الهداية

ما وصل محمد الوارث من حديثه إلى هذا الموضع حتى صاح أصحابي جميعا بصوت ممتلئ بجشرجة الدموع (محمد رسول الله)
وفي ذلك المساء.. أخبرني أصحابي جميعا أنه حصل لهم ما حصل لمحمد الوارث من الفتح، ومن ارتداء حلة الوراثة النبوية.
قلت: وأنت!؟.. كيف رغبت عن سبيلهم؟
قال: أنا لم أرغب عن سبيلهم.. فما كان لدي من المعرفة بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم يجعلني أصيح أكثر مما صاحوا.. ولكني كنت كمن قيد بأغلال منع من الحراك بسببها.
لقد ذكرت لك في بداية رحلتي لأشعة شمس محمد صلى الله عليه وآله وسلم أن الحجب الكثيفة التي حالت بيني وبينه، لم تكن حجب قهر، بل كانت حجب رحمة، فلذلك سرت باحثا عنه إلى أن وصلت إلى الشمس التي لا تنكسف، والنور الذي لا تطيق جميع ظلمات الدنيا أن تطفئه.
قلت: فكيف استقبلوك في الفاتيكان، وقد حصل ما حصل؟
قال: لقد استقبلوني كما يستقبل الفاتحون..
قلت: عجبا.. أبعد كل ذلك استقبلوك استقبال المنتصر؟
قال: لقد هنأوني على ثباتي في وجه الأعاصير التي كانت تهب من قبلة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ومن قبلة ورثته.
قلت: فهل بثثت لهم خبر الوارث؟
قال: أجل.. لقد ذكرته لهم بكل تفاصيله.
قلت: فهل صاحوا بما صاح به أصحابك؟
قال: كلا.. فلم يكن لهم من الصدق والإرادة ما يتيح لهم أن يفعلوا ذلك.
قلت: فما فعلوا بما أخبرتهم به؟
قال: لقد سجلوا كل ما ذكرته لهم.. ثم راحوا بكل مجاهرهم ومراقبهم يدرسونه حرفا حرفا.
قلت: أليكتشفوا من الأشعة ما لم تكتشفه؟
قال: ليتهم يفعلون ذلك.
قلت: فما فعلوا؟
قال: لقد راحوا يبحثون عن الثغرات التي يقتحمون بها حصون الورثة، وحصون الوراثة النبوية..
قلت: لم؟
قال: لأنهم أدركوا أن صفاء محمد صلى الله عليه وآله وسلم وسلامه وعدله ورحمته وجميع القيم السامية التي حملها مرتبطة بوجود ورثته.. فما دام ورثته يحملون هذه الصفات، فإنه يستحيل تشويه محمد صلى الله عليه وآله وسلم أو دينه.
قلت: فهل وجدوا من الثغرات ما يسمح لهم بذلك؟
قال: لم يجدوا..
قلت: فقد يئسوا إذن؟
قال: كلهم ييأس.. ما عدا من يخدم مخططات الشيطان، فإنه لن ييأس.. إنه لا يتقوت إلا بذلك.
قلت: فما فعلوا؟
قال: لقد راحوا يؤسسون معاهد الورثة الجدد.. وهي معاهد تخرج أصنافا من الورثة بينهم وبين محمد صلى الله عليه وآله وسلم طفرات كثيرة..
قلت: فكيف اهتدوا إلى ذلك؟
قال: ألا تعلم أن
ألا تعلم أن علم الوراثة ابتدأ من الكنيسة؟
قلت: بلى.. فمندل صاحب قوانين الوراثة كان رجل دين.
قال: لقد أتقن قومنا من ذلك الحين فن التلاعب بالجينات.. وفن الهندسة الوراثية.. فلذلك راحوا ينشئون ورثة بهذا الأسلوب.. هم يحملون صورة محمد لكن بقلوب أبي جهل وتفكير أبي لهب.
قلت: أعرف ذلك.. وأعرف جناية هؤلاء على محمد صلى الله عليه وآله وسلم ودين محمد صلى الله عليه وآله وسلم.. وأتأسف لذلك.
قال: لا تتأسف.. إن ذلك مجرد ضباب سرعان ما ينقشع.. لن يبقى على هذه الأرض إلا الحقائق.. ألم تسمع قول الله تعالى:{ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ } (الرعد: 17)؟
قلت: بلى..
قال: فكذلك هؤلاء سيتبخرون كما تبخرت كل الأوهام.. سيأتي اليوم الذي تطل فيه شمس الحقائق.. في ذلك اليوم سيظهر الله دينه على الدين كله.
قلت: أقريب هو؟
قال: هو قريب جدا.. لا نحتاج للوصول إليه إلا الاهتداء بنجوم الهداية التي تركها لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.