حسين مرتضى.. الشهيد الحي

حسين مرتضى.. الشهيد الحي

من المقاومين الأبطال الذين ساهموا في مواجهة المشاريع الأمريكية والصهيونية والغربية والأعرابية في بلادنا الإسلامية أولئك الصحفيين الأبطال الذين قدموا أرواحهم ضحية لوطنهم وأمتهم، وهم ينقلون الصورة بكل دقة ليواجهوا تلك التضليلات الإعلامية التي ينشرها الإعلام المغرض والتحريضي.

ومن بين أولئك الضحايا الأبطال الذين رووا بدمائهم أرض سورية الحبية الإعلامي الكبير حسين مرتضى، وليس هناك فرق بينه وبين الذين ذهبوا إلى جنان ربهم لتستمر حياتهم الأبدية هناك، إلا فرق واحد، وهو أن الله أضاف لهذا الشهيد حياة جديدة، ليولد مقاوما بطلا فذا، يؤدي من الأدوار ما يقف أمامه الإرهاب ورعاته حائرين.

لقد كان من المفترض والطبيعي لرجل تعرض للكثير من الإصابات التي كادت تودي بحياته، ولا يزال مستهدفا كل لحظة، أن يتوقف بعد أن أدى دوره المقاوم كاملا، لكنه لم يفعل، وقد أجاب من سأله عن ذلك، وكيف لم تفل تلك الإصابات ولا التهديدات من عزيمته قائلا: (الإصابات والتهديدات لم تؤثر، ولن تؤثر بإذن الله لأنني أولا منذ اليوم الأول كنت أعرف أنني سأصبح هدفا لهذه المجموعات المسلحة، وللدول التي تقف وراءها، لأنهم يخافون من الكلمة، ومن الحقيقة، وهذه الإصابات زادتنا إصرارا وأكدت صوابية ما نقوم به، وهذا أعطاني اطمئنان بأننا فعلا نوجعهم من خلال نقل الحقائق، ومن خلال محاربتهم بالكلمة والصورة والموقف)([1])

وقد وصل من حنق المسلحين عليه أنهم كانوا يبحثون عنه في أي محل ليفتعلوا أي معركة، ويكون هدفهم فيها ليس الانتصار، وإنما قتل ذلك الشهيد الحي.. وهم لا يعلمون أنه شهيد، ويستحيل قتل الشهيد.

وميزته ليست فقط في تلك التضحية التي اكتسبها من اسمه [الحسين]، ولا الشجاعة التي اكتسبها من اسمه [مرتضى]، ولكنه فوق ذلك كله إعلامي محترف، ومحلل استراتيجي قدير، بل إنه لا يقل عن المحللين العسكريين حنكة بفعل تلك المخالطات الدائمة لأبطال الجيش السوري وحلفائه، بل حضوره كل المعارك، ورؤيته المعاينة لها.

ولذلك ـ ومن خلال متابعاتي للحصص التي يقدمها، والتغطيات التي يجريها ـ لم أر منه إلا سداد الرأي والحنكة والفهم الجيد لكل المعارك، والخطط التي يخططها أعداء سورية وأعداء العالم الإسلامي جميعا، وهو يبز في ذلك كل محللي قنوات الفتنة الذين يطبلون ويزمرون ويكتمون الحقائق، ويعطوا بعض الأمل الكاذب في مقابل تلك الأموال الضخمة التي يجنونها.

أما حسين مرتضى المجاهد المقاوم المضحي بنفسه، فإنه كان يتعامل بقلبه وروحه وكيانه كله مع وطنه وأمته، بل إنه أرسل ابنه مع المجاهدين في الوقت الذي يرسل فيه دعاة الفتنة أبناءهم لأمريكا وأوروبا، لينالوا الشهادات.

ولا تتوقف مكارم هذا الشهيد الحي على هذا، فهو ليس مؤسسة إعلامية رسمية فقط، بل هو مؤسسة إعلامية بديلة أيضا، فهو يمارس دوره من خلال كل وسائل الإعلام الجديد، فينشر كل ما يتعلق بالمعارك في سورية، ويتحاور مع الإرهابيين، ويستعمل معهم جميع أنواع الحرب النفسية التي جعلتهم يغتاظون منه، ويعتبرونه هدفا رئيسيا في كل معركة يقومون بها.

وهو فوق ذلك كله وقبله إنسان مؤمن مملوء بالتقوى والإخلاص والمشاعر السامية، والمتابع لصفحاته في وسائل التواصل الاجتماعي يجد تلك الروح الشفافة، وذلك الإيمان القوي، وتلك التقوى والورع، فهو صحفي مؤمن، ومقاوم فذ، وإعلامي محترف.

وبهذا الإعلامي وأمثاله استطاعت المقاومة بكل أطيافها أن تتغلب على كل تلك المؤسسات الضخمة التي تديرها أموال كثيرة.. فحسين مرتضى يقول لهم بلسان حاله: الانتصار ليس بالمؤسسات ولا الهياكل، وإنما بالأبطال المضحين الصادقين المخلصين.. فإخلاصهم وصدقهم وتضحيتهم لا يمكن تقديرها بثمن.


([1]) من حوار أجري معه بعنوان: حسين مرتضى الجانب الشخصي من حياته، لأجرى المقابلة فادية الحسيني، ومحمد سعد.

د. نور الدين أبو لحية

كاتب، وأستاذ جامعي، له أكثر من مائة كتاب في المجالات الفكرية المختلفة، وهو مهتم خصوصا بمواجهة الفكر المتطرف والعنف والإرهاب، بالإضافة لدعوته لتنقيح التراث، والتقارب بين المذاهب الإسلامية.. وهو من دعاة التواصل الإنساني والحضاري بين الأمم والشعوب.. وقد صاغ كتاباته بطرق مختلفة تنوعت بين العلمية والأكاديمية والأدبية.

You may also like...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *