لينين

لينين

تركنا أتاتورك منشغلا بثيابه وقبعته يريد تمزيقها، وسرنا قليلا، فلمحنا رجلا أشبه بتمثال.. ولكنه تمثال مقيد بقيود كثيرة.. لا يتحرك منه إلا لسانه.. وفوق هذا كانت النيران تحيط به.. فيحمر الطين الذي صنع منه تمثاله كما يحمر الفخار إن قرب من النار.

امتلأت رعبا من هذا المشهد، فسألت صاحبي عنه، فقال: هذا مثال المستبد الذي لم ينشغل في حياته إلا بصناعة تماثيله.. ولم يقدم لرعيته إلا صنم ذاته ليعبدوه، ويسجدوا له.

قلت: كلهم يفعلون هذا.. فمن هو من بينهم؟

قال: هذا الذي أراد أن يزاحم الله..

قلت: كل المستبدين أرادوا أن يزاحموا الله.

قال: أما هذا.. فصرح في الوقت الذي لمحوا.. وأبان في الوقت الذي أخفوا..

قلت: فمن هو؟.. لقد شوقتني إلى معرفته..

قال: هو أشخاص كثيرون.. لكنهم اجتمعوا في هذا.. وقد أذن له أن يحدثك.. فسله ما بدا لك.

اقتربت منه.. وقلبي يرتجف رعبا، وقلت: من أنت؟

قال: أنا لينين.. وكنت أسمى حيام غولدمان.. ولدت في أبريل سنة 1870م من أب يهودي ألماني اسمه (ايلكوسرول غولدمان).. أما أمي فيهودية اسمها (صوفيا غولدمان).. وقد عرفت فيما بعد باسم (فلاديمير ايليتش أوليانوف).

بدأ أمري بعدما أعدم أخي (الكسندر أوليانوف) في تهمة اغتيال امبراطور روسيا سنة (1881م) (اسكندر الثاني)، وقد كان لإعدامه أعمق الأثر في نفسي، مما جعلني أفكر بالإنتقام من الشعب الروسي، بل من كل البشر.. الانتقام هو بداية أمري.

سكت قليلا، واسترجع أنفاسه، ثم قال: نفيت أكثر من مرة.. وأخيرا استقر بي المقام في سويسرا مع سبعة من اليهود.. وقمنا للتخطيط للثورة في روسيا.

أخرجنا حينها مجلة اسمها (إسكرا) أي (الشرارة)، وكانت زوجتي اليهودية المتعصبة (تروبسكايا) هي سكرتيرة التحرير، وكانت الأموال تغدق علينا من (جاكوب شيف) المليونير اليهودي صاحب شركة (كوهين لوب) في نيويورك.. وكانت هذه الشركة إحدى الشركات الكبرى للبارون اليهودي (هيريش) فولاها (جاكوب شيف).

لقد كنا نخطط ـ حسب النظرية الشيوعية ـ لقيام الثورة في بريطانيا، ولأجل ذلك تسللنا إلى المناصب الكبرى في بريطانيا، ولكن الأمر تغير بعد إعلان البيان الشيوعي سنة (1848م).

وفي سنة (1897م) عقد هرتزل مؤتمر بال للمنظمات الصهيونية العالمية، وكان التأكيد على إقامة الثورة البلشفية في روسيا، أحد بنود مقررات صهيون التي انبثقت عن هذا المؤتمر.

ثم حدث حادث جلل، لقد قمنا باغتيال الإمبراطور الإسكندر الثاني سنة (1881م).. فاندفع الشعب الروسي يعمل فينا تقتيلا وتشريدا، وأقاموا لنا مجازر كثيرة، فصممنا على الانتقام من الشعب الروسي.

قلت: فبداية الاستبداد كانت انتقاما إذن.

قال: أجل.. ألم تسمع من معلمك بأن الصراع يبدأ من النفوس.

قلت: أجل.. لقد قال لي 🙁 يستحيل على من يعيش الحروب في الداخل أن يصنع السلام في الخارج، فالخارج صدى الداخل، وكتاب الباطن يقرؤه لسان الظاهر، وكل إناء بما فيه يرشح)

قال: لقد كنا نمتلئ حقدا.. أرأيت المرجل التي اشتعلت حولها النيران؟

قلت: إن النيران كلما كثرت من حولها كلما ازدادا غليانها.

قال: فقد أوقد على مراجلنا آلاف السنين.

قلت: ماذا تقصد؟.. أثورتكم بدأت منذ آلاف السنين؟

قال: أجل.. لقد بدأت مع ما كان يكيله لنا فرعون من أصناف العذاب.

قلت: لست أفهم عنك.

قال: ما بالك؟.. ألا تعقل؟

قلت: ما أعقل؟

قال: ألست تراني يهوديا.. وكل من حولي من اليهود.

قلت: لا حظت ذلك.. ولكنك لم تبق يهوديا منذ تبنيت الشيوعية.. ألم يكن كارل ماركس يردد 🙁 الدين أفيون الشعوب)، ويردد معها: (إن الله لم يخلق الجنس البشري، بل الإنسان هو الذي خلق الله)

ألم يكن ستالين يقول: (يجب أن يكون مفهوما أن الدين خرافة، وأن فكرة الله خرافة، وأن الإلحاد مذهبنا)

ألم تسمع ما تقول برافدا السوفييتية 🙁 نحن نؤمن بثلاثة: ماركس ولينين وستالين، ونكفر بثلاثة: الله، الدين، الملكية الخاصة)([1])

إن الشيوعيين ـ حتى يومنا هذا ـ لا يزالون يصدرون الكتب والمعاجم التي تؤكد نظرة زعمائهم السابقين، ففي سنة (1967م) صدر المعجم الفلسفي في موسكو يردد نفس العبارة (الدين أفيون الشعوب)، وقد ورد فيه 🙁 الإسلام يبرر الظلم الإجتماعي، ويصد الناس عن الكفاح الثوري، ويدفعهم إلى انتظار بليد للسعادة في الآخرة)([2])

 قال: بلى.. لقد سمعت كل هذا.. بل قد كنت أقول 🙁 الدين خرافة وجهل)، وفي المؤتمر الثالث للشباب قلت: (إننا لا نؤمن بإله، ونحن نعرف كل المعرفة أن أرباب الكنيسة والإقطاعيين والبرجوازيين لا يخاطبوننا باسم الإله الا استغلالا)

ومع ذلك، فقد كان موقفنا مختلفا مع اليهودية.. فالثورة البلشفية، التي كنا سدنتها اعتبرت اليهود شعبا مظلوما يحتاج إلى دينه ليستعيد حقوقه المغتصبة!!

لقد كنا نتعامل مع العالم خلاف ما نتعامل به مع أنفسنا، ألم تقرأ ما جاء في قرار بني بيرث (أبناء العهد اليهودية) سنة (1939م)، لقد جاء فيه بالحرف الواحد 🙁 لقد نشرنا روح الثورية التحررية الكاذبة بين شعوب الغير، لإقناعهم بالتخلي عن أديانهم بل بالشعور بالخجل من الإعلان عن تعاليم هذه الأديان، ونجحنا في إقناع كثيرين بالإعلان جهارا عن إلحادهم الكلي وعدم الإيمان بخالق البتة، وأغويناهم بالتفاخر بكونهم أحفاد القرود، ثم قدمنا لهم عقائد يستحيل عليهم سبر أغوارها الحقيقية; كالشيوعية والفوضوية التي تخدم مصالحنا وأهدافنا)([3])

وقد كنت أقول 🙁 إن الدين أفيون الشعوب، ولكن المحافظة على الدين اليهودي أمر ضروري لحياة الشعب اليهودي المختار حتى ينالوا حقوقهم، لأنه لا يجمع بين إسرائيل إلا الدين)

قلت: لقد كان مقتل الإمبراطور الإسكندر الثاني سببا في تغيير موقفكم من المحل الذي تبدأون منه الثورة.

قال: ليس ذلك وحده هو السبب، فهناك أسباب أخرى.. منها أنه كانت لنا ـ معشر يهود ـ دولة..

قلت: في فلسطين..

قال: لا.. في روسيا.. لقد كانت لنا دولة قرب بحر الخزر بين القرن التاسع والعاشر الميلادي، إلا أن روسيا حطمتها، وضمت قسما كبيرا من اليهود داخل أرضها، ولذا فالعداء قديم بين اليهود والروس.

ألا تعلم أن تسعة أعشار اليهود في العالم من يهود الخزر؟

قلت: الخزر.. أين تقع؟.. لا أعرف أن لهذه الكلمة محلا في خرائط الجغرافية.

قال: أجل.. لقد تعمدنا طمسها من الخرائط الجغرافية، وأبدلناها ببحر قزوين، ولم نكتف بذلك، بل مسحنا لفظ خزر من المعاجم الأوروبية.

قلت: لم.. أتستنكرون الوطن الذي ضمكم؟

قال: لا.. لقد فعلنا ذلك لغاية أعظم.. لقد أردنا أن يجهل العالم منشأنا.. أردنا أن نثبت للعالم أننا بنو إسرائيل، وأننا طردنا من أرض الميعاد في فلسطين وأنه يحق لنا أن نعود إليها([4]).

قلت: أهذه هي أسباب اختياركم روسيا؟

قال: ليس هذا فقط.. لقد كان عدد اليهود كثيرا في روسيا، إذ أن عددنا عند الثورة بلغ حوالي سبعة ملايين (000ر649ر6) وخاصة في مدينة بطرسبيرغ، والتي سميناها فيما بعد (لينين جراد).. والتي كانت فوهة بركان الثورة.

بالإضافة إلى هذا فقر الشعب الروسي..

قلت: وما علاقة الفقر بالثورة؟

قال: الفقر هو البذرة التي تنبت الثورة.. لقد استثمرنا الكثير من أموال اليهود الأثرياء في إنتاج الثورة.. لقد رصد اليهود الأغنياء الخمسة ( شبسو وليفي وشيف ورون ومونيمر) ألف مليون دولار للثورة، وأعدوا مليون يهودي وقودا للثورة([5]).

وفي سنة (1905م) أقام يهود بطرسبيرغ ثورة على القيصر، ومع أن الثورة فشلت، إلا أنها اضطرت القيصر أن يعطي قسطا من الحرية للناس، وأن يعفو عن كثير من المنفيين والسجناء السياسيين الذين عادوا إلى روسيا ليخططوا لثورة قادمة ناجحة، ورفعت هذه الثورة تروتسكي، الذي أصبح أحد أركان الثورة البلشفية سنة (1917م).

وقد أفادت الحرب العالمية الأولى الثورة، فقد كانت قوات القيصر المنظمة في الجيش مليونا ونصف المليون من الجنود المحترفين المدربين المخلصين للإمبراطور، بدأت هذه القوات تهلك إبان الحرب، فقد بلغت خسائر الإمبراطورية في الشهور العشر الأولى للحرب ثلاثة ملايين وثمانمائة ألف، بمعدل ثلاثمائة ألف مقاتل يموتون للشهر الواحد، مما اضطر الإمبراطورية أن تجند ثمانية عشر مليون جلهم من الفلاحين الذين لا يعتمد عليهم سياسيا، وكانوا فريسة سهلة لنا.

لقد كان هؤلاء الفلاحون عماد الثورة البلشفية فيما بعد ووقودها، ثم لقوا مصيرهم في جحيم البلشفية.

قلت: حدثني كيف قامت هذه الثورة؟

قال: دخلت روسيا، ومعي (224) ثائرا من ثوار البولشفيك، منهم (170) يهوديا.. وكان تروتسكي ينتظرنا داخل حدود روسيا مع آلاف اليهود الفارين من الجيش الروسي، بالإضافة إلى التنظيمات الطلابية التي قمنا يتنظيمها من قبل.

وفي (7) تشرين الأول سنة (1917م)، أقمنا الثورة البلشفية العظيمة، وسقطت روسيا ضحية لها.

وحينها وجهنا بيانا إلى رؤساء مقاطعات الإتحاد اليهودي الدولي، لا أزال أذكره جيدا، لقد قلنا فيه 🙁 أيها اليهود، لقد قربت ساعة انتصارنا التام، ونحن الآن- عشية اليوم – قد تسلمنا قيادة العالم، لقد استولينا على الحكم في روسيا.. لقد كان الروس سادتنا فأصبحوا عبيدنا)([6])

وفي الأسبوع الأول للثورة أصدرنا قرارا ذا شقين بحق اليهود.. قلنا في الشق الأول 🙁 يعتبر عداء اليهود عداء للجنس السامي يعاقب عليه قانونيا)، وقلنا في الثاني 🙁 الاعتراف بحق اليهود في أنشاء وطن قومي في فلسطين)([7])

قلت: لقد خططتم للثورة.. ولكنها خرجت بعد ذلك من أيديكم.

قال: فمن تسلمها؟

قلت: الروس..

قال: أنت لا تقرأ التاريخ.. لقد ظللنا ندير دفتها، كما ندير دفة العالم إلى آخر لحظة.. ألم تقرأ ما كتبت الكاتبة السوفياتية (نينا اليكسيفا) سنة (1965م).. لقد كتبت تقول 🙁 عدد اليهود في الإتحاد السوفيتي لا يزيد عن واحد في المائة، ولكنهم يمثلون ستين في المائة من هيئة التدريس في المعاهد العليا والجامعات، وثمانين في المائة من مسؤولية التوجيه العقائدي في الحزب والسياسة الخارجية، وان نائب رئيس الوزراء ورئيس المجلس الاقتصادي في السوفيات يهودي)([8])

وقد نشرت اللوموند الفرنسية في (20) إبريل (1971م) تقول 🙁 إن القيادة الإستراتيجية للقيادة المسلحة السوفياتية في أيدي اليهود)

قلت: كيف تقول هذا؟.. ألستم الذين أمددتم بني جلدتي بالسلام من أجل القضاء على دولتكم التي أسستموها على أنقاض المستضعفين؟

ضحك، وقال: إلى متى يستمر غباؤكم.. ألم تقرأ ما صرح به الملحق العسكري السوفياتي في باريس لمراسل جريدة معاريف الإسرائيلية في (22) يونيو (1964م).. لقد صرح يقول بالحرف الواحد 🙁 نحن نشارك العرب في كفاحهم الإستعمار والرجعية العربية، وما نقدمه للجمهورية العربية المتحدة من سلاح إنما هو لأغراض دفاعية، ولا يمكن أن نسمح باستعماله ضد إسرائيل، فلا تقلقوا من السياسة السوفياتية في المنطقة العربية، فهذه السياسة متممة، بل ضرورية لسلامة إسرائيل، وثقوا أن الاتحاد السوفياتي مع إسرائيل، وسيؤيدها اليوم وغدا، كما أيدها ورعاها بالأمس، وكونوا على ثقة من أننا نرعى الإشتراكية العربية، لأن في ذلك تعزيزا لمصلحة إسرائيل، مثلما هو تعزيز لمصلحتنا نحن السوفيات)([9])

قلت: لقد اعتمدتم الثورة أسلوبا للسيطرة على الحكم..

قال: لم نستعمله في الثورة البلشفية فقط.. لقد استعملناه في مناطق أخرى كثيرة من العالم..

ففي المجر (هنغاريا): قام يهودي منا اسمه (بيلاكون)، وهو محرف عن هارون كوهين، سنة (1919م) بالثوة فيها.. وقد كان عظيم الإخلاص لمبادئنا.. لقد كان يجمع الفتيات الجميلات في الشوارع العامة عاريات ويبيحهن لجنوده، وبعد أن يفجروا بهن يقتلهن ويرميهن في نهر الدانوب.

ولم تتخلص المجر من قبضته إلا بعناء.. ولكن سرعان ما عادت، لتقع سنة (1945م) في أيدينا مرة ثانية، حيث استولى عليها (راكوزي) وهو رجل منا، وقد أرسله صديقه ستالين، وبقيت المجر تحكم في الخمسينات من قبل يهود ثلاثة هم: راكوزي، وفاس، وجيرو.

وفي يوغسلافيا قام بالثورة (تيتو) التلميذ المخلص لليهودي المعروف (موسى بيجادا).

وفي رومانيا، قام بالثورة صديقتنا اليهودية الرعناء (آنابوكر).

وفي بولونيا، كان أقطاب الرحى فيها اليهود الثلاثة: مينك، مافيسكي، بورمان.

وفي تشيكوسلوفاكيا، قام بها اليهودي (رودلف سلنسكي).

وفي العالم العربي..

قلت: في العالم العربي.. إنهم يبغضون اليهود.. ولن تستطيعوا أن يكون لكم أي دور فيه؟

ضحك، وقال: لقد أشرفنا على تنظيم وتكوين الأحزاب الشيوعية في العالم العربي فنحن قادتها ومخططوها.. أتعرف الحزب الشيوعي في مصر؟

قلت: أعرفه.. وهو مع كونه حزبا شيوعيا إلا أن رجاله من بني جلدتنا.

قال: بنو جلدتك أتباع أغرار مخدوعون.. لقد بدأ التنظيم سنة (1921م) في الإسكندرية على يد روسي يهودي اسمه (جوزيف روزنبرغ) تصحبه ابنته (شارلوت)

وفي سنة (1927م)، أوفدت موسكو ثلاثة يهود لتشكيل التنظيم ومتابعته، ثم انتدبت روسيا اليهودي المصري (هنري كوريل) وأمدته بأموال طائلة أسس بها بنك كوريل في مصر، وشكل الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني (حدتو). ثم تشكلت (منظمة الأسكرا) أي الشرارة، وهو نفس اسم الجريدة التي كنت أصدرها في سويسرا قبل نجاح الثورة.

لقد شكل هذه المنظمة اليهودي (ايلي شوارتز)، ثم غير اسمها فيما بعد إلى (نحشم) : نحو حزب شيوعي مصري، ثم انضمت إلى (حدتو).

ومثله (منظمة الفجر الجديد)، فقد أسسها اليهوديان يوسف درويش وريمون دويك، ثم أصبح اسمها (د.ش) الديمقراطية الشعبية.

ومثلهما (المنظمة الشيوعية المصرية) (م. ش. م)، فقد أسسها اليهوديان أوديت وزوجها سلمون سدني.

قلت: ولكن الأحزاب الشيوعية لم تكن قاصرة على مصر.

قال: كل الأحزاب الشيوعية كانت لها علاقة طيبة بنا.. إن لم نكن نحن مؤسسيها..

فالحزب الشيوعي السوري اللبناني الذي تأسس سنة (4291م) بعد الحزب الشيوعي الفلسطيني والمصري، كان يرأسه في لبنان (جاكوب تايبر) اليهودي الروسي، وكان يساعده ثلاثة يهود روس هم: ميك، أوسكار، مولر. ثم دخل بيروت يهود ثلاثة عن طريق حيفا وكلهم من الروس، وهم عيون موسكو الثلاثة جوزيف بيرجر، الياهوبيتر، نخمان لتفينسكي. وقد كان الحزب السوري اللبناني تابعا للحزب الشيوعي اليهودي في فلسطين، ثم تبع الحزب الشيوعي الفرنسي([10]).

ومثله الحزب الشيوعي الفلسيطني والأردني، فقد اهتم شيوعيو روسيا بالتنظيم الشيوعي في فلسطين، فكان الحزب الشيوعي الفلسيطني الذي تأسس سنة (1919م) أول حزب في المنطقة، وقد شكله أولا اليهودي الروسي (روزشتاين)، وأوفدت موسكو قطبين يهوديين من أقطاب الحزب الشيوعي الروسي للتنظيم في فلسطين، وهما: جاك شابيليف، رادول كارن بورغ،وكان جميع عناصر الحزب الشيوعي الفلسطيني في بداية الأمر يهودا روسيين. ثم أرسلت موسكو (فلاديمير جابو تينسكي) فنشط نشاطا ملحوظا في فلسطين، ثم انتدب (س.افربوخ) اليهودي -الملقب بأبي زيام- لتنظيم الحزب الشيوعي في البلاد العربية، وكان هذا الأخير صديقا لي في سويسرا، وأبرز الشيوعيين في فلسطين، وقد تولى رئاسة الحزب الشيوعي في فلسطين من (1924م-1929م).

وكانت عضوية الحزب الشيوعي الفلسطيني أولا، قاصرة على اليهود، ثم دخله قلة من الفلسطينيين العرب، وقد كانوا غير موثوقين لدى الأكثرية الشيوعية وغير مؤتمنين على أسرارهم.

وفي سنة (1937م) تأسست أول حركة علنية للحزب الشيوعي الفلسطيني وراء ستار نقابة عمال في حيفا سكرتيرها إميل توما. وفي الناصرة نقابة عمال سكرتيرها إميل حبيبي، وفي يافا سكرتيرها فؤاد نصار.

وفي سنة (1939م) أنشأ الشيوعيون عصبة التحرر الوطني، سكرتيرها اليهودي (بن فسكي)، ومساعده توفيق طوبي، وكانت مطالب هذه العصبة جلاء بريطانيا، ثم تشكيل حكومة مشتركة بين اليهود والعرب.

وفي حرب (1948م) تحول أعضاء عصبة التحرر الوطني إلى قادة عصابات مسلحة، يذبحون الشعب الفلسطيني. فانسحب بعض الشباب المغرر بهم، في حين وقف الشيوعيون المتحمسون يدافعون عن اليهود ويقفون بجانبهم.

قلت: إلى الآن.. وأنت تحدثني عن قومك وتغلغلهم في العالم.. فحدثني عن نفسك.. عن الثورة التي قمت بها.

قال: أنا هو قومي.. وقومي هم أنا.. أنسيت أني يهودي.. وكل يهودي يرضع مع لبان أمه لبان القومية والعنصرية والثورة على العالم.

قلت: لم؟

قال: الانتقام.. نحن نحب دماء غيرنا عندما تسيل.

قلت: لم؟

قال: أراك لم تقرأ كتابنا المقدس..

قلت: إن الكتب المقدسة تحث على السلام والمحبة.

قال: ولكنا لا نقرأ منها إلا الحرب والثورة والانتقام.. نحن نحفظ على ظهر قلب ما ورد في سفر حزقيال [ 9 : 5 ] من قول الرب 🙁 اعبروا في المدينة خلفه واقتلوا، لا تترأف عيونكم ولا تعفوا، أهلكوا الشيخ والشاب والعذراء والطفل والنساء، ولكن لا تقربوا من أي إنسان عليه السمة، وابتدئوا من قدسي)، فابتدأوا يهلكون الرجال والشيوخ الموجودين أمام الهيكل، وقال لهم: (نجسوا الهيكل واملأوا ساحاته بالقتلى، ثم اخرجوا). فاندفعوا إلى المدينة وشرعوا يقتلون)

ألا تعلم أن الكتاب المقدس هو الكتاب الوحيد على وجه الأرض الذي يأمر بقتل الأطفال.. لقد جاء في سفر في يشوع [ 6 : 16]: (قال يشوع للشعب: اهتفوا، لأن الرب قد وهبكم المدينة. واجعلوا المدينة وكل ما فيها محرما للرب..أما كل غنائم الفضة والذهب وآنية النحاس والحديد، فتخصص للرب وتحفظ فى خزانته. فهتف الشعب، ونفخ الكهنة في الأبواق. وكان هتاف الشعب لدى سماعهم صوت نفخ الأبواق عظيما، فانهار السور في موضعه. فاندفع الشعب نحو المدينة كل إلى وجهته، واستولوا عليها. ودمروا المدينة وقضوا بحد السيف على كل من فيها من رجال ونساء وأطفال وشيوخ حتى البقر والغنم والحمير)  

وفي سفر هوشع [ 13 : 16 ] يقول الرب: (تجازى السامرة لأنها تمردت على إلهها. بالسيف يسقطون. تحطم أطفالهم، والحوامل تشق)

وفي سفر إشعيا [ 13 : 16 ] يقول الرب: (وتحطم أطفالهم أمام عيونهم وتنهب بيوتهم وتفضح نساؤهم)

قلت: وهل طبقتم هذه التعاليم على الشعوب التي حكمتموها؟

قال: كيف لا نطبق وصايا الرب.. لقد نشرنا الخراب في كل مدينة استولينا عليها.

سكت قليلا، وكأنه يستعيد ذكرياته، ثم قال: لم يشهد التاريخ في أحقابه مثيلا للمجازر التي أقمناها للمسلمين، فعند قيام الثورة البلشفية وجهت مع ستالين في (15/12/1917م) نداء للمسلمين قلنا فيه 🙁 أيها المسلمون مساجدكم، صلواتكم، أعيادكم، تقاليدكم في أمان، قوموا وساعدوا الثورة ضد القيصرية، لقد جاءت ساعة خلاصكم)([11])

قلت: وهل صدقكم المسلمون؟.. إنهم يقرؤون قوله تعالى:{ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ} (المائدة: 82)، وقوله تعالى:{ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} (البقرة: 120)

قال: مشكلة المسلمين أنهم يقرؤون ولا يسمعون.. يقرؤون الحقائق الكبرى.. ولكن سرعان ما يغفلون عنها.

لقد صدقونا ببلاهة منقطعة النظير، بل لقد تصوروا أن ساعة الخلاص قد حانت، فهبوا للتخلص من القيصرية والاستراحة من نيرها، وإذا بهم يقعون بين أنيابنا، لنمزقهم تمزيقا.

لقد وقع حوالي (60-65) مليونا من المسلمين تحت وطأة الثورة البلشفية، وهؤلاء المسلمون ينتشرون على أرض مساحتها أكثر من (15) مليون ميل مربع (أكثر من مساحة إفريقيا).

وبعد أن انتصرنا حصدناهم حصدا:

في تركستان الشرقية التي احتلتها الصين سنة (1934م) ـ بمساعدة الجيش الأحمر الروسي ـ قتلنا (ربع مليون مسلم) من المفكرين والعلماء والشباب.

وعندما قامت الثورة الصينية سنة (1952م) قتلت (122) ألفا من المسلمين.

وفي يوغسلافيا أباد تلميذنا المخلص تيتو بعد الحرب العالمية من المسلمين (24) ألفا.

وفي القرم، أبدنا سنة (1921م) (مائة ألف)، وهجرنا (خمسين ألف) في عهد بيلاكون، وكان عدد مساجدها قبل احتلالنا لها زمن كاترينا الثانية (1554) مسجدا، وعدد سكانها (5) ملايين، فما زالت تهجر وتقتل وتنفي إلى سيبريا حتى بقي منهم (3) مليون وبقي من المساجد (700) مسجد.

وعندما ذهبنا إليها سنة (1920م) أغلقنا المساجد، وشننا على أهل القرم حرب التجويع.. لقد نشرت الأزفستيا في (15) يوليو سنة (1922م) تقريرا للرفيق (كالينين) عن مجاعة القرم يقول 🙁 بلغ عدد الذين أصابتهم محنة الجوع في يناير (302090) مات منهم (14413)، وارتفع عددهم في مارس إلى (379000)([12])

وفي سنة (1946م) كان قد بقي من شعب القرم نصف مليون نفاهم ستالين إلى سيبريا([13]).

وفي القفقاس، بلاد الشيشان والشركس، نفى ستالين إلى سيبريا وأذربيجان جميع الشعبين: (800) ألف من الشيشان، و(300) ألف من شعب كارة شاي و(250) ألفا من شعب كالموك.

ولم نترك في جمهورية الشيشان كلها مسجدا واحدا.. لقد هدمنا المساجد وحولناها إلى اصطبلات ودور للسينما ومراكز للحزب ودور للترفيه ونوادي..

أما المساجد الباقية في المناطق الأخرى، فقد أجبرناها على أن تدفع ضرائب للدولة، فمسجد لينين جراد الباقي للسياحة، يدفع عنه المسلمون ضريبة سنوية قيمتها (24 ألف) روبل.

وفي تركستان الغربية كان مجموع ماقتل من المسلمين فيها (6) ملايين مسلم سنة (1919م)، هرب منها مليونان ونصف، وسنة (1934م) قتلنا مائة ألف مسلم.. وفي سنة (1937-1939م) أعدم ونفي إلى سيبريا نصف مليون مسلم.. وفي سنة (1934م) نفي منها 9300 ألف مسلم.. وفي سنة (1950م) قتل منها (7) آلاف مسلم.. وفي سنة (1932-1934م) مات جوعا 3 ملايين مسلم، أخذت محاصيلهم وقدمت إلى الصين.. وفي سنة (1951م) اعتقل منهم (13565) مسلما.. وفوق هذا لقد ثبت بالإحصائيات الروسية أن ستالين قتل وحده 11مليونا من المسلمين ([14]).

قلت: أرى أنكم حكمتم لتقتلوا.

قال: لا.. لم نحكم لنقتل الأجساد فقط.. بل حكمنا لنقتل الأرواح والعقول والقلوب.. لقد رأينا أنه لا يمكن أن نقيد الإنسان بقيودنا التي لا ترحم إلا بعد أن نقيد عقله ونفسه وروحه وحقيقته.

قلت: فماذا فعلتم لتحقيق ذلك؟

قال: كل الوسائل.. بدأنا بالتعليم.. فمنعناه منعا باتا في مدارس الدولة في السوفيات.. باستثناء المدارس الدينية المحضة التي تخرج الأنماط التي نريدها من العلماء.

ومع ذلك، فمنذ سنة (1945م) لم يسمح إلا بمدرسة واحدة، وهي مدرسة (ميري عرب) في بخارى التي أعيد فتحها([15]).

أما المساجد، فقد كان عددها في روسيا وحدها ـ عدا مساجد بخارى وخيوه الكثيرة جدا ـ (26279) مسجدا، ولم يبق منها مفتوحا للمصلين سنة (1931م) إلا (1312) مسجدا.

وفي سنة (1964م) صدرت نشرة عن طشقند بالفرنسية تخبر أنه يوجد في كل آسيا الوسطى بما فيها قزقستان (250) مسجدا فقط.

هذا عن الصلاة والمساجد، أما الزكاة، فقد كانت فمحظورة، وأما الحج فكان مستحيلا، ثم سمح به بعد سنة (1945)، ولكن عدد من حج منذ تلك السنة حتى سنة (1977م) فكان لا يزيد على مائة شخص.

أما صيام رمضان، فلم يمنع رسميا إلا أنه يكاد يكون مستحيلا من الناحية العملية، حتى اضطر بعض المفتين أن يفتوا المسلمين بصيام ثلاثة أيام تحسب لهم عن ثلاثين يوما([16]).

أما رجال الدين، فقد كان عددهم سنة (1917م) ـ فيما عدا بخارى وخيوه ـ لا يقل عن (45339).. لكنه تضاءل سنة (1955م) إلى (8052).. لأن معظمهم سحق في الثلاثينات.

ولم نكتف بهذه المحاربة لكل ما يمت للإسلام بصلة، بل رحنا نروج الدعايات ضد الإسلام.. وقد أنشأنا اتحادا سميناه ( إتحاد من لا اله لهم) وبعد الحرب ( جمعية نشر المعلومات السياسية)، وقد كان معظم عملها محاربة الإسلام.

ففي الفرع القازاقي: نظمت الجمعية بين سنة (1946-1948م) ما يساوي (30528) محاضرة منها (23000) محاضرة ضد الإسلام.

وفي أوزبكستان: سنة (1941) نظمت الجمعية أكثر من (10) آلاف محاضرة ضد الإسلام.

وفي تركمانستان: سنة (1963م) نظمت الجمعية أكثر من (5) آلاف محاضرة ضد الإسلام.

وطبعت من الكتب بين سنة (1955-1957م) (84) كتابا في (800) ألف نسخة ضد الإسلام.

وطبعت من الكتب بين سنة (1962-1964) (219) كتابا ونشرة ضد الإسلام وموجهة للمسلمين.

قلت: لقد قيض الله لكل مستبد من يقوم في وجهه، كما قام موسى u في وجه فرعون.

قال: لقد واجهنا الكثير.. العالم كله واجهنا..حتى ماركس الأب الروحي لما تبنيناه صاح في صهره ذات مرة: (على كل حال، ما أنا متأكد منه هو أنني -أنا نفسي- لست ماركسيا)([17])

لقد وقف في وجهنا الكثير من المفكرين.. في القرن التاسع عشر وقف الفيلسوف الدنيماركي المعاصر لماركس (كير كجارد) سنة (1813-1855م) صاحب فلسفة (الصلة بين العلم والإيمان).

ووقف معه الفيلسوف الفرنسي برجسون سنة (1859م) زعيم المذهب الروحي في الفلسفة المعاصرة والفيلسوف الألماني (هيدجر) الذي ولد سنة (1889م) وصاحب فلسفة (الوجود الزماني).

وكان يتربع قمة المواجهين لنا الفيلسوف الألماني (شيلر) (1874-1928م) الذي تقوم فلسفته على الصلة بين الفكر الديني والميتافيزيقي والعملي وبين الحياة الإجتماعية والعلمية والسياسية والإقتصادية، كما تبين فلسفته أن القيم الأخلاقية حقائق ثابتة([18])، وهو خلاف ما كنا ندعوا إليه.

ولكن أكبر من قام في وجهنا والثورة علينا وتحطيم أسطورتنا فهو أنتم المسلمون.. لقد بذلنا كل جهودنا لتستسلموا.. لكن لم تفعلوا.

قلت: وأخيرا سقطتم.. ولم تدرك أنت ذلك السقوط.

قال: لقد كنت أشم نذره.. نحن نعلم صدق وعد الله بهلاك الطغاة والمستبدين.. فلذلك كنا ننتظر في كل لحظة ذلك السقوط.

قلت: فلماذا لم تتراجعوا عن آرائكم.. وتؤسسوا لحياة صحيحة كريمة.

قال: ألا يعرف الشيطان الحق؟

قلت: بلى.. هو يعرف الله، ويعرف ما ينتظره يوم البعث الأكبر.

قال: فلم لم يترك جبروته وطغيانه؟

قلت: الحسد والكبر الذي ملأ نفسه منعه من ذلك.

قال: فقد رجعت إلى ما قال معلمك من أن كل الصراعات الخارجية منطلقة من الصراعات النفسية.

قلت: هذا صحيح.. فحدثني كيف سقطتم؟.. وكيف انهارت دولتكم ذلك الانهيار المريع.. وبتلك السرعة الخاطفة.

قال: لقد اغتنمنا فرصا كثيرة لنصعد.. لم نضيع أي فرصة، كما تفعلون أنتم.. لقد استفدنا من خروج روسيا منتصرة من الحرب العالمية الأولى بعد الذي عاناه الناس من ظلم القياصرة ورجال الدين.

واستفدنا من الفراغ الهائل الذي أعقب الحرب الأولى بعد أن انطلق الشعبان الأمريكي والإنجليزي إلى عصر الجاز ابتداء من سنة (1920م) ونادوا بحلول الخمر محل الدم، وسقطت القيم التي كانت تسود المجتمع قبل الحرب، وظن الناس أن الفلسفة الماركسية هي المرشح لملء الفراغ النفسي لدى جماهير الأوروبيين.

واستفدنا في الثلاثينات من استفحال أمر الفاشية والنازية، ولم يبق أمام الكاتب أو الشاب المثقف إلا الهرب إلى البلشفية، لأنها القوة الوحيدة التي يمكن أن تقف أمام البرابرة حملة الصليب المعكوف([19]).

واستفدنا من الجشع الغربي لامتصاص دماء البشر.. ومن أجل إبقاء الأسعار مرتفعة كانت آلاف الأطنان من الثمار والحبوب وعشرات الألوف من الخنازير تلقى في البحر، بينما الجوع ينشب أظفاره في خناق الناس.

واستفدنا من انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، فابتلعنا دول أوربا الشرقية.

قلت: أنا لم أسألك عن صعودكم.. وما استفدتم حتى تصلوا إليه، ولكني سألتك عن سقوطكم، وما الذي جعلكم تقعون فيه.

قال: ألا تعلم أن أسباب الصعود هي نفسها أسباب السقوط.. فلذلك بقدر ما ارتفعنا بقدر ما سقطنا.

قلت: كيف ذلك؟

قال: إن الأسباب التي أدت إلى صعودنا.. هي نفسها الأسباب التي أدت إلى سقوطنا.. لقد كنا نصعد، وفي نفس الوقت نمد قوة السقوط فينا بالمدد الكافي.

قلت: كيف ذلك؟

قال: لقد كان أولئك الشباب والمثقفين الذين ارتموا في أحضان مبادئنا، هم الذين اكتشفوا زيفها، فخرجوا يائسين ساخطين.

يقول أحدهم مازحا لرفيقه معبرا عن نفسية هؤلاء الشيوعيين الساخطين 🙁 إن المعركة الفاصلة ستكون بين الشيوعيين وبين من خرجوا على الشيوعيين)([20])

وكان بيرتراند راسل ـ الفيلسوف البريطاني ـ أحد القلائل الذين أدركوا تهافت التطبيق الماركسي منذ السنة الثالثة للثورة، فقد كتب كتابه (البلشفية بين النظرية والتطبيق) الذي ألفه سنة (1920م)، ثم أعاد طباعته دون أن يحتاج إلى تغيير كلمة واحدة.

وقد كان الفيلسوف الفرنسي (أندريه جيد) متحمسا للشيوعية ويرى أن خلاص البشرية من آلامها سيكون في ذلك الفردوس. وقد كان يقول عن الإتحاد السوفيتي 🙁 إنه لم يكن مجرد الوطن المختار أو المثال، أو مهبط الوحي، بل كان أكثر من ذلك وأسمى، لقد خيل إلي في البداية أن أشق الأمور قد أنجزت، فكنت على استعداد لأن أوقع عن البشرية المعذبة دون قيد ولا شرط)([21]).. ولكن ما إن زار جيد سنة (1936م) روسيا حتى تحطمت كل آماله، وعاد يائسا من الشيوعية وقال 🙁 هل هنالك دولة أخرى في العالم قد كان فيها الروح والعقل أقل حرية وأكثر ذلة واستعبادا وجبنا منها في السوفيات)

وقال يخبر عن الحياة الخالية من البركة التي أسسها استبدادنا 🙁 لقد كانت الوجبة الواحدة من الطعام الذي يقدم الي تكلف (200-300) روبل بينما لا تزيد أجرة العامل عن (5) روبلات في اليوم)

ويقول:( لقد ذهبت إلى الإتحاد السوفياتي حتى لا أجد فيها فقراء، ولكنني وجدت أناسا يعيشون في أعشاش حقيرة كل حجرة من حجرها الصغيرة بمساحة (6 قدم2) مخصصة لأربعة أفراد)

ويقول:( لقد آن للعمال في خارج الإتحاد السوفياتي أن يعلموا أنهم خدعوا من قبل الأحزاب الشيوعية، كما خدع عمال الإتحاد السوفياتي من قبل)([22])

قلت: لم حصل ذلك؟

قال: لأنا بنينا دولتنا ـ كما يبني كل المستبدين دولهم ـ على الخداع، ولا قيام لدولة تقوم على الخداع.. ألم تسمع قوله تعالى:{ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} (البقرة:9)

قلت: بلى.. فمن خدعتم؟

قال: الكل.. لقد كان أول من خدعنا العمال، فقد جذبناهم ببريق المساواة، وبعد نجاح الثورة البلشفية فاتحناهم بأن المساواة مستحيلة، وأن المساواة هي تحطيم الطبقات، أي الوصول إلى الحكم).

لقد صرحت للجماهير في (6/2/1919م) قائلا 🙁 لقد أصاب انجلز ألف مرة حين صرح بأن كل طلب للمساواة يتجاوز المناوأة لمحو الطبقات، هو تحيز سخيف عن دائرة المعقول)([23])

وصرح ستالين في تقريره إلى مؤتمر الحزب السابع عشر عام (1934م) قائلا 🙁 نحن نستطيع أن نجد في فوارق الأجور بين الأعلى والأدنى في الإتحاد السوفيتي، وهذا ما ذهب إليه إنجلز ولينين وستالين، فهذه الفوارق كثيرا ما تزيد مثيلتها في المجتمعات الغربية أو تبلغ حدوده، فهي مرة عشرة أمثال، وهي مرات عشرون مثلا أو يزيد)([24])

قلت: ألم تطبقوا المساواة التي هي شعاركم الأول الذي نعرفكم به؟

ضحك، وقال: المساواة.. كيف تنتظر منا ـ نحن اليهود، شعب الله المختار ـ أن نطبق المساواه.. نعم.. لقد أزحنا الطبقية القديمة لنؤسس على أنقاضها طبقية جديدة.. طبقية يتربع الحزب الشيوعي في قمة ةقممها.. فهو الذي يعيش، وبقية الشعب لا حياة له، وإن شئت أن تعلم التفاصيل، فاقرأ كتاب( الطبقة الحاكمة) للكاتب اليوغسلافي ميلوفان دوجلاس([25])، الرجل الثاني بعد تيتو لترى الحقائق المرة عن حقيقة التي المساواة التي خدعنا الشعوب بها.

قلت: والحرية والديمقراطية؟

قال: كلها شعارات مزخرفة.. خدعنا الكل بها.. لقد كان ماركس يرى أن ديكتاتورية البروليتاريا ضرورية في البداية لتصفية الرجعية والبرجوازية، ثم تختفي الحاجة إلى السلطة والدولة، وتسقط الدولة طبيعيا، وتدار الدولة بلا جيش ولا بوليس.. ولهذا درجت الدول الإشتراكية على تسمية نفسها الديمقراطية الشعبية.

قلت: هكذا يطلق على بلدي التي أنتمي إليها.. بل على كثير من بلدان المستضعفين.

قال: يخادعونكم بذلك.. لقد كانت الديكتاتورية والظلم تزدادان يوما بعد يوم، وكل الناس في المجتمعات الإشتراكية يعيشون داخل سجن حديدي.

فالفرد في الإتحاد السوفياتي كان محروما من جواز السفر، ومن التنقل، ولو ملك الناس حرية السفر لما بقي في روسيا إلا ثلاثة ملايين شيوعي.

لقد كان الشعب كله يعيش بين مطرقة اللجان المركزية للحزب، وبين سندان قواعده.

لقد قسمت برلين سنة (1945م) إلى قسمين الغربي تحت حكم الغرب والشرقي تحت سيطرة الشيوعيين، وفصل بينهما بجدار، ولو اطلعت على هذا الجدار وما يسلط عليه من أضواء; لعجبت وهلعت، هناك شبكة من الأسلاك الكهربائية التي تصعق كل من يمسها أو يقترب منها، وكم من الناس صعقوا على هذا الجدار وهم يحاولون الهرب من جحيم الشيوعية الى برلين الغربية.

لقد تحدثت الصحف الغربية في شهر أيلول (1979م) عن قصة عجيبة، قصة هرب أسرتين من برلين الشرقية; بقيت الأسرتان تجمع قطعا من محلات كثيرة مختلفة حتى ركبتا منطادين ثم خاطرتا بأنفسهما وركبتا المنطادين وطاروا إلى برلين الغربية.

وأما اللجوء السياسي للأدمغة الهاربة، ومن أناس من جميع القطاعات، وعلى جميع المستويات: فنانين ورياضيين وصحفيين وكتاب، والكل ناقم ساخط يتنفس الصعداء بمجرد فتح أقفال الستار الحديدي الأحمر.

لقد أبادت الثورة البلشفية عشرات الملايين من أعدائها، ثم عادت تصفي جنودها، سحقت ثلاثة أرباع قيادات الحزب في روسيا.. كان مجلس الشعب سنة (1936م) 21 شخصا لم يبق منهم بعد سنتين سوى خمسة والبقية أبيدوا.. وكان أعضاء اللجنة المركزية سنة (1938م) (71 شخصا)، ولم يبق منهم سنة (1938) سوى (21) شخصا، وأما الباقون: ثلاثة ماتوا طبيعيا، واحد ذبح، و(36) اختفوا في منافي سيبريا، و(9) قتلوا بالرصاص، ومارشال انتحر.

لم يكن أي إنسان يستطيع أن يتفوه بكلمة في داخل الإتحاد السوفياتي ضد الحزب؟.. ولم يكن أي إنسان يستطيع الدفاع عن نفسه أو توكيل محام عنه؟!.. ألم تسمع بالتجربة التشيكية؟

قلت: لم أسمع.

قال: عندما حاولت تشيكوسلوفاكيا في (1968م) أن تدع الفكر الشيوعي، احتلت احتلالا عسكريا بالدبابات والطائرات خلال يوم واحد.

ونشرت حينها أربع صحف تشيكوسلوفاكية في عهد السكرتير الشيوعي (دوبشك) (103) بيانا من ألفي كلمة للنقاد والديمقراطيين عرفوا فيه الحزب الشيوعي على النحو التالي: هو منظمة للسلطة لها قوة جذب كبيرة تشد إليها : 1- الأنانيين ذوي الرغبة في الحكم. 2- الجبناء الذين لا يعرف لجبنهم حد. 3- أصحاب الضمائر السيئة.

وقد أجروا استفتاء لإلغاء احتكار الحزب الشيوعي، فكانت النتيجة تسعة أعشار الشعب يحبذون الإلغاء.

وقد جر الظلم الشديد الممارس على طبقات الشعب عامة، والمثقفين خاصة إلى انتحار كثير من كتابهم المرموقين في سن الشباب أمثال: (مايكو فسكي، دايسين، وباجر سسكي) اذ انتحر ثلاثتهم قبل سن الخامسة والثلاثين([26]).

قلت: والإنتاج.. ذلك الإله الذي بعتم الله من أجله.

ضحك، وقال: تمرد علينا هو الآخر.. لقد أصبح الانتاج يقل عاما بعد عام حتى اضطرت روسيا لبيع رصيد الذهب من أجل شراء القمح من الدول الرأسمالية.. لقد أصبح المارك في برلين الغربية يعدل أربعة ماركات شرقية.

قلت: والعمال الذين أقمتم لهم دولتهم؟

قال: اكتشف الخداع الذي خدعناه به.. لقد أصبح العامل في الإتحاد السوفياتي يعيش حياة بائسة أليمة محزنة فوقها حياة الكلاب في الغرب.. ونتيجة لهذا قل إنتاج العامل في الدول الشيوعية بما يتناسب مع نوع الحياة التي كان يعيشها.. لقد أعلن سكرتير الحزب الشيوعي الروماني في (23/12/1966م) أن انتاج العامل الروماني يساوي (ثلث- نصف إنتاج العامل الإيطالي والفرنسي والألماني).

قلت: وإلى أي ثورة لجأ إليها العامل لما اكتشف خداعكم؟

قال: هرب ـ أولا ـ إلى الخمر لينسى شقاءه فقد نشرت التايمز اللندنية في (1/9/1977م) عن صحيفة الحزب الشيوعي أن معدل تناول الفرد في موسكو للكحول يوميا (13 لتر فودكا + 5ر10 لتر من الكحول المصنعة في البيوت).

ثم هرب إلى أعدائنا..

قلت: هل هربوا إلى الإسلام؟

قال: لا.. أهل الإسلام كانوا لا يزالون يلهثون خلفنا.. ولو وجدوا المثال الطيب في أهل الإسلام لهربوا إليه.. ولكنهم لم يجدوكم إلا حجبا حالت بينهم وبين الحق.

قلت: فأين هربوا إذن؟

قال: لقد هجر العمال بلادهم، وهرب المفكرون، وهاجرت الأدمغة، ويئس الناس.. لقد أصبحت هواية العمال والطلاب هي جمع صناديق الدخان الأمريكية الفارغة في بيوتهم، أو البحث عن الأعلام الأمريكية لوضعها في جيوبهم.

لقد أصبح في أعماقهم عقدة الصناعات الغربية، يمكنك أن تقدم هدية فاخرة لعامل سوفياتي، ممثلة في سيجارة واحدة أمريكية، أو قلم حبر جاف غربي.

قلت: ومع ذلك.. فإن استبدادكم السياسي والاجتماعي أنتج ثقافة إنسانية رفيعة.

ضحك، وقال: من قال ذلك.. إن الاستبداد كل لا يتجزأ.. ولا ينشأ الاستبداد السياسي والاجتماعي حتى يسبقه الاستبداد الفكري والثقافي..

لقد أسسنا استبدادنا على المادية.. والمادية لا يمكن أن تنشئ فكرا أو حضارة.. لقد كنا نتعامل مع الإنسان كآلة من الآلات، أو حيوان يعيش بلا شعور، ويحيا بلا فكر.. إن كان فيورباخ يرى أن عظماء الرجال هم الذين يصنعون التاريخ ويقيمون الحضارات ويبنون الإقتصاد، فإن ماركس ـ نبي استبدادنا ـ فكان يرى ـ وكنا نرى معه ـ أن الإقتصاد هو الذي يصنع عظماء الرجال.

كان ماركس يرى أن المجتمعات البشرية عبارة عن حظائر تنقلها من حالة إلى حالة مقادير الطعام والشراب والفساد.

وبعد أن قامت الثورة البلشفية أصبح الأدب والفن والشعور والقصص والمسرحيات كلها تدور مع دولاب الآلة، وأصبح الكلام صناعة ونفاقا لأن أية كلمة تخرج عن خط الحزب ستدفن مع صاحبها تحت التراب أو تحت سياط العذاب.

لقد عبر ريمون أرون -أستاذ العلوم الإجتماعية في المدنية المعاصرة في كوليج دوفرانس عن هذه الحقائق المرة التي تفننا في فرضها 🙁 وخرافة الثورة إلتي يذهب الماركسيون إلى أنها طوق النجاة للإنسانية من آلامها ليست الا خدعة كبيرة لا تعني سوى إضرام حرائق الفتيل لدك الأسس الحضارية للمجتمعات وسفك الدماء البريئة، ليعقبها قيام نظام دكتاتوري رهيب يفرض سيطرته بقوة الحديد والنار على جموع الشعب، وما يلازم ذلك من تقييد الحريات وخنق الأفكار وإخماد التطلعات المشروعة نحو حياة أفضل ومستقبل أمثل)([27])

ويقول صديقنا الذي تحول إلى عدو لدود لنا 🙁 إن أية ثقافة أو فن لا يتفق مع آراء الحزب يعتبر شكليا، ويدفن ويسخر منه ولا يستطيع أن يرى النور)([28])

لم يكن للكاتب والمبدع في ظل الاستبداد الذي أنشأناه إلا ثلاثة خيارات:

إما الهرب الى الدول الغربية ـ إن تسنى له ذلك ـ وهذه ظاهرة كبيرة في الدول الإشتراكية، فقد هجرت الأدمغة هذه الأوطان التي عاشت فيها.

وإما أن يتخلص من الحياة بالإنتحار أو الشذوذ النفسي والتمرد.

وإما أن يجد مكانة بين المصفقين الذين يحرقون البخور ويهللون ويكبرون باسم الحزب، ويدفن جميع أفكاره لتصبح الحياة وقيمها عنده لقمة غذاء أو خرقة كساء.

قلت: وأخيرا انهارت امبراطورية الاستبداد التي أسستموها.

قال: لا بد أن تنهار كما تنهار كل الامبراطوريات.. لقد انهارت امبراطوريتنا ـ التي أرادت أن تزاحم الله ـ في معاقلها بعد قرابة سبعين عاماً من قيام الحكم الشيوعي، وبعد أربعين عاماً من تطبيق أفكارها في أوروبا الشرقية.

لقد أعلن كبار خلفائنا من المستبدينن في الاتحاد السوفيتي قبل تفككه أن الكثير من المبادئ الماركسية لم تعد صالحة للبقاء، وليس بمقدورها أن تواجه مشاكل ومتطلبات العصر.

قلت: وتركتم خلفكم قطبا واحدا يتحكم في دفة العالم.

قال: لقد كان العالم قطبا واحدا في عهدنا وبعد عهدنا.. وإن جاز أن يكون هناك قطب آخر في العالم، فهو قطب المستضعفين أولئك الذين ضحكنا كثيرا على أذقانهم.. واليوم أراهم { مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ} (المطففين:34 ـ 35)

قلت: ولكن العالم كله كان يعلم أنه كان هناك قطبان.

قال: تلك مسرحية هزلية اجتمع أهل الاستبداد على تمثيلها، واقتسام أدوارها، ليمتصوا الدماء التي تجري في عروق المستضعفين.. وإن أبيت إلا أن تخالفني فاذهب إلى الدجال، فسينبئك من علم ذلك ما لم تكن تعلم.

قلت: وأنى لي أن أرى الدجال..

قال: ما أكثر الدجاجلة.. فإن شئت أن تعلم نبأنا فاقصد أحدهم، فنحن على قلب رجل واحد.

قال ذلك.. ثم انعقد على لسانه، وراح يصيح بهذيانه، وقد احمر تمثاله احمرارا يكاد ينفجر به.


([1])  كتاب المسلمون والحرب الرابعة ص(47).

([2])  ماركسية القرن العشرين لجارودي، تعريب نزيه الحكيم ص(25) والكلام للمعرب.

([3])  مجلة المصور المصرية عدد (2629).

([4])  انظر في هذا: التاريخ السري للعلاقات الشيوعية الصهيونية (للغادري)

([5])  المخططات التلمودية اليهودية لأنور الجندي ص(83)

([6])  انظر: الشيوعية وليدة الصهيونية لأحمد عبد الغفور العطار، نقلا عن صحيفة فرنسا القديمة عدد (169) سنة (1920م)

([7])  انظر: (يا مسلمي العالم اتحدوا) (والتاريخ السري للعلاقات الشيوعية الصهيونية) ص(33) … وقد صدر هذا القرار قبل صدور وعد بلفور -وزير خارجية بريطانيا- في (2) تشرين الثاني سنة (1917م) بأقل من عشرين يوما .

([8])  أنظر كتاب الشيوعية وليدة الصهيونية (أحمد عبد الغفور العطار).

([9])  التاريخ السري للعلاقات الشيوعية الصهيونية، للغادري ص(142).

([10])  انظر: المسلمون والحرب الرابعة ص(46)

([11])  انظر: مجلة البلاغ الكويتية العدد (478) نوفمبر سنة (1978م).

([12])  انظر: الإسلام في وجه الزحف الأحمر لمحمد الغزالي ص(142).

([13])  انظر: مجلة البلاغ الكويتية العدد (478) نوفمبر سنة (1978م)

([14])  المسلمون في الإتحاد السوفياتي لكاتبين فرنسيين هما (شانتال كلكجي، الكسندر بينيغسن) تعريب د. إحسان حقي ص(267).

([15])  انظر: المسلمون تحت السيطرة الشيوعية، محمود شاكر، ص(64) فما بعدها.

([16])  أول ومنتصف وآخر رمضان، انظر: المسلمون في الإتحاد السوفياتي ص(267) فما بعدها للمؤلفين الفرنسيين.

([17])  الإندحار الماركسي في العالم الإسلامي ص(82)

([18])  الفكر الإسلامي الحديث لمحمد البهي ص(351)

([19])  الصنم الذي هوى ص(22)

([20])  الصنم الذي هوى ص(032)

([21])  الصنم الذي هوى ص(236)

([22])  الصنم الذي هوى ص(236)

([23])  التاريخ السري للعلاقات الشيوعية الصهيونية ص(197-198)

([24])  التاريخ السري للعلاقات الشيوعية الصهيونية ص(197-198)

([25])  وقد نال صاحبه عقوبة السجن تسع سنوات.

([26])  كتاب أفيون الشعوب للعقاد ص(135)

([27])  كتاب أفيون المثقفين لريمون أرون الفرنسي ص(61)

([28])  الصنم الذي هوى ص(236)

د. نور الدين أبو لحية

كاتب، وأستاذ جامعي، له أكثر من مائة كتاب في المجالات الفكرية المختلفة، وهو مهتم خصوصا بمواجهة الفكر المتطرف والعنف والإرهاب، بالإضافة لدعوته لتنقيح التراث، والتقارب بين المذاهب الإسلامية.. وهو من دعاة التواصل الإنساني والحضاري بين الأمم والشعوب.. وقد صاغ كتاباته بطرق مختلفة تنوعت بين العلمية والأكاديمية والأدبية.

You may also like...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *