اضرب في المليان

هذه العبارة التي استعملتها قنوات الفتنة ورعاتها وقطيعها وسيلة لتشويه العلامة المفتي الشيخ علي جمعة، والتي لقيت استهجانا كبيرا من طرف الكثير مما جلعهم يسقطون ذلك الشيخ الجليل من عيونهم، ويجعلون سبه دينا، والتحذير منه دعوة، تدعوني إلى أن أسألهم هذه الأسئلة البسيطة ليجيبوا بها أنفسهم، ولا عليهم أن يجيبوني، فأنا لا أملك لهم ضرا ولا نفعا.
وأول سؤال هو عن ضرب الناتو وأمريكا لليبيا، وفتوى القرضاوي وغيره بجواز التعاون معهما.. وهي موثقة في المصادر المختلفة، والتي تتبناها الحركات الإسلامية نفسها.. فهل طلب القرضاوي وغيره من علماء الفتنة من أمريكا والناتو أن يضربوا بالرصاص المطاطي، أو بالقنابل المسيلة للدموع، أم أنه طلب منهم أن يضربوها بالمليان، بل بالأسلحة الذكية، وبالصواريخ والطائرات المتطورة؟ وهل كانت تلك الأسلحة المتطورة تقتل نملا وبعوضا، أم أنها كانت تقتل بشرا مسلمين.. بل من أهل السنة والجماعة الذين تدّعون أنكم حماتهم وأنصارهم؟
والسؤال الثاني هو عن طلب القرضاوي الذي تدينون له بكل أصناف الولاء، وتعتبرون عصمته المطلقة، هو ومن معه من علماء الفتنة، أمريكا بدعم المسلحين الذين يقاتلون ضد الجيش السوري، وقوله لها، وهو على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الدوحة عاصمة القاعدة الأمريكية الكبرى: (نشكر الولايات المتحدة الامريكية على تقديمها السلاح للمقاتلين بقيمة 60 مليون دولار، ونطلب المزيد) ([1])، وقوله لها: (أمريكا تخاف على اسرائيل، وتخاف أن ينتصر المسلحون في سورية ويذهبوا الى إسرائيل.. من أين جئتم بهذا الكلام؟)
وقوله لها، وهو يذكرها بفعلها الجميل في ليبيا: (لماذا لم تفعل أمريكا مثلما فعلت في ليبيا؟.. على أمريكا أن تدافع عن السوريين، وأن تقف وقفة رجولة، ووقفة لله، وللخير والحق)
فهل كان هذا الاستجداء استجداء للأسلحة المطاطية، أم للأسلحة المخصصة للعرض، وليس لقتل الأبرياء من أبناء الجيش السوري، الذين ليسوا سوى أبناء للشعب السوري، فالجيش السوري لم يأت من المريخ، بل وراء كل جندي عائلات كثيرة.
وعندما قيل له: إن طلبك من أمريكا والناتو دعوة لحرب صليبية في المنطقة، راح يتلاعب بالألفاظ، ويحتال على العقول الضعيفة المخدرة، التي تتأثر بنبرة الصوت، قبل أن تتمعن في معناه.
قد يقال بأن القرضاوي فعل ذلك لمواجهة الاستبداد والجريمة.. لا بأس نسلم لكم ذلك جدلا.. فما دام هو الوصي على حرية الأمة، فلماذا أهدر دماء الموالين للنظام الليبي والسوري، لم يفت بهدر دماء الموالين للأنظمة التي انطلقت منها القوات الأمريكية لتدمر أفغانستان والعراق، وهي الأرض التي يسكن فيها، ويعيش في ظلال أمرائها؟
ولماذا لم يطالب بهدر دم مُجرم الحرب الأمريكي [جورج بوش] قاتل الملايين من المسلمين، كما طالب بهدر دم القذافي وبشار الأسد، أم أن بوش عنده عادل وصالح، ولم ير من المستبدين في العالم إلا ذينك الحاكمين اللذين ما أفتى بإهدار دمهما إلا لكونهما عدوين للملوك والأمراء الذين ارتضى أن يكون خادما لهم بعد أن آووه وأطعموه وأغنوه؟
لا تجيبوني أنا.. فأنا لا أملك لكم ضرا
ولا نفعا، ولكن أجيبوا أنفسكم، واخلعوا تلك الثياب التي تضعونها على عيونكم آذانكم
حتى تفروا من الحقائق.. ولا تهتموا بي ولا بمصيري، فأنا صادق مع نفسي ومع ربي ومع
الحقيقة، ولو كنت كاذبا معهم، لسرت كما يسير التيار، وغردت كما يغرد السرب، ورعيت
مثلما يرعى القطيع.
([1]) انظر مقالا بعنوان: القرضاوي يشكر أمريكا ويدعوها لضرب سورية، نشر بالقدس العربي، احمد المصري..