخريب البلاد وتفتيتها.
فشكرا لك على تلك الكلمة الصادقة أيها البطل الهمام، ونحن نردد مثلها لكل جيش يريد أن يحمي بلده ضد أي حرب ناعمة أو صلبة، فالأمن القومي يحتاج شدة وحزما؛ فلا تحفظ البلاد إلا بذلك.