ما خطورة طروحات هوكينغ الإلحادية؟

ما خطورة طروحات هوكينغ الإلحادية؟

مع اهتمامي الشديد بطروحات الملاحدة عبر التاريخ، وخصوصا المختصين منهم في علوم المادة، لم أجد أطروحة أكثر جرأة ودجلا وتعنتا وكبرا من الطروحات التي تبناها أو أخرجها هوكينغ.. ولعل ذلك كان السبب في الشهرة الكبيرة التي نالها.. وسأحاول إثبات ذلك الآن.. وأرجو من التنويريين الجدد أن يصبروا، ويتأكدوا قبل أن يحكموا، فلعل ذلك يخفف عنهم ذلك الغلو في تقديس شخص لم ينل شهرته إلا بسبب مقولاته الخادمة للإلحاد.

ولبيان ذلك أذكر أن المقولات الإلحادية منذ عهد ديموقريطَسْ، ذلك الفيلسوف اليوناني المادي صاحب المذهب الذرّي إلى الوقت الذي اكتشف فيه الانبثاق الكوني ـ إما بسبب نظرية الانفجار العظيم، أو بسبب القانون الثاني للديناميكا الحرارية ـ وملاحدة الفيزيائيين يستندون للحالة الثابثة للكون، وكونه قديما لا يحتاج إلى موجد يوجده من عدم.

ولذلك كان المؤمنون منهم يشعرون بحرج عظيم، وهم يناقشون حاجة الكون إلى خالق، خاصة مع قول أكثر الفلاسفة بقدم العالم..

ولهذا نجد صدمة كبيرة أصابت الكثير من الفيزيائيين بعد ورود الأدلة الكثيرة على نظرية الانفجار العظيم..

ومن ذلك موقف بعضهم([1])، وهو عالم الكوسمولوجيا والرياضيات البريطاني المادي (أرثر إدنجتن) (ت1944م) الذي اهتزّ لهذا الكشف، وذكر أنّ أصل الكون هو (فسلفيًا أمر بغيض.. وأنّه يبدو أنّ البداية تقدّم صعوبات لا تُقهر إلّا إذا اتفقنا أن ننظر إليها بصراحة تامة كأمر فوق طبيعي)

وهكذا كان موقف (روبرت ويلسن) مكتشف (إشعاع الخلفية الكونية الميكروي) مع (بنزياس)، والذي كان من أنصار الحال الثابتة عن أثر نظرية الانفجار العظيم على قناعاته وعقائده: (لقد أحببت فلسفيًا نظرية الحال الثابتة، وعليّ بوضوح أن أتراجع عن ذلك)

وقال (ألان سنداج) (ت.2010م) الذي لُقِّب بأبي (الكوسمولوجيا الرصديّة المعاصرة)، وهو من أدقّ من قدّموا تقديرًا علميًا لعمر الكون ـ ([بدء الكون بانفجار] نتيجة غريبة.. لا يمكن أن تكون صحيحة)، لكنه بعد ثبوب الأدلة لم يجد إلا إلى أن يتحوّل في آخر حياته إلى الإيمان بالله.

أما (هويل)، فقد عبر بصراحة عما يحمله ثبوت الانبثاق الكوني من انتصارات للمؤمنين، فقال في كتاب مدرسي ألّفه سنة 1975م: (الكثيرون مسرورون بقبول هذا الموقف دون البحث عن تفسير فيزيائي للبداية الحادة للجسيمات.. يُنظر إلى البداية الحادة عمدًا على أنّها فوق فيزيائية، أي خارج الفيزياء.. يبدو هذا النمط من التفكير مُرْض للكثير من الناس لأنّ [شيئًا ما] من خارج الفيزياء بالإمكان إضافته إلى بداية الزمن.. لقد وضعت كلمة [إله] مكان [شيء ما] بمخادعة لفظية.. لا أعتقد أنّنا بحاجة إلى استدعاء الميتافيزيقا لحلّ أيّ مشكلة بإمكاننا أن نفكّر فيها)

أما (دنيس شياما) (ت 1999م)، وهو أستاذ (هوكنغ) في الفيزياء، وأحد كبار المناصرين لـ (نظرية الحال الثابتة) مع زميله (هويل)، فقد تحوّل عن مذهبه بعد اكتشاف (إشعاع الخلفية الكونية الميكروي) ليصبح من أهم المنافحين عن (نظرية الانفجار العظيم)

وقد أقرّ أنّه قد لعب دورًا في الدفاع عن (نظرية الحال الثابتة) لأنّها كانت جذابة بصورة كبيرة لدرجة أنه تمنّى أن تكون صحيحة، (لكن لما تراكمت الأدلة؛ اتّضح بجلاء أنّ اللعبة قد انتهت، وأنه يجب التخلّص من نظرية الحال الثابتة)

وهكذا نرى الكثير من ملاحدة الفيزيائيين يقعون في مواقف حرجة بسبب ثبوب الانبثاق الكوني إما بسبب نظرية الانفجار العظيم أو بسبب القانون الثاني للديناميكا الحرارية.. ولهذا اضطر بعضهم للإيمان والتراجع عن الحالة الثابتة للكون، واضطر آخرون للبحث عن نماذج أخرى بديلة تحاول أن تسد حاجة الكون إلى موجد خارجي.

كما عبر عن ذلك عالم الفيزياء الفلكية (كريستوفر إشام)، فقال: (ربّما أفضل حجة لصالح الطرح القائل إنّ (الانفجار العظيم) يؤيّد الإيمان بالله هو التململ الواضح الذي قوبل به من طرف بعض الفيزيائيين الملاحدة. وقد أدّى ذلك إلى ظهور أفكار علمية، مثل (الخلق الدائم) أو (الكون المتذبذب)، وقد تمّ تقديمها بحماسة تفوق بكثير قيمتها الحقيقية ممّا يلزم المرء بأن يرى دوافع نفسيّة أعمق بكثير من الرغبة المألوفة للمنظّر لدعم نظريّته)

وورد في مقال نشر في مجلّة [New Scientist]: (اعتقد علماء الكوسمولوجيا أنّ عليهم الالتفاف وراء المشكلة.. لقد حاولوا على مرّ السنوات الماضية إثبات عدة نماذج مختلفة للكون تتفادى الحاجة إلى بداية، مع الاستمرار في اشتراط انفجار عظيم. يبدو الآن من المؤكّد أنّ الكون كانت له بداية)

بعد هذا العرض الموجز لمواقف علماء الفيزياء والكون من الانبثاق الكوني نتساءل عن موقف هوكينغ، أو ما الذي فعله هوكينغ حتى ينقذ الموقف الإلحادي؟

وقبل أن نجيب عن ذلك نحب أن نذكر هنا مقولة للكوسمولوجي الشهير اللاأدري (ألكسندر فلنكن) سنه 2012م في عيد ميلاد [هوكينج] السبعين، والذي ناقش فيه العلماء أهم نظريات نشأة الكون، حيث قال: (لقد قيل إن الحجة هي التي تقنع العقلاء والدليل هو الذي يقنع حتى غير العقلاء.. لم يعد بإمكان علماء الكون، بعد أن قامت الآن الأدلة، أن يتخفوا وراء إمكانية وجود كون أزلي. لم يعد هناك مهرب، عليهم أن يواجهوا مشكلة البداية الكونية)

والدور الذي قام به هوكينغ لإنقاذ الموقف الإلحادي يتمثل في أمرين، أحدهما شاركه فيه غيره، والثاني انفرد به لوحده.

أما الأمر الأول، فهو أنه مثلما حاول داروين باستماتة أن يستبدل تفسير (الخالق) بخرافة التطور الصدفي والعشوائي في الكائنات الحية، فقد حاول هوكينج استبدال تفسير (الخالق) بخرافة الأكوان المتعددة الصدفية والعشوائية لكي يبرر ظهور كوننا الغاية في الدقة من بينها.

ولذلك افترض في كتابه [التصميم العظيم] بحسابات رياضية معقدة ـ كما توصف ـ ليهرب من الاعتراف بالخالق إلى وجود 10 أس 500 كون.. وذكر أن هذا العدد الضخم يتناسب مع نظريته M التي ستجمع كل قوانين الوجود لتمكننا من فهم كل شيء بعيدا عن الخالق.

وهذا العدد الضخم للأكوان.. أي 10 وأمامها 500 صفر.. لم يخترعه أحد سواه.. وللأسف صار شعارا من شعارات الملاحدة، أو كما عبر عن ذلك [ريتشارد داوكنز] في حواره مع [ستيفن واينبرج] مبينا سبب اعتماد هذه النظرية والاهتمام بها، وهو كونها وسيلة لنفي الإله، وقد قال معبرا عن ذلك: (إذا اكتشفت هذا الكون المدهش المعد فعليا بعناية.. أعتقد أنه ليس أمامك إلا تفسيرين اثنين.. إما خالق عظيم، أو أكوان متعددة)

ونحب أن ننبه إلى أن هوكينج نفسه كان قد أقر في كتابه الأول [موجز لتاريخ الزمن] بحقيقة الضبط الدقيق للكون، وخصوصا الثابت الكوني وضبط مقدار الجاذبية الرهيب، ولم يبق أمامه لتبرير الإلحاد إلا اختراع فكرة الأكوان المتعددة الكثيرة جدا والعشوائية ليكون كوننا هو الوحيد من بينها الذي خرج بهذه الصورة.

وأما الأمر الثاني، وهو أخطر من الأول، وهو محاولة هوكينغ تجاوز نظرية الانبثاق الكوني، ببيان أن الكون حتى لو كان له بداية فإنه لن يحتاج إلى الخالق، ذلك أن القوانين الكونية وحدها كفيلة بخلق الكون، وهذا ما لم يقله غيره.

وقد عبر عن ذلك بقوله: (تماما مثلما فسر دارون ووالاس كيف أن التصاميم المعجزة المظهر في الكائنات الحية من الممكن أن تظهر بدون تدخل قوة عظمى، فمبدأ الأكوان المتعددة من الممكن أن يفسر دقة القوانين الفيزيائية بدون الحاجة لوجود خالق سخر لنا الكون.. فبسبب قانون الجاذبية فالكون يستطيع ويمكنه أن ينشيء نفسه من اللاشيء.. فالخلق الذاتي هو سبب أن هناك شيء بدلا من لا شيء، ويفسر لنا لماذا الكون موجود، وكذلك نحن) ([2])

ونحب أن نشير هنا إلى أن قول الرياضي والفلكي المعروف [بيير سيمون لابلاس] حين سأله نابليون عن مكان الله في نظامه الميكانيكي الخاص بالأجرام السماوية، فقال له بكل ثقة: (يا سيدي لست بحاجة إلى هذا الافتراض)([3]) كان مبنيا على الحالة الثابتة للكون، أي أنه قال ذلك قبل الانفجار العظيم..

وهكذا حين نقارن بين نيوتن ـ وهو رائد العلماء في عصور النهضة، بل ربما في كل العصور، ومع كونه عاش في الزمن الذي كان يعتقد فيه بالحالة الثابتة للكون ـ مع هوكينغ نجد الفرق الكبير بينهما، فقد قال نيوتن متحدثا عن كتابه [برينسيبا ماثيماتيكا] الذي يعد من أعظم الكتب العلمية، وأكثرها تأثيرا في مسار التطور العلمي، ولا سيما في الفيزياء: (لقد كتبت هذا الكتاب وأنا أضع نصب عيني أن يكون سبيلا إلى مساعدة الناس على أن يؤمنوا بالله المعبود، ولن يسعدني شيء أكثر من تحقيق هذه الغاية)، ومن أقواله المأثورة: (يكفي أن أنظر لإبهامي حتى أكون مؤمنا بالله)

أما أعلام الفيزياء المتأخرون، فقد ذكر مؤلفا كتاب [العلم في منظوره الجديد] ([4]) الكثير من النماذج الدالة على تحولهم إلى الإيمان مقارنة بالفيزيائيين الكلاسيكيين.

ومن أمثلتهم ـ كما يذكر الكاتبان – الفيزيائي ادموند ويتيكر الذي نقلا عنه قوله: (ليس هناك ما يدعو إلى أن نفترض أن المادة والطاقة كانتا موجودتين قبل الانفجار العظيم، وأنه حدث بينهما تفاعل فجائي. فما الذي يميز تلك اللحظة عن غيرها من اللحظات في الأزلية، والأبسط أن نفترض خلقا من العدم، أي إبداع الإرادة الإلهية للكون من العدم)

ومثله الفيزيائي ادوارد ميلن الذي انتهى بعد تفكره في الكون المتمدد إلى هذه النتيجة: (أما العلة الأولى للكون في سباق التمدد فأمر إضافتها متروك للقارئ، ولكن الصورة التي لدينا لا تكتمل من غير الله)

وهكذا صرح كبار أعلام الفيزياء الحديثة من أمثال [فيرنر هيزنبرج] صاحب مبدأ اللاحتمية أو الارتياب الذي عبر عن ذلك بقوله: (كنت طوال حياتى مدفوعا الى تأمل العلاقة بين العلم والدين ولم أجد فى أى وقت مهربا من الاقرار بدلالة العلم على وجود الاله)

وقال: (ما الذى يحكم حركة الابرة المغناطيسية لتستقر تجاه الشمال والجنوب، إنه نظام مبهر تحكمه قوة حكيمة قادرة، قوة لو اختفت من الوجود لاجتاحت الجنس البشرى مصائب رهيبة مصائب أسوأ من الانفجارات النووية وحروب الإبادة)

ومثله قال [اروين شرودنجر] مؤسس علم [ميكانيكا الموجات]: (إن الصورة التى يرسمها العلم للوجود من حولنا قاصرة للغاية، فبالرغم من الحقائق الكثيرة التى يقدمها لنا ويصيغها فى القوانين التى تحكم الوجود يقف العلم كالأبكم أمام الأمور القريبة من قلوبنا والتى تهمنا حقيقة)

ويقول [ماكس بلانك] العالم الألماني صنو أنشتاين والحائز على نوبل 1918م ومؤسس فيزياء الكم: (لا يمكن أن نجد تعارضا حقيقا بين العلم والدين فكلاهما يكمل الآخر، إن كلا من الدين والعلم يحارب فى معارك مشتركة لا تكل ضد الادعاء والشك والتسلط والالحاد من أجل الوصول الى معرفة الإله)

ويقول: (العِلم الطبيعي لا يستطيع حل اللغز المُطلق للطبيعة، وذلك لأنه في التحليل الأخير نكون نحن أنفسنا جزء مِن الطبيعة، وبالتالي جزء من اللغز الذي نحاول حله)

ويقول [بول ديراك]، وهو من كبار مؤسسى فيزياء الكم: (إن الاله خالق حسيب استخدم أرقى مستويات الرياضيات فى تصميم الكون ووضع قوانينه)

ولهذا نرى كبار الفيزيائيين المعاصرين، ومنهم زملاء لهوكنيغ نفسه ينحون عليه باللائمة بسبب استعماله الفيزياء لإرضاء النزوات الإلحادية، فهذا الفيزيائي الشهير [راسل ستانارد] يقول في مقاله في الجارديان: (إن فلسفة هوكنج هو تحديدا ما أعارضه فهي كما وصلتني مثال واضح على التعالم ـ ساينتزم- فطرح أن العلم هو مصدر المعلومات الوحيد وأننا لدينا فهم كامل لكل شيء هو هراء بل وهراء خطير أيضا فهو يشعر العلماء بالكبر والغرور بشكل مبالغ فيه)

ويقول البروفسور جون بولكنجهورن من أشهر علماء الفيزياء النظرية: (إنها – يقصد الأكوان المتعددة ـ ليست فيزياء إنها في أحسن الأحوال فكرة ميتافيزيقيه ولا يوجد سبب علمي واحد للإيمان بمجوعة من الأكوان المتعددة…إن ماعليه العالم الآن هو نتيجة لإرادة خالق يحدد كيف يجب أن يكون)

ويقول الفيزيائي الشهير [روجرز بنروز]، وهو الذي أثبت مع هوكنج حدوث الإنفجار الكبير مُعلقا على كتاب هوكينج [التصميم العظيم]: (على عكس ميكانيكا الكم فإن النظرية M لاتملك أي إثبات مادي إطلاقا)

ويقول البروفيسور بول ديفيز الفيزيائي الإنجليزي في الجارديان منتقدا هوكنج بشدة: (تبقى القوانين المطروحة غير قابلة للتفسير.. هل نقبلها هكذا كمعطى خالد؟ فلماذا لانقبل الله؟ حسنا وأين كانت القوانين وقت الإنفجار الكبير؟ إننا عند هذه النقطة نكون في المياه الموحلة)

ويقول الفيزيائي وعالم الفضاء [مارسيلو جليسر]: (ادعاء الوصول لنظرية نهائية يتنافى مع أساسيات وأبجديات الفيزياء والعلم التجريبي وتجميع البيانات، فنحن ليس لدينا الأدوات لقياس الطبيعة ككل فلا يمكننا ابدا أن نكون متاكدين من وصولنا لنظرية نهائية وستظل هناك دائما فرصة للمفاجآت كما تعلمنا من تاريخ الفيزياء مرات ومرات. وأراها إدعاء باطل أن نتخيل أن البشر يمكن ان يصلوا لشيء كهذا..أعتقد ان على هوكنج أن يدع الله وشأنه)

ويقول الفيزيائي بيتر ويت من جامعة كولومبيا: (لست من أنصار إدخال الحديث عن الله في الفيزياء لكن إذا كان هوكنج مصرا على دخول معركة الدين والعلم فما يحيرني هو إستخدامه لسلاح مشكوك في صلاحيته أو فاعليته مثل النظرية M)

ويقول ويليام كريج الفيلسوف الأمريكي ساخرا: (لا شيء جديد علميا في هذا الكتاب بالمره ولكن نقاش فلسفي بحت خصوصا في الثلث الأول، وهو شيء غريب إذا علمنا أن هوكنج في أول صفحة من كتابه يقول إن الفلسفة قد ماتت)

ويقول فيلسوف الفيزياء [كريج كالندر] في جامعة كاليفورنيا ساخرا: (منذ ثلاثين عاما صرح هوكنج بأننا على أعتاب نظرية كل شيء، وبحلول عام 2000 وحتى الآن في عام 2010 لاشيء.. لكن لايهم فهوكنج رغم ذلك قرر أن يفسر سبب الوجود بالرغم من عدم وجود النظرية.. إن ما يتحدث عنه هو مجرد حدس غير قابل للاختار أبدا)

ويقول الدكتور [هاميش جونستون] محرر موقع عالم الفيزياء: (توجد فقط مشكلة صغيرة وهي ضحالة الدليل التجريبي للنظرية M.. بمعنى آخر فهناك عالم كبير يخرج بتصريح للعامة يتحدث فيه عن وجود الخالق إعتمادا على إيمانه بنظرية غير مثبته.. إن الفيزياء بحاجة لدعم العامة حتى لاتتأثر بتخفيض النفقات وهذا سيكون صعبا جدا إذا ظنوا أن معظم الفيزيائيين يقضون وقتهم في الجدال عن ما تقوله نظريات غير مثبته عن وجود الخالق)

وأما الصحفي العلمي جون هورجان كتب مقالا بعنوان [البهلوانية الكونية] صف النظرية M التي يعتمد عليها هوكنج بالحثالة، وقال: (هوكنج نفسه قال باستحالة اختبار نظريته.. أن تضع نظرية لكل شيء فأنت لديك لاشيء.. أن يكون خلاصة بحثه هو النظرية M غير القابلة للإثبات.. إننا نخدع انفسنا إن صدقناه)

ويقول بروفيسورالرياضيات [جون لينوكس]: (إن قول أن الفلسفة قد ماتت خطير جدا خصوصا عندما لا تتوقف أنت نفسك عن استخدامها…ولأن هوكنج لديه فهم مغلوط لكل من الفلسفة والدين فهو يريدنا أن نختار بين الله وقوانين الفيزياء.. إن القوانين الفيزيائية لايمكن أن تخلق شيئا فهي مجرد الوصف الرياضي للظواهر الطبيعية.. فقوانين نيوتن للحركة لن تدفع كرة البلياردو على الطاولة بدون لاعب يضربها، فالقوانين لن تحرك الكرة فضلا عن خلقها.. إن ما يقوله هو خيال علمي بحت.. من أين جاءت الخطة الكونية التي تحدث عنها هوكنج؟ إنها ليست من الكون فمن جعلها تعمل إن لم يكن الله؟.. إن محاولة العلماء الملحدين الهروب من فكرة الخالق يجعلهم يعزون الوجود لأشياء أقل مصداقية كالطاقة والقوانين أوالكتل.. بالنسبة لي كلما زاد فهمي للعلم كلما زاد إيماني بالله لتعجبي من اتساع وتعقيد وتكامل خلقه)

ثم ضرب الأمثلة على إيمان كبار العلماء عبر التاريخ بوجود الخالق، فقال: (إسحق نيوتن بعدما إكتشف قانون الجاذبية وألف أهم كتاب علمي في التاريخ (برينسيبا ماثيماتيكا) قال إنه يأمل أن يساعد أصحاب العقول (أولى الألباب) أن يؤمنوا بالله.. وكانت قوانين آينشتين الرياضية مثار اندهاشه الدائم وإيمانه بوجود قوة حكيمة جبارة خلف هذا الكون (وإن لم يؤمن بإله الكتاب المقدس)… وآلان سانداج المعروف بالأب الروحي لعلم الفلك الحديث الحائز على أرفع الجوائز قال: إن الله هو التفسير لمعجزة الخلق)

هذه اقتباسات من أكبر علماء العصر في المجالات التي تخصص فيها هوكينغ، وللأسف لا يعرفهم هؤلاء التنويريون، ولا يهتمون بهم، ولا يترحمون عليهم إذا ماتوا، لسبب بسيط وهو أن الإعلام الملحد لم يتبناهم، ولم يقم بالدعاية لهم..


([1])  انظر هذه النصوص والتوثيقات المرتبطة بها في كتاب: فمن خلق الله؟: نقد الشبهة الإلحادية [إذا كان لكل شيء خالق، فمن خلق الله؟] في ضوء التحقيق الفلسفي والنقد الكوسمولوجي، د. سامي عامري، مركز تكوين للدراسات والأبحاث، 2016.

([2])  المرجع سابق.

([3])  نقلا عن العلم في منظوره الجديد لروبرت م .أغروس و جورج ن. ستانسيو، ترجمة كمال خالايلي، طبع سلسلة عالم المعرفة، ورقمه في السلسلة (134)، ص54.

([4]) وهو من الكتب المهمة التي ترد على الإلحاد، وتذكر مواقف العلماء في المجالات المختلفة، وذاك فى شكل موازنة بين مقولات النظرة العلمية القديمة والنظرة العلمية الجديدة، ويعرض المؤلفان روبرت م. أغروس وجورج ن..

د. نور الدين أبو لحية

كاتب، وأستاذ جامعي، له أكثر من مائة كتاب في المجالات الفكرية المختلفة، وهو مهتم خصوصا بمواجهة الفكر المتطرف والعنف والإرهاب، بالإضافة لدعوته لتنقيح التراث، والتقارب بين المذاهب الإسلامية.. وهو من دعاة التواصل الإنساني والحضاري بين الأمم والشعوب.. وقد صاغ كتاباته بطرق مختلفة تنوعت بين العلمية والأكاديمية والأدبية.

You may also like...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *