شيوخ من اليهود

في اليوم السادس من زيارته لي دخلت عليه، وأنا أحمل عددا من أعداد مجلة (الإسلام وطن)، فقدمته إليه، عساه يستنير بما فيه من هدي وعلم ونور، وليخفف عن نفسه بعض ما تعانيه من أعباء ماضيه الثقيل.
وقد قدر الله أن يفتح المجلة على مقال لمولانا محمد علاء الدين ماضي أبو العزائم عن المنظمات اليهودية وآثارها في العالم، وقد قدر الله أيضا أن يكون ذلك المقال هو المحرك لحديثنا هذا اليوم، والذي سأقصه عليكم.
رأيته يقرأ المقال لا يتجاوزه.. ولا يتعداه إلى غيره.. فاستفزني ذلك لأسأله عما شده فيه.
نظر إلي بحزن، وقال: هل تعرف كاتب هذه المقالات؟
قلت: أجل.. وهو رجل من العلماء الصالحين الهداة.. قل من يهتم لهمه، ومن يقدر كتقديره.
قال: صدقت.. إن هذه المقالة تدل على ذلك.. لا يمكن أن يحسن التقدير والتخطيط من لا يعرف مكر هؤلاء وكيدهم، وكيف يلبسون الحق بالباطل.
قلت: الحمد لله.. لقد أمنك الله من شرهم.. فقد كنت على الأقل من طائفة تعتبر البراءة من المشركين أصل أصولها، فهم كل حين يصيحون محذرين من الاقتداء باليهود، ومن هم على شاكلة اليهود، بل هم يدعون كل حين أن ييتم الله أطفال اليهود، ويرمل نساءهم، ويجمد الدماء في عروقهم.. !!
تنفس الصعداء، وقال: للأسف..
قلت: لم تتأسف.. هذا شيء ينبغي أن تحمد الله عليه.. فقد قال الله تعالى في اليهود: { لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا.. (82)} (المائدة)، وهذه الآية دليل صريح على ما يكنه اليهود للمؤمنين من عداوة.
قال: أجل.. صدقت في هذا.. ولكن العبرة ليست فيه وحده.
قلت: فأين العبرة إذن؟
قال: هناك من يسب اليهود، ولكنه لا يشرب إلا من مياههم، ولا يرتوي إلا من منابعهم.. بل يجعلهم أئمته الذين يأتم بهم، فلا يرى جواز مخالفتهم، بل يرمي بالبدعة والضلالة من يفعل ذلك.
قلت: ويل له.. ثم ويل له.. كيف رضي لنفسه إمامة أمثال هؤلاء.. ألم يسمع ما ورد في القرآن الكريم من شأنهم.. ألم يعتبر بما ورد في النصوص المقدسة من التحذير من اتباعهم أو السير على خطاهم..؟؟
قال: بل سمع.. ولكنه لم يع.. لم تصل المعاني القرآنية النبيلة إلى قلبه.. لأنه اكتفى من قراءته بحروفه.. وزين له من اعتبر أئمة له الباطل.. فغفل عن تحذيرات القرآن.. وتوجيهات الرسول.
قلت: من هؤلاء الذين تتحدث عنهم؟
قال: هم من كنت عندهم معتقلا في سجونهم الرهيبة.
قلت: تقصد الوهابية.
قال: اسمهم لا يهم.. فهم في كل حين يختارون اسما جديدا.. والعبرة بالمسمى لا بالأسماء.
قلت: أراك تتجنى عليهم هذه المرة.. فما رأيت أحدا يبغض اليهود بغضهم.. ولا رأيت أحدا يحذر من أن يتشبه باليهود منهم.. ألا تراهم لا يأخذون من لحاهم نقيرا ولا قطميرا خشية أن يتشبهوا بهم!؟
قال: هذا الذي يسمونه الورع البارد.. إنه كذلك الذي قال عنه الحسن البصري عندما سأله بعض أهل العراق عن دم البرغوث: (أتقتلون ابن بنت رسول الله، وتسألون عن دم البرغوث!؟)
قلت: فهل لك أدلة تدل على هذا.. فالدعاوى إن لم تبرز البراهين الدالة عليها، أبناؤها أدعياء؟
قال: الأدلة على هذا أكثر من أن تحصر.. لكني سأكتفي اليوم بواحد منها([1]).. وهو يمس أساس أسس الدين.
قلت: تقصد الألوهية.. فالدين يقوم على الإيمان بالله وتوحيده.
قال: أجل..
قلت: فهل استطاع اليهود أن يدخلوا هذا الحصن الحصين.. إن القرآن حذر مهم.. واعتبرهم مخلطين في هذا الباب كما خلطوا في غيره.. قال تعالى: { وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ.. (64)} (المائدة)
قال: سأذكر لك أدلة تثبت هذا([2]).. وقد دعاني إلى البحث فيها شيخ من مشائخنا في ذلك الحين يقال له الشيخ (حمود التويجري)، فقد كان حينها يملي علينا من كتابه الذي سماه (عقيدة أهل الإيمان في خلق آدم على صورة الرحمن)، وهو كتاب من الكتب المهمة عند جميع أصحابنا من المعتقلين، ولذلك زكاه شيخ الطائفة في زمانه ابن باز، قال لنا في أثناء حديثه، وهو يحاول بكل قوة أن يرسم لنا صورة لربنا تضارع أي صورة نراها: (وأيضًا فهذا المعنى عند أهل الكتاب من الكتب المأثورة عن الأنبياء كالتوراة فإن في السفر الأول منها (سنخلق بشرًا على صورتنا يشبهها)([3])
انتفض بعض السائلين متعجبا: أتستدل بما ورد في كتب اليهود.. ألا ترى أننا بذلك نفتح بابا خطيرا من التحريف على أنفسنا؟
نظر إليه الشيخ بشزر، ثم استأنف إملاءه قائلا، وكأنه يجيبه عن سؤاله: (و أيضًا فمن المعلوم أن هذه النسخ الموجودة اليوم بالتوراة ونحوها قد كانت موجودة على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلو كان ما فيها من الصفات كذبًا وافتراء ووصفًا لله بما يجب تنـزيهه عنه كالشركاء والأولاد لكان إنكار ذلك عليهم موجودًا في كلام النبي أو الصحابة أو التابعين كما أنكروا عليهم ما دون ذلك، وقد عابهم الله في القرآن بما هو دون ذلك فلو كان هذا عيبا لكان عَيب الله لهم به أعظم وذمهم عليه أشد)([4])
قلت: إن هذا الكلام خطير جدا.. إنه يفتح الباب على مصراعيه على التلمذة على حاخامات اليهود.
قال: ولهذا، فقد دفعني هذا القول إلى البحث في كتب اليهود عن عقائدنا.. وقد وجدتها للأسف نسخة لا تكاد تختلف عنها..
قلت: هلا ضربت لي أمثلة على ما وصلت إليه عساها تكون أدلة على ما تقول؟
قال: سأذكر لك عشرة أمثلة كاملة.. تكفي العاقل ليستنتج النتائج التي ذكرتها لك.
قلت: فهلم بالمثال الأول.
قال: لعلك تعلم أن اليهود تنسب إلى الله تعالى الجلوس والقعود والاستقرار والثقل والوزن والحجم..
قلت: أجل.. ففي (سفر الملوك)(22: 19-20) : (وقال فاسمع إذاً كلام الرب قد رأيت الرب جالسًا على كرسيه وكل جند السماء وقوف لديه عن يمينه وعن يساره)
و في سفر مزامير (47/8) يقول اليهود: (الله جلس على كرسي قدسه)
قال: وهكذا يقول الوهابية.. ففي كتاب (مجموع الفتاوى) (4/374) الذي يعتبر الكتاب المقدس الأول والأخير للوهابيين، يقول ابن تيمية: (إن محمدًا رسول الله يجلسه ربه على العرش معه)، وفي نفس الكتاب (ج1/527)، وكتاب شرح حديث النـزول (ص 400) يقول ابن تيمية: (فما جاءت به الآثار عن النبى من لفظ القعود والجلوس فى حق الله تعالى كحديث جعفر بن أبي طالب وحديث عمر أولى أن لا يماثل صفات أجسام العباد)، وفي نفس الصحيفة يقول: (إذا جلس تبارك وتعالى على الكرسي سُمِع له أطيط كأطيط الرَّحل الجديد)
وفي كتاب (شرح القصيدة النونية) لابن القيم الجوزية لمحمد خليل هراس (ص256) يقول: (قال مجاهد: إن الله يُجلس رسوله معه على العرش)
والمراجع في هذا أكثر من أن تحصر.. فهل يكفيك ما ذكرت من النصوص أم تراك تريد نصوصا أخرى؟
قلت: أجل.. يكفي ما ذكرت، وقد قرأت مثله الكثير، وهم يصرحون بهذا ولا يستحون منه.. فهات الثاني.
قال: لعلك تعلم أن اليهود تنسب الصورة والشكل لله تعالى، ولا تفهم من الصورة والشكل إلا ما نفهمه من صور الأجسام وأشكالها.
قلت: أجل.. فإننا نجد في سفر التكوين (الاصحاح الأول: 26-28): (وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا على شبهنا… فخلق الله الإنسان على صورته على صورة الله خلقه ذكرًا وأنثى خلقهم)، وفي سفر (التثنية الاصحاح 4: 15-16): (فإنكم إن لم تروا صورة ما في يوم كلَّمكم الرب في حوريب من وسط النار لئلا تفسدوا وتعملوا لأنفسكم تمثالا منحوتاً صورة مثال ما شبه ذكر أو أنثى)
قال: وهكذا يقول الوهابية.. ففي كتاب (التوحيد) لابن خزيمة (طبع دار الدعوة السلفية، تعليق محمد خليل هراس، ص156) يقول: (ثم يتبدّى الله لنا بصورة غير صورته التي رأيناه فيها أول مرة، وقد عاد لنا في صورته التي رأيناه فيها أول مرة فيقول أنا ربكم)، وفي (ص39) يقول محمد خليل هراس: (فالصورة لا تضاف إلى الله كإضافة خلقه إليه لأنها وصف قائم به)
وفي كتاب (عقيدة أهل الإيمان في خلق آدم على صورة الرحمن) لحمود بن عبد الله التويجري، وفيه تقريظ كبير لابن باز، (طبعة دار اللواء في الرياض – الطبعة الثانية، ص16): (قال ابن قتيبة: فرأيت في التوراة: إن الله لما خلق السماء والأرض قال: نخلق بشرًا بصورتنا)، وفي (ص17): (وفي حديث ابن عباس: إن موسى لما ضرب الحجر لبني إسرائيل فتفجَّر وقال: اشربوا يا حمير فأوحى الله إليه: عمدت إلى خلق ٍ من خلقي خلقتهم على صورتي فتشبههم بالحمير، فما برح حتى عوتب)، وفي (ص40): (إن الله خلق الإنسان على صورة وجهه الذي هو صفة من صفات ذاته)
قلت: وعيت هذا.. فهات الثالث.
قال: لعلك تعلم أن اليهود يعتبرون الوجه عضوا لله تعالى كما هو وجه ابن آدم.
قلت: أجل.. فقد قرأت في سفر التكوين (الإصحاح32: 30): (فدعا يعقوب اسم المكان فنيئيل قائلاً لأني نظرت الله وجهًا لوجه)، وفي سفر التثنية (الإصحاح5:4): (وجهًا لوجه تكلم الرب معنا في الجبل من وسط النار)
قال: وهكذا يقول الوهابية.. ففي كتاب (رد الدارمي على بشر المريسي: ص159) يقول المؤلف: (كل شئ هالك إلا وجه نفسه الذي هو أحسن الوجوه وأجمل وأنور الوجوه وإن الوجه منه غير اليدين، واليدين منه غير الوجه)، وفي (ص161) يقول: (فصعد – أي جبريل – بهن – أي بكلمات الذكر – حتى يُحَيِّ بهن وجه الرحمن)، وفي (ص190) يقول الدارمي: (والنور لا يخلو من أن يكون له إضاءة واستناره ومنظر ورواء، وإنه يدرك يومئذ بحاسة النظر إذا كشف عنه الحجاب كما يدرك الشمس والقمر في الدنيا)
وفي كتاب (قرة عيون الموحدين) لعبد الرحمن بن حسين بن محمد بن عبد الوهاب (تحقيق بشير محمد عيون – طبع مكتبة المؤيد الطائف – سنة 1990، ص187): (روى ابن جرير عن وهب بن منبه: فيأتون إلى الرحمن الرحيم فيسفر لهم عن وجهه الكريم حتى ينظروا إليه ثم يقولون فأذن لنا بالسجود قدامك)
قلت: وعيت هذا.. فهات الرابع.
قال: لعلك تعلم أن اليهود تنسب الصوت إلى الله تعالى، وتشبهه في ذلك بخلقه.
قلت: أجل.. ففي سفر التثنية (5/26): (من جميع البشر الذي سمع صوت الله)، وفي نفس السفر (5/24): (إن عدنا نسمع صوت الرب إلهنا)، وفي نفس السفر (4/12): (فكلمكم الرب من وسط النار وأنتم سامعون صوت كلام ولكن لم تروا صورة بل صوتاً)
قال: وهكذا يقول الوهابية.. ففي كتاب (مجموع الفتاوى: 5/556) يقول ابن تيمية: (وجمهور المسلمين يقولون إن القرآن العربي كلام الله، وقد تكلم به بحرف وصوت)، وفي كتاب (شرح حديث النـزول، طبعة دار العاصمة – الرياض – علّق عليه محمد الخميس، ص220) يقول ابن تيمية مفتريًا على موسى عليه السلام: (إن موسى لما نودي من الشجرة: (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ) (طه:12) أسرع الإجابة وتابع التلبية وما كان ذلك منه إلا استئناسًا منه بالصوت وسكوناً إليه وقال: إني أسمع صوتك وأحسّ حسّك)
وفي حاشية الكتاب المسمى (كتاب التوحيد، لابن خزيمة طبع دار الدعوة السلفية ص 137) يقول محمد خليل هراس المعلق على هذا الكتاب إن معنى :(مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ) (الشورى: 51) (يعني تكليما بلا واسطة لكن من وراء حجاب فيسمع كلامه ولا يرى شخصه)، وفي (ص 138) يقول المعلق: (وإن كلامه حروف وأصوات يسمعها من يشاء من خلقه)، وفي (ص146) يقول المعلق أيضًا: (يسمعون صوته عز وجل بالوحي قويا له رنين وصلصلة ولكنهم لا يميزونه، فإذا سمعوه صعقوا من عظمة الصوت وشدته)
وفي كتاب (الأسماء والصفات) يقول ابن تيمية في معرض ردّه على الجهمية (ص73): (وحديث الزهري قال: فلما رجع موسى إلى قومه قالوا له صف لنا كلام ربك، قال: سمعتم أصوات الصواعق التي تقبل في أحلى حلاوة سمعتموها؟ فكأنه مثله)
وفي كتاب (شرح نونية ابن القيم) لمحمد خليل هراس (ص 545) يقول المؤلف: (ولكنه – أي القرآن – قول الله الذي تكلم به بحروفه وألفاظه بصوت نفسه)، وفي نفس الكتاب (ص778) يقول: (بل قد ورد أنه سبحانه يقرأ القرآن لأهل الجنة بصوت نفسه يسمعهم لذيذ خطابه)
وفي كتاب (فتاوى العقيدة) لمحمد بن صالح العثيمين (ص72): (في هذا إثبات القول لله وأنه بحرف وصوت، لأن أصل القول لا بد أن يكون بصوت فإذا أطلق القول فلا بد أن يكون بصوت)
وفي كتاب (معارج القبول) لحافظ حكمي (2/191) يقول: (فيضع الله كرسيه حيث يشاء من أرضه ثم يهتف بصوته)
قلت: وعيت هذا.. فهات الخامس.
قال: لعلك تعلم أن اليهود تنسب الفم واللسان الى الله.
قلت: أجل.. ففي سفر أيوب (37/2-6): (اسمعوا سماعًا رعد صوته والرمذمة الخارجة من فيه تحت كل السموات)، وهم يريدون ب (من فيه): (من فمه)
قال: وهكذا يقول الوهابية.. ففي (الأسماء والصفات) لابن تيمية (1/73) يقول ابن تيمية في معرض الرد على الجهمية: (وحديث الزهري قال: لما سمع موسى كلام ربه قال: يا رب هذا الذي سمعته هو كلامك؟ قال: نعم يا موسى هو كلامي وإنما كلمتك بقوة عشرة آلاف لسان)
وفي كتاب (رد الدارمي على بشر المريسي) (ص112) عن الله تعالى: (إن الكلام لا يقوم بنفسه شيئا يرى ويحس إلا بلسان متكلم به)
وفي كتاب (الرد على الجهمية) لأبي سعيد الدارمي (ص81) يقول الدارمي: (قال كعب الأحبار: لما كلم الله موسى بالألسنة كلها قبل لسانه طفق موسى يقول: أي رب ما أفقه هذا حتى كلّمه آخر الألسنة بلسانه بمثل صوته يعني بمثل لسان موسى وبمثل صوت موسى)، ثم يقول: (فهذه الأحاديث قد رويت وأكثر منها ما يشبهها كلها موافقة لكتاب الله في الإيمان بكلام الله)
وفي كتاب (طبقات الحنابلة) لأبي يعلى (1/32) يقول: (وكلَّمَ الله موسى تكليمًا من فيه – يعني من فمه – وناوله التوراة من يده إلى يده)
وفي كتاب (رد الدارمي على المريسي) (ص123) يقول المؤلف: (وهو يعلم الألسنة كلها ويتكلم بما شاء منها، إن شاء تكلم بالعربية وإن شاء بالعبرية وإن شاء بالسريانية)
قلت: وعيت هذا.. فهات السادس.
قال: لعلك تعلم أن اليهود تنسب التغير والحدوث والحركة والارتفاع والنزول الحسي الى الله تعالى.
قلت: أجل.. ففي سفر التكوين (11/5): (فنـزل الرب لينظر المدينة والبرج اللذين كان بنو آدم يبنوهما)، وفي نفس السفر (46/3-4): (فقال أنا الله إله أبيك… أنا أنزل معك إلى مصر)، وفي سفر الخروج (19/21): (لأنه في اليوم الثالث ينـزل الرب أمام عيون جميع الشعب على جبل سيناء)
قال: وهكذا يقول الوهابية.. ففي كتاب (جهالات خطيرة في قضايا اعتقاديه كثيرة) (ص18) يقول مؤلفه، وهو عاصم ابن عبد الله القريوتي في تفسير الاستواء على العرش: (صعد أو علا: ارتفع أو استقر ولا يجوز المصير إلى غيره)
وفي كتاب (الأسماء والصفات) لابن تيمية (ص91): (فثبت بالسنة والإجماع أن الله يوصف بالسكوت، لكن السكوت تارة يكون عن التكلم وتارة عن إظهار الكلام وإعلامه)
و يقول محمد زينو في كتابه المسمى (مجموعة رسائل التوجيهات الإسلامية لإصلاح الفرد والمجتمع) (ص21): (إن الله فوق العرش بذاته منفصل من خلقه)
وفي كتاب (معارج القبول) لحافظ حكمي (1/235): (إن الله ينـزل إلى السماء الدنيا وله في كل سماء كرسي، فإذا نـزل إلى السماء الدنيا جلس على كرسيه ثم مد ساعديه، فإذا كان عند الصبح ارتفع فجلس على كرسيه)، ثم يقول: (يعلو ربنا إلى السماء إلى كرسيه)، وفي الصفحة التالية يقول: (قال النبي: إن الله يفتح أبواب السماء ثم يهبط إلى السماء الدنيا ثم يبسط يده)
وفي كتاب (شرح قصيدة النونية) لمحمد خليل هراس (ص774): (فرفعوا رؤوسهم فإذا الجبار قد أشرف عليهم من فوقهم)
وفي كتاب (رد الدارمي على بشر المريسي) (ص54): (معنى (لا يزول) لا يفنى ولا يبيد، لا أنه لا يتحرك ولا يزول من مكان إلى مكان)، ويقول في (ص54): (فإن أمارة ما بين الحي والميت التحرك وما لا يتحرك فهو ميت لا يوصف بحياة كما وصف الله الأصنام الميتة)، ويقول في (ص55): (فالله الحي القيوم الباسط يتحرك إذا شاء)
قلت: وعيت هذا.. فهات السابع.
قال: لعلك تعلم أن اليهود تنسب اليد والساعد والذراع والكف والاصابع جوارح حقيقية الى الله.
قلت: أجل.. ففي سفر الخروج (15/16): (بعظمة ذراعك يصمتون كالحجر)، وفي سفر المزامير (44/2-3):(أنت بيدك استأصلت الأمم وغرستهم لكن يمينك وذراعك)
قال: وهكذا يقول الوهابية.. ففي كتاب (رد الدارمي على بشر المريسي) (ص26) يقول الدارمي:(فأكد الله لآدم الفضيلة التي كرّمه وشرّفه بها وآثره على جميع عباده إذ كل عباده خلقهم بغير مسيس بيد وخلق آدم بمسيس)، وفي (ص 30):(فلما قال خلقت آدم بيدي علمنا أن ذلك تأكيد ليديه وأنه خلقه بهما)، وفي (ص 35):(عن ميسرة قال: إن الله لم يمس شيئاً من خلقه غير ثلاث: خلق آدم بيده، وكتب التوراة بيده، وغرس جنة عدن بيده)
وفي حاشية (كتاب التوحيد) لابن خزيمة يقول محمد خليل هراس المعلق على هذا الكتاب (ص 63):(فإن القبض إنما يكون باليد الحقيقية لا بالنعمة، فإن قالوا إن الباء هنا للسببية أي بسبب إرادته الإنعام، قلنا لهم: بماذا قبض؟ فإن القبض محتاج إلى آلة، فلا مناص لهم لو أنصفوا من أنفسهم إلا أن يعترفوا بثبوت ما صرح به الكتاب والسنة)، وفي ص 64 يقول المعلق أيضًا:(هذه الآية صريحة في إثبات اليد، فإن الله يخبر فيها أن يده تكون فوق أيدي المبايعين لرسوله ولا شك أن المبايعة إنما تكون بالأيدي لا بالنعم والقدر)
وفي كتاب (السنة) المنسوب لأحمد والذي نشره الوهابية (ص 77) يقولون فيه: (وكلّم الله موسى تكليمًا من فيه – يعني فمه – وناوله التوراة من يده إلى يده)
وفي كتاب (العقيدة) لمحمد بن صالح العثيمين (ص 90):(وعلى كل فإن يديه سبحانه اثنتان بلا شك، وكل واحدة غير الأخرى، وإذا وصفنا اليد الأخرى بالشمال فليس المراد أنها أنقص من اليد اليمنى)
قلت: وعيت هذا.. فهات الثامن.
قال: لعلك تعلم أن اليهود تنسب الرجل الجارحة والعين على معنى الجارحة الى الله تعالى.
قلت: أجل.. ففي سفر الخروج (13/20): (وكان الرب يسير أمامهم)، وفي سفر المزامير (53/2): (الله من السماء أشرف على بني البشر لينظر)، وفي سفر التكوين (3/8-10):(وسمعا صوت الإله ماشيا في الجنة)
قال: وهكذا يقول الوهابية.. ففي كتاب (طبقات الحنابلة) (1/32) يقول أبو يعلى: (والسموات والأرض يوم القيامة في كفه ويضع قدمه في النار فـتـنـزوي ويخرج قومًا من النار بيده)
وفي كتاب (عقيدة أهل السنة والجماعة) (ص 14-15) يقول ابن عثيمين:(ونؤمن بأن لله عينين اثنتين حقيقيتين)
وفي كتاب (رد الدارمي على بشر المريسي) (ص 69):(يضع الجبار فيها – أي في النار – قدمه فإذا كانت جهنم لا تضر الخزنة الذين يدخلونها ويقومون عليها فكيف تضر الذي سخرّها لهم)
وفي كتاب (فتاوى العقيدة) لمحمد بن صالح العثيمين (ص 112):(إن الله يأتي إتياناً حقيقياً)، ويقول في (ص 114):(فإن ظاهره ثبوت إتيان الله هرولة وهذا الظاهر ليس ممتنعا على الله فيثبت لله حقيقة)
قلت: وعيت هذا.. فهات التاسع.
قال: لعلك تعلم أن اليهود تنسب الجهة والحيز والمكان والحد الى الله.
قلت: أجل.. ففي سفر المزامير (2/4):(الساكن في السموات يضحك الرب)، وفي سفر التكوين (28/16):(حقّاً إن الرب في هذا المكان وأنا لم أعلم)، وفي نفس السفر (18/1): (وظهر له الرب عند بلوطات)، وفي سفر زكريا (2/13):(اسكتوا يا كل البشر قدام الرب لأنه قد استيقظ من مسكن قدسه)
قال: وهكذا يقول الوهابية.. ففي كتاب (رد الدارمي على بشر المريسي) والذي يجلونه ويعتبرونه أحد مراجعهم (ص 82):(بل هو على عرشه فوق جميع الخلائق في أعلى مكان وأطهر مكان)، وفي (ص96): (لأنا قد أيـَّنـَّا له مكاناً واحداً، أعلى مكان وأطهر مكان وأشرف مكان، عرشه العظيم المقدس المجيد فوق السماء السابعة العليا حيث ليس معه هناك إنس ولا جان ولا بجنبه حشٌّ ولا مرحاض ولا شيطان)، وفي (ص 100):(رأس الجبل أقرب إلى الله من أسفله، ورأس المنارة أقرب إلى الله من أسفلها لأن كل ما كان إلى السماء أقرب كان إلى الله أقرب، فحملة العرش أقرب إليه من جميع الملائكة)، وفي (ص 79):(إنه فوق عرشه بفرجة بينة، والسموات السبع فيما بينه وبين خلقه في الأرض)، وفي (ص 79):(وإله السموات والأرض على عرش مخلوق عظيم فوق السماء السابعة دون ما سواها من الأماكن من لم يعرفه بذلك كان كافر به وبعرشه)، وفي (ص 80) يقول :(لأنه وصف نفسه بأنه في موضع دون موضع ومكان دون مكان)
وفي كتاب (شرح نونية ابن القيم) لمحمد خليل هرّاس (ص 249) :(وهو صريح في فوقية الذات لأنه ذكر أن العرش فوق السموات وهي فوقية حسيَّة بالمكان فتكون فوقية الله على العرش كذلك، ولا يصح أبداً حمل الفوقية هنا على فوقية القهر والغلبة)
وفي كتاب (قرة عيون الموحدين) لعبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب (ص 263) ينقل ما نصه: (أجمع المسلمون من أهل السنة على أن الله مستو على عرشه بذاته)، ثم قال:(استوى على عرشه بالحقيقة لا بالمجاز)
قلت: وعيت هذا.. فهات العاشر.
قال: لعلك تعلم أن اليهود تنسب الأوصاف القبيحة والشنيعة إلى الله.
قلت: أجل.. وقد ذكر القرآن بعض أقوالهم في هذا.. فهل وقع الوهابية في هذا أيضا؟
قال: أجل.. وكيف لا يفعلون وهم يتتلمذون على اليهود.
قلت: فاذكر لي أدلة على هذا، فأنت تعلم أني لا أقبل الدعاوى من غير براهينها.
قال: من ذلك ما ورد في كتاب (فتاوى العقيدة) للعثيمين (ص 50) يقول: (لا يوصف الله بالمكر إلا مقيداً، فإن قيل كيف يوصف الله بالمكر مع أن ظاهره أنه مذموم قيل إن المكر في محله محمود)، وفي ص 51 يقول: (إن الله له مَلَلٌ وأما مَلَلُ الله فإنه ملل يليق به عز وجل)، وفي ص 52 يقول:(وأما الخداع فهو كالمكر يوصف الله به حين يكون مدحًا)
انتفضت من مكاني غاضبا، وأنا أردد: أوصلت بهم الجرأة إلى هذا الحد؟
قال: من عزل أولياء الله وآل بيت رسول الله الذين أمرنا أن نتمسك بهم لا يمكن أن يقع إلا في يد اليهود ليتلاعبوا به وبعقيدته ما شاءت لهم أهواؤهم أن يتلاعبوا.
قلت: ولكنك لم تذكر لي مشايخهم من اليهود، أنت ذكرت لي فقط ما تتلمذوا به على اليهود.. أنت ذكرت لي الدروس، ولم تذكر لي المدرس.
قال: يكفيك ما
حدثتك به اليوم.. سأحدثك في يوم آخر كيف بدأت القصة.. كيف عزل آل البيت الكرام
الذين أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن نتمسك بهم.. ثم كيف صار كعب
الأحبار ووهب بن منبه ومقاتل بن سليمان وغيرهم هم أساتذة المسلمين بدل على والحسن
والحسين وآلهم الطاهرين..
([1]) سنعرض في حلقات أخرى لتأثيرات اليهود المختلفة على الوهابية.
([2]) استفدت هذه المقالة من كتاب (دراسة مقارنة بين عقيدة الوهابية وعقيدة اليهود) (انظر: http://soufia.org)..
([3]) عقيدة أهل الإيمان في خلق آدم على صورة الرحمن، طبع دار اللواء – الرياض، الطبعة الثانية، ص/ 76:.
([4]) المصدر السابق: 77.