المبحث الثاني: المنهج المذهبي

المبحث الثاني

المنهج المذهبي

يراد بالمنهج المذهبي([1]) في الفتوى المنهج الذي يعتمد على ما أفرزه التقليد المذهبي للأئمة الأربعة خصوصا من تراث فقهي كبير مس جميع المجالات من كتب التفسير وشروح الحديث، إلى متون الفقه وشروحها وحواشيها، بالإضافة إلى ما كتب في خصوص الفتوى في المتغيرات الحادثة في كل عصر مما يسمى بفقه النوازل.

وهذا المنهج بدأ متقدما على المذاهب الأربعة، فقد كان لكل إمام من أئمة الفقه من يتبعه ويذهب مذهبه في الفتوى، كما قال ابن عبد البر: (وقد كان العلماء قديماً وحديثاً يحذرون الناس من مذهب المكيين أصحاب ابن عباس ومن سلك سبيلهم في المتعة والصرف، ويحذرون الناس من مذهب الكوفيين أصحاب ابن مسعود ومن سلك سبيلهم في النبيذ الشديد، ويحذرون الناس من مذهب أهل المدينة في الغناء)([2])

ولكنه بعد ذلك ولأسباب كثيرة، سنذكر هنا بعضها، اقتصرت دلالته على أتباع المذاهب الأربعة، والتي سرى إليها الخلاف هي أيضا، فصار لكل مذهب فقهاؤه الكبار الذين توزعوا على المدارس الفقهية التقليدية في العالم الإسلامية قرونا طويلة.

وقد اختلف أصحاب هذا المنهج في حكم الالتزام بهذه المذاهب بين متشدد ومتساهل:

فمن أمثال المتشددين ما عبر عنه صاحب (الفواكه الدواني)، وهو مالكي المذهب، بقوله: (وقد انعقد إجماع المسلمين اليوم على وجوب متابعة واحد من الأئمة الأربع: أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل وعدم جواز الخروج عن مذاهبهم، وإنما حرم تقليد غير هؤلاء الأربعة من المجتهدين، مع أن الجميع على هدى لعدم حفظ مذاهبهم لموت أصحابهم وعدم تدوينها، ولذا قال بعض المحققين: المعتمد أنه يجوز تقليد الأربعة، وكذا من عداهم ممن يحفظ مذهبه في تلك المسألة ودون حتى عرفت شروطه وسائر معتبراته، فالإجماع الذي نقله غير واحد كابن الصلاح وإمام الحرمين والقرافي على منع تقليد الصحابة يحمل على ما فقد منه شرط من ذلك)([3])

وقال الحطاب في (مواهب الجليل) معللا سبب الاقتصار على المذاهب الأربعة دون غيرها: (قال القرافي: ورأيت للشيخ تقي الدين بن الصلاح ما معناه أن التقليد يتعين لهذه الأئمة الأربعة دون غيرهم؛ لأن مذاهبهم انتشرت وانبسطت حتى ظهر فيها تقييد مطلقها وتخصيص عامها وشروط فروعها فإذا أطلقوا حكما في موضع وجد مكملا في موضع آخر،وأما غيرهم فتنقل عنه الفتاوى مجردة فلعل لها مكملا أو مقيدا أو مخصصا لو انضبط كلام قائله لظهر فيصير في تقليده على غير ثقة، بخلاف هؤلاء الأربعة قال: وهذا توجيه حسن فيه ما ليس في كلام إمام الحرمين) ([4]).

أما المتساهلون فهم الذين لم يحكموا بوجوب التزام هذه المذاهب، ولم يحكموا بوجوب الاقتصار عليها، كما ورد في (البحر الرائق) وهو من كتب الحنفية المعتبرة: (فصل: يجوز تقليد من شاء من المجتهدين، وإن دونت المذاهب كاليوم وله الانتقال من مذهبه، لكن لا يتبع الرخص فإن تتبعها من المذاهب فهل يفسق وجهان)([5])

وقال النووي، وهو شافعي المذهب: (الذي يقتضيه الدليل أنه لا يلزمه التمذهب بمذهب، بل يستفتي مَن شاء، أو مَنِ اتَّفق من غير تلقُّطٍ للرخص، ولعل مَن مَنَعَه لم يثق بعدم تلقطه)([6])

ونقل ابن عابدين في حاشيته عن الشرنبلالي قوله: (ليس على الإنسان التزامُ مذهب معين، وأنه يجوز له العمل بما يخالف ما عمله على مذهبه مقلدًا فيه غيرَ إمامه مستجمعًا شروطه، ويعمل بأمرين متضادين في حادثتين لا تعلق لواحدة منهما بالأخرى، وليس له إبطال عين ما فعله بتقليد إمام آخر؛ لأن إمضاء الفعل كإمضاء القاضي لا يُنقَض)([7])

وهكذا نجد المتساهلين والمتشددين في كل مذهب من المذاهب، والمتساهلون عادة يقتربون من المنهج السابق، أو ربما يميلون إلى المناهج الأخرى التي سنعرض لها في المباحث اللاحقة.

بناء على هذا سنعرض هنا – باختصار شديد – لمثل ما عرضنا إليه في المبحث السابق من أعلام هذا المنهج الذين يمثلونه، وأدلتهم، والمنهج أو الآليات التنفيذية التي يعتمدون عليها في الفتوى.

أولا ـ أعلامه:

ليس من الصعوبة التعرف على أعلام هذا المنهج، والذين مثلوه طيلة التاريخ الإسلامي، ذلك أنهم يكادون يمثلون أكثر فقهاء هذه الأمة، وتمثل كتبهم كثيرا من التراث الفقهي الضخم الذي وصل إلينا.

وهذا الأمر غير مستغرب، ذلك أن الذين اعتمدوا فقه الدليل كانوا من النخبة، وهي محدودة عادة، بخلاف الذين انتهجوا هذا المنهج فهم في أحسن أحوالهم مجتهدون في إطار المذهب لا يخرجون عنه.

وقد ساعد على هذه الوفرة في الأعلام والمشايخ الفقهاء أنهم رأوا أن مذاهبهم هي التي تمثل الشريعة، وبالتالي فإن نصرتها أو التعصب لها نصرة للشريعة نفسها، ومن الأمثلة على ذلك – ولسنا ندري مدى دقته – ما ذكره تاج الدين السُبكي الشافعي(ت قرن: 8هـ) عن الحافظ عبد الله الأنصاري الهروي الحنبلي(ت 481 هـ) من شدة تمسكه بالمذهب الحنبلي إلى درجة أنه كان ينشد على المنبر:

أنا حنبلي ما حييتُ وإن متُ فوصيتي للناس أن يتحنبلوا

حتى أنه أيضا ترك الرواية عن شيخه القاضي أبي بكر الحيري لكونه أشعريا ([8]).

ولم يكن أمر العلماء أو طلبة العلم قاصرا على تمسكهم بمذاهبهم أو تعصبهم لها فقط، وإنما برز بنوع من العداوة للمخالفين لهم، وقد ساهم ذلك في تعميق هذا المنهج، ليصبح كل مذهب وكأنه شريعة من الشرائع مستقلا عن غيره.

ومن الأمثلة على هذا الفقيه الحنفي أبو عبد الله محمد البلاساغوني التركي(ت 506ه)، والذي كان شديد التعصب للمذهب الحنفي، وشديد العداوة لمخالفيه، وخصوصا من المذهب الشافعي، وقد حكي عنه – ولسنا ندري مدى دقة ذلك- أنه كان يقول: (لو كان لي ولاية لأخذتُ الجزية من الشافعية)([9])

ومن الأمثلة الفقيه الشافعي أبو المظفر محمد بن محمد البروي (ت 567ه)، وقد كان متعصبا للشافعي مناوئا للحنابلة، وكان يقول عنهم: (لو أن لي أمر لوضعتُ على الحنابلة الجزية)، وقد حصل له بسبب هذا أن دس له بعض الحنابلة من أهدى له شيئا فمات ([10]).

وهكذا، فإن التعصب الشديد لأصحاب المذاهب جعل فقهاء كل المذاهب يتنافسون في تكثير سواد التلاميذ وطلبة العلم على الأسس التي تمسكوا بها، ليتمكنوا من نشر المذهب والحفاظ على وجوده، وقد استخدموا لأجل هذا صنفين من الناس:

1 ـ الساسة والحكام: باعتبارهم من أولي الأمر الذين تجب طاعتهم، وبالتالي فإن الوصول إلى هؤلاء يضمن للمذهب الانتشار الواسع.

وكمثال على ذلك دولة المرابطين (453-541ه) التي استطاعت أن تطبع المغرب العربي بطابع المذهب المالكي([11])، في مقابل دولة الموحدين (441-668ه) التي حاربت التمذهب عامة، واشتدت على خُصومها من المرابطين، فكفّرتهم واستباحت دماءهم([12]).

بالإضافة إلى ما لهؤلاء الحكام من قدرة على بناء المدارس والمساجد التي ترسخ الانتماء المذهبي، وكمثال على ذلك الملك قطب الدين محمد بن الملك صاحب سنجار الزنكي(ت بعد:594ه) الذي كان حنفيا مناوئا للشافعية، وقد بنى لأجل هذا مدرسة للحنفية بمدينة سنجار، وجعل النظر فيها للحنفية، بل اشترط أن يكون بواب المدرسة وفراشها على المذهب الحنفي([13]).

ولأجل هذا انتشرت المدارس والمساجد المرتبطة بالمذاهب المختلفة، والتي لا يمكن ذكرها هنا لكثرتها([14])، وقد كان لها دور كبير في إمداد المذاهب الفقهية بالكثير من العلماء وطلبة العلم، وهذا ما كان سببا في كثرتهم وكثرة مصنفاتهم.

بالإضافة إلى هذا فقد كان الجهاز القضائي في الدولة بيد أصحاب المذاهب، وقد كان لذلك دوره الكبير في انتشار هذه المذاهب.

يقول المقريزي: (فلما كانت سلطنة الملك الظاهر بيبرس البندقداريّ، ولي بمصر والقاهرة أربعة قضاة، وهم شافعيّ ومالكيّ وحنفيّ وحنبليّ. فاستمرّ ذلك من سنة خمس وستين وستمائة، حتى لم يبق في مجموع أمصار الإسلام مذهب يعرف من مذاهب أهل الإسلام سوى هذه المذاهب الأربعة، وعقيدة الأشعريّ، وعملت لأهلها المدارس والخوانك والزوايا والربط في سائر ممالك الإسلام، وعودي من تمذهب بغيرها، وأنكر عليه، ولم يولّ قاض ولا قبلت شهادة أحد ولا قدّم للخطابة والإمامة والتدريس أحد ما لم يكن مقلدا لأحد هذه المذاهب، وأفتى فقهاء هذه الأمصار في طول هذه المدّة بوجوب اتباع هذه المذاهب وتحريم ما عداها، والعمل على هذا إلى اليوم)([15])

وقد أشار الشوكاني إلى الدور الذي يمارسه القضاة في ترسيخ المذاهب، فقال: (وقد امتحن الله تلك الديار بقضاة من المالكية يتجرؤون على سفك الدماء، بما لا يحل به أدنى تعزير، فأراقوا دماء جماعة من أهل العلم جهالة وضلالة وجرأة على الله، ومخالفة لشريعة رسول الله، وتلاعبا بدينه، بمجرد نُصوص فقهية، واستنباطات فروعية ليس عليها أثارة من علم، فإنا لله وإنا إليه راجعون)([16])

 2 ـ العامة والدهماء: والذين انتشر التعصب المذهبي بينهم، فجعلهم لا يهتمون ولا يستفتون إلا من يرون فيه ما رسخ فيهم من تمسك بالمذهب وتعصب له، بل وصل الأمر بهم إلى إيذاء المخالفين، وحصلت بسبب ذلك الفتن بين أتباع المذاهب المختلفة.

ومن الأمثلة على هذا ما ذكره المؤرخون في أحداث سنة 447 هجرية حيث حصلت فتنة بين الحنابلة والشافعية ببغداد، كان من أسبابها جهر الشافعية بالبسملة في الصلاة، فانقسمت العامة بين مؤيد ومخالف لهم، ثم انحازت كل طائفة إلى الطرف الذي مالت إليه، ثم توجه الحنابلة إلى أحد مساجد الشافعية، ونهوا إمامه عن الجهر بالبسملة، ثم تطور النزاع إلى الاقتتال، فتقوى جانب الحنابلة وتقهقر جانب الشافعية، حتى أُلزموا البيوت،و لم يقدروا على حضور صلاة الجمعة ولا الجماعات، خوفا من الحنابلة([17]).

والأمثلة على هذا أكثر من أن تحصر، وقد ساهمت جميعا في ترسيخ المذاهب، والاهتمام بتكوين الفقهاء فيها، حتى يتقوى كل طرف على الأطراف الأخرى.

ثانيا ـ أدلته:

يستند أصحاب هذا المنهج إلى أدلة كثيرة نلخص أهمها فيما يلي:

الدليل الأول:

صعوبة الاجتهاد، بل استحالته على العامة وطلبة العلم، بل لا يصل إلى الاجتهاد بحسب الشروط التي قرروها إلا الثلة القليلة من العلماء، والذين لا يعدون في تصورهم أصحاب المذاهب الأربعة ونظراؤهم.

وقد أجاب الشيخ عليش في فتاواه عن سؤال قال صاحبه: (ما قولكم فيمن كان مقلدا لأحد الأئمة الأربعة م وترك ذلك زاعما أنه يأخذ الأحكام من القرآن والأحاديث الصحيحة تاركا لكتب الفقه مائلا لقول أحمد بن إدريس بذلك قائلا: إن كتب الفقه لا تخلو من الخطأ، وفيها أحكام كثيرة مخالفة للأحاديث الصحيحة، وكيف تترك الآيات والأحاديث الصحيحة وتقلد الأئمة في اجتهادهم المحتمل للخطأ، وقائلا أيضا لمن تمسك بكلام الأئمة ومقلديهم أنا أقول لكم: قال الله أو قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنتم تقولون قال مالك أو ابن القاسم أو خليل، فتقابلون كلام الشارع المعصوم من الخطأ بكلام من يجوز عليهم الخطأ)([18])

فكتب في الجواب: (.. لا يجوز لعامي أن يترك تقليد الأئمة الأربعة ويأخذ الأحكام من القرآن والأحاديث؛ لأن ذلك له شروط كثيرة مبينة في الأصول لا توجد في أغلب العلماء ولا سيما في آخر الزمان الذي عاد الإسلام فيه غريبا كما بدأ غريبا، ولأن كثيرا من القرآن والأحاديث ما ظاهره صريح الكفر ولا يعلم تأويله إلا الله تعالى والراسخون في العلم)([19])

واستدل لهذا بما ورد عن السلف من خطورة الرجوع إلى الكتاب والسنة وحدهما من غير استناد إلى رؤية المجتهدين من الفقهاء، فنقل عن ابن عيينه قوله: (الحديث مضلة إلا للفقهاء)، وعلق عليه بقوله: (يريد أن غيرهم قد يحمل الشيء على ظاهره وله تأويل من حديث غيره أو دليل يخفى عليه أو متروك أوجب تركه غير شيء مما لا يقوم به إلا من استبحر وتفقه) ([20])

ونقل عن عبد الرحمن بن مهدي قوله: (السنة المتقدمة من سنة أهل المدينة خير من الحديث)

ونقل عن النخعي قوله: (لو رأيت الصحابة يتوضئون إلى الكوعين لتوضأت كذلك وأنا أقرؤها إلى المرافق ؛وذلك لأنهم لا يتهمون في ترك السنن وهم أرباب العلم وأحرص خلق الله على اتباع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا يظن ذلك بهم أحد إلا ذو ريبة في دينه) ([21])

وقد رد أصحاب المنهج الاستدلالي على هذا ببيان سهولة الاجتهاد، وأنه ليس بالصعوبة التي يعتقدها المقلدون، ومن الردود المفصلة في هذا ما رد به ابن الوزير (ت: 840هـ) في كتابه (العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم)، فقد ذكر الآثار الكثيرة عن السلف، والتي تدل على أن الاجتهاد لا يحتاج إلى كل التعقيدات التي وضعها المذهبيون، يقول في ذلك: (إن اجتهادَ أولئك يَدُلُّ على سُهولَةِ الاجتهاد، لأن الظاهِرَ من أحوالهم أنَّهم ما اشتغلوا بالعلم مِثْلَ اشتغال المتأخرين، ولا قريباً منه، وكان الواحدُ منهم يَحْفَظُ مِنَ السُّنة ما اتفق أنَّه سَمِعَه من النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم مِن غيرِ درس لِما سَمِعَهُ، ولا تعليقٍ ولا مبالغةٍ في طلب النصوص مِن سائر أصحابه، وإنما كانوا يبحثون عندَ حدوثِ الحادثة عن الأدلة، فهذا أبو بكرٍ ما درى كَمْ نَصِيبُ الجَدَّةِ من الميراث، وأدنى طلبةِ العلمِ في زماننا لا يخفي عليه أنَّ لَهَا السُّدُسَ حتى قامَ فيهم وسألهم، ولو أن رجلاً ممن يَدَّعي الاجتهادَ في زماننا ما عَرَفَ نصيبَ الجدة، لكثَّر عليه أهلُ التعسير للاجتهاد، وعَظَّمُوا هذا عليه.. وكذلك عُمَر ما كان يَعْرِفُ النصوصَ في دِيَةِ الأصابع، وتوريثِ المرأه من دِية زوجها وكذلك ابنُ عباس قال: لا ربا إِلاُّ في النَّسيئة حتى بلغه النص، وكذلك ما عَرَفَ أن المُتْعَةَ منسوخةٌ)([22])

ثم تتبع كل الشروط التي وضعها المذهبيون شرطا شرطا، وبين أنها ليست بالصورة التي وضعوها، وأن قصدهم من ذلك ليس إلا غلق باب الاجتهاد.

الدليل الثاني:

أن وجود الأدلة وعدمها سواء بالنسبة للعامة، وغير من توفرت فيهم ملكة الاجتهاد، ولذلك لا مفر لهم من التقليد، وقد استدلوا لذلك بقوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ }([23])، يقول الشاطبي مبينا وجه الاستدلال بالآية على جواز التقليد، بل وجوبه: (والدليل عليه أن وجود الأدلة بالنسبة إلى المقلدين وعدمها سواء؛ إذ كانوا لا يستفيدون منها شيئا؛ فليس النظر في الأدلة والاستنباط من شأنهم، ولا يجوز ذلك لهم ألبتة وقد قال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ }([24])، والمقلد غير عالم؛ فلا يصح له إلا سؤال أهل الذكر، وإليهم مرجعه في أحكام الدين على الإطلاق، فهم إذن القائمون له مقام الشارع، وأقوالهم قائمة مقام أقوال الشارع)([25])

ويبين الشيخ محمد حسنين مخلوف أن أقوال المجتهدين ليست سوى ترجمة للمصادر الشرعية، ولذلك فإن التلقي منها هو تلق من المصادر مباشرة، يقول في ذلك: (وقد اعتبر الأصوليون وغيرهم أقوال المجتهدين في حق المقلدين القاصرين كالأدلة الشرعية في حق المجتهدين، لا لأن أقوالهم لذاتها حجة على الناس تثبت بها الأحكام الشرعية كأقوال الرسل عليهم الصلاة والسلام فإن ذلك لا يقول به أحد؛ بل لأنها مستندة إلى مآخذ شرعية بذلوا جهدهم في استقرائها وتمحيص دلائلها مع عدالتهم وسعة اطلاعهم واستقامة أفهامهم وعنايتهم بضبط الشريعة وحفظ نصوصها، ولذلك شرطوا في المستثمر للأدلة المستنبط للأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية – لكونها ظنية لا تنتج إلا ظنا – أن يكون ذا تأهل خاص وقوة خاصة وملكة قوية يتمكن بها من تمحيص الأدلة على وجه يجعل ظنونه بمثابة العلم القطعي صونا لأحكام الدين عن الخطأ بقدر المستطاع) ([26])

ومن هذا المنطلق بين أن التقليد على العوام واجب، كما أن الاجتهاد على غيرهم ممن توفرت فيهم أدوات الاجتهاد واجب، يقول في ذلك: (وكما أمر الله تعالى ورسوله المستعدِّين للاجتهاد ببذل الوسع في النظر في المآخذ الشرعية لتحصيل أحكامه تعالى، أمر القاصرين عن رتبة الاجتهاد من أهل العلم باتِّباعهم والسعي في تحصيل ما يؤهلهم لبلوغ هذا المنصب الشريف، أو ما هو دونه حسب استعدادهم في العلم والفهم، وأمر العامَّة الذين ليسوا من أهل العلم بالرجوع إلى العلماء والأخذ بأقوالهم كما قال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ }([27])، أي: بحكم النازلة ليخبروكم بما استنبطوه من أدلة الشريعة مقرونًا بدليله من قول الله، أو قول رسوله، أو مجردا عنه، فإن ذكر الدليل من المجتهد أو العالم الموثوق به بالنسبة لـمَن لم يعلم حكم الله في النازلة غير لازم خصوصًا إذا كان مـمَّن لا يفهم وجه الدلالة كأكثر عامَّة الأمة، أو كان الدليل ذا مقدمات يتوقف فهمها وتقريب الاستدلال بها على أمور ليس للعامي إلمام بها)([28])

الدليل الثالث:

 أن هناك مصالح كثيرة لا تتحقق إلا باتباع المذاهب الأربعة خصوصا، يقول الدهلوي: (مما يناسبُ هذا المقام التنبيه على مسائل ضلت في بواديها الأفهامُ،وزلت الأقدام، وطغت الأقلام منها أنَّ هذه المذاهب الأربعة المدونة قد اجتمعتِ الأمةُ أو من يعتدُّ به منها على جواز تقليدها إلى بومنا هذا وفي ذلك من المصالح ما لا يخفى لا سيما في هذه الأيام التي قصرت فيها الهمم،وأشربتِ النفوسُ الهوى، وأعجبَ كلُّ ذي رأي برأيه)([29])

الدليل الرابع:

ما ورد من الأدلة على أنه يجوز خلو العصر عن المجتهد، قال الزركشي ذاكرا هذا، ومن قال بها من العلماء: (يجوز خلو العصر عن المجتهد عند الأكثرين وجزم به في المحصول، وقال الرافعي: الخلق كالمتفقين على أنه لا مجتهد اليوم ولعله أخذه من الإمام الرازي، أو من قول الغزالي في الوسيط: قد خلا العصر عن المجتهد المستقل ونقل الاتفاق فيه عجيب، والمسألة خلافية بيننا وبين الحنابلة، وساعدهم بعض أئمتنا، والحق أن الفقيه الفطن القياس كالمجتهد في حق العامي، لا الناقل فقط)([30])

وقد أوردوا الأدلة الكثيرة على هذا، وردوا بشدة على من زعم لنفسه القدرة على الاجتهاد من أمثال السيوطي وبقي بن مخلد وابن حزم وغيرهم.

ولهذا نرى عالما كالسيوطي يحاول بكل الوسائل أن يبرهن لأهل عصره أنه قد بلغ مرتبة الاجتهاد، وأن دعوى غلق باب الاجتهاد غير صحيحة، يقول في رسالته (التحدث بنعمة الله): (فقد بلغتُ ولله الحمد والمنة، رُتبة الاجتهاد المطلق في الأحكام الشرعية وفي الحديث النبوي، وفي العربية)([31])

بل إنه فوق ذلك يُصرح بأنهُ مجدد المائة التاسعة، يقول: (فإن ثم من ينفخ أشداقهُ ويدعي مناظرتي، ويُنكر عليّ دعوى الاجتهاد والتفرد بالعلم على رأس هذهِ المئة، ويزعم أنهُ يُعارضُني ويستجيش عليّ بمن لو اجتمع هو وهُم في صعيد واحدٍ ونفخت عليهم نفخة صاروا هباءاً منثوراً)([32])

ولأجل هذا كتب كتابه المعروف (الرد على من أخلد إلى الارض وجهل أن الاجتهاد في كل عصر فرض)([33])

ولأجله أيضا كثرت كتبه ورسائله، لأنه كان يكتب في كل مسألة يختلف فيها مع المخالفين كتابا أو رسالة، مثل: (طرز العمامة في التفرقة بين المقامة والقمامة)، و(الاستنصار بالواحدِ القهار)، و(الكاوي في تاريخ السخاوي)

وقد نقل عنه بعض تلاميذه قوله: (وخالفتُ أهل عصري في خمسين مسألة، فألفتُ في كُلِ مسألة مؤلفاً أثبتُ فيه وجه الحق)([34])

ثالثا ـ منهجه في الفتوى:

بناء على ما ذكرنا سابقا من كثرة أعلام هذا المنهج، وكثرة تصانيفهم في جميع العلوم الشرعية، فإنه ليس من الصعوبة التعرف على منهج الفتوى عندهم، فهم ينطلقون من الآراء التي اختارها أئمة مذاهبهم أو أتباعهم الكبار باعتبارها أصلا يبنى عليه، وتفسر جميع النصوص على أساسه، بل وصل الأمر إلى أن تصبح كالمصادر الأصلية نفسها يقاس عليها ويستنبط منها، وهذا ما يسمى عندهم بمجتهد المذهب، أو مجتهد التخريج([35]).

وأدنى منه من كانت له القدرة على الترجيح بين أقوال إمامه المذكورة في المذهب، ويطلق عليه (مجتهد الترجيح)([36])

وأدنى منه (مجتهد الفتـوى)([37])، وهو من كانت له القدرة على فهـم فقه مـذهبه مـع حفـظه له، أو لأكثره وفهمه لضـوابطه وتخريجـات أصحابه، ويستطيع الرجـوع إلى مصادر هذا المذهب؛ غير أن عنده ضعفا في تقرير أدلته وتحـرير أقيستـه([38]).

وهذا التقسيم نجده عند جميع أتباع المذاهب الأربعة، وإن اختلفت عباراتهم في ذلك.

ومن الأمثلة على ذلك هذا التقسيم الذي ذكره القرافي في كتابه (أنوار البروق في أنواء الفروق) تحت عنوان: (الفرق بين قاعدة من يجوز له أن يفتي وبين قاعدة من لا يجوز له أن يفتي)([39]) فقد قسم الأحوال التي يكون عليها طلبة الفقه المالكي وعلماؤه إلى الأحوال التالية:

الحالة الأولى: وهي من يشتغل بمختصر من مختصرات مذهبه فيه مطلقات مقيدة في غيره وعمومات مخصوصة في غيره

والحكم في هذه الحالة – كما يقرر القرافي – هو أنه (متى كان الكتاب المعين حفظه وفهمه كذلك، أو جوز عليه أن يكون كذلك حرم عليه أن يفتي بما فيه وإن أجاده حفظا وفهما إلا في مسألة يقطع فيها أنها مستوعبة التقييد، وأنها لا تحتاج إلى معنى آخر من كتاب آخر، فيجوز له أن ينقلها لمن يحتاجها على وجهها من غير زيادة ولا نقصان، وتكون هي عين الواقعة المسئول عنها لا أنها تشبهها ولا تخرج عليها بل هي هي حرفا بحرف لأنه قد يكون هنالك فروق تمنع من الإلحاق أو تخصيص أو تقييد يمنع من الفتيا بالمحفوظ فيجب الوقف)([40])

الحالة الثانية: أن يتسع تحصيل الطالب في المذهب بحيث يطلع من تفاصيل الشروحات والمطولات على تقييد المطلقات وتخصيص العمومات، ولكنه مع ذلك لم يضبط مدارك إمامه ومسنداته في فروعه ضبطا متقنا، بل سمعها من حيث الجملة من أفواه الطلبة والمشايخ.

والحكم في هذه الحالة كما يقرر القرافي، هو أنه (يجوز له أن يفتي بجميع ما ينقله ويحفظه في مذهبه اتباعا لمشهور ذلك المذهب بشروط الفتيا، ولكنه إذا وقعت له واقعة ليست في حفظه لا يخرجها على محفوظاته، ولا يقول هذه تشبه المسألة الفلانية لأن ذلك إنما يصح ممن أحاط بمدارك إمامه وأدلته وأقيسته وعلله التي اعتمد عليها مفصلة ومعرفة رتب تلك العلل ونسبتها إلى المصالح الشرعية، وهل هي من باب المصالح الضرورية أو الحاجية أو التتميمية، وهل هي من باب المناسب الذي اعتبر نوعه في نوع الحكم أو جنسه في جنس الحكم، وهل هي من باب المصلحة المرسلة التي هي أدنى رتب المصالح أو من قبيل ما شهدت لها أصول الشرع بالاعتبار أو هي من باب قياس الشبه أو المناسب أو قياس الدلالة أو قياس الإحالة أو المناسب القريب إلى غير ذلك من تفاصيل الأقيسة ورتب العلل في نظر الشرع عند المجتهدين)([41])

 ثم علل هذه المحدودية بما ذكرناه عن أصحاب هذا المنهج من أنهم يعتبرون أقوال الأئمة أصلا يمكن أن يتعامل معه الفقيه كما يتعامل مع المصادر الأصلية نفسها، يقول: (وسبب ذلك أن الناظر في مذهبه والمخرج على أصول إمامه نسبته إلى مذهبه وإمامه كنسبة إمامه إلى صاحب الشرع في اتباع نصوصه، والتخريج على مقاصده، فكما أن إمامه لا يجوز له أن يقيس مع قيام الفارق لأن الفارق مبطل للقياس والقياس الباطل لا يجوز الاعتماد عليه، فكذلك هو أيضا لا يجوز له أن يخرج على مقاصد إمامه فرعا على فرع نص عليه إمامه مع قيام الفارق بينهما لكن الفروق إنما تنشأ عن رتب العلل وتفاصيل أحوال الأقيسة فإذا كان إمامه أفتى في فرع بني على علة اعتبر فرعها في نوع الحكم لا يجوز له هو أن يخرج على أصل إمامه فرعا مثل ذلك الفرع لكن علته من قبيل ما شهد جنسه لجنس الحكم فإن النوع على النوع مقدم على الجنس في النوع ولا يلزم من اعتبار الأقوى اعتبار الأضعف)([42])

الحالة الثالثة: وهي أن يتحقق طالب العلم بالتمكن من المذهب أصوله وفروعه، وحكم هذا كما يذكر القرافي هو أنه (يجوز له أن يفتي في مذهبه نقلا وتخريجا ويعتمد على ما يقوله في جميع ذلك)([43])

وقد نقل ابن فرحـون عن المـازري: أن الـذي يتصـدى للفتوى، أقـل مراتبه أن يكــون قد استبحر في الاطــلاع على روايات الــمذهب، وتأويل الأشياخ لــها، وتوجيههم لما وقـع من الاختـلاف فيهـا وتشبيههـم مسائــل بمسائل سبق إلى الذهن تباعدها، وتفريـعهم بين مسائــل يقــع فـي النـفـس تقــاربهــا([44]).

وبهذا فإن الفتيا في هذا المنهج لا تعتمد المصادر الأصلية إلا على سبيل التبعية، فالنص عندهم هو الذي ينقاد للمذهب، لا المذهب ينقاد للنص، كما هو عليه الحال في المنهج السابق.

وبناء على هذا ألفت التفاسير وشروح الحديث الكثيرة، والتي تختلف الفهوم فيها باختلاف المذاهب التي يتبعها أصحاب تلك الكتب، وقد برز التعصب المذهبي وآثاره على تلك المصنفات، حيث أصبحت الآيات تفسر على قواعد المذهب في استنباط الأحكام، وأخرجت للناس تفاسير لا نكاد نجد بينها وبين أمهات كتب الفقه كبير فارق، وخالط بعضها تعصب للمذهب مذموم، وجاء بعضها الآخر محموداً([45])

 ومن الأمثلة على ذلك الفقيه المالكي ابن العربي صاحب (حكام القرآن) الذي يقول عنه محمد حسين الذهبي: (إن الكتاب يعتبر مرجعاً مهماً للتفسير الفقهى عند المالكية، وذلك لأن مؤلفه مالكى تأثر بمذهبه، فظهرت عليه فى تفسيره روح التعصب له، والدفاع عنه، غير أنه لم يشتط فى تعصبه إلى الدرجة التي يتغاضى فيها عن كل زَلَّة علمية تصدر من مجتهد مالكي، ولم يبلغ به التعسف إلى الحد الذى يجعله يفند كلام مخالفه إذا كان وجيهاً ومقبولاً، والذى يتصفح هذا التفسير يلمس منه روح الإنصاف لمخالفيه أحياناً، ما يلمس منه روح التعصب المذهبي التي تستولى على صاحبها فتجعله أحياناً كثيرة يرمى مخالفه وإن كان إماماً له قيمته ومركزه بالكلمات المقذعة اللاذعة، تارة بالتصريح، وتارة بالتلويح. ويظهر لنا أن الرجل كان يستعمل عقله الحر، مع تسلط روح التعصب عليه، فأحياناً يتغلب العقل على التعصب، فيصدر حكمه عادلاً لا تكدره شائبة التعصب، وأحياناً – وهو الغالب – تتغلب العصبية المذهبية على العقل، فيصدر حكمه مشوباً بالتعسف، بعيداً عن الإنصاف)([46])

وقد خصص أصحاب هذا المنهج للمتغيرات الحاصلة في كل عصر ما يسمونه بكتب (النوازل)، والمؤلفات فيها كثيرة جدا، ومعظمها لا يكاد يخرج عن المذهب الذي اعتمده.

ومن الأمثلة على ذلك في المذهب الحنفي الفتاوى العالمكيرية، المشهورة باسم (الفتاوى الهندية)، وهي منسوبة إلى الملك محمد أورنك زيب، ويلقب بعالمكير، أي فاتح العالم، وقد بسط سلطانه على الهند من سنة [1029 إلى 1119هـ / 1608- 1707م] وقد جمع هذا الملك لتأليف هذا الكتاب فقهاء الحنفية في عصره، برئاسة الشيخ (نظام الدين) وأجرى عليهم النفقات، ثم انتخبوا من جمع كتب المذهب الحنفي أصح ما قيل فيها من الأحكام وصاغوها في هذا المؤلَف مع عزو كل حكم إلى مصدره، فاحتوى على ما لا يوجد في سواه، طبعت هذه الفتاوى لأول مـرة سنة 1282هـ بمصـر في ستة مجلـدات ضخمـة([47]).

ومن أهمها في المذهب الشافعي (فتاوى الإمام النووي)، واسمه (المنثورات وعيون المسائل المهمات) درسه وحققه، أحمد عطاء وطبعه بمؤسسة الكتب الثقافية في جزء واحد فقط، يقول النووي في المقدمة: (ولا ألتزم فيها ترتيبا، لكونها حسب الوقائع فإن كملت يرجى ترتيبها.. وألتزم فيها الإيضاح وتقريبها إلى أفهام المبتدئين ممن لا اختلاط لهم بالفقهاء، لتكون أعم نفعا)([48])

ومنها الحاوي للفتاوى للسيوطي، وفتاوى شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي، والفتاوى الكبرى لابن حجر الهيثمي([49]).

وفي الفقه الحنبلي نجد (فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية): (وقد طبعت عدة مرات وآخرها تلك المجموعة التي استلها جامعها من مختلف المكتبات والكتب، وطبعها بالمملكة السعودية في سبعة وثلاثين مجلدا، المجلدان الأخيران فهارس للفتاوى)([50])

أما في الفقه المالكي، فهي كثيرة جدا، وأهمها: (المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى علماء إفريقية والأندلس والمغرب) لأبي العباس الونشريسي، وقد جمع فيه فتاوى المتقدمين والمتأخرين من علماء المغرب والأندلس، وزاد فيه فتاويه الخاصة.


([1]) يطلق المذهب في اللغة: على الطريق ومكان الذهاب، يقال ذهب القوم مذاهب شتى إذا ساروا طرائق مختلفة، قال الزبيدي: (المذهب : المعتقد الذي يذهب إليه .. والمذهب الطريقة، يقال : ذهب فلان مذهباً حسناً، أي طريقة حسنة) (انظر: تاج العروس، الزبيدي، دار الرشاد، الدار البيضاء، ج1ص752، وانظر: لسان العـرب، 2/1081)

ويطلق في الاصطلاح: على ما ذهب إليه إمام من الأئمة في الأحكام الاجتهادية، ويطلق عند المتأخرين على ما به الفتوى، فيقولون المذهب في المسألة كـذا من باب إطلاق الشيء على جزئه الأهم، كإطلاق الصلاة على الفاتحة، والحج عرفة، وبهذا فإن (المذهب المالكي: هو الطريق الذي سلكه مالك في استنباط الأحكام الاجتهادية. انظر: مواهب الجليل لشـرح مختصر خليـل، الحطاب، دار الفكـر، ط:2، 1992، 1/24).

([2]) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر بن عاصم النمري القرطبي، تحقيق: مصطفى بن أحمد العلوي , محمد عبد الكبير البكري، وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية – المغرب، 1387 هـ، ج10، ص115.

([3]) الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني، أحمد بن غانم (أو غنيم) بن سالم ابن مهنا، شهاب الدين النفراوي الأزهري المالكي، دار الفكر، دط، 1415هـ – 1995م، ج 2 ، ص 356.

([4]) مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ خليل ، ج 1 ، ص 99.

([5]) البحر الرائق شرح كنز الدقائق، زين الدين بن إبراهيم بن محمد، المعروف بابن نجيم المصري، دار الكتاب الإسلامي، ط2، ج6، ص292.

([6]) روضة الطالبين وعمدة المفتين، محيي الدين النووي، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثانية، 1405هـ، ج11، ص117.

([7]) رد المحتار على الدر المختار (حاشية ابن عابدين)، محمد أمين عابدين، دار إحياء التراث العربي (بيروت)، الطبعة الثانية 1407هـ، 1987م، ج1، ص51.

([8]) طبقات الشافعية الكبرى، السبكي، حققه محمد الطناجي، ط 2، الجيزة، دار هجر، 1992، ج 2، ص 473..

([9]) معجم البلدان، شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله لرومي الحموي، دار صادر، بيروت، ط2، 1995 م ج 1، ص476.

([10]) طبقات الفقهاء الشافعيين، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي، تحقيق: د أحمد عمر هاشم، د محمد زينهم محمد عزب، مكتبة الثقافة الدينية، 1413 هـ، ج 2 ، ص 671.

([11]) العبر، الذهبي، حققه صلاح الدين المنجد، ط2، الكويت، مطبعة حكومة الكويت، 1984، ج 4 ص: 60، ومما رواه في هذا ما حصل للفقيه المالكي محمد بن زرقون (ت 622ه)، ذلك أنه لما أمر السلطان الموحدي يوسف بن يعقوب بعدم قراءة كُتب الفروع عامة والمالكية خاصة، استمر ابن زرقون في تدريس الفقه المالكي متحديا لأمر السلطان، فلما ظُفر به يُدرّس الفقه أُخذ للقتل صبرا (نحو سنة591ه)، ثم سُجن ولم يُقتل، فطال سجنه وأحرقت كتبه (سيّر أعلام النبلاء، الذهبي، حققه بشار عواد، بيروت، مؤسسة الرسالة ج 22 ص: 311 )

([12]) الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى، الناصري احمد بن خالد، الدار البيضاء، دار الكتاب، ط1، 1997 ج 1 ص: 125.

([13]) وفيات الأعيان، ابن خلكان، حققه إحسان عباس، دار الثقافة، 1968. ج 2 ص: 331.

([14]) للتوسع في ذلك انظر : الدارس في تاريخ المدارس، عبد القادر النعيمي، حققه جعفر الحسيني، دمشق، المجمع العلمي، 1951.

([15]) المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، أحمد بن علي، تقي الدين المقريزي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1418 هـ، ج 3 ص 390.

([16]) البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع، محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني، دار المعرفة – بيروت، ج1، ص21..

([17]) أرخت الكثير من المراجع التاريخية لأمثال هذه الأحداث، منها على سبيل المثال: الكامل في التاريخ، ابن الأثير، حققه عبد الله القاضي، ط2، بيروت، دار الكتب العلمية، 1995، ج 8 ص: 73.

([18]) فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك، محمد بن أحمد بن محمد عليش، أبو عبد الله المالكي (المتوفى: 1299هـ)، دار المعرفة، ج 1 ، ص 85.

([19]) فتح العلي المالك، ج1، ص90.

([20]) فتح العلي المالك، ج1، ص90.

([21]) فتح العلي المالك، ج1، ص90.

([22]) العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم، ابن الوزير، محمد بن إبراهيم، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، ط3، 1415 هـ – 1994 م، ج2، ص 27.

([23]) سورة النحل: 43.

([24]) سورة النحل: 43.

([25]) الموافقات، إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي الشهير بالشاطبي، تحقيق: أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان، دار ابن عفان، ط1، 1417هـ/ 1997م ، ج5، ص 337.

([26]) بلوغ السول في مدخل علم الأصول، محمد حسنين محلوف، مطبعة مصطفى الحلبي، ص 15.

([27]) سورة النحل: 43.

([28]) بلوغ السول في مدخل علم الأصول، محمد حسنين محلوف، مطبعة مصطفى الحلبي، ص 15.

([29]) حجة الله البالغة، أحمد بن عبد الرحيم المعروف بـ «الشاه ولي الله الدهلوي، تحقيق: السيد سابق، دار الجيل، بيروت – لبنان، ط1، 1426 هـ – 2005م. ج 1، ص 263.

([30]) البحر المحيط في أصول الفقه، ج 8 / ص 240.

([31]) التحدث بنعمة الله، السيوطي، تحقيق:إليزابيث ماري سارتين، المطبعة العربية الحديثة، مصر، 1972م، ص205.

([32]) الكشف عن مجاوزة هذهِ الأمة الألف، مطبوعة ضمن الحاوي للفتاوي، جلال الدين عبد الرحمن السيوطي، دار الفكر، بيروت، ج 2، ص86.

([33]) طبع في دار الكتب لعلمية 1403، هـ في مجلد بتحقيق (خليل الميس)

([34]) الطبقات الصُغرى، عبد الوهاب الشعراني، تحقيق:عبدالقادراحمد عطا، مكتبة القاهرة، مصر، 1970م، ص20.

([35]) معنى التخريج في الاصطلاح الفقهي: بناء فرع على أصل بجامع مشترك، وله طريقان: الأول يكون من القواعد الكلية، والثاني: يسمى التخريج بالنقل، بأن يجعل نص الإمام أصلا، ويقاس عليه.انظـر: نوار بن الشلي، التخريج المذهبي أصـوله ومناهجـه، الرباط،1997، ص52.

([36]) انظر: يعقوب بن عبد الوهاب الباحسين، التخريج عند الفقهاء والأصوليين، الرياض، مكتبة الرشاد،1414هـ، ص313.

([37]) الرد على من أخلد إلى الارض وجهل أن الاجتهاد في كل عصر فرض، السيوطي، تحقيق: خليل الميس، دار الكتب لعلمية 1403 هـ، ص116.

([38]) أدب الفتوى وشروط المفتي وصفة المستفتي وأحكامه وكيفية الفتوى والاستفتاء، ابن الصلاح الشهر زوري، تحقيق: فوزي عبد المطلب، القاهرة، مكتبة الخانجي، ط1، 1992.، ص47..

([39]) أنوار البروق في أنواء الفروق، أبو العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن المالكي الشهير بالقرافي، عالم الكتب، ج2، ص107.

([40]) المرجع السابق، ج2، ص107.

([41]) المرجع السابق، ج2، ص107.

([42]) المرجع السابق، ج2، ص 108.

([43]) المرجع السابق، ج2، ص 110.

([44]) تبصرة الحكام، ابن فرحون، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، ط1، 1986، ج1، ص76.

([45]) انظر: اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر، د.  فهد الرومي، طبع بإشراف إدارة البحوث العلمية، الرياض، الطبعة الأولى،1407، ج2، ص714.

([46]) التفسير والمفسرون، الدكتور محمد السيد حسين الذهبي، مكتبة وهبة، القاهرة ج2، ص 331.

([47]) المدخل الفقهي العام، مصطفى أحمد الزرقا، دار الفكر، دمشق، ط9، 1998، ج1، ص190.

([48]) الفتاوى، النــووي، تحقيق:عبد القـادر أحمد عطاء، لبنان، مـؤسسة الكتب الثقافية، ط2، 1988، ص17.

([49]) تاريخ الفقه الإسلامي، عمر سليمان الأشقر، الجزائر، قصر الكتاب، 1990، ص135.

([50]) ابن تيمية، أبو زهرة، مصر، دار الفكر العربي، 1991، ص433 وما بعدها.

د. نور الدين أبو لحية

كاتب، وأستاذ جامعي، له أكثر من مائة كتاب في المجالات الفكرية المختلفة، وهو مهتم خصوصا بمواجهة الفكر المتطرف والعنف والإرهاب، بالإضافة لدعوته لتنقيح التراث، والتقارب بين المذاهب الإسلامية.. وهو من دعاة التواصل الإنساني والحضاري بين الأمم والشعوب.. وقد صاغ كتاباته بطرق مختلفة تنوعت بين العلمية والأكاديمية والأدبية.

You may also like...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *