ثالثا ـ دعوات

في اليوم الثالث..
طلب مني بولس أن نذهب إلى مستشفى موجود في حي قريب من ذلك الحي الذي نقيم يه.
قلت: كيف بدا لك أن تقطع تدريبي لتزور المرضى.. أم أن لك مريضا معينا تريد أن تعوده؟
قال: لا.. لا أعرف أي مريض في ذلك المستشفى، اللهم إلا المتمارض الذي سيتولى إعانتي في الوظيفة التي سأزور ذلك المستشفى من أجلها.
قلت: متمارض.. ما الذي جعله يتمارض؟
قال: لم أجعله أنا.. هو الذي اقترح علي ذلك.. وهو على العموم لا يكذب في ادعائه، فمن الصحيح في هذه الأيام؟.. فكل الناس مرضى.. إن لم تمرض أجسادهم، فقلوبهم ونفوسهم مملوءة مرضا.
قلت: فأنت تريد أن تذهب لتبشير المرضى إذن؟
قال: إن تبشير المرضى أسلوب قديم من أساليب التبشير.. لقد مارسه المسيح.. ومارسه كل من بعده.
بل إن المسيح أعطى لأتباعه هذه القدرة على الشفاء وإخراج الشياطين، وبذلك سار الرسل والقديسون بين الناس يشفونهم، ويخرجون منهم الشياطين، ويدعون لهم.
وصلنا إلى المستشفى، وهناك وجدنا قاعة كبيرة تضم الكثير من المرضى، وكأنهم حضروا لزيارتنا، وكان من بينهم ذلك الرجل المتمارض الذي كان يعمل معينا لبولس، والذي ما إن رآنا حتى ارتمى ساقطا مصروعا يتخبط.
هرع إليه من حوله، محاولا إفاقته، ولكنه لم يستفق.
جاء بعض المسلمين، وراح يقرأ القرآن، فلم يزد حاله إلا سوءا.
أما الممرضون البسطاء الذين كانوا في مستشفى يخلو من أكثر وسائل العلاج، فلم يجدوا ما يفعلوه، فتركوا للمحيطين به التصرف وفق ما تعودوا عليه.
وهنا، وفي ذلك الموقف الأليم الذي لم يجد الكل فيه أي حل، تدخل بولس المنقذ الذي جاء يمثل دور المسيح.
تقدم بولس من الرجل، وشهر أمام وجهه صليبه الصغير، وقال: أيتها الشياطين، اخرجي باسم المسيح.
تحرك الرجل حركة عنيفة مثلها أحسن تمثيل، فقال بولس: إني آمرك أيتها الشياطين أن تخرجي باسم الرب المسيح.
وهنا نطق الرجل بلسان غريب، وقال: سمعا وطاعة لربي المسيح.. فلا أخرج إلا باسمه.
ما إن قال ذلك حتى تحرك حركة عنيفة، ثم قام نشيطا، وكأنه نشط من عقال.
لقد أدى دوره بإتقان عظيم، ولولا أني أعرفه، وأعرف الدور الذي كلف به، لانبهرت مثل الجميع بما حصل منه.
استغل بولس ذلك الانبهار، وتلك الوجوه التي تنظر إليها، وكأنه المنقذ الذي نزل عليها من السماء، فراح يقول: لا تنظروا إلي ـ أيها الإخوان الفضلاء ـ فلست سوى عبد حقير لربه المسيح..
إن هذه السلطة سلطة ممنوحة لكل من أحب المسيح، وأخلص للمسيح.
أنتم مرضى، ولا شك أنكم تحتاجون إلى طبيب.. أتعلمون من هو الطبيب الأعظم.
سكتوا منتظرين جوابه، فقال: الطبيب الأعظم هو المسيح.. وليس هناك غير المسيح.
لئن كان بعض الأنبياء استطاعوا بقوَّة اللَّه أنْ يُشفوا أحد المرضي أو بعض المرضي من أحد الأمراض أو بعض الأمراض فقد كان المسيح يشفي كل المرضي من جميع الأمراض مهما كانت، فهو الطبيب الشافي الأعظم الذي شفي جميع المرضي الذين قدُموا إليه من جميع الأمراض.
لقد ذكر الكتاب المقدس أنه عندما أرسل يوحنا المعمدان اثنين من تلاميذه يسألان الرب يسوع المسيح إن كان هو المسيح الآتي (فأجاب يسوع: (اذهبا وأخبرا يوحنا بما رأيتما وسمعتما: إن العمي يبصرون والعرج يمشون والبرص يطهرون والصم يسمعون والموتى يقومون والمساكين يبشرون) (لوقا: 7/22)
لقد شفى المسيح جميع المرضي الذين قدموا إليه من جميع الأمراض مهما كانت أنواع أمراضهم ومهما كان عددهم، ولأزيد من يقينكم بما ذكرت، سأذكر لكم نماذج لبعض المرضى الذين شفاهم المسيح، والأمراض التي شفوا منها:
فمن الأمراض التي شفاها المسيح، الحمى، فقد شفى ابن خادم الملك الذي كان مريضا بالحمي، وطلب من الرب يسوع المسيح أن يذهب إلي بيته ليشفيه، فقال له: (اذهب. ابنك حي)، فشفي ابنه في تلك اللحظة([1]).
كما شفي حماة سمعان أيضا: (وكانت حماة سمعان قد أخذتها حمى شديدة. فسألوه من أجلها. فوقف فوقها وانتهر الحمى فتركتها! وفي الحال قامت وصارت تخدمهم)(لوقا: 4/38- 39)
ومن الأمراض الخطيرة التي شفاها داء الشلل، فقد شفى المسيح مقعدين ومفلوجين؛ فقد شفي مريض بركة بيت حسدا الذي أقعده المرض في الفراش مدة ثمان وثلاثين سنة عندما قال له: (قم. احمل سريرك وامش). فحالا برئ الإنسان وحمل سريره ومشى)([2])
وشفى مفلوجا من مرض الفالج عندما أمره قائلا: (قم احمل فراشك واذهب إلى بيتك!) فقام ومضى إلى بيته) (متى:9/6-7)
وشفى عبد قائد المئة من الفالج، وكان قائد المئة هذا يؤمن أن المسيح يستطيع أن يشفي عبده بكلمة دون أن يذهب إليه: (يا سيد لست مستحقا أن تدخل تحت سقفي لكن قل كلمة فقط فيبرأ غلامي)، فشفي غلامه في تلك الساعة([3]).
وشفى رجلا يده يابسة فقال له: (مد يدك)، فمدها. فعادت صحيحة كالأخرى) (متى:12/13)
أما إخراج الشياطين والأرواح النجسة؛ فقد كان يخرج الشياطين بكلمة الأمر منه، وكانت الشياطين عندما تراه تصرخ مرتاعة ومرتعبة وتتوسل إليه أن لا يرسلها إلي الجحيم قبل الموعد، يقول الكتاب: (وكان في المجمع رجل به روح شيطان نجس فصرخ بصوت عظيم: (آه ما لنا ولك يا يسوع الناصري! أتيت لتهلكنا! أنا أعرفك من أنت: قدوس الله). فانتهره يسوع قائلا: (اخرس واخرج منه)، فصرعه الشيطان في الوسط وخرج منه ولم يضره شيئا. فوقعت دهشة على الجميع وكانوا يخاطبون بعضهم بعضا قائلين: (ما هذه الكلمة! لأنه بسلطان وقوة يأمر الأرواح النجسة فتخرج) (لوقا: 4/33-36)
وأخرج الشيطان من أخرس مجنون: (وفيما هما خارجان إذا إنسان أخرس مجنون قدموه إليه. فلما أخرج الشيطان تكلم الأخرس فتعجب الجموع قائلين: (لم يظهر قط مثل هذا في إسرائيل!)(متى: 9/23-33)
وأخرج عددا كبيرا من الشياطين من مجنون كورة الجدريين: (ولما خرج إلى الأرض استقبله رجل من المدينة كان فيه شياطين منذ زمان طويل وكان لا يلبس ثوبا ولا يقيم في بيت بل في القبور. فلما رأى يسوع صرخ وخر له وقال بصوت عظيم: (ما لي ولك يا يسوع ابن الله العلي! أطلب منك أن لا تعذبني) لأنه أمر الروح النجس أن يخرج من الإنسان.. فسأله يسوع: (ما اسمك؟) فقال: (لجئون). لأن شياطين كثيرة دخلت فيه. وطلب إليه أن لا يأمرهم بالذهاب إلى الهاوية.. فخرجت الشياطين من الإنسان ودخلت في الخنازير)(لوقا: 8/27-32)
وشفى ابنة امرأة فينيقية سورية من الجنونن كما في (مرقس:7/24-30)
وشفى امرأة بها روح ضعف: (وإذا امرأة كان بها روح ضعف ثماني عشرة سنة وكانت منحنية ولم تقدر أن تنتصب البتة. فلما رآها يسوع دعاها وقال لها: (يا امرأة إنك محلولة من ضعفك). ووضع عليها يديه ففي الحال استقامت ومجدت الله)(لوقا: 13/11-13)
وشفى غلاما به روح شيطان كان الشيطان يصرعه ويمزقه: (فانتهره يسوع فخرج منه الشيطان)(متى: 17/17- 18)
وفوق هذا كله، فقد شفى المسيح البرصى، وطهرهم من برصهم، وقد ذكر الكتاب المقدس حديث هذا الأبرص: (وإذا أبرص قد جاء وسجد له قائلا: (يا سيد إن أردت تقدر أن تطهرني). فمد يسوع يده ولمسه قائلا: (أريد فاطهر). وللوقت طهر برصه) (متى: 8/2- 3)
كما ذكر الكتاب المقدس شفاء عشرة برص آخرين: (وفيما هو داخل إلى قرية استقبله عشرة رجال برص فوقفوا من بعيد وصرخوا: (يا يسوع يا معلم ارحمنا). فنظر وقال لهم: (اذهبوا وأروا أنفسكم للكهنة). وفيما هم منطلقون طهروا)(لوقا: 17/12-14)
ويذكر الكتاب المقدس أن المسيح فتح أعين العميان بمجرد لمس أعينهم، كما حدث مع أعميين: (حينئذ لمس أعينهما قائلا: (بحسب إيمانكما ليكن لكما)(متى: 9/27-31)، وشفى أعمي في بيت صيدا كما في (مرقس: 8/2-26)
والأخطر من ذلك كله أنه شفي مولودا أعمي بعد أن خلق له عينين من طين: (تفل على الأرض وصنع من التفل طينا وطلى بالطين عيني الأعمى. وقال له: (اذهب اغتسل في بركة سلوام). الذي تفسيره مرسل. فمضى واغتسل وأتى بصيرا)(يوحنا:9/6- 7)، فهذا يدل على أنه خلق له عينين من طين كما خلق آدم من تراب الأرض.
وشفي بارتيماوس الأعمي، وأعمي آخر كان معه، وكانا يصرخان لكي يشفيهما بلمس أعينهما، يقول الكتاب: (فتحنن يسوع ولمس أعينهما فللوقت أبصرت أعينهما فتبعاه)([4])
وشفى ـ إلى جانب هذا كله ـ أمراضا كثيرة أخرى مثل شفاء المرأة النازفة الدم: (وامرأة بنزف دم منذ اثنتي عشرة سنة وقد أنفقت كل معيشتها للأطباء ولم تقدر أن تشفى من أحد) لأنها قالت في نفسها: (إن مسست ثوبه فقط شفيت)(متى: 9/21). ففي الحال وقف نزف دمها. فقال يسوع: (من الذي لمسني!)000 (قد لمسني واحد لأني علمت أن قوة قد خرجت مني)(لوقا: 8/43-48)
وشفى أصم أعقد بأن (وضع أصابعه في أذنيه وتفل ولمس لسانه ورفع نظره نحو السماء وأن وقال له: (إفثا). أي انفتح. وللوقت انفتحت أذناه وانحل رباط لسانه وتكلم مستقيما)(مرقس: 7/33-35)
وشفى مريضا بالإستسقاء (فأمسكه وأبرأه وأطلقه)(لوقا: 14/1-4)
هذه نماذج قليلة لما صنعه الرب يسوع المسيح من كم كبير لا يمكن حصره لم يدون في الإنجيل تفصيلا، وإن كان يذكر بصورة إجمالية، يقول القديس يوحنا بالروح (وآيات أخر كثيرة صنع يسوع قدام تلاميذه لم تكتب في هذا الكتاب)(يوحنا: 20/30)، (وأشياء أخر كثيرة صنعها يسوع إن كتبت واحدة واحدة فلست أظن أن العالم نفسه يسع الكتب المكتوبة) (يوحنا:21/25)
فقد شفى جميع المرضي الذين قدموهم إليه من جميع أنواع الأمراض مهما كان عددهم ومهما كانت أنواع هذه الأمراض (فأرسلوا إلى جميع تلك الكورة المحيطة وأحضروا إليه جميع المرضى وطلبوا إليه أن يلمسوا هدب ثوبه فقط. فجميع الذين لمسوه نالوا الشفاء) (متى: 14/35-36)
وفي مرقس: (ولما صار المساء إذ غربت الشمس قدموا إليه جميع السقماء والمجانين. وكانت المدينة كلها مجتمعة على الباب. فشفى كثيرين كانوا مرضى بأمراض مختلفة وأخرج شياطين كثيرة ولم يدع الشياطين يتكلمون لأنهم عرفوه)(مرقس:1/32-34)
وفي متى: (فجاء إليه جموع كثيرة معهم عرج وعمي وخرس وشل وآخرون كثيرون وطرحوهم عند قدمي يسوع. فشفاهم) (متى: 15/30)، وفيه: (ولما صار المساء قدموا إليه مجانين كثيرين فأخرج الأرواح بكلمة وجميع المرضى شفاهم) (متى: 8/16)، وفيه: (فذاع خبره في جميع سورية. فأحضروا إليه جميع السقماء المصابين بأمراض وأوجاع مختلفة والمجانين والمصروعين والمفلوجين فشفاهم)(متى: 4/24)، وفيه: (وتبعته جموع كثيرة فشفاهم جميعا)(متى: 12/15)، وفيه: (فجاء إليه جموع كثيرة معهم عرج وعمي وخرس وشل وآخرون كثيرون وطرحوهم عند قدمي يسوع. فشفاهم)(متى: 30/15)، وفيه: (وتقدم إليه عمي وعرج في الهيكل فشفاهم)(متى:21/14)، وفيه: (لأنه كان قد شفى كثيرين حتى وقع عليه ليلمسه كل من فيه داء)(مرقس: 3/10)، وفيه: (وفي تلك الساعة شفى كثيرين من أمراض وأدواء وأرواح شريرة ووهب البصر لعميان كثيرين) (لوقا: 7/21)
ما إن وصل بولس بحديثه إلى هذا الموضع حتى صاح أجيره المتمارض، وقال: شكرا لربي المسيح الذي شفاني.. لولا ربي المسيح لكنت الآن تحت رحمة الشياطين الذين استعمروني.. آمنوا يا جماعة بالرب المسيح، فإنه لن ينقذكم من عللكم إلا هو.
لقد رأيتم كيف أبت الشياطين أن تخرج لسماعها القرآن، ولكنها ما إن رأت الصليب، وسمعت اسم المسيح حتى راحت هاربة من جسدي.
لست أدري كيف ظهر من بين الجمع عبد الحكيم الذي راح يقول لأجير بولس: أقدر لك ـ يا أخي ـ إيمانك بالمسيح.. ولكني مع ذلك أريد أن أصحح لك خطأين أوقعك فيهما الوهم.
أما الأول، فهو تصورك أن من سكنك هم الشياطين، وهذا خطأ عظيم، فلم يجعل الله للشيطان على الإنسان إلا سلطانا واحدا هو سلطان الوساوس التي يبثه في النفس، فيملأها بالقنوط والكآبة والحزن.
فالقرآن يقرر أن المس الذي يمس به الشيطان الإنسان لا يعدو الوساوس التي يلقيها، فتملأ القلوب هما وحزنا، وقد يمتد تأثيرها إلى الجوارح مرضا وأنينا، وقد يكون محل الوسوسة مريضا مستعدا لحصول الصرع، فيصرع ويتخبط، لتأثير تلك الوساوس على نفسه، بل هو يتخبط لأي وساوس من الجن أو من الإنس.
وقد ذكر القرآن الكريم بعض هذه الوساوس التي يلقيها الشياطين، فذكر أن منها التخويف من الفقر، والأمر لذلك بالفحشاء، قال تعالى:{ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}(البقرة:268)
ويبين القرآن الكريم الغاية الكبرى من وساوس الشيطان، وهي الإضلال وتوابعه، فيقول:{ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً}(النساء: 60)، ويقول:{ وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} (الزخرف:62)
أجير بولس: كيف تزعم ذلك؟ وها أنت ترى بأن القرآن لم يفعل شيئا أمام الشياطين التي حاولت أن تستولي علي حتى جاء هذا الرجل بصليبه، فخلصني منها.
ابتسم عبد الحكيم، وقال: إن هذا المرض الذي قد يكون أصابك مرض من الأمراض، له نوبة تعتري صاحبها بأسباب خاصة، ولها على كل حال مدة محدودة، سواء قرأت عليها القرآن، أو قرأت عليها الإنجيل، أو قرأت كتب الهنود والصينيين، فسوف ترتفع بعد ارتفاع سببها.
أجير بولس: أراك تذهب مذاهب الملحدين لا مذاهب المؤمنين.
عبد الحكيم: بل أذهب المؤمنين، لقد أخبرنا نبينا أن الله ما أنزل داء إلا أنزل له دواء([5]).. فذلك بدل نتيه في البحث عما نقرؤه في هذه الأحوال، ونتنازع فيما بيننا هيا نبحث عن العلاج الذي أنزله الله.
أجير بولس: وهل هذا مرض حتى يكون له علاج.. إنها شياطين تستعمر الإنسان.
عبد الحكيم: لا يستعمر الإنسان غير نفسه، أما الشيطان، فهو أضعف من ذلك، لقد ذكر القرآن الكريم عنه ضعفه الشديد، فقال:{ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (ابراهيم:22)
فالشيطان يتجلى في هذه الآية بمظهره الحقيقي مظهر الضعيف العاجز الذي نفخ فيه البشر وألبسوه من ثياب العظمة والكبرياء ووهبوه من أسباب التسلط ما يزاحم به الألوهية.
سكت قليلا، ثم قال: أتدرون ما سبب هذه النظرة التي جعلت للشيطان كل تلك السلطات؟
سكتوا، فقال: التصور الوثني..
قالوا: التصور الوثني؟!
عبد الحكيم: أجل.. فهو الذي يجعل من الشيطان إلها قائما بذاته يتحدى الله سبحانه وتعالى.. ولهذا اعتبر القرآن الكريم من أعطوا الجن من السلطات ما ليس لهم أو وضعوهم كمدبرين ومؤثرين بذواتهم في الكون مشركين بذلك التعظيم، قال تعالى:{ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ} (الأنعام:100)
وقد أخبرت الملائكة ـ عليهم السلام ـ أن أكثر البشر كانوا يعبدون الجن ويشركونهم بالله، ومن أساليب العبودية التعظيم والخوف والذي لا يقتصر على المشركين من عرب الجاهلية فقط، قال تعالى:{ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ} (سـبأ:41)
التفت عبد الحكيم إلى أجير بولس، وقال: لا ينبغي ـ يا أخي ـ أن تنساق وراء الخرافات في علاج دائك..
إن هذا مرض من الأمراض التي يسير الطب الحديث نحو معرفة الكثير من أسرارها، ويوشك أن يجد لها العلاج الذي يقمع مادتها، فاتصل بالأطباء، فهذا اختصاصهم لا اختصاص رجال الدين.
أجير بولس: أنت تقول هذا، لأن دينكم خال من هذا الجانب.
عبد الحكيم: لا.. نحن نرتبط بالله.. وإذا مرضنا علمنا نبينا أن نلجأ إلى الله، وندعوه، وفي نفس الوقت نمارس ما أمرنا الله به من أسباب الشفاء التي قدر لها في عالم الحكمة قوانينها.
وهنا لم يجد أجير بولس إلا أن ينطق بما تعود أن ينطق به، وهو ما يفسد الغرض الذي جاء من أجله بولس، فقال: لكن المسيح حصلت منه معجزات الشفاء الكثيرة الدالة على ألوهيته، أما نبيكم فلم يحصل على يديه شيء، فكيف تقبلونه نبيا؟
ابتسم عبد الحكيم، وقال: النبي يأتي ليشفي أرواحنا، ويعلمنا كيف نسير إلى ربنا.. أما الطب، فقد خلق الله له الأطباء، وخلق لهم من الأدوية في أرضه ما يمكنهم أن يعالجوا به جميع العلل التي تعتري البشر، فلذلك نحن نحتاج إلى الهداة لا إلى الأطباء.
قال أجير بولس، بإلحاحه المعهود: أنت تتهرب من سؤالي.. فكل من لم يطق شيئا قال ما قلت.
هنا تدخل عبد القادر، وقال: ما دمت قد رغبت في أن نحدثك عن هذا.. فسنحدثك بما ورد في الأسانيد الكثيرة الدالة على أن نبينا كان مستجاب الدعوة، فكان لا يدعو لشيء أو على شيء إلا حصل ما دعا به.
وذلك ليس خاصا بالأمراض فقط.. وإنما قد عم أشياء كثيرة، لو صبرتم علي، فسأعد لكم منها ما تقر به أعينكم، وتعلمون أن الله أقرب إليكم من أنفسكم، ويمكنكم إذا اعتمدتم عليه، وتوجهتم إليه أن يحقق كل رغباتكم بالشفاء، وبغير الشفاء.
قال رجل من الجمع: وكيف لا نصبر.. فحدثنا، وابدأ بحديثك عن الشفاء، فلا يحب المرضى حديثا كما يحبون من يبشرهم بالشفاء.
عبد القادر: لقد وردت النصوص الكثيرة الدالة على ما حصل من نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم من شفاء المرضى ببركات دعائه، بأسانيد كثيرة، تفيد في مجموعها حصول التواتر القطعي الذي لا يشكك فيه إلا جاحد.
وسأذكر لكم منها ما تقر به أعينكم:
ومن ذلك ما روي في إبراء الأعمى والأرمد ومن فقئت عينه، وقد رويت في ذلك الروايات الكثيرة:
فمن ذلك ما روي أنه يوم خيبر، سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: (أين علي؟)، فقيل: يا رسول الله، يشتكي عينيه، قال: (فأرسلوا إليه)، فأتى به فبصق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في عينيه ودعا له فبرئ، حتى كأنه لم يكن به وجع، فأعطاه الراية([6]).
ومن ذلك ما روي عن حبيب بن فديك أن أباه خرج به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعيناه مبيضتان لا يبصر بهما شيئا، فسأله: (ما أصابك؟) فقال: وقعت رجلي على بيضة حية فأصيب بصري، فنفث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في عينيه فأبصر، فرأيته وهو يدخل الخيط في الإبرة، وانه لابن الثمانين سنة، وإن عينيه لمبيضتان([7]).
ومن ذلك ما روي أن قتادة بن النعمان أصيبت عينه يوم أحد، فسالت حدقته على وجنته، فأرادوا أن يقطعوها، فقالوا: حتى تستأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فاستأمروه، فقال: (لا)، فدعي به فرفع حدقته ثم غمزها براحته، وقال: (اللهم اكسبه جمالا، وبزق فيها)، فكانت أصح عينيه وأحسنها([8]).
وفي رواية: فكان لا يدري أي عينيه أصيبت، وقال السهيلي: وكانت لا ترمد إذا رمدت الاخرى.
ومن ذلك ما روي عن رفاعة بن رافع بن مالك قال: رميت بسهم يوم بدر، ففقئت عيني، فبصق فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ودعا لي، فما آذاني منها شئ([9]).
ومن ذلك ما روي أنه أصيبت عين أبي ذر يوم أحد، فبزق فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فكانت أصح عينيه([10]).
ومن ذلك ما روي في إبراء الأبكم والرتة، وقد رويت في ذلك الروايات الكثيرة:
ومنها ما روي عن شمر بن عطية عن بعض أشياخه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جاءته امرأة بصبي قد شب، فقالت: يا رسول الله ان ابني هذا لم يتكلم منذ ولد، فقال: (من أنا؟) قال: أنت رسول الله([11]).
ومن ذلك ما روي عن معرض بن معيقب اليمامي قال: حججت حجة الوداع، فدخلت دارا بمكة، فرأيت فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورأيت منه عجبا جاءه رجل من أهل اليمامة بغلام يوم ولد، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من أنا؟) قال: أنت رسول الله، قال: (صدقت، بارك الله فيك)، ثم ان الغلام لم يتكلم بعد ذلك حتى شب، فكنا نسميه مبارك اليمامة([12]).
ومن ذلك ما روي عن بشير بن عقربة الجهني قال: أتى عقربة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (من هذا معك، يا عقربة؟) قال: ابني بحير قال: (ادن) فدنوت حتى قعدت عن يمينه، فمسح على رأسي بيده، فقال: (ما اسمك؟) قلت: بحير يا رسول الله، قال:: (لا، ولكن اسمك بشير) وكانت في لساني عقدة، فنفث النبي صلى الله عليه وآله وسلم في في، فانحلت من لساني وأبيض كل شئ من رأسي ما خلا ما وضع يده عليه فكان أسود([13]).
ومن ذلك ما روي أن مخوس بن معدي كرب، قال: يا رسول الله، ادع الله أن يذهب عني الرتة، فدعا له، فذهبت([14]).
ومن ذلك ما روي في إبرائه صلى الله عليه وآله وسلم للقرحة والسلعة والحرارة:
ومما يروى في ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتي برجل في رجله قرحة قد أعيت الاطباء، فوضع أصبعه على ريقه، ثم رفع طرف الخنصر، فوضعها على التراب، ثم رفعها، فوضعها على القرحة، ثم قال: (باسمك اللهم ريق بعضنا بتربة أرضنا ليشفى سقيمنا باذن ربنا)([15])
ومن ذلك ما روي عن شرحبيل الجحفي قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبكفي سلعة([16]) فقلت: يا رسول الله هذه السلعة قد آذتني وتحول بيني وبين قائم السيف أن أقبض عليه، وعنان الدابة فنفث في كفي ووضع كفه على السلعة، فما زال يطحنها بكفه حتى رفعها عنها، وما أرى أثرها([17]).
ومن ذلك ما روي أن أبا سبرة قال: يا رسول الله، إن بظهر كفي سلعة، قد منعتني من خطام راحلتي، فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقدح، فجعل يضرب به الى السلعة يمسحها فذهبت([18]).
ومن ذلك ما روي عن أبيض بن حمال أنه كان بوجهه جدرة، وفي لفظ حذارة، وهي وقد التقمت وجهه.
وفي لفظ: التقمت أنفه، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فمسح وجهه، فلم يمس من ذلك اليوم منها أثر([19]).
ومن ذلك ما روي عن عروة أن ملاعب الأسنة أرسل الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يستشفيه من وجع كان به الدبيلة، فتناول النبي صلى الله عليه وآله وسلم مدرة من الارض، فتفل فيها ثم ناولها لرسوله، فقال: (دفها بماء ثم اسقها اياه)، ففعل فبرأ([20]).
ومن ذلك ما روي في إبرائه صلى الله عليه وآله وسلم للحرق:
ومما يروى في ذلك عن محمد بن حاطب عن أمه أم جميل، قالت: أقبلت بك من أرض الحبشة حتى إذا كنت من المدينة بليلة طبخت طبيخا، ففني الحطب، فخرجت أطلب الحطب، فتناولت القدر، فانكفأت على ذراعك، فأتيت بك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فجعل يتفل على يدك وهو يقول: (أذهب البأس رب الناس، اشف أنت الشافي، لا شفاء لا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما)، فما قمت بك من عنده حتى برأت يدك([21]).
ومن ذلك ما روي في إبرائه صلى الله عليه وآله وسلم وجع الضرس والرأس:
ومما يروى في ذلك عن يزيد بن ذكوان أن عبد الله بن رواحة قال: يا رسول الله، أشتكي ضرسا آذاني، واشتد علي، فوضع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يده على الخد الذي فيه الوجع فقال: (اللهم أذهب عنه سوء ما يجد وفحشه بدعوة نبيك المبارك المكين عندك) سبع مرات، فشفاه الله تعالى قبل أن يبرح([22]).
ومن ذلك ما روي أن رجلا من ليث ـ يقال له فراس بن عمرو ـ أصابه صداع شديد، فذهب به أبوه الى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بجلدة ما بين عينيه فجذبها، فنبتت في موضع أصابع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من جبينه شعرة فذهب عنه الصداع، فلم يصدع([23]).
ومن ذلك ما روي في في ابرائه صلى الله عليه وآله وسلم الجراحة والكسر:
ومما يروى في ذلك ما روي عن عبد الله بن أنيس قال: ضرب المستنير بن رزام اليهودي وجهي فشجني منقلة أو مأمومة، فأتيت بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فكشف عنها ونفث فيها فما آذاني منها شئ ([24]).
ومن ذلك ما روي عن معاوية بن الحكم، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأنزى أخي علي بن الحكم فرسه خندقا فقصر الفرس فدق جدار الخندق ساقه، فأتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم على فرسه، فمسح ساقه فما نزل عنها حتى برأت([25]).
وفي رواية: فأصاب رجل أخي علي بن الحكم جدار الخندق فدقتها فأتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فمسحها وقال: (باسم الله) فما آذاه منها شئ([26]).
ومن ذلك ما روي عن البراء بن عبد الله بن عتيكة أنه لما قتل أبو رافع ونزل من درجة بيته سقط إلى الارض فانكسرت ساقه، قال: فحدثت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (ابسط رجلك)، فبسطتها فمسحها فكأنما لم أشكها قط([27]).
ومن ذلك ما روي أن أبا جهل قطع يوم بدر يد معوذ بن عفراء، فجاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحمل يده، فبصق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليها، وألصقها فلصقت([28]).
ومن ذلك ما روي عن يزيد بن أبي عبيد، قال: رأيت أثر ضربة في ساق سلمة، ابن الاكوع، فقلت: يا أبا مسلم، ما هذه الضربة؟ قال: هذه ضربة أصابتها يوم خيبر، فقال الناس: أصيب سلمة، فأتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فنفث فيها ثلاث نفثات، فما اشتكيتها حتى الساعة([29]).
ومن ذلك ما روي عن حبيب بن يساف قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مشهدا فأصابتني ضربة على عاتقي، فتعلقت يدي فأتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فتفل فيها وألزقها فالتأمت وبرأت وقتلت الذي ضربني([30]).
ومن ذلك ما روي عن عروة وابن شهاب قالا: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثلاثين رجلا، فأقبل المستنير بن رزام اليهودي فضرب المستنير وجه عبد الله بن أنيس فشجه مأمومة، فقدم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فبصق في شجته، فلم يؤذه حتى مات([31]).
ومن ذلك ما روي روي عن عائذ بن عمرو قال: أصابتني رمية يوم حنين في وجهي فسال الدم على وجهي وصدري فتناول النبي صلى الله عليه وآله وسلم الدم بيده عن وجهي وصدري الى ثندوتي، ثم دعا لي قال: جئت مع والد عبد الله فرأيت أثر يد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى منتهى ما مسح صدره، فإذا غرة سائلة كغرة الفرس([32]).
ومن ذلك ما روي من حصول القوة لمن دعا له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
ومن ذلك ما روي عن سفينة أنه قيل: له ما اسمك؟ قال: سماني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سفينة. قيل: ولم؟ قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومعه أصحابه فثقل عليهم متاعهم فحملوه على ظهري، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (احمل، فانما أنت سفينة)، فلو حملت يومئذ وقر بعير أو بعيرين أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو ستة أو سبعة ما ثقل علي([33]).
ومن ذلك ما روي عن سلمة بن الاكوع أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مر على الناس ينتضلون فقال: (ما أحسن هذا اللهو! ارموا وأنا معكم جميعا)، فلقد رموا عامة يومهم ذلك، ثم تفرقوا على السواء ما نضل بعضهم بعضا([34]).
ومن ذلك ما روي في حصول شفاء أمراض شتى على يد النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
ومما يروى من ذلك ما روي عن رفاعة بن رافع قال: أخذت شحمة فازدردتها، فاشتكيت منها سنة ثم إني ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فمسح بطني فألقيتها خضراء، فو الذي بعثه بالحق، ما اشتكيت بطني حتى الساعة([35]).
ومن ذلك ما روي عن جرهد بن خويلد انه أكل بيده الشمال، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (كل باليمين)، فقال: إنها مصابة، فنفث فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فما اشتكى حتى مات([36]).
ومن ذلك ما روي عن جابر قال: عادني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بني سلمة فوجدني لا أعقل فدعا بماء فتوضأ فرش منه علي فأفقت([37]).
ومن ذلك ما ما روي عن علي قال: مرضت فعادني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا أقول: اللهم ان كان أجلي قد حضر، فأرحني وان كان متأخرا فارفعني، وان كان بلاء فصبرني، فقال: (اللهم اشفه اللهم عافه) ثم قال: فقمت فما عاد ذلك الوجع بعد([38]).
وفي حديث آخر عن علي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دعا له، فقال: (اللهم أذهب عنه الحر والبرد)، فكان يلبس في الشتاء ثياب الصيف، ويلبس في الصيف ثياب الشتاء، ولا يصيبه حر ولا برد ([39]).
وفي حديث آخر عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: كان علي يلبس في الحر الشديد العباء المحشو التخين وما يبالي الحر، ويلبس في البرد الشديد الثوبين الخفيفين وما يبالي البرد، وسئل عن ذلك فقال: ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في خيبر: (لاعطين الرابة رجلا يحبه الله ورسوله يفتح الله عليه غير فرار) فدعاني فأعطاني الراية ثم قال: (اللهم الكفه الحر والبرد) فما وجدت بعد ذلك حرا ولا بردا([40]).
وفي حديث آخر عن شبرمة بن الطفيل قال: رأيت عليا بذي قار عليه ازار ورداء في يوم شديد البرد وان جبهته لترشح عرقا([41]).
ومن ذلك ما ما روي عن بلال قال: أذنت في غداة باردة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلم ير في المسجد أحدا، قال: (أين الناس يا بلال؟) قال: منعهم البرد، فقال: (اللهم أذهب عنهم البرد) قال بلال: فرأيتهم يتروحون([42]).
ومن ذلك ما روي عن ابن عائذ قال: قال ثابت بن يزيد يا رسول الله: إن رجلي عرجاء لا تمس الأرض، قال: فدعا لي، فبرأت حتى استوت مثل الأخرى([43]).
قال رجل من الجمع: إن للإنسان حاجات كثيرة، غير حاجته إلى الشفاء، فهل روي عن نبيكم من استجابة ربه له منها شيء؟
عبد القادر: بل رويت عنه الأحاديث الكثيرة الدالة على ذلك، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما وصفه ربه تعالى:{ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} (التوبة: 128)
فلذلك كان ينظر إلى أصحابه نظرة الرحمة والشفقة، فكلما ألم بأصحابه مكروه أو تفكير في أمر يشغل بالهم أسرع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالدعاء لهم للتخفيف عنهم، ولكي ينالوا بركة دعوته صلى الله عليه وآله وسلم.
وسأذكر لكم منها ما يبث اليقين في نفوسهم وتعلموا أن من أجيبت له هذه الدعوات يستحيل أن يكون كاذبا أو مدعيا:
فمن الحاجات التي تلم بالإنسان حاجته إلى الماء، فالماء هو المادة الأساسية للحياة، ولذلك كان صلى الله عليه وآله وسلم كثيرا ما يستسقي لأصحابه، في حال حاجتهم إلى المياه:
ومن ذلك ما حدث به أنس بن مالك: أن رجلاً دخل المسجد يوم جمعة، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قائم يخطب، فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قائمًا، ثم قال: يا رسول الله هلكت الأموال([44])، وانقطعت السبل([45])، فادع الله يغثنا قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يديه، ثم قال: (اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا)
قال أنس: ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة([46])، وما بيننا وبين سلع([47]) من بيت ولا دار، قال: فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس([48])، فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت، قال: فلا والله ما رأينا الشمس سبتًا.
قال: ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قائم يخطب، فاستقبله قائمًا، فقال: يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل، فادع الله يمسكها عنا.
فرفع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يديه ثم قال: (اللهم حولنا ولا علينا اللهم على الآكام([49])، والظراب([50]) ومنابت الشجر، فانقلعت وخرجنا نمشي في الشمس)([51])
ومن ذلك ما ما حدث به أنس قال: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله، لقد أتيناك وما لنا بعير يئط، ولا صبي يصيح وأنشد:
أتيناك والعذراء يدمى لبانها وقد شغلت أم الصبي عن الطفل
وألقى بكفيه الصبي استكانة من الجوع ضعفا ما يمر وما يحلي
ولا شئ مما يأكل الناس عندنا سوى الحنظل القامي والعلهز الغسل
وليس لنا إلا إليك فرارنا وأين فرار الناس إلا إلى الرسل
فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى صعد المنبر، ثم رفع يديه فقال: (اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا مريعا غدقا طبقا عاجلا غير رائث نافعا غير ضار تملا به الضرع وتنبت به الزرع وتحيي به الارض بعد موتها وكذلك تخرجون)
قال الراوي: فوالله ما رد يديه إلى نحره حتى ألقت السماء بأردافها، وجاء أهل الوطابة يضجون: (يا رسول الله الغرق)، فرفع يديه إلى السماء وقال: (اللهم حوالينا ولا علينا)، فانجاب السحاب من المدينة، فضحك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى بدت نواجذه، ثم قال: لله در أبي طالب لو كان حيا قرت عيناه، فقال علي: كأنك أردت يا رسول الله قوله:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل
وقام رجل من كنانة فقال:
لك الحمد والحمد لمن شكر سقينا بوجه النبي المطر
دعا الله خالقه دعوة إليه وأشخص منه البصر
أغاث به الله عليا مضر وهذا العيان لذاك الخبر
فلم تك إلا ككف الردا وأسرع حتى رأينا الدرر
وكان كما قال عمه أبو طالب: أبيض ذو غرر
به الله يسقي صوب الغمام ومن يكفر الله يلقى الغير
فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إن يك شاعرا يحسن، فقد أحسنت)([52])
ومن ذلك ما حدث به أبو أمامة قال: قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضحى في المسجد، فكبر ثلاث تكبيرات، ثم قال: (اللهم ارزقنا سمنا ولبنا وشحما ولحما)، وما نرى في السماء من سحاب، فثارت ريح وغبرة، ثم اجتمع السحاب، فصبت السماء فصاح أهل الاسواق ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قائم، فسالت في الطرق، فما رأيت عاما كان أكثر لبنا وسمنا وشحما ولحما منه، إن هو إلا في الطرق ما يشتريه أحد([53]).
ومن ذلك ما حدثت به الربيع بنت معوذ بن عفراء، قالت: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بعض أسفاره إذا احتاج الناس إلى الماء، فالتمسوا في الركب ماء، فلم يجدوا، فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأمطرت حتى استقى الناس وسقوا([54]).
ومن ذلك ما حدث به كعب بن مرة البهزي، قال: دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على مضر، فأتاه أبو سفيان، فقال: إن قومك قد هلكوا فادع الله لهم فقال: (اللهم اسقنا غيثا مغيثا غدقا طبقا مريعا نافعا غير ضار، عاجلا غير رائث)، فما لبثنا إلا جمعة حتى مطرنا، فأتوه فشكو إليه المطر، فقالوا: لقد تهدمت البيوت فقال: اللهم حوالينا ولا علينا فجعل السحاب يتقطع يمينا وشمالا([55]).
ومن ذلك ما حدث به ابن عباس قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله لقد جئتك من عند قوم ما يتزود لهم راع ولا يحصد لهم فحل، فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: (اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا طبقا مريعا غدقا عاجلا غير رائث)، ثم نزل فما يأتيه أحد من وجه من وجوه إلا قالوا أحينا([56]).
ومن ذلك ما روي أن وفد سلامان قدموا في شوال سنة عشر فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (كيف البلاد عندكم؟) قالوا: مجدبة، فادع الله أن يسقينا في أوطاننا، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (اللهم اسقهم الغيث في بلادهم) فقالوا: يا رسول الله ارفع يديك، فإنه أكثر وأطيب.
فتبسم، ورفع يديه حتى بدا بياض إبطيه، ثم رجعوا إلى بلادهم، فوجدوها قد مطرت في اليوم الذي دعا فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في تلك الساعة([57]).
ومن الحاجات التي كانت تعرض أحيانا لأصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وخصوصا الفقراء منهم، حاجتهم إلى المطعم، وقد توجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الله طالبا رزقهم:
ومما يروى من ذلك، ما حدث به واثلة بن الأسقع قال: حضر رمضان ونحن في أهل الصفة فصمنا، فكنا إذا أفطرنا أتى كل رجل منا رجل من أهل البيعة فانطلق به فعشَّاه، فأتت علينا لم يأتنا أحد، وأصبحنا صيامًا، وأتت علينا القابلة فلم يأتنا أحد، فانطلقنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأخبرناه بالذي كان من أمرنا، فأرسل إلى كل امرأة من نسائه يسألها هل عندها شيء، فما بقيت منهن امرأة إلا أرسلت تقسم: ما أمسى في بيتها ما يأكل ذو كبد، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (فاجتمعوا)، فدعا وقال: (اللهم إني أسألك من فضلك ورحمتك، فإنها بيدك لا يملكها أحد غيرك)، فلم يكن إلا ومستأذن يستأذن، فإذا بشاة مصلية ورغف، فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فوضعت بين أيدينا، فأكلنا حتى شبعنا، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنا سألنا الله من فضله ورحمته، فهذا فضله، وقد ادخر لنا عنده رحمته)([58])
ولكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لزهده في الدنيا، كان يدعو، فيقول: (اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا)([59])، وقد حصل ما دعا به النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقد كان رزقه صلى الله عليه وآله وسلم ورزق أهله القوت في أكثر الأحيان لا يجاوزونه، وكان صلى الله عليه وآله وسلم يعلل ذلك بقوله: (ما لي وللدنيا! ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها)([60])
ومن الحاجات التي عرضت لأصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فدعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم لهم، وتحقق ما دعا به، تأمينهم من بعض المخاوف التي كانت تعتريهم:
ومن ذلك ما روي عن البراء بن عازب قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجل يشكو الوحشة، فقال: (أكثر من أن تقول: سبحان الملك القدوس رب الملائكة والروح جللت السموات والارض بالعزة والجبروت)، فقالها الرجل، فذهبت عنه الوحشة([61]).
ومن الحاجات التي دعا صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابها، أنه دعا لتأليف القلوب بين الأزواج وزوجاتهم:
ومن ذلك ما حدث به جابر أن امرأة كان بينها وبين زوجها خصومة، فأتيا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت المرأة: هذا زوجي، والذي بعثك بالحق، ما في الأرض أبغض إلي منه، وقال الآخر: هذه امرأتي، والذي بعثك بالحق ما في الارض أبغض الي منها، فأمرهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يدنوا إليه، ثم دعا لهما، فلم يفترقا من عنده حتى قالت المرأة: والذي بعثك بالحق ما خلق الله شيئا أحب الي منه، وقال الرجل: والذي بعثك بالحق، ما خلق الله شيئا أحب الي منها([62]).
والنبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكتف بهذه الدعوات الخاصة، بل علمنا من الأدعية ما يفي بحاجاتنا مختلفة:
ومن ذلك ما ما علمه صلى الله عليه وآله وسلم لرجل من أصحابه أدبرت عنه الدنيا، فقد روي أن رجلا قال: يا رسول الله، ان الدنيا أدبرت عني وتولت، قال له: (فأين أنت من صلاة الملائكة، وتسبيح الخلائق، وبه يرزقون، قل عند طلوع الفجر: سبحان الله العظيم وبحمده، سبحان الله العظيم، استغفر الله، مائة مرة، تأتيك الدنيا صاغرة)
قال الراوي: فمكث الرجل ثم عاد، فقال: يا رسول الله، لقد أقبلت علي الدنيا، فما أدري أين أضعها([63]).
ومن ذلك ما روي أنس بن مالك كلم الحجاج، فقال له الحجاج: لولا خدمتك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكتاب أمير المؤمنين فيك، كان لي ولك شأن، فقال أنس: أيهات أيهات لما غلظت أرنبتي، وأنكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صوتي، علمني كلمات لم يضرني معهن عتو جبار، ولا عنوته مع تيسير الحوائج، ولقاء المؤمنين بالمحبة فقال الحجاج: لو علمتنيهن، فقال: لست لذلك بأهل فدس إليه الحجاج ابنيه ومعهما مائتا ألف درهم، وقال لهما: الطفا بالشيخ عسى أن تظفرا بالكلمات، فلم يظفرا بها، فلما كان قبل أن يهلك بثلاث، قال لي: دونك هذه الكلمات، ولا تضعها الا في موضعها.
فذكر أبان ما أعطاه الله تعالى مما أعطى أنسا من ذهاب ما أذهبه الله عني مما كانت أجد – الله أكبر الله أكبر، بسم الله على نفسي وديني، بسم الله على أهلي ومالي، بسم الله على كل شئ أعطاني، بسم الله خير الاسماء، بسم الله رب الارض والسماء، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه داء، بسم الله افتتحت وعلى الله توكلت الله الله ربي، لا أشرك به أحدا، أسألك اللهم بخيرك من خيرك الذي لا يعطيه غيرك، عز جارك، جل ثناؤك، ولا اله الا أنت اجعلني في عياذك وجوارك من كل سوء، ومن الشيطان الرجيم، اللهم اني استجيرك من كل شئ خلقت، وأحترس بك منهن، وأقدم بين يدي، بسم الله الرحمن الرحيم، قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فوقي ومن تحتي يقرأ في هذه الست قل هو الله أحد الى آخر السورة([64]).
ومن ذلك ما روي أن أعرابيا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله، علمني كلاما أقوله، قال: (قل لا اله الا الله وحده لا شريك له، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله رب العالمين، لا حول ولا قوة الا بالله العزيز الحكيم)، قال: فهؤلاء لربي، فما لي؟ قال: (قل: اللهم اغفر لي وارحمني، وارزقني، وعافني)([65])
ومن ذلك ما روي عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علم أبا حصين كلمتين يدعو بهما: اللهم ألهمني رشدي وأعذني من شر نفسي([66]).
ومن ذلك ما روي عن العباس قال: قلت: يا رسول الله، علمني شيئا أسأل الله تعالى، قال: (سل الله العافية)، فمكثت أياما، ثم جئت فقلت: يا رسول الله علمني شيئا أسأل الله تعالى، قال: (يا عباس، يا عم رسول الله، سلوا الله العافية في الدنيا والاخرة)([67])
ومن ذلك ما روي عن بريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ألا أعلمك كلمات، من يرد الله به خيرا يعلمهن اياه)، ثم علمه إياهن (اللهم إني ضعيف فقو في رضاك ضعفي، وخذ الى الخير بناصيتي، واجعل الاسلام منتهى رضاي، اللهم إني ضعيف فقوني، واني ذليل فأعزني، واني فقير فارزقني)([68])
ومن ذلك ما ما علمه صلى الله عليه وآله وسلم لفاطمة الزهراء فعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لفاطمة : (ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به أن تقولي إذا أمسيت: يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني الى نفسي طرفة عين)([69])
قال رجل من الجمع: إن كل ما ذكرته من حاجات له قيمته، ولكن أكثره مرتبط بأحوال معينة، فهل ورد عن محمد أدعية شاملة جامعة يمتد تأثيرها؟
عبد القادر: أنت تريد الأدعية المرتبطة بالبركة إذن؟
الرجل: وما هذه الأدعية؟
عبد القادر: هذه الأدعية تجعل كل ما دعي له بها مبارك ذو خير كثير.
الرجل: فهل روي عن محمد شيء منها؟
عبد القادر: أجل.. وقد أكدت الأيام استجابة الله تعالى لما دعا به نبيه، وسأذكر لكم منها ما تقر به أعينكم، وتعلمون القيمة العظمى التي تحملها دعوات النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
فمن ذلك دعوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالبركة لأنس بن مالك، فقد كان دعاؤه صلى الله عليه وآله وسلم له سببا في أن زاد أولاده عن المائة، وزاد عمره عن المائة، وزاد ماله عن المائة ألف.
وقد حدث أنس بن مالك عن قصة ذلك، فقال: جاءت أم سليم، وهي أم أنس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد أزرتني بخمارها، وردَّتني ببعضه، فقالت: يا رسول الله هذا أُنيس أتيتك به يخدمك فادع الله له، قال: اللهم أكثر ماله وولده.. وفي لفظ: اللهم أكثر ماله وولده وأطِل عمره واغفر له([70]).
وقد ذكر أنس استجابة الله لدعاء نبيه صلى الله عليه وآله وسلم له، فقال: فو الله إن مالي لكثير، وإن ولدي وولد ولدي يتعادون على نحو المائة.. وحدثتني ابنتي أُمَيْنة أنه قد دفن من صلبي إلى مقدم الحجاج البصرة تسعة وعشرين ومائة.
وفي رواية قال: دفنت من صلبي مائة واثنتين، وإن ثمرتي لتحمل في السنة مرتين، ولقد بقيت حتى سئمت الحياة، وأرجو الرابعة.
وكان له بستان يحمل في السنة الفاكهة مرتين، وكان فيها ريحان يجيء منها ريح المسك([71]).
وقريب من هذا دعاؤه صلى الله عليه وآله وسلم لبهية بنت عبد الله فعنها قالت: وفدت مع أبي الى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فبايع الرجال وصافحهم، وبايع النساء ولم يصافحهن، قالت: فنظر الي، فدعاني ومسح برأسي، ودعا لي ولولدي فولد لها ستون ولدا أربعون رجلا وعشرون امرأة ([72]).
ومنهم السائب بن يزيد، فقد روي أنه صلى الله عليه وآله وسلم دعا للسائب بن يزيد، ومسح بيده على رأسه، فطال عمره حتى بلغ أربعًا وتسعين سنة، وهو تام القامة معتدل، ولم يشب منه موضع أصابت يد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومُتِّع بحواسه قواه([73]).
وقد ذكر الجعد بن عبد الرحمن بن عوف أثر هذه الدعوة، فقال: مات السائب ابن يزيد وهو ابن أربع وتسعين سنة، وكان جلدا معتدلا، وقال: لقد علمت ما متعت بسمعي وبصري إلا بدعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم ([74]).
ومنهم النابغة الجعدي، فعن عاصم الليثي قال: سمعت النابغة ـ يعني عبد الله بن قيس الجعدي ـ يقول: أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأنشدته حتى أتيت الى قولي:
أتيت رسول الله إذ جاء بالهدى ويتلو كتابا واضح الحق نيرا
بلغنا السماء مجدنا وثراؤنا وانا لنرجو فوق ذلك مظهرا
فقال لي: (إلى أين المظهر يا أبا ليلى؟) قال: قلت: الى الجنة قال: (كذلك ان شاء الله)، ثم قال:
ولا خير في حلم إذا لم تكن له بوادر تحمي صفوة أن يكدرا
ولا خير في جهل إذا لم يكن له حليم إذا ما أورد الامر أصدرا
فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أجدت)، وفي لفظ: (صدقت لا يفضض ([75]) الله فاك)، قال: فبقي عمره أحسن الناس ثغرا، كلما سقطت سنة عادت أخرى مكانها، وكان معمرا([76]).
ومنهم جعيل الأشجعي فقد قال: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بعض غزواته، وأنا على فرس لي عجفاء ضعيفة، قال: فكنت في أُخريات الناس، فلحقني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال: سر يا صاحب الفرس، فقلت: يا رسول الله، عجفاء ضعيفة، قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مخفقة معه، فضربها بها، وقال: (اللهم بارك له)
وقد ذكر إجابة دعوة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: فلقد رأيتني أمسك برأسها أن تقدم الناس، ولقد بعت من بطنها باثني عشر ألفًا ([77]).
ومنهم عروة بن أبي الجعد المازني فقد أعطاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دينارًا ليشتري له به شاة، فاشترى به شاتين، وباع إحداهما بدينار، وأتاه بشاة ودينار، فقال له: بارك الله لك في صفقة يمينك.
وفي رواية: فدعا له بالبركة في البيع، فكان لو اشترى التراب لربح فيه ([78]).
ومنهم عروة بن البارقي فقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دعا له بالبركة في بيعه، فكان لو اشترى التراب لربح فيه([79]).
وقد روي عنه قوله: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (بارك الله لك في صفقة يمينك)، فكنت أقوم بالكناسة ([80]) فما أرجع الى أهلي حتى أربح أربعين ألفا([81]).
ومنهم المقداد بن الاسود، فقد حدثت ضباعة بنت الزبير قالت: دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للمقداد بن الاسود بالبركة، فكانت له غرائر من الورق في بيت المقداد([82]).
ومنهم عمرو بن الحمق، فعنه أنه سقى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لبنا فقال: (اللهم أمتعه بشبابه)، فمرت به ثمانون سنة لم ير الشعرة البيضاء ([83]).
ومنهم أولاد أبي سبرة فعن سبرة أن أباه أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فدعا لولده، فلم يزالوا في شرف الى اليوم([84]).
ومنهم أم قيس، فعنها أنها قالت: توفي ابني فجزعت، فقلت للذي يغسله: لا تغسل ابني بالماء البارد فيقتله، فانطلق عكاشة بن محصن الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبره بقولها ثم قال: (طال عمرها، فلا تعلم امرأة عمرت ما عمرت)([85])
ومنهم أبو زيد عمرو بن أخطب الانصاري فقد روي عنه أنه قال: استسقى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأتيته بقدح، فكانت فيه شعرة، فأخذتها، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (اللهم جمله)
قال الراوي: فرأيته وهو ابن أربع وتسعين سنة ليس في لحيته شعرة بيضاء([86]).
وفي رواية: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ادن مني)، فدنوت، فمسح بيده على رأسي ولحيتي، وقال: (اللهم جمله، وأدم جماله)، فبلغ بضعا ومائة سنة، وما في لحيته بياض الا نبذة يسيرة، ولقد كان منبسط الوجه حتى مات.
ومنهم عبد الله بن هشام فعن أبي عقيل أنه كان يخرج به جده عبد الله بن هشام إلى السوق ليشتري الطعام فيتلقاه ابن الزبير وابن عمر فيقولان له: أشركنا، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد دعا لك بالبركة فيشركهم، فربما أصاب الراحلة كما هي فيبعث بها الى المنزل([87]).
ومنهم حكيم بن حزام فقد بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حكيم بن حزام بدينار يبتاع له به أضحية فمر بها، فباعها بدينارين فابتاع له أضحية بدينار، وجاء له بدينار، فدعا له أن يبارك له في تجارته([88]).
وروي عن حكيم أنه كان رجلا مجدودا في التجارة ما باع شيئا قط الا ربح فيه.
ومنهم حنظلة بن حذيم، فعنه قال: وفدت مع جدي حذيم، فقال: يا رسول الله، إن لي بنين ذوي لحى وهذا أصغرهم، فأدناني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومسح على رأسي، وقال: (بارك الله فيك)
قال الذيال: فلقد رأيت حنظلة يؤتى بالرجل الوارم وجهه أو الشاة الوارم ضرعها، فيقول: بسم الله على موضع كف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيمسحه فيذهب الورم([89]).
ومنهم فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فعن عمران بن حصين، قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ أقبلت فاطمة وقفت بين يديه، فنظر إليها، وقد ذهب الدم من وجهها، وغلبت الصفرة على وجهها من شدة الجوع، فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: (ادني يا فاطمة، ثم ادني يا فاطمة)، فدنت حتى قامت بين يديه، فرفع يده فوضعها على صدرها في موضع القلادة، وفرج بين أصابعه، ثم قال: (اللهم مشبع الجاعة، ورافع الوضيعة، ارفع فاطمة بنت محمد)
وقد ذكر عمران بعض ما حصل من إجابة، فقال: فنظرت إليها، وقد ذهبت الصفرة من وجهها، وغلب الدم كما كانت الصفرة غلبت على الدم، فلقيتها بعد فسألتها، فقالت: ما جعت بعد ذلك يا عمران([90]).
أما رفعة قدرها، فيكفي ما ورد في فضلها من أنها سيدة نساء العالمين، وما ورد في الأحاديث من الثناء عليها.
ومنهم عبد الله بن عباس الذي صار حبر الأمة بسبب دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فعنه قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الخلاء، فوضع له وضوءًا، فلما خرج قال: من صنع هذا؟ قالوا: ابن عباس، قال: (اللهم فقهه في الدين)([91])
وعنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وضع يده على كتفي، ثم قال: (اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل)([92])
بالإضافة إلى ذلك كله فقد دعا صلى الله عليه وآله وسلم لمن فعل أشياء معينة، وقد جرب تأثير دعواته في ذلك، ومن ذلك ما ورد من إجابة دعائه صلى الله عليه وآله وسلم لأمته في بكورها، فقدحدث صخر الغامدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (اللهم بارك لامتي في بكورها)
وقد حدث الرواة عن أثر هذه الدعوة فيه لما التزم ما فيها، فقالوا: كان صخر رجلا تاجرا يبعث غلمانه أول النهار فأثرى وكثر ماله، حتى لم يدر أين يضعه([93]).
***
ما وصل عبد القادر من حديثه إلى هذا الموضع حتى رأيت النشاط يدب في المرضى المحيطين حوله، وكلهم يطلب منه أن يدعو الله له، أو يدله كيف يدعو الله، ليخلصه من دائه.
أما
بولس، وأنا، فلم نجد إلا أن نخرج.. ومعي بصيص جديد من النور اهتديت به بعد ذلك إلى
شمس محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
([1]) كما في( يوحنا:4/46-54 )
([2]) كما في ( يوحنا: 5/1-9 )
([3]) انظر: ( متى:8/5-13 )
([4]) انظر: ( متى:20/ 34-39؛ مرقس:10/46-52؛ لوقا: 18/35-43 )
([5]) رواه مسلم.
([6]) رواه البخاري ومسلم.
([7]) رواه ابن أبي شيبة والبيهقي وابو نعيم.
([8]) رواه أبو يعلى والبيهقي وابن سعد وأبو نعيم، وقد روي أن رجلا من ولد قتادة وفد الى عمر بن عبد العزيز، فلما قدم عليه، قال: ممن الرجل؟ فقال:
أنا ابن الذي سالت على الخد عينه فردت بكف المصطفى أحسن الرد
فعادت كما كانت لاول أمرها فيا حسنها عينا ويا حسنه من خد
فقال عمر بن عبد العزيز:
تلك المكارم لا قعيان من لبن شيبا بماء فعادا بعد أبوالا
ووصله وأحسن جائزته.
([9]) رواه الحاكم والبيهقي وابو نعيم بسند جيد.
([10]) رواه أبو نعيم.
([11]) رواه البيهقي.
([12]) رواه البيهقي، قال ابن كثير: وهذا الحديث مما تكلم به الناس في محمد بن يونس بسببه، وأنكروه عليه واستغربوا شيخه، وليس هذا مما ينكر عقلا بل شرعا، على أنه قد ورد هذا الحديث من غير طريق محمد بن يونس، فرواه البيهقي من طريق ابي الحسين محمد أحمد بن جميع.
([13]) رواه اسحاق بن ابراهيم الرملي في فوائده.
([14]) رواه ابن سعد عن عكرمة والزهري وعاصم بن عمرو بن قتادة مرسلا.
([15]) رواه البيهقي.
([16]) السلعة:الغدة تكون في العنق.
([17]) رواه البخاري في التاريخ والطبراني والبيهقي.
([18]) رواه البيهقي وابن سعد.
([19]) رواه الطبراني برجال ثقات وابو نعيم والبيهقي وابو داود والترمذي والنسائي في الكبرى وابن ماجه وابن حبان.
([20]) رواه أبو نعيم والواقدي.
([21]) رواه البخاري في التاريخ والنسائي والطيالسي وابن أبي شيبة ومسدد وابو يعلى وابن حبان والحاكم والبيهقي.
([22]) رواه البيهقي.
([23]) رواه البيهقي.
([24]) رواه البغوي والطبراني.
([25]) رواه ابن أبي السكن وابو نعيم.
([26]) رواه البغوي.
([27]) رواه البخاري.
([28]) رواه ابن وهب فيما ذكره السهيلي.
([29]) رواه البخاري.
([30]) رواه البيهقي.
([31]) رواه أبو نعيم والبيهقي.
([32]) رواه الحاكم وابو نعيم وابن عساكر.
([33]) رواه احمد وابن سعد والبيهقي.
([34]) رواه البيهقي.
([35]) رواه أبو نعيم والبيهقي.
([36]) رواه الطبراني.
([37]) رواه البخاري ومسلم.
([38]) رواه البيهقي.
([39]) رواه ابن ماجة والبيهقي.
([40]) رواه الطبراني والبيهقي.
([41]) رواه أبو نعيم.
([42]) رواه البيهقي وأبو نعيم والطبراني.
([43]) رواه الطبراني في (مسند الشاميين) وابن مندة والباوردي في (المعرفة).
([44]) المراد هنا المواشي خصوصًا الإبل وهلاكها من قلة الأقوات، بسبب عدم المطر والنبات.
([45]) أي انقطعت الطرق فلم تسلكها الإبل إما لخوف الهلاك أو الضعف بسبب قلة الكلأ أو عدمه.
([46]) القطعة من الغيم.
([47]) جبل قرب المدينة.
([48]) هو ما يتقي به السيف ووجه الشبه الاستدارة والكثافة، لا القدر.
([49]) جمع أكمة وهي الرابية المرتفعة من الأرض.
([50]) جمع ظرب وهي صغار الجبال والتلال.
([51]) رواه البخاري ومسلم.
([52]) رواه البيهقي وابن عساكر.
([53]) رواه أبو نعيم والبيهقي.
([54]) رواه أبو نعيم.
([55]) رواه ابن ماجة والبيهقي.
([56]) رواه ابن ماجه.
([57]) رواه أبو نعيم.
([58]) رواه البيهقي في الدلائل، ورواه الطبراني وإسناده حسن.
([59]) رواه مسلم.
([60]) التِّرمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح.
([61]) رواه ابن السني.
([62]) رواه الطبراني برجال الصحيح غير مقداد بن داود.
([63]) رواه الخطيب في (رواة مالك).
([64]) رواه ابن سعد.
([65]) رواه مسلم.
([66]) رواه الترمذي.
([67]) رواه الترمذي وقال: حديث صحيح.
([68]) رواه ابن أبي شيبة والحاكم، وصححه.
([69]) رواه النسائي والطبراني برجال الصحيح.
([70]) رواه البخاري في الدعوات.
([71]) رواه الترمذي وغيره، وقال: حديث حسن.
([72]) رواه الباوردي.
([73]) رواه البخاري كتاب المناقب، ومسلم في الفضائل.
([74]) رواه البخاري.
([75]) يفضض: أي لا يسقط الله أسنانك وأصله الكسر أي لا يكسر أسنان فيك.
([76]) رواه الحافظ السلفي، روى البيهقي عن أبي أمامة أن رسول الله r قال للنابغة إذ أنشده قصيدته: (لا يفضض الله فاك)، فما سقطت سن.
وفي رواية فكان أحسن الناس ثغرا إذا سقطت له سنة نبتت له أخرى، وعاش عشرين ومائة سنة وما ذهب له سن.
([77]) رواه البخاري في التاريخ، والنسائي في السنن الكبرى، والبيهقي في الدلائل.
([78]) رواه البهقي في الدلائل.
([79]) رواه البيهقي.
([80]) الكناسة: مكان بالكوفة.
([81]) رواه أبو نعيم.
([82]) رواه أبو نعيم في الدلائل.
([83]) رواه ابن أبي شيبة في (مسنده) وابو نعيم وابن عساكر.
([84]) رواه الطبراني.
([85]) رواه البخاري في (الادب) والنسائي.
([86]) رواه احمد وابو يعلى وابن حبان والطبراني بسند حسن.
([87]) رواه البخاري.
([88]) رواه ابن سعد من طريق ابي حصين عن شيخ من أهل المدينة.
([89]) رواه الطبراني وأحمد برجال ثقات.
([90]) رواه البيهقي في الدلائل.
([91]) رواه البخاري مسلم.
([92]) رواه الحاكم، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وقال الذهبي: صحيح، ورواه البيهقي في الدلائل.
([93]) رواه البخاري ومسلم.