ابن فرحان.. والقرآنيون

ترك السائق ربيعا إلى أن انتهى من حديثه، وبعد ذلك أخرج شريطا من محفظته، وقال: لا بأس ما دمت قد اعتبرت علم الكلام علما مذموما، وأنه يتناقض مع القرآن الكريم.. فلدي هنا شريط لعالم يوافقك في بعض ما طرحته.. وهو من البلاد التي تطلقون عليها بلاد التوحيد.. وقد نذر حياته كلها للقرآن الكريم، فآراؤه وأفكاره ومواقفه كلها تنهل من بحار القرآن الكريم العذبة..
قال ربيع: لا بأس.. لكن من هو؟ فليس كل من نذر حياته للقرآن من أهل القرآن.. لا يكون الرجل من أهل القرآن حتى يكون من أهل الحديث.. ولا يكون من أهل الحديث حتى يكون من أتباع السلف.. السلف الصالح هم النظارة التي ننظر بها إلى الدين.. وهم الصراط المستقيم الذي جعله الله لعباده ليعصمهم من الضلالة.
قال السائق: لا بأس.. وإن كنت أختلف معك فيما ذكرت.. لكن هذا الرجل ابن للمدرسة التي تتحدث عنها، فقد تتلمذ على مشايخها، ولديه علم بالحديث والرواية، بل لديه فوق ذلك قدرة على الجرح والتعديل وتمحيص النصوص، لا الحديثية فقط، بل التاريخية أيضا.. ولهذا هو يدعو إلى تهذيب التراث وغربلته وإخراج الدخيل عليه.
فرح ربيع، وقال: هذا من نبحث عنه.. هلم به.
أراد السائق أن يضع الشريط، لكن ربيعا أوقفه، وقال: انتظر.. أنت لم تذكر اسمه..
قال السائق: لقد ذكرت لك صفاته.. وفيها ما يغني عن ذكر اسمه.. فالحق يعرف بأوصافه لا بأسماء أصحابه.
قال ربيع: لا.. هذا عندكم معشر المبتدعة.. نحن – بقية السلف وحماة الدين – لا نكتفي بالأوصاف، بل ننظر إلى الأسماء وندقق فيها حتى لا يتسرب للدين المبتدعة والضالين الذين يخدعون الناس بأوصافهم.
قال السائق: لا بأس.. إنه حسن بن فرحان المالكي..
وقف ربيع، والزبد يتطاير من فمه، وهو يقول: أوقفه، أوقف الله أنفاسك.. ما الذي تريد أن تسمعنا؟.. إن هذا الرجل رأس من رؤوس الضلالة.. ألا تعلم ما ألف أنصار السنة والسلف حوله من المؤلفات التي تحذر منه.. إنها كثيرة جدا.. منها (الانتصار للصحابةِ الأخيار في ردِّ أباطيل حسن المالكي) للعلم العلامة الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد البدر.. ومنها (الرد السديد على مطاعن حسن المالكي على أئمة الدعوة ومقررات التوحيد) للأثري السلفي الثقة الشيخ إبراهيم بن عامر الرحيلي.. ومنها (دحر افتراءات أهل الزيغ والارتياب عن دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب) لشيخ الجرج والتعديل في هذا العصر بلا منازع الشيخ ربيع المدخلي.. وغيرها كثير.
قال السائق: أرى أن أصحابك ليس لهم شغل إلا التأليف في الرد على من يخالفهم.
قال ربيع: صدقت في هذا.. فهم القائمون على حصن الدين.. وقد آتاهم الله قوة في التأليف، ومدادا كثيرا حولوا منه سهاما نصبوها لحرب أعداء الله، وكل من ينحرف عن دين الله وسنة رسول الله.. لقد كتب شيخنا العلامة محمد ناصر الدين الألـباني كتابه (دفاع عن الحديث النبوي والسيرة في الرد على جهالات الدكتور البوطي).. وكتب (الرد على أرشد السلفي).. وكتب (الرد على التعقيب الحثيث).. وكتب (الرد على رسالة الشيخ التويجري في بحوث من صفة الصلاة).. وكتب (الرد على السخاف فيما سوَّده على دفع شُبه التشبيه).. وكتب (الرد على الشيخ إسماعيل الأنصاري في مسألة الذهب المحلّق).. وكتب (الرد على عز الدين بيلق في منهاجه).. وكتب (الرد على كتاب: تحرير المرأة في عصر الرسالة).. وكتب (الرد على كتاب: ظاهرة الإرجاء).. وكتب (الرد على كتاب المراجعات).. وكتب (الرد على هدية البديع في مسألة القبض بعد الركوع).. وكتب (الرد المفحم على من خالف العلماء وتشدد وتعصب).. وكتب (كشف النقاب عما في كلمات أبي غدة من الأباطيل والافتراءات).. وكتب (النصيحة بالتحذير من تخريب ابن عبد المنان)
ولا يقل عنه شيخنا الكبير العلامة المحدث بقية السلف الشيخ مقبل بن هادي الوادعي، فقد حول هو الآخر كل ما آتاه الله من مدادا سهاما وجهها لحرب أعداء السنة.. فقد كتب (الطليعة في الرد على غلاة الشيعة).. وكتب (رياض الجنة في الرد على أعداء السنة).. وكتب (إرشاد ذوي الفطن لإبعاد غلاة الروافض من اليمن).. وكتب (الإلحاد الخميني في أرض الحرمين).. وكتب (ردود أهل العلم على الطاعنين في حديث السحر).. وكتب (المصارعة).. وكتب (قمع المعاند وزجر الحاقد الحاسد).. وكتب (غارة الأشرطة على أهل الجهل والفسفطة).. وكتب (تحفة الشباب الرباني في الرد على الإمام محمد بن علي الشوكاني).. وكتب (غارة الفصل على المعتدين على كتب العلل).. وكتب (إعلان النكير على أصحاب عيد الغدير).. وكتب (إقامة البرهان على ضلال عبد الرحيم الطحان).. وكتب (فضائح ونصائح).. وكتب (البركان لنسف جامعة الإيمان).. وكتب (إسكات الكلب العاوي يوسف بن عبد الله القرضاوي).. وكتب (صعقة الزلزال لنسف أباطيل أهل الرفض والاعتزال)
ومثلهما كتب شيخنا الكبير العلامة ربيع بن هـادي عمير المدخـلي.. فقد كتب..
قاطعه السائق، وهو يقول: لا بأس.. أرانا لن ننتهي لو عددت لنا كل ما ألفه مشايخك في الردود.. فهل تدعنا نسمع لابن فرحان بنية الرد عليه.. لا بنية الاستفادة منه.
قال ربيع، والربد يتطاير من فمه: ويلك ثم ويلك.. أتريد أن تحتال علي.. لقد حذرنا أئمتنا من الاستماع إلى أهل البدع، ولو بنية الرد عليهم..
قال السائق: فكيف يردون عليهم ما داموا يحرمون الاستماع لهم؟
قال ربيع: للعلماء الأعلام فقط حق الاستماع.. وبعدها يصدرون مواقفهم وردودهم.. ونروح نحن بما أوتينا من قوة نتسابق لنشر تلك الردود والتحذيرات.
قال السائق: اصدقني القول.. هل قرأت شيئا لابن فرحان، أو سمعت له شيئا.
قال ربيع: معاذ الله.. ولكني قرأت كل ما كتب عنه، وسمعت لكل من رد عليه.. وبذلك يمكنني أن أقول: إني أعرفه أكثر من الذين استمعوا له..
قال السائق: كيف ذلك؟
قال ربيع: لأن أعلامنا من أهل الجرح والتعديل يدركون ما لا ندرك.. فقد يكون الكلام صحيحا ومعسولا لكنه يحوي السم الزعاف.. ولذلك لا نقبل شيئا إلا بعد أن يمر على مصفاة أهل السنة والحديث..
قال السائق: لكن الشيخ حسن على حسب ما أعلم تتلمذ على بعض المشايخ الذين تثق فيهم.
قال ربيع: أجل علمت ذلك.. وقد أرسل صديقنا الباحث السلفي الأثري سليمان بن صالح الخراشي رسالة إلى الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن السعد، الذي يدعي ابن فرحان أنه تتلمذ على يديه، وقد جاء فيها: (لا يخفى عليكم ما يقوم به المدعو حسن بن فرحان المالكي من نشر لضلالاته بين الحين والآخر ؛ ومن ذلك: تهجمه على صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى عقيدة السلف الصالح، ومحاربتها بما ينشره من مذكرات خبيثة؛ كمذكرته التي طبعها بعنوان (قراءة في كتب العقائد) وقد شحنها بلمز كثير من علماء السنة الذين ألفوا في العقيدة، بلهجة حانقة لا تصدر إلا عن مبغض شانئ لهم، وكان من آخر مخازي هذا الرجل نشره لمذكرة بعنوان (نقض كشف الشبهات) يحمل فيها هذا المعتوه حملة شعواء على شيخ الإسلام المجدد محمد بن عبدالوهاب، ويلصق به مذهب تكفير المسلمين، ويدافع عن القبوريين.. وقد تواترت لدينا الأخبار – فضيلة الشيخ – أن هذا المبتدع يتبجح في كثير من مجالسه بأنه كثير المدارسة لكم في علم الحديث، والأخذ منكم، بما يوهم السامعين أنكم راضون عن مسلكه الذميم – والعياذ بالله – تلبيساً منه على بعض طلبة العلم ممن يحسنون الظن بكم.. ونحن نتمنى من فضيلتكم بما عرفناه عنكم من صدع بالحق بيان حقيقة هذا الرجل؛ حتى لا يغتر به أحد ويصدق دعواه، جعلكم الله من أنصار دينه)
وقد رد عليه الشيخ برسالة جاء فيها: (إن حسن بن فرحان المالكي إنسان ضال متبع لهواه، منحرف عما جاء في كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، مخالف لما عليه المسلمون.. وقد رددت عليه في مقدمة كتاب (الإبانة لما للصحابة من المنزلة والمكانة) فيما يتعلق بطعنه في الصحابة، وذلك قبل أن يظهر طعنه بالعقيدة الأثرية التي جاءت في الكتاب والسنة.. وقد حضر فيما سبق بعض دروسي وجرى عدة لقاءات بيني وبينه، وذلك قبل أن يٌظهر كثيراً من ضلالاته وإنحرافاته، وكنت أترفق به وأحاول معه ؛ حتى يتبع الحق، وقد نصحته ولكن الرجل استمر على إنحرافه، بل وزاد في الضلال والغي)
التفت ربيع إلى السائق: ألا ترى كيف تبرأ الشيخ من تلميذه.. ألا يكفيك هذا حتى تتبرأ منه أنت الآخر؟
قال السائق: أنا لا أتبرأ إلا من نفسي الأمارة بالسوء.. أما الخلق فهم لله، وهو أعلم بهم مني.. لكني لم أسمع إلا تجريحا مجردا عن أي بينة.
قال ربيع: هل تريد أن أفصل لك ما ذكره أعلامنا من بينات تدل على ضلاله.. إن ذلك محال.. ولن تكفي جميع أيام الدنيا لذلك؟
قال السائق: ألهذا الحد بلغت جرائمه؟
قال ربيع: أجل.. لقد كتب فضيلة الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي جوابا على من سأله عن حال المالكي الذي ننعته بالهالكي، فقال: (كثر في عصرنا الحداثيون والعلمانيون والمعتزلة وغيرهم من أصحاب العقائد الفاسدة، الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، وأخطرهم وأعظمهم أثرا من جمع خليطاً من هذه العقائد الفاسدة والأفكار المنحرفة، لا سيما الطعن في الصحابة، والقدح في أهل السنة وفي كتبهم، والدفاع عن أهل الضلال، وعلى رأس هؤلاء حسن بن فرحان المالكي، الذي قد تضخمت انحرافاته، وتعاظم شره)
ألا ترى كيف اعتبره هذه العلم العلامة جامعا لرذائل أهل الملل والنحل؟
قال السائق: لقد سمعت حديثه عن الصحابة.. وهو لا يرقى إلى ما ذكرت.. كل ما في الأمر هو أنه يريد العودة بالدين إلى صفائه وأصالته.. وقد وجد من قومه من يريدون نسف ما ورد في القرآن الكريم من معان وقيم سامية بما ورد عن بعض الصحابة مما يخالفها، فدعاهم إلى تحكيم عقولهم، والتحقيق فيما نقل عن الصحابة حتى لا ننسخ المعاني السامية للدين بما فعله الصحابة أو بعضهم أو فهموه من الدين.. فالصحابة بشر كسائر الناس، وهم يخطئون كما أنهم يصيبون، ولذلك يحتاج من يريد أن يعود بالدين إلى صفائه أن يميز بين ما أخطأوا فيه وما أصابوا.. وليس في ذلك أي حرج.
لقد سمعته يروي عن الصحابة أنفسهم ما يؤيد هذا المعنى، لقد نقل عن أنس بن مالك قوله: (ما أعرف شيئاً مما كان على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم! قيل آلصلاة؟ قال أليس ضيَّعتم ما ضيَّعتم فيها؟)([1])
بالإضافة إلى هذا، فقد كان التابعون أحيانا يخلطون في رواياتهم عن الصحابة، فعن بسر بن سعيد، قال: اتقوا الله، وتحفظوا من الحديث، فوالله لقد رأيتنا نجالس أبا هريرة، فيحدث عن رسول الله، ويحدثنا عن كعب، ثم يقوم ; فأسمع بعض من كان معنا يجعل حديث رسول الله عن كعب ويجعل حديث كعب عن رسول الله)([2])
ولهذا، فإنه يدعو إلى إنقاذ الإسلام من كل التأثيرات السلبية التي دخلت إليه من اليهود أو النصارى أو غيرهم من أهل الملل، والتي أشار إليها صلى الله عليه وآله وسلم في قوله: (لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا شبرا وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم). قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: (فمن؟)([3])
وقد وضع لذلك ضابطا مهما، وهو عرض ما ورد في الروايات على القرآن الكريم، فما وافقه قبل، وما خالفه رفض، وقد ورد في ذلك حديث شريف، فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: (ستكون علي رواة يروون الحديث، فأعرضوا القرآن، فإن وافقت القرآن فخذوها وإلا فدعوها)([4])
انتفض ربيع غاضبا، وقال: هذا الحديث غير صحيح، وكل ما ورد في هذا الموضوع أحاديث مناكير وبواطيل، قد طعن فيها غير واحد من الأئمة كالشافعي وغيره.. بل قال يحيى بن معين عنه: هذا حديث وضعته الزنادقة.. وسئل مرة: ما تقول في الحديث الذي يروى عن النبي ﷺ: (ما حدثتكم من حديث فاعرضوه على القرآن، فما وافق القرآن فخذوه، وما عارضه فردوه؟) فقال ابن معين: لقد عرضناه على القرآن فوجدناه كذباً، فقيل: كيف؟ قال: لأن الله عز وجل يقول: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)
قال السائق: أنت لم تفهم مراد الحديث.. فهو لا يقصد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليس مستقلا بعرض الحقائق أو بيان شرائع الدين، وإنما يقصد أنه في حال تعارض الحديث مع القرآن الكريم نقدم القرآن باعتباره متواترا، بخلاف الحديث الذي دخله الوضاعون والكذابون وغيرهم.. وإلا فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أعظم من أن يخالف ربه، أو كلام ربه.
قال ربيع: ويل لك.. ما أجرأك على أهل الحديث.. هل تعلم مرتبة ابن معين حتى تعقب عليه.. لقد قال فيه..
قاطعه السائق، وقال: أعلم ما قيل فيه، وأنا أحترمه وأقدره، ولكن القرآن الكريم أعظم حرمة عندنا من ابن معين وغيره.. اسمع إليه وهو يدعونا إلى التحاكم إلى كتاب الله في حال الخلاف، قال تعالى: (كَانَ النّاسُ أُمّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النّبِيّينَ مُبَشّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ) [البقرة:213]، وأنكر على المعرضين عن ذلك المنهج، فقال: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مّنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَىَ كِتَابِ اللّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمّ يَتَوَلّىَ فَرِيقٌ مّنْهُمْ وَهُمْ مّعْرِضُونَ) [آل عمران:23]
قال ربيع: إن جرأته على هذا هي التي جعلته يتجرأ بعد ذلك على الجميع ابتداء من الصحابة الذين أخرج أكثرهم من الصحبة، بحجة أن القرآن الكريم ذكر المهاجرين والأنصار ولم يذكر الصحابة.. حتى أنه أخرج خال المؤمنين وكاتب وحي رب العالمين من الصحبة، وتكلم فيه كلاما شديدا قاسيا..
ولم يكتف المجرم بذلك بل ذكر أن العلماء شككوا في إسلام أبي سفيان.. وذكر أن أبا هريرة يروي عن كعب الأحبار بعض الإسرائيليات فيرويها الناس عنه ظناً منهم أنها أحاديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقال عن أبي هريرة: إنه يهم وينسى في التحديث، وذكر عن عبد الله بن عمرو أنه ظفر بزاملتين يوم اليرموك فهو يحدث منهما فيظن الناس أنه يحدث عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم..
بل فوق ذلك هو معطل جهمي معتزلي ينكر إثبات بعض الصفات التي وردت في السنة، ويزعم أن فيها تشبيهاً وتجسيماً.. ويرى أن أهل السنة يثبتون بعض الصفات لله التي أخذوها من التلمود، ويتهم الحنابلة بأنهم متفقون مع العامة بالتجسيم والتشبيه.
وهو فوق ذلك كله يدندن في كتبه على أن عقيدة أهل السنة صنعها الصراع السياسي، وأنها تشكلت حسب الصراع، وليس بناء على الأدلة الشرعية أو اتباع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أو الصحابة، ثم رمى الأمة بأنها أحدثت في العقيدة أموراً ما أنزل الله بها من سلطان وذلك بأسباب الصراعات السياسية كالقول بعدم خلق القرآن أو تشبيه الله بخلقه بإثبات صفات له كصفات البشر.
وفوق ذلك كله تراه كثير اللمز لأئمة أهل السنة، فقد ذكر أن ابن تيمية هو الذي أحيا عقيدة النصب بعد أن كادت تنتهي في بداية القرن الثامن.. وذكر أن ابن كثير ناصبي متأثر بأهل بلده، ومثله الذهبي.. واعتبر البربهاري صاحب إرهاب فكري على خصومه.. وأن عبد الله بن الإمام أحمد يروي الخزعبلات والموضوعات والإسرائيليات.
وفوق ذلك فهو يتهم الأمة بأنها لم تقاتل لأجل الدين، بل كانت تقاتل لأجل الدنيا، بل قال: (أنا لا أعد الفتوحات الإسلامية إلا في عهد الخلفاء الراشدين، أما العهد الأموي فغالباً أسميه استعماراً أموياً)
وقد ختم كل هذه المنكرات بنقد الإمام المجدد الذي استطاع – بتوفيق الله ثم بما أعطاه الله من علم وحنكة وإخلاص لربه – أن يغير حالة الجزيرة العربية وما حولها من البلدان من كونها تعيش في جاهلية جهلاء تغلب عليها الوثنية من عبادة الأصنام والأوثان والقبور والأشجار إلى جعلها مركزا ومقرا للتوحيد الخالص، ألا وهو الإمام الشيخ محمد بن عبدالوهاب، محيي السنة وقامع البدعة، حيث تناول كشف الشبهات الذي يعتبر من أنفس ما كتب في توحيد الإلهية والرد على المشركين وكسر شبههم، فتناول المالكي هذا الكتاب الجليل بالرد الذي سماه نقض كشف الشبهات.
وبناء على كل هذه الجرائم التي ارتكبها، فقد قرر مشايخه حرمانه من لقب (أهل السنة) ليدخل في ألقاب أهل البدعة، بل حرمناه حتى من اسم قبيلته بني مالك، فصرنا نناديه (الهالكي)
وقد دعوناه إلى مباهلة علنية، فرفض، وهذا ما يدلك على كذبه وضلاله وبهتانه.. فليس بيننا وبين المبتدعة سوى المباهلة.
قال السائق: لعله رفض المباهلة لأجل نصها.. فما كان نصها؟
قال ربيع: باهلناه على أن (من كان في قلبه خبيئة على أحد من
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأهلكه الله.. ومن كان في قلبه دخن على شيخ الإسلام ابن تيمية
فأهلكه الله.. ومن كان في قلبه غل على العقيدة السلفية فأهلكه الله.. ومن كان في
قلبه غش على منهج السلف الصالح فأهلكه الله)
([1]) رواه البخاري.
([2]) سير أعلام النبلاء – [ج 2 / 606].
([3]) رواه البخاري ومسلم.
([4]) تاريخ دمشق لابن عساكر، وهو متواتر في كتب الشيعة.