هو شرق أوسط.. وليس شرقا أوسخ

هو شرق أوسط.. وليس شرقا أوسخ

من مفردات التنابز بالألقاب التي يستعملها دعاة الأمازيغية في حق العربية، وكل ما يرتبط بها تسميتهم [الشرق الأوسط] بـ [الشرق الأوسخ] في نفس الوقت الذي يذوبون فيه تتيما وشوقا إذا ما ذكرت أوروبا وأمريكا وغيرها من دول العالم، متناسين أنهم قبل الفتح الإسلامي كانوا تحت سيطرة الرومان والوندال.. وهما من الشعوب الأوروبية.. وأنهم في العصور الإسلامية أصابتهم الكثير من الويلات الاستعمارية التي لم يحدث مثلها في التاريخ من تلك الشعوب التي يمجدونها، في نفس الوقت الذي يمتلئون فيه حقدا على إخوانهم المؤمنين.

وأول ما يثير الانتباه في ذلك اللقب هو عدم اعتباره للأماكن المقدسة الموجودة في ذلك الشرق الأوسط.. وهي أماكن كثيرة تبدأ من مكة المكرمة والمدينة المنورة والقدس الشريف، وتنتهي بغيرها من المناطق التي جرت فيها أهم أحداث التاريخ الإسلامي، بل التاريخ الديني للعالم.

ففي الشرق الأوسط طور سيناء الذي ناجى فيه موسى عليه السلام ربه.. وفيه بيت لحم الذي ولد فيه المسيح.. وفيه الناصرة والجليل وغيرها.. والتي طاف فيها المسيح يبشر برسالة الله، وبخاتم أنبيائه.

وإذا رجعنا للكتاب المقدس لا نكاد نجد بقعة في ذلك الشرق الأوسط إلا وضمخت بعطر نبي من الأنبياء الكرام، أو رسالة من رسالات الله.. والتي تهفوا إليها لا قلوب المسلمين فقط، بل قلوب كل المؤمنين في العالم أجمع.

فهل هذا الشرق المكرم بنور النبوة شرق أوسخ؟.. وهل الله تعالى بارك في الشرق الأوسخ؟.. ألم تقرؤوا قوله تعالى، وهو يبين بركاته على هذا الشرق: { وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ } [الأنبياء: 81]؟

فهل تحولت بركات الله في أذهانكم وقلوبكم إلى قاذورات؟

حددوا جيدا بوصلتكم.. فهل أنتم مع الله، ومع قرآنه، ومع كتبه المقدسة، ومع أنبيائه الكرام.. أم أن حبكم لأجدادكم وتراثكم جعلكم تتبرؤون من كل ذلك.. ولا تضعون لبركات الله وتقديساته واختياراته أي اعتبار؟

د. نور الدين أبو لحية

كاتب، وأستاذ جامعي، له أكثر من مائة كتاب في المجالات الفكرية المختلفة، وهو مهتم خصوصا بمواجهة الفكر المتطرف والعنف والإرهاب، بالإضافة لدعوته لتنقيح التراث، والتقارب بين المذاهب الإسلامية.. وهو من دعاة التواصل الإنساني والحضاري بين الأمم والشعوب.. وقد صاغ كتاباته بطرق مختلفة تنوعت بين العلمية والأكاديمية والأدبية.

You may also like...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *