المقدمة

تهدف هذه الرواية إلى نفس الأهداف التي هدف إليها ما قبلها من الروايات من سلسلة [حقائق ورقائق]، وهي إثبات أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي يجيب عن كل التساؤلات التي يطرحها العقل الإنساني، ويحتار في الإجابة عليها.
ومن أهم تلك التساؤلات التساؤل عن الإنسان، وحقيقته، ووظيفته، وطاقاته التي زود بها، ولم زود بها، وكيف يستخدمها، وما هي نتيجة استخدامه لها.
وهذا النوع من الأسئلة يجاب عليه عادة في كتب الأخلاق والسلوك والتصوف، ولهذا كانت هذه الكتب هي مراجعنا الكبرى، وقد اقتصرنا منها على ما يسمى [الحكمة العملية]، أو [العرفان العملي] أو [السلوك التخلقي والتحققي]، أما المسائل النظرية المرتبطة بحقيقة الإنسان، وترتيبه في سلم الوجود، ونحو ذلك، فإننا لم نتطرق لها في هذه الرسالة لأسباب كثيرة.
لعل أهمها أن فهم أكثر تلك المسائل مرتبط بالسلوك التحققي والتخلقي.. لأن المعارف المرتبطة بها معارف ذوقية، وهي من النوع الذي لا يمكن التعبير عنه، ومن عبر عنه سيقع في الخطأ لا محالة.
بالإضافة إلى أن الكثير من تلك المعارف المبثوثة في كتب العرفان والتصوف تختلط بالأوهام والثقافات المختلفة، ومن الصعب التمييز بينها..
لذلك كان الأسلم والأحكم الاكتفاء بما ورد في النصوص المقدسة من التعريف بحقيقة الإنسان، وصفاته ووظائفه([1]) .. والاكتفاء بما ورد في التراث الإسلامي من تجارب علماء الأخلاق والسلوك.
ولهذا فقد كان ا بالدرجة الأولى على ما ورد في النصوص المقدسة فيما يتعلق بهذه الجوانب.. وخصوصا القرآن الكريم، والسنة الصحيحة الموافقة للقرآن.
ومن كتب التراث كان اعتمادنا الأكبر على كتاب [إحياء علوم الدين]، لاعتبارات مختلفة.. أولها أنه كتاب متفق عليه عند مدارس الأمة جميعا، ولهذا كنا نرجع إليه، ونقارن ما فيه بما في كتاب [المحجة البيضاء] للفيض الكاشاني.
بالإضافة إلى أن الغزالي في كتابه ذلك، نقل كل ما أورده سلفه في أمثال هذه المسائل من أمثال [قوت القلوب] لأبي طالب المكي، و[الرعاية لحقوق الله] للحارب المحاسبي، وغيرها.
بالإضافة إلى أن أكثر ما كتبه المتأخرون في أمثال هذه المسائل منقول بالحرف أو المعنى من كتب الغزالي.
وقد حرصنا في هذه الرواية ـ كما في غيرها من الروايات ـ أن يكون أبطالها من جميع المذاهب والمدارس الإسلامية ممن اهتموا بالأخلاق والسلوك، وتركوا فيها آثارا، بناء على حرصنا على الوحدة الإسلامية، وذلك لا يعني أننا نوافق هذه الشخصيات في كل ما سلكته أو رأته من آراء.
ونحب أن نبين في الأخير أننا اختصرنا الكلام في بعض
القضايا في هذه الرواية، لا لعدم أهميتها، وإنما لأننا خصصنا لها كتبا خاصة بها،
وخاصة في سلسلة [رسائل السلام] التي تتناول بأجزائها جميعا هذا النوع من المسائل.
([1]) تحدثنا عن حقيقة الإنسان ومكوناتها المختلفة في كتاب [سلام للعالمين] من هذه السلسلة.