المقدمة

هذا الكتاب من الكتب التي حاولت فيها – من خلال الأدلة الكثيرة – أن أبين البراهين التي ينطوي عليها القرآن الكريم، والتي تبين أن مصدره هو الله خالق هذا الكون، وما فيه، ذلك أنه يستحيل – من الناحية العقلية – أن تتنزل أمثال تلك الحقائق العلمية الكثيرة – التي قضت البشرية كل عمرها في البحث عنها – في تلك البيئة البدوية البسيطة من ذلك الزمان الذي عم فيه الجهل والخرافة والأساطير.
وهي تتوجه كذلك لأولئك الحمقى والمغفلين من المسلمين الذين لم تهضم عقولهم المقيدة بداء الجهل والكبر المكتشفات العلمية، ولم تستسغ أن تخالف ما ورثوه عن سلفهم من فهوم حول الآيات المرتبطة بالحقائق العلمية، فلذلك راحوا يحاربون هذا النوع من تدبر القرآن الكريم وتفعليه في الحياة، والاستفادة منه في نشر الهداية.
ولذلك اعتمدت في قالبها الروائي على هذه العقدة، والتي مثلها أبطال الرواية جميعا:
الشيخ صاحب القصة: وهو شخصية مسيحية من رجال الدين، وقد كلف بمهمة متابعة مؤتمر علمي في بعض البلاد الإسلامية تبناه مشايخ تقليديون يريدون من ورائه الرد على دعاة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، لكنه بعد أن عرف الحقيقة آمن بها، واهتدى، وهو الذي حكى القصة بأكملها للمؤلف.
علي: وهو يمثل دور العالم الذي جمع بين فهم القرآن الكريم وتدبره، والمعارف العلمية المختلفة، وهو يمثل في هذه الرواية دور الداعية الذي استطاع أن يوظف الإعجاز العلمي للقرآن الكريم ليبث الهداية في نفوس العلماء الأجانب، وقد نجح في الأخير في تحقيق ذلك.
حذيفة: وهو يمثل في بدايته دور المنكر للإعجاز العلمي للقرآن الكريم، والمتخوف منه، لكنه بعد صحبته لعلي في الأيام العشرة التي التقى بها العلماء من جميع التخصصات، اقتنع بمنهج علي واتبعه.
العلماء العشرة: وهم علماء من مختلف التخصصات، نفروا من الدين بسبب ما رأوه في الكتاب المقدس من أخطاء علمية كبيرة، لكنهم بعد أن اكتشفوا الحقائق العلمية الواردة في القرآن الكريم لم يجدوا إلا أن يسلموا لها في الأخير.
هؤلاء هم أبطال الرواية، أما الحقائق التي اهتمت هذه الرواية بذكرها، فهي كثيرة جدا، وقد قسمتها كالكثير من أمثال هذا النوع من الروايات إلى عشرة أقسام ابتدأت بالإعجاز العلمي الوارد في خلق السماء والتفاصيل الكثيرة المرتبطة بها.. ثم في خلق الأرض.. ثم في الحياة.. ثم في الماء.. ثم في النبات.. ثم في الحيوان.. ثم في الإنسان.. ثم في الغذاء.. ثم في الدواء.. ثم في الآثار.
وهي بذلك تعتبر موسوعة علمية لأهم ما اكتشف من نواحي الإعجاز العلمي في القرآن الكريم إلى الوقت الذي كتبت فيه هذه الرواية، وتتميز بأنها حاولت أن تجعل منها منظومة متكاملة، لأن الإعجاز لا يتم بالشاهد والشاهدين.. بل يحتاج إلى الأدلة الكثيرة، والشواهد المتعددة.
وقد حاولت أن أركز قدر الإمكان على القضايا الكبرى القطعية، سواء من الناحية العلمية، أو مما ورد للدلالة عليه من القرآن الكريم.
وتتميز هذه الطبعة الجديدة باختصارها مقارنة بالطبعة السابقة، فقد حذفت الكثير من التفاصيل العلمية التي قد تجهد القارئ العادي في فهمها أو الاستفادة منها.
وفي الأخير .. أشكر كل الذين نوهوا بالطبعة السابقة، أو دعوا إلى دراستها، أو قرروها في المحال التي يدرسون فيها، وهي بفضل الله جديرة بذلك، فهي لا تكتفي بعرض الحقائق، بل تبين كيفية إقناع الآخرين بها، والآداب المرتبطة بكل ذلك.