خذوا العبرة من مصر

يا دعاة الأمازيغية في الجزائر خصوصا، والشمال الإفريقي عموما.. خذوا العبرة من مصر، فهي مثلكم، توجد في الشمال الإفريفي، وعدد سكانها يربو على عدد سكانكم مجتمعين، وعندما دخل الإسلام أرضها كان فيها حضارة أعظم من حضارتكم بكثير، بل إنها تصنف ضمن أكبر الحضارات في التاريخ.. بل إنها لا تزال تدرس، ويكتشف كل يوم إبداع جديد من إبداعاتها.
ولها فوق ذلك لغة عريقة.. ولها حروف قديمة قدم التاريخ.. ولها شعب لا يمكن التهوين من قدراته العقلية، ولا الجسدية، ولا من إرادته وعزيمته..
ولكنها مع ذلك كله، ومع كون الفاتحين المسلمين عندما دخلوا أرضها، وجدوا شعبا كثيرا، ودولة قائمة.. ومع ذلك كله لا نجد في مصر الحضارة والتاريخ والعراقة من ينادي باللغة القبطية بديلا عن اللغة العربية، أو بالهوية القبطية باعتبارها الهوية الأم بديلا عن الهوية العربية.
بل إننا نجد شعبا يعتز بعروبته، ويهتم بعربيته، ولا يضع أي لغة أخرى بديلا عنها أو منافسا لها.. بل إنهم فوق ذلك يسمون بلادهم [جمهورية مصر العربية]
بل إن أعلامهم وأبطالهم ليسوا رمسيس الأول ولا الثاني، ولا بناة الأهرام.. وإنما هم سيدنا الحسين.. وستنا زينب.. والسيدة نفسية.. وسيدي أحمد البدوي.. وهكذا.. لا نجد فيهم ولا فرعونا واحدا.
فهل كان ذلك سببا في تأخرهم، وهم المتقدمون في كل المجالات.. فالحضارة الإسلامية تزخر بعلماء مصر وأوليائها.. كما أن التاريخ الحديث والنهضة الحديثة ممتلئة برجالات مصر.. بل إننا نجدهم في كل أنحاء العالم، يمثلون العروبة أحسن تمثيل.. فهل كانت عروبتهم عائقا بينهم وبين التحضر؟
نعم ربما توجد لديهم أزمة اقتصادية، وبعض الفقر، وهذا شيء طبيعي.. فلا يوجد عندهم من الثروات ما يوجد عندكم، وإلا فإنه لو وجد عندهم نصف ما عندكم لملأوا الأرض سمنا وعسلا..
فخذوا العبرة منهم، ودعوا عنكم اللهث وراء السراب، فنحن نحتاج إلى الدعوة إلى الإيمان والقيم والأخلاق والتحضر.. ولسنا بحاجة لمن ينبش التاريخ ليملأ قلوب الناس أحقادا.. فالحضارة يبنيها الإنسان، لا آباء الإنسان أو أجداده أو تاريخه أو أرضه.