المقدمة

المقدمة

من أخطر مظاهر التنوير المعاصر تلك الجرأة على الحقائق المقدسة المعصومة التي وردت في القرآن الكريم أوالسنة الصحيحة القطعية التي لا مجال معها للفكر، ولا للنظر، لأن كل ذلك جرأة على الله، وسوء أدب معه، وتقديم للهوى على النص..

فمن ذا الذي يعطي لنفسه الحق في أن يعقب على كلام ربه، أو كلام رسوله الذي لا ينطق عن الهوى؟.. ومن ذا الذي يتصور أنه أكثر علما وفهما وإحاطة بحقائق الوجود حتى يعطي لنفسه ذلك الحق؟

لكن التنويريين باتجاهاتهم المختلفة أعطوا لأنفسهم هذا الحق؛ فراحوا يناقشون في كل المقدسات التي اتفقت عليها الأمة وأجمعت عليها إجماعا كليا، لا طائفيا، وراحوا لأجل ذلك يلوون أعناق النصوص المقدسة، ويتلاعبون بها ليتحول الدين إلى مزاجهم وأهوائهم ورغباتهم.

ولذلك حاولنا في هذا الكتاب أن نناقش القضايا الكبرى التي تركز عليها الدعوات التنويرية، والتي حاولت بكل الوسائل أن ترفع عنها القداسة، ليصبح الدين مادة هلامية يتلاعب بها كل من هب ودب، وذلك عبر مقالات مختلفة كتبت في أوقات متباينة، وعبر بعض السجالات التي حصلت بيننا وبين بعض التنويريين.

وبناء على طبيعتها والأغراض التي تهدف إليها، فقد قسمتها إلى ثلاثة أقسام على الرغم من كونها متداخلة فيما بينها، لأن الهدف منها جميعا هو توضيح خطورة الفكرة التنويري، واعتباره نوعا من التطرف المضاد الذي لا يختلف عن التطرف السلفي أو الحركي أو غيرهما من أنواع التطرف التي حاولت هذه السلسلة علاجها.

القسم الأول ـ التنويريون.. والمصادر المقدسة: وقد حاولت أن أوضح فيه حقيقة موقف التنويريين من المصادر المقدسة، ابتداء من القرآن الكريم والسنة المطهرة، وإجماع الأمة، بالإضافة إلى توضيح بعض النماذج عن ذلك التلاعب بالألفاظ، وتحريف الكلم عن مواضعه.

القسم الثاني ـ التنويريون.. والعقائد الإسلامية: وقد رددت فيه على تلك الطروحات المرتبطة ببعض العقائد الإسلامية التي شكك فيها التنويريون، كنماذج عن مواقفهم من سائر العقائد الإسلامية.

القسم الثالث ـ التنويريون.. وأحكام الشريعة: وقد ذكرت فيه بعض النماذج عن مواقف التنويريين من بعض أحكام الشريعة القطعية والمتفق عليها، وكيف حولوها عن مقاصدها الشرعية على الرغم من اتفاق الأمة جميعا، وفي جميع العصور عليها.

د. نور الدين أبو لحية

كاتب، وأستاذ جامعي، له أكثر من مائة كتاب في المجالات الفكرية المختلفة، وهو مهتم خصوصا بمواجهة الفكر المتطرف والعنف والإرهاب، بالإضافة لدعوته لتنقيح التراث، والتقارب بين المذاهب الإسلامية.. وهو من دعاة التواصل الإنساني والحضاري بين الأمم والشعوب.. وقد صاغ كتاباته بطرق مختلفة تنوعت بين العلمية والأكاديمية والأدبية.

You may also like...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *