سورية.. ورفع الأقنعة

لقد شاء الله تعالى أن يجعل سورية والأحداث الكثيرة المرتبطة بها مدرسة لتمييز الخبيث من الطبيب، ورفع كل أقنعة الدجل والنفاق التي لبسها القوميون والإسلاميون والتقدميون والرجعيون والمتنورون والظلاميون.. كلهم ظهر بصورته الحقيقية التي كان يستعمل كل الوسائل لإخفائها.
أما القوميون الذين كانوا يصيحون كل حين بأنهم عرب، وأصحاب شهامة ونخوة، وأن لهم بحكم عربيتهم السلطة والسطوة، فقد فضحتهم سورية العروبة، حين تركوها لأعدائها، بل طعنوها في ظهرها، بل راحوا يجلبون لها كل مرتزقة الأرض ليدمروها، في نفس الوقت الذي باعوا فيه فلسطين بأثمان بخسة، وتركوها للحصار والجوع، بل رموا مقاومتها بالإرهاب والعنف لسبب بسيط، وهو كونها لم تصافح أمريكا ولا إسرائيل.
أما الإسلاميون، فقد راحوا يتخلون عن كل مشاريعهم التي كانوا يكذبون بها على أنفسهم وعلى الناس، ليضعوا لهم مشروعا واحدا هو إسقاط الرئيس السوري البطل [بشار الأسد]، باعتباره الدكتاتور الوحيد في العالم، أما أولئك الملوك الذين يعبثون بتريلونات الدولارات، ويرمونهم بالإرهاب؛ فقد غضوا الطرف عنهم، وكأنهم أنبياء معصومون، أو أولياء محفوظون.
ولم تكتف سورية بفضحهم في هذا الجانب فقط، بل فضحتهم في مواقفهم من أمريكا وإسرائيل، وقد سمع الناس جميعا شيخهم الكبير كيف يتسول لأمريكا بأن تضرب سورية، ويخبرها بأنهم لن يفعلوا شيئا لإسرائيل.. ولمن شك في ذلك، فليذهب إلى قنوات الفتنة التي يديرها هؤلاء المرتزقة باسم الإسلام ليروا مقدار فرحتهم عند كل ضربة توجهها أمريكا أو إسرائيل لسورية، وكأنها ليست بلادا للإسلام، أو حاضرة كبرى من حواضره.
أما الغرب الكاذب المخادع الذي صدع التنويريون رؤوسنا بعدله ونظامه، فقد فضحته سورية وأزالت عنه كل أقنعة الدجل.. فهو يغض طرفه عن اليمن والجرائم التي تحدث فيها كل يوم، ثم يولي طرفه لسورية وللمسرحيات التي تعقد فيها كل حين، ثم يسارع إلى استعمال قوته من غير تحقيق ولا دراسة ولا رجوع للهيئات العالمية التي يكذب علينا كل حين باعتبارها شرعية دولية.
وحتى عوام الناس البسطاء البلهاء، فضحتهم سورية، فهم يتباكون على أي مكروه يحصل لأي فرد من جيشهم، ويقيمون الحداد عليه إذا أصابه أي مكروه، لكنهم في نفس الوقت، ونتيجة امتلائهم بما تمليه قنوات الفتنة ومشايخ الدجل، يفرحون لكل جندي سوري يقتل، متناسين أن ذلك البطل لم يفعل إلا ما يفعله كل جندي في الأرض من الدفاع عن وطنه، ومواجهة المشاريع التي تريد استعماره.
ولهذا كما نتألم لكل ما يحصل في سورية من مآس وآلام، نشكرها على أنها ميزت العقلاء من المغفلين، والمخادعين من الصادقين، والطيبين من الخبثاء، والرجال من أشباه الرجال.
فلا يقف مع سورية وجيشها البطل إلا الرجال، ولا يقف مع أعدائها إلا أشباه الرجال، أولئك الذين باعوا أنفسهم للشيطان الأكبر والصهيونية العالمية والرجعية العربية، وجعلوا من عقولهم مزابل لكل ما تمليه قنوات الفتنة والتحريض والتضليل.