برنارد هنري ليفي.. إمام الربيع العربي

برنارد هنري ليفي.. إمام الربيع العربي

يتصور الكثير من المغفلين أن أولئك الخطباء أصحاب الأصوات الجهورية، الذين استعملوا كل وسائل التحريض لإسقاط الأنظمة، وتفكيك الجيوش، وتدمير البلاد والعباد، هم أصحاب فكرة [الربيع العربي]

وهذا وهم كبير؛ فعقولهم أصغر من أن تفكر مثل هذا التفكير، وهممهم أقصر من أن تمتد خارج دورات المياه وما يحيط بها، وهم فوق ذلك كله أجبن من أن يقدموا على أمر لم يأذن لهم سادتهم فيه.. فلذلك لم يكن لهم من دور في ذلك الربيع المشؤوم سوى دور الحمار الذي يُركب، والأداة التي تُستعمل، والأبواق التي تُرفع بها الأصوات، وتُجتذب بها الجماهير.

أما العقل المفكر.. فهو عقل يهودي.. وصهيوني فوق ذلك، ولكنه لقي الرضا التام من كل المغفلين، والمستحمرين الذين وضعوا أنفسهم أدوات للشرق والغرب، يحركهم كما يحرك أي شيء لا عقل له.

وذلك العقل باتفاق الجميع هو عقل الفيلسوف اليهودي الصهيوني [برنارد هنري ليفي([1])] الذي لا تخلو فتنة من الفتن إلا وشارك فيها، وكانت له صور مع دعاتها وقادتها بما فيهم الإسلاميون أنفسهم.. وقد فعل ذلك بكل جرأة، لكونه يعلم أن هؤلاء لا يفكرون إلا بما يشتهون، ولا يقدمون إلا من يلبي رغباتهم.. وأعلى رغباتهم هي الوصول للسلطة، وليس هناك أحسن من ذلك الشيطان ليحقق لهم ذلك المطلب، ولذلك وضعوا أيديهم في يديه.

فقد ظهر ذلك الشيطان اليهودي([2]) إبان الفتنة الليبية، وهو يدعو الرئيس الفرنسي السابق [نيكولا ساركـوزي] إلى قصف ليبيا، ويستعمل كل وسائل الإقناع المنطقية والفلسفية في سبيل ذلك.. ولم يكتف بذلك.. بل كان يظهر مع الأغبياء الذين سموا أنفسهم ثوارا.. يساندهم ويؤيدهم، ويفعل معهم مثلما يفعل صاحب الحمار مع حماره إن توقف، أو تكاسل.

وكذلك ظهر في إلى جانب الأكراد، عند مطالبتهم للاستقلال عن العراق، بل إنه طالب بدعم قوات [البشمركة]، وصور فيلما لأجل ذلك عرض بالولايات المتحدة وفرنسا وغيرها من الدول، ليكون وسيلة لتقسيم العراق.

بل إنه دعا قبل فترة قريبة إلى ربيع عربي في الجزائر، واعترف أحد نشطـاء الحركة الأمازيغية الانفصالية بأن [ليفــي] يساند قضيتهم في الانفصال عن الجزائر.

أما مع من يسمونهم ثوار سورية، فحدث ولا حرج، فهو قائدهم الفكري، وملهمهم الروحي، وربما يكون وراء كل تلك المسرحيات الكيميائية التي مثلت، وصور الأطفال والدمار التي صورت.. والتي كان الأصل فيها أن تدعو الإرهابيين إلى وضع أسلحتهم، والعودة للدولة، لكنها بمنطق ليفي كانت تدعو الدولة إلى وضع سلاحها، والاستسلام للإرهابيين.

وسرّ ذلك أنه لم يكن فيلسوفا ومفكرا فقط، بل كانت له قدرات إعلامية، ولا نستبعد أن تكون الجزيرة والعربية وغيرهما من قنوات الفتنة تلميذة لتلك الطرق الشيطانية التي تسللت بها إلى عقول المغفلين والمغرر بهم لتحولهم إلى ما نراه من تجاهل لكل القيم.

والسر الآخر لشخصه أنه عميل للموساد، بل هو من كبار رجالات الموساد، ولذلك كان أول همومه الدعوة إلى تفكيك جميع الجيوش العربية، وخاصة في الدول القريبة من الكيان الصهيوني، ولهذا كانت له علاقة طيبة بالإسلاميين الذين يكرهون الجيوش، ويحبون تفتيتها، حتى تعم الفوضى، وتصبح الكعكة العربية جاهزة لكل من يحب أن يأكلها.

ومن شك في ذلك، فليقرأ ما يكتبه الإخوان عن جيش مصر أو عن الجيش السوري أو العراقي، والذين حولتهم قنوات الفتنة إلى ميليشات، وليس جيوشا، في نفس الوقت الذي تسمي فيه ميليشيات وعصابات الكيان الصهيوني بالجيش الإسرائيلي.

والسر الآخر لشخصه، وهو أخطر الأسرار.. علاقته المتينة برؤساء العالم، بحكم أفكاره الشيطانية أولا.. وبحكم كونه مليارديرا أنيقا ثانيا، حتى أنه يعرف في الأوساط الإعلامية الأوروبية بالرجل المؤثـر القريب من الرؤساء والأثرياء ورؤساء الدول وصناع القرار السياسيين.

فقد كان صديقا مقربا لـ [فرانسوا ميتران] وبعدها لـ [جاك شيراك] ثم صديقا مقربا لـ [ساركوزي] فقد كانا يتزلجان معا ويلعبان الجـولف معا، وأخيرا صديقا للرئيس الحالي [فرانسوا هولاند]

وهو دائما متواجد في منصة صناعة القرار، وفي كثير من الأحيان يكون فيها صانعا للقرار، بينما الرئيس ينفذ، ولهذا يوصف بـ [الجنرال ليفي] ذي السلطة السياسية القوية التي تأثر في السياسة الخارجية لفرنسا وأمريكا.

هذا هو العقل المفكر لما يسمونه [الربيع العربي]، وهو سبب الفتن والدماء والخراب.. أما أولئك المغفلون الذين ينادون بإسقاط الأنظمة، وتفكيك الجيوش، وتخريب البلاد والعباد، فهم ليسوا سوى أدوات، أو عرائس قراقوز، أو..


([1])  هو كاتب وصحفي وفيلسوف فرنسي، ولد لعائلة يهودية في الجزائر عام 1948، وانتقلت عائلته لباريس حيث درس الفلسفة واشتهر كاحد الفلاسفة الجدد.. في بداية حياته المهنية اشتغل ليفي كمراسل حربي في بنغلادش عام 1971، وقد شجع في كتاباته ومراسلاته آنذاك على انفصال بنغلادش التي كانت تسمى باكستان الشرقية عن الباكستان. انظر: مقالا بعنوان: شيطان الربيع العربي . . برنار ليفي ادهم إبراهيم، الصدى نت.

([2])  انظر: مقالا بعنوان: الفيلسوف ليفي شيطـان الثـورات، 8/10/2016.

د. نور الدين أبو لحية

كاتب، وأستاذ جامعي، له أكثر من مائة كتاب في المجالات الفكرية المختلفة، وهو مهتم خصوصا بمواجهة الفكر المتطرف والعنف والإرهاب، بالإضافة لدعوته لتنقيح التراث، والتقارب بين المذاهب الإسلامية.. وهو من دعاة التواصل الإنساني والحضاري بين الأمم والشعوب.. وقد صاغ كتاباته بطرق مختلفة تنوعت بين العلمية والأكاديمية والأدبية.

You may also like...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *