لن تكون هناك حرب ناعمة في الجزائر

لن تكون هناك حرب ناعمة في الجزائر

قبل بضعة أيام شاهدت مشهدا جميلا خفف عني بعض الحزن الذي أصابني من جراء ما رأيته من منشورات عنصرية، خفت أن تكون سببا في الحرب الناعمة التي يزمع الاستكبار العالمي التحضير لها في الجزائر، كما حضر لها في سائر المناطق العربية.

رأيت مجموعة طالبات مجتمعات يتحدثن قبل بدء الحصة الدراسية.. بعضهن كان من الأوراس الأشم.. وبعضهن من جبال جرجرة الشامخة.. وقبل أن أسمع حديثهن امتلأت سرورا بسقوط المخطط الاستعماري الفرنسي الذي كان يتبع سياسة [فرق تسد]، فكان ينشر البغضاء بين هاتين المنطقتين.. حيث يسمي إحداهما [بلاد القبائل]، والأخرى [بلاد الشاوية]

لكن سعادتي لم تكن لذلك فقط، بل كانت بعد سماعي لحديثهن باللهجة العربية الجزائرية الممتلئة بالجمال والفصاحة، على الرغم من أن لكل واحدة منهن لهجتها الأمازيغية الخاصة.. لكنهن وجدن اللغة العربية هي القاسم المشترك بينهن.. فكن يتحدثن بها بكل طلاقة.

بعدها شغلت إحداهن حاسوبها، وفتحت محرك البحث، وراحت تكتب بالعربية عن المعلومات التي تبحث عنها..

عرفت حينها أن كل الصراخ العنصري ليس سوى جعجعة من دون طحين.. وأنه ليس سوى زوبعة سرعان ما تنقشع..مثلما انقشع الغيم عن العراق وسورية وغيرها من البلاد العربية.

وعرفت أن اللغة العربية ستعود لتحتل مكانتها الرفيعة في هذا البلد، وأن غيرها من الرايات ستسقط مثلما سقطت راية الأكراد..

وعرفت أن أيام مولود قاسم، وعثمان سعدي وغيرهما من الذين لم تحجبهم هويتهم الأمازيغية عن عشقهم للعربية وهيامهم بها ودعوتهم لها.. ستعود قريبا.. وقريبا جدا.

د. نور الدين أبو لحية

كاتب، وأستاذ جامعي، له أكثر من مائة كتاب في المجالات الفكرية المختلفة، وهو مهتم خصوصا بمواجهة الفكر المتطرف والعنف والإرهاب، بالإضافة لدعوته لتنقيح التراث، والتقارب بين المذاهب الإسلامية.. وهو من دعاة التواصل الإنساني والحضاري بين الأمم والشعوب.. وقد صاغ كتاباته بطرق مختلفة تنوعت بين العلمية والأكاديمية والأدبية.

You may also like...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *