أساس المشكلة بيننا وبين دعاة الأمازيغية

أساس المشكلة بيننا وبين دعاة الأمازيغية

أنا شخصيا ليس لدي مشكلة مع أي شخص يزعم لنفسه أنه أمازيغي، إما باعتبار اللغة التي ينطق بها، أو باعتبار النسب الذي يدعيه.. حتى لو ذكر لي أنه حفيد يوغرطة المباشر، أو أن أباه ماسينسا، وجدته الكاهنة.. لم أنكر عليه.. ولم أطالبه بأي وثيقة تثبت ذلك.. فالناس مصدقون في أنسابهم.. وأنا أنظر إلى الإنسان كإنسان، لا يهمني أصله ولا فرعه، ولا جده، ولا خاله..

لكني في نفس الوقت أطالبه بأن يقف مع غيره من الجزائريين أو المغاربة أو التوانسة بمثل ما يقف به مع نفسه.. فلماذا ينكر عليهم إذا ادعوا نسبهم إلى بني هلال أو سليم أو رباح أو قبائل اليمن.. أو ذكروا أنهم من السادة الأشراف الذين فروا من المشرق إلى المغرب هربا بأنفسهم من بطش الحكام والظلمة.. لماذا يلزمهم بأن يكونوا حفدة لأجداده، ونسلا لآبائه؟.. وهل النسب يفرض فرضا؟

هذه هي النقطة الفارقة الأولى.. وهي تجعل الأمازيغ ظالمين لا مظلومين.. فهم عندما يذكرون أن أصل كل الجزائر أمازيغ يخطئون في ذلك خطأ تاريخيا كبيرا، ويتدخلون في تفاصيل أنساب الناس من غير بحث ولا علم.. فمن أين لهم بإثبات هذه الدعوى العريضة؟.. وما ضرهم لو تركوا الناس، وما اشتهوا من أنساب ينتسبون إليها صادقين كانوا أو كاذبين؟

أما النقطة الثانية.. وهي أخطر من الأولى.. فهي دعوتهم لمن لم يعرف في حياته اللهجة أو اللغة الأمازيغية بتعلمها.. وهذا استبداد عظيم.. فلماذا تفرضون علي وعلى أولادي لغة لا أرتضيها، لا احتقارا لها.. ولكن لاني أرى أنه لا جدوى من تعلمها.. ولا يهمني هل هي لغة آبائي أو أجدادي أو ليست لغتهم.. لأني لا أحب أن أعيش في جلباب أبي.. واللغة يفرضها الواقع والحاجة، ولا يفرضها الآباء والأجداد.

أما ادعاؤهم بأنهم يفرضون علي ذلك، لأني أفرض عليهم العربية، فأنا أحلّهم منها، ولا أطالبهم بها.. لأن اللغة العربية في تصوري شرف عظيم.. ومن شاء أن لا يحمل هذا الشرف فله ذلك.. ولهم كذلك أن يعتبروا الأمازيغية شرفا لمن يتعلمها.. ولا عليهم فيمن أراد التملص من هذا الشرف.. فالشرف لا يفرض قهرا.

د. نور الدين أبو لحية

كاتب، وأستاذ جامعي، له أكثر من مائة كتاب في المجالات الفكرية المختلفة، وهو مهتم خصوصا بمواجهة الفكر المتطرف والعنف والإرهاب، بالإضافة لدعوته لتنقيح التراث، والتقارب بين المذاهب الإسلامية.. وهو من دعاة التواصل الإنساني والحضاري بين الأمم والشعوب.. وقد صاغ كتاباته بطرق مختلفة تنوعت بين العلمية والأكاديمية والأدبية.

You may also like...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *