المقدمة

المقدمة

تتناول هذه الرواية أعقد مشكلة في الواقع بكل جوانبه النفسية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها.. وهي مشكلة الصراع الذي تنفخ فيه جميع شياطين الإنس والجن، ليعيش الإنسان محجوبا عن ربه، وعن عوالم الجمال التي خلقها له ربه.

وهي – كما تصف الواقع بمرارته وآلامه – تحاول أن تضع بين يدي القارئ أنوار السلام الجميل التي أنقذ الله بها عباده عبر رسله الكرام، وأولياءه العظام.

فهي تصف – بحيادية تامة- واقع الصراع بآلامه وهمومه وأحزانه.. كما تصف واقع السلام بكل آماله وأفراحه وسعادته.

والسلام الذي تصفه هذه الرواية هو المنطلق من الدين الإلهي الحقيقي.. لا الدين البشري المزيف الذي تفننت الشياطين في صناعته، وحاولت أن تخلطه بدين الله..

والعلامة الفارقة بين الدين الإلهي والدين البشري – كما تصفه الرواية – هو الصراع.. فحيثما يكون الصراع تكون الشياطين.. وحيثما يكون السلام والطمأنينة يكون الدين الإلهي، كما قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28]

والرواية من عشرة فصول، ولكل فصل منها قصة مستقلة، يحكيها رجل من الرجال العشرة الذين ألقت عليهم القبض بعض الجماعات الإرهابية التي تمثل التزييف الذي أوقعه الشيطان في الدين الإلهي، ليصبغ مشروعه المدمر بصبغة الله.

وقد كان هؤلاء العشرة ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام الصادر بحقهم.. لكنهم في نهاية الرواية ينجون بأعجوبة.. ويكتشفون العلاقة بين الإرهابيين والشياطين التي تدير الصراع في العالم.

ويمكن تقسيم الصراع والسلام في الرواية إلى قسمين:

الأول: الصراع والسلام الداخليان، وهما اللذان ينطلقان من الأنا وجميع القوى التي تشكلها من العقل والقلب والنفس.. وهي ما يتضمنه الجزء الأول من الرواية.

الثاني: الصراع والسلام الخارجيان، وهما اللذان يشملان جميع علاقات الإنسان الخارجية ابتداء من الأسرة، وانتهاء بالله.. وهي ما يتضمنه الجزء الثاني من الرواية.

ونحب أن ننبه هنا إلى ما يلي:

1 ـ أن الشخصيات التي نعتمدها في الرواية، والتي تمثل طوائف مختلفة، لا تعني أننا نقبلها في كل شيء أو نرفضها في كل شيء.. وإنما اخترناها لمناسبة بينها وبين ما نطرحه من رؤى وأفكار.. فنقبلها أو نرفضها من تلك الناحية، لا من غيرها من النواحي. 

2 ـ أن مقصودنا بالدين الإلهي أو المشروع الإلهي هو الإسلام المحمدي الأصيل الذي يمثله القرآن الكريم النور الممتد من السماء إلى الأرض.. ويمثله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عبر سنته الصحيحة التي تتوافق مع القيم القرآنية والفطرية.. لا السنة التي عبث بها الوضاعون والمتلاعبون الذين مزج بهم الشيطان مشروعه بدين الله.

3 ـ أننا في ذكرنا للصراع لا نبرئ هذه الأمة من كونها عاشت الصراع، ولا تزال تعيشه بسبب الدخن الذي ألبسه الشيطان بدينها الأصيل.. وبسبب بعدها عن التمسك بالصراط المستقيم الذي أوصى به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمته.. ولهذا فإن السلام الإسلامي الذي نشيد به في الرواية هو سلام الإسلام الإلهي، لا الإسلام التاريخي أو التراثي الذي امتزج فيه الإلهي بالشيطاني، كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك في نبوءاته الكثيرة.

4 ـ أن المقصود في الرواية هو الأفكار التي تحملها، وليس الأحداث، فالأحداث ليست سوى رموز تحاول أن تصل إلى الحقيقة بطريقة سهلة لينة رقيقة، كما هو عنوان السلسلة [حقائق ورقائق]

د. نور الدين أبو لحية

كاتب، وأستاذ جامعي، له أكثر من مائة كتاب في المجالات الفكرية المختلفة، وهو مهتم خصوصا بمواجهة الفكر المتطرف والعنف والإرهاب، بالإضافة لدعوته لتنقيح التراث، والتقارب بين المذاهب الإسلامية.. وهو من دعاة التواصل الإنساني والحضاري بين الأمم والشعوب.. وقد صاغ كتاباته بطرق مختلفة تنوعت بين العلمية والأكاديمية والأدبية.

You may also like...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *