تاسعا ـ طاقات

في اليوم التاسع.. جاءني بولس، واعتذر لي عن عدم مجيئه في اليومين السابقين، وقال لي: لقد اشتقنا إلى التبشير بالمسيح.. وسنتحدث اليوم عن نوع من معجزات المسيح لم يحصل إلا للمسيح.
قلت: تقصد ما كان للمسيح من طاقات..
قال: نعم.. لقد تجلت في المسيح جميع القدرات العجيبة التي لا تكون إلا لإله، أو لأقنوم لإله.
سرت معه، ولم نبتعد كثيرا حتى رأينا جمعا من الناس يلتفون حول رجل يسير فوق الزجاج من غير أن يؤذى، وقد ملأهم العجب.
وكان أجير بولس حاضرا، ويعلم ما يقول في هذا الموقف، فما إن رأى بولس، حتى صاح: ألا تريدون أن تسمعوا ما هو أعجب من هذا الذي يمشي على الزجاج؟
قالوا: وما ذاك؟
قال: من يمشي على الماء؟
قالوا: وهل حصل ذلك؟
هنا تدخل بولس، وقال: أجل.. ذلك هو المسيح.. وسأقص عليكم قصة سيره على الماء ([1])..
لقد كان المسيح يصلي على الجبل وحده في الليل، بينما كان تلاميذه في السفينة، عندما وقع اضطراب في البحيرة، إذ هاج البحر من ريح عظيمة، وكانت السفينة معذبة من الأمواج لأن الريح كانت مضادة، لم يكن التلاميذ قد نسوا ما علمه المسيح في النوء قبل هذا الوقت بنحو نصف سنة، ولكنه كان وقتها معهم في السفينة، أما الآن فيخيفهم غيابه، فهل ظنوا يا ترى أن الذي يشفي العليل بكلمة، وعن بُعْد، يستطيع أن يحفظ ويعطي السلامة عن بُعْد أيضاً؟
ظلوا يصارعون الأمواج إلى قرب الصباح، دون أن يتمكنوا من عبور البحيرة، وعرف المسيح بعذابهم، وهو في مخدع الصلاة الهادئ على الجبل، وهو المحب الذي لا يريد عذابهم إلا بمقدار ما يؤول لخيرهم، فلما رأى اضطرابهم والخطر عليهم، نزل من الجبل ومشى على البحر الهائج معتلياً أمواجه في هبوطها وارتفاعها، كأنها اليابسة، وهو مسرع للإفراج منهم.
هذا هو الكلمة (الذي كل شيء به كان) (يوحنا 1: 3)، وقد وصفه بقوله: (الباسط السماوات وحده والماشي على أعالي البحر) (أيوب 9: 8)
رفقا بهم لم يتجه فورا إلى السفينة لئلا يخيفهم، بل مر بقربهم كأنه يتجاوزهم.
لا شك أنهم اعتادوا القصص الخرافية الدارجة في كل عصر، عن ظهور أشباح روحية مزعجة، والآن يشاهدون لأول مرة في حياتهم روحا أو خيالا، فصرخوا مرتعدين لعلهم أرادوا أن يخيفوا هذا الخيال ليبتعد عنهم.
ولكن أتى صدى صراخهم خلافا لما انتظروا، لأن هذا الخيال أجابهم بصوت لا يشتبه به، وبكلام مطمئن حبي قال: (تشجعوا، أنا هو، لا تخافوا)
ولا زال هذا الصوت الحنون المشجع يسمع حينما يوجد مؤمن مضطرب من جراء هموم ومخاوف الحياة، ولا سيما متى كان انزعاجه نتيجة لثقل خطاياه ومخاوف الابتعاد الأبدي عن الله.
فلما اقترب المتكلم وعرفوه، تمنى بطرس الجسور أن يتشبه بسيده في المشي على الماء، فصرخ: (يا سيد إن كنت أنت هو، فمرني أن آتي إليك على الماء)، فهل يسمح له بما طلب، رغم قوله: (إن كنت أنت هو) خصوصا بعد أن قال سيده: (أنا هو) نعم، إذا كان بذلك يقدر أن يري تلاميذه أن كل شيء مستطاع عند الله، فمتى شاء يمكن الإنسان من فعل المستحيلات.
نجح بطرس في أول الأمر لأنه نزل من السفينة ومشى على الماء ليأتي إلى المسيح، لما كان فكره ونظره متجهين إلى المسيح لم يكن خائفا، واستطاع أن يفعل المستحيل.
لكن نجاحه أدى إلى فشله، لأنه ابتدأ يفكر بذاته ويفتخر بعمل لم يسبقه إليه أحد، فحول فكره ونظره من المسيح إلى نفسه، فابتدأت الأمواج الهائجة ترعبه، وحالا أخذ يغرق، ولم تفده معرفته بالسباحة، وصار يحسد رفقاءه في السفينة، بعد أن كانوا هم يحسدونه لما مشى على الماء. صرخ: (يا رب نجني). ففي الحال مد المسيح يده وأمسك به ونشله، ثم وبخه بقوله: (يا قليل الإيمان، لماذا شككت؟). فصح فيه كلام داود النبي: (نشلني من مياه كثيرة) (مزمور 18: 16).
نجا بطرس من الغرق لأن المسيح أمسك به، وهكذا نجاة الخاطئ عندما تكل يداه وتغمض عيناه ويرتخي تمسكه بالمخلص، فلا يرى أمامه إلا الهلاك، ولكن متى أدرك أن المخلص المقتدر الذي لا ينام يمسك به يحل الرجاء عنده مكان اليأس.
لما ظن التلاميذ في السفينة أنهم رأوا خيالا، صرخوا ليبعدوه عنهم. أما الآن فقبلوا أن يدخل السفينة، فصعد إليهم، وبمجرد دخوله إليها سكنت الريح وللوقت صارت السفينة إلى أرض جنيسارت، التي كانوا ذاهبين إليها.
ويذكر الإنجيل أن التلاميذ (لم يفهموا بالأرغفة، إذ كانت قلوبهم غليظة) فلما رأوا هذه المعجزة الثانية في اليوم الواحد بهتوا وتعجبوا جدا مع أن المسيح أسكت هذا البحر من أجلهم منذ بضعة أشهر، وحالما وصلوا إلى الشاطئ تقدموا وسجدوا له سجودهم الأول كجماعة قائلين: (بالحقيقة أنت ابن الله)
لم أكن أتصور أن عبد القادر كان حاضرا في ذلك المحل، فقد توجه للجمع بعد انتهاء بولس من حديثه قائلا: ليس الشأن أن نخالف ما وضعه الله فينا من قدرات، بل الشأن أن نخرق من أنفسنا ما يملؤها بالكدورات.
لقد حصل لكثير من الصالحين من جميع الأمم ما ذكره هذا الرجل من المشي على الماء، أو الطيران في الهواء، ولكنهم لم يكونوا يبالون بكل ذلك.
لقد حدث أبو الحسين النوري عن ذلك، فقال: كان في نفسي شيء من هذه الكرامات، فأخذت قصبة من الصبيان وقمت بين زورقين، ثم قلت: وعزّتك إن لم تخرج لي سمكة فيها ثلاثة أرطال لأغرقنّ نفسي، قال: فخرج لي سمكة فيها ثلاثة أرطال، فبلغ ذلك الجنيد فقال: كان حكمه أن تخرج له أفعى تلدغه.
وقيل لأبي يزيد: فلان يمشي في ليلة إلى مكة! فقال: الشيطان يمشي في ساعة من المشرق إلى المغرب في لعنة الله.
وقيل له: فلان يمشي على الماء، ويطير في الهواء، فقال: الطير يطير في الهواء، والسمك يمر على وجه الماء.
وقال سهل بن عبد الله: أكبر الكرامات أن تُبدل خُلقاً مذموماً من أخلاقك.
وكان رجل يقال له عبد الرحمن بن أنس يصحب سهل بن عبد الله، فقال له يوماً: ربما أتوضأ للصلاة فيسيل الماء بين يدي قضبان ذهب وفضة، فقال سهل: أما علمت أن الصبيان إذابكوا يعطون خشخشة ليشتغلوا بها؟
هنا قام أجير بولس ببلاهته المعهودة، وقال: أراك تقول هذا، لأنه لم يكن لنبيكم شيء من الطاقات.. لقد كان مجرد بشر كسائر البشر.. يحمل ضعف البشر، وفقر البشر.
عبد القادر: نعم.. لقد كان نبينا كذلك كما كان سائر الأنبياء ـ عليهم السلام ـ فالله تعالى اختار بحكمته أن يرسل للبشر بشرا مثلهم، وقد قال ردا على من طلب أن ترسل لهم ملائكة:{ وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ (8) وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} (الأنعام:8-9)
ولهذا، فليس هناك من حرج في كون النبي بشرا كسائر البشر، بل إن من مهمته أن ينبه الناس إلى كونه مثلهم، قال تعالى:{ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} (الكهف:110)، وقال تعالى:{ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ} (فصلت:6)
بل إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم اختار أن يكون كسائر الناس بسيطا متواضعا عبدا، فقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بينما هو جالس، ومعه جبريل u، إذ انشق أفق السماء، فأقبل جبريل يدنو من الأرض، ويدخل بعضه في بعض، ويتضاءل فإذا ملك ([2]) قد مثل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: (السلام عليك يا محمد، إن ربك يقرئك السلام، أنا رسول ربك إليك، أمرني أن أخيرك: إن شئت نبيا عبدا، وإن شئت نبيا ملكا)، فقلت: (بل نبيا عبدا) ([3])
وعن حمزة بن عبيد الله قال: كانت في رسول الله خصال ليست في الجبارين، كان لا يدعوه أحمر، ولا أسود، إلا أجابه، وكان ربما وجد تمرة ملقاة فيأخذها، فيرمي بها إلى فيه، وإنه ليخشى أن تكون من الصدقة، وكان يركب الحمار عريا، ليس عليه شئ([4]).
وعن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخذ بيد مجذوم، فأدخله معه في القصعة، ثم قال له: (كل باسم الله، وثقة بالله، وتوكلا عليه)([5])
وعن عبد الرحمن بن جبر الخزاعي قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يمشي مع أصحابه إذ أخذ رجل منهم، فستره بثوب فلما رأى ما عليه، رفع رأسه، فإذا هو علاه قبلي ستر، فقال: (مه)، فأخذ الثوب، فوضعه، وقال:{ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ } (الكهف: 110)([6])
وعن أبي المثنى الأملوكي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومن قبله من الأنبياء ـ عليهم السلام ـ يمشون على العصا، يتوكئون عليها، تواضعا لله عز وجل([7]).
وعن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يركب الحمار، ويردف بعده، ويجيب دعوة المملوك([8]).
وعن عبد الله بن أبى أوفى قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يكثر الذكر، ويقل اللغو، ويطيل الصلاة، ويقصر الخطبة، ولا يأنف، ولا يستكبر أن يمشي مع الأرملة والمسكين يقضي لهما حاجتهما([9]).
عن ابن عباس، وأنس قالا: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يجلس على الأرض، ويأكل على الأرض، ويعقل الشاة، ويجيب دعوة المملوك ([10]).
وعن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يركب الحمار، ويعود المريض، ويشهد الجنازة، ويأتي دعوة المملوك، وكان يوم بني قريظة على حمار مخطوم بحبل من ليف، على إكاف من ليف([11]).
وعن الحسن قال: والله ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تغلق دونه الأبواب، ولا يقوم دونه الحجاب، ولا يغدى عليه بالجفان، ولا يراح بها عليه، ولكنه كان بارزا، من أراد أن يلقى نبى الله صلى الله عليه وآله وسلم لقيه، كان يجلس على الأرض، ويطعم ويلبس الغليظ، ويركب الحمار، ويردف خلفه، ويلعق يده([12]).
وعن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كلم رجلا فأرعد، فقال: (هون عليك، فإني لست بملك، إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديدة)([13])
وعن عبد الله بن بسر قال: أهديت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شاة فجثا على ركبتيه، فأكل، فقال أعرابي: يا رسول الله ما هذه الجلسة؟ فقال: (إن الله عزوجل جعلني عبدا كريما، ولم يجعلني جبارا عنيدا)([14])
وعن أنس قال: إن كانت الوليدة من ولائد أهل المدينة لتجئ فتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فما ينزع يده من يدها، حتى تذهب به حيث شاءت من المدينة([15]).
وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مر بغلام يسلخ شاة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (تنح حتى أريك، فإني لا أراك تحسن تسلخ)، فأدخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يده بين الجلد واللحم، فدخس بها حتى ترادت إلى الإبط، ثم قال: (يا غلام هكذا فاسلخ)([16])
وعن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا صلى الغداة جاءه خدم أهل المدينة بآنيتهم فيها الماء فما يؤتى بإناء إلا غمس يده فيه، فربما جاءوه في الغداة الباردة، فيغمس يده فيها([17]).
قام أجير بولس، وقال: ما أراك تقول هذا الكلام إلا هربا من الحقيقة.
عبد القادر: ما الحقيقة التي أهرب منها؟
أجير بولس: الحقيقة المعروفة عند الجميع .. وهي أن نبيكم لم تخرق له أي عادة، ولم تكن له أي طاقة.
عبد القادر: كأني بك تستفزني للحديث عن ذلك.. فإن شاء الجمع أن أحدثهم عن بعض الطاقات العظيمة التي حبا الله بها نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ليؤدي الرسالة التي كلف بها حدثتهم.
أشار الجمع بالإيجاب، وقد لاحظت سرورا على وجه بولس كان يحاول إخفاءه.
نظر عبد القادر إلى الجمع الملتف حوله، وقال: أول طاقة حبا الله بها أنبياءه، بما فيهم المسيح ومحمد ـ عليهما الصلاة والسلام ـ طاقة تلقي الوحي..
إن هذه الطاقة طاقة عظيمة لا يمكن تصورها.. إنها اتصال الإنسان الضعيف القاصر بالعالم الآخر..
ولهذا عبر القرآن الكريم عن ثقل الوحي، فقال تعالى:{ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً} (المزمل:5)
وقد ذكر القرآن الكريم أن كلام الله لعبادة لا يتم إلا من خلال ثلاثة أمور، فقال تعالى:{ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} (الشورى:51)
ومعنى الوحي أن يلقي الله المعنى في القلب، أي أن الله تعالى يقذف فى روع النبى صلى الله عليه وآله وسلم شيئا لايمارى فيه أنه من الله تعالى،كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: إن روح القدس نفث فى روعى أن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها وأجلها، فاتقوا الله واجملوا فى الطلب([18]).
والثاني تكليمه من وراء حجاب، كما كلم الله موسى u، فقد سمع النداء من وراء الشجرة، قال تعالى:{ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (القصص:30)
والثالث نزول أمين الوحى جبريل u، كما روي في الحديث أن الحارث بن هشام سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يارسول الله: كيف يأتيك الوحى؟ فقال: أحيانا يأتينى مثل صلصلة الجرس، وهو أشده على، فيفصم عنى ـ أى يقلع ـ وقد وعيت عنه ماقال ـ أى حفظت ـ وأحيانا يتمثل لى الملك رجلا فيكلمنى فاعى مايقول([19]).
وقد كان هذا النوع الأخير هو النوع الذي تنزل به القرآن الكريم، وقد كان أثقل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإنما كان كذلك لأنه انسلاخ من البشرية واتصال بالروحانية.
أما الثانية فأخفها؛ لأنها انتقال ملك الوحى من الروحانية إلى البشرية بسهولة ويسر، بإذن من الله تعالى.
وقد وصف المعايشون لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كيف كان يأيته هذا النوع من الوحي، وهو بحد ذاته دليل على أنه حقيقة ملموسة لا علاقة لها بأي مرض كما يشيع المرجفون.
قال زيد بن ثابت : أنزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفخذه على فخذي، فكادت فخذه ترض فخذي([20]).
وقال أبو أروى الدوسى : رأيت الوحي ينزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإنه على راحلته، فترغو وتفتل يديها حتى أظن أن ذراعها تنقصم، فربما بركت وربما قامت موتدة يديها حتى يسرى عنه عن ثقل الوحي، وإنه ليتحدر منه مثل الجمان([21]).
وقالت أسماء بنت يزيد : كنت آخذة بزمام ناقة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين أنزلت عليه سورة المائدة فكاد ينكسر عضدها من ثقل السورة ([22]).
وكان يعلى بن أمية يقول: ليتني أرى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين ينزل عليه الوحي، فلما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالجعرانة وعليه ثوب قد أضل عليه، ومعه ناس من أصحابه، إذ جاءه رحل متضمخ بطيب، فقال: يا رسول الله كيف ترى في رجل أحرم في جبة بعد ما تضمخ بطيب فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم سكت، فجاءه الوحي، فإذا هو محمر الوجه يغط، ما يغط البكر، كذلك ساعة ثم سري عنه.. الحديث([23]).
وقال ابن عباس : كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أنزل على الوحي تربد لذلك جسده ووجهه وأمسك عن أصحابه ولم يكلمه أحد منهم([24]).
أجير بولس: ألا ترون ـ أيها الجمع ـ إلى هذه الخرافات التي يلقيها هذا الرجل.. كيف يمكن لعقل أن يقبل باتصال محمد ذلك البدوي الأمي بالسماء.. كيف يمكن أن يحصل منه هذا الاتصال بالعالم الآخر؟
ابتسم عبد القادر، وقال: لاشك أنك مسيحي، ومخلص للمسيحية.
أجير بولس: لو لم يهدني عقلي إليها ما آمنت بها.
عبد القادر: لقد ورد في الكتاب المقدس اتصال الله بكثير من أنبيائه.. بل ليس هناك نبي إلا واتصل بالله، ونزل عليه وحي من الله.. أم أنك تنكر ذلك.
فإن كنت تنكر ذلك.. فإن كل النبوءات التي على أساسها تقيم إيمانك بالمسيح غير صحيحة..
وإن كنت تنكر أن يختص الله محمدا بالنبوة لكونه عربي، فأنت لا تختلف عن الشيطان الذي قال لآدم u:{ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} (لأعراف: 12)
فالشيطان هو الذي أراد أن يحجر على الله فضله على عباده، وعلى دربه سار الإسرائيليون الذين تتلقون عنهم الدين حين جعلوا فضل الله محصورا في نسل معين من بني إسرائيل امتلأ بالكبر والغرور.
أما نحن المسلمين، فنعتقد أن هذا الفضل يمن الله به على من يشاء من عباده، ونعتقد فوق ذلك ما قاله القرآن الكريم من أنه لم تخل أمة من الأمم من وحي الله، كما قال تعالى:{ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ} (فاطر:24)
ولكن مع ذلك.. فسأجيب عن سؤالك لا باعتبارك مسيحيا مخلصا في مسيحيته، بل باعتبارك رجلا صاحب عقل، يتصور أن عقله يمنعه من الإيمان بالوحي([25]).
إننا ـ اليوم ـ نستطيع أن نفهم هذه المسألة بسهولة تامة بفضل الحقائق المعلومة.
إن هناك وقائع كثيرة جدا تجري من حولنا في كل لحظة، ونحن نعجز عن إدراكها، أو سماعها، أو الإحساس بها بوساطة أجهزتنا العصبية، وقد استطاع العلم الحديث أن ييسر لنا إدراكها بفضل الأجهزة العلمية التي اخترعناها.
وهذه الأجهزة تستطيع أن تدل على صوت ذباب طائر علي بعد بضعة أميال، وكأنه يطير عند أذنك.
ومن الأجهزة العلمية ما وصل التقدم فيه إلى حد أنها تسجل صدام الأشعة الكونية في الفضاء.
لقد اخترعناه آلات كثيرة أثبتت أنها تستطيع إدراك كثير من الأحداث التي لا يمكننا سماعها بالطرق السمعية التقليدية.
وهذه الطاقة غير العادية للسماع لا تخص الآلات العلمية الحديثة، وإنما وهبها الله لبعض الحيوانات أيضا.
ومما لا شك فيه أن جهاز سماع الإنسان محدود جدا، ولكن أجهزة بعض الحيوانات تختلف كل الاختلاف ؛ فالكلب، مثلا، يستطيع أن يشم ريح الحيوان الذي مر من الطريق، ومن ثم استغلت الكلاب في البحث عن الجرائم والمجرمين.
وهناك حيوانات كثيرة تسمع أصواتا تخرج عن نطاق أسماعنا، وقد أثبتت البحوث في هذا الميدان أن بعض الحيوانات يتمتع بقوة (الإشراق) فلو أنك وضعت حشرة مما يطلق عليه (العثة)، وهي حشرة مجنحة-علي نافذة مفتوحة، فستحدث صوتا يسمعه زوجها علي مسافة بعيدة جدا، ولسوف يجيبها هذا الزوج أيضا بطريقته.
وهناك نوع خاص من هذه الحشرات يدعي (الجندب)، يحك رجليه وجناحيه ويصوت بطريق غير عادية، ويسمع على مبعدة نصف ميل وهو يحرك في هذه العملية ستمائة طن من الهواء، ليدعو زوجه وهذه الزوج ترسل أيضا وهي ساكنة بلا حراك جوابا لا نعرفه، إنما يعرفه الجندب الذكر ثم يلحق بها أينما كانت.
وهناك أمثلة أخري كثيرة، تؤكد إمكان وجود وسائل غير مرئية لدي ذوي الحواس الخاصة.
وإذا كان الأمر كذلك فما وجه الغرابة في ادعاء إنسان أنه يسمع صوتا من لدن ربه، لا يدركه عامة الناس ما دام من الممكن أن توجد في هذا العالم حركات وأصوات لا تسمعها آذان الإنسان، ولكن تسجلها الآلات؟ وما دامت هناك رسائل تدركها حيوانات دون أخرى؟
إن الله تعالي- لحكمة يعلمها- يرسل رسائله بوسائل خافتة خفية إلى الإنسان المختار للرسالة بعد أن يودع فيه صلاحية التقاطها وفهمها، فليس هناك من تصادم في الحقيقة، بين مشاهداتنا وتجاربنا العلمية، فهو واقع من الوقائع الكثيرة التي نشاهدها ونجربها في أمكنة وطرق مختلفة، فالوحي إمكان وجدناه في شكل الواقع بعد التجربة.
وقد تبين أن تجارب الإشراق أو الانكشاف ومعرفة الغيب لا تخص الحيوانات، وإنما توجد في الإنسان (بالقوة)، يقول الدكتور ألكسيس كريل: إن حدود الفرد في إطار الزمان والمكان هي مجرد افتراض، فيستطيع عامل الإشراق أن يجعلك تنام، وتضحك أو تبكي، كما يستطيع أن ينقل إليك كلمات أو خواطر، لست على علم بها. إنها عملية لا تستعمل فيها أية وسائل ولا يشعر بها غير عامل الإشراق وصاحبه.
كيف يستحيل وقوع هذه العملية نفسها بين العبد وربه؟ إننا بعد الإيمان بالله، والإطلاع على هذه التجارب الكثيرة بما ذلك الإشراق، لا نجد أساسا لإنكار الوحي والإلهام.
وقد حدث سنة 1950 أن المسئولين في (بافاريا) رفعوا قضية ضد أحد النمسويين، واسمه (فرنتر ستروبيل)، بتهمة التدخل في برامج الإذاعة عن طريق الإشراق.
وكان فرنتر ستروبيل يستعرض أعماله في فندق ريجينا، بميونيخ، عندما ناول أوراق لعب الكوتشينة إلي أحد المتفرجين، وطلب إليه اختيار ورقة ما، وادعي أنه سوف ينقل اسم تلك الورقة واسم الفندق مع ترتيبهما، كما هما في ذهن المتفرج، إلى المذيع الذي كان يقرأ الأخبار من إذاعة ميونيخ المحلية، ذلك دون أن يعرف المذيع نفسه شيئا من هذا.
بعد ثوان سمع الناس صوت مذيع مرتعش، هو يقول: (فندق ريجينا- بنت البستوني) وكان الترتيب واسم الورقة صحيحين، كما أراد المتفرج.
وكان الارتعاش والرهبة واضحين في صوت المذيع، ولكنه واصل قراءة الأخبار.
استغرب الكثيرون من المستمعين من سكان ميونيخ، واتصل مئات منهم تليفونيا بالإذاعة يستفسرون عن السر الغامض، فكان من الصعب عليهم إدراك علاقة الأخبار (بفندق ريجينا- بنت البستوني): وحضر طبيب الإذاعة للكشف علي المذيع، فوجده في حالة اضطراب خطيرة، وأدلي المذيع ببيانه قائلا: (إنني شعرت بصداع شديد في رأسي، ولا أعرف ماذا حدث بعد ذلك!)
وقد عرض العلماء نظريات عديدة لشرح هذه الصور من عملية الإشراق، ومنها أن أمواجا تصدر من المخ وتنتشر في العالم أجمع بسرعة فائقة، ولذلك سموها بنظرية الموجة المخية.
فإذا كان الإنسان ـ كما يرى هؤلاء العلماء ـ يستطيع تحويل الأفكار بأكملها إلي إنسان آخر، على بعد غير عادي، وبدون استعمال أي واسطة مادية ظاهرية، فلماذا تستحيل نفس العملية بين الإله وعباده؟
إن هذا المظهر من كفاءة قوى الإنسان، وأمثلته كثيرة لا تحصي، ليس إلا قرينة تجريبية تجعلنا نفهم علاقة الألفاظ والمعاني التي تربط العبد بالإله عندما يرسل رسالاته.
إن الإشراق أمر معروف لدى الناس، وهو يدلنا علي فهم ذلك النظام الإشراقي العظيم بين الإله والعباد.
رجل من الجمع: ولكن الوحي أخطر بكثير من هذه الأمثلة الإشراقية التي ذكرتها..
عبد القادر: ليس هناك شيء لدي أي شخص من الناس يشبه الوحي.. لأن الوحي خاص بالأنبياء ـ عليهم السلام ـ
قالوا: ما هي هذه الطاقة؟
عبد القادر: هي طاقة الاستبصار.. فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يبصر أشياء لا طاقة لغيره بإبصارها، ويسمع أشياء لا طاقة لغيره بسماعها.
قالوا: حدثنا عن ذلك.
قال: من ذلك رؤيته الفتن، فعن أسامة بن زيد قال: أشرف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على أطم من آطام المدينة، فقال: (هل ترون ما أرى؟ إني لأرى مواقع الفتن تقع خلال بيوتكم كوقع المطر)([26])
وعن بلال قال: رفع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بصره الى السماء، فقال: (سبحان الذي يرسل عليهم الفتن ارسال القطر)([27])
ومن ذلك رؤيته الدنيا وسماع كلامها، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (أتتني الدنيا خضرة حلوة ورفعت لي رأسها وتزينت لي، فقلت: لا أريدك، فقالت: إن انفلت مني لم ينفلت مني غيرك)([28])
ومن ذلك رؤيته الجمعة والساعة، ففي الحديث: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أتاني جبريل، وفي يده مرآة بيضاء فيها نكتة سوداء، قلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذه الجمعة، يعرضها عليك ربك، لتكون لك عيدا ولقومك، قلت: ما هذه النكتة السوداء فيها؟ قال: هذه الساعة)([29])
ومن ذلك ما اطلع عليه من أحوال البرزخ والجنة والنار، فعن الحسين بن علي قال: لما توفي القاسم ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قالت خديجة وددت لو كان الله أبقاه حتى يستكمل رضاعه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن تمام رضاعه في الجنة)، قالت: لو أعلم ذلك يا رسول الله يهون علي أمره، قال: (إن شئت دعوت الله عز وجل يسمعك صوته)، قالت: بل أصدق الله ورسوله([30]).
ومن ذلك ما روي في الحديث: بينما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حائط بني النجار على بغلة له، ونحن معه إذ جادت به فكادت تلقيه، وإذا بقبر ستة أو خمسة، فقال: (من يعرف أصحاب هذه الأقبر؟)، فقال رجل: أنا، فقال: قوم هلكوا في الجاهلية فقال: (إن هذه الامة تبتلى في قبورها، فلولا أن تدافنوا لدعوت الله عز وجل أن يسمعكم من عذاب القبر)([31])
ومن ذلك ما روي في الحديث: مر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على قبرين، فقال: (إنهما ليعذبان، أما أحدهما فكان لا يستبرئ من بوله وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة بين الناس)([32])
ومن ذلك ما روي في الحديث: كسفت الشمس، فصلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم حمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: (ما من شئ لم أكن رأيته الا رأيته في مقامي هذا حت الجنة والنار)([33])
ومن ذلك ما روي في الحديث: انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فصلى، ثم انصرف، فقالوا: يا رسول الله، رأيناك تناولت شيئا في مقامك هذا ثم رأيناك تكعكعت قال: (إني رأيت الجنة، فتناولت عنقودا، ولو أصبته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا، ورأيت النار فلم أر منظرا كاليوم قط أفظع)([34])
ومن ذلك ما روي في الحديث: صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات ليلة صلاة، فمد يده ثم أخرها فسألناه، فقال: (إنه عرضت علي الجنة، فرأيت قطوفها دانية، فأردت أن أتناول منها شيئا، وعرضت علي النار فيما بينكم وبيني كظلي وظلكم فيها)([35])
ومن ذلك ما روي في الحديث: أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقيع الغرقد، فوقف على قبرين ثريين، قال: (أدفنتم هاهنا فلانا وفلانة؟)([36]) قالوا: نعم، قال: (قد أقعد فلان الآن يضرب)، ثم قال: (والذي نفسي بيده، لقد ضرب ضربة سمعها الخلائق إلا الثقلين ولولا تمريج قلوبكم وتزيدكم في الحديث لسمعتم ما أسمع)، ثم قال: (الآن يضرب هذا)، ثم قال: (والذي نفسي بيده، لقد ضرب ضربة ما بقي منه عظم الا انقطع)، وقال: (تطاير قبره نارا)، قالوا: يا رسول الله، وما ذنبهما؟ قال: (أما هذا فانه كان لا يستبرئ من البول، وأما هذا فكان يأكل لحوم الناس)([37])
ومن ذلك ما روي في الحديث: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوما فأطال القيام، وكان إذا صلى لنا خفف، فرأيته أهوى بيده ليتناول شيئا ثم ركع بعد ذلك، فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (علمت أنه راعكم طول صلاتي وقيامي)، قلنا: أجل، يا رسول الله، وسمعناك تقول: (أي رب، وأنا فيهم؟)، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (والذي نفسي بيده، ما من شئ وعدتموه في الآخرة إلا قد عرض علي في مقامي هذا حتى عرضت علي النار، فأقبل منها حتى حاذى خبائي هذا فخشيت أن تغشاكم فقلت: أي رب، وأنا فيهم؟ فصرفها الله تعالى عنكم، فأدبرت قطعا كأنها الزرابي فنظرت نظرة، فرأيت عمر بن حرثان بن الحارث أحد بني غفار متكئا في جهنم على قوسه، ورأيت فيها الحميرية صاحبة القطة التي ربطتها، فلا هي أطعمتها ولا هي سقتها)([38])
ومن ذلك ما روي في الحديث: بينما نحن صفوفا خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الظهر أو العصر إذ رأيناه يتناول شيئا بين يديه في الصلاة ليأخذه، ثم يتناوله ليأخذه ثم حيل بينه وبينه، ثم تأخر وتأخرنا ثم تأخر الثانية وتأخرنا فلما سلم، قال أبي بن كعب: يا رسول الله، رأيناك اليوم تصنع في صلاتك شيئا لم تكن تصنعه، قال: (إني عرضت لي الجنة بما فيها من الزهرة والنضرة، فتناولت قطفا منها لاتيكم به، ولو أخذته لأكل منه من بين السماء والأرض لا ينقصونه فحيل بيني وبينه، ثم عرضت علي النار فلما وجدت حر شعاعها، تأخرت، وأكثر من رأيت فيها النساء اللاتي إن ائتمن أفشين، وإن سئلن أخفين، وإن أعطين لم يشكرن، ورأيت فيها لحي بن عمرو يجر قصبه في النار وأشبه من رأيت به معبد بن أكتم)، قال معبد: أي رسول الله يخشى على من شبهه فانه والد، قال: (لا، أنت مؤمن وهو كافر، وهو أول من جمع العرب على عبادة الاصنام)([39])
ابتسم عبد القادر، وقال: ذاك سليمان u، وقد عاش في واقع تطلب أن يكون بتلك المواصفات، ولذلك دعا ربه أن يهبه ملكا لا ينبغي لأحد من بعده([40])، فقال تعالى:{ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} (صّ:35)
وقد راعى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذه الدعوة، فقد روي بأسانيد مختلفة([41])أن رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلي صلاة الصبح، فقرأ فالتبست عليه القراءة، قال أبو الدرداء: قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فسمعناه يقول: (أعوذ بالله منك)، ثم قال: (ألعنك بلعنة الله ثلاثا)، وبسط يده كأنه يتناول شيئا، فلما فرغ من صلاته، قلنا يا رسول الله، قد سمعناك تقول في الصلاة شيئا لم نسمعك تقوله قبل ذلك، ورأيناك بسطت يدك، قال: (إن عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي)
فلما فرغ من صلاته قال: (لو رأيتموني وإبليس فأهويت بيدي فما زلت أخنقه حتى وجدت برد لعابه بين أصبعي هاتين الإبهام والتي تليها، ولقد هممت أن أوثقه إلى سارية، حتى تصبحوا وتنظروا إليه، فذكرت قول أخي سليمان:{ هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} (صّ: 35)، فرده الله تعالى خائبا، ولو لا دعوة أخي سليمان لأصبح مربوطا بسارية من سوراي المسجد تتلاعب به صبيان المدينة.
قام أجير بولس، وقال: فلم يرو عن محمد شيء مما يرتبط بطاقات سليمان من تسخير الأشياء له، وسماعه أصواتها.
عبد القادر: لا.. بل روي الكثير من ذلك..
بولس: تقصد قصة الحمار يعفور([42]).
عبد القادر: ومن الحمار يعفور؟
بولس: لقد حدث أبو منظور قال: لما فتح الله على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم خيبراً أصاب من سهمه أربعة أزواج من البغال وأربعة أزواج خفاف، وعشر أواق ذهب وفضة، وحمار أسود ومكتل.
قال: فكلم النبي صلى الله عليه وآله وسلم الحمار، فكلمه الحمار، فقال له: ما اسمك؟ قال: يزيد بن شهاب، أخرج الله من نسل جدي ستين حماراً كلهم لم يركبهم إلا نبي، لم يبق من نسل جدي غيري، ولا من الأنبياء غيرك، وكنت أتوقع أن تركبني، قد كنت قبلك لرجل يهودي، وكنت أعثر به عمداَ، وكان يجيع بطني ويضرب ظهري، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: سميتك يعفور، يا يعفور! قال: لبيك، قال تشتهي الإناث قال: لا.
فكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يركبه لحاجته، فإذا نزل عنه بعث به إلى باب الرجل، فيأتي الباب فيقرعه برأسه فإذا خرج إليه صاحب الدار أومأ إليه أن أجب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلما قبض النبي صلى الله عليه وآله وسلم جاء إلى بئر كان لأبي التيهان فتردى فيها، فصارت قبره جزعاً منه على الرسول.
ابتسم عبد القادر، وقال: هذه قصة مكذوبة على رسولنا.. وأنت تعلم أكثر مني أن كل دين يتعرض للكذابين الذين يريدون تشويهه بما يختلقون من الأكاذيب.
فإن كذبتني في هذا، فعليك تصديق كل الكتب المقدسة التي رمتها مجامعكم بحجة كونها مكتوبة من كذبة لا كتبة.
بولس: ومن قال لك بأن هذا الحديث مكذوب؟
عبد القادر: المحدثون الذي يعرفون الرواة، ويميزون بين الصادقين منهم والكاذبين.
لقد ذكر ابن الأثير أن القصة ضعيفة لا أصل لها، فقال: (هذا حديث منكر جداً إسناداً ومتناً لا أحل لأحد أن يرويه عني إلا مع كلامي عليه)([43])
وأورد الحافظ الكبير ابن حجر العسقلاني في كتاب لسان الميزان، باب من اسمه محمد بن مزيد هذه القصة كمثال الى الكذب الذي يرويه محمد بن مزيد، وأورد كلام الحافظ ابن حبان، فقال: (محمد بن مزيد أبو جعفر: عن أبي حذيفة النهدي ذكر ابن حبان أنه روى عن أبي حذيفة هذا الخبر الباطل )
ثم ذكر ابن حجر القصة كاملة، وقال: قال ابن حبان: هذا خبر لا أصل له، وإسناده ليس بشيء. وقال ابن الجوزي: لعن الله واضعه.
قال ذلك، ثم التفت إلى بولس مبتسما، وقال: لاشك أن الذي اختلق هذه القصة متأثر بالكتاب المقدس.
بولس: كيف عرفت ذلك؟
عبد القادر: لقد ورد فيه حديث أتان بلعام، وأنا أحفظ النص، وسأسمعك إياه: (فلما رأت الأتان ملاك الرب ربضت تحت بلعام. فثار غضب بلعام وضرب الأتان بالقضيب. عندئذ أنطق الرب الأتان، فقالت لبلعام: (ماذا جنيت حتى ضربتني الآن ثلاث دفعات؟) فقال بلعام: (لأنك سخرت مني. لو كان في يدي سيف لكنت قد قتلتك). فأجابته الأتان: (ألست أنا أتانك التي ركبت عليها دائما إلى هذا اليوم؟ وهل عودتك أن أصنع بك هكذا؟) فقال: (لا).
وقد قال كاتب رسالة بطرس الثانية (2: 16): (إن الحمار الأبكم نطق بصوت بشري، فوضع حدا لحماقة ذلك النبي!)
سكت قليلا، ثم قال: لقد ورد في النصوص أحاديث كثيرة تشير إلى ما سخر الله لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم من أشياء من الحيوانات وغيرها، سأسوق لكم بعضها كشواهد على ذلك:
فمن ذلك ما روي عن جابر بن عبد الله قال: سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى إذا نزلنا واديا أفيح فذهب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقضي حاجته، فاتبعته بإداوة من ماء، فنظر فلم ير شيئا يستتر به، فإذا شجرتان بشاطئ الوادي، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى إحداهما، فأخذ بغصن من أغصانها، فقال: (انقادي علي بإذن الله)، فانقادت معه كالبعير المخشوش الذي يصانع قائده حتى أتى إلى الشجرة الأخرى فأخذ بغصن من أغصانها، وقال: (انقادي علي بإذن الله تعالى)، فانقادت معه كالبعير المخشوش الذي يصانع قائده كذلك، حتى إذا كان بالمنصف مما بينهما لأم بينهما ـ يعني جمعهما ـ: فقال: (التئما علي بإذن الله)، فالتأمتا.
قال جابر: فخرجت أحضر مخافة أن يحس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقربي، فيبتعد، فجلست أحدث نفسي، فحانت مني لفتة، فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مقبلا، وإذا الشجرتان قد افترقتا، فقامت كل واحدة منهما على ساق، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقف وقفة، فقال برأسه هكذا يمينا وشمالا([44]).
ومن ذلك ما حدث به ابن مسعود قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة خيبر، فأراد أن يقضي حاجته، فقال: (يا عبد الله، انظر هل ترى شيئا)، فنظرت، فإذا شجرة واحدة، فأخبرته، فقال: (انظر هل ترى شيئا؟)، فنظرت شجرة أخرى متباعدة عن صاحبتها فأخبرته، فقال: (قل لهما: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمركما أن تجتمعا)، فقلت لهما، فاجتمعتا ثم أتاهما فاستتر بهما ثم قام، فانطلقت كل واحدة منهما إلى مكانها([45]).
ومن ذلك ما حدث به غيلان بن سلمة الثقفي قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرأينا منه عجبا، مررنا بأرض فيها إشات متفرق فقال: (يا غلام، ائت هاتين الاشاءتين فمر إحداهما تنضم إلى صاحبتها)، فانطلقت، فقمت بينهما، فقلت: إن نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمر إحداكما أن تنضم إلى صاحبتها، فنزل فتوضأ خلفهما، ثم ركب، وعادت تخد في الارض إلى موضعها([46]).
ومن ذلك ما حدث به أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال له في حجة الوداع: (انظر هل ترى من نخل أو حجارة؟)، فقلت: رأيت شجرات متفرقات ورضخا من حجارة، قال: (انطلق إلى النخلات فقل لهن: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمركن أن تدانين لمخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقل للحجارة مثل ذلك، فأتيتهن، فقلت لهن ذلك، فوالذي بعثه بالحق لقد جعلت أنظر إلى النخلات يخددن الارض خدا حتى اجتمعن، وإلى الحجارة يتقافزن حتى صرن رضخا خلف النخلات، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حاجته، وانصرف قال: (عد للنخلات والحجارة، فقل لهن: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمركن أن ترجعن إلى مواضعكن)([47])
ومن ذلك ما روي عن ابن عباس قال: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: بم أعرف أنك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: (أرأيت إن دعوت هذا العذق من هذه النخلة أتشهد أني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: نعم، فدعا العذق، فجعل العذق ينزل من النخلة حتى سقط على الارض، فأقبل إليه، وهو يسجد ويرفع ويسجد ويرفع حتى انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال له: (ارجع)، فرجع إلى مكانه، فقال: والله لا أكذبك بشئ تقوله بعد أبدا أشهد أنك رسول الله، وآمن([48]).
ومن ذلك ما وري عن ابن عباس قال: أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم رجل من بني عامر فقال: يا رسول الله، أرني الخاتم الذي بين كتفيك فإني من أطيب الناس، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ألا أريك آية؟)، قال: بلى، قال: فنظر إلى نخلة، فقال: ادع ذلك العذق، قال: فدعاه، فأقبل يخد الارض، ويسجد، ويرفع رأسه حتى وقف بين يديه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ارجع) فرجع إلى مكانه، فقال: أشهد أنك رسول الله وآمن([49]).
ومن ذلك ما روي عن ابن عمر قال: كنا في سفر، فأقبل أعرابي فلما دنا منه قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أين تريد؟)، قال: إلى أهلي، قال: (هل لك في خير؟)، قال: وما هو؟ قال: (تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله)، قال: هل لك من شاهد على ما تقول؟ قال: (هذه الشجرة)، فدعاها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهي بشاطئ الوادي، فأقبلت تخد الارض خدا فقامت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاستشهدها ثلاثا، فشهدت أنه كما قال، ثم رجعت إلى منبتها.
ورجع الاعرابي إلى قومه، وقال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن يتبعوني آتك بهم، وإلا رجعت إليك فكنت معك([50]).
ومن ذلك ما روي عن أنس قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم وهو جالس حزين قد خضب بالدماء ضربه بعض أهل مكة، فقال له: مالك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (فعل بي هؤلاء وفعلوا)، فقال له جبريل: كم تحب أن أريك آية؟ فقال: (نعم)، فنظر إلى شجرة من وراء الوادي، فقال: ادع تلك الشجرة فدعاها فجاءت تمشي حتى قامت بين يديه، قال: مرها فلترجع، فأمرها، فرجعت إلى مكانها، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (حسبي)([51])
ومن ذلك ما روي عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود قال: سألت مسروقا من آذن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالجن ليلة استمعوا القرآن، فقال: حدثني أبوك، قال: آذنته بهم شجرة([52]).
عن يعلى بن مرة قال: بينما نحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنزلنا منزلا، فنام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فجاءت شجرة استأذنت تشق الارض حتى غشيته، ثم رجعت إلى مكانها، فلما استيقظ ذكرت له ذلك، فقال: (هي شجرة استأذنت ربها عز وجل أن تسلم علي فأذن لها([53])
ومن ذلك ما روي عن بريدة قال: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله قد أسلمت فأرني شيئا أزداد به يقينا، قال: (ما الذي تريد؟)، قال: ادع تلك الشجرة، فلتأتك، قال: (اذهب فادعها)، فأتاها الاعرابي، فقال: أجيبي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فمالت على جانب من جوانبها، فقطعت عروقها، ثم مالت على الجانب الاخر فقطعت عروقها حتى أتت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: السلام عليك يا رسول الله، فقالت: (بم تشهدين، يا شجرة؟)، قالت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك عبد الله ورسوله، قال: (صدقت)
فقال الاعرابي: حسبي حسبي، مرها فلترجع إلى مكانها، فقال: (ارجعي إلى مكانك، وكوني كما كنت)، فرجعت إلى حفرتها، فجلست على عروقها في الحفرة، فوقع كل عرق مكانه الذي كان فيه، ثم التأمت عليها الارض، فقال الاعرابي: أتأذن لي يا رسول الله أن أقبل رأسك ورجليك، ففعل، ثم قال: أتأذن لي أن أسجد لك؟ فقال: (لا يسجد أحد لأحد)([54])
ومن ذلك ما روي عن تنكيس الاصنام حين أشار إليها صلى الله عليه وآله وسلم،ومما روي في ذلك:
أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما دخل مكة وجد بها ثلثمائة وستين صنما، فأشار إلى كل صنم بعصا، فقال:{ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً} (الاسراء: 81) { جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} (سـبأ: 49)
فكان لا يشير إلى صنم إلا سقط من غير أن يمسه بعصا([55]).
وفي رواية: دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم فتح مكة وحول البيت ثلثمائة وستون صنما، فأخذ بقوسه، فجعل يهوي إلى صنم صنم وهو يهوي حتى مر عليها كلها.
***
ما وصل عبد القادر من حديثه إلى هذا الموضع حتى التف الجمع حوله يسألونه عن محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعن الدين الذي جاء به.
أما أنا وبولس، فقد انصرفنا.. ومعي بصيص جديد من النور
اهتديت به بعد ذلك إلى شمس محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
([1]) هذا نص ما ورد من هذه المعجزة في إنجيل متى: « وبعدما صرف الجموع صعد إلى الجبل منفردا ليصلي. ولما صار المساء كان هناك وحده. وأما السفينة فكانت قد صارت في وسط البحر معذبة من الأمواج. لأن الريح كانت مضادة. وفي الهزيع الرابع من الليل مضى إليهم يسوع ماشيا على البحر. فلما أبصره التلاميذ ماشيا على البحر اضطربوا قائلين: «إنه خيال». ومن الخوف صرخوا! فللوقت قال لهم يسوع: «تشجعوا! أنا هو. لا تخافوا». فأجابه بطرس: «يا سيد، إن كنت أنت هو، فمرني أن آتي إليك على الماء». فقال: «تعال». فنزل بطرس من السفينة ومشى على الماء ليأتي إلى يسوع. ولٰكن لما رأى الريح شديدة خاف. وإذ ابتدأ يغرق صرخ: «يا رب نجني». ففي الحال مد يسوع يده وأمسك به وقال له: «يا قليل الإيمان، لماذا شككت؟» ولما دخلا السفينة سكنت الريح. والذين في السفينة جاءوا وسجدوا له قائلين: «بالحقيقة أنت ابن اللٰه» (متى 14: 22-33)
([2]) وفي رواية: إن الله سبحانه تعالى أرسل إلى النبي r ملكا من الملائكة حجزته تساوي الكعبة، ما هبط على نبي قبلي، ولا يهبط على أحد بعدي، وهو إسرافيل عليه السلام، فقال: وأكمل الحديث.
([3]) رواه أبو نعيم وابن عساكر من طرق عن ابن عباس موقوفا، وابن سعد عن عائشة، وأبو نعيم عن ابن عمر مرفوعا.
([4]) رواه ابن سعد.
([5]) رواه أبو داود والترمذي.
([6]) رواه ابن أبي شيبة وعلي بن عبد القدير البغوي.
([7]) رواه ابن الأعرابي.
([8]) رواه ابن سعد.
([9]) رواه الدارمي.
([10]) رواه أبو الشيخ عن ابن عباس، وابن سعد عن أنس.
([11]) رواه الترمذي.
([12]) رواه أحمد في الزهد، وابن عساكر – وقال هذا حديث مرسل – وقد جاء معناه في الأحاديث المسندة.
([13]) رواه ابن ماجه.
([14]) رواه ابن ماجه.
([15]) رواه أبو بكر بن أبي شيبة.
([16]) رواه أبو داود، وابن ماجه، وابن حبان، وقاسم بن ثابت، والطبراني عن أبي سعيد وغيره من الصحابة.
([17]) رواه مسلم.
([18]) رواه ابن حبان.
([19]) رواه البخارى.
([20]) رواه البخاري ومسلم.
([21]) رواه ابن سعد.
([22]) رواه أحمد والطبراني.
([23]) رواه البخاري ومسلم.
([24]) رواه أبو داود الطيالسي.
([25]) انظر: الإسلام يتحدى، لوحيد الدين خان.
([26]) رواه البخاري ومسلم.
([27]) رواه الطبراني.
([28]) رواه أحمد في الزهد عن عطاء بن يسار مرسلا.
([29]) رواه البزار وأبو يعلى والطبراني وابن أبي الدنيا من طرق جيدة.
([30]) رواه ابن ماجه.
([31]) رواه مسلم.
([32]) رواه مسلم.
([33]) رواه البخاري.
([34]) رواه البخاري.
([35]) رواه الحاكم.
([36]) أو قال:« فلانا وفلانا؟»
([37]) رواه ابن خزيمة في كتاب السنة.
([38]) رواه الطبراني باسناد جيد.
([39]) رواه أحمد، ورواه أيضا عن أبي بن كعب.
([40]) حاولنا في رسالة (مفاتيح المدائن) من (رسائل السلام) أن نبين المعاني السامية التي يتضمنها هذا الدعاء، فانظره فيها.
([41]) رواه مسلم عن أبي الدرداء، وأحمد بسند حسن عن ابن أبي شيبة، وأبو داود عن أبي سعيد الخدري، وجابر والنسائي عن عائشة.
([42]) من الشبه الخطيرة التي يوردها المسيحيون في مواقعهم.
([43]) أسد الغابة:4 / 707.
([44]) رواه مسلم وأبو نعيم والبيهقي.
([45]) رواه أبو نعيم ورواه ابن سعد عن عطاء مرسلا.
([46]) رواه أبو نعيم وابن عساكر.
([47]) رواه أبو يعلى وأبو نعيم.
([48]) رواه البخاري في التاريخ والترمذي وصححه وأبو يعلى وابن حبان.
([49]) رواه أحمد والبخاري في تاريخه والترمذي والحاكم وصححاه وأبو نعيم.
([50]) رواه الدارمي وابن حبان والحاكم وصححاه وقال الذهبي إسناده جيد.
([51]) رواه أحمد وابن ماجه بسند صحيح، ورواه ابن سعد عن عمر وفيه: فسلمت عليه، انظر: ابن كثير في البداية 6 / 142.
([52]) رواه البخاري ومسلم.
([53]) رواه أحمد والبيهقي وأبو نعيم.
([54]) رواه البزار وأبو نعيم.
([55]) رواه البخاري ومسلم عن ابن مسعود والامام أحمد وأبو نعيم والبيهقي عن ابن عباس وابن إسحاق والبيهقي عن علي وأبو نعيم والبيهقي من طريق نافع عن ابن عمر.