سببان فقط لما يحصل في سورية

سببان فقط لما يحصل في سورية

يتصور الكثير أن ما حصل في سورية ربيع عربي، وثورة تطالب بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وغير تلك الألفاظ والمصطلحات التي ضحك بها الإعلام المغرض على الذقون.

والحقيقة غير ذلك تماما، بل يستحيل أن تكون كذلك، فسورية كانت متطورة جدا في هذه المجالات، ولا يمكن مقارنتها بأكثر الدول العربية، وخصوصا تلك الممالك البترولية التي لا تعرف أبسط المبادئ الإنسانية، بل لا يزال يعيش ملوكها بمنطق شيخ القبيلة، أما شعوبها المسكينة فهي مطحونة، ومغيبة عن كل ما يجري على أرضها، لا تفعل سواء البكاء على ثرواتها التي تهدر، وأرزاقها التي يُتلاعب بها.

ولذلك فإن الذي يريد أن يعرف حقيقة المؤامرة التي ركبت لسورية، فعليه أن يراجع الواقع والتاريخ ليكتشف أن هناك سببين فقط لكل ما حصل:

أولهما وقوف سورية الواضح والصريح مع المقاومة بكل أنواعها، ومقاومتها للتطبيبع بكل أشكاله، وفوق ذلك احتضانها للمقاومة الفلسطينية، وخصوصا حماس والجهاد الإسلامي، واللذين يعتبران إرهابيين عند أولئك الذين أعلنوا الحرب على سورية.. فلولا سورية ودعمها لتلك الفصائل الفلسطينية لم تكن هناك مقاومة فلسطنية، ولم تكن هناك حماس ولا غيرها، وهذا ما أثار غيظهم، في مقابل رضاهم المطلق على الأردن بحكم تطبيعها مع إسرائيل، وعدم مساندتها للمقاومة.

والثاني عدم مساندتها للمؤامرات المحاكة ضد إيران ابتداء من الحرب العراقية الإيرانية، والتي خطط لها العرب بغية القضاء على الجمهورية الإسلامية الإيرانية في مهدها.. لكن سورية وقفت ضدهم في ذلك؛ فآلمهم ذلك.. وصاروا يستهدفونها كل حين إلى أن جاء الوقت الذي صبوا فيه جام غضبهم عليها.

ومنطق سورية الذي جعلها لا تعلن الحرب معهم على إيران منطقي وأخلاقي وشرعي.. فهو ينطلق من كون إيران الجديدة ذات التوجه الإسلامي تقف مع القضية الفلسطينية، وسورية مع كل من يقف مع هذه القضية..

هذان السببان ليسا من اختراعي؛ فقد صرح كبار ملوك وأمراء السعودية والخليج بذلك، وتصريحاتهم موجودة على النت.. فقد أعلنوا جميعا أن سورية لو تركت إيران؛ فستتوقف الحرب، وتعود الأوضاع إلى ما كانت عليه.. ولذلك هم لا يريدون من سورية إلا أن تكون فنادق لأهوائهم، وأهواء أعداء الأمة، أما تحولها إلى دولة ذات سيادة فهو ما يزعجهم، لأنه قد يصبح في يوم من الأيام أداة لقلع عروشهم.

د. نور الدين أبو لحية

كاتب، وأستاذ جامعي، له أكثر من مائة كتاب في المجالات الفكرية المختلفة، وهو مهتم خصوصا بمواجهة الفكر المتطرف والعنف والإرهاب، بالإضافة لدعوته لتنقيح التراث، والتقارب بين المذاهب الإسلامية.. وهو من دعاة التواصل الإنساني والحضاري بين الأمم والشعوب.. وقد صاغ كتاباته بطرق مختلفة تنوعت بين العلمية والأكاديمية والأدبية.

You may also like...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *