ثالثا ـ التسليم

قام الحكيم الثالث بين الصفين، وقال: أجيبوني يا من لا تزالون تحملون سيوفكم.. هل يمكن أن تقوم العبودية.. وكل القيم الإيمانية والروحانية والإنسانية من غير اتباع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟
قالوا جميعا بصوت واحد: ذاك مستحيل..
قال أحدهم: يستحيل أن يخطو أحد خطوة واحدة في الطريق المستقيم، وهو يخالف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
قال آخر: لقد ذكر لله تعالى ذلك، فقال: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 31]
قال آخر: وذكر تعالى ذلك في الآية التي تليها، فقال: { قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} [آل عمران: 32]، فقد قرن طاعة لله بطاعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.. واعتبر التولي عنهما كفرا.
قال آخر: وذكر تعالى ذلك، فقال: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } [النساء: 65]، فالله تعالى يقسم في هذه الآية على أن أولئك الذين رغبوا عن التحاكم إلى الرسول، ومن ماثلهم من المنافقين، لا يؤمنون إيمانا حقا إلا إذا كملت لهم ثلاث خصال: أن يحكموا الرسول في القضايا الني يختصمون فيها، ولا يبين لهم فيها وجه الحق.. وألا يجدوا ضيقا وحرجا مما يحكم به، وأن تذعن نفوسهم لقضائه إذعانا تاما دون امتعاض من قبوله والعمل به، لأنه الحق وفيه الخير.. وأن ينقادوا ويسلموا لذلك الحكم، موقنين بصدق الرسول في حكمه، وبعصمته عن الخطأ.
قال الحكيم: شكرا لكم.. فأنتم معي إذن في أنه لا يمكن لأحد أن يشرب من نهر الحقيقة إلا إذا سقاه منها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم..
قالوا: أجل..
قال الحكيم: أجيبوني بعد هذا.. ما وجه علاقة المؤمن مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.. هل هي علاقة ند بند.. أم علاقة تابع بمتبوع؟
قال رجل من الحاضرين: بل هي علاقة تابع بمتبوع.. فمن ذا يمكنه أن يصل إلى ذلك المقام المحمود والدرجة الرفيعة التي أعطاها لله لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم؟
قال آخر: إن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هو (خاتم الأنبياء.. وهو الإمام الأعظم الذي لو وجد في أي عصر وجد لكان هو الواجب الطاعة المقدم على الأنبياء كلهم؛ ولهذا كان إمامهم ليلة الإسراء لما اجتمعوا ببيت المقدس، وكذلك هو الشفيع في يوم الحشر في إتيان الرب لفصل القضاء، وهو المقام المحمود الذي لا يليق إلا له، والذي يحيد عنه أولو العزم من الأنبياء والمرسلين، حتى تنتهي النوبة إليه، فيكون هو المخصوص به)([1])
قال آخر: لقد ذكر الله تعالى ذلك، فقال: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران: 81]، فالله تعالى يخبر في هذه الآية (أنه أخذ ميثاق كل نبي بعثه من لدن آدم، عليه السلام، إلى عيسى، عليه السلام، لمهما آتى الله أحدهم من كتاب وحكمة، وبلغ أي مبلغ، ثم جاءه رسول من بعده، ليؤمنن به ولينصرنه، ولا يمنعه ما هو فيه من العلم والنبوة من اتباع من بعث بعده ونصرته)([2])
قال آخر: وقد ورد في الحديث ما يؤكد ذلك، فقد روي أن بعض الصحابة جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يا رسول الله إنى مررت بأخ لى من بنى قريظة، فكتب لى جوامع من التوراة. ألا أعرضها عليك؟ فقال: فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال عبد الله: فقلت له: ألا ترى ما بوجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فقال: رضينا بالله ربا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد رسولاً. قال: فسرى عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم، ثم قال: (والذى نفس محمد بيده، لو أصبح فيكم موسى ثم اتبعتموه وتركتمونى لضللتم، أنتم حظى من الأمم، وأنا حظكم من النبيين)([3])
قال آخر: وورد في حديث آخر: (لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء، فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا، وإنكم إما أن تصدقوا بباطل، وإما أن تكذبوا بحق، وإنه والله، لو كان موسى حيا بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني)([4])
قال الحكيم: فأنتم متفقون على هذا إذن؟
سكتوا جميعا، فقال: أجيبوني بعد هذا.. ما تقولون في شخص يقر بأن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم رسوله ونبيه.. ولكنه في نفس الوقت يزعم أن لله تعالى أعطاه من الصلاحيات ما لم يعط رسوله؟
نهض أحدهم، وشهر سيفه، وقال: دلني عليه.. فوالله لأطعننه بسيفي هذا؟
قال الحكيم: هل توافقونه على هذا؟
قالوا جميعا: أجل.. فليس لمثل هذا إلا القتل.
قال الحكيم: ألا يدعوكم هذا إلى البحث في صلاحيات ووظائف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى لا تتجاوزونها؟
قالوا جميعا: بلى.. ونحن نفعل ذلك.
قال الحكيم: أرجو أن تكون الدعاوى مطابقة للأفعال.. هلم بنا نبحث فيما نص عليه القرآن الكريم من وظائف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لنرى هل أنتم ونحن نتبعه فيها.. أم أننا نضيف لأنفسنا من الوظائف ما لم يضفه لله لببيه صلى الله عليه وآله وسلم؟
قال أحدهم: كلامك صحيح.. ولكن هناك شيء ربما غاب عنك.. أو تعمدت إخفاءه.. وهوأن ذكر بعض الوظائف لا يعني التحديد أو التقييد.. فإذا وصفت شخصا ما بكونه معلما لا يعني هذا كونه معلما فقط.
قال الحكيم: صدقت.. ولهذا أحتاج إلى دليلين: الأول: هو بيان وظائف رسول لله صلى الله عليه وآله وسلم التي نص عليها القرآن الكيم.. وبيان الوظائف التي لم يكلف بها رسول لله.. فهل ترون هذا كافيا؟
قالوا: بلى..
قال الحكيم: إذن.. هيا ضعوا سيوفكم.. وافتحوا مصاحفكم، وانظروا فيما أقرؤه عليكم من القرآن لتروا وظائف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وتستنوا به في اتباعها.
قال رجل منهم: مصاحفنا في صدورنا.. أما سيوفنا فلن نضعها حتى نغمدها في صدور أعداء الله ورسوله.
قال الحكيم: ما دمتم تحفظون القرآن، فأجيبوني.. هل هناك آيات من القرآن الكريم تحدد وظائف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإخوانه من الرسل؟
قال رجل منهم: الآيات في ذلك كثيرة، ولي بحث مفصل فيها، ومنهاقوله تعالى: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 151]، وقد أكد ذلك قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } [الجمعة: 2]
قال الحكيم: فما الوظائف الني تنص عليها هاتين الآيتين الكريمتين؟
قال الرجل: أولها التزكية.. وهي تطهير نفوس الناس من كل الانحرفات العقدية والسلوكية.. وتظهير المجتمع من كل الموبقا ت والرذائل..
قال آخر: وثانيها تعليم الكتاب والحكمة، ليدركوا حقائق الأمور.. ويسيروا وفق ما تقتضيه..
قال الحكيم: فهل مارس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذه الوظائف؟
قال رجل من القوم: أجل.. وكيف لم يمارسها، وقد سخر حياته كلها لتحقيقها.. وقد ورد في الحديث عن جعفر بن أبي طالب لما سأله نجاشي الحبشة عن دعوته صلى الله عليه وآله وسلم: (أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسئ الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، وكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منا رسولا نعرف نسبه، وصدقه، وأمانته، وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كان يعبده آباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الأرحام، وحسن الجوار، والكف عن المحارم، والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنة وأن نعبد الله لا نشرك به شيئا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام)([5])
قال الحكيم: فهل حمل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سوطا أو عصا أو سيفا ليلزم الناس بما أمره الله به؟
قال رجل من القوم: كلا.. فرسول لله صلى الله عليه وآله وسلم أعظم من أن يفعل ذلك..
قال الحكيم: فهل كان له أن يفعل ذلك، وتركه.. أم أن الله نهاه عن ذلك؟
قال زجل من القوم: إن شئت الصدق.. فإن الله تعالى هو الذي نهاه عن ذلك.. وأخبره أنه ليس عليه إلا البلاغ.
قال الحكيم: وقد ورد ذلك في مواضع كثيرة من القرآن الكريم مكيه ومدنيه حتى لا يزعم أحد أنه من الآيات المنسوخة.. قال تعالى: {فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [آل عمران: 20]
وقال تعالى في سور المائدة، وهي من أواخر ما نزل من القرآن الكريم، وقدكان للسلمين قوة وشوكة: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [المائدة: 92]
وقبل ذلك قال تعالى في سور النحل المكية: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ } [النحل: 82]
رمى رجل من القوم سيفه، وقال: صدقت.. وقد قال تعالى في سورة الرعد يحدد وظيفة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بدقة: {وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ } [الرعد: 40]
إن هذه الآية الكريمة كافية في الدعوة إلى رفع الوصاية على الخلق في مسائل الإيمان والعبادة.. فالله تعالى أخبر أشرف خلقه وأكرمهم عليه أنه ليس عليه إلا البلاغ.. أما الحساب، فيتولاه الله تعالى.
لكنا نحن.. ولتعدينا حدودنا.. خالفنا أوامر الله فادعينا أننا نبلغ ونحاسب ونعاقب ونعذب ونذبح ونفعل كل الموبقات..
لقد نفخ فينا المشايخ الذين ابتعدوا عن هدي القرآن الكريم هذا المعنى حين كانوا يرددون بيننا كل حين فتاوى القتل والذبح التي مارسها الطغاة باسم الإسلام..
أذكر جيدا أن بعضهم حكى لنا ما فعله الظالم المستبد خالد القسري الذي كان واليا علي العراق لهشام بن عبدالملك، الذي ذبح الجعد بن درهم بعد أن خرج به إلي مصلي العيد بوثاقه ثم خطب الناس وقال: (أيها الناس! ضحوا، تقبل الله ضحاياكم، فإني مضح بالجعد بن درهم، إنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا، ولم يكلم موسي تكليما)([6])، ثم نزل وذبحه.
ثم أثنى على سلوكه هذا فقال معقبا على ثناء ابن تيمية عليه: (جزاه الله خيرا، فالناس يضحون بالغنم والشاة والمعز والبعير والبقر.. وهذا ضحي بشر منها، فإنه شر من الإبل والغنم والحمير والخنازير، لأن الله يقول: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} [البينة: 6]، ويقول: {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} [الفرقان: 44]، وإني أسأل الآن: البعير عن سبع، والبقر عن سبع، وهذا الرجل عن كم.. عن آلاف آلاف وقي الله شرا كبيرا، لكن بعض الناس _ والعياذ بالله_ يقولون إن هذا العمل من خالد بن عبد الله القسري ليس دينا، ولكنه سياسي، ونقول لهم هذا كذب، لأن الرجل صرح أمام الناس أنه قتله من أجل هذه البدعة)([7])
رمى آخر سيفه، وقال: صدقت يا أخي، وأعتذر لكل من رفعت سيفي في وجوههم.. لقد سمعت لتوي قوله تعالى: { فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (22) إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (23) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ (24) إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ (26) } [الغاشية: 21-26]، فالله تعالى في هذه الآيات الكريمة يحدد وظائف رسول لله صلى الله عليه وآله وسلم بدقة.. وأن أمر عباد الله بيد الله، لا بيد أحد من خلقه.
رمى آخر سيفه، وقال: أليس هذا هو الشرك الذي كانوا يحذروننا منه كل حين.. إنهم يريدون منا أن نتولى أمرا هو لله، وليس لنا.. فالهداية من الله، والجزاء لله، قال تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [القصص: 56]، فالله تعالى يقول لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم في هذه الآية: (إنك لا تستطيع هداية من أحببت أنت هدايته، وليس ذلك إليك، وإنما أنت رسول عليك البلاغ، والله يهدي من يشاء، والله أعلم بمن اهتدى، وبمن ضل سواء السبيل).. لكنا نحن تصورنا أننا بسيوفنا ورماحنا نستطيع أن نغرس الهداية في قلوب الناس.
رمى آخر سيفه، وقال: بورك فيك أيها
الحكيم.. وبورك فيكم جميعا.. لقد ذكرتموني بآيات كثيرة يخبرنا الله تعالى فيها أنه
وحده من يحكم بين عباده فيما اختلفوا فيه، وأن ذلك مؤجل إلى الآخر.. كما قال
تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ
النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ
كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ
بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [البقرة:
113]
([1]) تفسير ابن كثير (2/ 68)
([2]) تفسير ابن كثير (2/ 67)
([3]) روه أحمد: 4/265.
([4]) أحمد 3/338.
([5]) أحمد 1/201 (1740).
([6]) البخاري في (خلق أفعال العباد) ص 69.
([7]) هذا الكلام للشيخ محمد بن صالح العثيمين في شرح العقيدة الواسطية.