مقدمة

مقدمة

تعتبر المسائل المرتبطة بحقيقة الموت، والمصير الإنساني بعده من أهم المسائل التي لا يمكن لأي عقل من العقول ألا يهتم بها، ذلك أنها تعطي لوجود الإنسان على هذه الأرض أبعادا جديدة لم يكن ليتصورها لولا ذلك الاعتقاد.

والوجوديون والملاحدة الذين يشاغبون بكونهم لا يهتمون إلا بوجودهم على هذه الأرض، وحياتهم فيها، واستثمارهم لكل لحظة، ويضحكون ساخرين من المؤمنين عند ذكرهم للموت وما بعده، يكذبون على أنفسهم، ذلك أنهم في قرارة نفوسهم لا يختلفون عن سائر الناس في شعورهم بالشوق للخلود والحياة الأبدية، ويتمنون لو يدوم ما هم فيه من نعيم.. ويرون أن أكبر المنغصات حلول الموت بهم، أو بمن يحبونه.

ولذلك نراهم يبذلون أموالا كثيرة لمراكز الأبحاث رجاء أن تزيد في شبابهم سنوات معدودة، أو تطيل من أعمارهم، أو تقضي على الأمراض التي تصيبهم.. وكل ذلك لأجل سنوات محدودة لا تساوي مع الخلود شيئا.

وفوق ذلك نراهم لا يشعرون بأي سعادة عندما يمارسون تلك الحياة اللاهية التي يتصورون أنهم يفرون بها من الموت، أو أنهم يهزمون بها الموت، لأن الموت دائما يتعقبهم ويمر على خيالهم، ولهذا يحزنون لكل شعرة تشيب، أو لكل مرض ينزل، أو لكل مصيبة تحل.

وهكذا تمر حياتهم مليئة بالتشاؤم واليأس الذي عبر عنه [شوبنهاور] فيلسوف التشاؤم المعروف بقوله: (حياة الإنسان كلها ليست إلا نضالا مستميتا من أجل البقاء على قيد الحياة مع يقينه الكامل بأنه سيهزم في النهاية).. وقوله: (ينبغي أن ندمر في داخلنا، وبكل الأشكال الممكنة، إرادة الحياة، أو الرغبة في الحياة، أو حب الحياة).. وقوله: (يُقال أن السماء تحاسبنا بعد الموت على ما فعلنا في الحياة الدنيا.. وأنا أظن أنه بإمكاننا أن نحاسبها أولًا عن المزحة الثقيلة للوجود الذي فُرض علينا من دون أن نعلم لماذا؟ وإلى أي هدف؟)

ومثله قال عالم الأعصاب، والمحلل النفسي النمساوي (فكتور فرنكل): (للكثير من الناس اليوم وسائل للحياة، غير أنهم يفتقدون معنى يعيشون لأجله)([1])

ولهذا نجدهم يلتمسون كل الوسائل والأساليب للاحتيال على أنفسهم، لتظفر ببدائل جديدة عن المعاد الذي يعتقده المؤمنون، وقد قال بعضهم معبرا عن تلك البدائل: (رغم هذا فإنني أعتبر الحياة (رغم عبثيتها) مقدّسة جدا. فنحن الملحدين على يقين بأننا نحظى بفرصة واحدة فقط للحياة – فرصة واحدة لا غير. فلا حياة أخرى ولا بعث أرواح ولا جنة ولا نار وما إلى ذلك. الحياة مباراة من جولة واحدة، لذا فمن المؤسف جدا أن يبعثرها المرء أو يضيعها سدى.. لذا، فلإعطاء هذه القدسية حقها الكامل، على المرء أن يستغل فترة وعيه الوجيزة جدا ككائن حي إلى أبعد الحدود. ثقـّف نفسك وعلـّمها، عزيزي القارئ، ليتسنى لك رؤية عجائب هذا الكون لما هي عليه فعلا، بمنأى عن ضباب الفكر الديني. إسبح في المحيط الهندي.. راقب غروب الشمس في وادي رم.. دغدغ رضيعا.. تسلق شجرة أو جبل.. تعلـّم حرفة يدوية كالنجارة أو الفخارة.. إشتر منظارا ودليل فضاء وفلك للمبتدئين وتمعن في أعماق الكون وابحث عن كواكبه ومجراته.. كن سببا لتحسين حياة غيرك من الناس الأقل حظا واكتسب من عملك هذا المتعة والرضا، فهناك الكثير من البشر الذين يعيشون في ظروف من السوء لا توصف، ويكسبون في أسبوع ما قد تكسبه أنت في ساعة (هذا إن كانوا يكسبون شيئا أصلا).. تبرع بالدم بين الحين والآخر إن كانت صحتك تسمح.. إدعم ميتما أو داراً للعجزة.. إلخ)([2])

هذا هو العزاء الذي ذكره هذا الملحد، وذكره قبله وبعده الكثير من الملاحدة، وهو لا يختلف عن تلك المسكنات والمخدرات التي يهرب بها صاحبها عن الحقيقة المرة التي يعيشها.

وهذا العزاء الذي ذكره لا يمكن أبدا أن ينسجم مع كل الناس، ولا مع كل العقول، بل هو خاص فقط بطبقة محدودة من أصحاب الأموال الذين يمكنهم أن يمارسوا ما يشتهون حتى يشعروا بالعزاء، أما أولئك المستضعفين الفقراء، والذين تشكل الحياة عبئا كبيرا عليهم؛ فإن تلك العزاءات لن تفعل لهم شيئا، فالحياة عندهم مجموعة آلام..

ولذلك لا يستطيع الإلحاد أن ينقذهم من آلامهم، بل الوحيد الذي ينقذهم منها هو الإيمان، ولهذا نجد الملاحدة، ولأتفه الأسباب ينهارون، وينتحرون، لأن الحياة عندهم لا معنى لها، ولذلك لا معنى لتحمل العذاب فيها.

في مقابل هؤلاء نجد المؤمنين بالمعاد، وبالحياة بعد الموت، وبالمصير الجميل الذي ينتظرهم نراهم ينظرون إلى الحياة بصورة مختلفة تماما، ذلك أن الموت في أعينهم ليس نهاية الرحلة، بل هو بداية لها.. والقبر في أعينهم ليس محلا للظلمات الأبدية المطبقة، وإنما هو محل للسعادة أو الشقاء.

ولذلك تجدهم يستعملون كل الوسائل ليظفروا بتلك السعادة المخزّنة لهم في دار المعاد، والتي لم تستطع هذه الدنيا، بجميع ما فيها تلبيتها لهم.

وهكذا كان الإيمان بالمعاد مدرسة تربوية ونفسية كبيرة تهيئهم ليسيروا نحول الكمال الذي هيئ لهم.. فلا يمكن لشخص أن يسير نحو الكمال، وهو يعتقد أن رحلته في الحياة تنتهي بموته.

ولهذا نرى الأديان والفلسفات والمدارس التربوية المختلفة تهتم بالمعاد والحياة بعد الموت، وترى أنها من أهم القضايا التي لا يمكن الاستهانة بها، بل لا يمكن تشكيل منظومة تربوية كاملة من دونها.

وعلى رأس هذه المصادر التي اهتمت بهذه المسائل اهتماما عظيما، القرآن الكريم الذي يذكره في كل محل، ويربطه دائما بالإيمان بالله، ذلك أن الإيمان بالله وحده، ليس له مفعول كبير عند أكثر الناس، ما لم يقترن به الإيمان باليوم الآخر.

فاليوم الآخر دليل على الرحمة والعدالة والقدرة والحكمة الإلهية، وهو أكبر ما يرد على نظرية الشر التي يعتبرها الملاحدة المعضلة الكبرى التي تحول بينهم وبين الإيمان بالله.

فعندما يوقن المؤمن أنه سينال بعد الموت جزاء كل ألم أصابه، وأجر كل جهد بذله، وأن كل من أصابه بأذى سينال عقابه الذي لم ينله في الدنيا، سيشعر بالراحة، وسيهون عليه الألم، وسيقبل على جميع المكارم ينهل منها، ويضحي في سبيلها بكل راحته ولذاته.. وهو ما يساهم في رفعه إلى المقامات العليا من سلم الأخلاق والقيم النبيلة.

ولهذا نرى القرآن الكريم يجعل المواعظ وتأثيرها محصورة في المؤمنين بالله واليوم الآخر، كما قال تعالى: {ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [الطلاق: 2]، وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا الله وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِالله وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59]

وهكذا يقرن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين الإيمان بالله واليوم الآخر، وكل السلوكات الطيبة، ومن الأمثلة على ذلك قوله: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليكرم ضيفه)([3])، وقوله: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره. ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه. ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليسكت)([4])

وغيرها من الأحاديث الكثيرة التي تبين أنه لا يمكن أن تتحقق للإنسان أي دافعية للعمل الصالح، أو بذل الجهد والتضحية في سبيله ما لم يمتلئ قناعة وإيمانا باليوم الآخر.

بالإضافة إلى ذلك، فإن فاقد هذا الإيمان لن يتميز بأي شيء آخر عن المؤمن به، فلا هو يسعد في حياته الدنيا سعادة زائدة، ولا هو يتخلى عن الآلام التي تصيب المؤمن بالله، لأن الآلام تصيبهم وتصيب البشر جميعا، ولكنها تُهون للمؤمن نتيجة إيمانه وتعظم للكافر نتيجة جحوده، ولهذا أخبر الله تعالى أن تنعم الإنسان في الآخرة لن يحول بينه وبين التنعم في الدنيا، كما قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل:97]

وفي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (عجبا لأمر المؤمن! إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرا له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن)([5])

ولهذا نرى المدافعين عن الإيمان بالله واليوم الآخر يوردون على الجاحدين بها ذلك الرهان الذي عبر عنه أبو العلاء المعري بقوله:

زعم المنجم والطبيب كلاهما

  لا تبعث الأجساد قلت: إليكما

إن صح قولكما فلست بخاسر

  أو صح قولي فالخسار عليكما

وعبر عنه آخر بقوله: (قال الملحد للمؤمن: ما موقفك اذا مت ولم تجد الجنة! فرد المؤمن: لن يكون اسوأ من موقفك اذا مت ووجدت النار!)

وعبر عنه مصطفى محمود في حواره مع صديقه الملحد، والذي ذكر أنه قال له ساخرا: (ماذا يكون الحال لو اخطأت حساباتك، وانتهيت بعد عمر طويل إلى موت وتراب ليس بعده شيء؟)، فأجابه مصطفى محمود بقوله: (لن أكون قد خسرت شيئا.. ولكنكم أنتم سوف تخسرون كثيرا لو أصابت حساباتي وصدقت توقعاتي.. وإنها لصادقة.. سوف تكون مفاجئة هائلة يا صاحبي)([6])

وعبر عنه ـ قبل ذلك كله ـ الإمام الصادق مع بعض الملاحدة، حيث قال مخاطبا له: (إن يكن الأمر على ما يقول هؤلاء وهو على ما يقولون، يعني المؤمنين، فقد سلموا وعطبتم وإن يكن الأمر على ما تقولون وليس كما تقولون فقد استويتم وهم)، فقيل له: وأي شي‏ء نقول وأي شي‏ء يقولون ما قولي وقولهم إلا واحد؟ فقال: (وكيف يكون قولك وقولهم واحدا، وهم يقولون إن لهم معادا وثوابا وعقابا ويدينون بأن في السماء إلها وأنها عمران، وأنتم تزعمون أن السماء خراب ليس فيها أحد..)([7])

وهو ما يعرف الآن باسم [رهان باسكال]، وهو الرهان الذي استعمله الفيزيائي والرياضي والفيلسوف الفرنسي بليز باسكال (1623- 1662) والذي يمكن صياغته على الشكل التالي([8]):

1- إن آمنتَ بالله وكان الله موجوداً، فسيكون جزاؤك الخلود في الجنة، وهذا ربح لامحدود.

2- إن لم تؤمن بالله وكان الله موجوداً، فسيكون جزاؤك الخلود في جهنم، وهذه خسارة لامحدودة.

3- إن آمنتَ بالله وكان الله غير موجود، فلن تُجزى على ذلك، وهذه خسارة محدودة.

4- إن لم تؤمن بالله وكان الله غير موجود، فلن تُعاقب لكنك ستكون قد عشت حياتك، وهذا ربح محدود.

بناء على هذه الدوافع العلمية والتربوية، نحاول في هذا الكتاب خطاب العقل الإنساني بما يعرفه من مصادر وأساليب للاستدلال، ليتحول الإيمان عنده وفيه بهذا العالم من مجرد احتمال بسيط أو عادي إلى حقيقة كبرى، لا يدل عليها الدين فقط، بل يدل عليها العقل أيضا.

وهو ما يجعل من ذلك الإيمان مؤثرا ومحركا في الحياة، لأن سبب التأثير المحدود لحقائق المعاد لا يعود إلى ذاتها، وإنما يعود إلى ذلك القصور في معرفتها، أو معرفة براهينها، وهذا هو الواقع للأسف؛ فأكثر الناس يحملون إيمانا جمليا تقليديا غير مؤيد بالبراهين الكافية، ولذلك لم يعد لإيمانهم ذلك التأثير الكبير المرتبط به.

وقد زاد في الانصراف عن الاهتمام بهذا النوع من المسائل مع أهميتها ذلك التوظيف الخاطئ الذي قام به المتطرفون والإرهابيون عندما راحوا يستثمرون ما يرتبط بهذا الجانب في الدعوة للعنف والتطرف.

ولذلك دعانا كل هذا إلى الاهتمام بهذه المسألة، وطرحها بطريقة ينسجم فيها العقل مع النقل، والحقائق مع القيم.

وقد ذكر الغزالي في نتائج بحثه عن سر الغرور والابتعاد عن الدين ذلك الموقف المعادي لمسائل المعاد، فقال ـ عند ذكره لغرور الكفار ـ: (فأول ما نبدأ به غرور الكافر، وهو قسمان: منهم من غرته الحياة الدنيا.. ومنهم من غره بالله الغرور.. أما الذين غرتهم الحياة الدنيا وهم الذين قالوا: النقد خير من النسيئة.. ولذات الدنيا يقين.. ولذات الآخرة شك.. ولا يترك اليقين بالشك)([9])

ثم بين وجه فساد هذا الدليل، فقال: (وهذا قياس فاسد.. وهو قياس إبليس لعنه الله تعالى فى قوله: أنا خير منه.. فظن أن الخيرية فى النسب.. وعلاج هذا الغرور شيئان: إما بتصديق وهو الإيمان.. وإما ببرهان.. أما التصديق فهو أن يصدق الله تعالى فى قوله { وَمَا عِنْدَ الله خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [القصص: 60].. وتصديق الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فيما جاء به..وأما البرهان: وهو أن يعرف وجه فساد قياسه.. أن قوله: الدنيا نقد والآخرة نسيئة مقدمة صحيحة وأما قوله: النقد خير من النسيئة. فهو محل التلبيس) ([10])

بناء على هذا كله قسمنا الكتاب بحسب المراحل التي يمر بها الإنسان بعد الموت، والتي وردت بها النصوص المقدسة، ودل عليها العقل، إلى خمسة فصول:

تناولنا في الفصل الأول: الموت والنشآت الإنسانية، وحاولنا أن نبرهن فيه بالأدلة الدينية والعقلية والعلمية الكثيرة على أن الموت ليس سوى مرحلة من مراحل الإنسان، وليس عدما، ولا فناء.

وتناولنا في الفصل الثاني: البرزخ وانكشاف الحقائق، وبينا فيه ما ورد في النصوص المقدسة من حقائق ترتبط بهذه المرحلة التي يكتشف فيها الإنسان الكثير من الحقائق الغيبية، ويتعذب بذلك، أو يتنعم به.

وتناولنا في الفصل الثالث: المعاد.. وتجليات العدالة، وبينا فيه الأحداث المرتبطة بالحشر والنشر والحساب والموازين والسراط وغيرها من التي ورد في النصوص ذكر تفاصيلها، مع بيان علاقتها بصفات الله التي دل عليها العقل والنقل، وخاصة العدالة التي تتجلى في ذلك الموقف بأكمل صورها.

وتناولنا في الفصل الرابع: الجزاء الإلهي.. وتجليات العدالة والرحمة، وذكرنا فيه ما ورد في النصوص المقدسة من أنواع الفضل الإلهي لأهل الجنة، وأنواع العقوبات الإلهية لأهل النار، وعلاقة ذلك كله بالعمل والسلوك، ليكون الفضل الإلهي دافعا للعمل، لا للكسل، فكلما ورد ذكر الجنة في القرآن الكريم ذكر معه العمل الصالح، ولذلك لا يصح أن يُذكر النعيم مجردا عن الأعمال المرتبطة به، كما لا يصح لأحد في الدنيا أن يذكر فضل سلعة دون أن يذكر الثمن الذي تباع به.

وهكذا ذكرنا فيه ما ورد في النصوص المقدسة من أنواع العقوبات الإلهية، والأعمال المرتبطة بها، مثلما نرى في قوانين العقوبات الدنيوية من ربط كل جريمة بالعقوبة المناسبة لها.

وننبه إلى أننا حاولنا الرجوع لجميع المصادر المقدسة الإسلامية وغير الإسلامية، باعتبارها جميعا تتفق على الإيمان بما بعد الموت، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِالله وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } [البقرة: 62]، وقال: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِالله وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } [المائدة: 69]

وهكذا رجعنا في الاستدلالات العقلية لكل المدارس الفلسفية والكلامية وغيرها، من المسلمين وغير المسلمين، لأن الحكمة ضالة المؤمن، أين وجدها، فهو أحق بها.


([1]) انظر هذه النصوص وغيرها في كتابي [كيف تناظر ملحدا]، ص380.

([2]) انظر: الإلحاد ومعنى الحياة، ليث البرزنجي، الحوار المتمدن-العدد: 1164 – 2005 / 4 / 11 – 11:15.

([3]) البخاري [فتح الباري] 10 (6146)، ومسلم (47) واللفظ له.

([4]) مسلم (48)

([5]) رواه مسلم (8/ 227)

([6]) حوار مع صديقي الملحد، ص85.

([7]) الكافي، ج1 ص74..

([8]) انظر: الصراط المستقيم في الحجج والبراهين: رهان باسكال، آية الله السيد مرتضى الشيرازي، شبكة النبأ.

([9]) أصناف المغرورين (ص: 25)

([10]) المرجع السابق، (ص: 25)

د. نور الدين أبو لحية

كاتب، وأستاذ جامعي، له أكثر من مائة كتاب في المجالات الفكرية المختلفة، وهو مهتم خصوصا بمواجهة الفكر المتطرف والعنف والإرهاب، بالإضافة لدعوته لتنقيح التراث، والتقارب بين المذاهب الإسلامية.. وهو من دعاة التواصل الإنساني والحضاري بين الأمم والشعوب.. وقد صاغ كتاباته بطرق مختلفة تنوعت بين العلمية والأكاديمية والأدبية.

You may also like...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *