لماذا أكتب في الرد على الدعوة الأمازيغية؟

لماذا أكتب في الرد على الدعوة الأمازيغية؟
سؤال سألته لنفسي قبل أن يسألني عنه غيري، ذلك أنه لا يجوز لامرئ أن يقدم على أمر قبل أن يسأل عن دوافعه لذلك.. وهل هي شرعية وواقعية، أم أن لحظوظ النفس مجال فيها؟
وقبل أن أجيب عن ذلك، وحتى لا {أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي } [يوسف: 53]، فأدعي الذاتية المحضة، أذكر بأن للجانب النفسي تأثيرا كبيرا في ذلك.
ويبدأ الجانب النفسي عندي بمقارنتي بين من عرفتهم من الأمازيغ في فترة شبابي، عندما كنت في الزاوية، وكان يأتينا الطلبة من كل مكان، وخصوصا من بلادي القبائل والأوراس، حينها كنت أراهم عاشقين للعربية يتحدثون بها، ويكتبون، ويحفظون، وليس فيهم أي ذرة من العنصرية أو الشعوبية.. بل كانوا يتحدثون فيما بينهم بالأمازيغية لكنهم مع سائر الناس يتحدثون بالعربية، ولم نكن نشعر بأي تفرقة أو تمييز.. فاختلاف الألسن سنة الله في خلقه.
لكني عندما ذهبت إلى الجامعة وجدت أصنافا كثيرة ممتلئة بالشعوبية المقيتة، لدرجة أنها تحقد على العربية، وعلى كل شيء له علاقة بها.. حتى أن بعض طلبتي في مناقشة علمية جرت بيننا، قال لي بكل قسوة: سنطردكم من أرضنا.. وقالت لي طالبة أخرى، وهي غاضبة: أنا لا أفهم اللغة التي تتحدث بها لأنني أمازيغية.. حينها عرفت أن سبب عدم فهمها للعربية ليس لعجزها، ولا لغموض العربية، ولكن لأن هناك من شحنها أيديولوجيا، فجعلها تنفر من العربية، ومن الأستاذ الذي يدرس بها.
ولهذا فإنه لو كان كل الذين عرفتهم من الأمازيغ، أو من الذين يتحدثون بالأمازيغية من أمثال أولئك الطلبة أو أولئك الأساتذة الذين لا يرون في العربية مزاحما للأمازيغية، لما وقفت هذا الموقف.
هذا هو الجانب النفسي الذي ذكرت بعض النماذج عنه.
أما الجانب الشرعي، وهو الأساس والدافع الرئيسي، فهو أني رأيت أن بغض العربية تحت أي شعار هو مدعاة لبغض الإسلام والنفور منه.. فكيف يمكن لشخص أن يستسيغ قراءة القرآن الكريم ويتلذذ بها، وهو نافر من حروفها ومعانيها؟.. وكيف يردد أحاديث رسول الله أو تلك الأدعية الشريفة التي جاء بها، وهو يحمل الضغينة عليها؟
للأسف لم تبق الدعوة الأمازيغية دعوة للغة، بل صارت دعوة شعوبية ممتلئة بالحقد والكراهية للعربية نفسها، بالتهوين من شأنها وتحقيرها وعدم اعتبارها، بل وضعها والأمازيغية في كفة واحدة.. وهل يمكن ذلك.. عقلا أو نقلا أو واقعا؟
هل يمكن للغة أي كانت أن تقارن باللغة التي اختارها الله تعالى لينزل بها آخر كلماته المقدسة لعباده؟
وهل يمكن لأحد يهيم في حب رسول الله، وحب آل بيته الطاهرين، وصحابته المنتجبين أن يرغب عن لغتهم إلى غيرها أي كانت، إلا إذا كانت وسيلة لعلم من العلوم، أو تواصل مع شعب من الشعوب؟