سورية.. والإسلام السني

من أهم ما استعمله الإعلام المغرض ومعه الحركات الإسلامية في حربها على سورية ادعاؤه الانتصار لأهل السنة في مواجهة الذين يحاربونهم من الشيعة أو النصيرية، وهذه كذبة من أعظم الكذبات التي نبرأ إلى الله أن نقرها، أو نقف مع من يقول بها.
وأول ما يرد على هذا المبرر الشيطاني هو كون كل المؤسسات السورية ـ قبل الحرب وبعدها ـ من جامعات ومدارس وإعلام.. وكل المتحدثين من سورية من مشايخ وباحثين، لم يعرضوا أبدا أي فكر شيعي أو نصيري، بل إن الكثير منهم يعتبرون أعلاما في المدرسة السنية، حيث يتتلمذ عليهم الكثير من أبناء العالم الإسلامي.
لكن هؤلاء مع ذلك يرفضون هذا، ويصمون آذانهم عن سماعهم، ويغلقون أعينهم عن رؤيتهم، ويظلون يصرخون كل حين باضطهاد أهل السنة..
ومقصدهم واضح، فأهل السنة عندهم ليسوا أولئك المتبعين للمذهب الشافعي أو غيره من المذاهب الإسلامية الموجودين بسورية، والذين يمتلكون الكثير من المؤسسات والمدارس التي تتيح لهم تعليم مذاهبهم وتدريسها.
وليسوا أولئك الصوفية الذين يمتلكون الخانقهات والزوايا، ويتاح لهم القيام بأنشطتهم في جميع المساجد، والذين استنارت الأمة الإسلامية جميعا بتوجيهاتهم وتربيتهم، كما استمتعت بتلك الألحان الروحانية العذبة التي نسمعها منهم.
وإنما أهل السنة عندهم هم أولئك المتطرفين الإرهابيين من أبناء الجماعات الإسلامية السلفية أو السياسية، والذين يريدون بناء دولة منغلقة، لا يمكن أن تتوفر على أي عنصر من عناصر الحضارة أو حقوق الإنسان.
وقد ظهر ذلك واضحا في سلوكاتهم الممتلئة بالعنف والإرهاب، فهم قبل هذه الحرب الجديدة، كانوا قد قاموا بحرب مماثلة في حماه، حيث احتلوها، واحتلوا مؤسساتها، وأذاقوا المخالفين لهم من الصوفية خصوصا الأمرين إلى أن وفق الله الشعب السوري لاستعادة المدينة.
وهم الآن أنفسهم من استثمرهم المشروع الغربي لضرب سورية وضرب غيرها من البلاد، لأنه لا يوجد في الدنيا من يفتقد الوطنية الصادقة، مثلهم، ولذلك استعملهم الغرب في كل حروبه ابتداء من حربه على المعسكر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفيتي.
ومنذ ذلك الحين وهو يستعمل هذا الإسلام العنيف الذي يلقبونه زورا وبهتانا [الإسلام السني]، مع أن الإسلام السني الحقيقي هو الإسلام الذي ينتهج نهج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو نهج ممتلئ بالأخلاق والعلم والحضارة، وبعيد عن كل همجية وعنف.
لذلك فإن المصطلح الحقيقي الذي يتبناه أولئك الإرهابيون هو [الإسلام المحرف]، أو هو النسخة الصهيونية أو الأمريكية من الإسلام.. أو هو بتعبير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الإسلام المقترن بقرن الشيطان.. فهو إسلام لا يؤمن بالحوار، ولا بقبول الآخر، ولا بالمنهج السلمي، ولا بالبراءة من الصهيونية وأذنابها.
ولذلك نُجل سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يقترن بها هذا النوع من الإسلام الذي لم يخدم أبدا سوى مصالح الأعداء، والدليل على ذلك ما يحصل في ليبيا والصومال ونجيريا وأفغانستان وغيرها؛ فهذه المناطق السنية الممتلئة بالصراع لم يحرك الحروب القذرة فيها سوى أولئك الإسلاميين الذين يفتخرون كل حين أنهم شعب الله المختار، وأنه لا يحق لأحد أن يسمي نفسه مسلما دون أن يمر بهم، ويتتلمذ على أيديهم.
وأكبر دليل على ذلك ما ذكرته بتفصيل ممل في كتابي [كلكم كفرة]، والذي وضعت فيه الأدلة الكثيرة على تكفير تلك الحركات التي تزعم لنفسها أنها سنية لكل مخالفيها من الصوفية وأصحاب المذاهب الإسلامية؛ فهم يكفرون بكل أنواع التكفير، ويرمونهم بالبدعة، ويستحلون دماءهم لأجل ذلك.
فأي سنة هذه التي يزعمونها لأنفسهم، وهم الذين أبادوا البشر، ودمروا الحجر، وحرقوا كل شيء، ودعوا إلى حرب كل الجيوش، ولم ينجو منهم سوى أمريكا وربيبتها إسرائيل وأذنابها ممن وصفهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقرن الشيطان.