ثامنا ـ الغذاء

في اليوم الثامن.. كان موضوع المحاضرات يتناول الغذاء في القرآن الكريم.
وقد تناولت المحاضرات الملقاة أنواع الأطعمة الواردة في القرآن الكريم، وما يرتبط بالأغذية من أحكام شرعية.. وكان أكثر الكلام فيها فقهيا.. كما كان أكثر المستدعين لها فقهاء.. وفقهاء امتلأوا بفقه التراث من غير أن يلموا بالواقع.. ومن غير أن يعرفوا ما حصل للغذاء من أنواع الفساد.
وقد ألقى صاحبي عالم التغذية محاضرته.. وقد حاول أن يعبر فيها عن تصوراته للغذاء السليم..
وصاحبي هذا يمزج بين مدارس مختلفة في التغذية، فهو من ناحية يميل إلى مدرسة الماكروبيوتيك في انتقادها الشديد للتغذية الحديثة.. وللسموم التي أفرزتها.
وهو من ناحية أخرى لا يرى كثيرا مما تراه من الغلو في بعض الأمور التي تتطلبها الصحة..
لقد كان من مدرسة خاصة.. تمزج بين مدارس مختلفة.
في ذلك اليوم طلب مني علي ـ عبر صديقه حذيفة ـ أن يستضيفنا في مطعم لا يبعد كثيرا عن الفندق الذي نقيم فيه.
كان اسم المطعم (مطعم البركة).. كان اسما جميلا وافق هوى كبيرا في نفس صاحبي عالم الغذاء.. فقد كان يؤمن بما يسمى بالبركة، وكان يشنع على أهل عصرنا غلوهم في الجانب المادي، وإهمالهم للجانب الروحي الذي أودعه الله في الأشياء.
في مدخل المطعم وجدنا لافتة مكتوبا عليها قوله صلى الله عليه وآله وسلم:(هلم إلى الغذاء المبارك) ([1])
بقي صاحبي عالم الغذاء ينظر إليها، ويتأملها، ثم قال لي: لا شك أن قائل هذه الكلمة حكيم لا يضاهى في حكمته.
قلت: لم؟
قال: لاختياره كلمة البركة بدل غيرها.. فلم يقل لذيذا، ولا صحيا، ولا غيرها من الكلمات.
قلت: وما الفرق بين هذه الكلمات، وكلمة البركة؟
قال: كلمة البركة تعني ذلك، وتعني غيره.. إنها تعني أشياء كثيرة، تنتفع بها الروح والجسد.
سكت قليلا، ثم قال: لست أدري هل أصحاب هذا المطعم أدركوا ما كتبوا أم لم يدركوه.. ولكنهم عرفوا ماذا يختارون.
دخلنا المطعم، وجلسنا على طاولة من طاولاته.. كانت في غاية النظافة والجمال.
دعونا النادل فجاءنا.. ولم يكن إلا عليا .. ابتسمت لرؤيته على تلك الصورة، فلم يعرني أي اهتمام، بل راح يتوجه بالحديث إلى الجماعة، وخاصة عالم الغذاء من بينهم.
علي: مرحبا بكم في مطعم البركة.. وهلم إلى الغذاء المبارك.
عالم الغذاء: لقد قرأت هذه الحكمة في المدخل.. ولست أدري من الذي قالها، ولا ما الذي يقصد بها؟
علي: لقد قالها نبينا صلى الله عليه وآله وسلم.. وهو يقصد بذلك نظرية كاملة في التغذية تتوافق مع طبيعة الإنسان جسدا ونفسا وروحا وعقلا.
عالم الغذاء: ما كنت أظن محمدا يهتم بهذا الجانب.. أهو رسول هداية؟ أم رسول غذاء؟
ضحكت الجماعة، فقال: هو الرسول الهادي.. والهادي هو الذي لا يترك محل هداية إلا هداك إليه، ولا محل غواية إلا نهاك عنه..
عالم الغذاء: فما علاقة الغذاء بالهداية..
علي: علاقة عظيمة.. أليس الغذاء هو الذي يتحول إلى لحم ودم يتكون منه الإنسان؟
عالم الغذاء: بلى.. كثير من الغذاء يتمثل في الجسم، وبعضه يتحول إلى طاقة يستفيد منها الإنسان في أداء وظائفه الظاهرة والباطنة.
علي: فالجسم إذن جزء من الإنسان.
عالم الغذاء: بل بعضنا يعتبره الإنسان.
علي: فإذا كان كذلك.. وبهذه الأهمية، فكيف لا يهتم به من جاء للهداية الشاملة، والرحمة التامة.. أيترك الخلق أسارى نفوسهم تطلب منهم ما تشتهي مما يضرهم، وقد ترغب بهم عما ينفعهم؟
عالم الغذاء: ولكن هذا قد يكون موكولا للطبيعة.. فالطبيعة هي التي تقرر ما تأكل وما تدع.
علي: ولكن الطبيعة قد ينحرف بها الهوى.. فتسقط في أودية الإدمان.
عالم الغذاء: فأنت ترى الحديث عن الغذاء من ضروريات الهداية.
علي: أجل.. هو جزء من الهداية.. ولهذا كان من رسالة محمد أنه علمنا ما نأكل، وما لا نأكل، وكيف نأكل، ولم نأكل.
ارتاح عالم الغذاء كثيرا إلى كلام علي، فقال له: أرى أن لكلامك شأنا.. فاجلس بيننا، وهلم نتحدث عن تفاصيل ما أجملته.
علي: فلتبدأوا بالغذاء أولا.. أم أنكم تريدون أن تتغذوا بالكلمات؟
عالم الغذاء: إن الكلام الطيب أحلى من كل غذاء.
علي: سنحاول الجمع بينهما.. فنسمع الكلام الطيب، ونأكل الغذاء المبارك.. فأنتم ضيوف عندي.. ولا ينبغي للمضيف أن يطعم ضيوفه كلاما.
قال
ذلك، ثم انصرف ليأتينا بطعام كثير جمع صنوفا من الأطعمة التي وردت بها النصوص
المقدسة، وكان من بينها اللحم.
نظر عالم الغذاء إلى الصحن الذي وضع فيه اللحم، وقال: لحم أي حيوان هذا؟
علي: هذا لحم الظأن..
أراد أن يسخر عالم الغذاء من علي، وقال: ولم لم تأتنا بلحم الخنزير؟
علي: لاشك أنك تعلم حرمته.. فهو من الأغذية التي نهينا عن أكلها.. ولولا أنها ممحوقة البركة لما نهينا عن أكلها.
لقد ورد النهي عن أكل الخنزير صريحا في القرآن الكريم وفي مواضع منه إلى جنب سائر الأطعمة المحرمة، قال تعالى:{ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } (البقرة:173)، وقال:{ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } (المائدة:3)، وقال:{ قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } (الأنعام:145)، وقال:{ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } (النحل:115)
عالم الغذاء: أكل هذه الآيات في القرآن تتحدث عن الغذاء؟
علي: أجل.. فهي تتحدث عن أحكام مرتبطة بالغذاء.. فالغذاء المبارك يخلو من مثل الوجبات المذكورة فيها.
إن الغذاء المبارك لا يمكن أن يضم لحم خنزير، ولا لحم ميتة، ولا دما مسفوحا، ولا منخنقة، ولا موقوذة، ولا متردية، ولا ما أكل السبع..
بالإضافة إلى هذا حرم النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنواعا أخرى من الأطعمة كذوات الناب من السباع، وذوات المخلب من الطيور.. وغيرها([2]).
عالم الغذاء: أصدقك القول.. إن كل ما ذكرته من الأغذية المحرمة هو من الأغذية التي حرمتها على نفسي قبل أن تذكر أنت تحريمها.. بل إني أحاضر المحاضرات الطوال في إثبات تحريمها.
علي: فكيف اهتديت إلى ذلك؟
عالم الغذاء: لقد هداني العلم بوسائله الكثيرة، وهدتني التجارب الطويلة التي مرت بها البشرية..
علي: لقد كفانا الله إذن أن نكون فئران تجارب، فنهانا عما يضرنا من غير أن يصيبنا ما يضرنا.
عالم الغذاء: أجل.. وقد نصحكم دينكم ونبيكم.
علي: فحدثني عما توصل إليه العلم في هذا الميدان، لأضم إلى العبودية الحكمة.
عالم الغذاء: فلنبدأ بالخنزير.. فإني أرى القرآن قد وصفه في كل الآيات التي قرأتها بجانب الأغذية المحرمة.
علي: أجل.. وقد لقد أكد القرآن الكريم تحريم الخنزير في أربعة مواضع من باب التأكيد على تشديد تحريمه.
عالم الغذاء: وما ذلك إلا للمخاطر الكثيرة التي يحويها هذا اللحم القاتل.. وسأذكر لك منها ما تعلم صدق ما جاء به كتابك([3]).
أولا.. لحم الخنزير يحتوي على كمية كبيرة من الدهون، ويمتاز باندحال الدهن ضمن الخلايا العضلية للحمه علاوة على تواجدها خارج الخلايا في الأنسجة الضامة بكثافة عالية، في حين أن لحوم الأنعام التي منها الضأن، تكون الدهون فيها مفصولة عن النسيج العضلي، ولا تتوضع خلاياه، وإنما تتوضع خارج الخلايا وفي الأنسجة الضامة.
وقد أثبتت الدراسات العلمية أن الإنسان عندما يتناول دهون الحيوانات آكلة العشب، فإن دهونها تستحلب في أمعائه وتمتص، وتتحول في جسمه، بخلاف دهون الخنزير، فإن استحلابها عسير في أمعائه، وإن جزيئات الغليسرين الثلاثية لدهن الخنزير تمتص هي دون أي تحول وتترسب في أنسجة الإنسان كدهون حيوانية أو خنزيرية.
بالإضافة إلى هذا، فلحم الخنزير غني بالمركبات الحاوية على نسب عالية من الكبريت، وكلها تؤثر على قابلية امتصاص الأنسجة الضامة للماء كالإسفنج، مكتسبة شكلاً كيسياً واسعاً، وهذا يؤدي إلى تراكم المواد المخاطية في الأوتار والأربطة والغضاريف بين الفقرات، وإلى تنكس في العظام.
ليس هذا فقط.. بل الخنزير مرتع خصب لأكثر من 450 مرضاً وبائياً، وهو يقوم بدور الوسيط لنقل 57 منها إلى الإنسان، عدا عن الأمراض التي يسببها أكل لحمه من عسرة هضم وتصلب للشرايين وسواها.
والخنزير يختص بمفرده بنقل 27 مرضاً وبائياً إلى الإنسان وتشاركه بعض الحيوانات الأخرى في بقية الأمراض لكنه يبقى المخزن والمصدر الرئيسي لهذه الأمراض: منها الكلب الكاذب، وداء وايل، والحمى اليابانية، والحمى المتوهجة، والحميرة الخنزيرية، والالتهاب السحائي، وجائحات الكريب، وأنفلونزا الخنزير، وغيرها.
التفت عالم الغذاء إلى علي، وقال: أرأيت ما تضمنه هذا النهي الذي ورد في القرآن من المصالح الصجية؟
علي: أجل.. وبورك فيك.. فحدثني عن الميتة، فقد ورد تحريمها بجانب تحريم الخنزير.. وقد بين الله تعالى أن الميتة محرمة مهما كان نوعها سواء كانت منخنقة([4]) أو موقوذة([5]) أو متردية([6]) أو نطيحة([7])، أو ما أكل السبع([8])، قال تعالى:{ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ }(المائدة: 3)
عالم الغذاء: صدق قرآنكم في هذا أيضا، فقد أثبت العلماء مدى الخبث الذي تحمله الميتة:
فالجراثيم تنفذ إلى الميتة من الأمعاء والجلد والفتحات الطبيعية، لكن الأمعاء هي المنفذ الأكثر نفوذا، فهي مفعمة بالجراثيم، لكنها أثناء الحياة تكون عرضة للبلعمة ولفعل الخمائر التي تحلها.. أما بعد موت الحيوان فإنها تنمو وتحل خمائرها الأنسجة وتدخل جدر المعي، ومنها تنفذ إلى الأوعية الدموية واللمفاوية.
أما الفم والأنف والعينين والشرج فتصل إليها الجراثيم عن طريق الهواء أو الحشرات والتي تضع بويضاتها عليها.
أما الجلد فلا تدخل الجراثيم عبره إلا إذا كان متهتكاً كما في المتردية والنطيحة وما شابهها.
بالإضافة إلى ذلك، فإن احتباس دم الميتة، كما ينقص من طيب اللحم ويفسد مذاقه، فإنه يساعد على انتشار الجراثيم وتكاثرها فيه.
علي: فحدثني عن سر تحريم الدم.
عالم الغذاء: إن إحدى وظائف الدم الهامة هي نقل نواتج استقلاب الغذاء في الخلايا من فضلات وسموم ليصار إلى الخارج طرحاً، وأهم هذه المواد هي البولة وحمض البول والكرياتنين وغاز الفحم، كما يحمل الدم بعض السموم التي ينقلها من الأمعاء إلى الكبد ليصار إلى تعديلها.
وعند تناول كمية كبيرة من الدم، فإن هذه المركبات تمتص ويرتفع مقدارها في الجسم، إضافة إلى المركبات التي يمكن أن تنتج عن هضم الدم نفسه مما يؤدي إلى ارتفاع نسبة البولة في الدم، والتي يمكن أن تؤدي إلى اعتلال دماغي ينتهي بالسبات.
وهذه الحالة تشبه مرضياً ما يحدث في حالة النزف الهضمي العلوي ويلجأ عادة ـ هنا ـ إلى امتصاص الدم المتراكم في المعدة والأمعاء لتخليص البدن منه ووقايته من حدوث الإصابة الدماغية.
وهكذا فإن الدم يحتوي على فضلات سامة مستقذرة، ولو أخذ من حيوان سليم، علاوة على احتوائه على عوامل مرضية وجرثومية فيما لوأخذ من حيوان مريض بالأصل.
علي: فحدثني عن سر تحريم الجوارح([9])، فقد ورد في الحديث النهي عنها، قال صلى الله عليه وآله وسلم:(حرم على أمتي كل ذي مخلب من الطير، وكل ذي ناب من السباع([10])) ([11])
عالم الغذاء: لقد أثبت علم التغذية الحديثة أن الشعوب تكتسب بعض صفات الحيوانات التي تأكلها لاحتواء لحومها على سميات ومفرزات داخلية تسري في الدماء وتنتقل إلى معدة البشر، فتؤثر في أخلاقهم..
فقد تبين أن الحيوان المفترس عندما يهم باقتناص فريسته تفرز في جسمه هرمونات ومواد تساعده على القتال واقتناص الفريسة.. وقد تبين أن هذه الإفرازات تخرج في جسم الحيوان حتى وهو حبيس في قفص عندما تقدم له قطعة لحم لكي يأكلها.
بل قد لوحظ على الشعوب آكلات لحوم الجوارح أنها تصاب بنوع من الشراسة والميل إلى العنف ولو بدون سبب إلا الرغبة في سفك الدماء..
وقد تأكدت الدراسات والبحوث من هذه الظاهرة على القبائل المتخلفة التي تستمرئ أكل مثل تلك اللحوم إلى حد أن بعضها يصاب بالضراوة، فيأكل لحوم البشر، كما انتهت تلك الدراسات والبحوث أيضا إلى ظاهرة أخرى في هذه القبائل وهي إصابتها بنوع من الفوضى الجنسية وانعدام الغيرة على الجنس الآخر فضلا عن عدم احترام نظام الأسرة ومسألة العرض والشرف.. وهي حالة أقرب إلى حياة تلك الحيوانات المفترسة حيث إن الذكر يهجم على الذكر الآخر من القطيع ويقتله لكي يحظى بإناثه إلى أن يأتي ذكر آخر أكثر شبابا وحيوية وقوة، فيقتل الذكر المغتصب السابق وهكذا..
بالإضافة إلى هذا، فإن وباء السارس الذي أجتاح الصين وجنوب شرق آسيا كا ناتجا عن أكل لحم الجوارح والكلاب.
وقد ذكر علماء من الصين أن الفيروس المسبب للالتهاب الرئوي اللانمطي (سارس) قد يكون انتقل إلى البشر من حيوانات كسنور (قطط) الزباد وكلاب الراكون.
علي: بالإضافة إلى هذا، فقد ورد تحريم الخمر في القرآن الكريم، وفي آيات منه:
فالله تعالى يصفها بأنها رجس من عمل الشيطان، قال تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ((المائدة:90)
ويبين علة صنع الشيطان لها بقوله تعالى:{ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ((المائدة:91)
بل إن العلماء والصالحين ـ نتيجة هذا التشديد في تحريمها ـ اشتدوا في التحذير منها حتى في الحالات التي يتوهم أنها للعلاج، وقد قال أحدهم للإمام جعفر الصادق: إن بي وجعا وأنا أشرب النبيذ ووصفه لي الطبيب فقال له: ما يمنعك س الماء الذي جعل الله منه كل شيء حي؟ قال: لا يوافقني. قال: فما يمنعك من العسل الذي قال الله فيه شفاء للناس؟ قال: لا أجده، قال فما يمنعك من اللبن الذي نبت منه لحمك واشتد عظمك؟ قال: لا يوافقني. قال: تريد أن آمرك بشرب الخمر لا والله لا آمرك.
وسئل t عن الدواء يعجن بالخمر. فقال:(ما أحببت أن أنظر إليه ولا أشمه فكيف أتداوى به؟)
عالم الغذاء: صدق قرآنكم في هذا.. ونصحكم نصيحة بالغة.. وللأسف، فإننا ـ مع كوننا في العصر الذي يسمونه عصر العلم وتطبيقات العلم ـ ومع ذلك، فإن البشرية لا زالت ـ مع إدراكها مخاطر الخمر ـ تدمن عليها، بل تعشقها، وقد قال السيناتور الأمريكي وليم فولبرايت، وهو يتحدث عن مشكلة الخمر:(لقد وصلنا إلى القمر ولكن أقدامنا مازالت منغمسة في الوحل، إنها مشكلة حقيقية عندما نعلم أن الولايات المتحدة فيها أكثر من 11 مليون مدمن خمر وأكثر من 44 مليون شارب خمر)
وقد نقلت مجلة لانست البريطانية مقالاً بعنوان (الشوق إلى الخمر) جاء فيه:(إن أكثر من 200 ألف شخص يموتون سنويا في بريطانيا بسبب الخمر)
علي: أإلى هذه الدرجة وصلت مضار الخمر؟
عالم الغذاء: بل لا يمكن أن تتصور مضاره.. إن شارب الخمر لا يشرب ـ في الحقيقة ـ خمرا، وإنما يشرب سما، يقول الدكتور أو بري لويس:(إن الكحول هو السم الوحيد المرخص بتداوله على نطاق واسع في العالم كله، ويجده تحت يده كل من يريد أن يهرب من مشاكله.. ولهذا يتناوله بكثرة كل مضطربي الشخصية ويؤدي هو إلى اضطراب الشخصية ومرضها (Psycho-pathic Anomaly) إن جرعة واحدة من الكحول قد تسبب التسمم وتؤدي إما إلى الهيجان أو الخمود وقد تؤدي إلى الغيبوبة. أما شاربو الخمر المزمنون (ch Alcoholics) فيتعرضون للتحلل الأخلاقي الكامل مع الجنون)
ليس ذلك فقط، بل إن مجرد استنشاق أبخرة الخمر يؤدي إلى الإصابة بالتهاب القصبات والرئة، وإلى إصابة بطانة الأنف مما يؤدي إلى ضعف حاسة الشم.
علي: لقد ذكرتني بقوله تعالى في اختياره للفظ الدالة على تحريم الخمر، فقد قال: { فَاجْتَنِبُوهُ} (المائدة: 90)، وهذا اللفظ يعني النهي عن الاقتراب منه مطلقاً، وهوأعم من النهي عن شربه.
عالم الغذاء: لا تتوقف المخاطر على ما ذكرناه([12])، فرغم أن كل أعضاء الجسم تتأثر من الخمر، فإن الجملة العصبية هي أكثرها تأثراً حيث يثبط المناطق الدماغية التي تقوم بالأعمال الأكثر تعقيداً، ويفقد قشر الدماغ قدرته على تحليل الأمور، كما يؤثر على مراكز التنفس الدماغية حيث أن الإكثار منه يمكن أن يثبط التنفس تماماً إلى الموت.
علي: لقد ذكرت إدمان قومك للخمر.
عالم الغذاء: أجل.. وللأسف.. لقد حاولت كل القوانين أن تحد من ذلك، فلم تزدنا أقوامنا إلا غراما بالخمر.
علي: فلم لم تقرأوا عليها من نصوص كتابكم المقدس ما يقيهم مخاطر الخمر.
ابتسم ابتسامة عريضة، ونظر إلي، وقال: لعل كتابنا المقدس هو سبب من أسباب انتشار الخمر والدعاية لها.
تظاهر علي بالاستغراب، فقال عالم الغذاء: لقد ذكرتني برجل من بني قومي تاب من الخمر، وصمم على تركها، وأراد أن يتدين ليقضي على ذلك الإدمان، فلما فتح الكتاب المقدس وقعت عينه على هذا النص:(كُلُوا أَيُّهَا الأَصْحَابُ. اشْرَبُوا وَاسْكَرُوا أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ} (نشيد الإنشاد 5: 1)، فأسرع إلى الخمر، كالولهان، ومات بين يديها.
ليس هذا النص وحده الذي يشجع فيه الكتاب المقدس على شرب الخمر..
الخمر في الكتاب المقدس مقدسة كالكتاب المقدس.. وتستطيع لذلك أن تطلق على الحانة لقب الحانة المقدسة..
لقد كان أولى معجزات المسيح على الإطلاق هي تحويل الماء إلى خمر.. اسمع:(قال يسوع: املأوا الاجران ماء. فملاوها الى فوق. ثم قال لهم: استقوا وقدموا الى رئيس المتكأ. فقدموا، فلما ذاق رئيس المتكأ الماء المتحول خمرا ولم يعلم من أين هي. لكن الخدام الذين كانوا قد استقوا علموا. دعا رئيس المتكأ العريس، وقال له: كل انسان انما يضع الخمر الجيدة اولا، ومتى سكروا فحينئذ الدون. أما أنت فأبقيت الخمر الجيدة الى الان} (يوحنا 7:2)
ومنذ أن جرت تلك المعجزة، والخمر لم تزل تتدفق كالمياه بين قومنا.
جاء بعده بولس الرسول.. لينصحنا وينصح الأجيال الكثيرة هذه النصيحة الغالية عبر أحد رعاياه المتحولين حديثا الى المسيحية، والمدعو تيموثاس، قائلا:(لاتكن فيما بعد شراب ماء، بل استعمل خمرا قليلا من أجل معدتك وأسقامك الكثيرة} (ثيموثاوس: 23:5)
لقد كانت هذه النصوص المقدسة هي السر في إدمان قومنا للخمور بأنواعها المختلفة، لقد ذكر القس دميلو في تعليقه على رسالة بولس هذا، فقال:(إنها تعلمنا أنه من الصواب تعاطي المسكرات من الخمر، ولقد تعلم الآلاف من النصارى إدمان الخمور، بعد أن رشفوا ما يسمونه دم المسيح أثناء المشاركة في شعائر الكنيسة)
اسمع العلة التي يعلل بها الكتاب المقدس إباحة الخمر:(اعطوا مسكرا لهالك وخمرا لمريئ النفس يشرب وينسى فقره ولايذكر تعبه} (الامثال6:31)
سكت قليلا، ثم قال: لست أدري كيف لم ينص الكتاب المقدس على تحريم الخمر، مع أنه مملوء بالجرائم الكبيرة التي سببها الخمر.. فلوط زنى بابنتيه عندما سكر وغاب عنه العقل ([13]).. ونوح تعرّى وفعل فيه ابنه مافعل وهو سكران..
لست أدري لم بالغ الكتاب المقدس في ذكر النجاسات وكيفية التطهير منها، ولم يذكر هذا الرجس الأخطر الذي يقضي على الجسد والنفس والعقل والفرد والمجتمع والأمة.
علي: بالإضافة إلى هذا، فقد حرم شرعنا كل نجس أو متنجس من الطعام والشراب، حيوانا كان أو غيره:
فقد نهي صلى الله عليه وآله وسلم عن الجلالة، وهي ما يأكل القاذورات من الحيوانات، ففي الحديث:(نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الإبل الجلالة أن يؤكل لحمها ولا يشرب لبنها ولا يحمل عليها إلا الأدم، ولا يذكيها الناس حتى تعلف أربعين ليلة)
بل ورد النهي عن ركوبها، ففي الحديث:(نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الجلالة في الإبل أن يركب عليها أو يشرب من ألبانها)، وقد علل ذلك بأنها ربما عرقت، فتلوث بعرقها.
ويدخل في هذا النهي الحيوانات التي تعتلف بما تأباه طبيعتها من السموم التي تفنن أهل هذا العصر في استصناعها.
عالم الغذاء: لو أن البشرية طبقت ما أمر به إسلامكم في هذا الجانب لوقيت المخاطر الكثيرة التي جلبها شرهها إلى المال.
لقد رأيت الفلاحين في بلادي، وفي غيرها من البلاد يستعملون طرقا عديدة في تسمين المواشي لكي يخففوا من تكاليف علفها.. ومن ذلك استعمالهم النفايات المختلفة في غذاء المواشي والدواجن دون مراعاة للأضرار التي قد تنجم عن ذلك.
ومن أمثلة ذلك استخدام فضلات الدجاج كعلف للمواشي بالرغم من كل المخاطر التي ينطوي عليها هذا الابتكار الجديد على صحة المستهلكين.
ففضلات الدجاج غالباً ما تتضمن نوعين من أنواع البكتيريا يتسببان في إصابة الإنسان ببعض الأمراض، كما يتسببان في وجود طفيليات في معدة الإنسان، ويساعدان أيضا على تجمع الرواسب التي تخلفها الأدوية البيطرية، فضلاً عن وجود ترسبات معادن تحتوي على نسبة عالية من المواد السامة مثل الزرنيخ والرصاص والكادمسيوم والزئبق.
وتنتقل مثل هذه البكتيريا إلى المواشي بكل سهولة، كما أنه من الممكن أن تنتقل إلى جسم الإنسان عند تناوله لحوما ملوثة بروث المواشي أثناء ذبحها في المسالخ.
ومن ناحية أخرى، فقد أفاد مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها في ولاية أتلانتا بأنه توجد في الولايات المتحدة فقط 80 مليون حالة مرضية ناجمة عن تناول المواد الغذائية، و9000 حالة وفاة ناجمة أيضا عن تناول بعض الأصناف من الأغذية، و4 ملايين حالة مرضية ناجمة عن الإصابة ببكتيريا سالمونيلا حيث انتهت ما بين 500 ـ 1000 حالة من هذه الحالات إلى وفاة المريض، كما تتسبب البكتيريا من النوع المنطوي في إصابة ما بين 4 ـ 6 ملايين شخص بالتهابات حادة في المعدة ويقتل 100 منهم سنويا.
أما البكتيريا من نوع إي كولاي والذي تم اكتشافه في بعض اللحوم الملوثة، فإنها تودي بحياة 250 شخصاً سنويا فضلا عن أنها تتسبب في إصابة ما لا يقل عن 20 ألف شخص في أمريكا سنويا بأمراض خطيرة، وهناك 17 مريضاً على الأقل ثبت أن مرضهم ناجم عن تناولهم لحوما ملوثة من إنتاج شركة واحدة.
علي: أكل هذه الإحصائيات نتائج شركة واحدة؟
عالم الغذاء: أجل.. وليس ذلك فقط، بل قد دأب مربو المواشي على استخدام مخلفات المحاصيل الزراعية وقشارة الخضراوات وعلائق الحبوب والمواد الداخلة في صناعة الخبز والخمر في تسمين المواشي.
وذلك بالإضافة إلى استخدام حوالي 40 مليار رطل سنويا من مخلفات المسالخ مثل الدماء والعظام والأمعاء بالإضافة إلى ملايين القطط والكلاب السقيمة التي يوصي الأطباء البيطريون بأن يكون مآلها القتل الرحيم أو التي يُسلمها لهم القائمون على ملاجئ الحيوانات، حيث تحوَّل لحوم هذه الحيوانات إلى علف مما يعتري سلوكيات المواشي والخنازير التي سرعان ما تتحول من حيوانات آكلة للأعشاب إلى حيوانات آكلة للحوم.
علي: لم ينه الشرع عن ذلك فقط.. بل نهي صلى الله عليه وآله وسلم أن تلقى في الأرض النجاسات ونحوها، لتكون سمادا للأرض، وقد روي عن بعضهم قال:(كنا نكري أرض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونشترط على من يكريها ألا يلقي فيها العذرة)، ومن هذا الباب حرم الشرع كل الكيميائيات الضارة التي تفسد الزرع، وتحوله إلى سموم قاتلة.
عالم الغذاء: للأسف.. لقد صبحت الكيماويات جزءاً ضرورياً لا يمكن الاستغناء عنه من الحياة البشرية.. فهي بحسب تصورهم المحدود تدعم التنمية، وتقي كثيراً من الأمراض، وتزيد الإنتاجية الزراعية، وتعود بفوائد جمة على المجتمع.
علي: ولكن الكثير من هذه المنافع حقيقة واقعة، وهي من فضل الله على عباده.
عالم الغذاء: أجل ولكن ضررها ـ الذي سببه سوء تعامل البشرية معها ـ أكثر من نفعها، فالإنسان قد يتعرض لها مباشرة، أثناء تصنيعها أو نقلها أو توزيعها أو تداولها أو استعمالها أو التخلص منها، وهذا قد يحدث آثاراً ضارة في صحته.
علي: صدق الله العظيم، فقد قال:{ وَلَوبَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ}(الشورى:27).. لقد بسط الله بعض فضله على أهل هذا العصر بما فتح لهم من خزائن العلم من خزائن الأرزاق، فراحوا يقتلون أنفسهم، ويقتلون الأرض معهم.
عالم الغذاء: صدقت، فالمشكلة لا تكمن في استغلال خيرات السماء وبركات الأرض، فتلك لازمة من لوازم العمران، ولكنها تكمن في الإسراف والطغيان والبغي بغير الحق، وكلها تؤدي إلى الإخلال بالموازين إخلالاً يفسد هذه البيئة ويجعلها غير صالحة لحياة الناس.
علي: ولهذا نهى الله تعالى عن الإسراف المسبب لهذه العلل الخطيرة، كما قال تعالى:{ وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ} (الشعراء:151 ـ 152)
بالإضافة إلى هذا.. فقد ورد في النصوص الإشارة إلى النهي عن الطعام المتغير الفاسد، فقد قال تعالى:{ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ }(البقرة: 259)، فالله تعالى يرشدنامن خلال هذا إلى أن الطعام قد يتغير ويستحيل، ويصبح لا منفعة فيه.
وقد ذكر المفسرون أن هذ الرجل كان معه عنب وتين وعصير، فوجده لم يغير منه شيء، لا العصير استحال، ولا التين حمض، ولا أنتن، ولا العنب نقص.
والله تعالى لم يذكر هذا على سبيل الحكاية فقط، بل ذكره لنعبر منه إلى طعامنا، فنحفظه ونحافظ عليه.
عالم الغذاء: أتقصد أن في الآية حكما تشريعيا؟
علي: أجل.. كل القرآن الكريم تشريع، بل إن ما فيه من عقيدة قد يتضمن معاني تشريعية، فمما وصف الله تعالى به أنهار الجنة:{ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفّىً وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هو خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ}(محمد:15)، فقد أخبر تعالى عن الجودة العالية التي يحتوي عليها نعيم الجنة، فأنهارها غير آسنة، ولبنها لم يتغير طعمه، وخمرها لا تحتوي على أي مواد ضارة، وعسلها مصفى، وفيها إلى جانب ذلك الثمرات المتنوعة.. وهذه جميعا شروط لا تتم سلامة الأغذية إلا بها.
بل إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى أن يغش الطعام، وهو بيعه بعد تعرضه للفساد، فقد مر صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم على رجل يبيع طعاما، فوضع صلى الله عليه وآله وسلم كفه الشريفة أسفل منه، فوجده مبلولا، فسأل البائع عن ذلك فقال: أصابته السماء (أي المطر)، فقال صلى الله عليه وآله وسلم:(من غشنا فليس منا) ([14])
ومن هذا الباب نهيه صلى الله عليه وآله وسلم عن بيع الغرر، وذلك لأن ظاهره يغري المشتري، ولكن باطنه المجهول يؤذيه.
عالم الغذاء: إن نبيكم نصحكم غاية النصح.. فالغذاء من أكثر المواد عرضة للفساد، وذلك لما يحتويه من الرطوبة والعناصر الغذائية اللازمة لنمو الأحياء الدقيقة، فلذلك يتطلب تخزينا جيدا، وفي ظروف جيدة.. ويتطلب إلى جانب ذلك الحفاظ على أصالته وعدم تدنيسها بما لا يتوافق معه.
سكت قليلا، ثم قال: إن ما ذكرته من الآيات ذكرني بالخميرة.
علي: وما علاقة ذلك بالخميرة.. إنها الوسيط الذي نستعمله في أغذية كثيرة.
عالم الغذاء: ولكن من أنواعها ما يؤدي إلى السرطان.. فقد نشر الكاتب رونالد كوتسيش في جريدة (East West) عام1984مقالة تساءل فيها:(لماذا تؤدي الخميرة المتعارف عليها إلى بعض الأمراض؟)، ثم أجاب:(من المعروف عندما تخمر الخميرة تتفجر جزيئات الخبز، فإن الجيزيئات التي تنتج تكون مماثلة للجزيئات المسببة للسرطان)
ومن المؤسف أن الكثير من أنواع الخبز يطلق عليه الخبز الصحي والأسمر الكامل والبيتا ورقائق الخبز المالح وجميعها تستخدم فيها الخميرة السريعة الصناعية.
علي: لقد وردت النصوص بعد ذلك كله بتحريم كل ضار.. فقال صلى الله عليه وآله وسلم:( لا ضرر ولا ضرار)، فلذلك لم تكتف النصوص بما ذكرته من أصناف المحرمات، بل ضمت إليه كل خبيث، قال تعالى:{ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } (لأعراف:157)
والخبائث هي كل ما لم يتناسب مع الطبع الإنساني السليم، ويدخل فيه كل ما ذكرته من أصناف الأطعمة الضارة التي لم يعرفها إلا أهل عصرنا.
عالم الغذاء: عرفت ما ورد في القرآن من ذكر الغذاء الخبيث، وعرفت مدى نصح دينكم لكم، فما الغذاء الطيب؟
علي: الغذاء الطيب هو ما عدا الغذاء الخبيث، وهو كل ما أبيح من الأطعمة والأشربة بشرط أن يكون صاحبها اكتسبها من طريق حلال.
وقد وردت النصوص الكثيرة بإباحتها، قال تعالى:{ يَسْأَلونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ } (المائدة: 4)
بل إن النصوص تشير إلى تنويع الطيبات لتشمل الخيرات المنتشرة في العالم، والتي تمتلئ بها أرض الله، قال تعالى:{ الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ } (المائدة: 5)
والقرآن الكريم ينهانا أن نسلك مسلك الرهبان الذي حرموا طيبات الله التي أباحها لهم، والتي قد لا يستقيم كيانهم إلا بها، فقال تعالى:{ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } (لأعراف:32)، وقال تعالى:{ اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَاراً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } (غافر:64)
عالم الغذاء: لقد نصحكم دينكم بكل هذا.. فالغذاء المتنوع هو الغذاء النافع الذي يغطي جميع احتياجات الجسم.
علي: بالإضافة إلى هذا المعنى من معاني الغذاء الطيب، هناك ما يمكن تسميته بالغذاء المبارك، وهي أنواع من الأغذية وردت النصوص بالثناء عليها، والدعاء لها، أو اعتبارها من أغذية الجنة.
عالم الغذاء: فهلا ذكرتها لي؟
علي: لعل أول غذاء طيب ورد النص عليه في القرآن الكريم هو الماء العذب، فالله تعالى امتن على عباده بأن سقاهم ماء عذبا، ولم يسقهم ماء مكدرا، قال تعالى:{ وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتاً}(المرسلات:27)
وقد كان أول ما يفعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا استيقظ، وبعد فراغه من الصلاة، يتناول كوباً من الماء مذاباً فيه ملعقة من العسل.. وهو يذيبها إذابه جيدة.. وقد كانوا يسمون هذا الماء شراب العسل، وقد قال فيه صلى الله عليه وآله وسلم:( عليكم بشراب العسل) ([15])
عالم الغذاء: لقد نصحكم نبيكم بهذا الهدي غاية النصح، فما ذكرته من اهتمامه بالبحث عن الماء الطيب العذب هو الذي يتوافق مع التغذية السليمة، ويتوافق بعد ذلك مع ما تتطلبه الصحة من حذر من المياه الملوثة.
وللأسف، فقد ذكرت الدارسات الحديثة أن حوالى مليون أمريكي يشربون المياه التي تحتوي على بعض المواد الكيميائية المؤدية إلى السرطان، مثل مادة الزرنيخ (arsenic) و(radon) والذي هو عنصر إشعاعي غازي، ومادة الكلور(chorine)، لذلك يقترح وضع إعادة تصفية الماء بطريقة الأسموزية، أو الكربون (KDF) لتنظيف الماء.
وذلك لأن الاوساخ والصدأ الموجود في الأنابيب والسخانات تذوب في الماء الذي يمر فيها، وقد أثبتت البحوث والدراسات أن المواد الكيمائية الموجودة في البلاستيك تذوب في القوارير مع الماء الموجودة فيه.
علي: والغذاء الثاني الذي وردت النصوص بالثناء عليه، وبيان أنه من الأغذية المباركة (الحبوب) من القمح والشعير.
بل ورد في القرآن الكريم ما يشير إلى أن الله تعالى برحمته جعل في حبة القمح وأخواتها من القيمة الغذئية ما يغني عن أكثر الأطعمة، بل في النصوص ما يشير إلى كونها غذاء كاملا.. وهو سر آخر من سر البركة التي أودعها لله فينا.
فقد جاء في قصة يوسف u:{ وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلاَمِ بِعَالِمِينَ وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَاْ أُنَبِّئُكُم بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} (يوسف:43 ـ 49)
ففي هذه الآيات الكريمة أخبر تعالى أن المصريين، ومن جاورهم من الشعوب اكتفوا في تلك الفترة الطويلة بما تدره عليهم السنابل المخزنة من رزق، وهو دليل على أنها غذاء كامل، وإلا لكان في اكتفائهم بها ما يؤدي بهم إلى سوء التغذية([16]).
عالم الغذاء: صدق كتابكم في هذا، ونصحكم غاية النصح، فقد أثبتت الدراسات التي أجريت على التركيب التحليلي للقمح، وعشبة القمح أنهما يحتويان على العناصرالوفيرة مثل الكالسيوم والفسفور والكبريت البوتاسيوم والكلور والصوديوم والمغنيسيوم، وغيرها.. وليس هذا فقط، بل إنهما يحتويان على نسب مقاربة جدا لما هي موجودة عليه في جسم الإنسان.
وزيادة على ذلك فإن حبة القمح تحتوي على كل العناصر النادرة في التربة، بكميات نادرة أيضا، وبنسب مقاربة جدا لما هي موجودة عليه في جسم الإنسان، ومن أمثلتها الحديد والفلور والزنك، والنحاس، واليود والكروم والكوبالت، والسيليكون، والفاناديوم والسيلينيوم والمنجنيز والنيكل والموليبدنيوم وغيرها.
وإضافة إلى ذلك كله، فحبوب القمح تحتوي على الكربوهيدرات التي تعتبر المصدر الأول للطاقة.
علي: ولكن ما ذكرته لا يشكل الغذاء الكامل؟
عالم الغذاء: تقصد البروتينات.. القمح يحتوي على كل الأحماض الأمينية العشرين الأساسية وغير الأساسية، وهي وحدات بناء كل أنواع البروتينات الموجودة في الجسم.. كلها كلها بدون استثناء.. وكيف لا وهو يحتوي على الحمضين الدهنيين الأساسيين اللذين يقدمان للجسم وظائف خارقة عظيمة معجزة تعجز آلاف بل ملايين المركبات عن القيام بها.
علي: والفيتامينات!؟
عالم الغذاء: القمح يحتوي على مجموعة هائلة ومتنوعة من الفيتامينات، والتي يندر وجودها حتى في أعظم صيدلية، وبكميات رائعة مفيدة مدهشة([17]).
علي: والهرمونات والإنزيمات!؟
عالم الغذاء: حبة القمح تحتوي على مركبات هرمونية عظيمة مسيطرة مهيمنة هي البروستاغلاندينات، وعلى أكثر من ثمانين إنزيماً عظيماً مسيطراً مهيمناً.
علي: والشعير.. فقد ورد فيه ـ بالإضافة إلى ما سبق ذكره ـ نصوص تخصه بالبركات، فقد تناوله النبي صلى الله عليه وآله وسلم خبزًا وحساء وشرابًا، ونصح به ووصفه لمداواة المرضى وتخفيف الحزن والغم الذي يعتري النفس الإنسانية.
عالم الغذاء: إن ما ذكرته نصائح غالية لا يمكن تقدير قيمتها.. فقد وردت الأدلة العلمية الكثيرة تثبت الفوائد التي يحتوي عليها الشعير غذاء وشرابا.
ومن ذلك أن معهد البحوث الزراعية بجامعة ألبرتا بكندا قام ببحث حول (أهمية المنتجات المحتوية على منتجات الشعير على صحة مرضى السكر ـ النوع الثاني غير الوراثي ـ)، وتحديد أهمية استخدام منتجات الشعير وتأثيرها على نسبة السكر والدهون في الدم، وكانت النتيجة النهائية لهذا البحث توضيح أهمية غذاء الشعير وخبز الشعير كوسيلة لزيادة كمية الألياف المطلوبة للجسم القابلة للذوبان وغير القابلة للذوبان، لخفض نسبة السكر والدهون في الدم.
علي: بهذه المناسبة.. لقد ذكر صلى الله عليه وآله وسلم وصفة لها علاقة بعلاج الأحزان.. فقد كان صلى الله عليه وآله وسلم يصف التلبينة، وهي حساء الشعير لعلاج المحزونين، ففي الحديث : كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أخذ أحدًا من أهله الوعك أمر بالحساء من شعير فصنع، ثم أمرهم فحسوا منه، ثم يقول:(إنه يرتو فؤاد الحزين، ويسرو فؤاد السقيم، كما تسرو إحداكن الوسخ بالماء عن وجهها) ([18])
عالم الغذاء: إن هذا لإعجاز ما فوقه إعجاز.. صدق نبيكم في كل ما نصحكم به.. فقد أثبت الباحثون أن من أسباب الحزن والاكتئاب حدوث خلل كيميائي، كما أثبتوا أن هناك مواد لها تأثر في تخفيف الاكتئاب والحزن، مثل: عنصر البوتاسيوم والمغنيسيوم ومضادات الأكسدة والميلاتونين وبعض عناصر فيتامين ب المركب والسيراتونين.
والشعير يحتوي على كل ذلك، فهو يحتوي على عنصري البوتاسيوم والمغنيسيوم اللذين يؤدي نقصهما إلى سرعة الغضب والانفعال والشعور بالاكتئاب والحزن، وضبط عنصر البوتاسيوم والمغنيسيوم له تأثير في تخفيف الاكتئاب عن طريق تأثير هذين العنصرين على بعض الموصلات العصبية.
والإنسان يشعر بالميل إلى الاكتئاب عند تأخر العمليات الفسيولوجية للموصلات العصبية، ومن أهم أسباب هذا الخلل نقص فيتامين ب المركب، والشعير يحتوي على كمية طبيعية من بعض فيتامين ب المركب، وهذا مما يساعد على التخلص والتخفيف من الاكتئاب.
بالإضافة إلى هذا، فإن علاج نقص مضادات الأكسدة مثل فيتامين هـ له تأثير فعال في علاج حالات الاكتئاب والشيخوخة وخاصة لدى المسنين، وأيضًا على فيتامين A المضاد للأكسدة.
ويحتوي الشعير على حمض الأميني تريبتوفان Tryptophan الذي يسهم في تخليق أهم الناقلات العصبية وهو السيروتونين والتي تؤثر بشكل واضح في الحالة النفسية والعصبية للمريض.
علي: بالإضافة إلى هذا، فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم:(التلبينة تغسل بطن أحدكم كما تغسل إحداكن وجهها من الوسخ بالماء) فما قال العلم الحديث في ذلك؟
عالم الغذاء: صدق نبيكم في هذا.. فالتلبينة التي ذكرت وصفها ملينة للأمعاء، مهدئة للقولون، مضادة لسرطان الأمعاء، وهي توصف للمرضى كغذاء لطيف سهل الهضم.. والشعير غني بالألياف المنحلة وغير المنحلة، وهذه الأخيرة تمتص كميات كبيرة من الماء وتحبسه داخلها، فتزيد من كتلة الفضلات مع الحفاظ على ليونتها مما يسهل ويسرع هذه الكتلة عبر القولون، وينشط الحركة الدودية للأمعاء مما يدعم عملية التخلص من الفضلات.
زيادة على هذا، فإن هناك أبحاثا على أهمية الشعير في التقليل من الإصابة بسرطان القولون، حيث استقر الرأي على أن الشعير يقلل من بقاء الفضلات في الأمعاء؛ مما يقلل من بقاء المواد المسرطنة في الأمعاء؛ مما يقلل من الإصابة بالسرطان، كما أن الشعير يحوي من عناصر مضادات الأكسدة والفيتامينات ما يقاوم الشوارد الحرة التي تدمر غشاء الخلية والحمض النووي، وقد تكون المتهم الرئيسي في حدوث أنواع معينة من السرطان.
ولهذا يستخرج من الشعير مادة تستعمل حقنًا تحت الجلد أو شرابًا في حالات الإسهال والتيفوئيد والتهابات الأمعاء تسمى الهوردنين.
علي: ومن الأغذية التي ورد الثناء عليها، بل اعتبارها من أغذية أهل الجنة اللبن، قال تعالى في وصف الجنة:{ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفّىً وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ}(محمد:15)
ومن على عباده بنعمة اللبن، فقال:{ وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خَالِصاً سَائِغاً لِلشَّارِبِينَ} (النحل:66)، وقال:{ وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} (المؤمنون:21)
بل إن الله تعالى أمر الأمهات بأن يرضعن أولادهن عامين كاملين، ووضع التشريعات المرتبطة بذلك، فقال تعالى:{ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ } (البقرة:233)، وهي الآية التي تشرع أحكام الرضاع.
عالم الغذاء: إن كتابكم يمتلئ نصحا لكم ورحمة بكم.
لقد زعم قومنا أنهم استغنوا بالقارورات الزجاجية التي صنعوها عن لبن الأمهات، وكذبوا في ذلك.. لقد جرهم جشعهم وحرصهم إلى التلاعب بالأولاد([19])..
علي: أراك متحاملا على هذه القارورات غاية التحامل.
عالم الغذاء: وما لي لا أكون كذلك.. وهي سر كثير من البلاء الذي يحدث للرضع.. لقد أثبتت الدراسات أن لبن الأم يتناسب مع حاجة الرضيع، فلذلك يتطور من يوم لآخر بما يلائم حاجته الغذائية، ويناسب تحمل جسمه، وغريزته وأجهزته التي تتطور يوماً بعد يوم.
علي: لقد أخبر الله تعالى أن لنوعية الغذاء تأثيرها في اللبن، فقال الله تعالى يبين منشأ اللبن:{ وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خَالِصاً سَائِغاً لِلشَّارِبِينَ}(النحل:66)
عالم الغذاء: صدق القرآن في هذا، وسبق.. فإن هذه حقيقة علمية لا شك فيها([20])، فكل العلماء يتفقون على هذه الحقيقة التي جاء بها القرآن الكريم.. فهم يتفقون على أن اللبن الذي هو خالص (يعني مصفى) وسائغ (مستطعم ومستساغ بفضل احتوائه على المشهيات وهي الدسم والسكر) لا يتشكل إلا من مواد موجودة ما بين الفرث (والفرث هو محتويات الكرش من علف مخمر بفعل جراثيم نافعة تساعد على تخمير الأعلاف المعقدة الهضم) ومن مواد موجود قسم منها في الدم بالأصل وقسم يأتي إلى الدم من الكرش.
علي: كيف يتم ذلك؟
عالم الغذاء: قبل أن أشرح لك المعاني العظيمة التي تضمنها هذه الآية العظيمة أحب أن أذكر لك أن البشر منذ زمن بعيد أدركوا العلاقة بين إدرار اللبن وما يتناوله الحيوان من غذاء، وأن الحيوان يهلك إذا ما حرم من الغذاء.
ولكنهم لم يعرفوا العملية التي يتم بها تحول هذا الغذاء إلى لبن أو لحم أو عظم أو أي مادة أخرى حتى جاء العلم الحديث ليبين لنا المراحل التي توصلنا إلى تكوين اللبن خالصاً سائغاً للشاربين.
علي: ولم تأخرت هذه المعرفة إلى العلم الحديث؟
عالم الغذاء: لن كل المعلومات المرتبطة بهذا لا يمكن معرفتها إلا بعد اكتشاف أسرار الجهاز الهضمي ومعرفة وظائف أعضائه، وبعد اكتشاف الدورة الدموية وعلاقتها بعملية امتصاص المواد الغذائية من الأمعاء ودخولها في الدم.
علي: فلم تأخرت معرفة كل ذلك؟
عالم الغذاء: لقد سلك العلم التجريبي طرقاً دقيقة لمعرفة وظائف أعضاء الجهاز الهضمي بعد أن اخترعت الآلات التي تم بها إجراء التجارب والأبحاث لتحقيق النتائج الدقيقة.
ولم يحصل هذا إلا في وقت متأخر، فقد كان علماء الأحياء والأطباء في القرنين الرابع عشر والخامس عشر الميلادي عاجزين عن ترجمة ملاحظاتهم العلمية إلى رسوم وصور، كما كانوا أكثر عجزاً عن نشرها بين الطلاب لعدم توافر إمكانيات النشر.
وسار التقدم في الأجهزة العلمية التي استعملت في معرفة أسرار عملية الهضم بخطوات متتالية حتى انكشف للباحثين الكثير من أسرار الهضم.
وإن شئت بعض التفصيل.. فقد تتابعت الاكتشافات العلمية في معرفة وظائف أعضاء الجهاز الهضمي من عام 1833م إلى أن تم التوصل في القرن العشرين إلى توضيح الأعمال المتتالية لعملية الهضم من تفكك بروتيد البروتينات بواسطة السلاسل الأنزيمية المعدية والمعوية.
كما تم توضيح تركيب وتأثير أهم العصائر الهضمية، والتثبت من إنزيمات عديدة ذات دور كبير في عملية هضم الطعام، مثل:اللاكتاز، والليبار والبروتيداز وغيرها، كما اكتشف مفعول الهرمونات المختلفة العاملة في مختلف مراحل عملية الهضم.
وفي عام 1902م اشترك بايليس (Bayliss) وستارلنغ (Starling) في اكتشاف هرمون السكرتين.
وفي عام 1911م أوضح (و.ب. كانون) العوامل الميكانيكية في الهضم وأوضح (ر. غلينارد} (1913م) الدراسة السينمائية التسجيلية لحركات الأمعاء.
هذا ما يخص الجهاز الهضمي..
أما معرفة الدورة الدموية، والتي هي من أركان معرفة كيفية تكون اللبن، فقد ابتدأت باكتشاف ابن النفيس الدورة الدموية الصغرى وكان يقال قبل ذلك إن الدم ينقى ضمن تجويف في القلب.
وجاءت بعد ذلك بحوث هارفي حول الدورة الدموية وكانت من أبرز البحوث قبل القرن التاسع عشر.
وفي عام 1877م اثبت كلود برنار أن مقدار سكر الجلوكوز في الدم ثابت وإن اختلال هذا التوازن يسبب مرض السكر، وصحح (كلود برنار) مفهوم (لافوازية) و(لا بلاس) بأن الرئتين مركز الاحتراق بقوله أن الاحتراق يتم في الأنسجة المختلفة.
وعمل ماري (1830-1904م) على تحسين التقنيات الخاصة بدراسة عمل القلب والرئتين. كما تناولت أبحاث وأعمال ماري دورة الدم (1863،1881) وفيزيولوجيا الحركة أو الانتقال.
أما فيزيولوجيا دوران الدم فإنه منذ القرن التاسع عشر جرى التعرف على الأعصاب المعدّلة والمسرعة للقلب وعلى التحرك الوعائي وعلى بعض الظواهر التي تتدخل في الضغط الشرياني، وقد بحثت بتوسع في القرن العشرين.
وبعد استعمال النظائر المشعة تم معرفة المبادلات التي تحدث عند مستوى الشعيرات الدموية بصورة أفضل وبعد أن اكتشف الإنسان أسرار الهضم ومراحله ووظائف أعضاء الجهاز الهضمي والدورة الدموية ووظيفة القلب والأوعية الدموية، وسيرها في الجسم وعلاقتها بالجهاز الهضمي وسائر أجزاء الجسم بما فيها ضروع اللبن والغدد اللبنية في الأنعام تمكن الإنسان من معرفة طريقة تكون اللبن من الغذاء الذي تأكله الأنعام.
علي: عرفت الأركان التي يتم بسببها تكون اللبن، فما هي مراحل تكوين اللبن الخالص السائغ؟
عالم الغذاء: يتم تكوين اللبن في الأنعام بالتنسيق المحكم والتدرج الدقيق بين الجهاز الهضمي والجهاز الدوري والجهاز التناسلي عن طريق الغدد اللبنية في الضروع وغيرها من الأجهزة حيث جعل الله لكل جهاز وظيفة وأعمالاً خاصة يقوم بها ليتكون – في نهاية المطاف – اللبن الخالص السائغ للشاربين.
ويبدأ ذلك بالهضم، حيث يتم الهضم على عدة أشكال فمنه الهضم (الحركي) والهضم الكيماوي والهضم الميكروبي بواسطة (خمائر) الميكروبات الموجودة في كرش الأنعام.
تبدأ عملية الهضم في الفم بنوعيها: الهضم (الحركي) و(الخمائري) حيث يتم تقطيع مواد العلف بالمضغ وخلطها باللعاب الذي يحتوي على أنزيم (الأميليز) الذي يقوم بهضم مبدئي ثم في المعدة المركبة حيث يتم هضم ميكانيكي وميكروبي وكيماوي.
ثم يتم اجترار الكتلة الغذائية من الكرش إلى الفم ليعاد مضغها وخلطها باللعاب ثم إعادة بلعها لتعمل عليها بكتريا الكرش فتحلل (السكريات) و(البروتينات) ثم يحدث الهضم (الخمائري) في المعدة الحقيقية (بالببسين والرنين).
وبعمليات الهضم هذه يتحول العلف إلى فرث. وبانتقال الفرث إلى الأمعاء الدقيقة تستمر عملية الهضم فيتعرض الفرث للإنزيمات الهاضمة في الأمعاء والبنكرياس والعصارة الصفراء في الكبد.وبهذا يتم تحليل الأطعمة المحتوية على الجزيئات المعقدة جداً إلى جزيئات بسيطة، فالنشاء والسكريات المعقدة تتحول إلى سكريات بسيطة، والدهون تتحول إلى أحماض دهنية، والبروتينات تتحول إلى أحماض أمينية وببتيدات، أما الفيتامينات والأملاح والماء فلا تحتاج إلى هضم قبل امتصاصها ويتحول الفرث الصلب بعد هضمه في الأمعاء إلى فرث رائق.
ثم تقوم الخملات في الأمعاء الدقيقة بامتصاص المــواد الغذائيـة المحللة بعـدة طرق.
وتصل هذه المواد إلى داخل الأوعية الدموية الصغيرة الواقعة تحت النسيج الطلائي، ومنها إلى الأوعية الدموية الأكبر فتدخل في تيار الدورة الدموية.
ثم يقوم الدم بنقل هذه المواد الغذائية إلى جميع خلايا الجسم والتي منها خلايا الضروع التي يتم فيها امتصاص مكونات الحليب من بين الدم.
وفي الأخير يتم التصنيع في الضرع، والضرع مدينة صناعية، وهو يتكون من فصوص، وكل فص يتكون من عدد من الفصيصات، وكل فصيص يحتوي ما بين 150-220 حويصلة مجهرية، والحويصلة المجهرية عبارة عن تركيب يشبه الكيس حيث يصنع اللبن ويفرز. وكل حويصلة تعد وحدة صناعية مستقلة متكونة من تجويف لجمع اللبن محاط بطبقة واحدة من الخلايا الطلائية (الظهارية)، وكل خلية في هذه الوحدة الصناعية وحدة متكاملة قائمة بذاتها تحول ما بداخل جوفها من مواد أولية قادمة من الدم إلى قطيرة لبن تفرز في ذلك التجويف.
إن الخلية الطلائية (الظهارية) اللبنية هي التي يجعل الله داخلها جميع عمليات تصنيع اللبن بمكوناته المختلفة، فتصل المكونات الأساسية للبن إلى الغشاء القاعدي للخلية اللبنية فيأخذ كل مكون طريقه عبرها ليصل إلى القسم المناسب داخل الخلية حيث تجري عليه العمليات التي قدرها عالم السر وأخفى سبحانه فيخرج من الجهة العليا للخلية مادة جديدة تشكل مع المواد الأخرى الناتجة لبناً سائغاً للشاربين.
علي: ومن الأغذية التي ورد الثناء عليها في النصوص، باعتبارها من الأغذية المباركة التمر.. فقد ورد الثناء على شجرته، فشبهت بالكلمة الدالة على الإيمان، فقال تعالى:{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}(ابراهيم:24 ـ 25) ([21])
وفي الحديث قال صلى الله عليه وآله وسلم:(مثل المؤمن مثل النخلة ما أخذت منها من شيء نفعك) ([22]) .. وقد كانت حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهله تعتمد أكثر ما تعتمد على التمر، ففي الحديث: إن كنا لنمكث أربعين صباحا لا نوقد في بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نارا مصباحا ولا غيره، قيل لها: بأي شيء كنتم تعيشون؟ قالت:(بالأسودين التمر والماء إذا وجدنا} ([23]) .. وفوق هذا دعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى التسحر بالتمر، فقال:(نعم سحور المؤمن التمر) ([24])
عالم الغذاء: ما السحور؟
علي: هو الطعام الذي يؤكل قبل فجر يوم الصيام.
عالم الغذاء: لقد نصحكم نبيكم إذ اختار التمر للسحور.
علي: لم؟
قال عالم الغذاء([25]): لأن السكر الموجود في طعام السحور يكفي ست ساعات، وهي مدة كافية لتشغل الصائم عن الجوع والعطش.
علي: وبعدها؟
عالم الغذاء: وبعد ذلك يبدأ الإمداد الغذائي بالوقود من المخزون الموجود بالكبد.
علي: لقد أمر صلى الله عليه وآله وسلم الصائم إذا أفطر أن يفطر على التمر أو الرطب، فقال:(من وجد تمراً فليفطر عليه، ومن لا يجد فليفطر على الماء فإنه طَهورٌ) ([26])
عالم الغذاء: سر ذلك يرجع إلى أن التمر غني بمواد الطاقة، فهو يحتوي على عدد من أنواع السكاكر كسكر العنب، وسكر الفاكهة، وسكر القصب، بل إن نسبتها فيه عالية تبلغ حوالي 70%.
وزيادة على ذلك فإن السكاكر الموجودة في التمر سريعة الامتصاص سهلة التمثيل، إذ لا يحتاج امتصاصها إلى عمليات هضمية، وعمليات كيماوية حيوية معقدة، كما هو الحال مثلاً في المواد الدهنية والنشوية، والتي تحتاج الى مفرزات هضمية.. فلذلك تستطيع المعدة هضم التمر وامتصاص السكاكر الموجودة فيه خلال ساعة أو بضع ساعة.
وسر ذلك هو أن التمر يحتوي على سكريات أحادية، وهي تصل سريعاً إلى الكبد، والدم الذي يصل بدوره إلى الأعضاء وخاصة المخ، أما الذي يملأ معدته بالطعام والشراب، فإنه يحتاج لساعتين إلى ثلاثة ساعات حتى تمتص أمعاؤه السكر.
علي: لهذا إذن دعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى ابتداء المفطر بالتمر.
عالم الغذاء: الأمر لا ينحصر في ذلك، فإن فائدة السكاكر الموجودة في التمر لا تنحصر في منح الحرارة والقدرة والنشاط، بل إنها مدرة للبول، وتغسل الكلى، وتنظف الكبد.
بالإضافة إلى هذا كله، فالتمر غني جداً بالمواد الغذائية الضرورية للإنسان.. بل إن كيلوغراما واحدا من التمر يعطي ثلاثة آلاف كالوري، أي ما يعادل الطاقة الحرارية للرجل متوسط النشاط في اليوم الواحد.. أي أن الكيلوغرام الواحد من التمر له نفس القيمة الحرارية التي يعطيها اللحم، بل إن ما يعطيه الكيلو الواحد من التمر يعادل ثلاثة أضعاف ما يعطيه كيلو واحد من السمك.
بالإضافة إلى هذا، فإن هناك فوائد طبية وغذائية في التمر تجعله مرشحاً ليكون من أفضل الأغذية وأغناها، فالتمر يحتوي على نسبة عالية من الكربوهيدرات (السكريات) تصل إلى (88 بالمائة) ونسبة من الدسم (2.5 – 5 بالمائة) ونسبة بروتين (2.3 – 5.6 بالمائة) ونسبة عالية من الفيتامينات والألياف (6.4 – 11.5 بالمائة). كما تحتوي ثمرة التمر عدا البذور على نسبة من الزيت (0.2 – 5 بالمائة) أما بذور التمر فتحوي (7.7 – 9.7 بالمائة) من وزنها زيتاً، وتزن نوى التمر (6.6 – 14.2 بالمائة) من وزن الثمرة.
ويحتوي التمر على فيتامينات آ وب1 وب2 ويحتوي التمر أيضاً على الفلور وهو مقاوم لتسوس للأسنان، كما يحتوي التمر على عدد من المعادن أهمها البورون والكالسيوم والكوبالت والنحاس والفلور والحديد والمغنزيوم والمنغنيز والبوتاسيوم والفوسفور والصوديوم والزنك، ويحتوي التمر كذلك على عنصر السيلينيوم المقاوم للسرطان.
وهذه الميزات مجتمعة في مادة غذائية واحدة تجعله مرشحاً ليكون مورداً غذائياً مستقبلياً، لا سيما أن إنتاج التمر في العالم ازداد ثلاثة أضعاف خلال الأربعين سنة الماضية، بينما عدد سكان العالم تضاعف مرتين فقط، وهذا دليل على النمو السريع في إنتاج هذه المادة المثالية.
بالإضافة إلى هذا الدور الغذائي، فللتمر دوره العلاجي:
ومن ذلك أن أليافه تساعد الأمعاء على حركتها الاستدارية، وبذلك تجعل التمر مليناً طبيعياً، ولهذا يساعد التمر على تجنب أمراض البواسير.
بل وجد أنه للوقاية من الإمساك يحتاج الإنسان إلى تناول التمر والرطب لغناه بالألياف، فقد وجد أن كل 100جرام من التمر تعطي نحو 8.5 جرامات من الألياف، وهي مهمة للوقاية من الإمساك([27]).
وهو يساعد على العلاج من الأنيميا لما يحتويه من معدن الحديد.. وهو يعالج أمراض القلب لما يحتويه من هذا العنصر.. وهو دواء فعال ضد الحساسية لاحتوائه على عنصر الزنك.. وهو يوقف النزيف أثناء الحمل لاحتوائه على فيتامين K والتاناين الذي هو عبارة عن مادة قابضة.. وهو يستخدم في حالات الفشل الكلوي لاحتوائه على فيتامين بي1-بي2 وبي6 إضافة إلى سكر الفواكه .. وهو يخفف من الحموضة والحرقة لاحتوائه على الأملاح القلوية.. وهو يمنع الدوخة ودوار الرأس لاحتوائه على بعض العناصر مثل الكاروتين.. وهو يساعد على منع الخلايا السرطانية من النمو والانتشار لاحتوائه على المغنيسيوم والكالسيوم.. وهو يمثل نظاما لإعادة البناء في جسم الإنسان لاحتوائه على الفسفور وباقي الأملاح المعدنية والفيتامينات، ودقيق التمر المجفف ونواته المطحونة تساعد على الشفاء من الربو وضيق التنفس..
علي: لقد ذكر الله تعالى في القرآن الكريم أمره لمريم ـ عليها السلام ـ في حال مخاضها، وبعد ولادتها أن تأكل من التمر، فقال:{ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيّاً} (مريم:25-26).. فما سر ذلك؟
عالم الغذاء: لقد تبين في الأبحاث المجراة على الرطب([28]) أي ثمرة النخيل الناضجة، أنها تحوي مادة مقبضة للرحم، تقوي عمل عضلات الرحم في الأشهر الأخيرة للحمل فتساعد على الولادة من جهة، كما تقلل كمية النزف الحاصل بعد الولادة من جهة أخرى.
وقد اكتشفوا أن الرطب يحوي نسبة عالية من السكاكر البسيطة السهلة الهضم والامتصاص، مثل سكر الغلوكوز، ومن المعروف أن هذه السكاكر هي مصدر الطاقة الأساسية، وهي الغذاء المفضل للعضلات، وعضلة الرحم من أضخم عضلات الجسم، وتقوم بعمل جبار أثناء الولادة التي تتطلب سكاكر بسيطة بكمية جيدة ونوعية خاصة سهلة الهضم سريعة الامتصاص، كتلك التي في الرطب.
بالإضافة إلى هذا، فإن من آثار الرطب أنه يخفض ضغط الدم عند الحوامل فترة ليست طويلة ثم يعود لطبيعته، وهذه الخاصة مفيدة لأنه بانخفاض ضغط الدم تقل كمية الدم النازفة.
بالإضافة إلى هذا كله، فإن الرطب من المواد الملينة التي تنظف الكولون، ومن المعلوم طبياً أن الملينات النباتية تفيد في تسهيل وتأمين عملية الولادة بتنظيفها للأمعاء الغليظة خاصة.
ولهذا، فإن أطباء التوليد يقدمون للحامل، وهي بحالة المخاض، الماء والسكر بشكل سوائل، وقد ذكرت الآية التي تلوتها الماء مع التمر:{ فَكُلِي وَاشْرَبِي }(مريم: 26)، وهو إعجاز آخر تضمنته هذه الآية.
علي: ومن الغذاء الطيب الذي ورد ذكره في النصوص الزيتون، فقد أقسم الله تعالى به، فقال:{ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}(التين:1)
بل إن الله تعالى شرفه، فجعل زيته مثالا للأنوار المقدسة، فقال:{ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}(النور:35)
ووصف الله تعالى شجرة الزيتون، فقال:{ وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ}(المؤمنون:20)
بل إن النصوص لم تكتف بوصفه، وتشريفه فقط، بل أمرت بأكله، فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم:(كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة) ([29])
عالم الغذاء: لقد نصحكم ربكم ونبيكم غاية النصح([30]).. فقد اكتشف العلماء فوائد صجية كثيرة جدا لزيت الزيتون تميزه عن سائر أنواع الزيوت، فهو يحتوي على الأحماض الدهنية غير المشبعة وحيدة الرابطة المزدوجة، وهو ما يميزه عن بقية الزيوت.
وهو يعمل على الحفاظ على صحة القلب، ويقلل من الالتهاب وخطر الإصابة ببعض أنواع السرطان، وهو يلعب دورا مهما في إدارة مرض السكري وزيادة الوزن، وهو يقلل من الكولسترول السيئ دون التأثير على الكولسترول الجيد.. وغيرها من الفوائد الكثيرة.
علي: لقد وصف الله تعالى شجرة الزيتون بأنها صبغ للآكلين، فقال تعالى:{ وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ } (المؤمنون:20)، والصبغ في اللغة هو ما تصبغ به الثياب، بتغيير لونها، وقد أشار ابن عباس إلى تأثير زيت الزيتون في الألوان، فقال:(ألم تر أن الرجل أبيض وأحمر وأسود).. فهل توصل العلم إلى شيء ما في هذا المعنى ([31])؟
عالم الغذاء: أجل.. إذا حللنا ثمار الزيتون بالطرق العلمية الحديثة في التحليل سنجد بها علاوة على الدهن كميات من الأحماض الأمينية، وهي الأحماض التي ترتبط مع بعضها البعض في سلسلة ببتيدية طويلة لتكون البروتين.
بعض هذه الأحماض تسمى بالأحماض الأمينية الأساسية، وهي الأحماض الأمينية التي يمرض الإنسان إذا لم يتناولها في طعامه لمدة طويلة، وأحد هذه الأحماض الأمينية الأساسية هوحمض الفنيل ألانين وهذا الحمض موجود في ثمار الزيتون، له دور أساسي في إعطاء لون البشرة، ولون رموش الأعين، ولون الشعر في الإنسان.
علي: كيف يحدث ذلك؟
عالم الغذاء: عندما يتناول الإنسان الحمض الأميني فنيل ألانين في الطعام يتحول إلى تيروزين، والتيروزين يتحول إلى الميلانين، والميلانين هوالمادة الكيميائية الحيوية التي تصبغ جلد وشعر ورموش الإنسان عندما تترسب في بعض طبقات الجلد والشعر والرموش.
علي: بالإضافة إلى تلك الأغذية ورد في النصوص ذكر بعض أنواع الخضراوات، والثناء عليها، ومنها اليقطين التي أنبتها الله على يونس u، كما قال تعالى:{ وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ}(الصافات:146)
وقد كان من الطعام المبارك الذي كان يحبه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقد ثبت أن رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم كان يحب الدباء، ويتبعه من حواشي الصحفة.
عالم الغذاء: اليقطين من الأغذية المفيدة، وهي تحتوي على كمية قليلة من السكر والألياف، ولذلك لا تعطي المائة غرام منها سوى 65 حريرة فقط، وهي بذلك غذاء جيد لمن أراد إنقاص وزنه.
زيادة على ذلك فهي فقيرة جداً من الصوديوم، وهي بذلك تناسب المرضى المصابين بارتفاع ضغط الدم، وفوق ذلك فهي غنية بالبوتاسيوم الذي يلزم الذين يتناولون الحبوب التي تدر البول، كما أنها تحتوي على الكالسيوم والمغنيزيوم والفوسفور والحديد والكبريت والكلور.. وفوق ذلك، فهي غنية بالفيتامينات وفي طليعتها فيتامين أ.
ومن الفوائد التي ذكرها الأطباء لها، والتي تتناسب مع الحالة التي مر بها يونس أنها تنفع المحمومين، وأنها تقطع العطش، وتذهب الصداع إذا شربت أو غسل بها الوجه، وأنها ملينة للبطن كيفما استعملت.. ولذلك كانت من ألطف الأغذية وأسرعها انفعالاً.
بالإضافة إلى هذا، فقد نشرت مجلة الأبحاث البيوكيميائية عام 1985 دراسة أجريت في المعهد الوطني للسرطان في الولايات المتحدة، أشارت إلى أن لليقطين فعلاً واقياً من سرطان الرئة عند سكان نيوجرسي في الولايات المتحدة([32]).
علي: ومن الأغذية التي ورد ذكرها في النصوص الثوم، فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم:(كلوه.. ومن أكله منكم فلا يقرب هذا المسجد حتى يذهب ريحه منه، يعني الثوم) ([33])، فقد أمر صلى الله عليه وآله وسلم بأكله، ثم أضاف إليه حكما آخر لا يناقض الحكم الأول، وهو النهي عن قرب المسجد لمن يأكله، حتى يجنب غيره شم رائحته.
عالم الغذاء: الثوم من أعظم الأغذية فائدة للصحة، فهو يكاد يكون لوحده صيدلية أدوية، وسأذكر لك منها ما تعلم به عظم ما نصحكم به نبيكم.
فمن فوائد الصحية دوره في معالجة نزلات البرد الشائعة، فقد تبين للباحثين أن الذين يتناولون يوميا الثوم في غذائهم أقل عرضة للإصابة بنزلات البرد الشائعة بنحو الضعف، ويرجع ذلك لمادة فيه تعرف باسم آلاسين، وهي المادة البيولوجية الرئيسية التي تنتجها نبتة الثوم، وهي المادة ذات الرائحة النفاذة التي تفرز عند عصر فص الثوم، وما تحتويه من العناصر الكبريتية.
ومن فوائده دوره الفعال في علاج التهاب القصبات المزمن، والتهاب الغشاء القصبي النزلي، والزكام المتكرر، والأنفلونزا..و ذلك نتيجة لطرح نسبة كبيرة من زيت الغارليك عن طريق جهاز التنفس عند تناوله.. زيادة على احتوائه مواد مضادة للبكتريا، ولها تأثير قوي حتى في العدوى القوية مثل الدسنتاريا.
ومن فوائده تأثيره الكبير في حالات السعال، والربو، والجمرة الخبيثة، وقرحة المعدة، والغازات، والتهاب المفاصل.
ومن فوائده تأثيره الكبير في ضغط الدم، وقد قامت دراسات كثيرة لإثبات هذا، منها دراسة في عام 1980م، أثتبتت أنه يخفض ضغط الدم ودهون الدم.
بل ثبت أنه يمكن أن يمنع تكون الجلطات الدموية، وذلك بمحافظته على إبقاء الدم في حالة جيدة من سيولته بالاضافة إلى تخفيضه الجيد لكولسترول الدم، ومساهمته في تخفيض سكر الدم.
ليس ذلك فقط، بل وجدوا أن له دورا علاجيا ووقائيا من الأورام الخبيثة.. ففي دراستين منفصلتين في الصين بإحدى المحافظات التي تعاني من ارتفاع ملحوظ في نسبة الوفاة من سرطان المعدة وجد انخفاض معدل الإصابة بسرطان المعدة إلى عشرة أضعاف في الذين يتناولون الثوم بصورة اعتيادية عن الذين لا يتناولونه.
علي: بالإضافة إلى ذلك.. فقد وردت النصوص الكثيرة التي تثني على الفواكه، باعتبارها من الأطعمة الطيبة المباركة.
ولهذا ذكرت الفواكه باعتبارها من أطعمة الجنة، بل ذكرت كثرتها، وهو ما لم يحظ به طعام آخر، قال تعالى:{ لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ}(الزخرف:73)، وقالتعالى:{ مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ}(صّ:51)
وأخبر عن تنوعها، فقال:{ يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ} (الدخان:55)، وقالتعالى:{ فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ}(الرحمن:52)
وأخبر عن تفاضلها، فقال:{ وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ}(الواقعة:20)
وأخبر عن سهولة الحصول عليها، وعلى فوائدها، فقال:{ وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ}(الواقعة:32 ـ 33)، وقالتعالى:{ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ}(الحاقة:23)
وفي كل ذلك دلالة على أهمية الفواكه وفضلها ومنافعها.. فالله تعالى لم يجعل في الجنة إلا المنافع المحضة.
عالم الغذاء: الفواكه من أهم الأغذية وأكثرها منافع.. وقد نصحكم القرآن بتنبيهكم لفوائدها.
علي: من الفواكه التي ذكرها القرآن الرمان، ومن الآيات التي وردت فيه قوله تعالى:{ فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ } (الرحمن:68)
وقد روي في فضله عن علي t قوله:(كلوا الرمان بشحمه، فإنه دباغ المعدة) ([34])
عالم الغذاء: الرمان من الفواكه ذات الفوائد الكثيرة([35])، فهو يحتوي على منسوب مرتفع من الطاقة، ومنسوب عال من الفيتامينات والاملاح خصوصاً فيتامين ج.
فضلاً عن ذلك فقد وجد أن عصارة ثمار الرمان لها تأثير قاتل للجراثيم، فقد اعطيت خلاصات ثمار الرمان فعالية ضد أنواع من البكتريا بتخفيف 1: 60، بالإضافة إلى أن قشور الرمان فعالة ضد الجراثيم.
كما وجد أن المستخلصات المائية والكحولية للرمان فعالة ضد الفطريات خصوصاً T.tonsurans. T.mentagrophytes، E.floccosum ،T.rubrum.))
ولاحتواء قشور الرمان وشحمه، وهي الأغشية بين الفصوص، على كمية عالية من العفصات فإنها تسخدم لعلاج قرح الجهاز الهضمي، إذ أن منسوب العفصات العالي يؤدي إلى تغير طبيعة بروتينات الجراثيم وقتلها كما أنه يدبغ ظهارة المعدة حيث يرسب بروتينات الطبقة الظهارية فيعمل منها طبقة واقية يقع تحتها بناء النسيج التالف، لذا فإنها تستخدم لعلاج قرحة المعدة والأمعاء.
وقد وجد كازولي أن الخلاصة المائية لقشور الرمان فعالة في منع حدوث القرحة المحدثة بالايثانول، حيث أن دبغ ظهارة المعدة بالعفصات تجعل الظهارة أقل نفاذية وأكثر مقاومة للأذى والتهيج الميكانيكي والكيمياوي وأكثر مقاومة للبكتريا.
وبالرغم من أن الترابط بين تركيب العفصات والخاصية المضادة للتقرح غير معروفة ولكن وجد ان العفصات ثلاثية التراكيب tetramers هي الأكثر فعالية في منع حصول وعلاج القرحة الهضمية.
علي: من الفاكهة التي ورد الثناء عليها في النصوص التين، فزيادة على ما سبق لي ذكره من النصوص قال صلى الله عليه وآله وسلم:(لو قُلت إنَّ فاكهة نزلت من الجَنَّة قلت التين، لأنَّ فاكهة الجنَّة بلا عجمٍ ـ كلوا منه فإنه يقطع البواسير، وينفع النقرس) ([36])
عالم الغذاء: التين من اكثر الفواكه التي تحتوي على الألياف، حيث تحتوي حبة واحدة من التين على جرامين من الألياف (20بالمائة من الإحتياج اليومي الموصى به)
وقد أظهرت الدراسات أن الألياف الموجودة في الأغذية النباتية تؤدي دوراً فعالاً في تنشيط أداء الجهاز الهضمي، وأداء وظيفته الطبيعية، وهي تساهم في التقليل من خطورة الإصابة ببعض أنواع السرطانات.
وبما أن التين يعتبر غنيا بالألياف فقد وصفه مختصو التغذية كطريقة مثالية لزيادة نسبة ما يحتاجه جسم الانسان من الألياف.
وميزة ألياف التين أنها تضم نوعين من الألياف: الألياف القابلة للتحلل والذوبان، وغيرها من التي لا تقبل التحلل ولا الذوبان.
لأن لكل منهما منفعته الخاصة، فالغذاء الغني بالألياف غير القابلة للتحلل يسهل الطريق للمواد بالخروج من الجسم من خلال الأمعاء، وذلك بإضافة الماء اليها، وبالتالي يساهم في زيادة سرعة الجهاز الهضمي، وتكفل استمرار وظيفته الطبيعية.
وقد ثبت أن الغذاء ذو الألياف غير قابلة الذوبان يمتلك أثراً وقائياً ضد سرطان القولون.
وعكسه أيضا لها منفعته الخاصة، فقد ثبت أن الغذاء ذو الألياف القابلة للذوبان يقلل من مستوى الكوليسترول في الدم بنسبة أكثر من 20 بالمائة. وعليه فإنها تعتبر ذات أهمية كبيرة في الحد من خطورة الإصابة بالنوبات القلبية، وهذا لأن تجمع نسب كبيرة من الكوليسترول في الدم يؤدي الى تصلب الشرايين.
فعلى سبيل المثال لو تراكم الكوليسترول في الشرايين المغذية للقلب، فهذا يؤدي الى الاصابة بالنوبات القلبية، وكذلك يؤدي الى تراكم الكوليسترول في عروق الكلى إلى ارتفاع ضغط الدم والفشل الكلوي.
علاوة على ذلك فإن مقدارا مناسبا من الألياف يعد مهماً فيما يتعلق بتنظيم سكر الدم وذلك عن طريق اخلاء المعدة، وذلك لأن التغيرات المفاجئة في سكر الدم تؤدي الى اضطرابات مهددة لحياة الإنسان، لذا فإن المجتمعات التي تعيش على وجبات غنية بالألياف ستكون أقل عرضة للإصابة بالسرطان وامراض القلب.
ولهذا، فإن تواجد نوعي الالياف في نفس الوقت ـ كما في التين ـ يعتبر ميزة صحية مهمة، حيث يلعبان دورا مهما في منع الإصابة بالسرطان.
ويشير الدكتور اوليفر الباستر مسؤول جمعية الوقاية من الأمراض في المركز الطبي التابع لجامعة جورج واشنطن إلى التين بقوله:(إنه من المهم أن نضيف إلى وجباتنا اليومية غذاء غنيا بالألياف، ويعني اختيارنا للتين أو أي غذاء آخر غني بالألياف أننا نختار غذاء أقل ضرراً لنبقى بصحة جيدة طوال حياتنا)
بالإضافة إلى هذا، فالتين من أكثر الفواكه كمالاً من حيث القيم الغذائية، وهو يشكل جزءاً مهما في أي حمية خاصة، وذلك لأنه لا يحتوي على الدهون أو الصوديوم أو الكوليسترول، بل يحتوي على نسب عالية من الألياف، لذا يعتبر غذاءً مثالياً للذين يريدون الانقاص من أوزانهم.
كما يحتوي التين على نسبة كبيرة من المعادن، وهو يعتبر علاجا يعطي القوة والطاقة لأصحاب الأمراض المزمنة الذين يريدون استعادة صحتهم.
علي: ومن الفواكه التي أثنى عليها القرآن الكريم العنب([37])، فقد ذكر في أحد عشر موضعاً من القرآن الكريم، وذلك في معرض تعداده للنعم التي أنعم الله على عباده بها، سواء في هذه الدار أو في جنة الخلد التي وعد المتقون.
ومن ذلك قوله تعالى:{ يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } (النحل:11)، وقال تعالى:{ وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } (النحل:67)، وقال تعالى:{ فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } (المؤمنون:19)، وقال تعالى:{ وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ } (يّـس:34)
عالم الغذاء: لقد نصحكم كتابكم، فالعنب من أكثر الفواكه فائدة على الإطلاق، فله دوره الفعال في بناء خلايا الجسم وترميم أنسجته وتقويته، وفي علاج العديد من أمراضه كما أن له قدرة خاصة على وقاية الإنسان من العديد من العلل والأمراض.
ويحتوي العنب على مواد سكرية وتبلغ قيمتها 15بالمائة، منها حوالي 7بالمائة جلوكوز، ونسبته تزداد كلما نضجت الثمار، وهو أبسط المواد السكرية تركيباً، وأسهلها هضماً وامتصاصاً وتمثيلاً بالجسم.. ويحتوي على مواد بروتينية 1.5بالمائة، ومواد دهنية 1.5بالمائة.
وقشر العنب غني بالفيتامين (ب) المركب، الذي يدخل في عمليات حيوية كثيرة في جسم الإنسان، وهو عامل مهم في سلامة الجهاز العصبي.
ويحتوي العنب ـ كذلك ـ على كمية لا بأس بها من فيتامين (ج) الذي يرفع من مناعة الجسم، ويقلل من احتمالات إصابته بالميكروبات والجراثيم.
ومن فوائد العنب الدوائية أن للعنب تأثيرا ملينا على الأمعاء، لذلك يستخدم في حالات الإمساك.
وهو يزيد من إدرار البول، ويخفف نسبة حمض البوليك في الدم وهو أحد المخلفات الغذائية ذات التأثير الضار بالصحة، حيث إنها تترسب في المفاصل مسببة آلاماً مبرحة.
ونظراً لما يحتويه العنب من مواد سكرية (الجلوكوز)، فإنه يساعد على حفظ سلامة الكبد، وتنشيط وظائفه، وزيادة إدراره من عصارة الصفراء.
فالعنب الناضج إذن غذاء ممتاز، سريع الهضم جداً أما قبل أن ينضج ـ الحصرم ـ فقليل الغذاء ويحضر منه شراب كشراب الليمون، وعصير كعصيره.
علي: ومما يمكن اعتباره من الأغذية الأساسية التي نص عليها القرآن من باب الإشارة الهواء.. وإلى هذا يشير قوله تعالى:{ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ} (الأنعام:125)
ففي هذه الآية إشارة لطيفة إلى اختيار المكان الصحي المناسب الذي يتمتع بالهواء النقي الكافي للتنفس([38]).
عالم الغذاء: بل في هذه الآية معجزة علمية، لم تتضح حقيقتها إلا مؤخراً.. وهي انخفاض الضغط الجوي بالصعود في طبقات الجو، مما يسبب ضيق صدر الصاعد حتى يصل إلى درجة الاختناق، فتكون الآية تشبيه حاله معنوية بهذه الحالة الحسية التي لم تُعرف إلا في عصرنا الحاضر.
وسأشرح لك باختصار كيف اكتشف ذلك..
لقد اكتشف تورشيللي (1608ـ 1647م) في عام 1643م أن سائل الزئبق يمكن ضخه في أنبوب إلى الأعلى بفعل الضغط الجوي حتى يصل ارتفاعه إلى 76سم فقط.. وعلى هذا الأساس أمكن استنتاج أن عموداً مماثلاً من الهواء وزنها مساوٍ لوزن كمية الزئبق الموجودة في الأنبوب، وذلك حتى ارتفاع 76سم.
وأكد تورشيللي صحة نظريته بأن حمل عموداً من الزئبق إلى قمة جبل من الغلاف الجوي قد أصبح آنذاك تحته، ومن ثم فلن يبذل هذا الجزء أية قوة على عمود الزئبق.
ثم توصل الإنسان إلى أنه كلما ارتفع عن مستوى سطح البحر كلما نقص وزن الهواء، وذلك نتيجة لنقص سمك الغلاف الغازي من جهة، وتخلخل الهواء انخفاض كثافته من جهة أخرى، ويتأثر هذا ـ أيضاً ـ تبعاً لاختلاف درجة الحرارة.
ولم يتوصل الإنسان إلى معرفة هذا الظاهرة إلا في القرن التاسع عشر (1804م) حينما صعد بالبالون لأول مرة إلى طبقات الجو ظاناً بأن الهواء ممتد إلى مالا نهاية.
لقد أصبح التفسير العلمي لظاهرة الضيق والاختلاف عند الصعود في طبقات الجو العليا معروفاً الآن بعد سلسلة طويلة من التجارب والأرصاد التي أجراها العلماء لمعرفة مكونات الهواء وخصائصه، خصوصاً بعد أن تطورت أجهزة الرصد والتحليل المستخدمة للارتفاعات المنخفضة أو المحمولة بصورايخ وأقمار صناعية لدراسة طبقات الجو العليا.
وتدل القياسات على أن الغلاف الجوي للأرض متماثل التركيب، بسبب حركة الهواء التي تؤدي إلى حدوث عمليات الخلط الرأسي والأفقي خصوصاً على الارتفاعات المنخفضة، فتظل نسب مكونات الهواء ثابتة تقريباً حتى ارتفاع 80 كيلومتراً.
وقد ثبت أن الضغط الجوي يقل مع الارتفاع عن سطح الأرض، بحيث ينخفض إلى نصف قيمته تقريباً كلما ارتفعنا مسافة 5 كيلومترات عن مستوى سطح البحر، بشكل مطرد. وطبقاً لهذا، فإن الضغط الجوي ينخفض فيصل إلى ربع قيمته على ارتفاع 10 كيلومترات، وإلى 1 بالمائة من قيمته الأصلية على ارتفاع 30 كيلومتراً.
كما تتناقص كثافة الهواء بدورها تناقصاً ذريعاً مع الارتفاع حتى تقارب شبه العدم عند ارتفاع 1000كيلو متراً تقريبا من سطح الأرض.
ومن ناحية أخرى، فإن الأكسجين يقل في الجو كلما ارتفعنا إلى الأعلى، نظراً لنقصان مقادير الهواء، فإذا كان الأكسجين عند السطح 200 وحدة مثلاً، فإنه على ارتفاع 10 كيلومترات ينخفض فيصل إلى 40 وحدة فقط، وعلى ارتفاع 20 كيلومتر يزداد نقصانه لتصبح قيمته 10 وحدات فقط، ثم تصل قيمته إلى وحدتين فقط على ارتفاع 30 كيلومترا.
وهكذا، يمكن أن يضيق صدر الإنسان ويختنق بصعوده إلى ارتفاعات أعلى من 10 كيلومتراً، إن لم يكن مصوناً داخل غرفة مكيفة، وذلك نتيجة لنقص الضغط الجوي، ونقص غاز الأوكسجين اللازم للتنفس.
وبدون هذه الغرفة المكيفة يصاب الإنسان بالكسل والتبلد ويدخل في حالة من السبات وفقدان الذاكرة، ويتعرض لأضرار الأشعة الساقطة عليه من خلال الغلاف الجوي، ويصاب بحالة (ديسبارزم)، فينتفخ بطنه وتجاويف جسمه، وينزف من جلده، ويتوقف تنفسه، ويتدمر دماغه، ويدخل في غيبوبة الموت.
كما أثبت علم طب الفضاء إصابة الصاعد في طبقات الجو العليا دون الاحتماء في غرفة مكيفة ـ بالإعياء الحاد، وارتشاح الرئة، وأوديما الدماغ، ونزف شبكية العين، ودوار الحركة، واضطراب التوجه الحركي في الفضاء، واحمرار البصر، ثم اسوداد البصر فهو أعلى حالات الهلوسة البصرية، إذ الأعين موجودة وسليمة وظيفياً لكن الضوء غير موجود، حيث لا يوجد في طبقات الجو العليا سوى الظلام الحالك، فيظن الصاعد في تلك الطبقات أنه قد أصابه سحر أفقده القدرة على الإبصار.
علي: لقد أشار القرآن الكريم إلى هذا أيضا، فقال:{ وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ} (الحجر:14-15)
عالم الغذاء: إن ذكر القرآن لكل هذا من العجائب التي لا يمكن ردها للذكاء والعبقرية.. إنها معلومات وصلته من مصدر العلم والحقيقة.
آداب الأكل
علي: بالإضافة إلى الأنواع الكثيرة من المآكل الطيبة التي ورد الترغيبب فيها في النصوص المقدسة علمنا ديننا كيف نأكل.. وهو ما يسميه علماؤنا آداب الأكل.
عالم الغذاء: فاعرض علي ما ورد في دينكم لأرى مدى انسجامه مع ما يقوله العلم الذي تخصصت فيه.
علي: أول ما ورد في النصوص في هذا الباب على الخصوص هو النهي عن الإسراف، فالله تعالى يقرن إباحته للطيبات بقيد النهي عن الإسراف، قال تعالى:{ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا}(لأعراف: 31)
وأخبر القرآن الكريم أن الوقوف عند التلذذ بالطعام والشراب والتمتع بهما إنما هو من صفات الكافرين الجاحدين، فقال تعالى:{ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ }(الأحقاف:20)، ولهذا قال صلى الله عليه وآله وسلم:(المؤمن يأكل في معي واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء} ([39])
ولهذا اعتبر صلى الله عليه وآله وسلم السمنة انحرافا يقع في الأمة، فقال:(إن خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يكون من بعدهم قوم يشهدون ولا يستشهدون ويخونون ولا يؤتمنون وينذرون ولا يوفون ويظهر فيهم السمن)
عالم الغذاء: لقد نصحكم ربكم ودينكم غاية النصح، فأكثر الأمراض سببها هو ما يدخله الإنسان إلى جوفه من مأكولات أكثرها مما لا يحتاج إليها.
فاحتياجات الإنسان الطبيعي من العناصر الغذائية الأساسية بسيطة، لا تتعدى مقادير محددة من السكاكر، والدسم، والبروتينات، والفيتامينات والعناصر المعدنية.
وتختلف مقاديرها بحسب سنه وجنسه وعمله وحالته الغريزية، فالرجل الكهل مثلاً يحتاج لـ (20 ـ 26) غ من البروتينات، 100 غ من السكر كحد أدنى، ولكمية من الدسم بحيث تؤمن 20 بالمائة من طاقته اليومية، ولكميات محدودة من الفيتامينات والمعادن.
ولكن المسرف يتجاوز كل هذه المقادير بأضعاف مضاعفة، مما يؤدي به إلى أمراض خطيرة لم يجلبها له إلا نهمه وشهوته([40]).
فمن الأمراض الناتجة عن الإسراف هجمة خناق الصدر، وخاصة إذا كانت الوجبة دسمة، وهي حالة من الألم الشديد خلف القص يمتد للكتف والذراع الأيسر والفك السفلي بسبب نقص التروية القلبية، وتظهر هذه الحالة عادةً عند المصابين بأمراض الأوعية القلبية إثر الجهد، فالوجبة الغذائية الكبيرة تشكل على القلب عبئا يماثل العبء الناتج عن الجهد العنيف.
ومنها تعرض الإنسان للإصابة ببعض الجراثيم، كضمات الكوليرا وعصيات الحمى التيفية، والأطوار الاغتذائية للاميبا، وذلك لعدم تعرض كامل الطعام لحموضة المعدة وللهضم المبدئي في المعدة حيث أن حموضة المعدة هي المسؤولة عادة عن القضاء على مثل هذه الجراثيم.
ومنها بعض الأمراض المتعلقة بالمعدة، كتوسعها الحاد، وهي حالة خطيرة قد تؤدي للوفاة إذا لم تعالج.
أوكانفتال المعدة، وهي إصابة خطيرة ونادرة تحدث بسبب حركة حويّة معاكسة للأمعاء بعد امتلاء المعدة الزائد بالطعام.
زيادة على هذا، فإن المعدة الممتلئة بالطعام أكثر عرضةً للتمزق إذا تعرضت لرض خارجي من المعدة الفارغة، وقد يتعرض المرء للموت بالنهي القلبي إذا تعرض لضرب على الشرسوف (فوق المعدة)
علي: لقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مراتب الغذاء، فذكر أنها ثلاثة، فقال:(ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لابد فاعلاً فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه) ([41])
عالم الغذاء: صدق نبيكم، ونصحكم غاية النصح، فالجزء العلوي من المعدة يشكل جيبا ممتلئا بالهواء يقع تحت الحجاب الحاجز، وكلما كان ممتلئاً بالهواء كانت حركة الحجاب الحاجز فوقه سهلة، وكان التنفس ميسوراً، فإذا امتلأ هذا الجيب بالطعام والشراب تعرقلت حركة الحجاب الحاجز، وكان التنفس صعباً كما أن الصلب لا يستقيم تماماً إلا إذا كانت حركة المعدة مستريحة، ولا يتم ذلك إذا اتخمت بالطعام.
علي: ومن الآداب التي ورد الحث عليها في النصوص النظافة، فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم:(بركة الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده) ([42])
ولم تكتف النصوص بهذا، بل ذكر صلى الله عليه وآله وسلم التفاصيل الكثيرة التي تحدد المواضع التي ينبغي مراعاتها بالتنظيف.
عالم الغذاء: لقد نصحكم نبيكم غاية النصح، فاذكر لي ما ورد من التفاصيل لأقارنه بما يقوله أهل تخصصي.
علي: أول ما ورد من ذلك نظافة اليدين،، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (إذا أراد أن يأكل غسل يديه) ([43])
وكان صلى الله عليه وآله وسلم يأمر بغسل اليدين عند مآكل تؤثر في نظافة اليدين، قال صلى الله عليه وآله وسلم:(من بات وفي يده ريح غمر([44]) فأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه) ([45])، وقد ورد في الحديث أنه صلى الله عليه وآله وسلم (أكل كتف شاةٍ فمضمض وغسل يديه) ([46])
وقد ورد الأمر بإتقان غسل اليدين في الوضوء، فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم:(إذا توضأت، فخلل بين أصابع يديك ورجليك) ([47])
ومما يتصل بهذا الباب ما ورد في النصوص من تقليم الأظفار، درءاً لتجمع الأوساخ تحتها، ودفعاً لما قد ينشأ من الأضرار.
ولأجل مراعاة هذه الناحية أمر الشرع بتخصيص اليد اليسرى للتنظيف، حرصا على نظافة اليد اليمنى، التي هي للطعام، فعن عمر بن أبي سلمة قال: كنت طفلا في حجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكانت يدي تطيش في الصفحة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:(يا غلام سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك} ([48])
عالم الغذاء: لقد أثبت البحوث العلمية أن جلد اليدين يحمل العديد من الميكروبات التي قد تنتقل إلى الفم أو الأنف عند عدم غسلهما.
علي: ومن النظافة التي وردت بها النصوص نظافة الفم، فقد أمر صلى الله عليه وآله وسلم بالتخلل وتنظيف الفم، فقال صلى الله عليه وآله وسلم:( تخللوا فإنه نظافة، والنظافة تدعو إلى الإيمان مع صاحبه في الجنة) ([49])
وقال صلى الله عليه وآله وسلم:(حبذا المتخللون بالوضوء، والمتخللون من الطعام، أما تخليل الوضوء: فالمضمضة والاستنشاق وبين الأصابع، وأما تخليل الطعان فمن الطعام فإنه ليس شيء أشد على الملكين من أن يريا بين أسنان صاحبهما طعاما وهوقائم يصلي) ([50])
وأمر صلى الله عليه وآله وسلم بالسواك في نصوص كثيرة، فقال صلى الله عليه وآله وسلم:(تسوكوا، فإن السواك مطهرة للفم مرضاة للرب، ما جاءني جبريل إلا أو صاني بالسواك حتى لقد خشيت أن يفرض علي وعلى أمتي، ولولا أن أخاف أن أشق على أمتي لفرضته عليهم، فإني لأستاك حتى خشيت أن أحفي مقادم فمي) ([51])
عالم الغذاء: لقد نصحكم نبيكم غاية النصح.. فالفم هو المدخل الرئيسي لأعضاء الجسم الداخلية، ويمكن إدراك المخاطر التي يمكن أن تصيب هذه الأجهزة، سواء الجهاز التنفسي العلوي أو الرئتان أو الجهاز الهضمي إذا ما أصيب الفم.
بل إن الجهاز العصبي المتصل بالأسنان وبمنطقة الوجه يمثل خطورة كبيرة على الإنسان إذا هو أقرب المناطق إلى الجهاز العصبي المركزي الرئيسي (المخ) لذا كانت آلامه لا تحتمل.
علي: لقد سن النبي صلى الله عليه وآله وسلم للفم سنتين، أو لهما المضمضة، فقال صلى الله عليه وآله وسلم:( إذا توضأت فمضمض) ([52])
عالم الغذاء: لقد ثبت أن المضمضة تحفظ الفم والبلعوم من الالتهابات ومن تقيح اللثة، وتقى الأسنان من النخر بإزالة الفضلات الطعامية التي قد تبقى فيها.
بل قد ثبت علميا أن تسعين في المئة من الذين يفقدون أسنانهم لو اهتموا بنظافة الفم لما فقدوا أسنانهم قبل الأوان، وأن المادة الصديدية والعفونة مع اللعاب والطعام تمتصها المعدة وتسرى إلى الدم.. ومنه إلى جميع الأعضاء وتسبب أمراضا كثيرة، وأن المضمضة تنمى بعض العضلات في الوجه وتجعله مستديرا.. وهذا التمرين لم يذكره من أساتذة الرياضة إلا القليل لانصرافهم إلى العضلات الكبيرة في الجسم.
علي: أما السنة الثانية، فهي السواك، فهو من السنن التي وردت بها النصوص الكثيرة، بل ربطه صلى الله عليه وآله وسلم بالعبادات، فقال:(لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة) ([53])، وفي رواية:(عند كل وضوء)
بل كان صلى الله عليه وآله وسلم (لا يرقد من ليل ولا نهار فيستيقظ إلا تسوك قبل أن يتوضأ) ([54])، وكان صلى الله عليه وآله وسلم (إذا دخل بيته بدأ بالسواك) ([55])، و(كان إذا قام من الليل يشوص فمه بالسواك) ([56])
عالم الغذاء: لقد نصحكم نبيكم غاية النصح([57])، ولوأنكم تمسكتم بهذه السنة لأغلقتم العيادات الكثيرة التي تفتحونها لطب الأسنان، بل.. ولو تمسكتم بحرفية النصوص وظواهرها لما اضطررتم إلى اشتراء تلك الأنواع التجارية المختلفة من من معجونات الأسنان، وما يقوم بخدمتها من أنواع الفرشاة.
عالم الغذاء: أأنت طبيب، وتقول هذا؟
علي: وما لي لا أقوله؟ إن المخاطر التي تنجر من تلك الأنواع المختلفة من المعجونات لا تقل عن مخاطر التسوس نفسها.
علي: كيف هذا؟
عالم الغذاء: دعك من هذه الأسئلة.. واعلم أن كل مركب صناعي لا يحوي من المنافع إلا بقدر ما يحوي من المضار.
علي: بين لي هذا.. وما تقول الدراسات في ذلك؟
عالم الغذاء: لقد قام العلماء بتحليل سواك الأراك([58])، وهوالسواك الذي ذكره نبيكم، فوجدوا فيه من المنافع ما لا يوجد في أي معاجين من تلك المعاجين التي يتفنن قومها في التجارة بها.
فمن منافعه أن له تأثيرا على وقف نمو البكتريا بالفم، ولعل ذلك بسبب وجود مادة تحتوي على الكبريت.
وبه مادة التريمثيل امين، وهي تخفض من الأس الايدروجيني للفم، وهو أحد العوامل الهامة لنمو الجراثيم، وبالتالي فإن فرصة نمو هذه الجراثيم تكون قليلة.
وهو يحتوي على فيتامين ج ومادة السيتوستيرول، والمادتان من الأهمية بمكان كبير في تقوية الشعيرات الدموية المغذية للثة، وبذلك يتوفر وصول الدم إليها بالكمية الكافية، علاوة على أهمية فيتامين ج في حماية اللثة من الالتهابات.
وهو يحتوي على مادة راتنجية تزيد من قوة اللثة.
وهو يحتوي على مادة الكلوريد والسيليكات، وهي مواد معروفة بأنها تزيد من بياض الأسنان.
علي: ولكن مع ذلك، فإن الصناعة أضافت للمعاجين تلك الأذواق الجميلة؟
عالم الغذاء: لقد قام مجموعة خبراء([59])بدراسة مقارنة بين السواك، وبعض المستحضرات الموجودة في الأسواق.. وقد أجروا البحث على ثمانين شخصا، قسموهم إلي أربعة مجموعات بحيث استعمل كل عشرين: السواك، والسواك المسحوق، ومسحوق أسنان تجاري، ومادة النشا، وقد أثبت البحث السريري العديد من النقاط.
منها أن استعمال السواك يماثل تماما ما تهدف إليه مهنة طب الأسنان الحديثة، ألا وهو ضرورة إزالة اللويحة الجرثومية، وهي بكر قبل نضوجها وازدياد عتوها على الأنسجة الرخوة والصلبة.
ومنها أن عملية استمرار السواك يوميا وبصورة مكررة يؤدي إلي درجة عالية من نظافة الفم.
ومنها أن احتواء المسواك على المواد الطبيعية يعطي مستعمله الذي يداوم عليه منذ الصغر نعومة للأسنان، وصلابة في مينائها، وقوة في اللثة، وتقوية للأوعية الدموية اللثوية.
وقد أظهر البحث أن نظافة فم مستعملي السواك المسحوق قد وصلت إلى درجة عليا من النظافة وغياب الالتهابات، وذلك بالمقارنة مع المسحوق التجاري والنشا المستعملين في مجموعتين أخريين.
علي: ومن الآداب التي علمنا رسول صلى الله عليه وآله وسلم الجلوس عند الأكل، فقد نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الاتكاء([60]) عند الأكل، وقال:(آكل كما يأكل العبد)، ولهذا كان صلى الله عليه وآله وسلم يأكل، وهومقع([61]).
عالم الغذاء: لقد نصحكم نبيكم غاية النصح.. فالهيئة التي وصفت لجلوس نبيكم عند الأكل، والتي هي سنة لكم، أنفع هيئات الأكل، لأن الأعضاء كلها تكون على وضعها الطبيعي، فالجهاز الهضمي يحتاج إلى كمية كبيرة من الدم ليستطيع القيام بما يلزمها لاستقبال الطعام الوارد والتهيؤ لهضمه، لذا كان الإجراء الطبي الصحيح لذلك وجوب الجلوس وثني الساقين تحت الجسم لحصر الدم في منطقة الجهاز الهضمي، مع جعل الساق اليسرى منثنية واليمنى مرتكزة على القدم لجعل المعدة حرة طليقة بعيدة عن أي ضغط مسلط باتجاهها من الخارج.. وهذه أصح حالة لعمل الجهاز الهضمي.
علي: والاتكاء؟!
عالم الغذاء: الاتكاء يسبب التشنج والاضطرابات والتقلص في عضلات البطن، فلا تستطيع المعدة استقبال الطعام بشكل صحيح.. ولأن المعدة تكون بوضعها الصحيح في حالة انتصاب الجذع وارتكازه على الأرض دون لجوئه إلى الارتكاز الجانبي في حالة الاتكاء.
بالإضافة على هذا، فإن الاتكاء يؤدي إلى انبساط المعدة، فتزيد قابليتها لأخذ الطعام والمزيد منه، أما الإقعاء بنصب الساقين أو أحدهما فمما يضيق حيز المعدة ويقلل اتساعها مما يؤدي بها إلى الامتلاء بمقدار أقل من الطعام حيث يشعر المرء بالشبع بآلية انعكاسية، فيقل مطعمه ولا يصاب بالتخمة.
علي: ومما ورد في هذا الباب نهيه صلى الله عليه وآله وسلم عن الشرب واقفا، فقد زجر النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الشرب قائماً([62])، ومثل ذلك ورد في الأكل، ففي الحديث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى أن يشرب الرجل قائماً، قال قتادة: فقلنا: فالأكل؟ فقال:(ذاك أشر وأخبث) ([63])
عالم الغذاء: لقد نصحكم نبيكم غاية النصح([64]).. فالشرب وتناول الطعام جالساً أصح وأسلم، حيث يجري ما يتناول الآكل والشارب على جدران المعدة بلطف.
علي: كيف ذلك؟
عالم الغذاء: الشرب واقفاً يؤدي إلى تساقط السائل بعنف إلى قعر المعدة ويصدمها، وتكرار هذه العملية يؤدي ـ مع طول الزمن ـ إلى استرخاء المعدة وهبوطها، وما يلي ذلك من عسر هضم.
زيادة على أن الإنسان في حالة الوقوف يكون متوتراً، ويكون جهاز التوازن في مراكزه العصبية في حالة فعالة حتى يتمكن من السيطرة على جميع عضلات الجسم لتقوم بعملية التوازن والوقوف منتصباً.
زيادة على أن الوقوف عملية دقيقة يشترك فيها الجهاز العصبي والعضلي في آن واحد، مما يجعل الإنسان غير قادر على الحصول على الطمأنينة العضوية التي تعتبر من أهم الشروط الموجودة عند الطعام والشراب.
وهذه الطمأنينة يحصل عليها الإنسان في حالة الجلوس حيث تكون الجملة العصبية والعضلية في حالة من الهدوء والاسترخاء، حيث تنشط الأحاسيس وتزداد قابلية الجهاز الهضمي لتقبل الطعام والشراب وتمثله بشكل صحيح.
وزيادة على ذلك كله، فإن الطعام والشراب قد يؤدي تناوله في حالة الوقوف إلى إحداث انعكاسات عصبية شديدة تقوم بها نهايات العصب المبهم المنتشرة في بطانة المعدة.
وهذه الانعكاسات إذا حصلت ـ بشكل شديد ومفاجىء ـ قد تؤدي إلى انطلاق شرارة النهي العصبي الخطيرة لتوجيه ضربتها القاضية للقلب، فيتوقف محدثاً الإغماء أو الموت المفاجىء.
زيادة على ذلك، فإن الاستمرار على عادة الأكل والشرب واقفاً خطيرة على سلامة جدران المعدة وإمكانية حدوث تقرحات فيها حيث يلاحظ الأطباء أن قرحات المعدة تكثر في المناطق التي تكون عرضة لصدمات اللقم الطعامية وجرعات الأشربة بنسبة تبلغ 95 بالمائة من حالات الإصابة بالقرحة.
زيادة على هذا، فإن عملية التوازن أثناء الوقوف ترافقها تشنجات عضلية في المريء تعيق مرور الطعام بسهولة إلى المعدة محدثة في بعض الأحيان آلاماً شديدة تضطرب معها وظيفة الجهاز الهضمي، وتفقد صاحبها البهجة عند تناوله الطعام وشرابه.
***
ما وصل الحديث بنا إلى هذا الموضع حتى أذن آذان المغرب، فامتلأ وجه علي بالبشر والسعادة، وقال: لقد تحدثنا عن غذاء الجسد.. ولا بد لي من غذاء الروح، فأذنوا لي في بعض الوقت لأذهب للاتصال بالله.. ذلك الذي لم نر الخير إلا منه.
ثم أتى بمصحف، وقدمه لصديقنا على الغذاء، وقال: هذا كلام الله الذي يتضمن حقائق الأزل.. فاقرأه بقلبك لتغذي به أجهزة روحك وجسدك.
شعرت
بأنوار كثيرة بدأت تتنزل على صديقنا عالم الغذاء.. وبمثلها شعرت ببصيص من النور
يتنزل علي، اهتديت به بعد ذلك إلى شمس محمد
صلى الله عليه وآله وسلم.
([1])رواه أبو داود والنسائي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما
([2]) هناك حيوانات أخرى، وقع الخلاف فيها بين المذاهب الإسلامية المختلفة، وبما أن الغرض من هذه السلسلة توضيح حقائق الإسلام الكبرى، فإنا لم نهتم بطرح المختلف فيه، لأن محلها كتب الفقه.
([3])) انظر: روائع الطب الإسلامي د. محمد نزار الدقر.
([4])) هي التي تموت خنقاً، وهو حبس النفس، سواء فعل بها ذلك آدمي أو اتفق لها بحبل أو بين عودين ونحو ذلك.
([5])) هي التي ترمى أو تضرب بحجر أو عصا حتى تموت من غير تذكية.
([6])) هي التي تتردى من العلو إلى الأسفل فتموت، كان ذلك من جبل او بئر ونحوه.
([7])) هي الشاة التي تنطحها أخرى أو غير ذلك فتموت قبل أن تذكى.
([8])) يريد كل ما افترسه ذو ناب وأظفار من الحيوان.
([9])) انظر: الإعجاز العلمى في الإسلام والسنة النبوية، لمحمد كامل عبد الصمد.
([10])) آكلات اللحوم تعرف علميا بأنها ذات الناب التي أشار إليها الحديث الشريف، لأن لها أربعة أنياب كبيرة في الفك العلوي والسفلي.. ومثل ذلك الطيور أيضا إذ تنقسم إلى آكلات العشب والنبات كالدجاج والحمام.. وإلى آكلات اللحوم كالصقور والنسور، وللتمييز العلمي بينهما يقال: إن الطائر آكل اللحوم له مخلب حاد، ولا يوجد هذا المخلب في الطيور المستأنسة الداجنة.
([11])) أبو داود.
([12])) انظر: روائع الطب الإسلامي د. محمد نزار الدقر، ونظرات في المسكرات د. أحمد شوكت شطي.
([13]) ذكرنا الرد على هذا في الجزء السابق (الكلمات المقدسة)
([14])) مسلم، والترمذي.
([15])) رواه ابن السني وأبو نعيم في الطب.
([16])) ذكر هذه الإشارة الدكتور جميل القدسي الدويك، قال:« وبالفعل عاشت مصر بأكملها، وما حولها من الحضارات سبع سنين كاملة على غذاء متكامل، وافٍ شامل، دون أن يأكلوا أي طعام آخر لأن كل الأطعمة قد انتهت بعد جفاف سبع سنين، فأكلوا بذلك الغذاء الصحي المتكامل ألا وهو القمح الكامل»
([17]) من الفيتامينات التي تم اكتشافها في حبة القمح الكاملة حتى الآن فهي، فيتامين ج، فيتامين هاء (السكسينات)، البيتا كاروتين (فيتامين أ)، والبيوتين، والكولين، وحمض الفوليك، الثيامين (فيتامين ب1)، الريبوفلافين فيتامين ب2)، النياسين (فيتامين ب3)، البانتوثنيك أسيد (فيتامين ب5)، وفيتامين ك.
([18])) ابن ماجه والترمذي، وقال: حسن صحيح.
(1) انظر: كتاب « مع الطب في القرآن الكريم » للدكتور عبد الحميد دياب، والدكتور أحمد قرقوز.
([20])من (ما بين الفرث) والدم ينتج الحليب، بقلم الدكتور عاطف الهندي، طبيب بيطري /وزارة الزراعة-الأردن، موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة.
وانظر: بينات علمية للشيخ عبد المجيد الزنداني.
([21]) النص ورد عاما، والمفسرون فسروا هذه الشجرة بالنخلة، ولا شك أن هذا الوصف تتحقق به النخلة، ولكنه لا يمنع من دخول غيرها.
([22])) الطبراني في الكبير.
([23])) ابن جرير.
([24])) البخاري ومسلم.
([25])) من المراجع: كتاب: التداوي بالنبات والطب النبوي، تأليف الدكتور عبد الباسط محمد السيد أستاذ مادة الجراثيم والمكروبات في الجامعات المصرية.
ندوة للدكتور عبد الباسط السيد على قناة الجزيرة في برنامج بلا حدود بتاريخ 04/12/2002 تم إعادة صياغتها بتصرف.
([26])) أبو داود (2355)، الترمذي (653)، ابن ماجة (699).
([27]) وقد ظهرت في هذا المجال دراسة حديثة نشرتها احدى مجلات التغذية الأمريكية وهي مجلة Journal Of American Dietetic أوضحت فوائد التمر في علاج الإمساك والوقاية منه ومن أمراض البواسير.
([28])) انظر: أبحاث المهندس الزراعي اجود الحراكي ـ حضارة الإسلام ـ السنة 18 العدد 7، والإسلام والطب الحديث: للدكتور عبد العزيز باشا إسماعيل، وحوار مع صديقي الملحد للدكتور مصطفى محمود.
([29])) الترمذي وقال حديث غريب. وأخرجه أحمد والحاكم.
([30])انظر:كتاب إعجاز النبات في القرآن الكريم الدكتور نظمي أبو العطا أستاذ النبات في الجامعات المصرية.
موقع الدكتور حسان شمسي باشا على الإنترنت.. موقع طبيب على الإنترنت. . موقع هيئة الإعجاز العلمي للقرآن والسنة.. موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة.
([31])انظر: كتاب آيات معجزات من القرآن وعالم النبات، تأليف الدكتور نظمي خليل أبو العطا دكتور الفلسفة في العلوم (نبات) جامعة عين شمس.
([32])) كتاب الأربعين العلمية، عبد الحميد محمود طهماز.
([33])) أبو داود والبيهقي عن أبي سعيد.
([34])أحمد بسند صحيح.
([35])انظر: الرمان.. من ثمار الجنة، أ.دعلي إسماعيل عبيد السنافي، عميد كلية الصيدله – جامعة تكريت، موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة.
([36])) ابن السني وابو نعيم والديلمي عن أبي ذر.
([37])وجنات من أعناب، بقلم الدكتور نزار الدقر، موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة.
([38])انظر: التصوير القرآني لأضرار الصعود في الفضاء، بقلم الأستاذ الدكتور كارم غنيم، رئيس جمعية الإعجاز العلمي للقرآن في القاهرة.
([39])) البخاري وغيره.
([40])) انظر: مع الطب في القرآن الكريم، للدكتور عبد الحميد دياب والدكتور احمد قرقوز، وانظر: فـقـــه الصحـــة، الدكتور محمد هيثم الخياط، محاضرة ألقاها في المؤتمر الرابع للطب الإسلامي الذي عقد في كرا تشي سنة 1405 للهجرة [1984 للميلاد)
([41])) أحمد والترمذي وابن ماجة والحاكم عن المقدام بن معد يكرب.
([42])) أحمد والترمذي والحاكم، وفي إسناده يحيى بن دينار ضعيف.
([43])) النسائي.
([44])) دسم.
([45])) الترمذي.
([46])) ابن ماجة.
([47])) الترمذي.
([48])) البخاري ومسلم.
([49])) الطبراني في الأوسط عن ابن مسعود.
([50])) الطبراني في الكبير عن أبي أيوب.
([51])) ابن ماجه كتاب الطهارة باب السواك رقم (289) وقال في الزوائد إسناده ضعيف.
([52])) أبو داود.
([53])) البخاري ومسلم.
([54])) أبو داود.
([55])) مسلم.
([56])) البخاري ومسلم.
([57])) استعمال السواك لنظافة الفم وصحته، دراسة سريريه وكيميائية، د. محمود رجائي المصطيهي- د. احمد عبد العزيزالجاسم، د. إبراهيم المهلهل الياسين- د.- أحمد رجائي الجندي، د. لاحسان شكري، الكويت.
([58])) هو من شجرة الأراك واسمها العلمي هو السلفادورا برسيكا، وهي تنمو في مناطق عديدة حول مكة وفي المدينة المنورة وفي اليمن وفي أفريقيا.
وهي شجرة قصيرة، لا يزيد قطر جذعها عن قدم، والجزء المستعمل منها هو لب الجذور، ولاستعماله تجفف ثم يحفظ في مكان بعيد عن الرطوبة وقبل استعماله يدق بواسطة آلة حادة ثم يبدأ في استعماله أو إذا كان جافا يغمس في الماء ثم تسوك به الأسنان ويظل استعماله هكذا حتى إذا ضعفت وتآكلت يوقف استعماله ثم يقطع هذا الجزء ويستعمل جزء آخر وهكذا.
([59])) هم د. محمود رجائي المصطيهي- د. احمد عبد العزيزالجاسم، د. إبراهيم المهلهل الياسين- د.- أحمد رجائي الجندي، د. لاحسان شكري، الكويت انظر البحث السابق.
([60])) فسر الاتكاء بالتربع، وفسر بالاتكاء على الشيء وهو الاعتماد عليه، وفسر بالاتكاء على الجنب.
([61])) الإقعاء هو أن يجلس للأكل متوركاً على ركبتيه ويضع بطن قدمه اليسرى على ظهر القدم اليمنى.
([62])) مسلم.
([63])) مسلم والترمذي.
([64])) انظر: د. عبد الرزاق الكيلاني: ” الحقائق الطبية في الإسلام ” دار القلم دمشق، د. إبراهيم الراوي: أستشارات طبية في ضوء الإسلام والحضارة العدد 1967، روائع الطب الإسلامي الدكتور محمد نزار الدقر ج (4)