البداية

في ذلك اليوم، استيقظت على أصوات كثيرة مختلطة أنشأت في نفسي مشاعر مختلفة متناقضة ممتلئة بالصراع.. سأحكيها لكم كما سمعتها.. فليس من العدل أن أذكر لكم النتيجة دون أن أذكر مقدماتها.
كان أول صوت سمعته فخما قويا ممتلئا بالأصداء التي تزرع المهابة والوجل، بل تكاد تزرع الرعب نفسه.. كان هذا الصوت على ما يبدو يخاطب جمعا لا يكاد يسمع له صوت.. وكان يقول لهم بنبرته القوية: هل أحضرتم بطاقاتكم معكم؟
قالوا جميعا بصوت واحد، وكأنهم جنود في ثكنة: أجل.. وقد حفظنا كل ما لقنته لنا.
رد عليهم: اذكروا لي ما تقولون عند مدخل قاعة الانتخاب.
قالوا بصوتهم الضعيف الذي لا يكاد يسمع: سنصيح بحياتك..
رد عليهم: وماذا تقولون غير هذا؟
قال أحدهم: أنا سأقول: هيا انتخبوا ـ أيها الجموع ـ من أرسله الله لينقذ الفقراء..
قال آخر: وأنا سأقول بعده: انتخبوا من سينشر العدل.. فلا نسمع بجور، ولا نرى مظلوما.
قال آخر: وأنا سأقول: انتخبوا من سينشر الفضلة.. ويميت الرذيلة.. ويحيي المكارم التي أماتها المفسدون من الذين سبقوه إلى كراسي المسؤولية التي لا يستحقونها.
قال آخر: وأنا سأقول: انتخبوا ابن الشعب.. ذلك الذي نبت مع الشعب.. وعاش مع الشعب.. وهو لا يحن إلا لخدمة الشعب.
قال آخر: وأنا سأقول: انتخبوا ذلك القوي الذي يخلصكم من سلطة المستكبرين.. ويرفع عنكم بما أوتي من قوة قيود الاستبداد التي قيدكم بها الأباطرة.
قال آخر: وأنا سأقول: انتخبوا ذلك الخبير في السياسة.. الداهية فيها.. فلا يصلح حالنا إلا الدهاة.
قال آخر: وأنا سأقول: انتخبوا ذلك الخبير في الاقتصاد.. الراسخ فيه.. رجل الأعمال الذي لا يرضى عن شركة إلا سبقت.. ولا يسخط على أخرى إلا سقطت.
قال آخر: وأنا سأقول: انتخبوا ذلك الألمعي العبقري.. من ملأه الله بالمواهب التي تفرقت في جميع العباقرة.. فله علم داود، وحكمة سليمان، وحنان يحي، ورحمة المسيح، وعدل أنيشروان..
قال آخر: وأنا سأقول: انتخبوا ذلك الذي يحمل الياقوت الأحمر، والدر الأزهر، والزبرجد الأخضر، والعنبر الأشهب، والعود الرطب الأنضر.. ويحمل مع ذلك كله الترياق الأكبر، والمسك الأذفر.
قال آخر: وأنا سأنشد بصوتي الرخيم الذي تعرفه ـ مشيرا إلى صورتك التي أحملها ـ قول ابن حبناء في المهلب بن أبي صفرة لما هزم قطري بن الفجاءة:
أمسى
العباد بشر لا غياث لهم |
إلا المهلب بعد الله والمطر | |
كلاهما طيب
ترجى نوافله |
مبارك سيبه
يرجى وينتظر |
بعد أن أنهى الرجل قصيدته بصوته الرخيم صاح الصوت القوي، وقد هزته نشوة ما سمعه: أحسنتم.. أحسنتم جميعا.. لقد حفظتم كل ما لقنتم إياه.. لكن انتبهوا.. سترون آخرين قد يصيحون بمثل ما تصيحون.. أولئك المجرمون المرتزقة الذين رضوا أن يجندوا أنفسهم لخصمي العنيد الذي طالما عكر أحلامي.
***
انصرف الجمع.. وحل بدله جمع آخر.. لم أسمع منه إلا أصواتا ضعيفة هزيلة لا تكاد تبين:
قال أحدها: ألم يكفهم أن امتصوا دماءنا.. واستلبوا أرضنا.. وأحالوا حياتنا جحيما لا يطاق؟
قال آخر: هم يريدون منا بعد هذا أصواتنا.
قال آخر: لقد ظللنا طول عمرنا نعطيهم من الأصوات ما يطلبون.. لكنا لم نجن شيئا.. لم نجن إلا المواعيد التي لم تغن عنا شيئا.
قال آخر: لقد ظللت طول عمري ذيلا من أذيالهم.. فلما أصابني ما أصابني الله به من العاهة طردوني كما يطرد الكلب العقور.
قال آخر: وأنا لم يكتفوا بطردي.. بل راحوا يفرضون علي من الإتاوات ما ملأني بالفاقة والعجز.. وهم ـ مع هذه الحال التي وصلت إليها ـ لا يكفون عن مطالبتي.. ولو وجدوا في دمائي ما يسد شرههم لامتصوا دمائي.
قال آخر: لقد حصل معي ذلك.. فبعد أن عجزت أن أقضي ما علي نحوهم من ديون ـ على حسب ما يعتقدون ـ راحوا يعبثون بجسدي.. فانتزعوا كليتي.. وكادوا ينتزعون قلبي لولا أنهم وجدوا فيه من العطب ما يحول بينهم وبينه.
قال آخر: فهل ستنتخبون؟
قالوا جميعا بصوت واحد: أجل.. لقد فرض ذلك علينا فرضا.. ولا نملك إلا أن نؤدي الفرائض.. فلن تتحقق الديمقراطية ولا العدالة إلا بأصواتنا.
***
قالوا ذلك، ثم انصرفوا لأسمع بعدهم أصواتا تبدو كأصوات المراهقين المشاغبين.. يختلط فيها الجد بالهزل.. والكلام الفصيح بالصياح القبيح:
قال أحدهم: احزروا كم أكلت اليوم من وجبة.
رد عليه أحدهم: مهما أكلت.. فلن تأكل مثلي.. لقد أكلت اليوم في مقر حزب اليمين.. وفي مقر حزب الشمال.. وفي مقر حزب المغامرين.. وفي مقر حزب الحكماء.. وفي مقر حزب الشباب.. وفي مقر حزب الشيوخ.. وفي مقر حزب العمال.. وفي مقر حزب البطالين.
قال له آخر، وهو يضحك: ما أكثر حديثكم عن الأكل.. أنا لا يهمني الأكل.. أنا يهمني المال.. لقد أعطاني حزب الثروة مالا كثيرا يكفيني أياما طويلة..
قالوا له: مقابل ماذا؟
قال: مقابل صوتي كما تعلمون.. فأنتم تعلمون أنا لا نساوي شيئا في كل الأيام إلا أيام الانتخابات.. لقد جنيت في الانتخابات الماضية مالا من حزب الثورة.. وأنا اليوم أجني من منافسه الخطير حزب الثروة.
قال آخر: عجبا لهؤلاء.. ما الذي يجعلهم يصرفون تلك الأموال الكثيرة من أجل أوراق توضع في صناديق.
قال آخر: والعجب الأكبر هو أن كل الذين يظهرون اليوم.. ويسيرون بيننا بكل تواضع.. بل بكل مذلة لا نراهم بعد هذا اليوم إلا بعد أن تأتي انتخابات جديدة..
قال آخر: دعونا من السياسة.. فلا ناقة لنا فيها ولا جمل.. وهلموا بنا نصرف بعض ما جنيناه من مال فيما تشتهيه أنفسنا.
قالوا ذلك.. ثم انصرفوا يصيحون ويصفرون ويولولون..
***
بعدها حضر اثنان بالكاد تبينت صوتهما:
قال أحدهما ـ وكان اسمه الحجاج على حسب ما علمت بعد ذلك ـ: لقد فعلت كل ما طلبته مني يا يزيد.. ولن يفوز اليوم في هذه الانتخابات غيرك.. لقد جندت القعقاع بن شور الذهلي، وشبيب بن ربعي التميمي، ومجاز بن أبي أبجر العجلي، وشمر بن ذي الجوشن الضبابي.. وغيرهم ممن كانوا مجندين عند غيرنا.. كلهم اليوم جندك.. وكلهم اليوم لا يصيح إلا باسمك.
قال الثاني: أنا لا أثق في أولئك المنافقين.. لقد تعاملت معهم كثيرا.. ولكني لم أر منهم إلا ما يمكن أن أرى منك.. تبيعونني جميعا بأبخس الأثمان.
قال الأول: كيف تقول لي هذا؟.. ألا تعلم التضحيات الكثيرة التي قدمتها لك؟
قال الثاني: كل شيء بثمنه.. أنت تضحي ما دمت أدفع.. فإذا توقفت أنا توقفت أنت..
قال الأول: لا.. لا تقل هذا.. معاملتي معك مختلفة تماما.. نعم أنا أقبض.. وأقبض كثيرا.. ولكن ليس لأجل القبض صرت من أنصارك.. بل من أجل تلك القيم النبيلة التي تحملها.
ضحك الثاني، وقال: دعنا من النفاق.. فنحن الآن وحدنا.
قال الأول: أنا لا أنافق.. أنا أعبر لك عما في نفسي.
قال الثاني: أنا أعلم بما في نفسك منك.. أنت عندي لا تختلف عن الحجاج.. وهو مصدر تقريبي لك، وإعجابي بك.. أتدري لم آثر عبد الملك بن مروان الحجاج على غيره؟
قال الأول: أجل.. أعلم ذلك.. وقد ذكرته لي في أول لقاء لي بك .. لقد ذكرت لي أن عبد الملك بن مروان قال للحجاج بن يوسف: ما من أحد إلا وهو عارف بعيوب نفسه، فعب نفسك، ولا تخبئ منها شيئا، فقال: يا أمير المؤمنين.. أنا لجوج حقود حسود، فقال له عبد الملك: إذا بينك وبين إبليس نسب، فقال: يا أمير المؤمنين إن الشيطان إذا رآني سالمني.
قال الثاني: أضف إلى هذا ما روي عن سميك الحجاج أنه قال لرجل، وقد أراد أن ينفذه في بعض أموره: أعندك خير؟ قال : لا ولكن عندي شر.. فقال الحجاج: إياه أردت.. وأنفذه فيه.
ضحكا جميعا، ثم انصرفا.
***
سرت هذه الأصوات من أذني إلى قلبي.. فملأتني بالألم.. لقد ذكرت حينها قوله صلى الله عليه وآله وسلم : (لا تقوم الساعة حتى تمتلئ الأرض ظلما وعدوانا، ثم يخرج رجل من أهل بيتي فيملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وعدوانا )([1])
لقد تحققت نبوءة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في شقها الأول.. فها هي الأرض تمتلئ ظلما وجورا وعدوانا..
لقد صار الجور هو الشيطان الأكبر الذي اعتلى عرش البشرية.. فهو يعطي قراراته في جميع مجالسها ومجامعها وهيئاتها ومنظماتها.. ابتداء من تلك المنظمة الكبرى التي زعم البشر أنهم أسسوها لخدمة البشرية.
فهي منظمة تتكلم في الوقت الذي يشاء لها الأقوياء أن تتكلم.. وتسكت إذا شاءوا لها أن تسكت.. وإن تكلمت رغم أنف أحدهم كان بالخيار بين أن يسكتها بما يسميه حق الفيتو.. أو أن ينفذ رغبته دون أن يلتفت لما تمليه عليه.. ثم لا تجد تلك المنظمة المسكينة في الأخير إلا أن تسكت..
ثم هي لا ترضى بأن تسكت سكوتا نهائيا تعذر فيه لعجزها.. وإنما هي تستأسد على الضعفاء والمحرومين والمستضعفين في نفس الوقت الذي تتحول فيه دابة ذلولا ممتهنة لأي كبير من الكبار.
والأمر لا يتوقف عند تلك المنافقة العجوز.. الجور أخطر من أن يقف عندها.
فالعالم في منظماته الصغرى كما في تحالفاته الكبرى لا يناصر إلا الجور الذي يحلو له أن يسميه ديمقراطية أو حرية أو ما شاءت له أهواؤه من تسميات..
وقد بلغ الجور به إلى الحد الذي لا يمكن تصوره.. فللمرأة ـ مثلا ـ من الحرية أن تسير كاسية عارية مائلة مميلة.. ولكن ليس لها الحرية في أن ترتضي من اللباس ما يسترها أو يمنع تلك الأعين الملتهبة بالشهوات من خدشها أو خدش كرامتها.
كانت هذه الخواطر المليئة بالكدر تلح علي، وتملؤني بالألم..
لكني عندما تذكرت ذلك الضيف الغريب الذي دق باب بيتي، وراح يخبرني عن تفاصيل في حياتي لم يكن يعلمها سواي سرت نشوة لذيذة إلى مشاعري مسحت تلك الأحزان التي تسربت إليها.. لأني رأيت من خلال ملامحه أنه يحمل أسرار من علم العدالة لا يمكن أن أستفيدها من سواه.
أسرعت إليه أحمل طعام الإفطار.. وأنا ممتلئ أشواقا إلى حديثه.
استقبلني بابتسامة ممتلئة بالإيمان، وقال لي مفاجئا: لا يمكن أن تتحقق النبوءة الثانية قبل أن تتحقق الأولى.. فأبشر.
قلت: ما تقصد؟
قال: لا يمكن للبشر ـ ما داموا بشرا ـ أن يدركوا قيمة العدل حتى يحترقوا بنيران الجور.. فلذلك كان الجور هو علامة العدل.. كما أن العطش هو علامة الري.. والمرض علامة الشفاء.
قلت: لا أزال لا أفهم.
قال: عندما تجرب البشرية كل مناهجها.. وعندما يمتلئ البشر يأسا من أن تسن لهم عقولهم قوانين العدل الشاملة.. حينذاك فقط يلجأون إلى الله يطلبون منه تلك القوانين.. فإذا لجأوا إلى الله هداهم إلى الإسلام، وإلى مهدي الإسلام، ذلك الذي يملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت جورا.
قلت: لم كان الأمر كذلك؟.. لم لم يظفر البشر بالعدل من غير حاجة إلى المرور على صراط الجور.. ذلك الصراط المليء بالمآسي؟
قال: هذه سنة الله مع عباده ليتميز المحسن من المسيء، والعدل من الجائر، والساعي للخير من الساعي للشر.. ولن تعرف قيمة الخير إلا بمقارنتها بقيمة الشر، كما لا تعرف قيمة النور إلا بمقارنته بالظلمات.
قلت: فما ذنب الذين كتب لهم أن يعيشوا في ظلمات الجور؟
قال: إن سكتوا على الجور ورضخوا له كانوا شركاء فيه.. وإن نطقوا ونهضوا وصاحوا ضده كانوا مجاهدين شهداء.. وكان لهم من السعادة ما كان لأصحاب الأنبياء الذين علقت أجسادهم على الصلبان في سبيل الحق الذي يدعون إليه.
قلت: أنا لا أتكلم عن الأقوياء.. أنا أتكلم عن الضعفاء.. أولئك العامة البسطاء.
قال: لكل مسؤوليته.. ولكل واجبه.. ألم تسمع إلى ربك، وهو يقول :{ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97) }(النساء)؟
قلت: بلى.
قال: فهل رأيت ربك عذر هؤلاء الذين تترسوا بضعفهم؟
قلت: لا.. لم يعذرهم الله.. ولم تعذرهم ملائكة الله.. بل ذكرت لهم أنه كان بإمكانهم أن يهاجروا في الأرض، ليظفروا فيها بالأرض التي تعينهم على طاعة الله.
قال: وهكذا لن يعذر كل أولئك الخاملين الذين تلذذوا بالسياط التي تلهب ظهورهم إلا إذا مدوا أيديهم للأيدي التي تريد أن تنتشلهم.
قلت: وأين مثل هذه الأيدي؟.. لقد قطعت.. ولم نعد نسمع إلا بأسماء أصحابها، ونترحم عليهم.
قال: جل جناب ربك أن يخلي الأرض من قائم له بالحجة.. ألم تسمع قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون) ([2])
قلت: بلى.. وقد سمعت معه قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ( لن يبرح هذا الدين قائما يقاتل عليه عصابة من المسلمين حتى تقوم الساعة) ([3])
قال: فكما لم تخلو الأرض من ورثة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم.. وكما لم تخلو من هداة يدعون إلى الله على سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.. فكذلك لن تخلو الأرض من دعاة للعدالة التي جاء بها الإسلام.. لينقذ البشرية من سجون الجور والظلم والعدوان.
قلت: فأين هم؟
قال: لقد شرفني الله.. فالتقيت ببعضهم.. وسأحكي لك في رحلة اليوم حديثي معهم.
قلت: من هم؟
قال: عشرة رجال.. كان كل واحد منهم جبلا من جبال الهمة والعزيمة والصدق والإخلاص.
قلت: فهل أعرفهم؟
قال: الكل يعرفهم.. فما نهض أحد لخدمة العدل والدعوة إليه إلا ملأ الله القلوب إقبالا عليه ومحبة له.
قلت: فحدثني حديثهم.
قال: سأبدأ حديثي من الأول.. فلا يفهم الآخر إلا بالأول.
***
اعتدل الغريب في جلسته، وحمد الله وصلى وسلم على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم مستغرقا في كل ذلك، ثم قال: كانت بداية رحلتي إلى العدالة الإلهية التي مثلها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومثلها ورثته من أئمة هذه الأمة، أني في ليلة من الليالي، وفي بيتي في تلك المدينة المتحضرة من أوروبا، قعدت أتفرج على التلفاز، فإذا بي أرى فيلما وثائقيا يعرض صورا لأيد تقطع، وأرواح تزهق، وظهور تجلد، وأفواه تكمم، وقمع ليس بعده قمع.. ثم يعرض بعد ذلك بعض دعاة المسلمين، وهو يدعو ـ بنبرته القوية الممتلئة بالأصداء ـ الحكام إلى المزيد من التسلط والاستبداد، ويدعو الرعية في نفس الوقت إلى الخضوع المطلق، باعتبار أن الحاكم هو سلطان الله في أرضه، وأن من أهان السلطان فقد أهان الله.
لا أكتمك أن تلك المناظر وما تلاها من الكلمات أثر في تأثيرا شديدا حتى أني امتلأت بشبه كثيرة.
ولكني مع ذلك تألمت ألما عظيما.. فقد كنت أعرف الإسلام من خلال كل البراهين التي تثبت أنه رسالة الله إلى عباده.. ولكني تعجبت أن تحوي رسالة الله كل تلك القسوة، وكل ذلك الجور.
ذهبت إلى الغابة التي كنت أفر إليها كلما ضاقت نفسي، وهناك سقط بجانبي غصن لشجرة من أشجار الغابة العملاقة.. وقد كان سقوطه قويا حتى أنه أثر على الأرض التي سقط عليها.. ولولا أن الله قدر أن أكون بعيدا بما يكفي عنه لكان سقط علي، ولكان قد قضى علي بسقوطه.
رفعت رأسي لأرى سبب سقوطه، فإذا بي أرى رجلا في قمة السلام والطمأنينة والحكمة، وهو صاعد في أعلى تلك الشجرة يشذب أغصانها، فصحت فيه من حيث لا أشعر: لقد كدت تقتلني.
أجابني بهدوئه المعتاد، وهو لا يزال أعلى الشجرة: وما الحرج في ذلك؟.. البشر كثيرون.. ولن يضر البشر فقدهم لك.
قلت: ما هذا المنطق الذي تتحدث به؟
قال: أنا لم أتحدث معك إلا بالمنطق الذي تحدث به نفسك، أو تحدثك به نفسك.. أنا كالمرآة لن ترى مني، ولا على وجهي إلا ما اختزنته فيك.
قلت: لا أرى أن عقلي قد خطر على باله مثل هذا التفكير.
قال: ربما لم يخطر هذا على عقلك الذي تفكر به.. ولكنه قد يكون خطر على العقل الذي يفكر به عقلك.. أي عقل عقلك.
قلت: وهل لعقلي عقل؟
قال: أجل.. لا يكون العقل عقلا إن لم يكن له عقل.. أم أنك تريد عقلا مجنونا؟
قلت: لم أفهم.
قال: لكل عقل منهج يفكر به.. ذلك المنهج هو العقل الباطن الذي يستوحي منه العقل الظاهر أفكاره ومواقفه.
قلت: لا يمكن أن يكون في المنهج الذي يستعمله عقلي هذا النوع من التفكير.. هذا تفكير المجرمين لا تفكير العقلاء.
قال: أرأيت لو أنك رأيت نيرون معلقا على خشبة الصليب.. وهو يسام ألوان العذاب.. أكنت ترحمه.. فتذهب وتفك عنه قيوده التي قيد بها، وتداوي جراحه؟
لم أجد ما أجيبه به، فقال: لقد احتار عقلك في الجواب.. فأنت لو قسوت عليه تكون قد تخليت عن عقلك الظاهر الذي لا يرى إلا الظواهر.. ولو أنك لم تقس عليه، وذهبت تفك قيوده لتخليت عن عقلك الباطن الذي يرى الحقائق، ولا تعميه الظواهر عنها.
قلت: أنا أميل إلى الرحمة أكثر من ميلي إلى القسوة.. بل لا أحسب أن للقسوة محلا في هذا الوجود.
قال: إن القسوة التي تمارسها بفك قيود نيرون لا يمكن أن تضاهيها أي قسوة.
قلت: كيف ذلك؟
قال: إذا رحمت نيرون، فقد قسوت على الآلاف من الذين حرقهم واضطهدهم وأبادهم.. ولو رحمت نيرون، لكنت قد دعوت كل نفس خبيثة لأن تلبس حلته ، فتحرق وتقتل وتبيد.. ولن يردعها بعد ذلك أي رادع.
قلت: ولكن القسوة مع ذلك نقص.
قال: هي نقص إذا توجهت لغير أهلها، أو وضعت في غير محلها.. لكنها إن وضعت في محلها كانت الكمال عينه.. ألم تر إلى ذلك الغصن الذي سقط بجانبك، وكاد يقضي عليك؟
قلت: ما به؟.. وما بالك قطعته؟
قال: لقد مررت على هذه الشجرة.. فرأيتها تئن من شدته عليها.. فرحت أقطعه عنها.. ولو أنه ترك لهلك وأهلكها معه.
قلت: صدقت في هذا.. فالشجرة لا بد أن تشذب أغصانها.. ذلك جزء من العناية بها.. وأنا لا أجادلك فيه.. ولكني أجادلك في تشذيب الإنسان.
قال: الإنسان كالنبات ككل شيء في هذا الوجود له قوانين تضبطه.. لا تستقيم حياته إلا بذلك.. أنا أسميها قوانين العدالة.. إن شئت أحصيتها لك.. فعساك تبحث عنها.. فلا يمكن للبشر أن ينعموا بظلال العدالة من دونها.
قلت: يسرني ذلك.. ولعلي لم أخرج إلا لذلك.. فما هي؟
قال: هي عشرة.. ولا يمكن للعدالة أن تتم من دونها.
قلت: فما أولها؟
قال: الشريعة.. أو البرنامج.. فلا يمكن للحياة المعتدلة أن تستقيم بدون قوانين تنظمها وتنظم مسيرتها.. فلكل مرحلة من الزمن، ولكل مكان من التضاريس، ولكل حال من أحوال الروح نظامه الذي خلقه الله عليه، والذي لا يستقيم إلا به..
قلت: فما الثاني؟
قال: النظام.
قلت: فما النظام؟
قال: الشريعة تحتاج إلى مجموعة أنظمة لتنفذ بصورتها الكاملة الصحيحة.. نظام يسوس، ونظام يضبط، ونظام ينفذ.. وأنظمة كثيرة لا غنى لها عنها.
قلت: فما الثالث؟
قال: تحتاج الشريعة والأنظمة التي تنفذها إلى الرفق واللين.. فما حل الرفق في شيء إلا زانه.
قلت: صحيح هذا، وقد سمعت بعضهم يحدث بمثله عن محمد رسول المسلمين ([4]).. فما الرابع؟
قال: الرفق وحده قد لا يجدي.. فلذلك تحتاج العدالة إلى ضبطه ببعض الحزم.. ألا ترى كيف تشذب الأشجار، وتقطع بعض أغصانها، ولولا ذلك ما استقام لها أن تنمو؟
قلت: بلى.. وقد رأيتك تفعله.. فما الخامس؟
قال: الحرية.. فلا يمكن للمسجون أن يشعر بالعدالة، ولا أن يعيشها.
قلت: فما السادس؟
قال: المسؤولية.. فلا يمكن لحرية الفرد أن تعتدي على حرية المجموع.. ولا يمكن لحرية المجموع أن تعتدي على حرية الفرد.
قلت: فما السابع؟
قال: المساواة.. فلا يمكن للعدل أن يتم في ظلال الطبقية والعنصرية وقوانين المحاباة والكيل بالمكاييل المختلفة.
قلت: فما الثامن؟
قال: التنوع.. فلا يمكن للعدل أن يقمع الطاقات والقدرات بحجة المساواة.
قلت: فما التاسع؟
قال: التكافل.. فلا يمكن للعدل أن يتم، والقوي لا يقتسم قوته مع الضعيف، والشبعان لا يقتسم لقمته مع الجائع.
قلت: فما العاشر؟
قال: التوازن.. فلا يضر العدالة شيء مثل التطرف والغلو والانحراف ذات اليمين أو ذات الشمال.
قلت: أهذه هي العشرة التي ترى أنها اختزنت قوانين العدالة؟
قال: أجل..
قلت: فأبشر.. فقد استطاع قومي بما أوتوا من حنكة أن ينفذوها في أرقى مراتبها.. لقد استطاعت حضارتنا أن تؤسس العدالة التي عجزت جميع أنظمة العالم أن تصل إليها.
قال: بل وصلت إلى الجور الذي لم تستطع جميع أنظمة العالم أن تصل إليه.
قلت: كيف ذلك؟
قال: أرأيت لو أن قاضيا من القضاة جلس في مجلسه.. وراح يميز في أحكامه.. فيحكم على القريب لقربه.. ويحكم على البعيد بسبب بعده.. أتراه قاضيا عادلا؟
قلت: لا.. بل هو الجور عينه.
قال: فاسأل قومك عن قوانين العدالة التي توهموا أنهم سنوها.. لم سنوها لقوم دون قوم، ولشعب دون شعب، ولأعراق دون أعراق.. اذهب إليهم، وصح فيهم.
قلت: ما أقول لهم؟
قال: قل لهم: ( العدالة لن تكون عدالة حتى تكون عدالة للعالمين)
قلت: لقد ذكرتني برؤيا العذراء.. لقد ذكرت لي مثل هذا.. لقد ذكرت لي أن الشمس التي أضاء الله بها سماء الحقائق شمس تحمل أشعة العدالة التي تضيء العالم.
قال: صدقت العذراء.. فلا يمكن لشمس الله الدالة على الله أن تختزن الجور أو الظلم أو العدوان.
قلت: فمن هي؟.. أهي شمس محمد؟.. ولكني رأيت ـ أمس ـ ما يرغبني عنها.
قال: العاقل لا يسلم عقله لأي أحد.. العاقل هو الذي يسير في الأرض ليرى الحقائق بعينيه، ويلمسها بيديه.
قال ذلك، ثم انصرف إلى عمله في تشذيب أغصان الشجرة.. صحت فيه: أخبرني.. هل الشمس التي ذكرتها العذراء هي شمس محمد؟
ألقى غصنا من الأغصان كاد يسقط علي هو الآخر، ثم استمر في عمله.. ولم يجبني.
***
في ذلك المساء دعاني أخي إلى مكتبه بعد أن ترقى فيه درجات كثيرة جعلته من المسؤولين الكبار الذين يحكمون العالم..
فوجئت عند دخولي عليه بكتيبات كثيرة.. ومطويات.. مكتوبة بلغات العالم المختلفة.
بمجرد دخولي إليه أشار أخي إليها، وقال: هل ترى هذه الأوراق الكثيرة؟
قلت: أراها .. وأرى أن لها أهمية.
قال: لها من الأهمية ما لا يمكن تصوره.
اقتربت من بعضها، وقد رأيته مكتوبا بالعربية، وكان عنوانه([5])(تصويب السهام على من عارض الحكام).. وكان عنوان كتاب آخر (مفاتيح الجنان لمن أطاع السلطان).. وكان عنوان كتاب آخر (القصور الفاخرة والدنيا والآخرة للولاة والحكام ومن أطاعهم من الخواص والعوام).. فتحته فوجدته مملوءا بالغثاء الذي لا يقبله عقل، ولا يرتضيه حكيم، فنظرت إلى أخي، وقلت: ما هذه الكتب؟
قال: هذه كتب لبعض المبشرين لنا من المنتشرين في البلاد العربية.
قلت: ولكنهم يحملون أسماء مسلمين؟
قال: وهذا مصدر قيمة هذه الكتب.. فهؤلاء مسلمون.. ولهم دعم من المحسنين من أغبياء غأغالمسلمين.. انظر إلى جميع هذه الكتب.. فكلها (وقف لله تعالى)
نظرت، فوجدت الأمر كما ذكر لي، فقلت: لقد طلبت مني أن أحضر إليك.. فما الذي تريده مني.. هل هناك مهمة جديدة تزمع تنفيذها؟
قال: أجل.. ومهمة خطير.. لقد وجدت بعد تفكير عميق أن الإسلام لا يمكن أن نقضي عليه بدعوى (الإرهاب) وحدها.
قلت: فما الدعوى الجديدة التي تريد إلصاقها بالإسلام؟
قال: أنا لا أريد إلصاقها به.. بل أريد إظهارها فقط.. هي ملتصقة فيه.. ولكن الكثير لا يرونها.. فلذلك ليس لنا من دور إلا إظهارها.
قلت: ما هي؟
قال: الجور.. والظلم.. والاستبداد.. فلا يحجب الناس شيء عن الإسلام مثلما يحجبهم الجور.
قلت: ولكن المسلمين.. في أوائل فترة الإسلام.. بل وفي عهد محمد نفسه نعموا بظلال العدالة التي لم ترها البشرية في تاريخها جميعا.
قال: سنستر كل ذلك.. وسنشيع بدله مناقب كل أولئك المستبدين الذين ملأوا الأرض ظلما وعدوانا وجورا.. سننسخ أسماء عمار وبلال وأبي ذر.. لنحيي بدلها أسماء أحيت الكسروية والقيصرية وأعادت مجدها.
قلت: لقد رأيت في بعض بلاد الإسلام من ينشر مثل هذا؟
قال: أولئك أعظم مبشرينا.. وفي هذه الكتب أحاديث جمة لهم.. ولا أريد منك إلا أن تنشرها.
قلت: أين؟
قال: في كل أرض تطؤها قدماك.
قلت: ولكن هناك عدولا من المسلمين يرفضون هذا؟
قال: أولئك أعظم أعدائنا.. وسنستعمل معهم أساليب خاصة.. أساليب قد نستعين فيها بحلفائنا من الساسة.
قلت: تقصد اعتقالهم وسجنهم.
قال: أنا لم أقل هذا.. ولكن الساسة قد يقولونه.. وإذا قالوه فسنسارع نحن لننتقده، وندعو لإطلاق سراح المعتقلين والسجناء.
قلت: أليس هذا نفاقا؟
قال: ليس هذا نفاقا.. هذه سياسة.. وفي السياسة تغلب المصالح.. ومصالحنا ترتبط بمواقفنا.
لم أدر بما أجيبه.. ولكني في الغد حملت جميع تلك الكتيبات والمطويات، وسرت إلى بلد من بلاد الإسلام.. لن أذكره لك.. فمن الحرج لي ولك أن أذكره لك.. لكني ما إن وصلت، وفتشت حقائبي، حتى وجدتني في معتقل من المعتقلات.. وهناك تنعمت بأشعة كثيرة من شمس محمد صلى الله عليه وآله وسلم.. وهي التي جئت لأجلها إليك، وسأحدثك عنها اليوم.
قلت: أهذه الأشعة نلتها في المعتقل؟
قال: أجل..
قلت: فحدثني عن حياتك فيه.
قال: لقد كان بالنسبة لي، ولكثير من المعتقلين كلية علمية.. استفدنا فيها الكثير.. كان معنا أصناف مختلفة من الناس فيهم الشيوعي.. وفيهم الرأسمالي.. وفيهم الذي يؤمن بالديمقراطية.. فيهم الذي يؤمن بالاستبداد.. وفيهم العلماني.. وفيهم الذي يدعو إلى الحكم الديني..
ولكن عشرة من الناس من بين هؤلاء جميعا هم الذين شدوا انتباهي.. وهم الذي يحق لي أن أعتبرهم أساتذة لي.. ولم أتألم في حياتي لشيء تألمي لفقدهم.
قلت: كيف فقدتهم؟
قال: لقد حكم عليهم بالإعدام جميعا([6]).. ثم نفذ حكم الإعدام فيهم واحدا واحدا.. على مرأى منا جميعا.. وقد استشهدوا جميعا مبتسمين مستنيرين بأنوار لا يمكن لأحد في الدنيا أن يصفها.
لقد كنت في تلك الأيام التي استنرت فيها بتلك الأشعة أعيش أحوالا متناقضة ممتلئة بالتناقض..
ففي تلك الأيام كنا نجلس كل يوم إلى ذلك الذي حكم عليه بالإعدام.. بل ذلك الذي سينفذ فيه الإعدام مساء لنسمع منه ما يريد أن يوصينا به.. وما يرى أن حياته كلها قد سارت في سبيله.
لقد كانت تلك النفوس التي امتطت خشبة الصليب خير نفوس رأيتها في حياتي.. كان لها من العقل والحكمة والحب والخير والعدل ما لا يمكن لأحد أن يتصوره.. ولكن المساكين بلوا بمستبدين كمموا أفواههم، ولم يكتفوا بذلك، بل راحوا يرضون شهواتهم للدماء بإزهاق أرواحهم.. ولم يكتفوا بذلك بل راحوا يستأجرون مفتين يتمسحون على أبواب السلاطين، ليكتبوا بالحبر المدنس بدنس الأهواء رميهم بالخروج.. أو رميهم بالزندقة.. أو رميهم بالإلحاد.
قال الرجل ذلك، ثم أجهش بالبكاء، فقلت: ما الذي يبكيك؟
قال: لا تزال صور أولئك العمالقة المعلقين في حبال المشانق تخطر على بالي كل حين.. فتصيبني منها رعشة كرعشة ذلك الذي حضر مقتل خبيب .. لقد كانت صورهم وهم على خشبة الصليب أكبر شعاع من أشعة الهداية.. فلا يمكن للهداية أن يدل عليها مثل الصدق والتضحية.
أذكر أن أحدهم.. وهو على خشبة الصليب جاءه بعض أصحاب العمائم من أصحاب السلطان، وقال له: قل لا إله إلا الله حتى تموت على الإسلام.. فالتفت إليه الرجل، وابتسم ابتسامة ممتلئة بمعاني كثيرة، وقال: شكرا يا شيخ.. لا إله إلا الله.. نحن نموت من أجلها.. وأنتم تأكلون بها الخبز.
قلت: فحدثني حديثهم.
نظر الرجل إلى
الأفق البعيد، ثم قال:
([1]) رواه أبو يعلى وابن خزيمة وابن حبان والحاكم.. والحديث متواتر تواترا معنويا.
([2]) رواه البخاري ومسلم.
([3]) رواه مسلم.
([4]) أشير به إلى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (عليك بالرفق ، إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه)(رواه مسلم)
([5]) هذه العناوين ـ كما هو واضح ـ ليست حقيقية.. ولكنها تدل على معان موجودة في كثير من الكتب والمطويات.
([6]) آثرنا في هذه الرسالة أن يكون أبطالها جميعا من الشخصيات التي حكم عليها بالإعدام أو أعدمت فعلا.. وذلك لبيان أن الإسلام بما يحمله من معاني العدالة السامية هو الذي زرع في تلك النفوس القدرة على التضحية من أجل مبادئ العدالة، وهو معنى لا نجده في سموه إلا في الإسلام.
ونحن نعتذر ـ كما اعتذرنا من قبل ـ لتصرفنا في حياة الشخصيات التي نقدمها.. لأن الغرض من ذكرها غرض فني لا علمي.. ولتفادي الأخطاء التي قد يقع فيها القارئ، فقد ذكرنا في الهامش المعلومات الصحيحة من مصادرها الصحيحة.