عاشرا ـ الكائنات

في اليوم العاشر، ذهبت إلى مذبح في ضواحي المدينة سمعت أن جمعية للرفق بالحيوان من بلادنا زارته، وكان من أعضائها صديق قديم.. كان في بلادنا أشهر من نار على علم.. لعلك سمعت به.. إنه (جوان بلمنت).. لقد كان (ماتادورا).. أو كما تعبرون أنتم (مصارع ثيران)([1]).. بل كان من أشهر من مصارعي الثيران.. وكان كثيرا ما يحدثني عن بطولاته في قهر الثيران المسكينة.
لقد كان يحدثني بحماسة عن دخوله للميدان المخصص للمصارعة.. وكيف كان يقوم بمواجهة الثور بمفرده.. وكيف كان يحاور الثور المهاجم بتحريك رداء أو قطعة من القماش.. وكيف كان يقتل الثور في نهاية المصارعة بكل برودة.. لتصيح الجماهير بعدها تحييه، وتحيي بطولته، وتحيي معها قسوة قلبه اللامتناهية.
في ذلك اليوم تعجبت إذ رأيته هناك.. فلم يكن المذبح مذبح ثيران، بل كان مذبح دجاج.. فتساءلت بيني وبين نفسي: ما بال الرجل جاء لهذا المحل.. أتراه تحول – بسبب تقدم سنه – من مصارعة الثيران إلى مصارعة الدجاج.. أو تراه جاء يطلب بعض الديكة ليجري بينها الصراع.. فقد أخبرني أنه – كما يهوى مصارعة الثيران – يهوى مصارعة الديكة([2]).
لم تكن المفاجأة برؤيتي له في ذلك المحل أكبر من مفاجأتي من حديثه.. لقد رأيته يخاطب الجموع الملتفة حوله من عمال ذلك المذبح.. وفي عينيه دموع لو لم أكن أعرفه جيدا لصدقت أنها دموع رحمة.. ولكن معرفتي الطويلة به، وبأسلوبه في الحياة جعلني أرى في دموعه ما لا أرى في دموع غيره.
لقد كانت دموعه أشبه بذلك المنديل الذي كان يحاور به الثيران.. فهو خدعة من خدعه، وحيلة من حيله.. وقد أفصح لي عنها مرة عندما رأيته يبكي، فحزنت لبكائه، وراحت دموعي تزاحم دموعه، وفجأة ضحك بصوت عال، وقال: ها قد نجحت في أن أجرك إلى حلبتي.
قلت له حينها: ما تعني؟
قال لي، وهو لا يزال يضحك: لقد علمتني مصارعة الثيران أشياء كثيرة في حياتي، من بينها قدرتي على التلاعب بالعقول والعواطف.. فأنا يمكنني أن أبكي من شاء.. كما يمكنني أن أضحك من أشاء.
في ذلك اليوم.. وفي تلك اللحظات.. رحت أستمع إليه، وأرى في نفس الوقت وجوه المستمعين، وهي منشغلة انشغالا تاما بحديثه.
كان يمسك بيده دجاجة مذبوحة، وهو يقول: إن هذه الدجاجة المسكينة التي ترونها كائن حي له من المشاعر والأحاسيس ما لنا جميعا.
إنها تشعر بالألم كما نشعر.. وهي تحب الحياة كما نحبها.. وهي لا ترضى أن يحصل لها ما حصل كما لا نرضى أن يحصل لنا.
تصوروا أنفسكم في هذا الموقف.. أو تصوروا أحب الناس إليكم، وقد أصابه ما أصاب هذه الدجاجة المسكينة.
قال ذلك، ثم اغرورقت عيناه بدموع لم يستطع في الظاهر أن يحبسها.
قام بعض الحضور، وقال: نحن نقدر مشاعرك النبيلة.. ولكن ما الحل الذي تراه؟.. هل ترى أن نتوقف عن أكل الدجاج وسائر الحيوان؟
قال بلمنت – وقد توقفت دموعه فجأة -: لا.. أنا لم أقل ذلك.. أنا لم أقل لكم تحولوا إلى نباتيين.. فأنا أعرف أن جسم الإنسان يحتاج إلى بروتينات حيوانية.. وأنا شخصيا من المدمنين على أكل اللحوم بجميع أنواعها.
قال الرجل: فما الحل إذن؟
قال بلمنت، وهو يشير إلى رأس الدجاجة: أنا أحدثكم عن هذا.. حاولوا أن تستشعروا الألم الذي شعرت به هذه الدجاجة، وهي تسلم رأسها للسياف.. انظروا كيف أذاقها الموت الزؤام.. وكيف شربته قطرة قطرة..
قال الرجل: فما الحل؟
هنا تحول بلمنت إلى مصارع ثيران حقيقي، حيث راح يتحرك بكل قوة، وهو يقول: الحل بسيط.. بسيط جدا..
لقد استطاعت حضارتنا العظيمة أن تجد الحل.. وقد طبقناه في بلادنا.. وقد أتيناكم به هنا لتطبقوه، وتتخلوا عن تلك الأعراف الجاهلية البائدة التي جاءكم بها ذلك الذي تدعونه محمدا([3]).
***
عندما قال هذا تغيرت وجوه العمال، وقام أحدهم، وقد عرفت بعد ذلك أن اسمه (غلام مصطفى خان)، وعرفت أنه رئيس جمعية أطباء المسلمين في بريطانيا، وقال: ما تعني؟
قال بلمنت: لقد رأيت الكثير من الناس.. وصحبت الكثير.. وقرأت عن الكثير.. لكني لم أجد رجلا قسا على الكائنات كما قسا عليها محمد ودين محمد.
قال خان: وكيف عرفت ذلك؟
قال بلمنت: ألا يكفي هذا الرأس ليدلك على ذلك.. ألا ترى أنه لا يسيل الدماء إلا المتعطش للدماء؟
قال خان: ولكنك ذكرت لنا أنك من المدمنين على اللحم، ومن المحبين له.. فكيف تراك تحصل عليه؟.. أتنتظر الحيوان حتى يموت لتأكله؟
غضب بلمنت غضبا شديدا لا يختلف عن غضبه في حلبة الصراع، وقال: أنت تشتمني بقولك هذا يا رجل.. أنا إلى الآن أخاطبكم بالرفق واللين.. كيف تتهمني بأكل الميتة؟
قال خان: أتراك تقطع الحيوان.. وهو حيوان حي صحيح لتأكله؟
قال بلمنت: أتبلغ بي القسوة إلى هذا الحد؟
قال خان: فكيف تأكله إذن ما دمت لا تأكله ميتة، ولا تأكله مذبوحا؟
قال بلمنت: لقد ذكرت لكم أن حضارتنا وجدت الحل.. لقد وجدنا الحل الممتلئ بالرحمة.. وهو حل يخلصكم من قسوة محمد ودين محمد.
قال خان: فأسعفنا به.
قال بلمنت: الحل بسيط جدا.. بدل أن يذبح الحيوان بالسكين الحادة المؤلمة، استطاع قومنا أن يخلصوه من روحه من دون أي ألم.. وقد جئنا هنا لنعلمكم ذلك.
لا شك أنكم تعرفون الكهرباء.. وتعرفون الصعقة الكهربائية([4])..
إن هذه تقنيات حديثة لم تكن في عهد محمد.. ولعلها لو كان في عهده لأخذ بها.. هذا طبعا إن كان في قلبه شيء من الرحمة.
قال خان: لقد رأيت ما تمارسه المجازر التي تريد أن تنقل تقنياتها إلينا، وقد عرفت السر في عملها هذا.. إنها تدعي أن قصدها هو رحمة الحيوان.. ولكن الهدف الحقيقي المخبأ وراء ذلك هو الحصول على أكبر كمية من اللحم في مدة قصيرة.. أو بعبارة أخرى هي تهدف لتحقيق مكاسب تجارية على مستوى واسع.. أو بعبارة أخرى هي تضحك على الحيوان المسكين أو على البشر المساكين حين توهمهم أن الصعقة الكهربائية أرحم وأحن على الحيوان من تلك الشفرة الحادة التي يستعملها المسلمون، كما استعملها قبلهم أجيال كثيرة من البشر.
لقد قمت مع مجموعة من الأطباء بإجراء تحقيق كامل في مثل هذه اللحوم، ووصلت إلى مجموعة نتائج..
منها أن تخدير الحيوان قبل الذبح يسبب فتورا لدى الحيوان، وانكماشا في قلبه، فلا يخرج منه الدم عند الذبح بالكمية التي تخرج عادة.. ومن المشاهد أن طعم اللحم الذي خرج منه الدم كاملا غير طعام الحيوان الذي بقيت فيه كمية من الدم.. وقد رأيت أثناء تواجدي في (برمنجهام) أن من الإنجليز من يفضل الحيوان المذبوح بالطريقة الإسلامية للأكل؛ وذلك لأجل طعمه المتميز عن بقية اللحوم.
ومنها أن الصدمة الكهربائية لا تؤدي مقصودها في جميع الأحوال، فإذا كانت الصدمة مثلا خفيفة بالنسبة لضخامة الحيوان بقي مفلوجا بدون أن يفقد الحواس ويشعر بالألم مرتين: الأولى: بالصدمة الكهربائية أو بضربة المسدس، والثانية: عند الذبح.. أما إذا كانت الصدمة الكهربائية شديدة لا يتحملها الحيوان، فإنها تؤدي إلى موته بتوقف القلب، فيصير ميتة لا يجوز أكله بحال من الأحوال.
ومنها أن الطريقة المتبعة لدى المسلمين أرحم بالحيوانات؛ وذلك لأن الذبح يتم بسكين حاد بسرعة فائقة، ومن الثابت أن الشعور بالألم ناتج عن تأثير الأعصاب الخاصة بالألم تحت الجلد، وكلما كان الذبح بالطريقة المذكورة خف الشعور بالألم أيضا، ومن المعروف أن قلب الحيوان الذي لم يفقد حسه أكثر مساعدة على إخراج الدم.
***
قال ذلك، ثم التفت لصديق له عرفت بعد ذلك أن اسمه (محمد أسد)([5]).. وقال له: أخبرهم يا محمد عن التعاليم التي جاء بها الإسلام في شأن التعامل مع الذبيحة.
قال محمد: لقد دعا الإسلام إلى الرحمة الشاملة التامة العامة.. ومنها الرحمة بالحيوان إذا أريد ذبحه..
ومن هذه الرحمة أن يحسن الذابح الذبح، وأن يحد الشفرة، وأن يريح الذبيحة.. ففي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:(إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته)([6])
ومنها أن يستر الشفرة عن الذبيحة حتى لا تتألم برؤيتها.. ففي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأى رجلا يحد الشفرة أمام الشاة، فقال له: (أتريد أن تميتها ميتتين؟.. هلا أحددت شفرتك قبل أن تضجعها)([7])
ومنها أن لا يذبح الحيوان أمام غيره من الحيوانات، فقد قال علي بن أبي طالب:(لا تذبح الشاة عند الشاة، ولا الجزور عند الجزور وهو ينظر إليه)
ومنها عدم قطع أي جزء منها قبل موتها، فالقطع تعذيب وحرام،ولا يجوز أكل ما يقطع منها قبل ذبحها، كما لا يجوز قطع أي شيء منها قبل أن تستقر- أي يتأكد من موتها- امتثالا لقول الله تعالى:{.. فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا.. (36) } (الحج)، فلم يبح الله أكل شيء منها قبل وجوب الجنب، وهو الموت.. ويدخل في باب التعذيب جمع الأغنام معا وذبحها بالدَوْر وهي تشاهد الذبح.
ومنها معاملة الحيوان بعد ذبحه برفق، فلا يكسر عنقه، ولا يقوم بسلخه أو قطع أي عضو منه حتى يبرد، فإذا فعل ذلك فقد أساء..
***
قام آخر، وقد عرفت بعد ذلك أن اسمه (أبو حذيفة) ([8])، وقال: وفوق ذلك، فقد حذر صلى الله عليه وآله وسلم من اتخاذ الحيوان وكل ذي روح غرضاً، أي هدفاً للرمي.. فعن ابن عباس قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن قتل كل ذي روح إلا أن يؤذي)([9])
ونهى صلى الله عليه وآله وسلم عن قتل العصافير، فقال:(من قتل عصفورا عج إلى الله يوم القيامة يقول: يا رب إن فلانا قتلني عبثا ولم يقتلني منفعة)([10])
وقال: (ما من إنسان قتل عصفورا فما فوقها بغير حقها إلا سأله الله عز وجل عنها)، قيل: يا رسول الله وما حقها ؟ قال: (يذبحها فيأكلها ولا يقطع رأسها يرمي بها)([11])
ونهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن تعريض الحيوانات للجوع.. ففي الحديث عن عبد الله بن جعفر قال: ركب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بغلته وأردفني خلفه، فدخل حائطا لرجل من الأنصار، فإذا فيه ناضح له، فلما رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم حن وذرفت عيناه، فنزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فمسح ذفريه وسراته فسكن، فقال: من رب هذا الجمل؟ فجاء شاب من الأنصار فقال: أنا، فقال: (ألا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها، فإنه شكاك إلي وزعم أنك تجيعه وتدئبه)([12])
وأمر صلى الله عليه وآله وسلم بالرفق بالحيوانات المتخذة للركوب، فعن عائشة أنها ركبت بعيرا وفيه صعوبة، فجعلت تردده، فقال صلى الله عليه وآله وسلم:(عليك بالرفق)([13])
وكان صلى الله عليه وآله وسلم ينهى عن إرهاق الحيوان بإيقافه وإطالة الجلوس عليه من غير ضرورة.. وقد دخل على قوم وهم وقوف على دواب لهم ورواحل، فقال: (اركبوها سالمة، ودعوها سالمة، ولا تتخذوها كراسي لأحاديثكم في الطرق والأسواق، فرب مركوبة خير من راكبها وأكثر ذكرا لله منه)([14])
وقال صلى الله عليه وآله وسلم:(إياكم أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر، فإن الله إنما سخرها لكم لتبلغكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس، وجعل لكم الأرض فعليها فاقضوا حاجاتكم)([15])
ونهى صلى الله عليه وآله وسلم عن التحريش بين الحيوانات، وهو الإغراء وتهييج بعضها على بعض كما يفعل بين الجمال والكباش والديوك وغيرها.. ففي الحديث عن ابن عباس قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن التحريش بين البهائم)([16])
التفت (أبو حذيفة) إلى بلمنت، وقال: ويدخل في هذا ما يفعله المجرمون المستكبرون القساة في عصرنا مما يسمونه مصارعة الثيران.. فأين مايدعونه جمعية الرفق بالحيوان من هذه التي يسمونها رياضة؟
***
قام آخر، وقد عرفت بعد ذلك أن اسمه (خُزيمَة بن ثابت الأنصاريّ)([17])، وقال: ليس ذلك فقط.. بل إن شريعة الرحمة الإلهية التي أنزلها على عبده محمد صلى الله عليه وآله وسلم شملت برحمتها جميع الكائنات ما يعقل منها وما لا يعقل..
فكل مسلم – بفضل تلك التعاليم العظيمة – يشعر بعلاقة حميمة من الكون تبدأ من صحبته في الله، وتنتهى بالسير معه إلى الله.
ولذلك فإن المسلم الصادق لا يستكبر على تراب الأرض.. ولا على قطرات المطر.. ولا على أعشاب الحقول.
وهو إن احتاج أن يستعملها يستعملها فيما شرع الله له، ووفق الأدب الذي حثه عليه، فلا يغير خلق الله، ولا يبدل فطرة الله، ولا ينشر الفساد الذي ينشره العابثون.
لقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يربينا على ذلك:(لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من لعن والديه، لعن الله من آوى محدثا، لعن الله من غير منار الأرض – أي طرقها -)([18])
***
بقي خزيمة وغيره من رفاقه مدة من الزمان يحدثون بمثل هذه الأحاديث([19]) إلى أن رأيت، ولأول مرة دموعا حقيقية تسقط من عين ذلك الذي قضى حياته في مصارعة الثيران والديكة.
بعد أن سقطت تلك الدموع، فمسحت عن قلبه ما كان يمتلئ به من قسوة، قال يخاطب رفاقه، ويخاطب العمال: بورك فيكم إخواني.. لقد أنقذتموني من نفسي القاسية الظالمة.. لقد كنت مجرما.. بل مجرما خطيرا.. فلم يكن يضحك لي سن إلا بعد أن أرى الثور المسكين في حلبة الصراع، وهو يئن من الألم، ولا يجد المسكين أي لغة يعبر بها عن ألمه.
لقد أمضيت حياتي كلها أستمتع بتلك الآلام.. لكني وفي هذه اللحظة فقط شعرت بأنوار عظيمة تتنزل علي..
لاشك أنها أنوار محمد.. لطالما حذرني قومي منها.
ولكني مع ذلك أراها أنوارا لذيذة.. بل لا يمكن وصف لذتها.
فما أجمل الرحمة أن يمتلئ بها القلب.. وما أجمل الدموع التي تسقط من قلب صاف خال من كل حيلة ومكر وخداع.
قال ذلك، ثم صمت، وصمت معه الجمع قليلا.. ثم قطع الصمت بقوله: اسمحوا لي بهذه المناسبة العظيمة.. مناسبة سقوط أول دمعة رحمة من عيني أن أشهد بينكم بتلك الشهادة العظيمة التي وقف جميع الشياطين يحولون بيني وبينها..
اسمحوا لي أن أنطق بينكم في هذه اللحظات بشهادة الإسلام، التي وإن كنت قد اعتقدت بها متأخرا إلا أني أعلم بل أوقن أن الله الرحيم الرحمن لاشك يقبلها مني.
قال ذلك، ثم راح يردد بصوت خاشع الشهادتين.. وقد تبعه رفاقه في ذلك..
وحينها صاح جميع العمال مهللين مكبرين.. وقد صحت كما صاحوا..
وقد تنزلت علي حينها أنوار عظيمة اهتديت بها بعد ذلك إلى شمس محمد صلى الله عليه
وآله وسلم.
([1]) مصارعة الثيران رياضة تتم بين ثور ورجل.. وهي محرَّمة في الإسلام لما فيها من تعذيب وإيذاء للثيران، حيث نهى الإسلام عن ممارسة أي شكل من أشكال تعذيب الحيوان أو إيذائه.
([2]) مُصارعة الدِّيَكة: لعبة يتصارع فيها اثنان من ديكة المصارعة، وهي ديكة صغيرة، في نزال حتى الموت.. وهي تحتل مكانها باعتبارها واحدة من اللعبات الشعبية المحبوبة في أسبانيا وأمريكا اللاتينية، وأجزاء من شرق آسيا.. ولاشك في حرمة مثل هذا النوع من المصارعة لورود النهي عن التحرش بين الحيوانات، ولما في ذلك من الوحشية، وعدم الرفق بالحيوان. فإذا أضيف إلى ذلك الرهان بين المشاهدين كان ذلك أشد.
([3]) تحدثنا عن التفاصيل الكثيرة الدالة على رحمة الإسلام بالكائنات المختلفة في رسالة (أكوان الله).. ولذلك، فسنتحدث هنا عن بعض الأمثلة فقط، والتي يقتضيها المقام، من غير تفصيل.
([4]) ورد في التقرير المرفق الذي نشرته (مجلة المجتمع) الكويتية في عددها رقم (414) بتاريخ أول ذي القعدة 1398هـ عن طريقة الذبح في مذابح بريطانيا خاصة، وما يترتب على هذه الطريقة من آثار سيئة حسب تحقيق بعض الأطباء المسلمين في بريطانيا:
بالنسبة للخرفان والأبقار: يؤتى بالخروف والبقر إلى مكان مخصوص، حيث يقوم رجل بإيصاله صدمة كهربائية بواسطة آلة خاصة أشبه بالمقص توضع على مقدم رأسه مما يجعل الحيوان يفقد حواسه ويسقط على الأرض، وهناك طريقة أخرى لا تزال تتبع في كثير من الأمكنة، وهي ضرب الحيوان بمطرقة حديدية على الرأس، ويتم ذلك بطريق مسدس يتعلق بفوهته قطعة حديدية مثل الرصاص، فإذا أصاب الرأس سقط الحيوان مغشيا عليه، ثم يعلق رأسا على عقب برافعة، ويدفع إلى الجزار، فإذا كان الجزار مسلما- وذلك في مجازر معينة تستأجر للجزارين المسلمين لذبح كمية محدودة للاستهلاك المحلي للسكان المسلمين فقط- قام بذبح الحيوان المعلق بسكين حاد على الطريقة المألوفة لدى المسلمين فيخرج منه الدم بعد ذلك إلى المرحلة التالية من السلخ والقطع، وأما إذا كان الجزار غير مسلم قام بغرز السكين داخل الحلق من الطرف ثم أخرجه بقوة إلى الخارج، مما يقطع بعض أوداجه ليسيل منه الدم.
بالنسبة للدجاج: أما الدجاج فإنما يتم تخديره بصدمة كهربائية أيضا، ولكن على قاعدة الغسيل بالماء الذي يمر به التيار الكهربائي، ثم يجرح رقبته بسكين حاد أتوماتيكيا ليخرج منه الدم، إلى أن تتم المراحل الباقية من النتف والتصفية؛ ليكون جاهزا للتصدير.
([5]) أشير به إلى (محمد أسد) (1900-1992م)، وهو صحفى نمساوى يهودى وُلِد بإقليم من أقاليم بولندا كان تابعا آنذاك للإمبراطورية النمساوية، وكان يسمى ليوبولد فايس، ثم دخل فى الإسلام سنة 1926م بعد أن رحل إلى الجزيرة العربية، ثم انتقل بعد ذلك إلى شبه القارة الهندية حيث توثقت بينه وبين محمد إقبال عُرَى الصداقة، وظل يساعد فى إذكاء نهضة الإسلام فى تلك البلاد إلى أن انفصلت الباكستان عنها فانتقل إلى الإقامة فى الدولة المسلمة الجديدة واكتسب جنسيتها وأصبح مندوبها الدائم فى الأمم المتحدة حتى عام 1953م.. وقد ترك عدة كتب تُرْجِم بعضها إلى العربية، منها (الطريق إلى مكة)، و(الإسلام فى مفترق الطرق)، و(منهاج الحكم فى الإسلام)، وله ترجمة إنجليزية للفرآن الكريم.. وقد تحدثنا عنه ببعض التفصيل في رسالة (قلوب مع محمد) من هذه السلسلة.
([6]) رواه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة.
([7]) رواه الحاكم وعبد الرزاق.
([8]) أشير به إلى الصحابي الجليل (أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة)، كان من السابقين إلى الإسلام، فقد أسلم قبل دخول المسلمين دار الأرقم بن أبي الأرقم، وهاجر مع امرأته سهلة بنت سهيل بن عمرو إلى أرض الحبشة، وولدت له هناك ابنه محمد بن أبي حذيفة، ثم قدم على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في مكة، فأقام بها حتى هاجر إلى المدينة، وشهد المشاهد والغزوات كلها مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
([9]) رواه البخاري ومسلم.
([10]) رواه ابن حبان.
([11]) رواه النسائي.
([12]) رواه أبو داود وأحمد.
([13]) رواه مسلم.
([14]) رواه أحمد.
([15]) رواه أبو داود وقال إسناده حسن.
([16]) رواه أبو داود.
([17]) أشير به إلى خزيمة بن ثابت بن الفاكِه… بن مالك بن الأوس الأنصاريّ، لقب بـ «ذو الشهادتَين»؛ لحادثة وقعت زمن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، خلاصتها أنّ أعرابيّاً باع فَرَساً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثمّ أنكر الأعرابيّ البيعَ فأقبل خزيمة بن ثابت حتّى انتهى إلى الموقف وقال: أنا أشهد يا رسول الله لقد اشتريتَه منه. فقال الأعرابي: أتشهد ولم تحضرنا ؟! وقال له النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: أشَهِدتَنا ؟ فقال خزيمة:لا يا رسول الله، ولكنّي علمتُ أنّك قد اشتريتَه، أفأُصدِّقك بما جئتَ به من عند الله ولا اُصدّقك على هذا الأعرابيّ الخبيث ؟! فعجب له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال: يا خزيمة، شهادتك شهادة رجلَين.. فصارت مقولة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وساماً له، فصار يُقال له: «خزيمة بن ثابت الأنصاريّ ذو الشهادتين»
([18]) رواه مسلم.
([19]) ذكرنا التفاصيل الكثيرة المرتبطة بهذا في رسالة (أكوان الله)