طائفيون حتى النخاع

طائفيون حتى النخاع
لم أكن أظن في يوم من الأيام أن هذا الدين العظيم الذي جعله الله صمام أمان هذه الأمة، وحافظ وحدتها، وموجه مسيرتها، ومصدر حضارتها يتحول بأيدي بعض الناس إلى وسييلة للتفرقة والتشتت والتوحش والأحقاد إلى أن جاء ذلك اليوم الذي أراد الله فيه أن يكشف لعيني هذه الحقيقة، لأراها عيانا، وليس الخبر كالعيان.
في ذلك اليوم أدركت سر قوله تعالى: { لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79]، وأن من معانيها الكبرى أن حقائق هذا الدين التي تمثلت في القرآن الكريم لا يمكن أن يستوعبها أو يدركها إلا من طهر باطن من كل كبر يصرفه عن الحق، أو غروره يبعده عنه.
وفي ذلك اليوم أيضا أدركت سر قوله تعالى في أول سورة البقرة: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2]، والتي تشير بوضوح إلى أن الهداية الإلهية محصورة في الأتقياء الذين صفوا بواطنهم من الأحقاد والضغائن كما صفوا ظواهرهم من الصغائر والكبائر.
وعرفت كذلك سر قوله تعالى: { سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا } [الأعراف: 146]، وأن المراد منها هو حجاب المتكبر.. كل متكبر عن فهم آيات الله، أو إدراك أسرارها.. فالكبر هو الحجاب الأعظم الحائل بين العبد وربه، كما أنه الحجاب الحائل بين العقل وتلقي الحقائق الإلهية.
في ذلك اليوم حضرنا إلى المجلس العلمي لوزارة الأوقاف في بلد لا أسميه، ولكنه قد يكون أمثاله موجودين في كل الأقطار الإسلامية.. وكان الملف المطروح للمناقشة حينها هو النظر في تزكية شخص واحد لحضور مؤتمر دولي للتعريف بالأديان العالمية الكبرى.. بالإضافة لتوليه عضوية مكتب تابع للأمم المتحدة، يكون كمستشار لها في التعريف بالإسلام، وبكل ما يتعلق من قضايا ترتبط به.
وقد اختيرت تلك الدولة خصوصا لما لها من أهمية ودور وتأثير في جميع بلاد العالم الإسلامي.. إضافة لما عرفت من أحداث تاريخية كثيرة مرتبطة به.
وقد حصل للهيئة قبل ذلك الكثير من المشاكل بسبب الفوضى التي تحصل في تلك الدولة بسبب الشخصيات التي توظفها.. ولذلك طلبت من المسؤولين أن يتولوا هم اختيار الشخصية المناسبة لتولي ذلك المنصب الحساس..
ولعلم المسؤولين أن أسباب كل الفوضى التي تحصل ترجع إلى بعض المتدينين المتشددين الذين استطاعوا بما لديهم من وسائل أن يشعلوا نيران الفتن متى شاءوا، وأن يخمدوها متى شاءوا.. لعلمهم بهذا طلبوا من الهيئة أن تذهب إلى وزارة الأوقاف وإلى مجلسها العلمي..
واجتمع المجلس في ذلك اليوم.. وتقدم مندوب هيئة الأمم المتحدة، وقال: لدي عشرة أسماء لتنظروا فيها.. فمن ترونه أهلا لذلك نصبناه في ذلك المنصب الخطير الذي ذكرته لكم.
قال أحد الحاضرين: أليس من الأجدى أن نقترح نحن الأشخاص الذين يمكن أن يتولوا هذا المنصب؟
قال المندوب: لا.. ليس هذا من عرفنا.. فلدينا مواصفات كثيرة في الأشخاص الذين نوليهم مثل هذه المناصب.. ولذلك لا مناص لكم من اختيار واحد من هؤلاء.. وإلا فسنضطر إلى ترك مكتبكم فارغا.. وستحرمون من حصتكم من المؤتمر الدولي الكبير.
قلب بعض الأوراق أمامه، ثم قال: لا تخافوا.. فكل الشخصيات المقترحة شخصيات علمية، وذات بعد ديني، ولها تاريخ محترم.. بالإضافة إلى ما لديها من الخبرات.. لا تخافوا فقد أخذنا كل ما يخطر على بالكم بعين الاعتبار.
لم يكن مندوب الأمم المتحدة يعرف ما يخطر ببالهم لذلك جازف تلك المجازفة..
وابتدأ الانتقاء.. وابتدأت معه نيران الأحقاد والضغائن التي لبست لبوس الدين، والدين منها براء.
ذكر لهم الشخص الأول، وقال: هذا عالم جليل، له سيرة ذاتيه محترمة، بالإضافة إلى التزامه الديني الشديد، فأرجو أن توافقوا عليه.. فهو في غاية الصلاح والتقوى.. وله تفسير للقرآن الكريم غاية في الجمال، اعتنى فيه ببيان وجوه الإعجاز القرآني، وإظهار جمال نظمه وبلاغته([1])..
قام أحد الحاضرين، وقال ـ صارخا ـ: عرفنا من تقصد.. وهو لا يصلح لذلك المنصب.. ألم تلتفت إلى تلك العقائد العقلانية التي حشا بها تفسيره، والتي هي أقرب إلى الكفر منها إلى الإيمان؟
قال آخر: أجل.. بالإضافة إلى شدته على الطائفة الناجية، فهو يذكرهم بعبارات الاحتقار، ويرميهم بما ليس فيهم، وذلك بالأوصاف المقذعة، ويمزج حديثه عنهم بالسخرية والاستهزاء، ألم تقرؤوا قوله في بعض أشعاره:
لجماعة سموا هواهم سنة قد شبهوه بخلقه وتخوفوا |
وجماعة حمر لعمري موكفة شنع الورى فتستروا بالبلكفة |
قال آخر: أجل.. وقد قلت في الرد عليه([2]):
و جماعة كفروا برؤية ربهم و تلقبوا عدلية قلنا أجل و تلقبوا الناجين كلا إنهم |
هذا ووعد الله ما إن يخلفه عدلوا بربهم فحسبهم سفه إن لم يكونوا في لظى فعلى شفة |
قال آخر: وباعتباري مفتيا.. فقد أفتيت بحرمة قراءة تفسيره قياسا على تحريم العلماء لتفسير الزمخشري الذي أعمته بلاغة القرآن عن حقائقه العقدية التي ذكرها السلف، فقد قال الذهبي: (محمود بن عمر الزمخشري المفسر النحوي صالح، لكنه داعية إلى الاعتزال -أجارنا الله- فكن حذرًا من كشافه)، وقال علي القاري: (وله دسائس خفيت على أكثر الناس؛ فلهذا حرم بعض فقهائنا مطالعة تفسيره؛ لما فيه من سوء تعبيره في تأويله وتعييره)
قال آخر: هل تعلمون بما فسر قوله تعالى: { يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ } [القلم: 42].. لقد فسرها بقوله: (يوم يشتدّ الأمر ويتفاقم، ولا كشف ثم ولا ساق، كما تقول للأقطع الشحيح: يده مغلولة، ولا يد ثم ولا غل، وإنما هو مثل في البخل)([3])
قال آخر: ويله.. ألم يبلغه أن المراد من الساق هو ساق الله سبحان هو تعالى.. وأنه يكشفها يوم القيامة ليتميز السني السلفي من البدعي الجهمي.. لقد قال شيخ الإسلام ردا عليه: (وقد يقال : إنَّ ظاهر القرآن يدل على ذلك من جهة أنه أخبر أنه يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود ، والسجود لا يصلح إلا لله)
قام آخر، وصاح بقوة: ألم تعلم أيها المغفل أن هذا الرجل من القائلين بخلق القرآن.. ألم تعلم ما قال سلفنا الصالح وخلفنا الفالح فيمن يقول بذلك.. لقد روي أن رجلا قال للإمام عبدالله بن إدريس: يا أبا محمد إن قبلنا ناساً يقولون: إن القرآن مخلوق، فقال: من اليهود؟ قال: لا. قال: فمن النصارى؟ قال: لا. قال: فمن المجوس؟ قال: لا. فقال: فممن؟ قال: من الموحدين، قال: كذبوا هؤلاء ليسوا بموحدين، هؤلاء زنادقة، من زعم أن القرآن مخلوق فقد زعم أن الله مخلوق، ومن زعم أن مخلوق فقد كفر، هؤلاء زنادقة، هؤلاء زنادقة)([4])
وعن يحيى بن خلف المقرئ قال: أتيت الكوفة فلقيت أبا بكر بن عياش؛ فسألته: ما تقول في من قال: القرآن مخلوق؟ فقال: كافر، وكل من لم يقل: إنه كافر؛ فهو كافر. ثم قال: أيُشك في اليهودي والنصراني؛ أنهما كافران؟ فمن شك في هؤلاء أنهم كفار؛ فهو كافر، والذي يقول: القرآن مخلوق. مثلهما([5]).
وعن يزيد بن هارون قال: من قال: القرآن مخلوق. فهو كافر، ومن لم يكفره؛ فهو كافر، ومن شك في كفره؛ فهو كافر([6]).
وعن سفيان بن عيينة قال: القرآن كلام الله عز وجل؛ من قال: مخلوق. فهو كافر، ومن شك في كفره؛ فهو كافر([7]).
قام آخر، وقال: ألا تعلم أيها الزنديق الحليق كيف وقف سلفنا الأول من أصحاب القلوب الطاهرة والعقول النيرة من ذلك المعتزلي الخبيث عمرو بن عبيد.. لقد ملأوا حياته عليه غصصا، حتى صار لا يطيق الخروج من بيته من كثرة تأليبهم العوام عليه.
لقد قال عبدالوهاب بن الخفاف: مررت بعمرو بن عبيد وحده، فقلت: مالك؟ تركوك؟ قال: نهى الناس عني ابن عون فانتهوا([8]).
قام آخر، وقال: لم يكتف سلفنا الصالح بذلك، بل استخدموا كل ما لديهم من مكانة لدى السلطان العادل ليقهروا سلف هذا الخبيث وينكلوا به، وقد حدث أبو علي البلخي قال: دخلت على أحمد ابن حنبل، فجاءه رسول الخليفة يسأله عن الاستعانة بأهل الأهواء ـ ويقصدون بهم كل المخالفين لهم، وخصوصا المعتزلة ـ فقال أحمد: لا يستعان بهم، فقال: يستعان باليهود والنصارى ولا يستعان بهم، فقال: إن النصارى واليهود لا يدعون إلى أديانهم، وأصحاب الأهواء داعية([9]).
قام آخر، وقال: لقد انتقم سلفنا الصالح من المعتزلة بسبب ما فعلوه بإمامنا أحمد شر انتقام.. فقد قال الطبري: (وقد كان المتوكِّل لمّا أفضت إليه الخلافة، نهى عن الجدال في القرآن وغيره، ونفذت كتبه بذلك إلى الآفاق، وهمّ بإنزال أحمد بن نصر عن خشبته، فاجتمع الغوغاء والرّعاع إلى موضع تلك الخشبة وكثروا وتكلّموا، فبلغ ذلك المتوكّل، فوجّه إليهم نصربن اللّيث، فأخذ منهم نحواً من عشرين رجلاً فضربهم وحبسهم، وترك إنزال جثّة أحمد بن نصر من خشبته لما بلغه من تكثير العامّة في أمره، وبقي الّذين أُخِذوا بسببه في الحبس حيناً… فلمّا دفع بدنه إلى أوليائه في الوقت الّذي ذكرت، حمله ابن أخيه موسى إلى (بغداد) وغسل ودفن وضمّ رأسه إلى بدنه)([10])
بعد أخذ ورد طويلين، قال مندوب الأمم المتحدة: لا بأس.. ما دامتم قد اجتمعتم على عدم القبول بهذا الرجل.. فلننتقل إلى الشخصية الثانية..
قال ذلك، ثم ذكر لهم اسم الشخصية الثانية، وقال: هذا الرجل أيضا تتوفر فيه جميع المواصفات التي نحتاج إلى مراعاتها في مكاتبنا في الأمم المتحدة، بالإضافة لقدراته العلمية الهائلة، فله ثروة ضخمة من الكتب التي تناولت جميع القضايا المرتبطة بالإسلام..
قاطعه أحد الحضور، وقال: بل له ثروة ضخمة من الدجل والتجهم والتعطيل..
ضحك الجميع، فاستأنف الرجل ـ وهو يصرخ بقوة ـ قائلا: كيف تريد منا أن نزكي رجلا ممتلئا بالبدع والأهواء.. ألا تعلم أنه أشعري جلد.. ألا تعلم أن الأشعرية ـ كما قال شيخنا شيخ الإسلام ـ ليسوا سوى مخانيث.. لقد قال فيهم بصراحته وشدته السلفية: (ولهذا كانوا يقولون إن البدع مشتقة من الكفر وآيلة إليه، ويقولون إن المعتزلة مخانيث الفلاسفة، والأشعرية مخانيث المعتزلة. وكان يحيى بن عمار يقول: المعتزلة الجهمية الذكور، والأشعرية الجهمية الإناث)([11])
وقال فيهم ابن القيم ([12]):
ليسوا مخانيث الوجود فلا إلى | الكفران ينحازوا ولا الإيمان |
ويقول بلغة سنية سلفية([13]):
أهون
بذا الطاغوت لا عز اسمه كم من أسير بل جريح بل قتيل وترى الجبان يكاد يخلع قلبه وترى المخنث حين يقرع سمعه ويظل منكوحاً لكل معـــــطـــــل |
طاغوت ذي التعطيل والكفران تحت ذا الطاغوت في الأزمان من لفظه تبا لكل جبان تبدو عليه شمائل النسوان ولكل زنديق أخــــي كــــــفران |
قال آخر: وقال فيهم شاعرنا الفحل الكبير أبو عبد الله محمد بن صالح القحطاني المعافري الأندلسي:
والآن
أهجو الأشعري وحزبه عطلتم السبع السموات العلا لأقطعن بمعولي أعراضكم ولأكتبن إلى البلاد بسبكم يا أشعرية يا أسافلة الورى إني لأبغضكم وأبغض حزبكم لو كنت أعمى المقلتين لسرني قد عشت مسروراً ومت مخفراً لم أدخر عملاً لربي صالحـــــــاً |
وأذيع ما كتموا من البهتان والعرشَ أخليتم من الرحمن ما دام يصحب مهجتي جثماني فيسير سير البزل بالركبان يا عمي يا صم بلا آذان بغضاً أقل قليله أضغاني كيلا يرى إنسانكم إنساني ولقيت ربي سرني ورعاني لكن بإسخاطي لكم أرضــاني |
قام آخر، وقال: ليس ذلك فقط، بل قد أجمع سلفنا الأول على تكفير الأشاعرة، لأنهم جهمة زنادقة، وقد قال في ذلك فقيهنا السلفي الكبير ابن قدامة المقدسي، وهو يلمح إلى الأشاعرة: (وهذا حال هؤلاء القوم لا محالة فهم زنادقة بغير شك، فإنه لا شك في أنهم يظهرون تعظيم المصاحف إيهاما أن فيها القرآن، ويعتقدون في الباطن أنه ليس فيها إلا الورق والمداد، ويظهرون تعظيم القرآن ويجتمعون لقراءته في المحافل والأعرية، ويعتقدون أنه من تأليف جبريل وعبارته، ويظهرون أن موسى سمع كلام الله من الله ثم يقولون ليس بصوت)([14])
قال آخر: صدقت.. ومثله فعل شيخنا الجليل عبيد الله بن سعيد السجزيّ الذي ألف رسالة في تكفير من أنكر الحرف والصوت، ويقصد بهم الأشاعرة بالدرجة الأولى، فقد قال ناقلا لقولهم في المسألة: (وقال أبو محمّد بن كلاب ومن وافقه، والأشعري وغيرهم([15]): (القرآن غير مخلوق، ومن قال بخلقه كافر إلا أن الله لا يتكلم بالعربية، ولا بغيرها من اللغات ولا يدخل كلامه النظم، والتأليف، والتعاقب، ولا يكون حرفاً ولا صوتاً)([16])
ثم عقب عليه بقوله: (ومنكر القرآن العربي وأنه كلام الله كافر بإجماع الفقهاء ومثبت قرآن لا أوّل له ولا آخر كافر بإجماعهم، ومدعي قرآن لا لغة فيه جاهل غبي عند العرب)([17])
قال ثالث: وهكذا قال الشيخ أبو إسماعيل الأنصاري الهروي في كتابه العظيم في [ذم الكلام وأهله]، وهو كتاب مشحون بتكفير الأشاعرة، وقد نقل شيخنا شيخ الإسلام ابن تيمية الكثير منه مستحسنا له، ومن ذلك نقله لقوله: (ولما نظر المبرزون من علماء الأمة وأهل الفهم من أهل السنة طوايا كلام الجهمية وما أودعته من رموز الفلاسفة ولم يقع منهم الا على التعطيل البحت، وأن قطب مذهبهم ومنتهى عقدتهم ما صرحت به رؤوس الزنادقة قبلهم، والفلك دوار والسماء خالية، وأن قولهم إنه تعالى في كل موضع وفي كل شيء ما استثنوا جوف كلب ولا جوف خنزير ولا حشا فرارا من الإثبات وذهابا عن التحقيق.. وقال أولئك ليس له كلام إنما خلق كلاما وهؤلاء يقولون تكلم مرة فهو متكلم به منذ تكلم لم ينقطع الكلام، ولا يوجد كلامه في موضع ليس هو به، ثم يقولون ليس هو في مكان، ثم قالوا ليس له صوت ولا حروف، وقالوا هذا زاج وورق وهذا صوف وخشب وهذا إنما قصد النفس وأريد به التفسير، وهذا صوت القاري إما يرى حسن وغير حسن وهذا لفظه أو ما تراه مجازا به حتى قال رأس من رؤوسهم: أو يكون قرآن من لبد وقال آخر من خشب، فراوغوا، فقالوا هذا حكاية عبر بها عن القرآن والله تكلم مرة ولا يتكلم بعد ذلك، ثم قالوا غير مخلوق، ومن قال مخلوق كافر، وهذا من فخوخهم يصطادون به قلوب عوام أهل السنة، وإنما اعتقادهم أن القرآن غير موجود لفظية الجهمية الذكور بمرة والجهمية الإناث بعشر مرات)([18])
قال آخر: وقد ذكر الشيخ الهروي سلفه في هذا، فقال: (ورأيت يحيى بن عمار ما لا أحصي من مرة على منبره يكفرهم ويلعنهم، ويشهد على أبي الحسن الأشعري بالزندقة، وكذلك رأيت عمر بن إبراهيم ومشائخنا)([19])
قال آخر: وقد ذهب شيخنا أبو القاسم اللالكائي ذلك في [شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة]، فقال: (سياق ما دل من الآيات من كتاب الله تعالى وما روي عن رسول الله k والصحابة والتابعين على أن القرآن تكلم الله به على الحقيقة، وأنه أنزله على محمد k، وأمره أن يتحدى به، وأن يدعو الناس إليه، وأنه القرآن على الحقيقة. متلو في المحاريب، مكتوب في المصاحف، محفوظ في صدور الرجال، ليس بحكاية ولا عبارة عن قرآن، وهو قرآن واحد غير مخلوق وغير مجعول ومربوب، بل هو صفة من صفات ذاته، لم يزل به متكلما، ومن قال غير هذا فهو كافر ضال مضل مبتدع مخالف لمذاهب السنة والجماعة)([20])
ثم عقد فصلا آخر خصصه للأشاعرة، فقال: (سياق ما روي في تكفير من قال: لفظي بالقرآن مخلوق)([21])
قال آخر: وقد أحسن شيخنا الجليل الشيخ خالد بن علي المرضي الغامدي صنعا عندما كتب رسالته العظيمة [تكفير الأشاعرة] ، والتي قدم لها بقوله: (هذا كتاب في تكفير الأشاعرة الجهمية، وبيان قول أهل العلم فيهم، وتحقيق إجماع السلف على كفرهم، والرد على من زعم خلاف ذلك، كما وفيه بيان أن من أنكر صفات الله العقلية التي لا تقوم ربوبيته ولا تصح ألوهيته إلا بها كالعلم والقدرة والعلو والكلام والسمع والبصر ونحوها كافر لا يعذر بجهل أو تأويل، وعليه فمن علم منه عبادة غير الله كدعاء الأموات والحكم بغير ما أنزل الله أو إنكار ربوبية الله أو صفاته التي لا يكون الله تعالى ربا إلا بها والتي هي من لوازم ألوهيته وربوبيته فإنه يحكم بكفره ولا يعذر بجهله وتأوله ومن مات على هذه العقيدة فهو مشرك لا يترحم عليه)([22])
وقد أثبت بالأدلة القاطعة انطباق جميع أوصاف الكفر عليهم من كلام سلفنا الأول والآخر.. ورد كذلك على أولئك المميعة الذين يمارسون التقية حفاظا على مصالحهم ومناصبهم وسمعتهم.
قال آخر: وقد شاركه في هذا الكثير من سلفنا المعاصرين كالشيخ عبد العزيز بن ريس الريس الذي كتب كتابه العظيم [تأكيد المسلمات السلفية في نقض الفتوى الجماعية بأن الأشاعرة من الفرقة المرضية]، والذي قدم له وقرظه وأثنى عليه كبار أعلام سلفنا المعاصرين من أمثال: الشيخ المحدث أحمد النجمي، والشيخ عبيد الجابري، بالإضافة لمراجعة كل من الشيخ صالح الفوزان والشيخ المحدث عبدالمحسن العباد.. فقد أثبت في هذا الكتاب كل الأدلة الدالة على كفرهم وتعطيلهم وتجهمهم.
كان مندوب الأمم المتحدة يستمع متعجبا من كل ما يحصل أمام عينيه، ولذلك ترك لهم الفرصة في الحديث إلى أن أخرجوا كل ما في صدورهم من ضغائن على الأشاعرة، وبعدها ذكر لهم شخصة أخرى، وأثنى عليها ثناء شديدا، فقام أحد الحضور بقوة يقول: دعنا من هذا الجهمي المعطل.. لقد رأيت في سيرة حياته أن المحترق زاهد الكوثري كان من مشايخه الذين تتلمذ عليهم.. وأنتم تعلمون ما قال علماؤنا في زاهد الكوثري تلميذ المدرسة الماتريدية الجهمية المعطلة.
قال آخر: صدقت.. وقد صرح شيخنا أبو عبد الله محمد بن عبد الحميد حسونة بكفره، وسماه (مجنون أبي حنيفة الجهمي الضال) ([23])
قال آخر: وقد عدد شيخنا مقبل بن هادي الوادعي جرائمه وضلالاته، فقال: (يعد من أئمة المبتدعين والمعطلة لصفات رب العالمين.. حيث يذهب في صفة العلو مذهب الجهمية المعطلة، وهو نفي علو الله تعالى بذاته على مخلوقاته، ويرى أن الله تعالى لا داخل العالم ولا خارجه ويقول عن السلف: الذين أثبتوا علو الله على خلقه واستواءه على عرشه (لا حظ لهم في الإسلام، غير أن جعلوا صنمهم الأرضي صنماً سماوياً).. ثانياً: صفة الاستواء: تابع الكوثري فيها الجهمية، فعطل صفة الاستواء، وحرف نصوصها، وقال : (وللاستواء في كلام العرب خمس عشرة معنى ما بين حقيقة ومجاز، منها ما يجوز على الله ، فيكون معنى الآية، ومنها ما لا يجوز على الله بحال، وهو ما إذا كان الاستواء بمعنى التمكن أو الاستقرار.. ثالثاً: صفة النزول: تابع الكوثري فيها الجهمية، فعطل صفة النزول، وحرّف نصوصها إلى نزول الملك.. وحرف حديث النزول تحريفاً لفظياً، فذكر لفظ [يُنزل] بضم الأول وهذا عين المناقضة لمذهب أهل السنة والجماعة.. رابعاً: صفة اليدين: يذهب الكوثري في صفة اليدين مذهب الجهمية المعطلة، فقد عطل صفة اليدين، وحرف نصوصها إلى العناية الخاصة بدون توسط.. أو المراد من اليد: القدرة، وهذا مناقض لمذهب أهل السنة والجماعة، فقد أثبتوا صفة اليدين كما جاءت بها النصوص، ومن لم يحملها على الحقيقة عندهم فهو معطل.. خامساً: صفة الكلام: تابع الكوثري الجهمية في تعطيل صفة الكلام والقول بخلق القرآن، وحرف نصوصها إلى الكلام النفسي، بل.. ويعترف الكوثري بأنه ليس بينه وبين المعتزلة خلاف في كون القرآن مخلوقا، كما أنه لا يرى جواز سماع كلام الله تعالى، فلم يسمع منه جبريل؛ لأن كلام الله تعالى ليس بحرف ولا بصوت، وهذا مناقض لمذهب سلف الأمة وأئمتها، الذي يوافق الأدلة العقلية الصريحة، وهو أن القرآن كلام الله، منزل، غير مخلوق، منه بدأ، وإليه يعود فهو -سبحانه- المتكلم بالقرآن والتوراة والإنجيل وغير ذلك من كلامه ليس مخلوقاً منفصلاً عنه بل سبحانه يتكلم بمشيئته وقدرته..)([24])
قال آخر: وكل هذه المقولات هي مقولات الماتريدي.. بل لا يكون الماتريدي ماتريديا إلا بها.. ولذلك فقد كفر سلفنا الماتريدية كما كفروا الأشاعرة.. ورموهم جميعا في جهنم التجهم والتعطيل.
بعد أن أفرغ الجمع أحقادهم على الرجل، وعلى قومه من الماتريدية، قام مندوب الأمم المتحدة، وقال: لا بأس.. ما دام هذا الرجل لم يعجبكم.. وربما لا تعجبكم كل الشخصيات التي تستخدم عقلها في الدين، أو تحاول أن تعرض الدين عن طريق العقل.. ولكم الكثير من الحق في ذلك.. فالعقل دوره أن يفهم الدين، لا أن يفرض سلطته عليه.
أعجب الحضور بكلامه، وأخذ بعضهم يكبر.. فقال المندوب: ما دام الأمر كما ذكرتم.. فلدي شخصية ستعجبكم كثيرا وتتفق معكم في هذه الناحية.. فهي ترى أن الدين يفهم بالروح والذوق والتجربة والمعاناة.. ولذلك يرى أن المنهج الصحيح للوصول إلى حقائق الدين هو الترقي في مقامات السلوك والمعرفة.. ولذلك ألف الكتب الكثيرة التي ذكر فيها تجربته الروحية، ونصح بانتهاجها، بل إنه ـ في عصرنا ـ يشبه أولئك القديسين والأولياء من الصالحين الذين امتلأوا بحب الله وحب أوليائه.
قال آخر: دعك من كل هذا.. وأخبرنا عن هذه الشخصية التي تريد أن تفرضها علينا، فإنا نشم من حديثك روائح بدعة منتنة.. أصابتنا بالغثاء.
تعجب المندوب من هذه الوقاحة، لكنه لم يجد إلا أن يخضع لها، فذكر لهم اسم الشخصية، فوقف الجميع، وصاحوا بصوت واحد: كافر.. كافر.. زنديق.. ضال.. محترق.. حلولي.. قبوري.. ملحد.
لم يجد المندوب ما يجيبهم به، سوى أن طلب منهم الهدوء، وأن يتحدثوا واحدا واحدا ليفهم عنهم.
فقام أحدهم، وكان أكبرهم سنا، وقال: أرى أنك أيها المندوب لا تختلف عن الذباب، فأنت لا تقع إلا على النجاسات والقاذورات.. والشخص الذي ذكرته لنا أبشع هذه النجسات، وأقذر هذه القمامات.. فهو صوفي جلد..
قال المندوب: أنا أعلم أنه صوفي.. ولذلك رغبتكم فيه.. فالصوفية اختاروا منهج الروح والذوق، لا منهج العقل الذي رأيتكم ترفضونه..
قال الرجل: ونحن ننكر هذا أيضا، بل هذا أبشع من أولئك، وأشد كفرا منهم.. فالدين لا يعرف لا بالعقل ولا بالروح.. بل يعرف فقط بالنقل..
قال المندوب: نسيت أن أخبركم أن للرجل تفسيرا للقرآن.. وشروحا للحديث.. وهو بذلك يعرف النقل، ولا ينكره.
قال الرجل: وهذا من أكبر ضلالاته.. فالقرآن لا يفسره.. والحديث لا يشرحه إلا سلفي عرف السلف وأخذ عنهم.. أما هؤلاء الدجالون الذين يستعملون عقولهم أو أذواقهم فهم أبعد الناس عن فهم القرآن والحديث.
قال المندوب: نعم أنا مقر أن في الصوفية من انحرف وغير وبدل.. ولكن هذا الرجل ملتزم بكل ما يطلبه الدين من قيم وسلوكات، وقد رأيته بعيني..
قاطعه الرجل، وقال: أنت لا تعرف جيدا حيل هؤلاء الصوفية.. فهم أكذب الناس، وأكثرهم تقية.. وقد كتب شيخنا الجليل محمود عبد الرؤوف القاسم كتابه العظيم (الكشف عن حقيقة الصوفية لأول مرة في التاريخ)، والذي فضح به جميع الصوفية أولهم وآخرهم، وبين أنهم جميعا كفرة ملاحدة زنادقة.. وقد أثبت فيه بالأدلة القطعية أن جميعهم يقول بالحلول والاتحاد ووحدة الوجود وغيرها من الطامات..
لقد قال في ذلك: (لا يوجد إلا صوفية واحدة، غايتها واحدة، وحقيقتها واحدة (وسنرى أن طريقتها واحدة) منذ أن وجدت الصوفية حتى النهاية، وإن اختلفت الأسماء)([25])
ثم قال بعد سوقه للكثير من النصوص من أعلام الصوفية الكبار: (هذه أقوال لبعض كبار القوم، نخلص منها إلى أن للصوفية عقيدة واحدة يدين بها كل المتصوفة قديمهم وحديثهم، وأن الطرق الصوفية كالشاذلية والرفاعية والقادرية والخلوتية والنقشبندية واليشرطية والمولوية والبكطاشية والتجانية وغيرها وغيرها، وإن اختلفت أسماؤها، فهي كلها تؤدي إلى هدف واحد هو العقيدة الصوفية الواحدة)([26])
قال آخر: صدقت.. بل استطاع أن يكتشف حيلهم وخداعهم ومكرهم، والذي انطلى حتى على بعض أصحابنا من السلفيين الذين خلطوا بين أهوائهم وبين قول سلفنا الأول.. لقد قال يذكر ذلك: (.. إننا أمام جماعة باطنية لهم عقيدة سرية، استهوت عقولهم ونفوسهم واستحوذت عليها، فلا يهتدون سبيلًا إِلا سبيلها، وهم يدافعون عنها بكل ما لديهم من إِمكانيات وبالمراوغات والمغالطات واللف والدوران وجميع الأساليب اللاعلمية واللاأخلاقية)([27])
ثم ضرب مثلا على ذلك، فقال:(وكمثل على ذلك: إِنهم يعلمون يقيناً وخاصة الواصلون منهم أن الصوفية هي كفر وزندقة بالنسبة للشريعة الإسلامية، ومع ذلك فهم يكتمون هذه الحقيقة ويشيعون بين الناس أن الصوفية هي قمة الإسلام والإيمان وهي منتهى التقى والورع، وهي مقام الِإحسان، وقد انطلت هذه الخدعة على الناس وصدقوها، حتى لو قلت لأحدهم: إِن الصوفية زندقة، لثار عليك واتهمك الاتهامات التي لا تخطر لك على بال، رغم أَنه ليس صوفيًّا، ولكنه اقتنع بالخدعة وانجرت عليه ذيولها)([28])
قال آخر: ليس الأمر قاصرا على من ذكرتم، فكل سلفنا متفقون على تكفير من يقول بأقوال الصوفية..ولو لم يكن في ممارساتهم إلا تعظيم القبور وعبادة الأصنام لكان ذلك كافيا..
قال آخر: لذلك حاربهم شيخنا الكبير مجدد الإسلام محمد بن عبد الوهاب، وقتلهم وشردهم.. بل سبى نساءهم وأطفالهم لأنهم مشركون مرتدون..
قال آخر: لقد سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بدولة التوحيد هذا السؤال: (ما هي حقيقة هذه الطرق الكثيرة عندنا مثل: الشاذلية، والأحمدية، والسعدية، والبرهانية، وغيرها..)، فأجابت بهذا الجواب السلفي العظيم: (طريقة الشاذلية والأحمدية والسعدية والبرهانية ونحوها من الطرق طرق ضلال، لا يجوز للمسلم أن يتبع واحدة منها)([29])
قال آخر: صدقت، وقد قال شيخنا الكبير ابن جبرين: (أما الصوفية في هذا الزمان ومنهم من يعرفون بالتيجانية وغيرهم، فإنهم قد انتحلوا طرقا، وصارت لهم مقامات وخواص تصادم الأدلة؛ حيث يعتقدون في أوليائهم الأقدمية على الرسل الكرام، ويزعمون أن الولي يأخذ عن الله بلا واسطة، ويرجعون إلى أقوال مقدميهم، ويحكمونهم في الأنفس والأزواج والأموال، ويعتقدون فيهم العصمة وملكية التصرف، ونحو ذلك من الاعتقادات السيئة، فما داموا كذلك فهم مجانبون للصواب، ومحادون لله ورسوله، فلا نعرف لهم فضلا ولا كرامة)([30])
قال آخر: وقال الشيخ الفوزان: (.. ومن ذلك الطرق الصوفية فإنها طرق مبتدعة محدثة ليست من دين الإسلام بل هي من دس أعداء الإسلام وتلقفها كثير من الجهال أو من الضلال الذين يريدون أن يحتالوا بها على الناس ويتزعموا بها على الناس بالباطل فالطرق الصوفية طرق محدثة وطرق فاسدة وطرق ضالة مخالفة لهدي الرسول k.. ومن ذلك الطريقة التيجانية فإنها من أضل الطرق الصوفية وأفسدها ولها عقائد كفرية وقد أنقذ الله منها بعض معتنقيها فردوا عليها وكتبوا في بيان كفرها وضلالها الكتابات الطيبة المفيدة وهي مطبوعة ومتداولة ولله الحمد)([31])
قال آخر: لم يكتف علماؤنا بتكفيرهم لأعلام الصوفية المارقين.. ولا بتكفير أصحاب الطرق الصوفية الضالين.. بل كفروا كل من يرتبط بالصوفية من قريب أو من بعيد.. حتى يحموا حمى التوحيد من كل جبار عنيد.
قال آخر: صدقت.. ولذلك كفر مجدد الإسلام الأكبر، شيخنا محمد بن عبد الوهاب كل أهل زمانه لتصوفهم وضلالهم وعودتهم إلى الجاهلية.. وقد قال مؤرخنا الكبير ابن غنام يذكر كيف كان الحال في عهده: (كان غالب الناس في زمانه – أي الشيخ محمد بن عبدالوهاب – متضمخين بالأرجاس متلطخين بوضر الأنجاس حتى قد انهمكوا في الشرك بعد حلول السنة بالأرماس… فعدلوا إلى عبادة الأولياء والصالحين، وخلعوا ربقة التوحيد والدين، فجدوا في الاستغاثة بهم في النوازل والحوادث والخطوب المعضلة الكوارث، وأقبلوا عليهم في طلب الحاجات وتفريج الشدائد والكربات من الأحياء منهم والأموات، وكثير يعتقد النفع والضر في الجمادات)([32])، ثم ذكر صور الشرك في نجد والحجاز والعراق والشام ومصر وغيرها.
قال آخر: وقال أميرنا العادل سعود بن عبدالعزيز في رسالة له إلى والي العراق العثماني واصفاً حال دولتهم: (فشعائر الكفر بالله والشرك هي الظاهرة عندكم مثل بناء القباب على القبور وإيقاد السرج عليها وتعليق الستور عليها وزيارتها بما لم يشرعه الله ورسوله واتخاذها عيداً وسؤال أصحابها قضاء الحاجات وتفريج الكربات وإغاثة اللهفات، هذا مع تضييع فرائض الدين التي أمر الله بإقامتها من الصلوات الخمس وغيرها فمن أراد الصلاة صلى حده ومن تركها لم ينكر عليه وكذلك الزكاة وهذا أمر قد شاع وذاع وملأ الأسماع في كثير من بلاد: الشام والعراق ومصر وغير ذلك من البلدان)([33])
قال آخر: بل إن شيخنا عبدالله بن عبداللطيف سئل عمن لم يكفر الدولة العثمانية مع تأييدها للصوفية، فأجاب: (من لم يعرف كفر الدولة ولم يفرق بينهم وبين البغاة من المسلمين لم يعرف معنى لا إله إلا الله، فإن اعتقد مع ذلك أن الدولة مسلمون فهو أشد وأعظم وهذا هو الشك في كفر من كفر بالله وأِرك به، ومن جرهم وأعانهم على المسلمين بأي إعانة فهي ردة صريحة)([34])
قال آخر: وقد قال شيخنا سليمان بن سحمان في قصيدة له لا زال أطفالنا ينشدونها([35]):
وما
قال في الأتراك من وصف كفرهم وأعداهم للمسلمين وشرهم ومن يتول الكافرين فمثلهم ومن قد يواليهم ويركن نحوهـــــــــم |
فحق فهم من أكفر الناس في
النحل ينوف ويربو في الضلال على المللْ ولا شك في تكفيره عند من عقلْ فلا شك في تفسيقه وهو في وجـــلْ |
بعد أن أفرغ الجمع أحقادهم على الرجل، وعلى الصوفية جميعا، قام مندوب الأمم المتحدة، وقال: لا بأس.. لن أفرض عليكم شخصا لا يناسبكم.. ما زال في جعبتي غيره.. لكن أرجو أن تتنازلوا قليلا فـ:
من ذا الذي ترضي سجاياه كلها | كفى المرء نبلًا أن تُعدّ معايبه |
قال أحدهم: هات ما عندك.. ودعك من هذه الخدع الإبليسية والمؤامرات التلبيسية، فنحن نعرفكم جيدا أيها المتآمرون على السنة والسلف.
تجهم وجه المندوب، لكنه كظم غيظه، وسمى لهم الشخص الخامس، فصعق بعضهم، وصاح بعضهم.. وحدثت فوضى كبيرة تعجب المندوب عجبا شديدا بسببها، فراح يسأل: ما الذي حصل.. هل سميتم لكم اسم الشيطان حتى يحصل لكم كل هذا؟
قال أحدهم: اسكت أيه الأحمق المغفل.. إن الذي ذكرته أخطر من الشيطان نفسه.
قال المندوب: الذي أعلمه أنه مسلم.. وأن له كتبا في القرآن والسنة.. وأن له جهودا طيبة في خدمة العلم وفي الدعوة للإسلام.
قال الرجل: ولم تعلم أيها المغفل أنه رافضي خبيث منتن الرائحة..
قال المندوب: لا تقل هذا.. فرائحته طيبة جدا، وهو من أصدقائي المقربين، يدخل بيتي وأدخل بيته..
قال الرجل: لقد صدق شيخ الإسلام ابن تيمية حين ذكر أن الرافضة هم أقرب الناس لأعداء الإسلام من أمثالكم..
أراد المندوب أن يتحدث، فقاطعه أحدهم قائلا: يا قوم.. ألا ترون أين وصل بنا الأمر.. لقد صار للرافضة أحفاد ابن سبأ.. شر من وطئ الثرى وجود في هذه البلدة.. وصاروا يذكرون أسماءهم من غير أي تقية أو خوف.. وكل ذلك بسبب تقصيرنا في ردعهم والتحذير منهم كما كان يفعل سلفنا الصالح.
قال آخر: صدقت.. لقد فرطنا كثيرا في ذلك التراث الكبير من التكفير والتضليل والسباب التي كان يكيلها سلفنا الصالح للرافضة.
قال آخر: صدقت.. لقد كان الشعبي ينظر من وراء حجب الغيب لخطورتهم الشديدة على الإسلام.. فلذلك حذر منهم تحذيرا شديدا، فقال: (ما رأيت أحمق من الخشبية([36]) [يقصد الشيعة ]، لو كانوا من الطير لكانوا رخما، ولو كانوا من البهائم لكانوا حمرا، والله لو طلبت منهم أن يملؤوا هذا البيت ذهبا على أن أكذب على علي لأعطوني، والله ما أكذب عليه أبدا)([37])
قام آخر، وقال: صدقت.. وقد رويت بسندي عن الثقاة من سلفنا الصالح أنه قال قال هذا القول الممتلئ بالحكمة: (أحذركم أهل هذه الأهواء المضلة، وشرها الرافضة، لم يدخلوا في الاسلام رغبة ولا رهبة، ولكن مقتا لأهل الاسلام وبغيا عليهم)([38])
قال آخر: بل أحفظ من أقواله ما يثبت بالأدلة القاطعة عن علاقة الرافضة باليهود وشبههم بهم، فقد قال: (وآية ذلك أن محنة الرافضة، محنة اليهود. قالت اليهود: لا يصلح الملك إلا في آل داود، وقالت الرافضة لا تصلح الإمامة إلا في ولد علي، وقالت اليهود: لا جهاد في سبيل الله حتى يخرج المسيح الدجال، وينزل سيف من السماء، وقالت الرافضة: لا جهاد في سبيل الله حتى يخرج المهدي، وينادي مناد من السماء.. واليهود يؤخرون الصلاة إلى اشتباك النجوم، وكذلك الرافضة يؤخرون المغرب إلى اشتباك النجوم.. واليهود تزول عن القبلة شيئا، وكذلك الرافضة، واليهود تنود في الصلاة، وكذلك الرافضة، واليهود تسدل أثوابها في الصلاة، وكذلك الرافضة.. واليهود حرفوا التوراة، وكذلك الرافضة حرفوا القرآن. واليهود قالوا: افترض الله علينا خمسين صلاة، وكذلك الرافضة.. واليهود لا يخلصون السلام على المؤمنين إنما يقولون: السام عليكم ـ والسام الموت ـ وكذلك الرافضة.. واليهود لا يرون المسح على الخفين، وكذلك الرافضة.. واليهود تبغض جبريل، ويقولون هو عدونا من الملائكة، وكذلك الرافضة، يقولون غلط جبريل بالوحي على محمد)([39])
قال آخر: وأحفظ من أقواله ما يثبت بالأدلة القاطعة عن علاقة الرافضة بالنصار والصليبيين، فقد قال: (وكذلك الرافضة وافقوا النصارى في خصلة: النصارى ليس لنسائهم صداق إنما يتمتعون بهن تمتعا، وكذلك الرافضة يتزوجون بالمتعة، ويستحلون المتعة، وفضلت اليهود والنصارى على الرافضة بخصلتين، سئلت اليهود: من خير أهل ملتكم؟ قالوا: أصحاب موسى، وسئلت النصارى من خير أهل ملتكم؟ قالوا: حواري عيسى. وسئلت الرافضة من شر أهل ملتكم؟ قالوا أصحاب محمد، أمروا بالاستغفار لهم، فسبوهم والسيف عليهم مسلول إلى يوم القيامة، لا تقوم لهم راية، ولا يثبت لهم قدم ولا تجتمع لهم كلمة، ولا تجاب لهم دعوة، دعوتهم مدحوضة، وكلمتهم مختلفة، وجمعهم متفرق، كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله)([40])
قال آخر: وهكذا كان موقف غيره من سلفنا الصالح.. فقد رويت بسندي عن مسعر بن كدام أنه لقيه رجل من الرافضة فكلمه بشئ.. فقال له مسعر: تنح عني فإنك شيطان)([41]) .. ورويت عن محمد بن يوسف الفريابي قوله: (ما أرى الرافضة والجهمية إلا زنادقــة)([42])
قال آخر: وقد رويت مثلك بسندي العالي المتسلسل بالسلسلة الذهبية عن القاسم بن سلام قوله: (عاشرت الناس، وكلمت أهل الكلام، وكذا، فما رأيت أوسخ وسخاً، ولا أقذر قذراً، ولا أضعف حجة، ولا أحمق من الرافضة، ولقد وليت قضاء الثغور فنفيت منهم ثلاثة رجال: جهميين ورافضي، أو رافضيين وجهمي، وقلت: مثلكم لا يساكن أهل الثغور فأخرجتهم)([43])
قال آخر: وقد رويت مثلك بسندي الممتلئ بالثقاة والعدول عن أحمد بن يونس قوله: (إنا لا نأكل ذبيحة رجل رافضي، فإنه عندي مرتد)([44])
قال آخر: ورويت بسندي عن إمام الثقاة وسيدهم وصاحب أعظم كتاب في الدنيا الإمام الجليل البخاري قوله: (ما أبالي صليت خلف الجهمي والرافضي، أم صليت خلف اليهود والنصارى، ولا يسلم عليهم، ولا يعادون، ولا يناكحون، ولا يشهدون، ولا تؤكل ذبائحهم)([45])
قال آخر: ورويت بسندي عن إمام الجرح والتعديل أبي زرعة الرازي قوله: (إن الجهمية كفار، وإن الرافضة، رفضوا الإسلام)([46])
قام آخر، وقال: أما أنا فأحفظ من نونية القحطاني قوله([47]):
إن
الروافضَ شرُّمن وطيءَ الحَصَى مدحوا النّبيَ وخونوا أصحابـــه حبّـوا قرابتــهَ وسبَّـــوا صحبــــــــه |
من كـلِّ إنـسٍ ناطــقٍ أو
جــانِ ورموُهـــمُ بالظلـــمِ والعــدوانِ جــدلان عند الله منتقضــــــــانِ |
قال آخر: أما أنا فأحفظ كل ما قاله في حقهم إمامنا الجليل شيخ الإسلام والناطق باسمه من لا نظير له في التاريخ ابن تيمية.. فمن أقواله فيهم قوله: (والله يعلم وكفى بالله عليماً، ليس في جميع الطوائف المنتسبة إلى الإسلام مع بدعة وضلالة شر منهم: لا أجهل، ولا أكذب، ولا أظلم ولا أقرب إلى الكفر والفسوق والعصيان، وأبعد عن حقائق الإيمان منهم)([48])
ويقول فيهم بثقة عظيمة: (وهؤلاء الرافضة: إما منافق، وإما جاهل، فلا يكون رافضي ولا جهمي إلا منافقاً، أو جاهلاً بما جاء به الرسول k، لا يكون فيهم أحد عالماً بما جاء به الرسول k مع الإيمان به. فإن مخالفتهم لما جاء به الرسول k، وكذبهم عليه لا يخفى قط إلا على مفرط في الجهل والهوى)([49])
وقال: (فبهذا يتبين أنهم شر من عامة أهل الأهواء.. وأيضاً فغالب أئمتهم زنادقة إنما يظهرون الرفض لأنه طريق إلى هدم الإسلام)([50])
ويقول عن اشتهارهم بالكذب: (وقد اتفق أهل العلم بالنقل والرواية والإسناد على أن الرافضة أكذب الطوائف، والكذب فيهم قديم، ولهذا كان أئمة الإسلام يعلمون امتيازهم بكثرة الكذب)([51])
بعد أن أفرغ الجمع كل أحقادهم وأمراض نفوسهم على الشيعة، قام المندوب، وقال: لا بأس.. أرى أن كلمتكم اتفقت على أن هذا الرجل لا يصلح لهذا المنصب الحساس، ولهذا سأذكر لكم غيره.. لا يزال لدي خمسة أشخاص.. فأرجو أن تتنازلوا حتى لا تفوتكم الفرصة في التعريف بدينكم في ذلك المحفل العالمي الكبير..
قال رجل من الجمع: نحن نرضى أن يبقى كرسينا فارغا، ولا نرضى أن يمثل ديننا من لا يستحق أن يمثله.. الإسلام دين عظيم، ولا ينبغي أن يتحدث عنه إلا من يعرفه حق معرفته.
لم يجد المندوب إلا أن يذكر لهم الاسم الخامس، ويشفعه بقوله: هذا رجل عاقل وهادئ ومسالم.. ويمكنه أن يمثلكم خير تمثيل.. فلديه الكثير من القدرات العلمية والأخلاقية..
غضب بعض الحضور، وقال: أتأتي لنا برجل من كلاب أهل النار.. ثم تذكر لنا طيبته وأخلاقك.. ويلك ألا تعلم أنه من الإباضية الخوارج الذين وردت الأحاديث الكثيرة بالتحذير منهم؟
قال آخر: وليتهم اكتفوا بخارجيتهم.. بل أضافوا إليها التجهم والتعطيل.. فلا تجد إباضيا إلا معطلا ومنكرا للرؤية.
قال آخر: بل أضافوا إلى خارجيتهم الكثير من الجرائم التي عبر عنها شخنا الجليل سليل مجدد الإسلام الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب بقوله: (والخوارج ما عندنا أحد منهم حتى في الأمصار ما هنا طائفة تقول بقول الخوارج إلا الإباضية في أقصى عمان ووقعوا فيما هو أكبر من رأي الخوارج وهي عبادة الأوثان ولا وجدنا خطك في الخوارج إلا أن أهل هذه الدعوة الإسلامية التي هي دعوة الرسل إذا كفروا من أنكرها قلت يكفرون المسلمين لأنهم يقولون لا إله إلا الله)([52])
قال آخر: ومثله قال الشيخ سليمان بن سحمان: (فإنه بلغنا عن بعض الإخوان الساكنين بالساحل من أرض عُمان أن في جهتهم جهميةً وإباضية وعباد قبور متظاهرين بمذاهبهم وعقائدهم، مظهرين العداوة للإسلام وأهله. وذكروا أنه كان لديهم أناس ممن ينتسب إلى العلم والطلب يجادلون عنهم، ويوالونهم، ويفرون إليهم، ويأخذون جوائزهم وصلاتهم، ويأكلون ذبائحهم. وهؤلاء الجهمية الذين كانوا بالساحل من أرض عمان قد شاع ذكرهم وانتشر خبرهم، وظهر أمرهم من قديم الزمان.. حكم الجهمية، وعباد القبور والإباضية وغيرهم من طوائف الكفر ممن قد نشأ في الإسلام، وبين أظهر المسلمين، ويسمعون كتاب الله وسنة رسوله ويقرؤون فيهما. وكتب أهل الفقه وأهل الحديث)([53])
بل قال فوق ذلك: (فأما الجهمية، والإباضية، وعباد القبور، فالرفق بهم، والشفقة عليهم، والإحسان، والتلطف، والصبر، والرحمة، والتبشير لهم، مما ينافي الإيمان، ويوقع في سخط الرحمن، لأن الحجة بلغتهم منذ أزمان)([54])
قال آخر: بل استدل شيوخنا شيوخ الإسلام بالحديث الوارد في حقهم على جواز قتلهم، ولو لم يقاتلوا، فقد قال شيخ الإسلام في ذلك: (فأما قتل الواحد المقدور عليه من الخوارج كالحرورية والرافضة ونحوهم، فهذا فيه قولان للفقهاء، هما روايتان عن الإمام أحمد، والصحيح أنه يجوز قتل الواحد منهم)([55])، وقال: (اتفق على قتالهم سلف الأمة وأئمتها)([56]) ، وقال ابن قدامة: (والصحيح إن شاء الله أن الخوارج يجوز قتلهم ابتداء والإجهاز على جريحهم لأمر النبى k بقتلهم ووعده بالثواب لمن قتلهم)([57])، بل قال ابن هبيرة: (إن قتال الخوارج أولى من قتال المشركين، والحكمة فيه أن فى قتالهم حفظ رأس مال الإسلام، وفى قتال أهل الشرك طلب الربح، وحفظ رأس المال أولى)([58])
قال آخر: وهكذا أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بدولة التوحيد، فقد سئلت حول حكم الصلاة خلف الإباضية، فأجابت: (فرقة الإباضية من الفرق الضالة لما فيهم من البغي والعدوان والخروج على عثمان بن عفان وعلي، ولا تجوز الصلاة خلفهم)([59])
بعد أن أفرغ الجمع كل أحقادهم وأمراض نفوسهم على الإباضية، قام المندوب، وقال: لا بأس.. أرى أن كلمتكم اتفقت على أن هذا الرجل لا يصلح لهذا المنصب الخطير، ولهذا سأذكر لكم غيره.. وأظن أنكم لن تختلفوا عليه، فهو من أهل السنة والجماعة، وإمامه الذي ينتسب إليه إمام من أئمة السلف..
صاح الجميع مبكرين، وقالوا: الآن أتيتنا بما نريد.. ليتك بدأت به.. حتى لا نضيع وقتنا مع أولئك المهرطقين.
ذكر لهم المندوب اسمه، وشفعه بقوله: هو فقيه من فقهاء الكبار، ولديه كتب كثيرة في الشريعة، وفي بيان صلاحيتها لكل زمان ومكان، وهو لم يخض في أي قضية عقدية.. وهو..
قاطعه بعضهم، وقال: وهو جهمي معطل عابد قبور..
ضحك الجميع، فزاد ذلك من جرأة الرجل، ووقاحته، وقال: ألا تعرف أن ذلك الرجل حنفي.. الحنفية منذ بدأوا إلى اليوم وهم بين معطل وجهمي أو عابد قبر أو حلولي أو ملحد..
قال آخر: ألم تسمع ما قال أئمتنا في إمامه الأكبر أبي حنيفة.. لقد حدثني من أثق به بسنده عن إسحاق بن منصور الكوسج، قال: قلت لأحمد بن حنبل: يؤجر الرجل على بغض أبي حنيفة وأصحابه؟ قال: إي والله([60]).
وحدثني بسنده عن سعيد بن سلم، قال سألت أبا يوسف وهو بجرجان عن أبي حنيفة، فقال: (وما تصنع به مات جهميا)([61])، وقال: قلت لأبي يوسف أكان أبو حنيفة يقول بقول جهم؟ فقال: (نعم)([62])
وروى عن إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة، يقول: (هو دينه ودين آبائه يعني القرآن مخلوق)([63])
قال آخر: ورويت بسندي عن الثقاة العدول إلى سفيان الثوري أنه قال: قال لي حماد بن أبي سليمان: (اذهب إلى الكافر يعني أبا حنيفة فقل له: إن كنت تقول: إن القرآن مخلوق فلا تقربنا)([64]).. وقال: سمعت حمادا، يقول: (ألا تعجب من أبي حنيفة يقول: القرآن مخلوق، قل: له يا كافر يا زنديق)([65])
قال آخر: ورويت بسندي عن سلام بن أبي مطيع قال: (كنت مع أيوب السختياني في المسجد الحرام فرآه أبو حنيفة فأقبل نحوه، فلما رآه أيوب قال لأصحابه: قوموا لا يعدنا بجربه، قوموا لا يعدنا بجربه)([66])، وقال: (لقد ترك أبو حنيفة هذا الدين وهو أرق من ثوب سابري)([67])
قال آخر: ورويت بسندي عن شريك بن عبد الله أنه قال: (لأن يكون في كل ربع من أرباع الكوفة خمار يبيع الخمر خير من أن يكون فيه من يقول بقول أبي حنيفة)([68])، وقال: (أصحاب أبي حنيفة أشد على المسلمين من عدتهم من لصوص تاجر قمي)([69])
قال آخر: وليت الذي ذكرته اكتفى بأبي حنيفة، بل أضاف إليه ما مال إليه كل الحنفية أو أكثرهم، وهو التمذهب بالمذهب الماتريدي في العقيدة.. وهو مذهب جهمي تعطيلي كافر.
قال آخر: وليت الأمر اقتصر على ذلك، بل إن معظم الحنفية إن لم نقل كلهم مال إلى الصوفية، وشرب من مشاربهم المسمومة.. فلذلك لا تجد حنفيا إلا كافرا معطلا حلوليا ملحدا.
بعد أن أفرغ الجمع كل أحقادهم وأمراض نفوسهم على الحنفية، قام المندوب، وقال: لا بأس.. أرى أن هذا الرجل لم يعجبكم هو الآخر.. اعلموا فقط أنه لم يبق في جعبتي إلا ثلاثة أشخاص.. فلذلك حاولوا أن تتنازلوا قليلا.
لم يأبه الجمع لكلامه.. فراح يذكر لهم اسم الشخص الثامن.. ويشفعه بقوله: هذا عالم كبير من علماء المالكية.. وهو ـ كما أعلم ـ ينتسب إلى مالك الذي لديه عندكم حرمته الخاصة..
قام أحدهم، وقال: ومن ذكر لك أن المالكية أتباع مالك.. أتباع مالك هم تلاميذه الأوائل فقط.. أما من بعدهم، فقد مالوا إلى مذهب الأشاعرة الجهمية المعطلة.. ومال أكثرهم إلى الطرق الصوفية.. فصاروا حلولية قبورية ملاحدة.
قال آخر: صدقت.. وقد وقف كبار أعلامهم المتأخرين منهم في وجه شيخنا مجدد الإسلام محمد بن عبد الوهاب يقاومون دعوته التوحيدية بدعواتهم الشركية.. ولذلك حكم عليهم جميع بالشرك.. هو وأحفاده وتلاميذه.
قال آخر: بل قام من قبلهم بتصنيف المصنفات البدعية في الرد على شيخ الإسلام ابن تيمية.. وكل هؤلاء كفرة مبتدعة.. ليس لهم من جزاء في الآخرة إلا جهنم.. وليس لهم من جزاء في الدنيا إلا أن يقتلوا أو يصلبوا.. وترمى رؤوسهم في المزابل.
قال آخر: صدقت.. فكل المالكية الذين أعرفهم كما وصفت.. ولو عاشوا في عهد أميرنا العظيم خالد القسري لضحى بهم كما ضحى بالجعد بن درهم.
بعد أن أفرغ الجمع كل أحقادهم وأمراض نفوسهم على المالكية، قام المندوب، وقال: لا بأس.. أرى أن هذا الرجل لم يعجبكم أيضا.. ولذلك لكم أن تختاروا بين رجلين فقط.. فلم يبق في جعبتي غيرهما..
قالوا: فمن أولهما؟
ذكر لهم اسمه، وقال: هذا عالم جليل، وله الخبرات المختلفة في المجالات الكثيرة، وأظن أنه سيكون أحسن ممثل للإسلام في هذا المحفل الدولي الكبير.. فأرجو أن تتنازلوا وتقبلوه.
قام أحدهم، وقال: ويل لك.. أتريد أن تفرض علينا الشياطين ليمثلونا.. هذا رجل أفاك لا يختلف عن سابقيه.. فهو أشعري المذهب، صوفي المشرب.. فكيف تريد منا أن نزكي زنديقا هذه صفته.
قال آخر: وهو قد ورث فوق ذلك كثيرا من الرفض والتشيع عن إمامه الشافعي الذي اتهمه سلفنا الصالح بالرفض.. بل أقر هو نفسه بذلك، فقال:
إن كان رفضاً حب آل محمد فلشهد الثقلان أني رافضي
قال آخر: صدقت.. فالإقرار سيد الأدلة.. وقد نقل شيخنا الذهبي موافقته الشيعة في عدة مسائل فقهية خطيرة كالجهر بالبسملة والقنوت في صلاة الصبح والتختم باليمين([70]).
قال آخر: صدقت.. وقد قال عنه الحافظ أحمد بن عبد الله العجلي: (هو ثقة، صاحب رأي ليس عنده حديث، وكان يتشيع) ([71])
قال آخر: بل إن يحيى بن معين ـ إمام الجرح والتعديل على الإطلاق ـ حكم على الشافعي بأنه ليس بثقة، ومثله المحدث أبو عبيد القاسم بن سلام.
بعد أن أفرغ الجمع كل أحقادهم وأمراض نفوسهم على الشافعية، قام المندوب، وقال: لا بأس.. أرى أن هذا الرجل لم يعجبكم أيضا.. ولذلك لم يبق في جعبتي إلا رجل واحد إما أن تختاروه.. أو أنصرف خافي الوفاض.. ليبقى كرسيكم فارغا في ذلك المحفل الدولي الكبير.. ولن يمثلكم حينها أحد.
قال ذلك، ثم ذكر لهم اسم الشخص، وشفعه بقوله: هو عالم من علماء الحنابلة الكبار.. وأرى أنهم أحسن من يمثلكم.. وأنهم أقرب إليكم من كل أحد..
قام أحدهم، وقال: ويلك.. ومن ذكر لك أن الحنابلة كلهم ممدوحون.. بل أكثرهم مذمومون ضالون كافرون منحرفون عن منهج إمامهم أحمد إلى مناهج الزنادقة والمعطلة.
قال آخر: ألا تعلم أن شيخنا مجدد الإسلام محمد بن عبد الوهاب حكم بالردة على كل حنابلة زمانه ما عدا الذين انضموا إلى دعوته؟
قال آخر: ألا تعلم أنه كفر علماءهم أيضا.. فقد كفر الزنديق الكبير محمد بن فيروز الحنبلي الذي كان علما كبيرا من أعلام الحنابلة المارقة على مذهب إمامها.. فقد قال فيه الشيخ محمد بن عبد الوهاب: (.. وأيضا مكاتيب أهل الأحساء موجودة، فأما ابن عبد اللطيف، وابن عفالق، وابن مطلق، فحشو بالزبيل أعني: سبابة التوحيد، واستحلال دم من صدق به، أو أنكر الشرك؛ ولكن تعرف ابن فيروز، أنه أقربهم إلى الإسلام، وهو رجل من الحنابلة، وينتحل كلام الشيخ وابن القيم خاصة، ومع هذا صنف مصنفا أرسله إلينا، قرر فيه: أن هذا الذي يفعل عند قبر يوسف وأمثاله، هو الدين الصحيح، واستدل في تصنيفه بقول النابغة:
أيا قبر النبي وصاحبيه ووامصيبتنا لو تعلمونا
وفي مصنف ابن مطلق الاستدلال بقول الشاعر:
وكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة سواك بمغن عن سواد بن قارب
ولكن الكلام الأول، أبلغ من هذا كله، وهو شهادة البدو، والحضر، والنساء والرجال، أن هؤلاء الذين يقولون: التوحيد دين الله ورسوله، ويبغضونه أكثر من بغض اليهود والنصارى، ويسبونه، ويصدون الناس عنه، ويجاهدون في زواله وتثبيت الشرك، بالنفس والمال، خلاف ما عليه الرسل وأتباعهم، فإنهم يجاهدون {حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ} [البقرة: 193])([72])
قال آخر: بل صرح بذلك في موضع آخر، فقال في رسالة كتبها إلى أحمد بن عبد الكريم جاء فيها: (..وصل مكتوبك تقرر المسألة التي ذكرت، وتذكر أن عليك إشكالا تطلب إزالته، ثم ورد منك مراسلة، تذكر أنك عثرت على كلام للشيخ أزال عنك الإشكال، فنسأل الله أن يهديك لدين الإسلام. وعلى أي شيء يدل كلامه، من أن من عبد الأوثان عبادة أكبر من عبادة اللات والعزى، وسب دين الرسول k بعدما شهد به، مثل سب أبي جهل، أنه لا يكفر بعينه. بل العبارة صريحة واضحة، في تكفيره مثل ابن فيروز، وصالح بن عبد الله، وأمثالهما، كفرا ظاهرا ينقل عن الملة، فضلا عن غيرهما؛ هذا صريح واضح، في كلام ابن القيم الذي ذكرت، وفي كلام الشيخ الذي أزال عنك الإشكال، في كفر من عبد الوثن الذي على قبر يوسف وأمثاله، ودعاهم في الشدائد والرخاء، وسب دين الرسل بعدما أقر به، ودان بعبادة الأوثان بعدما أقر بها)([73])
***
بعد أن لم يجد مندوب الأمم المتحدة من الجمع أي تجاوب مع جميع الشخصيات التي ذكرها، قلب بعض الأوراق أمامه، ثم أخرج ورقة منها، وقال: بما أنني فشلت معكم في اختيار الشخصية التي تتناسب مع الشروط المحددة من جهتنا أو من جهتكم.. وبما أنني لا أرغب في أن يظل الكرسي المتعلق بالإسلام شاغرا حتى لا يتصور أحد من الناس أننا أقصينا هذا الدين العظيم من هيئتنا، أو يتصور أننا منعناه من أن يعرف بنفسه، أو يدلي بمواقفه في القضايا المختلفة، فإنني أتنازل أنا، كما تتنازل الهيئة التي أنتسب إليها بأن نترك لكم الحرية في اختيار الشخصية التي تودون أن تمثلكم، وتمثل دينكم.
بمجرد أن قال ذلك، قام أحدهم، وقال: هذا هو الحل.. وقد اقترحناه عليك من البداية، ولكنك لطرشك وسوء نيتك رحت ترفضه، لتفرض علينا ما يريد هواك، أو ما يريده سادتك.
لم يجد المندوب أمام هذا الصلف والوقاحة إلا أن يطأطئ رأسه، ثم يقول بأدب: لك الحق في ذلك.. لقد أخطأت خطأ كبيرا.. فلو كنت أعلم أن تلك هي مواقفكم لما أضعت وقتي مع كل تلك الشخصيات التي ذكرتها لكم.. والآن من هي الشخصية التي ترونها مناسبة؟
قام أحدهم، وقال: وهل هناك من يشك في الشخصية الي نختارها.. فالأمة كلها مجمعة عليها.. بل كل العقول والفطر السليمة تؤيدها وتشهد لها، لأنها تمثل السنة بجميع معانيها، وكأنها السنة تمشي..
ثم أخذ بيد شيخ كبير أمامه، وقال: إنه هذا.. إنه شيخ الإسلام الأكبر في هذا الزمان.
بمجرد أن قال ذلك، قام آخر، وقال: ويلك أيها السروري المنتن، منذ متى كان فيكم مشايخ الإسلام، وأنتم الذين لطختم منهج السلف بمنهج الحركيين والخوارج.. الشخصية التي تمثل الإسلام حق تمثيل.. بل تمثل السلف والخلف هي شيخنا هذا.
وأمسك بيد شيخ كبير أمامه، ورفع يده، ثم استأنف يقول: إنه الوحيد الذي يحفظ الكتب الستة والمعاجم العشرة والمسانيد السبعة.. وهو الذي لديه الأسانيد العالية، وهو..
قاطعة آخر، وقال: اسكت أيها الجامي الحاقد.. يا من حرفتم منهج السلف، وحولتم أنفسكم إلى سدنة للأمراء تأتمرون بأمرهم، وتنتهون عند نهيهم.. اسكت فما أنت وجماعتك إلا مرجئة.. والمرجئة من شر الفرق والمذاهب..
قام آخر، وقال: اسكتوا جميعا، فلا يحق لأحد أن يمثل منهج السلف إلا شيخنا هذا.. فهو وحده الذي لا يزال يحافظ على منهج الإسلام العتيق، وكأنه ابن بطة أو البربهاري.. هل رأيتم في حياتكم من واجه المبتدعة مثلما واجههم.. هل رأيتم أحدا كتب في مواجهة المبتدعة مثلما فعل؟
رد عليه آخر بقوله: اسكت أيها الحدادي الوقح.. يا من شوهتم منهج السلف.. يا من أضحتكم علينا العالم.. يا من..
قام الرجل إليه ولكمة بشدة.. ثم قام آخر يرد عليه.. وهكذا وبعد دقائق محدودة تحولت القاعة إلى قاعة ملاكمة وجيدو وكاراتيه.. وكان من بينهم رجل مسلح من الجماعات السلفية المسلحة، أطلق رصاصة في الهواء جعلت الجمع يقعون على كراسيهم ممتلئين من الرعب.. بمجرد أن سكتوا، قال: ليس لأحد أن يدعي أن له الحق في تمثيل منهج السلف إلا نحن.. فنحن الوحيدون في الميدان الذين نطبق كل وصايا السلف الصالح بقطع الأعناق ورميها في المزابل.. ونحن وحدنا الذي أحيينا سنة الاسترقاق التي عطلها الملاحدة.. ونحن وحدنا الذين نقيم الحدود كل يوم على جميع أنواع المبتدعة من القبورية والروافض والجهمية.. ونحن وحدنا الذين ملأنا العالم رعبا، فتحقق بنا وعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأننا الطائفة المنصورة التي تنتصر بالرعب مسيرة شهر..
قال ذلك وغيره، ثم التفت إلى الجمع، وقال: هل من مخالف لما قلت؟
قالوا جميعا بصوت واحد: كل ما ذكرته صحيح.. ونحن نبايعك.. ونبايع كل من تبايع.. وبورك في أياديكم التي أحيت منهج السلف والسنة..
اغتنم المندوب انشغال الجمع بعضه ببعض، ونجا بجلده منهم من غير أن يراه أحد.. وقد بذل المسلح كل جهده بعدها للبحث عنه لكنه لم يجده..
بل لم يره أحد بعدها إلا في اليوم الذي عقد فيه ذلك المحفل العظيم الذي بثته جميع القنوات الفضائية العالمية مدبلجا إلى اللغات المختلفة..
في ذلك اليوم المشؤوم ظهر مندوب الأمم المتحدة، وهو يقول مخاطبا الجموع الكثيرة ـ بعد أن جاء دور ممثل الإسلام ـ : اعذروني أيها الجمع الكريم.. لقد بذلت كل جهدي لأجد عالما مسلما يتفق عليه الجميع، فلم أستطع لذلك سبيلا.. لكني مع ذلك أحضرت شيئا مهما ربما يعرف بالواقع الإسلامي أحسن تعريف.. إنه فيديو خطير جدا يعينكم على معرفة المسلمين وسر تخلفهم وذلهم وضياعهم.. إنه يمثل المجلس الذي اجتمعت فيه مع كبار علماء المسلمين في البلدة التي انتقوها لاختيار الشخصية المناسبة.. ولن أطيل عليكم، لأدعكم مع الشريط..
قال ذلك، ثم شغل الشريط الذي نقل بدقة كل ما حصل.. وقد تعجبت من كيفية حصوله على كل تلك المشاهد الدقيقة، لكني علمت بعد ذلك أن الأمر رتب بليل، وأن كاميرات وأجهزة صوتية دقيقة زرعت في جميع أنحاء القاعة، لتنقل كل ما يحصل، لأن المندوب وغيره من مستشاريه كانوا يعلمون جيدا بكل ما سيحصل.. وكان ذلك الفيديو عندهم أهم من كل شيء.. بل أغلى من كل شيء.
لقد كان ذلك الفيديو أكبر تشويه للإسلام والمسلمين، وقد ملأ جميع الحاضرين بالعجب.. وكتبت عنه جميع صحف العالم.. ونشرت تفاصيله الكثير من القنوات.. ومنح مندوب الأمم المتحدة بسببه الكثير من الجوائز.
لكن
المشكلة الأكبر من ذلك كله هي أن شخصية خطيرة رأت ذلك الفيديو مرارا متعددة، ثم
ذهبت إلى البيت الأبيض الأمريكي، وطلبت من رئيسه أن يسحب جيوشه من جميع بلاد
العالم الإسلامي.. وأخبره أن المسلمين لا يحتاجون إلى جيوش خارجية.. يكفيهم أن
يشتعل عود ثقاب واحد بينهم ليحترقوا جميعا.. ومن هناك بدأ التخطيط للحرب الناعمة
التي توشك أن تقضي علينا.
([1]) أشير إلى تفسير الزمخشري.
([2]) أصل الشعر لابن المنير الاسكندراني.
([3]) تفسير الزمخشري = الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (4/ 594).
([4]) السنة، لعبدالله برقم 29.
([5]) السنة لحرب الكرماني، 375.
([6]) الإبانة ، 257.
([7]) السنة لعبدالله بن أحمد 25.
([8]) ميزان الاعتدال، 3/ 274.
([9]) الآداب الشرعية والمنح المرعية 1/ 256)
([10]) تاريخ الطبري: ج 7، حوادث سنة 237، ص 368.
([11]) بيان تلبيس الجهمية ، 6/359.
([12]) شرح قصيدة ابن القيم 2/203.
([13]) شرح قصيدة ابن القيم 2/320.
([14]) المناظرة على القرآن، ص50.
([15]) انظر الأشعري في المقالات 2/257.
([16]) رسالة السجزي إلى أهل زبيد في الرد على من أنكر الحرف والصوت (ص: 154)
([17]) رسالة السجزي إلى أهل زبيد في الرد على من أنكر الحرف والصوت (ص: 154)
([18]) بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية (4/405)
([19]) ذم الكلام 1315.
([20]) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (2/ 364)
([21]) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (2/ 385)
([22]) تكفير الأشاعرة، ص3.
([23]) تسيير سرية من اجتماع الجيوش الإسلامية، ص(39-40)
([24]) فضائح ونصائح،ص(266)
([25]) الكشف عن حقيقة الصوفية لأول مرة في التاريخ، ص5
([26]) الكشف عن حقيقة الصوفية لأول مرة في التاريخ، ص8.
([27]) الكشف عن حقيقة الصوفية لأول مرة في التاريخ، ص8.
([28]) الكشف عن حقيقة الصوفية لأول مرة في التاريخ، ص9.
([29]) فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: 3/ 141.
([30]) مجلة البحوث الإسلامية (9/ 171)
([31]) مؤلفات الفوزان، 24/88.
([32]) حسين بن غنام (روضة الأفكار) ص5.
([33]) الدرر السنية، 1/382.
([34]) الدرر السنية، 8/242.
([35]) (ديوان ابن سحمان) ص 191..
([36]) يقصد الشيعة، والخشبية نسبة إلى الخشب، وذلك لأنهم كانوا يرفضون القتال بالسيف ويقاتلون بالخشب، وذكر ابن حزم (الفصل 5/45) أن بعض الشيعة كانوا لا يستحلون حمل السلاح حتى يخرج الذي ينتظرونه.
([37]) منهاج السنة النبوية 1/ 22)
([38]) السنة لعبد الله بن أحمد: 2/549.
([39]) منهاج السنة النبوية: 1/ 24.
([40]) منهاج السنة النبوية 1/ 26)
([41]) اللالكائي في شرح السنة 8/1457..
([42]) شرح أصول اعتقاد أهل السنة 8/1457.
([43]) السنة للخلال 1/499.
([44]) شرح أصول اعتقاد أهل السنة 8/459.
([45]) خلق أفعال العباد (ضمن عقائد السلف) ص125.
([46]) شرح أصول اعتقاد أهل السنة 1/178.
([47]) نونيه القحطاني ص21 .
([48]) منهاج السنة 1/160.
([49]) منهاج السنة 1/161.
([50]) مجموع الفتاوى 28/482-483.
([51]) منهاج السنة 1/59.
([52]) المطلب الحميد لعبد الرحمن بن حسن ص 157.
([53]) مجموعة الرسائل النجدية 1/72.
([54]) كشف الشبهتين ص 60.
([55]) مجموع الفتاوى (28/499)
([56]) مجموع الفتاوى (7/481)
([57]) المغني (8/526)
([58]) الإباضية في ميزان أهل السنة والجماعة، ص37.
([59]) فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، فتوى رقم 6935.
([60]) السنة لعبد الله بن أحمد، 1/180.
([61]) السنة لعبد الله بن أحمد، 1/181.
([62]) السنة لعبد الله بن أحمد، 1/181.
([63]) السنة لعبد الله بن أحمد، 1/182.
([64]) السنة لعبد الله بن أحمد، 1/184.
([65]) السنة لعبد الله بن أحمد، 1/184.
([66]) السنة لعبد الله بن أحمد، 1/188.
([67]) السنة لعبد الله بن أحمد، 1/189.
([68]) السنة لعبد الله بن أحمد، 1/203.
([69]) السنة لعبد الله بن أحمد، 1/203.
([70]) الرواة الثقات المتكلم فيهم بما لايوجب ردهم ص 32.
([71]) الرواة الثقات المتكلم فيهم بما لايوجب ردهم ص 32.
([72]) الدرر السنية في الأجوبة النجدية (10/ 78)
([73]) الدرر السنية في الأجوبة النجدية (10/ 63)